الواقع أم صورُهُ الافتراضية؟

ثقافة الحياة الآنهل من ثقافة جديدة، اليوم، مختلفة عن الثقافة وفق مفهومها التاريخي المتداول والمتفق عليه؟
المتغيرات العميقة التي لا تزال تواصل تثبيت أركانها في حياتنا المعاصرة منذ الحوار الأول عام 1969 بين كومبيوترين موجودين في مكانين مختلفين، قلبت المفاهيم "الكلاسيكية" السائدة منذ قرون وأجيال، مثلما قلبت وسائط تعبيرها، وأدواتها، رأساً على عقب. وها هي اليوم، في رأي معتنقيها، تخلق قادتها وفلاسفتها ومنظّريها ومهندسيها وفنّانيها وأدباءها وإعلامييها وسياسييها، الواقعيين والافتراضيين. مثلما تخلق مفاتيحها وقيمها وأمزجتها وقوانينها وتقاليدها، وتصنع لنفسها أبطالاً وجماهير ومريدين.

لقد اهتزّت المراجع الفكرية التي كانت تقوم عليها مفاهيمنا التاريخية، ولم تعد "مصادرنا" هي الأفكار الفلسفية والعلمية التي أرسى مرتكزاتها فلاسفة القرون الثلاثة الأخيرة، وعلماؤها ومفكّروها، ولا حتى منهم، ربما، هؤلاء الذين لا يزالون يواصلون الجدل والمناقشة حتى اللحظة الراهنة.

هذا ما يعلنه روّاد العيش الجديد، معتبرين أن ما يطاول الفلسفة والفكر، يطاول في الحين نفسه، العلوم في أنواعها الشتّى، والمعايير، واللغة، ووسائل الاتصال والتواصل بين البشر، والبزنس، والحب، والجنس، والجامعات، والفنون البصرية، والرقمية، والسينما، والعمارة، والآداب، والألعاب، ووسائل الإعلام، والديموقراطية، والحرية، والسياسة. وهلمّ.

بل هذا ما تنبئنا به وقائع العيش نفسه. وهذا ما يمارسه "الفرسان"، أبناء الأجيال الجديدة، في مستويات وتجليات مختلفة.
إذا كان بعضنا يغامر في القول إن هناك حياةً جديدة، مغايرة، مختلفة، مضادة، موازية، متوازية، انقلابية أو بديلة، تعاش في عالم الانترنت المغاير، أفلا نستطيع القول إن هناك، في ضوء المصائر والأحوال المتغيرة، ثقافة جديدة، واقعية - افتراضية، تمدّ قنواتها في جسم الحياة الجديدة، وفي عقلها؟ تالياً: إذا كان "حقيقياً" كلّ هذا الذي يجري ويُعاش، فكيف يتجلّى في الثقافة نفسها؟
هذا هو السؤال الذي يطرحه هذا العدد السنوي الخاص من "الملحق".
تناقش السؤالَ، وتلقي الضوءَ على إشكالياته، مجموعةٌ من الزملاء والكتّاب والمثقفين المختصين مباشرةً بتبدلات العيش الراهن ومفاهيمه الفكرية.
ثقافة الحياة الآن، هل هي الواقع نفسه أم صورُهُ الافتراضية؟

"الملحق"