مجلة نثرمجلة عراقية تعنى بالشغل الابداعي، توصف نفسها كطائرة ورقية تطوف كل الارجاء، صدر عددها المزدوج الثاني والثالث، لتشكل اضافة مهمة في المشهد الثقافي العراقي بعد ان جعلت لنفسها خطابا جريئا بفتح مغاليق المحرم في المجتمع العراقي، تعرضت للمنع بعددها الاول، لتستكمل مشوارها في عدد الجديد في كشف مغاليق العقل الديني عبر ملف مطول ساهم فيه عدد من الكتاب البارزين على مدى 60 صفحة.

المجلة صدرت بالقطع الكبير بواقع 207 صفحات، ويرأس تحريرها الشاعر والناقد صفاء خلف، فيما يدير التحرير الشاعر عمر الجفال، مع هيئة تحرير وعدد من المترجمين.وحفل بعدد من الاعمال الفوتوغرافية والتشكيلية لفنانين عالميين وعرب وعراقيين.ولعلها اول مجلة صديقة للبيئة، حررت اليكترونياً بالكامل، ولم تستخدم الورق سوى في طبعتها الورقية.

كشفت المجلة، تفاصيل منع توزيع العدد الاول منها في العراق، واستندت لتحقيق نشرته صحيفة الشرق الاوسط اوردت فيه تفاصيل حصلت عليها الجريدة اللندنية بهذا الشأن، وجاءت كلمة المجلة صادمة وشجاعة في انها اعلنت رفض مشروع اسلمة العراق وجعله قندهار بعنوان لافت "لكم دينكم .. ولنا حرياتنا". واعلنت تضامنها مع الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين ومؤسسة المدى.

وقالت في كلمتها ان "دوائر ظلامية ورجعية تشن من داخل اطار المؤسسة الحكومية في العراق، حملة جديدة لقمع العقل والرأي والتعبير ومصادرة الحريات على حد سواء، في محاولة لاجهاض مشروع المجتمع المدني العلماني المنفتح والديمقراطي المتعدد، والعمل على هيمنة جماعات طائفية مغلقة على مصائر بلاد لم تكن يوما سوى ارض تزدحم بالتنوع.فهل سنحاكم بتهمة معاداة الله كما يحاكم النشطاء التحرريون في ايران!! ام نحاكم على شرعة قندهار بتهمة التجديف؟!.ام نحاكم غيابيا ونقتل علنا بمسدسات كاتمة للصوت".

واعلنت المجلة تصديها لما وصفته بمشروع خطر "لاسلمة الدولة وافغنة الثقافة وطأفنة المجتمع وقومنة الوطن".

في ملفها الرئيس وهو بابها الاول (جدل) وعنونته بـ"العقل الديني ..حفريات في المحرّم ". كتب رئيس تحريرها صفاء خلف دراسة مطولة تحت عنوان "خراب العقل الديني .. عبادة العدم". وتناول فيها عدة مباحث مابين تناقض النص الديني في ماهية الله ومعاونوه الارضيون، وسرقة المستقبل عبر نظرية المنتظر المقدس و كشف البنى الطائفية والغنوصية للاحزاب الحاكمة في العراق، لينتقل بعدها الى بتكفير التكفير بمعنى ان الصراع الديني اضحى يتناسخ وينشطر بفعل التناقضات الذي تسيره ليسلط الضوء على استشرافات المفكريّن العربيين هادي العلوي ونصر حامد ابو زيد، من ثم ليفصل ماهية عبادة النص لدى الجماعات الدينية، ويحذر في مبحث حرب الكراهية من حرب دينية عالمية اسلامية – مسيحية بدت تتبلور بمحاولة سلخ مسيحيي العراق من وطنهم كسيناريو "خبيث يتكرر" كما حصل مع يهود العراق حين سلخوا من وطنهم.

بعدها يسلط د.شاكر شاهين الضوء في دارسة انثروبولوجية معمقة لواقع العقل الشعبي الشيعي، بدارسة عنونت بـ"الاسطورة الدينية مستقبل العقل الغامض في المجتمع العراقي".حلل فيها التأثيرات الدينية العراقية القديمة في تشكل العقل الشيعي دينيا بوصفها موروثاً حياً ليدلل على ان "تهويل المقدس في الفضائين الاسطوري والتاريخي اورث لدى الانسان العراقي هلعا مزمنا، وقد استغل الحكام خوف العراقيين من المقدس استغلالا بشعا لتحقيق مآربهم في السلطة بتحالفهم مع الكهنة لابقاء السلطتين السياسية والدينية معا، احداهما تحمي وتبرر للاخرى مستندين على الخوف اللاشعوري للانسان تجاه الالهة ورموزها.وقد استمر هذا الحلف الديني – السياسي طيلة التاريخ العراقي الذي يمتد عبر الاف السنين عبورا الى العهود الاسلامية حيث توظيف الخطاب الديني لمصلحة الخليفة وصولا الى العصر الحديث، وليس عهد صدام منا ببعيد. وقد ظهر هذا الحلف بصورة جلية في عراق ما بعد 2003 الذي شهد تحولا في المفاهيم السياسية وظهور التكتلات الحزبية بالوانها الطائفية والعرقية المطالبة بحقوقها في السلطة ولتستعين بتاويلات تاريخية او دينية او اجتماعية لاكتساب السلطة والسيادة على الاخرين".

الكاتب سعدون محسن ضمد فكك اشكالية معقدة، بدراسة عنونها بـ"اشكالية الوحي وامكانية الاتصال بالمطلق". خلص فيها الى ان " عجز المعجزات عن إثبات تحقق النبوة وحاجة النبي لتكرار عملية الوحي يؤكد أن إثبات النبوة يتضمن نفياً لها بشكل مباشر. فمما لا شك فيه أن النبوة تقوم على نـحو من أنـحاء تمييز النبي لنفسه عن بقية البشر، بمعنى أن دعوى النبوة، التي هي دعوى مباشرة يدعيها النبي، تتضمن دعوى غير مباشرة لا يجاهر بها، وهي دعواه بأنه مميز عن باقي البشر إلى درجة تؤهله للتواصل مع المطلق دوناً عنهم، الأمر الذي يؤدي إلى أن النبي الذي يريد أن يثبت دعواه من خلال تعريض الآخرين لنفس تجربته التي مر بها سينفي عنه التميز، فكل هؤلاء الذين يمرون بنفس تجربته سيتحولون إلى أنبياء، ما ينفي حاجتهم إليه وإلى نبوته".

فيما كتب الباحث علي عبود المحمداوي دراسة عنونها بـ"اشكالية المثقف الديني.. الدين وصناعة المثقف.. الواقعية والاستهجان".وحاول فيها الاجابة عن تساؤلات عن دور المثقف الديني ومدى تقبله لصيرورة التغييرات الفكرية والايديولوجية.
وكتب الباحث علي الحسيني، دراسة عن ما اسماه بـ"السلفية الثقافية.. النسق المهين على الثقافة العراقية".وكما يقول انه حاول تقصي "هيمنة السلف على النسق الثقافي العراقي الراهن بوصفه سلطة، لكن، وهنا المفارقة ،"المثقف" هذه المرة في اتساق وانسجام مع هذا النوع من السلطة. الذي أخذ يتنامى بدرجات مخيفة تبعث على القلق وان كانت نوياتُها تعود الى عقود سلفت".

ليختتم الملف الكتاب العراقي المغترب عبدالكريم كاظم بدراسة عنونها بـ" الظاهرة الدينية وعوائق التحديث المعرفي".وذكر فيه ان "خيّل لبعض الناس إن الغوص في الدين ومحاولة نقده أو نقد شخوصه إنما هو في الواقع هجوم على العقيدة والدين وتحرّش بأهل الدين والعقيدة، وقد نبعت المشكلة النقدية التي أثارها بعض الكُتاب من قيام فتاوى تطرح الجهل بديلاً عن المعرفة بعد أن تحولت إلى محور صراع سياسي مذهبي تتأجج ناره بين الحين والآخر".

ونشرت مجلة نثر، اخر مقالة للمفكر الراحل نصر حامد ابو زيد وجاءت تحت عنوان "الفزع من العلمانية .. فصل الدين عن الدولة".

وفي باب الحوارات والمعنون بـ"نقطة حديث"، والذي خصص في هذا العدد لتقصي الظاهرة الدينية، اجرى الكاتب مازن لطيف حواراً خاصا مع المفكر العراقي رشيد الخيون، جاء تحت مقولة الخيون " ان الله لا يحتاج الى حاكمين بأسمه".فيما اجرت "نثر" حواراً مع الكاتب العراقي محمد عطوان حول الرموز الدينية، تحت مقولة لعطوان "الرموز الدينية مرتكز صراعاتي يسهم في اعادة ترتيب التخندق بين الفرقاء".

في باب "نثر" الثالث، والمعنون "تضاد"، والذي خصص لرصد الحرب وما تخلفه من فجائع وفظائع تبرز في الجسد الانساني، كتب المسرحي العراقي عبد الخالق كريم، مسرحية رصدت الحرب من زاوية أناس القاع، تحت عنوان "وللحرب بقية".فيما كتب الناقد العراقي حسين سرمك حسن، دراسة عن مجموعة الشاعر علي شبيب ورد "ناطحات الخراب"، عنونها بـ"جيل ناقم يلبسون الخوذ ويتحصنون بالسواتر".

بينما كتب الروائي العراقي علي عباس خفيف، نصا عن رحلته الى هيروشيما المقصوفة بقنبلة الحضارة الاميركية الذرية، تحت عنوان "روح هيروشيما..عشب استوائي يزهر بين الرماد".

في باب "على الهوية" وهو باب يرصد التمييز على اساس هوية الانسان الجنسانية او الفكرية، بمواد ابداعية يكتبها اصحاب تجارب، حيث كتب الروائي العراقي عبد الكريم العبيدي "موسيقي يهودية .. مقتطف من رواية الذباب والزمرد".عن حال تاريخ يهود البصرة.فيما كتبت الشاعرة والقاصة العراقية فليحة حسن قصة عنونتها بـ"اجهاض".عن تجربة تمييز عنصرية ضد المرأة.

ديوان نثر الشعري، في عددها الجديد، كان انطولوجيا خاصة اعدها وترجمها "عباس محسن"، عنونت بـ"جميعهم يخرجون من العتمة والضوء".وترجمت فيه نصوص لم تترجم من قبل لـ 16 شاعراً وهم "الن هاريس، ديبرا اغير، سوزان .ج دونكان، أي .ار.اموس، ابل كارسيا، روبرت براهام، مارغريت اوتورد، ويندل بيري، مايا انجلو، هارلود باينتر، ليونارد كوهين، يهودا اميخاي، ولتر دو لامار، سبايك ميليجان، إنرجي بيج باتشمان، سيلفيا بلاث".

في باب طواسين، نصوص شعرية، كتب "زاهر موسى وسما اللامي ومؤيد الخفاجي وزاهرة محمد وبيداء حكمت من العراق، عبد الباقي فرج من الدنمارك، عبد الغني فوزي وعبد الجواد العوفير ومحمد منير من المغرب، لينا هويان الحسن من سوريا.

في باب جغرافيا نثر، وهو باب مخصص للامكنة، كتب صفاء خلف عن مدينته البصرة نصا عنونه بـ "ويسألونك عن البصرة الحرام.. في المرة المقبلة حين تتشكل البصرة، سنشطب شرقها فنجعل لها جهة خامسة".

الدراسات النقدية جاءت في باب "قنص"، وكتب فيه جمال كريم عن رواية "خلف السدة لعبد الله صخي، عنونها بـ"مرايا حيوات مهاجرة ومصائر مجهولة".فيما كتب حمد محمود الدوخي دراسة عن نص اغنية الحلاج الاخيرة للشاعر العراقي احمد عبدالسادة.

بينما كتبت الناقدة التونسية عائشة المؤدب دراسة عن مواطنتها الشاعرة اسيا السخيري، تحت عنوان "اسية السخيري .. انثى تعاشر اللغة".وفي رؤيا نص كتب الشاعر العراقي نصا نقديا عن مجموعة "اخطاء الملاك" للشاعر العراقي الراحل سركون بولص" بعنوان "محاولة لتجاوز صورة متخيلة".

في باب "خيانة حرف"، وهو باب الترجمات، نشرت قصائد خاصة بالمجلة، للشاعر الاميركي جاك هيرشمان بعنوان "ايزيلي" ونصا للشاعر التركي اركوت توكمان "مزمور هاييتي".ونصوصا لم تترجم من قبل للشاعرة الانكليزية كاترين مانسفيلد، ونصا للشاعر توماس مور، ونصا للشاعر الفلبيني ارنستو بانغليان سانتياغو، فضلا عن نصوص ولمحة عن الشاعر الانكليزي المعاصر سيمون ارميتاج.الترجمات كانت لعباس محسن ونجاح الجبيلي و فيء ناصر.

باب "عين نثر" خصص لانطولوجيا لاهم شعراء فلسطين الشباب اعده الشاعر الفلسطيني نصر جميل شعث، تضمن نصوصا لـ"اسماء عزايزة، بشير شلش، خالد جمعة، رائد وحش، رجاء غانم، دالية طه، فاتنة الغرة، كوثر ابو هاني، ناصر رباح، وليد الشيخ.

باب الحفريات في قصيدة النثر "نثر على جنح كلام"، كتب الناقد مقداد مسعود "قصيدة النثر..هوامش متداخلة". فيما كتب الشاعر والناقد شاكر اللعيبي دراسة رؤيوية مطولة بعنوان "الشعر غدا.. الشعر اليوم".وكتب الشاعر العراقي المغترب باسم الانصار دراسة عنونها بـ"الهبوط والارتقاء ..نحو تراتبية متجددة لعناصر النص الشعري".

وفي اوراق "نثر" عن جيل التغيير الشعري، كتب الشاعر المغربي جواد وحمو "لسنا ضديين .. لكن الشعر اولى".وكتب الشاعر العراقي نصير الشيخ "النثر .. حزمة ضوئية من الشعور يقتحم المخيلة".ليختتم الباب بوجهة "نثر" عن "جيل كتابة مغرور بالعدم".

في ملف نثر الاحتفائي بالتجارب العراقية الشعرية الرصينة، وهو باب "في حضرة نثر"، احتفي بتجربة الشاعر العراقي عبد الزهرة زكي، بمقدمة عن مناخات زكي الشعرية ومجموعاته الشعرية واشتغالاته الجديدة، ليطل بعدها زكي بحوار مطول وشامل تحت عنوان "عبد الزهرة زكي: لم اعد اثق بالحرية نفسها".مع عدد من النصوص الجديدة من مجموعة لم تنشر "لم يعد الطيران مغريا".

ليختتم مجلة نثر،الشاعر عادل مردان بعدد من النصوص المشاكسة عنونها "خيال وفنطزة".