سهام الدهيم

شرنقة كابل حين أنام وكلي شوق لصوتك الذي لا يأتي ,
تصير أذني كأذن نملة في عهد سليمان تسمع كل شيء ..

أسمع صوت الحذاء ينوي الاقتراب من طريقي ,
صوت الشبع لبعوضة تمل أطرافي ,
صوت الملاعق التي تُرتب على طاولات مزركشة في مطعم لا يزوره أحد ,
صوت كيس بلاستيكي لا يملؤه إلاّ الهواء المتخم بعفن النفايات ,
صوت عجلات سيارة ضل صاحبها الطريق وأصبحت تتباطأ ,
صوت أظفر أنيق يخدش سبورة عتيقة ولا ينكسر ,
صوت حقيبة منسية على سير دائري في مطار مزدحم بالمغادرين ,
صوت الضوء للمبة صفراء في غرفة عانس تداعب نهديها وتوجعها لذة وحدتها ,
صوت ألوان قميص مهترئ تذوب في ماء مالح بين يدي مجعدة ,
صوت روج أحمر وحلق أسود وارتباك امرأة في موعدها الأول ,
صوت شهقة رقيقة _هي المسافة مابين حافة طاولة و تشظي كوب قهوة على أرض نظيفة_
صوت فيروز وهي تغني " أديش كان فيه ناس ع المفرق تنطر ناس " ,
صوت سؤال أول بعد تحقق حلم كبير " وماذا بعد ؟!"
صوت أمي اليائس والمختزل في عباراتها " اللواتي كبرك عندهن أولاد , وأنتِ مازلت تنتظرين أميرك ! "
صوت إلكترون كهربائي يحمل بين شفتيه المضيئتين "أحبك" نقشها عاشق على شاشته علها تُطبع لحبيبته التي لم تقابله !
صوت سحّاب ينفرط على ظهر نحيل لأرملة مازالت يؤلمها فقد القُبل ,
صوت أنفاس آخذة في الهدوء لمجنونة تنام في الغرفة رقم "9" ,
صوت خطوات حافية لطفل يتأتأ خلف سيارة آيسكريم مسرعة .. فلا تسمعه ,
صوت بخاخ يكتب على جدار " إذا أحببتني سأهرب منك .. فأنا أكره الحب المتبادل,
لأنه لا ينجب غير الأطفال والولائم والصداع " |* غ. السمان ,
صوت رجل خجول يقرأ الصفحة الأولى من كتاب" كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس",

حين أشتاق لصوتك المختبئ خلف عشرة أرقام أنساها, يصير الكون كتلة صوت , أبحث فيه عن وطني .. صوتك دافئ !