***

محمد دريوس

صدر له :
ثلم في تفاحة طافية 2004

الخادمات

حياة بأسرها
لهوت بها وتعجبتُ، كيف مضى بي بالي ولم أنتبه ؟

الصيحة واهنةٌ وخفيةٌ ، من وراء سياج العتم
واهنةٌ وخفيةٌ وتلهب سامعاً وحيداً هو الليل
و أنا
فيما أبدد من شعل وكلمات
الأقمار تقسم نولي فرصاً متساويةً
فأروحُ
و السهم يتقوس خلفي
و الضاحكون يخرجون من علب الهدايا
و يعودون ضاحكين .

و كيف لي أن يدفق صوتي في نبأ عن خاطفين
إذا كنت مخطوفاً أيضاً
ونظرتي التي تتبدى لي
كلما قلبت محطة وبدت خلفها قوائم المسافرين
جوفاء ومديدة
و خالية مما يشغل اللبَّ.

لا احضر خدعةً أخرى ولستُ مساعد السحر
وصلت حالاً
و غإلهي،ن أخلص إلى ممرٍ يخلص.
لستُ أكثر من رابيةٍ ضاحكة
على كرسيٍ في مطبخ .

يا إلهي ، ماذا أفعل هنا ؟
أأكون المستعطي الضاحك
الذي خف
و ما ترك غير الضحك يتردد في القاع ؟

و الخادمات
في أوهام الجالس لا ينقطع زفيرهن
متى يرقدن إذن ؟

لم يكن لي عمقٌ
و إذ أفكر الآن
لم يكن لي ملمس وكثافة شخص حتى
- متى كان ذلك ، في نيسان ؟!
متى جئت لأرى القطار،بحاجةٍ لشيء..

أحتاج ملابس نادمٍ فحسب
تذكرت ذلك في القطار ، لحظة لمحني ضوءٌ وصُعقَ
ومرّ طيفُ سائلٍ .

الأزهار تنقهر قرب الجثة
و الخادمات يتوسلن العبور إلى الجهة الضاحكة من البستان.

تلك أزهار خائفةٌ
و الموسيقا لا تصل أبعدُ من ذهول الرواق
النجم متلاعبٌ
و الطبيعةُ متبدلة في بال النائم
مساءٌ هايأتي،ل يهتم السيدُ لما أقول...
كل نهار يأتي ، يخفقُ وينقص في الأدراج
و كما كنا نقول السبت الماضي
النسيج واهٍ
و السقف يلمع لكل صيحةٍ تردُ .

الضيف الأخير هو أنا
أو كنته
حين كانت الكؤوس تنتقلُ من صيفٍ إلى صيف
و الساعات مأخوذةً برنين الخطف
- هل يهتم ...
ماذا أترك لك مما لا تملكين من دلالٍ ومن رهبةِ دلالٍ.

سأبقى لديك
لتحسبني على الأيام وتحسب أيامك علي
لتكون في حيرة إنما في مأمن
لأستيقظ في سريركَ
و أستيقظ في سرير الهواء .

سلمني للنوم أرجوك
سلمني هلعةً ومكسورةَ الجانب للأوهام .

***

محمد صارم

صدر له:
مواعيد 2000

القليل القليل

القليلُ القليل..
منك يكفي
لنرتاح من صمتنا
بعد هذا الرحيل
القليلُ القليل..
منك يكفي
لتتبعنا الأرض
مزدانةً بالنخيل
القليلُ القليل..
منك يكفي
ليغتسلَ اللوزُ
في شفتينا،
ويجتمع الأرخبيل
القليلُ القليل..
منك يكفي
لإشعال ما بين نارنجةٍ
وصهيل
القليلُ القليل..
منك يكفي
ولكنني
لا أحب القليل ..

أصبت الهدفْ

أصبتِ الهدفْ
وما كان قلبي خريفاً
ولكنّ سترك شفْ
تأنيتِ في لمس تفاحتي،
كما يتأنى الضباب، على
شاهق يرتجفْ
وطين أصابعنا في الأصابع
لمّا يجفْ
تطيرين محفوفةً بالذكريات إليّ
سريرك من نارِ معْبدْ
ومن فوران الحليب تصبّين لي
حالة من تراخي، وشدْ
فماذا تريد الحديقة من سورها
هل تحنُّ إلى ما وراء حدود الجسدْ
وماذا وراء النهار
تأنيتِ في رصفِ عمركِ
من بلح الصيف حتى
حدود الفلكْ
كأنّ العيون التي تتحاور
ترقى إلى حيّز مشتركْ
أصبتِ الهدفْ
وما كنتُ طيناً لأنسى، وأُرجِع
تشكيل نفسي، كما كنتُ
أو شئتُ لي أن أكونَ
ولكنني.. من خزفْ
أصبتِ الهدف.

***

محمد عفيف الحسيني

محمد عفيف الحسينيصدر له:
قليلاً من رثاء/ بقية من مجزرة،
بالاشتراك مع أحمد الحسيني 1990
2 بحيرة من يديكِ 1993
3 الرجال، 1995
4 جهة الأربعاء 1997
5 مجاز غوتنبورغ، 1999

المحارب

يعود المحاربُ من القرن التاسع عشر
يحمل حجراً وفرماناً، عملةً قديمة وزهوراً،
ساحة الملك غوستاف، جنود المشاة، السلالم الحلزونية في أعلى القلعة، الثورة، الجنود، الطائر الذي يقف على الخوذة وينقرها، قَرْعُ أجراس.
يمضي قطار المترو الأخير
ناقص هو الزمن عند المحارب، ناقص هو المكان عندي.
يشيّد الرجلُ أنثاه من حنينه، وأنثاه تشيّده من غفوتها عصر يوم الأحد.
يعود المحارب بمعانيه المتعددة،
قضبان المترو، الأسلاك الشائكة في قطار القرن التاسع عشر.
تحت المصباح الشاحب يقف التلاميذ في "عامودا"، تحت عجلة الزمن الهائلة قططُ صغيرة تلعب بأذيالها.
من البيت إلى مركز المدينة، عليكَ أن تعلّفَ حصانك جيداً، وتراقب المارة ياغوستاف العحوز.
طويلة منارة الجامع والرنين الذي لم يتوقف للأجراس!
جثة ملفوفة بالزهر أمام المذبح، أو في باحة المنارة،
عند القلعة الغابرة في القرن التاسع عشر.
جثة محارب خضّل نفسه بالحنين، أراد أهله،
كانتِ الأسوارُ عاليةً،
والحكايات معقودة في التراب.
زمنٌ بين يدي، فصوص خواتم فضية، تركيز المنفى على الموسيقيين في أنفاق المترو.
هناك في الجنوب، يلعب الصِبية بأسمائهم، يدحرجون خوذة المحارب على التراب، وبأسمالهم الملونة، يخترقون القرن التاسع عشر.
ياغوستاف الأول، استبقِ حصانكَ، فقد مات جندكَ، وسترتك الحربية تمزقت بالبارود.
ياغوستاف الأول ملك من إسبارطة، من الفايكنغ أو نشيد جاؤوا به من العيد، زجاجات النبيذ المعتق في الأقبية، السفارة المدهشة لطيور الهدهد، الملك سليمان، عربات تنقل النساء، تنقل الحاشية من سيوف وحلقات معدنية، ورخام إلى الأعلى
أعلى مافي القلعة.
أدركْتكَ في النسيج الرقيق لقرنك التاسع عشر.
أدركتك ياغوستاف الأول في الكآبة.
كركي يبني عشه في أعلى المنارة،
من أين أتى بكل هذا النحول؟
حتى تظنه ياغوستاف الأول خيطاً من فكرة
أنيناً يتصاعد من سريرٍ
فتموت.
جثة ملفوفة بعَلمٍ وشارة ملونة مثل ستوكهولم القديمة.
ياغوستاف الأول
أيها الملك المضرج بكل دمه، مثلي.

الأشواق
(حوارية)

يا أبي سأغيب في الزهور.
يابني.. إن غبتََ، فلا تتأخر كثيراً.
يا أبي بارك غيابي.
يابني أنا سأغيب.
يابني علم نفسكَ النسيان.
وهل تعلمتَ النسيان، ياأبي؟
أنا النسيان يابني.
يا أبي متى سأعود؟
يابني عندما تتذكر أمك.
يا أبي الزهور ذابلة الآن.
إنها الأشواق يابني.

***

محمد فؤاد

محمد فؤادصدر له:طاغوت الكلام 1990
المتروك جانباً 1998
قال بيدبا 2004

في الحقيقة،ثمة ما هو غريب على الأرض

بين الاثنين، الثالثُ ميت
سحنتُه تخبو
روحُ الملح فيه
سيما وأن الليل خيم الآن

سيخرج العسكري
وتنط الحشراتُ بأذيال لامعةٍ.
الغابة تنقصها دوراتُ مياه
وأماكن ثابتة لشواء اللحم.

الثالثُ يخرج مثل الساحر بين الاثنين
وسيرأس جلسته
ويوزع حلوى في فمنا
وسنضحك
ونمصمص أطراف أصابعنا
سنحيي الجمهور:
سلاماً أيها الجمهور.

سنحيي الصف الثاني:
سلاماً أيها الثانون
لو كنتُ قريباً من طرف الطاولة
لقلبتُ الماء
وقلبتُ الطاولة
وركضتُ كعداءٍ حول الغرفة
رأسي خالية من أي هموم
وعلى كتفي يجلس مَلَكان:
الأول أعمى
أشار عليّ بكتاب أخطائي
فقرأتُهُ وبكيتْ
حتى ابيضّتْ الصفحات
وأظلمتْ عيناي.

كنتُ قريباً من طرف الهاوية
حين لكزني الثاني
المَلَكُ الأبكم
مَلَكُ الأمراض المعدية
وحليبِ الأم الفاسد…
……
ربما لم انتبه للموت
لم انتبه للماء يتقادم في الكأس
للمقاعد مقلوبةً بعد منتصف الليل.

خذْ إذن
روحي ملفوفة في ورق الزبدة
ضعْها في الدرج الثالث
ضع أصيصين أو ثلاثة في الأعلى
ثم رش الملح على العتبة
كي تقتفي أثر النمل
ذلك أيضاً يحميكَ من العين الغامضة
من الموت الواقف خلف الأبواب.

في الحقيقة،
ثمةَ ما هو غريبٌ على الأرض.
أفكر بالناس.
ثمةَ ما ينتصب على قدمين
ويلاحق المرآة، ويصيب الوحش فيها
والمدجن،
والعائد من السهرة
يجر وراءه حبل الكذب القصير.

ما هو على الأرض
فكرةٌ ناقصة

أفكر بالناس.
يمرون من جهة واحدة
على رؤوسهم أغشيةٌ
ومن أطرافهم ينقط السائلُ

الناس.
مسوداتٌ مكتوبة على عجل
فوق طاولة الله

في الحقيقة،
ثمة ما هو غريب على الأرض
ألقِ ظهركَ إلى الحائط
وافشخْ بساقيك
كأنكَ تقيس مسافةَ القتل

امضِ إلى الجهة التي تراها الأسهلَ
امضِ إلى الجهة الشاقة
دعْ روحكَ تتنسّم المكان
سترى
إنهم ينحدرون كالعميان
مساقون بقوة الوهم
ضالّتُهم، ضلالتُهم
وحواليهم تهرُّ الكلابُ الجوعى…
………

" وكنتُ أقولُ للذي إلى يميني
يا صاحبَ الطريق
فيتركني وحيداً
ويرمي أثري للجوارح تنهشه"

( ولو أنّ ما بي بالحصى فلق الحصى)

" ولما مررنا بالبلاد الواطئة
انحنينا وعبرنا فرادى
متدافعين بالأكتاف كي نمرق من خرم الإبرة، وماكنا
بسكارى حتى إنني ضحكتُ، والذي تركني إلى يميني وحيداً، ضحك، وأعطى الإشارة للآخرين، فماتوا
من الضحك. ولم نجد الوقت لندفنهم ونحثو التراب
حينما أشار نافخ البوق فانطلقنا ثانية
متخففين منا
الألمُ وحده معنا
الألمُ
جنزيرٌ طويل يصلصل في القدمين".

" وفي يوم السبت المصادفِ السبتَ الذي يليه
خرجتُ للنزهة تحت شمس سوداء
كان معي صاحبي الذي مات قبلي، وما صدقتُ
حتى حين استلقى قربي على الجريدة
وقدمَ لي كأساً من نبيذ الجنة
يا للصدفة الطيبة
اليوم فقط كنتُ أفكر أن الزجاجات
قد فرغت تماماً من الضحك"

-" لقد فعلتُ ذلك لتراني"!
قالها الذي مات قبلي
لكني رجعتُ من النفق وحيداً، لم أطفئ ضوءاً
ولم اتركْ لي أثراً

سأرى إن كان بوسع أحد ما
أن يراني.

***

محمد مصطفى حسين

صدر له :
برازخ الدنان 1999
أنفاس مسافرة 2000
مساء المليكة 2001
طوفان العشق 2004

في محراب الرومي

أنا يا مليك الحان فيك نسيبي هذا دمي يشكو وتلك ندوبي
رومية الأسرار فانثر سرها بين الغيوب لكي تشفّ غيوبي
فاضت على طيني ففاضت مهجتي فتناثرت بين الربا بسهوبِ
فدنوت ثم دنوت ثم رجوتها في أن تعير ضياءها لشحوبي
أدنيت قلبي فهو رهن حديثها وأطلت فيها كي ترق نحيبي
أرسلت روحي وهي بعض لحونها فحنت على زفراتها بشبوب
وشربت لكن قد جننت بدنّها ووجدت عقلي في الهيام مريبي
وهتكت أسراري بخمرة حانها فوجدت في كل الأنام قريبي
حتى ارتقت بعوالمي أمواجها لعوالم ٍ لم تتّشح بمغيبِ
وذكرت عهدا قد نسيت وموثقا ورأيت شمسي بعد طول غروبِ
وحننت للأوطان من زفراتها تحنان مأسور الفؤاد سليب ِ
تتراقص الأكوان من ألحانها فيفيض باللألاء كل جديب
وبها تحنّ إلى السماء جوارحي وبها تزول القاتلات خطوبي
وبها تفيض كما البحور مدامعي شوقاً لعهدٍ للقلوب حبيب ِ
وبها تنادي العاشقين ممالك ٌ وبها حبيبي إن دعوت ُ مجيبي
بدنانها وكؤوسها وحنينها شجوي وبوحي والضنى ووجيبي
تجري بها الأفلاك تلثم نورها أيقونة ً *هتفت لكلّ كئيب
ورنت إلى تبريز كل جوارحي وصقلت قلبي فاستبنت دروبي
وجعلت دمعي سلّماً لدنانه وجلوت في عشقي سواد ذنوبي
فتهفت مولانا أسيت بغربتي هلاّ أزلت بناظريك كروبي
فبدا يساقيني فيروي لهفتي علوية الأسرار ذات طيوب ِ
باتت تهاداها البحار لآلئاً وتعيد للأوطان كل غريبِ
وغرقت لا أدري سواها حاملي في عالم ٍ خلف الزمان رحيب

***

محمد نور الحسيني

محمد نور الحسينيصدر له:
بورتريه لأمير مهزوم2001

نبرة زرقاء.. نظرة يمامة
إلى وفاء محمد شريف..

طوقني بالإثمدِ كي أرى ظلالكَ
فأنا قريبةٌ منكَ أترقرقُ على خديكَ
خفيةً خفيةً
كالأثير ِالمكابر ِأحترقُ تحتَ
أنفاسِكَ
أرفعُ المشاعلَ السافرةَ
هكذا أستفزّ الجنازاتِ
من الليلِ لا تخشَ عليّ
هكذا أروضُ العتمةَ!!
هكذا.. هكذا مضاءةً بالأرقِ..،
تحزّ نظراتي ذبذباتُ الانتظارِ
أو يملأني النهارُ بلثغاتِهِ
الشائكةِ.
أشاكسُ صهيلَهُ الفاقعَ
هاربةً من سيرةٍ لا أخترعُهَا
مهرولةً من قبسٍ لا أصنعُهُ
هكذا أتوقَّدُ نبرةً زرقاءَ .. أرفرفُ
وجناحُ يمامةٍ يتبعُنِي
عن أرياشِهَا تنفضُ الرمادَ
تحتفِي كلَّ ليلةٍ
بهذه النيرانِ الآبقةِ في الزوايا
كاشفةً عن ذُنَاَبَةِ عقربٍ،
عن رداءٍ تركتْهُ أفعى طائرة،
عن عناكبَ تفضحُ بيوضَها في المنعطفاتِ
ناشرةً أحلامَها الخفيفةَ
على حبالِ الضَّنى
هكذا.. هكذا:
زرقاءُ ويمامةٌ أيضاً،
أرى أشجاراً تحضُنُ الريحَ
أرى خيولاً تَغِيمُ وترُعِدُ
أرى العاصفةَ.. أراكَ
منذورةٌ كلُّ ضفافي لهطولكِ المرير.

***

مروان علي

أربع قصائد

مروان علينام في ثيابه

عاد إلى البيت
لم يقل شيئا
كان واضحا أن الأمور
غير واضحة أبدا
وضع الحقيبة الجلدية السوداء جانبا
واضطجع في ثيابه
في الخمسين
ولكن لا يظهر عليه ذلك
يبدو كما لو انه
طفل في حضن أمه
غدا
لديه لقاء تلفزيوني
حول السعادة
لذلك سينام الآن
سعادته الوحيدة
النوم في الثياب الرسمية .

بلا سبب

ينتظر
امرأة غادرته
منذ سنوات
بلا سبب
ينتظر
أصدقاء لا يأتون
رغم شوقه الجارف
بلا سبب
ينتظر
فيروسا تعطل
كل أجهزة الكمبيوتر
في العالم
بلاسبب
ينتظر
وينتظر
رجل لايتقن
سوى الانتظار
بلاسبب

انتحار

الحياة
ما عادت جميلة
الأهل
انشغلوا بجمع المال
الأصدقاء
رحلوا بعيدا
وراء الجبال
وحبيبتي
لم تصبر حتى أكون نفسي
وتزوجت من تاجر عقارات
حتى بطاقة اليانصيب
سحب رأس السنة
التي كانت
ستحقق كل أمنياتي
لم تربح
لم يبق أمامي
سوى الانتحار
سأرمي بنفسي
إلى حضن جارتي
المطلقة.

مسلسل عربي

غدا
لدي مواعيد هامة
علي الذهاب أولا
إلى مكتب العمل
لإعادة تسجيل إسمي
في قائمة الباحثين
عن عمل
كي لا تنقطع
المساعدة الشهرية
ثم الذهاب
إلى المحامية الإسبانية
الجميلة
لترتيب أمور إقامتي
وأشياء أخرى
وكذلك مراجعة طبيب الأسنان
لفحص ضرس منخور
حول حياتي إلى جحيم
لذلك علي الذهاب
إلى الفراش باكرا
كي لا أفوت
الحلقة الأخيرة
من المسلسل العربي .

***

معتز طوبر

صدر له :
الفراغ كلب نربيه في البيت 2004

امرأة معلقة كحبة كرز

-1-

ما يتشكل
خلف إصبعها الصغير
ظل
يسقط في قلبي كسهم .
بعد أن يدرج شمسا في الهواء.

-2-

امرأة
اصطفت الأشجار قبل أن تمس
فمها
قبل أن يقضم الكرز
هدت العصافير مكان الفلاش في عينيها .

-3-

ما تريده
من هذا النهار الناشف
وهو
يقشر شفتها السفلى
طبقة
طبقة.
أن انظر تلك العصافير باثةً
في
قلبي
صورتها كثقل الخريف وهو يغبّ
روحي
ريحا. ريحا.
أن
أضيف إلى حياتي
هديرها
وهي تفر حاملة خيبة أيد
تنز
في
القطارات.
أن
أصور الضوء وهو
يهبّ
من ورقة صفراء، هرّتها
نظرتها
المنحسرة عني كموت.

-4-

تتكلم
كي تظهر أسنانها في نهارنا
الذي يندرج
بين يديها كالرقم
الذي يشكل اسم الله .

-5-

يناسبها
أن استلقي كجبل
تحت شمسها المتأخرة.
أن
أتلقف كمحيط رسوماتها
وهي
تنكس
من نافذة أبيّض فيها الضوء قبل
أن
ينكسر .

-6-

نهارها
رتبّ الأشجار على جبل مائل
كي
تلامس من بعيد مسقط أعيننا .
ضحكتها كذاك النهر
رسمت خطا منكسرا بين قلوبنا
وخدشت الجبل لتندلق
تحته حياتنا
عينا باردة .
كنا نقطفها
وهي معلقة كجرس الكنيسة في أعيننا
امرأة معلقة كحبة كرز .
إذ
أحمر الشفاه كان دليل أيدينا
إلى شجرتها
شجرتها التي ترصد دربنا وتعلو .
امرأة
كانت تصفف العصافير
أقراطا
وأساور
وخواتم
كساحر ، وتشلفها نحونا
بسعادة
أسنانها التي تبرق كجاموس
قيّل
في برك قريتنا .

***

معن عبد السلام

كم كان خوفاً

كم كانَ خوفاً وزهراً نائياً
عندما البعدُ صارَ ُبعداً
اندس في جيبي البردُ
اندس في قلبي وصارَ مني
كيفَ الخوفُ يأتي مع العتمة
كيفَ الأزقةُ تنكمشُ ولا يبقى
سوى ملاءاتٍ سوداءَ تتمايلُ وترقصُ
في الوحدةِ والريح
كيفَ كلُ حكايا الجنِ تقالُ في أذنِ وليدٍ ُفطمَ لتوه.
كانت عيناكِ حائرتينِ، وأنا موجوع
وكنت موجوعاً في صدري
وعيناكِ سهلٌ ليس أخضرَ
وليس بني
كيفَ الصمتُ لليلِ وللقمرِ معاً
كيفَ الحبُ ينجرفُ في هوةِ الدمعةْ
ولا أدري أيَّ غبطةٍ تتملكني
حين أفتشُ في ذاكرتي
فأجد دمعاً وخواطرَ كثيرة
أي شفقةٍ على تلكَ الأيامِ التي تخطرُ
من دونِ أن تتركَ
شفاءً
نرجساً
ياسميناً
ولا ترحلْ
كيف الخوفُ يأتي بانسكابِ
الغمامِ فوقَ هضبةِ الروحْ
كيفَ يأتي من وراءِ الأمِ الجاثيةِ قربَ مدفأةٍ
تلملمُ ثغاءَ وليدها

كم كانَ زهراً نائياً
ذاكَ البعيد خلفَ نافذتي المغلقة
كم كانَ خلفَ زجاجٍ ليسَ مكسوراَ
وليسَ تخترقهُ شمسٌ ولا قمرْ

انكساركِ خيبتي

أقل من الكثيرِ لا ينمو الفزع
اغربي
أشرقي
لقاؤكِ غريب
وجودكِ غريب
إلى أعوادِ النرجسِ يربطُ الغيمُ
يطلعُ مثلَ الخنجرِ يدخلُ الشمسَ رواقاً هائلا
يذرفُ حقولَ القلبِ
زبداً أخضرَ
نرجساً أبيضَ
َشبهٌ غامضٌ لزورقِ الماءِ يرتفعُ عن الموجِ
للولادةِ القصوى تميلُ غدراناً
للخفوتِ
للنزولِ
انكساركِ
مشيئتي /
أم خيبتي
تطلعينَ مثل الدمعِ الساقطِ بالدهشةِ
رنينَ الندى قبلَ الفجرِ
ُكفي
غطى جروحَهُ يركضُ في الجدارِ الصلبِ القلبُ
ُكفي
يخرمُ الأذنَ الضوءُ
يعلقُ ألواناً شمالاً
نحلاً يترنحُ حولَ النارِ
انتقلي
مؤلمٌ صعودكِ / َتنفُسي
موجعٌ صريرُ العتمِ
على الجبين.

***

منير محمد خلف

صدر له
غبار على نوافذ الروح 1995
سقوط آخر الأنهار 1997
لمن تأخذون البلاد ؟ 2000
جنازة الإرث 2002

يا ويلتى ليتَكِ

لو فتَّحتْ قلبي يداكِ
و صرتِ عنواناً لمرحلتي الجديدةِ،
لو منحْتِ شفاهَ روحي
خدَّكِ المعسولَ بالتّفّاحِ
لو فتَحَتْ أصابعُكِ الحميمةُ جلّ صوتي
أو تركتِ أصيصَ وهجكِ في يديَّ
و لو سكبتِ الأمنياتِ على ضفافي
أو حملْتِ جراحيَ الأولى بمجدكِ،
أو أنرْتِ مدائنَ الأشواق في قفصِ ارتباكي
أو ضفْرتِ حدائقَ النارنجِ
في قعر اكتئابي
أو رحمْتِ زجاجَ قلبي في يديكِ
و صنتِ مبتدأ الكتابِ
و كلَّ أركانِ التراب ِ.

آه ..
على قلبي،
عليَّ ..
رأى هواهُ مُزمّلاً
بقطيع رحلته،
و عاد إلى صباهُ
لكي يرى فجراً صلاةَ صِلاتِهِ
و حدودَ مأتمِهِ
مخافةَ أن تهاجَر من غلالاتِ النخيل ِ
فتاةُ فكرتِهِ،
يظلُّ طوال حسرتِهِ
يطاردُ نفسَهُ
و يُغلِّقُ الأحلام في وجهي،
يخنجرُ ذكرياتي في صميم القتلِ
يحصدُني بلا دمعٍ،
و يترك ما تبقّى من مرايايَ
انتظاراً عاقراً
ما بين أمنيتي ومقبرتي
و تاريخي الجديدِ
و كل أشكالِ الغياب ِ.

لو قلت ُ:
يا نفسي !
كفاكِ تشرّداً .. وتمزّقاً
فتهيّئي وتجمّلي
كي تدخلي جنّاتِ قلبي
كي تصيري لؤلؤاتٍ
ينهمرْنَ على يبابي .

الآن وقتُكِ
كي تُعيديَ لي حياتكِ أو حياتي
أو تكوني قربَ صوتي
تاجَ نورٍ
أو غزالاً من يقينٍ
يستفزُّ جموحَ قلبي،
و لتصيري بردَ ناري
و ابتهالَ الأتقياءِ
و حفنةَ الرّؤيا
قميصاً من ذكاء الرّوحِ
يهمي فوق إكليل الحياةِ
ليستعيدَ تراثَ يعقوبَ القديمَ
و شهدَ حزنٍ أخضر النظراتِ
خالصة لسرٍّ ضائعٍ
كي تمطرَ الأقمارُ
فوق جبين قلبي
و امتداداتِ الخرابِ .

ماذا يحلّ
بمدمن الأحزانِ
إنْ هطلَ الظلامُ
على ربيعِ فؤاده الملغومِ
بالياقوتِ والنهوندِ
ماذا
قد يحلّ بعاشقٍ
هوَتِ النياشينُ الفريدةُ
من سماء كلامِهِ
نجماً . .
فنجما .

ماذا يحلُّ
بقبّراتٍ من ضياءٍ
كنّ قد جهّزْنَ أعشاشَ البكاءِ
على ثمارِ رحيلهِ،
و استوطنتْ كالذكرياتِ
على حدودِ صداكِ
يا لحناً . . !
يهيلُ عليَّ أفواجَ الهبوبِ
و يستعيرُ الدمعَ من قلبي
لأشهدَ آخرَ العنقودِ
مأتميَ الأخيرَ
على تخومِ ولادتي .

ماذا
يحلّ بهنَّ
هنّ القبرّاتُ الراكعاتُ الساجداتُ
القاطناتُ بكل أجزائي
و هنَّ السابحاتُ القانتاتُ
الذائباتُ بذكرِ حسنكَ يا إلهي
هنَّ. . هنَّ الحاملاتُ . .
الرّافعاتُ شموخَ حزني
و انتحابي.

ماذا سأُسقِطُ
من سطوحِ الخيبةِ الكبرى
سوى راياتنا النكراءِ
من تاريخ أحلامٍ
تمطّتْ فوق أشرعةِ الرجوعِ
إلى بدايةِ كذبةٍ .
. . حمَّلْتِنا يا ريحُ غربتَنا
و حقلَ غيابنا،
أطفأتِ قنديلي الصغيرَ
و غربلَتْ أصنافَ قسوتِكِ الطفولةََ . .
و الهوى والأرجوانَ
و زيزفونَ الرّوحِ
كم أرّقْتِنا يا ريحُ
كم ذبُلتْ رياحيني
على أغصانِ صوتكِ
كم تعذّبنا
و كنّا قابَ محتاجَينِ
من بعضٍ وأدنى
هل سأٌسقِط ُ . .
أم سأَسقُطُ
كي ألمَّ خسائري الأولى
و أصعدَ نحو أمنيةٍ بعيدَهْ ؟

يا ويلتى
يا ليتَ قلبكِ
لو تجاملني الحدائقُ
أو أحلَّ الوصفُ فيكِ
صهيلَ روحي.
. . من يديك الغيمُ
يُرسلُ نصفيَ الموّارَ
يخفي فائضَ الأسرارِ
يخنقني،
يهزُّ البوحُ أعناقَ النخيلِ
فيسقط الثمرُ البهيُّ،
. . بأي دمعٍ
تختمُ الأيدي براري النقعِ
كيف تقودُني الأيامُ
نحو سحابةٍ مرَّتْ عليَّ
بأحلك الأمطارِ
كيف تعلَّمتْ لغةََ التخاذلِ
حاملاتُ النبْضِ
كيف تنازلتْ
عن سرِّ روحي
عن بداياتي
و عن شهدِ اكتئابي .

رحلتْ حمائمُ فرحتي
و بقيتُ وحدي
أحمل الذكرى
كسيرَ القلبِ
مشغولاً بما لم يأتِ بعدُ
. . أنا المرائي كلّها
أستقبل الأحزان من جهةِ الوصولِ
و من جهاتٍ
ما تعوّدْنا اقتفاءَ هوائها
قبل الرحيلِ،
نسيتُ أني لم أكن غيري
فكيف الخوف يفتك بانبعاثي ؟
كيف لم أنسَ انطلاقةَ نكستي
و أنا أُحوِّمُ فوق صوتكِ !؟
هل نسيتُ لفرطِ تَذكاري
تذكّرَ رحلتي ؟
هل خنتُ بعضي
أم خسرتُ الكُلَّ في كُلِّي
و باعدَني . .
و شرّدني
و غلَّقني اغترابي .

***

مياسة دع

صدر لها :
الصامت لدي - 2000
الظهيرة العمياء - 2002
العتبة الخالية- 2003

"الغبش.."

-1-

هذا العمى المبقّع بالضوء
وماءِ السرِّ..!
..كأني ألمسُ حرارة الغيم في عزِّ زوالي، والذاكراتِ المكتظة
والغياباتِ الناشفة. وأمعنُ في هبّاتٍ فائضة تتقاسمني على ندوب
الوقتِ وحشاشاتِ الأشياء فلا أرى حجراً يفيض ولا أقرعُ غباراً
يندسُّ بين الزفرة والزفرة، اللمعة واللمعة، حيث فضاءات من
الغبش الصافي، الغبش المتراكم على عزلةٍ فضفاضة وهواءٍ
أوسع:
لعلّهُ المرئي
أوراقٌ كثيفة من الروائح والمسام
ما تفنى.
داخلَ الليل، ليلٌ من الأزهار والعروق
كثرةُ نداوات
غبشٌ_ نهارٌ منساب.
أرشقهُ ثم أرشقهُ على
عذوباتي
وبياض الليل.
أرضٌ من الزفرات عندي
حُفرٌ معبأة
بالمكانِ
وأشكالِ السرِّ..

-2-

.. إنه هطولٌ مجعّد من التربة والبداياتِ الفائتة
والمصائرِ المحروقة والسلالاتِ الذاوية، أتهاوى
على زفرةٍ من الحصى والوبرِ الصافي والعدمِ
الذي لا يحصى:
لعله شروقٌ
أغتسلُ بفتاتهِ الأزرق.
حجرٌ من النياتِ
وجفافِ الشمس
أريقهُ
على سوادٍ ما.
وها أطلعُ من تلك النياتِ الرخوة والسطوحِ
المجفّفة وما طلعتُ من وراء سقوفٍ ترصدني
بقاماتي المقعّرة ووجوهي اللاملموسة. أو من
زغبِ ضوءٍ أتشكّلُ من لمعاته المهدَّمة وأستوطنُ
في مكان اللامكان:
لعلّه عماي
أدنوه بطيئاً على غصنٍ باهت
أو فجرٍ من اللغات
خفوتٌ حرٌّ
عينُ نارٍ
أعلوها بدخّانٍ مشجّرٍ
أو صمتْ ..

-3-

لي هواءٌ مذبوح..!
لكني أنحلُّ قبل البدءِ والغاباتِ المتوراية والنوافذِ
العكرة والظلالِ الفارغة والحواسِّ المنشقِّة، قبل
أن أتوإلى على أيامي وذبالاتِ الوقتِ والحجرِ
المنقشع عن مراراتٍ للضوء وعن ميتاتي الآتية..
هواءٌ
الآن
زغبٌ يتدحرج على ثمار وجوهٍ
ومياهٍ حافية
هواءٌ أرصدهُ الآن على
فراغِ وجهٍ
والنباتاتِ العميقة.
...لكني أنحلُّ بعد أزمنةٍ وغيومٍ بائتة وجذوعٍ
منخفضة ومعادنَ برية وتكاوين سرية وحقائقَ
لا تنسى، بعد جروحٍ لا تنبتُ على وجهٍ ولا على
ذيلٍ ولا على قيامة.
لي هواءْ.!

-4-

ولكن لي أن أزفرَ
ظلاً..
أبراجٌ من الغبرةِ وحواسٍ محروقة
تنمو على ماء،
ماءِ وجهٍ أو عتبة.
ولكن لي أن أرتمي على كسورِ غيم:
زرقةٌ غامضة
تعوزني
متاهُ نهرٍ
وأغصانٍ ما...
فأندمج في نداءاتٍ ثقيلةٍ من الليلِ والنهاياتِ البيض
والفراغِ الخالي من ذاكراتِ الدم ومن قياماتٍ شاحبة
كغرائز دمي. وأصحو على مداراتِ خفوتٍ في رغائبي
وذرائعي، وعلى انقساماتٍ طويلة وقشورٍ مبثوثة
ومناديلَ عالية وغروبٍ غزيرٍ ووقتٍ يابسٍ لا يذبل..
وأصحو
من مُفردي وعشبٍ بعيد.
بقيةُ خطىً
أسدُلُها
نخاعٌ أزرقُ وغيابْ..

-5-

كثيفاً على حجرِ غيابٍ لا أراكَ..!، على وعيٍ
قديمٍ وأشلاءَ منقوعةٍ في خلايا الهواءِ والحشاشاتِ
الذائبة لا أراكَ منتهياً في أوْجِ غياب.
أحملُ جلَّ عناصري وركاماتي وسرائري البائرة
ما أحسبهُ ثابتاً لا يفنى على طول الدهورِ،
وأمضي :
لا عبورَ
يوقظُ شموسَ الليل في فنائي.
بذورٌ كثيفةٌ
تتهيّأكَ للفراغِ الوحيدِ الذي
ينبتُ،
عينُ فصولٍ
وارتعاشُ
ضوءْ.
وها أستبقيكَ مسافةً في
ورقِ الغيابْ.
لمعةٌ فائضة تدوسُ أكتافَ
العدمِ
نوافذُ أخرى
وعروقْ..

-6-

تنشقّين إلى ظلّي
..هذي القبةُ الممشوقةُ الأيام واللهب !
وأهوي بلا ظلٍّ
على أوردةٍ مجاورةٍ للمعنى
على عبثٍ مُفْرغٍ من
البسماتِ
وجفافِ الضوء.
وأهوي عند جذورٍ قديمة من الأغصانِ الفارغة
والزبدِ المقفر واللامكان المضمّخ بترابِ المعنى
والذاكرات الساخنة فأنمحي من جديد بعيوني
وأظافري ومسامي الفقيرة ونهاري الفائت والأحداثِ
المقبلة والمصائر القائمة والرؤوس المهجورة والوعيِ
الثابت وغير الثابت وأماكن أخرى.. وأُفْرَدُ من
جمعكَ وأحادِكَ وأنسابكَ الطويلة وأجسادكَ الباقية
ودمائكَ العريضة ونخورِكَ المعدنية وبثورِكَ البرية
واللغة الأخرى.. الأخرى في كل سمائي والصمت
الذي يعمى..الصمت الذي
يكون
ولا
يكون!

***

ندى منزلجي

صدر لها
2000" قديد فُلٍ للعشاء"

مُحملقًا في البياض
آهةٌ تتفتقُ خيوطها
فاندلِقْ عذباً
طعمُ العسل
ذاكرة.
بين عبورٍ وعبورٍ
مرَرتَ
لم يلحظك الحجيجُ
كانوا يطوفونَ حولكَ
حيث
لم تسمع حفيفَ أجنحتهم المتكسرة
لم تشهدْ دخولَهم خارجَ نصَّك
باختصارٍ
حيث
لم تكن.

أنت العصيُّ على نفسِكَ
ظنّوك في متناول اليد.
مُحملِقا في البياض
تحتضن شيطانك الصغير
تغني له علّه ينام
_اصرخ أنا فيه علَّه يستفيق_
مرّة ما
إلى الأبد.

أي مسًّ
بهاءٍ
يقطرُ من ثدي الليل
على الفجر

ألفٌ ولامٌ تسقطان عن كاهل المُكتفي بنفسهِ
كائناتٌ مجهولةٌ
ثعالبُ عزلاء إلاّ من ذيولها الطويلة
تتوهجُ في ندى عتمتهِ
عند مفارقهِ
ستةٌ
سبعةٌ
عشرةٌ..

لاشيء يلامسُ حافةَ صخبِكَ
لا صوتَ لخطواتِ شيطانِكَ
إذ لا دربَ لها.

ها أنت تُصغي إلى رشقات سُنونو
عند مشارفِ قلبٍ
عند زهرة..
ملاكٌ يشتهيني

ملاكي الذي يسكنُ قربي
بيتهُ على مرمى قمرٍ
بابُه ينفتحُ على سحابةٍ
بينَ سمائهم وأرضنا
صخورنا وغمامهم.

ملاكي وأنا
نورٌ وغبارٌ
كأسٌ حُبلى بنبعٍ
شفةٌ تغصُّ باسم الماء
تصَّليهِ
لا تصلهُ
تصمتهُ من وجلٍ.

ملاكي
الذي..
أوكلوني إليه
حارسي
أراوِدهُ
أغرفُ له من جيوبي
حِرزَ الطيّات الدافئة
كفّي المموسةُ في نداها
حريري
المنسال عليه.

ملاكي الذي أغويت
يصيرُ إلهاً
يندسُّ فيَّ
فأتخلَّقَ من طين.
يسرقني ثم يحط على كتفي
اخطئُ فيه
يسجدُ على تراب انخطافنا

ملاكي
خليطُ بنفسجٍ ورغبةٍ تتفتحُ منهُ
عسلُ الصباحِ
أعطَشهُ
يتنزَّلُ من عليائهِ
كي أرتقيهِ.

ملاكي
أنا.. شعبهُ
هو المتجردُ لأجلي
متسربل بمسوحٍ أخرى
في السترِ
أطفئ الزمانَ لننتظرهُ..
ملاكي إذ يحضرُ
يترامى المكانُ إليه
البهيُّ
الذي
اصطفاني.

ملاكي
أواسيهِ، أعذبهُ
أبكيه
أعينهُ كي أبتليه.
أضيعهُ منّي
كي لا يفتقدني
هو المنذور لغيري..

ملاكي
الذي
يهفُ
يشفّ
يرِقُ
يعودُ
لأنني أعتريهِ

ملاكي المحكومٍ بأن يشتهيني.

إلآ أنَّ الصباحَ بدا بهياً

لِمَ يبدو هذا الصباحُ بهياً ؟

لم يكن بانتظار الحافلةِ
سوى امرأة حُبلى
ورجلٍ قنوطٍ.

ليسَ من دلالة بهجةٍ في أشجارٍ عُريها صريحٌ
لا لحنَ ينهضُ.
إلاّ أنَ الصباح بدا
بهياً.

مكمنٌ سريّ
في الأرضِ
في السماءِ
في دمدمةِ قطارِ الأنفاق
يبثُ بهجةً.

بهجة الفاتحِ ذراعيهِ
الباسطِ ذراعيهِ
الباسطِ قبضتيهِ
المستعدْ دوماً
للطيران.

***

نديم دانيال الوزة

صدر له :
أشعار 1995
خارج الجحيم 1998
قصائد 1999
فراغ تتركه امرأة2000
وجه يبقى كصورته 2000

أفكر بك
أفكِّر بك،‏
في يدي الكأسُ القديمة،‏
كأس الثلج بالرماد،‏
أشربها،‏
أنا الذي بدأتُ أكره أن أرى‏
في المرايا، أشربها‏
كما أشربها دائماً‏
وأنت تعرفين لماذا؟‏
أنت مَنْ علّمتْني الأشياءَ‏
لأنّها جسدُك،‏
وأنتِ‏
أنتِ تعرفين البقيّة..‏
أين قبلتك‏
يا ضحكة البرتقال،‏
أين احتضانك‏
يا حليب الآهات؟‏
أين أراك‏
لكي ألمسك؟‏
لكي تقولي للساني ما في فمك؟‏
لكن لا شيء‏
لا شيء الآن‏
لا شيء ينحلّ‏
لا شيء يتحرّر‏
لا شيء يخرج من قساوة حدوده.‏
لا شيء سوى الثلج بالرماد،‏
سوى الكأس القديمة‏
الكأس الفارغة‏
الكأس التي تملؤها دموعي‏
بالظلال!‏
لو كأسك هذا

1 ‏

أشرب عين المرارة‏
لا شيء أفعله سوى أن أتذوق هذا الموت‏
هذا الحليب المعتق من دالية النهار‏
أشربه بعين الليل‏
قولي لو كأسك هذا‏
وافعلي ما يجدر بامرأة أن تفعل‏

2 ‏

يا امرأة الصباح‏
باطن جسدك أسود‏
يا امرأة المساء‏
اسكبي حليب دمي في كأسك‏
وانظري شقراء هذي رؤاياي‏
وخطاي كما يجدر بخطاك أن تورق‏

3 ‏

كأساً لكأس‏
أنا أشرب من فوق‏
أنت تشربين من فوق وتحت‏
لا أريد لميّت أن يولد‏
لا تريدين لحيٍّ أن يموت‏
لذلك كأسي لكأسكِ ظمأى‏
لذلك لا شيء أفعله‏
سوى أن أتذوّق هذا الموت!‏

***

نذير الياس

صدر له
" خارج فكرتي "1994

كارين كارين

لمواعيد الشمس الغافية
في مكان ما
وفي كل مكان
أيتها الراكضة على أطراف السماء
أيتها الواسع من الفرح
الهادئ من الوقت
حطي طائراً سحرياً على بحيرة دمي
حطي
فأنا لا أستحق ضحكك المنير
لأن قلبي هذا الأصيص الصغير
لا يبيح لجذرك أن يحدّث الأغصان بالزهور
خاشعاً يصليك الوقت زهرة للمكان
ترتلك الفصول للفرح
فأنت الضاحك من السماء
الواسع البداية
خاشعاً بعينيك
يمجد شتاءً يلاطف الرحيل
قبل أن تزهر أغصانك في السماء
خاشعاً يمجّدك باقة أجوبة
يتوحد الامتداد
يتوحدك أنت
بعدما تضوعك الزيزفون جسداَ من وهج وقمح ووصية
خاشعاَ أنشدك مدينة من عشب وزجاج
مدينة لألف طفلة مدهشة
فيا وصية الوصايا
يا نفس السماء
اقتربي ضوءاً وماء
اقتربي
فها روحي تُبعَث من شفتيك أوسمة للوقت
يضحك هذا البني
تستيقظ أحلامي
تتجه نحو الدافئ
تبتسم الأم أزهاراً من عمري فوق الأخضر
أشتم رائحة الأرض وعداً مائياً
وتصافحني الشمس
أيتها الغيمة المخضبة بالضحك الوديع
توقفي قليلاً عند القلب
ليطلّ الأصدقاء بوجه جديد
يا غيمة يا زهرة الأفق للصباح
أطلقي طقوس العصافير للشجر
كارين
أنت السماء ضفافاً لنهر الأناشيد
حلي فيًّ نفيَ انتهاء
كارين
أنت تعبي المستباح
أنت أنا من فرح وربيع
وأنت البحر في السماء
ينام فيك الوقت
طويلاً ينام
وعندما يستيقظ من عينيك
يستجدي الغروب من الجبال
يهدهد قصيدتي يديك على أكتاف البيوت
يتنفس المساء في سرير عينيك نجوماً لسماء صافية
يتماوج هذا النعاس حقلاً من نسيم وطفولة راقصة
هانئاً يتنفس المساء
هادئاً ينام
ترددك الرمال وهجاً ليلياً
فأرى أصابعك وأشجار مدينتي رقصة الافتتاح
كارين
افتحي الأبواب
واذهبي دمي
خذيني إلى المساحة العذراء لأصلي وحدتي
افتحي الأبواب
وانهضي شذىً
أيتها المعلنة على أجنحة القصائد
كارين
تتأوهك السماء
تغرقك الشمس
تشتكيك لأصدافك
أيتها المشاغبة على شاطئ الحقيقة
كارين
أسدلي الستائر
رتبي منزلك الجديد
املئي القنديل بأحقادي
وأشعليه دعوة لألف ضيف
وقدميني للدهشة
ثم اضحكي أشجار اللوز
الأشجار التي تعودت خيانة سرك زهراً في الربيع
اضحكي أشجار الكرز حديقةً لألف عصفور
وابتهجي بالمعركة الصغيرة بين العصافير والرجال
اضحكي سماءً خالية لأولا د من هواء
هل يغويهم الدرب الخارج من القلب للتسكع في جسدي ؟
لا أعرف !
أنا لا أعرف سوى كارين
أناديك
كارين
كارين
لمَ تعذبين روحي بمحبة تصلبني على المحبة
كارين من أنت فيّ
يتثاءب السؤال
تحترق الكلمات
من أنت فيّ
يا سؤال جميع الأجوبة الآتية
فلي أن أتعلمك فردوسا آخر
وأن أحياك زمناً ينبجس من القلب
كارين
يا انفجاراً من العشب
يا وردة تنتهي قبل أن تنزف طفولتها قبلة على شفتين
تنتهي الاتجاهات قطرات من دمي
ينتهي الفجر حديقة
تتعاقب الأصوات
أخبرك إن الألم هجر
ودمي يركض من الجدار إلى الجدار
والبداية ترتمي
كارين
أعرف أن كارين كارين
وأن كارين قمر
وأن كارين بيدها ترفع قلبي
كارين
أعرف أن دمي رحيق
وأن طعم روحي طيبة.

***

نضال بشارة

صدر له :
صباحات متأخرة 1997

كحاءٍ تحنو على نفسها

يُحكى أنّ امرأةً
اشتعلتْ ورقاءُ أشواقها،
بعد ليلٍ أُسرِجَ للصمتِ.
غافلتْ الوقت الجارح،
صوبَ صندوق الأمس:
مريلةُ مدرستها جفّ نداها،
منذُ ترابٍ وأكثر.
نجمة صباها تلميذةٌ كسولةٌ،
لم تنهض من سريرها.
فسارتْ إلى الموج فتوتها وفتنتها،
داعبتهُ.. أنصتَتْ،
قال لها: أنا أكثر بكاءً...
السماء السمحاء تساءلت:
هل البكاء مطر الروح؟.
وبقلب يشبه ضحك الأطفال،
فتحتْ كتاب الناّي:
على ضُحى شجوني
سنابل من قمح محبتي،
فردْتهُ
بانتظار حمامٍ قادم،
من ظلال ألعاب حفيدتي
شمس تسربلت بأقصى الكهف،
مُذْ نأت عني حديقةُ العائلة،
والعطرُ غيّر مسارَ وردْه،
ولم تعدْ عناقاتٌ كالسروِ، ممكنةً.
ولا احتشاد العصافير في قبلة المساء.
فإلى أين ستمضي روحي؟
إذ كلّما أقمت صلاة الوئام
احترقت سجادتي!
وغدوت بُزقاً مكسور الزند
أرمل الأوتار.
كأنّ لا نهرَ يتقن رجائي.
وكأني مذ كان الصبر أخضر
أحاول ترتيب صباحي
كشجرة ميلادٍ .

***

هالا محمد

هالا محمدصدر لها :
ليس للروح ذاكرة 1994
على ذلك البياض الخافت 1998
قليل من الحياة 2001
هذا الخوف 2004

مجتمع في المنفى

في الشارع ِ
إلى الأمام سِرْ!
أو إلى الوراءْ!
كما تشاءْ...
لكنْ...
لا تلتفتْ!.
في الشارع ِ
ذاتَ اليمين ِ
وذاتَ اليسار ِ
على هواكَ
...
لا تتجهْ!.
أخفضْ رَأسكَ إلى الإسفلتْ
أخفِضْهُ أيضاً
أخفِضْهُ...
لا تخفْ!
عيناً بعين ٍ مع الإسفلت
هذا أنتْ.

***

الجدران ُ
التي تقسّمُ الحياةَ إلى
ملاجئ
وسجون ٍ
بيوت ٍ
غرفْ
حدائقَ
مقابرَ
ومستشفياتْ
ملاعبَ
ملاهٍ
مطاعمَ
مقاهٍ
...
يحاذيها الفقيرُ
كأنهُ السّهمُ...
بهِ
يرسمُ الشارعْ.

***

الستارة ُ
لا تعرفْ
كم تحتاجُها العينْ
تحتمي بها
منَ الشارع ْ.
الستارة ُ
لا تعرفْ
كم يحتاجُها الشارعْ
ليحلمْ.

***

على الرصيفِ
وأنا
في منتصفِ الطريق ِ
أراني!...
فأركضُ.
وأنا على الرصيفْ
لا أستطيعُ الحراكْ.

***

هذا الخوفُ
الماضي...
صارَ منَ الماضي.
مجرّدَ ماض ٍ
بعيد ٍ في نفسي
كأنين ٍخافت ٍ في مأتم ٍ
في بيتٍ
مجاورْ.
رَطب ٍ
كجسدٍ
في مقبرةْ.
قريب ٍ من جلدي
كالَنفَسْ.
أراقبهُ
أراهُ يَراني
أحاولُ إرضاءهُ أباً ليْ.
أسعى إلى ابتسامتهِ
بحكمِ ِ خبرته ِ
وقسوتهِ
أدعوهُ إلى دخول ِ بيتي
وبيوت ِ أصحابي أمامي
أصمتُ طيلةَ الوقتِ
احترازاً من َ الخطأ
ومنَ الصوابْ!.
أنحشرُ على كرسيّ طاولةِ الطعامِ ِ
أصغرُ...
أصيرُ كمشة َ الأرزّ الأبيض ِ
على حافة ِ الصحن ِ الأبيض ِ
مفسحة ً لهُ فسحتي.
مذ صرختي الأولى
أسكتني
على ثدي أمي.
دربني على النطقِ والمشي
والخشية.
أشعرُ
بأمان ِ رفقته.
بلا غربة ْ
ومفاتيحي لهُ
نقودي
وأولادي
وأسراري.
أساورهُ في معصميَّ
تخشخشُ في حشيشةِ قلبي
أنا السجين الطليقُ
الحرُّ... العبدُ
ال... ما الفرق!؟
أطفو بلا خشبة!.

***

مفتاحُ البيت ِ
تبحثُ عنه ُ الأصابعُ المرتجفة ُ
في الجيوب.
وحينَ تلامسهُ فقطْ
تتأكد ْ
أنَّ المسافة بينَ البيتِ والسجن ِ
هيَ هذا الأمانُ الهشُّ
الذي
كلَّ يوم... كلَّ يوم ٍ
يخشخشُ في جيوبنا
كاحتمال ِ جرس ٍ
َيشي
بانقضاءِ وقتِ التنفسْ!! .

***

أنتَ بعيدٌ
ونحنُ
منصوبونَ هنا
دورنا:
نشيدٌ
وسارياتُ علمْ.
الغربة ُ
يا بنيّ
تحمي...
حبَّ الوطنْ.

***

في الوقتِ المناسب ِ
عندَ فكرة ِ النافذة ْ
التقينا.
المكانُ يا حبيبي ْ
مجرّدُ جَسَد...
تَََصوّرْ!!
قابلٌ للفناءْ .

***

هنادي زرقة

هنادي زرقةصدر لها :
على غفلةٍ من يديك 2002

قصائد

1

أَنا في البيت
إذن أَنتِ في البيت
تَتصلين بالجَميع
تَتركين لهم رسائل
( أَنا في البيت
عندما تَعودون اتصلوا )
/
تَلتقيهم بعدَ أيام
صُدفةً في الشارع
مسرعين
يعتذرون منك
لم يتصلوا
لا يستطيعون الوقوف أكثر
لضيق الوقت
/
أَرهقتِهم
عودي إلى البيت .

2

سَيُحِبُّها إذا لم تأت

سمراءٌ بفمٍ كبير
قد يُحِبَّها أَحدٌ
إذا أَتَت
وفي الموعد المُحدَّد
دائماً
/
لَم يُحِبِّها أَحد
/
أطيلي الوقوف أَمام المرآة
ضَعي قليلاً من مساحيق التَّجميل
سينتظرونك إذا تأخرت
وسوف يحبَّك أحدُهم
إذا
لم تأتي .

3

الصُّورةُ الأُخرى
أيُّ حَظٍّ عاثر
يترصَّدُها
إن لم يكن بوسعها
حتَّى أَن تطلق
يديها في الهواء
باتجاهه
/
الله الذي زادت حيرته
حين خلقها
كصورةٍ عنه
لا يعرفها .

4

أَسبرين للأَزهار
الأَخت الصَّغيرة
تَكتفي بقبلةٍ على الخَد
وتغادر
/
لَدَيَّ من الأزرق
ما يكفي لنهارٍ لا يَنتهي
ومن العصافير
مايكفي لسماءٍ أُخرى
أُحاولُ الكفَّ عن قضم أظافري
كلَّما عُدتُ إلى البيت
مُتأخِّرة
/
ليس لديها من الأَسبرين
مايكفي لتسكين
وجع رأس
أَزهارها.

5

أمنيةٌ مَكسورَة
لم تكُن غريباً عنَّي كفاية
لتكتشف
أَنَّ لي عَينين جََميلتين
/
لم تكن غريباً كفاية
لتقولَ لي
أن مايعوزكَ هو بقائي
/
الصُّدفة أم الخيبة
ما جعل قلمكَ يَنكسر
قبل أَن تَكتب
ما تتمناهُ
لي .

***

وائل شعبو

قصائد

نسمِّي رغوة الكلام بيننا
تعرَّفنا إلى رامبو ونسيناه
تذكرين؟
على طريق قُبلتنا المترددة
تحت أورفة الكينا الباردة
كنا نشتهي حوافر ريح المتنبي
لنقفز فوق نهر الجرائد
الجاري في أيامنا
تتذكرين كيف نسيناه، الصبيَّ المشنوق بصرخته
تتذكرين زهرته؟
عند قُبلتنا المترددة
بين أفخاخ عيون الجماهير
كنَّا نسمِّي رغوة الكلام بيننا
على نداوة جناح الفراشة
وتثاؤب الشعاع
من لَمْلَمَة الظلمة السادرة
في اختلاط أصابعنا بوجهينا
ترتسم عليها
زهرةُ الصبي
الذابلة في صرخته.

*

شعر... يا لضجر الموت
للطَّير مطاردة المعنى
من معنى إلى معنى
أو كما تسأله الغصون:
لماذا تعارك أفكارك؟
مزخرِفًا احتراقاتِها
على طمأنينة الماء
تكشف عناصر الثدي الأول
تشعل ريحًا من طلع قوس قزح
تتوهِّج في عقل هرمس
يهجِّي أحجياته.

***

وفائي ليلا

صدر له :
متوقفاً عن الضحك 1997
مغسولاً بمطر خفيف 2003

نصان

1

أرتشف إبطي وحيداً
أعانق حنجرتي
تتدحرج عليها شفاه الأصابع
لعنقي انتظار الذبح
هكذا أجلس داخل نفسي
منطوياً كجنين متعب
أرك " الدوش "
يرسل دمعه
على جسدي
أتابع خيوط الزجاج المشعور
وجهي وحلمه الهرم
عارياً
أقفلت كل الأبواب
خيّطت النوافذ جيداً
حضنت مواسير الماء
منتبهاً بأذني قط
لأقدامٍ تستبق طوفاني
و تنجح

2

أكون إذاً الرجل
أعرف كيف أجمع الارتجاف
في كف النشوة
كيف أطفئ توثب الحلمة
في أسنان الدغدغة
أنا الرجل
أمرر على ولعِ الاشتعال
أصابع تحترف أدغالي
واهباً تمددي المسترسل
على مخدة اللمس
أترك أزراري للعابرين
و لمجمل قاطفي جمري الأشقر
جداول عروقي النافرة
بياض انحنائي المشع
أنا الرجل
و أهب عهري للجميع
دون ترفعٍ
و لا أسف .

***

ياسر الأطرش

صدر له :
بين السر وما يخفى 2000

رائحة الشمال

الليل يشرب حزنهُ حتى السماءْ..
هوذا يُعلّق مرةً أخرى يديهِ
على مرايا يابسه..
من أين يدخلُ آخر الصبرِ المُذلِّ
وكيف يرجعُ
-بعد بردٍ-
في البكاءْ؟..
مازال بين قصيدتينِ ووعد نافذةٍ
ينامْ..
الخاطرُ السلبيُّ
يوقظ نصف شهوتهِ
وكلَّ حنينهِ
فينزُّ من دمه عَسَلْ..
والصمتُ يسرق وجهها
من آخر الدنيا
فيدخلُ عشبها البريَّ
وحشياً
ويشرقُ مثل عادته
مع الفوضى
ليمنح للتلاميذ الغناءَ
وللشوارع حزنها
للوقتِ أرجلَهُ.. وللموتِ المخالبَ
يمنح الأشياء وجهتها
ويرجعُ تائهاً في وجهة الأشياءِ
لا بحراً
ولكنْ عاشقاً
صلبوا حبيبتهُ على كتفيه، وارتدُّوا
فأمطرْ..
الليل يبصقُ حزنهُ
مَنْ يعبرُ الوقت الفقير بخصر سيدةٍ
مُقاتلْ!..
هو لاينام على غيابٍ
لايُبدِّلُ بالحساء المرِّ
قهوته الأصيلة..
البردُ
حتماً سوف يقتلهُ،
ورائحةُ الشمالْ
تلك التي علقتْ بمعطفه المؤرّخِ
يوم كفّيها.. وقُبلتها.. وليلْ
من سوف يتعب أولاً
الانتظار.. أم المراكبُ؟!
قال لي وجهي.. سأُكسرُ
فانْتَحِرْ..
-قمرٌ بزاويةٍ يموتْ
والمشهد الآن الصعودُ إلى رباباتٍ وخيلْ..
البرد يقتلهُ
وأيضاً
لايحبُّ الشايَ
والدفءَ الدخيلَ
ولا النخيلَ ال مابه طعمُ البيوتْ
هو لاينام على غيابٍ
لا يبدّلُ وجهها بالماءِ
يطلق باتجاه البرِّ معطفهُ
وَ...
تُكسرُ -قبل أن تُنهي حكايتها-
وتهمسُ
يابنيَّ.. البرد تنّينٌ.. ووالدكمْ فقيرْ

***

ياسر اسكيف

صدر له :
خطوة ويضيق الفضاء 1991
حجر يستند إلى بنفسجة 2002

أحوال جسد

1

جسدي ضاقَ بالممكنات.

2

شتتني الوردُ بينَ الحكايات.

3

أضاعتني سموتُ الماءْ.

4

تحت قبعةِ الحكمةِ الميتونَ،
يدغدغهم قاتلٌ بالخلاصِ
وفي جسدي يُبعثون.

5

سُلَّمٌ، سرُّهُ شاهقٌ، يمتطي شهوةَ الصاعدينَ إلى كوكبٍ
من رماد:
حكمةُ الطاغية.

6

رمَّمَ العيدَ بالماءِ،
بالغبشِ الليلكي لأسئلةِ الراقصينَ
وتوجَ أعراسهُ بالبخارِ،
تمددَ في رغبةِ الوردِ،
واختصرَ الاشتعالَ،
دمي.
ضاقَ بالجسدِ المستتبِ
وهددني بالحبور.

7

باردٌ يبذرُ الارتجالَ
ويحتضنُ الأمهاتِ،
رخام يزيّنُ أروقةَ المفرداتِ
ويبغي الجحيم.

8

جسدي ضاقَ بالممكناتِ
بأوجاعهِ في الظهورِ
بأسوارِه
ماؤُهُ
الأسئلة
جسدي
هالكٌ زلزلهْ.

9

أضاءتني الرغبةُ بالسرِّ
لأشقى من رعشاتِ الطينِ
وأُخمِدَ أنفاسَ الجمرِ
بأرديةِ اللين.

10

جسدي يتآكل في الضيقِ
ولا ألمحُ
نافذةً
تتعرى.