الدوحة 53صدر العدد 53 (مارس 2012) من مجلة الدوحة الثقافية الشهرية. في قضية العدد تم طرح ظاهرة قتل الصحافيين، وقد شاركت في نقاش القضية كل من راجية حمدي (حماية الصحافيين، النوايا حسنة والواقع صعب) ومحسن العتيقي (ترسانة البقاء) وسعيد خطيبي (أركيولوجيا الدم) وهالة العيسوي (في الجنة المزعومة لا أمان، إسرائيل تكمم الأفواه) وعلاء عبدالوهاب (العرب ومواثيق الحماية)، ود. محمد شومان (الشعب يريد إسقاط التشريعات الإعلامية) ود. حسين محمود (أداة في يد النظام، الصحافة المصرية نموذجاً)، وخالد سيد محند (المعتقل رقم 22)، وعبدالكريم محمد الخيواني (كلام أفزع الحاكم)، بالإضافة إلى وصية جيل جاكييه الذي قتل في حمص، وحوار مع جيل لوردي مسؤول البحث والتوثيق في منظمة "مراسلون بلا حدود"، واستطلاع من مراسلي المجلة حول "دخل الصحافي وهوامش الاستقلالية".

وقد خصص ملف العدد للاحتفاء بالكاتب والناقد المغربي عبدالفتاح كليطيو، والهدف من الملف تقديم مواقع مبتكرة لإعادة قراءة هذا الكاتب والقارئ العربي الأمهر، "وأن نقول له شكرا بطريقة عميقة". استهل الملف بحوار مميز مع كيليطو أجراه، موفد "الدوحة" إلى الرباط محسن العتيقي، أضاء فيه بعض موضوعاته الأثيرة، كالمرآة، والنافذة والقراءة... منبها إلى أهمية التصديرات في كتبه والتي غالبا ما يهملها القراء.

بعنوان خداع سيتوقف الفيلسوف عبد السلام بنعبد العالي عند صور الكاتب في الفصل الأخير من أنبئوني بالرؤيا انطلاقا من مفهوم الكيتش. بين جوهر الكاتب وصورته أو مظهره الاجتماعي يتكرس الخداع والانخداع في عالم تحكمه جمالية الكيتش.

في المقالة الثانية، بعنوان" متاهة التأويل في مدن الموتى"، سيتتبع الكاتب طارق إمام مفهوم الموت في ارتباطه الوثيق لدى كيليطو بمفهوم التناسخ بما هو جوهر تصوره الوجودي والثقافي. لا يرد الموت عند كيليطو مفصولا عن التأويل منذ الكتب الأولى الكتابة والتناسخ العين والإبرة الحكاية والتأويل وصولا إلى روايته الأحدث أنبئوني بالرؤيا.

وتنطلق سابين فولبريخت في مقالتها ألفة غريبة من الانطباع النادر التي يخرج به قارئ كيليطو، انطباع الذي عثر على كنز من ذهب من شأنه أن يفتح له أبواب الثراء. يتآخى هذا الانطباع بحسب الكاتبة مع شعور بألفة غريبة أو بغرابة ضمن المألوف. هذه الغرابة لا تحدد عند كيليطو داخل ثنائية "النحن والهم"، بل داخل الذات بين لغتين، وعالمين ووجهين قبل أن تكون إزاء الآخر. إنها غرابة مؤسسة على تقاطع المعرفة باللذة.

جهاد بزي من بيروت سيتأمل النافذة لدى كيليطو، بدلالتها العديدة، كما بعلاقاتها بالشخوص المطلة منها وحيواتهم وعلائقهم مع العالم، ثم موقع كيليطو يقف من نافذته متلصصا على العالم.

مفهوم الكتاب عند كيليطو هو موقع القراءة الذي انطلق منه خالد بلقاسم لقراءة أعمال كاتب انتسب فعل القراءة والكتابة لديه إلى اللانهائي. لذلك لم يحضر الكتاب، بحسب الباحث انطلاقا من الحد النظري بل من نعوت دالة. فهو الكتاب الغريق والسحري والغريق والقاتل... يتشعب هذا الحضور بآلية التأويل الباذخة ليأخذ دلالتي الحياة والموت في آن ممجدا اللانهائي.

"البكاء مع نيتشه أمام حصان" هو عنوان مقال نوال العلي من باريس. حيث الجنون متعالق مع القراءة والكتابة في حصان نيتشه وفي أنبئوني بالرؤيا، ولدى الأبطال أو شهرزاد أو القارئ.

من الكتاب إلى الكتب بوصفها شرابا للآلهة ننتقل مع نبيل منصر إلى موقع آخر للقراءة سمته التقابل بين الحياة والموت في علاقة الشخوص بالكتب وبالقراءة. مثلما أن منبع الحكايات هو الحياةـ فالحياة لا تستحق جدارتها إلا باستدعاء الكتب، مع التنبيه على جدارة الكتب وهشاشة الحياة.

في مقال سوء التفاهم للمحجوب الشوني يتتبع الباحث حضور المفهوم في انبئوني بالرؤيا بما هو حالة وجودية أصلية تظهر في بناء الرواية وعلاقات شخوصها بالأدب عموما وبكتاب الليالي بخاصة.

وسيقارب عزت القمحاوي﴿مدير التحرير﴾ في مقاله بعنوان العمق عالم كيليطو مستحضرا الروائي الألماني باتريك زوسكيند وبطل روايته العطر. إنه عمق بدوال عديدة ترسخ صورة كيليطو كاتبا متواريا كأنه الحكيم دوبان مقطوع الرأس، يتكلم على الرغم من أنه غائب.

رافقت مقالات الملف رسومات الفنان النرويجي كيتيل فين.

كما أهدت المجلة قراءها رفقة العدد كتاب "الغربال" الشهير لمؤلفه ميخائيل نعيمة (1889 – 1988)، كما صدر مع العدد ملحق "الدوحة" الذي تضمن رصداً بانورامياً للمشهد الثقافي والفني في قطر.

وتصدرت العدد الجديد من مجلة الدوحة كلمة رئيس التحرير الدكتور علي الكبيسي تحت عنوان "تجديد الفكر العربي المعاصر" متسائلاً فيها عن تجديد الفكر العربي بعد ثورات الربيع العربي.

وكعادتها نشرت المجلة في بابها "متابعات" جملة من التقارير الواردة من عواصم البلدان الثائرة، محمد الرميحي من الكويت استطلع واقع الانتخابات و"سحر الديمقراطية وعجزها"، وجمال جبران رصد من صنعاء ردود الأفعال حول تكفير الكاتبة بشرى المقطري، بسبب مقال لها حمل عنوان "سنة أولى ثورة"، تناولت فيه بحزن شديد مذبحة "مسيرة الحياة" في اليمن، ومن جانبه تناول الدكتور عمار علي حسن ملامح "برلمان الثورة المصري" في أول دورة له تحت عنوان "تمثيل الشعب أم التمثيل عليه"، وعن غياب الكاتب الساخر "الإسكندراني" جلال عامر كتب محمد هشام عبيه مرثية بليغة تحاكي فقده المؤثر على الساحة الأدبية.

من العواصم العالمية يستعرض منذر حلوم من موسكو واقع الانتلجنسيا الروسية على ضوء أحداث الربيع العربي الذي بات عالمياً، ومن باريس يترجم أحمد عثمان حواراً مع المستشرق الفرنسي هنري لورنس يعلن فيه أن "العرب لم يعودوا خارج التاريخ وأوروبا هي المعزولة".

باب الميديا في المجلة احتشد بتغريدات ومنشورات فيسبوكية وتعقيبات على فيديوهات يوتيوبية وغيرها من طوفان عالم النت الزاخر عربياً هذه الأيام.

في باب "رحلات" كتب خالد النجار عن هولندا (بلاد الفلاسفة والأبقار)، أما في "أماكنهم" فقد كتب الفنان التشكيلي المصري (الثائر) محمد عبلة عن أماكن حياته وفنه، كما نقرأ في العدد حواراً مع الشاعر والروائي (المصري السوداني النمساوي) طارق الطيب حول تعدد الهويات، وحواراً آخر مع الروائي الياباني هاروكي موراكامي المرشح الدائم لجائزة نوبل، قدمته وترجمته عن الفرنسية موناليزا فريحة.
و احتوى باب الأدب كتابات كل صلاح بوسريف من المغرب (النص وأفق الكتابة)، وسليمان فياض (أبو خليل – إبراهيم أصلان – قاص المنمنمات)، بالإضافة إلى عدد من النصوص الشعرية والقصصية والمفتوحة، لكل من عناية جابر (قصائد) ومكاوي سعيد (سري الذي لا يعرفه أحد) ومحمد الصغير أولاد أحمد (حالات الطريق) وإيناس حليم (في أذنها قرط .. في حجرها بومة) وغمكين مراد (أبجدية الضوء) وشوكت المصري (أصدقاء يعرفونني)، كما توزعت على امتداد صفحات العدد الزوايا الثابتة لكتاب المجلة الدائمين: الإيطالي ستيفانو بيني (مركز العالم) والطاهر بنجلون (المثقف في جحيم الحياة اليومية) وجمال الشرقاوي (إحسان عبدالقدوس ودرس التكوين) ود. مرزوق بشير (صناعة الانبهار) وخوان جويتيسولو (مغامرة جمال الغيطاني الأدبية) وأمجد ناصر (ظاهرة اسمها سليم بركات) وأمير تاج السر (العامية والفصحى) ود. محمد عبدالمطلب (أبو القاسم الشابي والخيال الشعري عند العرب) ومحمود الورداني "الكتابة بطعم الثورة".

في باب "الترجمات" نشرت المجلة خطاباً مترجماً لأول مرة إلى العربية للأديب الفرنسي فيكتور هوجو (البؤس أيها السادة)، ويعد الخطاب الذي ترجمه مصطفى القلعي لأول مرة إلى العربية وثيقة أدبية كونه مثل البذرة الأولى في رواية هوجو الشهيرة "البؤساء"، كما ترجمت أمل أبو عقل نصاً للكاتب الأسباني خافيير سيركاس (أكثر أعداء الكاتب سوءاً)، وترجم د. طلعت شاهين نصاً آخر للكاتب الأسباني بيو باروخا (العدم).

وفي باب السينما ثمة متابعات عديدة، حول السينما الخليجية على وقع المهرجان السينمائي الأول لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وحول مستقبل السينما على ضوء المهرجان الوطني للفيلم بطنجة عبر لقاء مع المفكر الفرنسي المرموق إدجار موران رئيس التحكيم في المهرجان، بالإضافة إلى تسليط الضوء على فوز الفيلم الإيراني "انفصال نادر عن سيمين" بجائزة غولدن غلوب العالمية، والسينما المصرية بعد ثورة يناير 25.

في "الموسيقى" مقالة عن هشاشة النجومية بعد رحيل المغنية الأمريكية السمراء ويتني هيوستن، وفي "التشكيل" قرأت فاطمة علي تجربة الفنان والكاريكاتور المصري جورج بهجوري من خلال معرضه الأخير "بهجوري عن الثورة".

واشتمل باب "كتب" على مجموعة من العروض للإصدارات الجديدة على وجه الخصوص، ومنها كتاب "الألتراس" لمؤلفه محمد جمال بشير والذي يتناول فيه روابط مشجعي الكرة وتحولها في مصر إلى السياسة والمشاركة في ثورة يناير انتهاء بمجزرة بورسعيد.

أما في باب "العلوم" فثمة موضوعات منوعة مثل "النفايات الإلكترونية، قنبلة داخل كل بيت" بقلم د. أحمد مصطفى العتيق، و"بين الزهايمر وخرف الشيخوخة" بقلم حسن فتحي و"آمال العلماء في عام 2012".