باسم المرعبي

قمر الشاعر

إلى يوسف الخال

قمر الشاعر حبر والسماوات يداه
دمه الغيمة والأفق صداه
يثب البحر في زرقته
لكأن البحر رهن بخطاه
فيشاء الموج إن شاءت رؤاه
وله الساحل والزرقة
والزورق تاريخ مداه
يصل الراية بالريح
وبالأفق هواه

*

شاعر مسكنه ضوء
وأقمار شذاه !

***

باسم فرات

قصيدتان

1- عبرت الحدود مصادفة

الحروب التي كنت خاسرها الوحيد-
علّقتها على مضض
ومضيت أبحث عني
أغتسل بعسل
والخراب يصهل في كتفي
رائحة الشظايا
غثيان يستطيل
أجرّ هزائم متكررة
أصفّها على الطاولة
كي لا تجرح الأوسمة
أعلّق عمري على رصاصة
تدلّت من سماء بعيدة
أصابعي بقايا مدن غابرة
وختم الموتى خطواتي
إنتظريني أيتها الشمس
لأنتشل صباحاتي من رصيف
ليس فيه سوى جثتي وبقايا
جماجم أكلتها الغربة
لا ترحلي بعيداً
لألمّ شظاياي
من حفرة في الغيوم
وأوزّع سنواتي على الصحف
سنواتي على الصحف
سنواتي المجففة كالزبيب
رمادها - هذه الحروب- أغلق روحي
وجفّف زيت طفولتي عند الباب
الأبواب أطلقتني
ولسعت صباحي
البلاد فرّت من أصابعي
عبرتُ الحدود مصادفة
أوسمتي علامات استفهام
كانت المسافات تصهل
بردها يجثو فوق أعمارنا
يقتّت أيامنا
وغباري يفترش الشبابيك والأسئلة
لكنه لا يدنو من قامتي
منذ نزهة الحرب الأولى
أعني حماقة الجنرال
دخلت المدينة
مثل كلب
تعوي بوجهه البيوت
أمي ترمم النجوم التي اختلطت بشعرها
وتشرب شاياً تذيب فيه أحزانها
الطرقات تسيل على قدمي
والأشجار
تتدلى ثمارها على الأفق
الأفق وهم لوقف العين-
من يمسك بظله ؟
أخطاؤنا وطن يتكيْ على حربه
وأحلامنا تنمو على الشرفات !

2- أضيق بالبحر فتسقط نجمة أخرى

يا له من جنون يختزل القصيدة
أعني أنت
يداي تفعلان كل شيء بحرية مطلقة
عيناي تسهبان
وعلى شفتي انكسارات،
أمجاد حروب لغيري
لا أدنو، لكن قلبي يجف
السرفات سحقت ذاكرتي
والزنازين جعلتني قميصاً مهترئاً،
على كتفي تسيل المنافي
في سلّة الألم تنكسر شموسي
وصهيلي يسيل هو الآخر قبل أن يصل
أنا باسم محمد..
المخافر موشومة على جلدي
وأمي لم تلتفت للشظايا حين مشطت
صباي
فأهالت الشمع والآس فوق صباحي
بعباءتها التي تشبه أيامي تماماً.

***

باقر صاحب

رصيف الاعتراف

كان عليّ أن أدرك
قبل رفادة الأيام
أن أخاديدي ليست عميقة
بما فيه الكفاية
كي يضمد معطف الشعر الأبيض
جراح الرصيف
كان عليّ أن أدرك
أن جراحنا تلبّدت
وتبلّدت
حدّ أن خارقيتي
المدبّبة بالكلمات
لم تستطع نشر ديوان الغسيل
كان عليّ أن أدرك
أن غسيلي
لن يدير شمساً أقلّ
في مدار هذا السخام
كان على السخام
أن يدرك
أنني بذرة من عناد
موغل
في بحر العجاف
كان عليّ …
ستحفر إدراكاتنا متوالية النفّق
حتى ديوان الغسيل
ولم تتّضح
أو تغتمض بعد
أيّـامنا الشعرية
التي تعامد
جراح الرصيف !

***

برهان البرزنجي

سرْ يا وطني.. انهم ميتون!
"من الشعر الكردي المعاصر"

(1)

سيذهبون مع الريح..
لأن ثقل دباباتهم والطيران،
صارت..
ما دون أوزان الضمير…!!!

(2)

سرْ يا وطني..
انهم ميتون!
فأرواحنا ما زالت أسراب أبابيل،
تذكرهم بعام الفيل…!!

(3)

من جديد..
يتكئ الليل على الوسادة،
أظنّ..
أنه لا ينوي الرحيل..!!

***

بلقيس حميد حسن

أم لأسرار الروح

كم تسكب أمي الماء في الفجر
على عتبة منزلنا
أملاً بالخير
والخير بعيد
.........
تقف أمام الله
منكسرة
مثل مناديل وداع.
يا أبعد بركان في الأرض
تفجّر حزناً،
أمي أوفت كل نذور المحتجبين
المعروفين وغير المعروفين
باعت أثمن أشياء العمر
والخير بعيد.
يا حرّاس الزمن
وأقدس من في الدنيا..
أمي،
زارت كل قبابكمو
التمست منكم
أثراً أثراً
أهدتكم عطر الهند وفارس،
أهدتكم،
شوق السفر الملتاع لقربكمو.
أمي،
رهنت كل سنين العمر
مقابل حلم
تخشى النوم عليه
وتخشاه اليقظة.
ناحت، نادت،
أكلت حفنات من رمل قبوركمو
والخير بعيد.
أمي تودع أسرار الروح
بطيّات حفائركم
وبفسحات نوافذكم
ظمآى تحترق
تريق مياه الوجه أمامكمو.
..............
..............
أمي
لم يبق لها في البحر سفين
لم يبق لها
سوى أصداف التيه
يثنيها التيار
ومسافات ثكلى
وسراب يشمت
وبأمي أقسم،
بنسغ القلب وشكواها
والمحتجب الباقي أبداً،
وبيوم العودة
أعلن ثورات الشكّ
وأستنكر خيركمو.

***

بهنام عطالله

أعلن انغلاق الفخامة في أبراجي

عقول تحمل رائحة الحكمة
ولكي نسافر نحو نهاياتها
تعاكسنا ثم تتلاشى بهشيم الأبخرة

*

أطاوع الضياع في ظل الشموخ
لأنّ أمكنتي مهيبة بالفطنة
وفصول المكائد

*

الطبيعة فائقة التكوين
وهاماتها أناشيد مريبة
تدق مسامير الخديعة بأضلعنا

*

مع أني أوقّت فراغاتي/ خرافاتي
امتداداً للمعنى،
فإن استعاراتي مليئة
بالألقاب الساذجة

*

تضيق خطوط تضاريسي
فوق ظلال الشك وآهات البحر،
وهي تحفل بضجيج العناصر .

*

.. ولأنّ عناصري هائجة
في انغماس الغموض
اقتناص الخمول/ رزم الغبار،
فهي دائماً تثقل فاكهتي
بخطيئة البقاء

*

تتوجس رهبتي،
الغارات المتلذذة
بجسدي المقتول
فوق موائد الخديعة

*

تفلت هيمنتي أشرطة
رتيبة وقت الزوال
وتمحو الخطايا
في آخر المطاف.. بالبياض

*

تفاحاتنا تبحث عن حواء
وسط غابات هواجسنا
فنقضم تطلعاتها البهية

*

حماقاتنا تعسكر..
لكل رزانة عند الدوائر
يستقطر شعوري بألقابه.. يتوثب،
فأعلن.. انغلاق الفخامة في أبراجي !