أحمد الملا
المملكة العربية السعودية

حجر يرتشف الغيم

أحمد الملالو أكتب أياما حلمتُ بشموسها ستأتي، لرسمت مدنا
مضاءة بخطاك. كم سكنت نوافذها رغباتي ولاح
طينها غائراً في الحنين.
لبحرها هواءٌ خشنٌ يفتُّ عظمة الترقب.
أي منشار هو الموج.. وأي ضفّة روحي؟
أذهب في كل أغنية لأندب. وأين أشرد بظهري من
الذكرى وكل دندنة تنطح رئتيّ حتى آخر زفرة.
كما حجر أيقظته رمانة كتفك لحظة مالت الطريق
_ وما كنت إلاّ اتكاءة ومضيت- طقطق صدر الجدار
بعد نفسي الأعمق من كل ذاكرةٌ وتصببت حلما..
حلما.
صامتا أستحلف الأقدام أن تحيد عن أثرك، علّني
أرتشف الغيم…
ليلتها وأنا حجر بصير….
خرجت صبحا، نافرا من أضلاع الجدار فاستفاق
المارّة وترجّلوا ليروا حجرا دبّ دمٌ في عروقه، كلّما
تنهّد سال إلى التراب.
حيكت أساطير عن أوجاع وظلامات… حكايا عن
جوعى تبّركوا…. وعصاة آمنوا… ولم تأبه
لأوجاعي شمس ولا بحر باح بما رأى.
أغمضت على بكائي، حجر يخبط في دم،
على تمتمات شيوخِ تعد الأيام بأن أتيبس.

"23 يناير 1991"

مدية تلمع بين الأيدي

( 1)

الموت، عريُ في أعين غريبة، تفركُ
أعضاءكَ بالكافور وبالمسك الذي يحثُّ
لدمع.

(2)

بهدوء ينفتحُ البابُ
لتدخلَ لمعةٌ
لم تكن لشمس.
ها هي مديةٌ
أنجزت حُلُمي
وخرجت معتمةً
بالدم.

( 3)

الأصدقاء. هم الذين يمرون خافضي
الأصوات. لئلا أربكَ حنينهم. أو أرتكبَ
قلقاً لأرواحهم. كيما يأووا إلى النوم بكمال
الطمأنينة.

ذات الأصدقاء الذين وفّروا لي
الليلَ كي أنشغل بهم. الأصدقاء الذين
صاحبوا فؤادي وآزروا عريَه.
ذاتهم من رفّت أعينهم أواخر الليل حينما
التوت قدمي وحيدا. وهم من هدرت
لوعتهم لحظة تطاير دمي على جدار غرفة
خالية.

ها هم الآن يمرّون خافضي الأصوات
يسترون حفيف الثياب
يقصدون بابا طارفاً
ويقتصدون في وقع نعالهم.

"6 مارس 1993"

ليل

( 1)

تلفَّتَ
إثر انتظار فاته
وفي نفس العربة التي خلت
عاد، يملأ مقعداُ مقابلاُ
بما فاض من ترقّبه
بحنو كَوم على الطاولة ما في جيبه
قيمةً لمقعدين
كي لا يوقظهما الجابي.

( 2)

ساعة خلعتُها من صدر الحائط. قطرةٌ علقت في الهواء
حين حبستُ ماء ينقّط
-استيقظي إذن.
إلاّ أن المطر انهال طرقاً على زجاج النافذة.
انقلبت أنبش شُقوق الليل عما دسّه الأرق.
الغيمة التي تلهثُ على كتف الفراغ، عابسةً أكملت دورتها.
ما أصابني جفاها إلاّ تأسياً بأشباه يتقلّبون ومن الشقوق
تبرق دسائسهم.

( 3)

يشبُّ الليل
فتلوذ بظلك
ما أن تغلق عليه
حتى يرتمي في حضنك
تمسح رقبته
فتكشفُ كدماتٍ وفتوقٍ
تسر له برفقٍِ عن ظلمة يتلهّف أن يقودك فيها
تداريه من جور المصباح، حتى يبرأ.
ومليا تحدقُ في غفوته بحسدٍ يفطّر عينيك.
قبل بزوغ الوظيفة، تنطفئان.
ويمضي كلٌ في خرابه.

( 4)

كيف لا يطيح بي الحنين؟
هل أفقأ النافذة وأمحو الباب
هل أكوّم وسط الغرفة حوائج الذاكرة، أكشط الجدران مما علق،
أنخل الهواء من عطر يقظ. وبلا رأفة أنتقي نارا
وبماذا
بماذا أؤثّث الليلَ
حتى لا يصبح حنيناً

مواليد : 1961 - الأحساء
له: ظل يتقصف
خفيف ومائل كنسيان

عنوانه :
ص. ب : 6226
الدمام 31442
المملكة العربية السعودية
هاتف 15585209

"الإحساء- مارس 1993"
من كتابه: ظل يتقصف