صدر العدد الجديد (الثالث العاشر) من مجلة العلوم الإنسانية، الدورية العلمية المحكمة التي تصدر عن كلية الآداب بجامعة البحرين. واشتمل العدد على ثلاثة أبواب أساسية، وهي الأبحاث، والمحور، وقراءات ومراجعات.
وتضمن باب الأبحاث ثلاثة أبحاث علمية، حيث يكتب د. عبد العزيز الغريب عن "المكانة المهنية لعلم الاجتماع في المجتمع السعودي: دراسة ميدانية على الباحثين الاجتماعيين بالمؤسسات الاجتماعية بمدينة الرياض". وتركّز الدراسة على تحديد المكانة المهنية لعلم الاجتماع، ومهنة الباحث الاجتماعي على وجه التحديد، كما يراها الباحثون الاجتماعيون، من خلال معرفة مدى رضاهم على وضعهم المهني، ودور مهنة الباحث الاجتماعي في تحقيق المكانة الاجتماعية، أو الصيت الاجتماعي، والتعرف على مقترحاتهم لرفع مكانتهم المهنية. وقد تم استخدام منهج المسح الاجتماعي، وتطبيق الدراسة الميدانية على عينة تكونت من (91) من الباحثين الاجتماعيين في المؤسسات الاجتماعية في مدينة الرياض. ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة: عدم رضا الغالبية من الباحثين الاجتماعيين عن مهنتهم ، وأن هناك العديد من الأسباب في عدم رضا الباحثين الاجتماعيين عن مهنتهم. كما أشارت الدراسة إلى أن الغالبية من الباحثين الاجتماعيين يشعرون بتأثير مهنتهم على مكانتهم الاجتماعية. وأن الغالبية من الباحثين الاجتماعيين لا يشعرون بتميز مهني كونهم باحثين اجتماعيين. كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن الغالبية من الباحثين الاجتماعيين يقرون بعدم وجود دور لتخصصهم المهني في تحقيق الصيت الاجتماعي. كما توصلت الدراسة إلى مجموعة من المقترحات للرفع من المكانة المهنية لمهنتهم من وجهة نظر الباحثين الاجتماعيين.
أما د. أحمد الطامي ود. برهان أبو عسلي فيدرسان حالة "الأدب المقارن في جامعات دول شبه الجزيرة العربية"، وهو بحث يستهدف رسم صورة "تقريبية" عن واقع الأدب المقارن في جامعات دول شبه الجزيرة العربية، ومن خلال هذه الصورة يحاول البحث استقصاء المشكلات والمعوقات التي تقف في وجه الأدب المقارن تدريساً وانتشاراً. ويحاول البحث كذلك استجلاء أهمية الأدب المقارن وضرورته بوصفه منهجاً نقدياً في دراسة الآداب والكشف عن أسرارها وقيمتها الجمالية.
وفي دراسة حول "التنظير والتطبيق في العمل التاريخي الخلدوني" يتناول د. جميل موسى النجار منهج ابن خلدون في عرضه للأحداث التاريخية التي ضمنها مقدمته، وهي أحداث استشهد بها كأمثلة على أخطاء المؤرخين السابقين له وعدم دقتهم في نقل الأحداث وافتقادهم لآليات نقدها. وقد وضع ابن خلدون مقدمته لتكون معياراً لكتابة تاريخ صحيح بمواضيعها كافة وأهمها (علم العمران) الذي يعرف اليوم بعلم الاجتماع. إلا أنه حينما عالج تلك الأحداث التاريخية، التي أخطأ في نقلها المؤرخون السابقون له من وجهة نظره، خالف في كثير من الأحيان المعايير التي وضعها في مقدمته ليسترشد بها المؤرخون في كتابة تاريخ صحيح خال من الأخطاء والمبالغات والأكاذيب، ولم يسترشد هو نفسه بها، فنظّر لشيء وطبق شيئاً آخر. وتلك مفارقة اضطلع هذا البحث بتوضيحها، فتناول أمثلة للأحداث والقضايا التاريخية التي عالجها ابن خلدون في مقدمته، وبيّن أنه فسرها واجتهد في عرضها وتحليلها بشكل يبتعد عن المعايير المتعددة ذاتها التي ضمنها مقدمته ليعتمدها المؤرخون من بعده. على أن هذا البحث قبل تناوله لتلك الأمثلة قد تطرق إلى النقد فأوضح أهميته لكتابة التاريخ، ثم عرض تصنيف ابن خلدون للمؤرخين ونقده لهم، وما يراه من أسباب للأخطاء التي وقعوا فيها، والمعايير التي نظّر لها لتصحيح تلك الأخطاء، ومدى تطبيق ابن خلدون لتلك المعايير على كتابه في التاريخ (العبر)، ثم، في مبحث آخر، مدى تطبيقها على (المقدمة)، ليشكل هذا المبحث الموضوع الرئيس لهذه الدراسة.
أما محور العدد فقد كان يدور حول "دراسات البيئة من منظورات متعددة"، وقد اشتمل على أربعة بحوث أساسية. وفي المحور يقدم د. حسن بن إبراهيم ود.ربيعة بن صباح الكواري (من جامعة قطر) دراسة حول "القضايا البيئية في الصحف القطرية"، وذلك بهدف التعرف على تغطية الصحف القطرية للقضايا البيئية المختلفة، من حيث حجمها، ونوعيتها، وإطارها الجغرافي، وموقعها، ومصدرها، وقالبها التحريري، وصولاً إلى التعرف على مدى الاهتمام الذي تجده القضايا البيئية في هذه الصحف، ومساهمتها في خلق الثقافة البيئية لدى المسؤولين والجماهير. كما حاول الباحثان تقصي وضع القضايا البيئية في الصحف اليومية القطرية، في الفترة من 1 يوليو 2003م، وحتى 31 يوليو 2004م.
وفي المحور ذاته يقدم د. علي العنانزة (من جامعة البحرين) دراسة حول "دور الإعلام في التوعية البيئية في الأردن"، وذلك من خلال مراجعة الموضوعات المتعلقة بالإعلام البيئي في وسائل الإعلام المتمثلة بالصحف والمجلات، والإذاعة، والتلفاز، والمؤتمرات، والندوات البيئية، حيث قدمت هذه الوسائل ما يزيد عن (160) موضوعاً خلال المدة من (1990-2000) كان لها دور مهم في تطوير النظرة الايجابية للبيئة لدى الأردنيين. بالإضافة إلى ذلك استخدمت هذه الدراسة أسلوب الاستبانة لعينة بلغت (1000) مواطن، من سكان المحافظات الأربعة الأكبر سكانياً في الأردن وهي: عمّان، إربد، الزرقاء، والكرك. وأشار 77.6 % من حجم العينة إلى أهمية دور وسائل الإعلام في التوعية البيئية، وأكد ما نسبته 78.7% منهم إلى فاعلية الإعلام البيئي في الأردن في متابعة قضايا البيئة ومشكلاتها. في حين أكد 82.5 % على دور الإعلام الواضح في التثقيف البيئي. ولم يكن هناك فروق ذات دلالة إحصائية لتصورات أفراد العينة، إزاء دور وسائل الإعلام في التثقيف البيئي، لمتغيرات المحافظة، المؤهل العلمي، مستوى تعليم الأب، ومستوى تعليم الأم. إلا أن النتائج دلت على وجود مثل هذه الفروق لمتغيرات الجنس، ومكان الإقامة، ومهنة الأب، والدخل الشهري.
كما درس د. عادل بالكحلة (من تونس) "تحـوّلات ثقافة البَحْـر والسباحــة البحـرية بالمـجـتمـع الـتّونسـي: حلق الواد والكرم منطلقـا ومثالاً على انهيار الهوام الحداثي"
ورصد في هذا البحث التحولات الثقافية الحديثة بالمجتمع العربي في مرآة الشط, وقد اتخذ الباحث حلق الواد مثالا باعتباره أول شط بالمشهد الثقافي التونسي الحديث، حيث مرّ هذا الشط بمرحلة الشط الأوروبي- الغربي الصلب فتم فيها القضاء على الخصائص الرئيسية في نحلة العوم والاصطياف الأصيلة ومصالحة بعضها الآخر . وبعد "استقلال" البلاد عن المستعمر الفرنسي انخرط الفضاء ضمن الشط الأمريكي اللين حول محور شارع روزفلت فيزيائيا وحول منظور" شرق أوسطي" أمريكي. .بيد أن انشقاق الجالية الأوروبية – الغربية مثل شرخا عميقا في الهوام الحداثي لحلق الواد. وكانت الهزة الثانية المتمثلة في انشقاق أول طائفة حداثية بالبلاد (الطائفة اليهودية) علامة انهيار لوحدة هوام حلق الواد الحداثي.
أما د. عبد اللطيف محمود آل محمود (من جامعة البحرين) فيقدم دراسة حول "التربية البيئية من وجهة نظر إسلامية"، ويهدف البحث إلى نشر الوعي البيئي المتمكن في النفوس على أساس عقيدي ديني، بعد أن أصبح الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها من الأمور المهمة في حياة الدول والأفراد، وبعد أن قرع المختصون جرس الإنذار عن المخاطر التي تهدد الحياة البشرية والحيوانية والطبيعية ووجهوا نداءاتهم لوضع حد للتدهور البيئي حتى لا تصاب الإنسانية بكوارث من صُنع يد الإنسان ومن عدم مبالاته بالتوازن البيئي الذي حفظ الله به الحياة الدنيا.
وفي باب قراءات ومراجعات، يقدم د. الغالي أخرشاو قراءة في "دلالة العلم الحديث في المشروع الحضاري العربي". ومن العلم إلى المثقف حيث يتناول د.مسعود ضاهر وضعية "المثقف العربي في مواجهة التبدلات الثقافية لعصر العولمة". أما د. إسماعيل عثماني فيقدم قراءة (باللغة الإنجليزية) حول "البحث عن المتاعب في النظرية".