جلال حسن

صامتاً أهذي بالنسيان

[1]

عام سعيد بالنسيان- بالزمن الذي ألغى الاحتكام بالتذكر يوم جنّ العاشق في وهمه، ولقّنه الغراب كل العذاب أعترف حين ارتكبت تسلّق المسلّة، متذكراً "هابيل" حين قلّب التراب على الجراح، كتمت صراخي في برودة السلاسل وفي طالعي صرخة "قابيل"، فأخفيت في شوارع قلبي، أفراح العيد لزمن آتٍ يؤول الحقيقة في النسيان، وفي النسيان أنمو كعوسجة في درب الفجر0 سيأتي الطوفان في مآتم جديدة، لأني رأيت "انكيدو" يصيد الفراغ ويدافع عن فراشة الروح كي يقول للنادل: مزيداً من الحزن على طاولة الزمن. استويت في دهشتي، أحرقت سفني كأن "نوح" أحرق غرائز الأبوة على أجنحة الحمام وغرق في الحنين.

[2]

عام سعيد يا تفاحة قلبي - أشيّد في درب النمل خرائبي، أبني أطلال "بابل" لنزوحي لديار أجهل مقابرها.. أحيّي قططها الفاتنة… وأشعل بخوري في حدائقها على مذابح صمتي المزمن، صمتي الطويل..
لماذا تشاكسين قداسي وتجعلين صمتي تراتيل الغائب المنسي؟ كنت أهرب منك إليك- والمساءات شاحبة في طريق الحصى الذكريات ثقوب سوداء، جرائم ملونة، بداية للآتي من مشرق الأرض الحظينة، ليس لي سوى النسيان يزحف بجيوشه المهيبة، وفي كفّ "كلكامش" صورة لسيدة الأرض وإكسيرها الذي ذاب في أوهام الخراتيت والديناصورات الرثّة ، إذن سأقبض على نسياني متلبّساً برائحة الهذيان.
--
جلال حسن(1959) من بغداد. من أعماله الشعرية: صفير القصب، زحف الدماء، تيه السرائر.

***

جمال الهاشمي

ظلال المعنى

(1)

ويتمان
ليست لي أغنية
دندنة (التراكي) لغة كل الأنهار
تعالوا حيث
الرقاد في تألق زوايا الكون
يلفنا نقاء البرية
تحرسنا تعويذة (حفيظ).

(2)

ويتمان
نخلة الله
فسيل الدلالة
في ليل التطويق اللغوي
واحتطاب الاستعارة
بين أعشابك ومسطحاتي المائية
تنفجر ألغام الاستفهام
الليل سوف لا ترحم
العين هي المسرح
الحلم دم لا يغمض
من يقتل من !

***

جمال جاسم أمين

1-حرصاً على الشجن

ليأسنا الأخذ بالفطنة
للعزلة كأثمن خسارة..
ولهذا الفقدان الباذخ
سأمنح نفسي
وسأجلس -طويلاً-
بين يدي القصائد..
كأطفال جرحى
لأوان أخير
وسنوات من الدمى
لمستقبل بارع بالوفيات
سأترك هشيم وصايا
وفتيلاً من التدوين..
فهرساً لمقابرنا العائلية
وليطمئن الخراب على ذكراه
والأعداء على شتائمهم
لتطمئن النساء
سأذكركم جميعاً
وسأطعن بالنسيان
حرصاً على الشجن. !

2- لا أحد بانتظار أحد

هذه.. رغوة الأناشيد
أسمال شفاه تتيبس
بثور تلمع.. وعراء يركض خلف عراء..
البيوت - إذا- مكائد
والمظلات.. كلّها كاذبة!

*

وها أنذا..
كلما سنحت فرصة للربيع
تذكرت أني بعيد
ولا شيء عندي
سوى رغبة في الذبول
لا صباح..
كي أطلق العصافير للثرثرة
لا شجرة تتبرج للميلاد
لا شمع…
سيكفي لتسديد نفقات الظلمة
لا شرفة..
لا صوت
ولا أحد بانتظار أحد..!

3- مدن لا أثرية

.. غداًَ
عندما يكفّ جنودك عن الحرب
ويلمّ قضاتك عباءاتهم
ستدركين - تماماً-..
أن بقايا عظامك الباردة
لن تكفي لجلب السواح
وأن المدن..
بلا أحد منا
لن تصبح أثرية..!

***

جمال حافظ واعي

علامة فارقة لمن لا أثر له

(صفقة)

القوسُ ليْ
والسهمُ لكْ
والعمرُ
بينهما الشركْ!!

(الأرملة العذراء)

لا،
لم يكنْ في البيتِ آدمْ
لكنّ حواء استطالتْ
مثل أفعى
أو مثل أرملةٍ
يجللها السوادُ،
بزحمةِ الأجناسِ تسعي!!

(مشردون)

همْ أنكروا التتويجَ
واستفتوا الولايةْ
كانوا عراةً
من تواريخِ الملوكِ
ومزقوا
للحربِ رايةْ
فالجوعُ أقصرُ ركضةٍ
بين النقاطْ
حتى إذا بلغوا الصراطْ
عبروا عليه
ورتقوا
ما لا يخاطْ!!

(احتواء)

الكلُّ في الميزانِ واحد
والكلُّ مشهود عليهْ
بما يقولُ
وما يري
وبهيةِ الموزونِ شاهدْ!!

(آخر ما تبقي)

اليوم هل نعدو معاً؟
يا أيها المأهولُ
بالذكرى
وعراب الشراكْ
اليوم يومك في النزالِ
فلا تخف
دارت عليك ولا سواكْ!!

(وصية بلا موصي)

الوشمُ تاريخُ الجسدْ
سيظلُ يزجزُ
ما تخلي القصد عنه
إلي الأبدْ!!

(إقصاء)

في مدخلِ (اللنكات) في سوق الهرجْ
رفٌّ قديمٌ
تنخر الجرذانُ فيهِ
وتعتليه
وضعوا عليه
نصباً قديماً للضمير
ولأننا نخشى السؤالَ
وغفلةَ الشبهاتِ
واصلنا المسيرْ!!

(تلاقح الأسماء)

سمّي
وسين الشمسِ
أولُ ما يُسمي
سربٌ من الأسماءِ
يغشي القصدُ
إذ يسدي المسمي.
فالأرضُ
مرعي للدسائسْ
والاسم محوٌ
والسموُّ سلالم
والعقل مسٌ
إذ تسيسه المجالسْ
سرْ في السؤالِ
بسطوةٍ
ثم استدر
فلربما ــ يا أيها المنسيُّ ــ
توغل في السرابِ وتستترْ!!

(تصريح)

وقف الخطيب علي المنصةِ
ثم قال:
هذا التجمع أنهك الخطباءَ
إذ تومي الرؤوس
بلا سؤالْ!!

(نزوح)

النهرُ لا يفقد
صوابه
ولأجل ذلك
هرب الصيادَ سراً
في الظلامِ
وسدّ بابه!!

(صورتان لفارس)

الصورة الأولي:
الكلُّ في الميدانِ
يرقبٌ طلعته
ما أن أطل كأن يوم الزلزلة
حل بهذا الحشدِ
وابتدأ الطراد
الفارس المحبوب في المضمارِ
يطوي الأرضَ
يختصر المسافة بين ميدانِ السباقِ
وبين أحلام العبادْ!!

(الصورة الثاني)

قالوا ترجل أيها المنسيُّ
عن فرس السباق
فلقد هرمتَ ودبَّ فيكَ الوهنُ
والمضمار متسعٌ
ومثلك لا يطاقْ!!

(زوائد)

دفنوا الجنازة
ومضوا بلا ذكرى
كأن الميت ماضٍ
في إجازة!!

(فخاخ تأكل نفسها)

تلك الحواجزُ
هذه الأجراسُ
تخفي الموت
والأنساب شائهةٌ
وقد وطأ الغموض مخارجَ الثكناتِ
والسلابُ
تذروها الرياحُ
ولا مُغير
هل جاءكم نبأ الذين تساقطوا
في الفخِّ
قبل الحربِ
قبل تدافعِ الجيشين
واللقيا
وقائدهم أسير
حربٌ معوقة
بلا ساقٍ تسيرْ!!

(مصيدة)

الذئبُ
أسس دارةً
قد قال سادنها المطيع
هيا ادخلوا للشمسِ
للبيتِ الأمينِ
وكلّ أحلامِ الربيع
عامٌ مضي
والأرضُ تهزلُ
والسهولُ بلا قطيعْ!!

***

جمال علي الحلاق

1- قيء

بي رغبة ولا أدري
لا الكلمات، ولا أنا.
عاطلة كانت الأسماء،
والمدن،
والقديسون البررة،
اخترقوني، كسكين.
أجنتي في المتاحف تنمو
وزهوري خارج أغصانها
لم يعد المكان شاسعاً
والأبدية، أقرب من شاهدة
عاطلة عن يدي، هذه الغيوم
وعن رأسي أيضاً.
لا يحق لأحد، ما لا يحق لي.

الرصيف معلق مثلي بدبابيس العائلة
منذ متى ونحن توأمان
أيتها الألغاز؟
لم نعد أبرياء تماماً
في يدنا
آثار الطفولة كلها
تجاعيدنا مدن لم تحتفِ باندهاشاتنا
حروب عقيمة أعمارنا
محبط
كثمرة تسقط
لي شيخوخة المطر
وحدها الكلمات … تتقيّأ !

2- قصيدتان

(1)

يا له من فرح عاصر
نجاح بشفاعة
وركض أسطوري
في فم كبير
كما لو أنني خارج اللعبة كلها.
لماذا تراخينا في دقّ المساء
في رأسك الليّن ؟
سنة أو يزيد عمرك
ونحن أشبار فوق ذلك
أما كنت الآن في منجى من
الصبر العقيم ؟!
المسمار في يدي
ورأسك تحته تماماً
ومن فوقنا يد أختنا المطرقة
من أي حائط خرجت أمي في تلك اللحظة ؟
ولماذا خرجت أصلاً ؟
الغابة فيك أم فيما يأتي ؟
ولماذا نحن أو هم ؟
ها أنت بعد خلاصك العجائبي
تركض بفرح عاصر
إلى حياتك
العاطلة.

(2)

نبرر ما نستطيع
ونعجز عن تبرير تاريخ
يحضر سيرته فينا
ونبارك أيضاً
انها أجمل حتماً
اللحظات التي مررنا بها
في عمر العالم.
انه ينحني
لكننا لا نريد.
انه جاهز لاستقبال رصاصنا
ونصر على تقديم الورد.
أ لهذا نذبل.. ؟
العطر رصاص الورد
الوردة عطرها المهاجر
كما لو أن الورد
يطلق الرصاص على نفسه.
لماذا أشعر بالحزن
وأنا أتحدث عن عائلتي؟
كم أنا هشّ
أمام رغبة في البكاء ؟
هل يمكن عقلنة الألم ؟
لأزهارك هذا السؤال
لكنك بعيدة عن بودلير
وأنا أيضاً
لكل منا منفاه
ولي منافٍ كثيرات
أولها
أنتِ !

***

جنان الموسوي

قصيدتان

1-في مدرسة نفسي

أنا مدرسة نفسي
لأجل دموع الأرملة
اجتباني ربي.. بالكلمات
……
كمعزة بلا قرون !!
علمت نفسي ألا ترتجف
أمام الفك
……
أجمل
أقوى من المطر
ستكون…….
ان كنت حقيقياً.
……..
كمجنون يخشى يديه..
أخافك يا قلمي
…….
ان كان الغيم يحيط برأسك
فأنت
مكلل
بالماضي.

2- للقلوع

أطلقت صبري الجميل
أرتق وعورة الأزمنة
مسيرها أعمى
وبابها السابع !
في ضياع !!
…….
أنفي يختنق وتابوتي لم يزل
عند النجار
…..
بكوب أتدلى
منه نحو السماء
أحلم…….
وبقلم يرنو نحو البياض
تتناسل أفكاري من …
تحت أجنحة البعوض !!

14-7-2001

***

"حرف الحاء"

حاتم حسام الدين

الأسارى

وجهي اليوميّ يستلّ خاه
ها أنا السائح في معنى مسيري
خلف تلّ من بكاء الأنثيات
اللاتي
جئن الآن في أبهى المرايا
كنت أمشي في مساء الظل
أستجدي نهاراً واسعاً
/ كل مسمار يدلّ:
قلبي اليومي طفل
/ كل مسمار ينوح:
إن أشيائي تسبح/
أي روح ترتديني وأنا الواقف في شكل السفوح ؟!
ترتدي آشور صوتي
ويدقّ البدو صمتي في مهامبيش الضيافة
إنها الطعنة تبني في تفاصيلي سراديب المخافة
ها أنا الآن
تذوق النار يومي
ويدسّ الصوت دائي بين طيّـات الرياح
/ يا فطور الصبح في أنثى الصباح/
خالعاً كلي على كلي
أصبّ الناس في قدر البدايات التي مرت
ولم تكتب مواقيت المرايا
هكذا نحن تماماً تحت أنقاض الحكايا:
زقزقات وثغاء
سوف يتلوها الهواء.
من سكون الشيء : حلمي لا تؤديه النهارات
انسكبنا في تفاصيل طوابير الأسارى
وركبنا الموجة
أرتنا عميقاً في سيوف القول
أتخمنا انتصاراً
بادئاً بالشيء يغريني الفراش
سأدس المجد في جيب القماش
مرة أولى
تزف الماء في الأحداق
نعلي كل حلم: موسمي، عربي
خارجي، داخلي/ مستحيل، مستطيل
في الأغاني/ في بزوغ النحل/ في الأوراق/ في الأعذاق
في لغات التلفزة
من ترى يسمع فينا صرخة الخبز وصمت الأجهزة ؟!.

***

حسن الخرساني

قهوة الأرض

حتى أضعك تحت مظلة
القصائد
كان عليَّ أن أختفي عن الذاكرة
وأحتمي بالنور..
ولمرة لا تستحق كآبتي
سرقت البكاء من الأسئلة
لأغزل الحنين
وأسلخ الظلام من أرامل الوطن..
صوتك فضاء لغبار محبتي
تلك التي تستمع إلى الشمس
لتسجل شحوب الفراتين.. وخوف باب..!!
هذه الينابيع استدركت كربلاء
وهي تغصّ بالصواريخ الميتة
مثل عيون -حسين كامل- وقائد الدخان
في هذه اللحظة
كنت أنطّ من النصّ
كي أرمم طفولتي التي تتصدع..
ثمة طائرات تصرخ
لتعلل كراهية الحرب
وهي تغسل النهار بالمبيدات
التي تؤجل لغة الهواء
وتطيح بعناقيد العنب الحار..
انها أصابع الحكاية.. دون مساحيق تترجم
نعومة الورود..
أيها الشرق.. لا عاصم اليوم من السقوط
لا عاصم من الخسارات.. لا عاصم من الرمال
وهي ترقص في أفواه الشياطين لتمجد الدم..
تحت جلود النساء.. تردد الأرض: قهوتي رؤوسكم
أيها العرب
الآن أرفع المطر من النفط..
كي تكون الكراسي أكثر شبحاً
أمام أثداء العربيات..
اللائي تكسّر الصباح في أحلامهن المتقاعدة..!!

***

حسن السلمان

حضرة لا تاريخ لها

(1)

انحرف الطائر بالنبأ
وجثمت السماء
على صدر جريح..
ولم يبقَ من اللائحة
سوى أشلاء عبارات …
لكن
ماذا نفعل للموتى
الذين يشيرون إلى النوارس
والبحر:
حضرة لا تاريخ لها.

(2)

غير مبالٍ
بحشود المياه
وأرتال الريح
مثل قبرٍ..
سأطبق عليك
ولتتصاعد عليك
ولتتصاعد ما تشاء
نبرة العطش..

(3)

نحو أقاصٍ
لم يكتشفها
أوائل الرعاة
سبقتنا حيواتنا
وعادت …
بأساطير …
خالية الوفاض..

(4)

النبيّ يحذر:
لا تمارس الحبّ
بأصابع مبتورة
لا تخلعن على النار
صفات نبوة
لكن العاشقات
يلبين نداء الطبيعة
برحابة صدر …

(5)

لم ينقطع المطر
والقديس - مرتبطاً
ببوصلة القافلة
حائراً
لا يعرف ماذا يصنع..
فكل الغيوم تتشابه
ولا توجد جهة
إليها فقط
تجدر الإشارة

(6)

قبل
أن تخطفك الأضواء
ولا تذكري شيئاً عن لذة الظلام
ارفعي مراياك
واردمي آبارك
ولا تستمعي لمن يدير دفة
الحديث
" وإحدى قدميه قرب قلبه" !

***

حسن النصار

الأرامل.. قيامة ثامنة

حيثما يفشل الليل،
يقف الظلام يقظاً على أقدام الأرامل
هذا ما حدث ببغداد….
وفي عيونهن
عيون الأرامل الحديثات
تنكسر عيني
أيها التبغ…
لماذا تتحول إلى لفافة
وتسقط في فمهن
لتشق بدخانك أخاديد في وجهي
انها شوارع الرصافتين..
أيتها الأرامل..
أعني أرامل الحرب فقط
أكثر النيران قذارة
تلك التي تمتزج بالرغبة
وأكثر الشوارع عرياً
تلك التي خلعت الإسفلت
ولبست الرصاص
هذه البصرة تعانق النخيل
فيسقط الرجال رطباً مراً في فم الأرامل!

***

حسن النواب

هارون الرصيف
إلى جان دمو

غارت حقول القطن
من بياضه
حين مرّ بها صدفة

*

جان دمو
ضمير معلن
تقديره نحن. !

***

حسين علي يونس

قصائد

[1] أتونبشتم

لقد قاتلت المردة حين كنت طفلاً
وسخاً
مغرماً باستخدام السهام والحجارة
حتى أنني كنت أطرب أشدّ الطرب
حين أسمع هؤلاء وهم يصيحون
لقد نزلت علينا السهام كالمطر
وهكذا ترى - أيها القارئ-
أنني كنت مغرماً بهذه الجملة
التي لطاما سمعتها من أقواه أبطال
الروايات الأثيرين لدى (دون كيخوته)
و(جلفر) وعلمّ جرّاً.

[2] قرب ساحة النصر

ما الذي تستطيع أن تفعل بحياتك
أيها الحمار
بمثل هذه السخرية المريرة يجلس
الشاعر متوحداً
محدقاً في الظهيرة وهي تتمخض
غير مستساغ لحياته
التي تتنفس
وتنطفئ في الظلام..!

[3] ……..

الإرادة تتهشم
والحياة الضاربة في القدم تتلكأ
وتندلق في صحتنا
حتى امتداد الثمار ينشب أظافره
في النظرة
متى نعبر الحقائق
ومتى نرثها
على طرف الجمرة المتوهجة
نجلس لنتعفن
وما من عصفور يحسن الغناء
غير بأس ابتسامتك …

[4] إساءات

لأكوننّ مثلهم
قاطعني الأمل
لأكوننّ خارج الزوبعة وداخلها
ولأكوننّ في قلب حزنها تماماً
عاطلاً كمشورة
وحياتي تسيل

*

حياتي التي تغفو أم ظلالها
حياتي التي تتسوّل أم العطب
وقد كسته الأيام
أقطن ليلتك أيتها السنة
وأنصت لحياتي
التي حوّطتها لكنة الأصيل !

***

حسين ناصر

أيها العالم الذهبي…

أيها العالم الذهبي
أيها الدافئ المستطاب
أفقْ، لنقاء الصباحات فيك
السهول تدغدغ غاباتها،
والجبال سحابات ثلج،
والربى مخمل من أريج
أيا غابة من ندى،
بحيراتها،
ناهدات تطوف
بأهدابها غفوة هامسة
وفي شعلة الطين
نور ونار..
أيها الوهج المستديم
لشمسك..
أسرج، خيول الضحى
على وجهها غرّة من رجاء
أيا عالماً مستطاب
بحارك لؤلؤة هائلة!..
وأصدافها,, جفنك المستفيق
وفي سرّها.. تودع الأمنيات…!

 

* * *

"حرف الخاء"

خالد البابلي

تبوغ

أخرج من جيبه الملئ بالتراب
رسم - طفولته
وتاريخ - زواجه
وأعلن أن الحرب هرولة
وأن الرياح..
في قبر الشظية
تنحني !

****

خالد البهرزي

أناشيد القميص

لأنك لم تلبس قميص التواصل
حين اكتشفت التواطؤ، وجلست ترقب من بعيد
ستظل محتفلاً بالعزلة عن ركب المهرجين
لأنك لم تخلع قميص الطفولة يوماً
ستظل تطعم أطفالك، خبز البراءة
وتسقي الصغار مياه التشاكس
وتعلم كيف الجذور تقاوم
لأنك لم تجد في بالات الملابس قميص الإمبراطور
ستظل تحلم أن تصبح إمبراطورا
حتى ليوم واحد
لأنك لم ترتدِ قميص عثمان
ستظل تخشى الفتنة في كل شيء سوى في النساء
يراودك القميص الذي تشتهي
وأنى لك ما وراء القميص يطلّ
لأنك لا تملك قميص يوسف، ستظل أعمى
والطريق التي تسير فيها لا توصلك إلى إيثاكا.
لأنك ما تقمّصت سوى نفسك، سوف تبقى تطاردها
ولن تمسك بها لتعلمها درساً في الاستبطان وفي
التكوين
لأنك ذائد عن جمال الشموخ، وتؤسم للكون روح الإباء
وتمنح للأرض، جهد العطاء، لم تخلع قميص الدم الساخن
وكل احتراق سوى في قميصك أو في الجسد،
تراه انتصاراً وبدء جديداً !

1-1-2002

***

خالد الخزرجي

1-قرص أسبرين

سبّني الصيدلي، وأغلظ في القول،
كنت أقاضيه عن حبّة الأسبرين …
حصّة الشهر كالخبز، نقترض الحنطة الفاسدة
المصحات تكنز قرص الدواء، تخبئ أسنانها
في أنابيب من حجر أو حديد
والطفولة تهرب جائعة من أسرّتها
لخراب جديد..

2- المحل

سنة صدئة
حملت بذرة سيئة
كل ما خلف السيئون لنا
بلد ما حل..
وأب عاجز ..
وفتات من البؤس والأوبئة !

****

خالد جابر يوسف

لثغات

له صحراءه يتقدم في متاهاتها سحلية تذكر بالمتحجرات.
يجرّ خلفه طابوراً من الأزمنة وهو الذي
انتهى في نهار الطعن إلى نتوئه ندبة صباه الخالص.
وكانت فاضحة تشبه انعكاس النهار لحظة القتل.
تقدم ولم يجد ما يعينه على التيه: قبوه ينتهي
إلى مرآة أيامه. وشرخاته مهندسة
كأنما شهوة تقود سبابته إلى الجهة الصادقة،
أو تمنعه من الاحتفاء بتلاشيه، في تلمس
الحياة.

***

خالد خشان

قصائد

1- صبر

بعيداً طارت العافية
في بالون
وتركتني تلميذاً وحيداً
عند أيوب
يعلّمني الصبر
على بساط من مسامير.

2- سمو

أسمو
في ألمي
مثل تمثال مبارك من -أور-
تحسسه أيدي المتضرعين
أسمو
على جسدي المركون في المقهى
وأقابله.

3- تسامح

أنا رجل متسامح جداً
للشوارع التي تسكعت
تحت أقدامي
ولحست حذائي
وأظهرت للناس أصابعي.

4- طفولة

من ثقب
في القلب
تركته لي الحرب
أنصب بؤبؤ العين
وأتركه في حقول روحي
يا لروعة روحي
طفولة..
ب
ع
ي
د
ة
يلفّها قوس قزح
تمازحها الفراشات.

***

خالد شويش

قصائد

تماسيح

التماسيح..
تذرف الدموع
وهي تلعق
دماء..
ضحاياها..

القصاب

من فرط
النشوة
يتحسن شاربه
ودماء..
ذبيحته تحت
قدميه تسيل..
الصخرة

أراد
أن ينحت
الصخرة..
بيتاً له
فنحت قبراً..

الأفق

عندما تودع
الشمس
الأفق
يبكي دماً
على فراقها..!

***

خالد عبد الرضا السعدي

لوحات…قصائد

[1] وطني حزمة ضوء وردية

وطني جذوة نجم
عانق أغصان الحرية

[2] رجل في الستين

وأنثى
في الحادية والعشرين
تهديه جنائن نشوتها
يهديها
قصوراً من طين..!

[3] ساعة غنى البلبل

انفرجت شفتا العذراء
طار البلبل..
طارت كل الأشواق
وظلت تبحث في الأرجاء
عن ريش وفاء….!

[4] من يدري

أني الواقف دهراً
فوق الأسلاك الشائكة ؟!
منتظراً طيف الأوزان
ما زلت بحبك مشنوقاً
أتشهى سوط الأحزان

[5] تاريخ

في 17/آب/1999
قد وقفت ماكنة عقلي
وتبرأ من دمعي أهلي
هاصرت الموال الأكبر
مذ سرقوا حبري و (الدفتر)……..!

[6] ألقيت عصاي الشعرية

فقامت ألسنة النيران
ماذا
سألقي حين أراك..؟
والأشواق خيوط دخان ……..!

[7] موعود

أعرف أن المرفأ شفة
قبلت الجيد المقدود
لكن المجذاف فؤادي
وأمامي بحر وجنود
قد أسقط في أول آه
فأنا والبئر صديقان …!

[8] نفضت الأم مشيمتها

فتغنى الطفل المولود
نامي.. يا أماه.. فأني
حمل مشدود للدود!

****

خالد عبد الزهرة

تدحرج

بطاطا تتدحرج على أرضية صلبة
بطاطا ناضجة، مسلوقة، غير مقشرة
الجدار الملاصق بالأرضية مغطى تماماً
بالطباشير
وعلى القشرة الرقيقة، ارتشت بصمات
ملطخة بالدهن
(أواه) يا لها من آلام
بغتة، ارتطمت الأثداء بالأرضية - مدهش-
صلابة الأرضية لا مست الصدر
في الخارج.. الأشبال تقدموا بهدفين في
الشوط الأول
وعلى سبيل التمهيد، تفقدنا مدقة الجرس
المخفية تحت السرير استعداداً لعيد
الميلاد
الأرائك محشوة بقشّ الأرز
(هدف) طول الليلة الماضية الدجاجات
تنقّ فوق مجثمها
(أنني أعني ما أقول.. أعني تماماً)
على مرقاة السلالم الحجرية
أمهات جنوبيات يشبهن ناقلات نفط
عملاقة
(مهما كلف الأمر)
خلف بالات القشّ تخلت، تماماً عن
شرابات الخصر
بيجامة موسلين مكسوة من الأسفل
بالقطن
لقد حسنوا قماش مكافحة الطمث
(يا إلهي)
الشرشف ملطخ ببقع زيت ثقيلة
(سأقفز من النافذة)
مدهش الرأس ملقى جنب بطاطا،
متدحرجة
بطاطا مرّة، هادئة، متزنة رافضة
عالمها الثالث !

***

خالد كاكي

من مفكرة جلجامش
أو (سُرَّ من لم يَرَ)

ضريرة وأبنها….
يعدّان قهوة البكاء…

*

سياسي وفاجرة…
وصرير موزون…

*

كعكة بالفراولة
على امتداد شارع الملك غازي…

*

قوات الأمن
تمشط الفرات …
بحثاً عن إبل عثمان بن عفان …

*

"أبو نواس" يرمي السكارى في دجلة …
ويهدي خمرية لوزارة التخطيط …

*

سرب من الحفاة …
يلاحقون فراشة كهربائية …

*

يدخل اللصوص …
يخرج رب البيت بلا صخب…

*

تغرق السفينة …
فلا ينجو حتى الغرقى …

*

حزب العمال.. وحزب أرباب العمل..
يتبارون على كأس المملكة …

*

"عباءة" نوري السعيد …
تحت مطرقة مزاد "كريستي"…

*

مطر في غرف النوم …
والشعب في العراء …

*

أختام اسطوانية في "سوق مريدي" ….
ومسلّة من التمر في " الناصرية"…

*
سيارة "خمبابا" …
تدهس "خارجيا" بلا قصد…

*

مكافأة قدرها سبع إنجات
لمن يبصق بعيداً عن شاشة التلفاز…

*

صلاة " الحاضر جداً"…
على روح السيد "الخضر" ….

*

منجنيق " الحجاج"
هدية للمتحف العسكري ..
و "بدلته الصيفية الوحيدة"…
لـ"عبد المحسن السعدون"..

*

هجوم بالقاذفات على موكب "عمر بن سعد"..
وحل البرلمان حتى إشعار آخر…

*

ذئاب " مستنسخة في "زاخو"…
و"كاتيوشا" من صنع محلي في " التنومة"…

*

"سرّ من لم يَرَ "…
سُـرَّ من لم يسمع…
سرَّ من لم يكن …

*

" أكد" يا أرض الخوف..
هل نام " سرجون" إلى الأبد..؟
هل دفنت خطاياك..؟

*

سلحفاة ساسانية…
تخفي بيوضها في طين دجلة…

*

كلما بعثوا مروحية إلى "الكوفة"…
عادت حمامة تذرق في صحن " المعظم"…

*

كلاب "صفوان"
تعرب عن امتنانها لـ" شزارزكوف"
على "مائدته السماوية"….

*

من يصيد لنا "بنّـية"..
وشباك " السمّـاكة" أثقلتها ملفات " الدمار الشامل"..؟

*
" إحنه مشينة للحرب"…
وتركنا في المهد فاجعة نيّئة …

*

جلالة الفيل في متاهة..
وأمعاء الشعب
توزع طبعة "ثامنة" من سمفونية الجوع…

*

عند باب "الحلاج"
تزهر أشجار اللوز…
ويترك الدراويش
" طريقاتهم" التي لا تؤدي …

*

ينتفض الرعيّة…
فتمتلئ السجون كالأواني المستطرقة

*

يتدفق الغزاة إليك
"فرساً" ز " فرثين"…
و كأن أسنان التاريخ اللبنية
تسقط تواً …

*

استيقظ الشعب - الذي كان يقظاً-
على قيامة ملونة ..
صوت " المنصور"
كان يأتي من بئر "عباسي" جداً..

*

رصاص في الحرب، في العرس، في المأتم..
مناخنا الـ"رصاصي" ..
استوائي على مدار السنة..

آب1997 مدريد

***

خيري عباس دوايه

قصيدتان

ذكرى

على ضوء مصباح نفطي..
………. وحيداً
أتأمل زجاجتي الفارغة
بينا الموقد يزداد، … رماداً
والبرد قساوة
متذكرا حرباً انطفأت
انسللت منها … ذبالة.. / .. تركتني.. دون
وسام…
دون نياشين ….
إلا من ساق خشبية …!
أطعمها الموقد .. بسخاء.
لتطعمني .. الدفء
وتطرد عن ليلي الوحشة..

أمنية

أن تمنحني نظرة ودّ
أن تصفح عن أخطائي المائة
أن تنسى أني شرقي
وأني سوف أصادق حسن النواب
أن تسمح في عزلة بلقاء
وتنسى قهوتي البيضاء
أمنحك العمر وأمنح ذياك الحقل
ثلاثة عيدان قرنفل
وثلاثة أزهار بسخاء. !