ألان بوسكيه
(فرنسا)

ترجمة علي بدر

أنا أحب

علينا أن نحب.. إذن أنا أحب
القباقب في فجر عطور المخمل
علينا أن نحب.. اذن أنا أحب كل ما هو
غير محسوس، وكل طارئ، دون إغاثة
من العقل
علينا أن نحب، إذن أنا أحب كل ما لا ينوجد
الجزيرة الراقصة والصخور التي نبذرها
مع الأمل بحصاد رقيقة
ينبغي أن نحب دائما، أنا أفهم ذلك
النجم العابس، النار، القش، وألوان
الشهب، وغضب السيل الجارف
علينا أن نحب، إذن أنا أحب
العربات الذهبية والتي لا تذهب إلي أي مكان
العقل والفضيلة أنا احتفل بأعراسكما
الندي، الشكل الفني هذه الحكمة التي تبدو محبوبة
في حبي العالمي
المحيط الذي يجري علي أن أكون من رمل
حلما، أصبح ملحا
عليّ إذن، هذا هو القانون
أن أفصح عن قلبي العجوز
ولأنه لم يكن بعرف إن كان الحب جريمة أم لا
فقد كان يرتجف خوفا منه.

***

ربيع

هذه نهاية الشتاء، القصائد تزهر
وتصبح براعمها ثقيلة
يصبح قلبي أكثر بساطة
سأسدي له خدمة بالتحدث عن الحب
كما لو كان موجودا معه
نهر يستعيد شكله العادي
أضع أسراري في الهضبة المألوفة وأقول للحصان بأنه سيجد في أنيتي
عشبا ضبا ومكانا يقفز عليه
كل جملة تشبه الحديقة التي عرفتها
عليّ أن أشارك في الفصل الجميل
باذلاً كل جهد
تسهم هذه الصفحة بسعادتها
بموسيقاها السامية
أريد دون مواربة أن أبقي
علي سطحي مثل لازورد يحطّ علي قش السقوف
كلمة عزيزة تحضنني وتظنني ساكنا
جسدي مجهول وروحي عادية في
أول أبريل
لا تتوجعي أيتها لقصيدة
وأثملي الأرض
بهذه الهدية الحاذقة
النسيان
نسيت جلدي، نسيت جسدي
نسيت هيكلي الذي ينحني
نسيت القرن والديكور
والصحيفة الرمادية والليالي البيض
نسيت الحق والواجب
والفرد والجمهورية
نسيت الشارع والصاخبة
ومكيدة الموسيقي
نسيت الخبر، نسيت الحب
نسيت أختي، والزوجة السعيدة
والطريق إلي الغابة
نسيت بأن كبريائي يأكلني
وإن عطشي قد توقف أمام النافورة المجنونة
التي تطيع كلامي
نسيت بأني
نسيت بأني لم أكن بمستوي مأزقي
ولا أحفظ أمام العيون
ولا أمام العدم إلا هذه القصيدة
هذا المطلق
والصرخة أمام الفضاء.

***

المصابيح

مصباحي، أيها المصباح، أيها اللعبة القاتلة
أتريد أن تصبح رمزا
لقد ضعت ملء حيواني الذي ينشد ويحلق
طبقا إلي قوانين المجهول التي حررتها
واخترعتها
مصباحي، أيها المصباح، أيها المرفق العاري
للأرخبيل
أيتها الحياة الشاردة
أنت لا تسلي نفسك هذا المساء
ثمة مذنب، وطلمسان هذا الأحد
أيمكنه أن يخرّ علي قدمي؟
إن أنت انحنيت
مصباحي أيها المصباح
أنت مثل زهرة راجفة من البرد
علي طبيعتها وعلي لغزها
بشيء من الليل والفوضى سأضيئك

***

الأحذية

علي دروب الحمي تتعقبين
الأميرات المنفيات علي الضفاف
حيث الكل أهم
بائع الأشياء الفانية للروح
في عمق أية مذبحة، تدفعين اللص؟
الشمس مرتزقة
تتعلم المشي في البركان الكسول
كل الأرض تخضع لعضتها
تعالوا.. لننام، دون بكاء علي
جوادها المتحمس
تتعرق تركض وتخب بحثا عن أزواجها
الكهول النزفين
والأرصفة تلتف علي نفسها
نهين أنفسنا
في عينيك اليتيمتين أفعى تتلوى
لقد حسمت أمرها لقد غادرت، يا لها من سلاح هذه
الأحذية التي تسحقنا
مثل سفرة مجنزرة

***

الشلالات

(إلى جورج ماثيو)

في الليل، سرق الشلال
مدينتنا، خطف هضبتنا
وباع دون ندم أطفالنا بالعشرات
في الصباح، اقتلع الشلال أذرعنا
أغرق أفكارنا
بعد ذلك رمي فعلنا للقطط
مثل عظمة من نجوم جريحة
في الظهيرة جاء الشلال بالأفق
وثلاثة بلدان ومائة ضيعة
مطروقة وقطعانا من
المجذومين الذين نسامحهم
دون حب
في هذه اللحظة أجبرنا الشلال
أن نعانق كل أحلامنا الخاوية
وجوهنا الضائعة جذوعنا
نسياننا
وكل كلمة منتحرة

***

ولد (ألان بوسيكه) في مدينة أودنيسا في العام 1919، كان والده شاعرا ومترجما وكانت والدته عازفة كمان.
هاجرت عائلته إلي بلجيكا في العام 1925 فدرس الفلسفة في جامعة بروكسل، وفي العام 1938 أصدر مع (جوزيه أندريه لآكور) صحيفة (Pylone).
في العام 1940 استدعي للخدمة العسكرية وشارك في حملة عسكرية مع الجيش البلجيكي أثناء الحرب العالمية الثانية وبعد ذلك تحول إلي الجيش الفرنسي، وقد بقي في فرنسا حتي بعد الهدنة حيث كان يقطن في مدينة مونبلييه.
تعرف علي أكثر أدباء العالم شهرة، (موريس ماترلتك) و(جول رومان) و(توماس مان) و(مارك شاغال) ثم أصبح صديقا حميما لأندريه بريتون. رحل إلي الأرجنتين وتكساس وكاليفورنيا وإيرلندا، والنورماندي، ثم هاجر إلي برلين حيث نشر أول دواوينه الشعرية من دار نشر كورا وهو (الحياة شيء خفي)، وفي العام 1947 أسس في برلين صحيفة باللغة الألمانية وهي (Dast lot) واستمرت في الظهور حتي العام 1952 قال عنها الشاعر الألماني (جوتفردين) بأن تأثيرها حاسم في تجديد الفكر الشعري في الحقبة التي أعقبت الحرب مباشرة.
في العام 1951 استقر نهائيا في باريس واصبح أستاذا في جامعة ألسوربون ثم عمل في مجلة (كومبا) وحرر في مجلة (اللومون) و(الآداب الجديدة) وفي (أل فيغاروا) وفي صحيفة (الكونديان دو باري).

من إصداراته الشعرية:ـ
(لحياة هي شيء خفي) في العام 1947، و(العهد الأول) في العام 1957، وقد حاز به علي جائزة سان بيف، (العهد الثاني)1959، حاز علي جائزة ماكس جاكوب، (السيد شيء) في العام 1962، ثم أصدر (أربعة عهود وقصائد أخري) في العام 1967 وحاز به علي جائزة الأكاديمية الفرنسية، أصدر (ملاحظات عن العزلة) في العام 1970 (ملاحظات عن الحب) في العام 1972 (كتاب الشك والأناقة) 1975، (سونيتات نهاية القرن) في العام 1980 (يوم بعد الحياة) في العام 1984 (عذاب الله) في العام 1987.

من إصداراته الروائية
(الخسوف العظيم) في العام 1952 /(نيابة عن الآخر) في العام 1985، (الحياة قاسية) في العام 1984، (لا حرب لا سلم) في العام 1985، (خلود بسيط) 1986، (الأم الروسية)1987.

المصدر ألف ياء