زُلَيْخة أبوريشة
(الأردن)

زليخة أبو ريشةمتن 1

على وَهجِ الأولد سبايز كان تبرعمَ جوريٌّ يشبهُ لونَ الوَلَهِ، وخرمشَ فوقَ جدار القلبِ، إلى حيثُ تمادتْ أغصانُ البحرِ، وعربشَ وبرُ الفجرْ.

متن 2

على عبَقِ القادمِ كالنَّيروزِ بخُفَّيْ حُلُمٍ، والمتلطِّي بالغيمِ وبالتَّشبيبِ، المتَّشِحِ بأُبَّهةِ اللُّوردِ، ودَلِّ المَحظيِّ بآلاءِ الخاصَّةِ، والمستسلِمِ للحُسنِ كما لو كان أبوللو، والمتخلّي، مع ذلكَ، عن جمرِ التَّشبيهِ، وماءِ الصُّورةِ، والمتنزِّهِ مختالاً – يا للجرأةِ – في ملَكوت الشِّعرْ !!!

هامش 1

[ ألحقُّ بأنّا لم نتبيَّنْ آنئذٍ بعضَ صفاتِ
الكائنِ، فهوَ بليغٌ جداً، وضليعٌ جداً في
التَّمثيلِ، وفي استخدامِ براقعَ شتى حسبَ
الموقفِ.
أمَّا نحنُ فكنّا أتينا من بيتِ فَناءِ النَّفسِ
وإعجازِ التَّسليمِ، وبستانِ قناديلِ الصِّدقِ
مع الحقِّ أو الخلقِ، ومن (زاويةِ) المذهولينَ المسلوبينَ العقلَ، الممنوعينَ
عن البوحِ، السّارينَ بليلٍ نحوَ المحبوبِ
المتخفّي، حتى إذا ما لاحَ وراءَ حِجابٍ
وتجلّى، صاحَ مريدو اللَّوعةِ: إنّا كنّا
نظرْنا في العِطفينِ، فسامِحْنا.
وكنّا نحنُ صغيراتِ الحضرةِ نُنشِدُ ما
تورقُ منه شُجيراتُ الوجدِ، فنهتفُ من
أعماقِ شَجانا:
يا قَطْرَ ندى الأرواحِ العطشَى... إدفعْ
عنّا هذا السَّيلْ. ]

متن 3

هو ذا سِرْبُ ضلالاتٍ داهمَ حقلي، إذ عقلي يتشمَّسُ أفكاراً أولى عن فقهِ التَّنويرِ وفقهِ التَّثويرِ، وكيفَ يكونُ الشَّيُّ على نارِ العشقِ، وكيفَ السَّيرُ على كِسَرِ زجاجِ الشَّوقِ، بلا آهٍ تُذكرُ، إذ حقلي بعدُ فطيمٌ..... غَرّْ.

هامش 2

[ ما الحيلةُ؟ والأستاذُ الممشوقُ كسَرْوِ الدَّيرِ، المتمرِّسُ في قَدحِ عقيقِ العينينِ،
وفي فتحِ مغاليقِ الإسنادِ ونونِ النِّسوةِ،
قد اختارَ لِمَلْءِ فراغِ القلبِ فتاةَ السَّنةِ
الأولى في السَّمتِ الصُّوفيِّ الرّومانسيِّ،
ليَخْبَرَ في صُحبةِ غَضِّ صِباها حُبَّاً عُذريّاً
ذا طعمٍ آخرَ (مع أنه ضِدّ الحبِّ العذريِّ) ، إذ يُجري – وحدَه طبعاً – بعضاً من تمريناتِ خريفِ العمرِ، ونزواتِ الكهلْ. ]

متن 4

فإذنْ، كان الأستاذُ الفحلُ، المكلومُ الرِّئةِ بعشقِ النَّرجسِ والكرسيِّ معاً، وخبيرُ الألفاظِ الآيلةِ إلى المحوِ أو المُتحَفِ، شُرَطيُّ مثالبِ إعلانِ حقوقِ البشرِ، وكاهنُ:
إصدعْ بالأمرْ !!!

متن 5

هو، فيما قيلَ، كبيرُ المُجّانِ الموصوفين بكتبِ الجاحظِ، ونجيُّ رعاةِ الهيكلِ والأدوارِ العليا للهرمِ، المذكورِ بأسفارِ النِّسويّاتِ، المندوبُ عن السُّلطاتِ لفضِّ* المعتصماتِ ببابِ المعنى، من أجلِ بيانٍ عن إطلاقِ سَراحِ سجيناتِ الإشراقِ، المتَّهماتِ بترويعِ الموسيقى والوزنِ، وحشدِ التّأييدِ لحقِّ الشَّعبِ الشِّعريِّ بتحديثِ بِناهُ التحتيَّةِ والفوقيَّةِ، حتى لو أدَّى ذلك نحو تخومِ النثرْ.

حاشية 3

[ هذا غيضٌ من فَيْضٍ مما قيلَ لنا فيما
بعدُ، وبعضٌ منه اللهُ هو الأعلمُ. بعضٌ
منه عرفنا بالتَّدريجِ، وكنّا نجهلُ أنَّ
الكاملَ والفاتنَ والمُلْهِمَ والمرجُوَّ الهابطَ
في برشوتِ الطُّهرِ على هيئةِ ربٍّ
معصومٍ معبودٍ....... يُمكنُ أن تتكشَّفَ صورتُه عن هذا القدرِ من ال....
أوَليس علينا أن نهتفَ – والحالُ كذا -:
ما أروعَ أروعَ ذاكَ الجهلْ !!!!

* الفضُّ المقصودُ بعيدٌ جداً عن ذاكَ المعنيِّ بهِ الكائنُ، من حيثُ الآلياتُ وأيضاً من حيثُ الأدواتْ.

متن 6

ما الضّيْرُ إذن؟؟؟
والسيِّدُ.... علاّمةُ جَسِّ الموضوعِ، ومَسِّ اللَّيلكِ، والحِرَفيُّ البارعُ في قنصِ
فراشاتِ ربيعِ العمرِ، وفارسُ فرسانِ القبضِ على أعضاءِ مؤامرةِ الإفسادِ لذائقةِ الجمهور العربيِّ... رئيسُ أساقفةِ القاموسِ المعتمَدِ الأوحدِ للخيرِ وللشرّْ.

متن 7

هذا السيِّدُ.... ألغارقُ في البورصةِ أو فاكهةِ الموسمِ، يتصدَّرُ دوماً – إلى ما قلنا – صُحُفَ التَّقوى، ومجالسَ أمنٍ لحمايةِ حقِّ الأمَّةِ في تعزيرِ* الفكرِ الناشزِ

هامش 4

[ عفواً !! ألنَّيِّرِ، بالنِّسبةِ للثُّوّارِ]

لذا، يتقلَّدُ أوسمةً لبكاءِ الأطلالِ على عزفِ ربابةِ زُطِّيٍّ**، أو شتمِ الحاضرِ

* والتَّعزيرُ بلغة الفقهِ قديماً، لا القانونِ العصريِّ، عقابٌ يتخيَّرُه الحاكمُ والوالي مما لم ينزلْ نصٌ فيهِ؛ كحبسِ الناشط ضدَّ القمعِ ببئرٍ مهجورةْ. ولْيُترَكْ حتى يُنسى، فيموتَ على وجه الصُّدفةِ لا القصدْ !
أو جَلدِ النِّسوةِ في السودانِ على تدخينِ النرجيلة أو لبسِ الجينز، أو شرشحةِ المرأة لما تتجرَّأُ أن تأخذَ دَوْر الذَّكرِ في سَوْق المركبة، وشرشحةِ وليِّ الأمر معاً !! فكلُّ ما مضى من التَّعزير...
** أرجو أن لا أُفهمَ خطأً، فأنا لا أقصدُ شتماً إذ أحترم الناسَ جميعاً. لكنْ دَوْرَ الزُّطِّ ببناءِ الدَّولة والفكر عموماً معدومٌ تقريباً (مع العلمِ بأنَّ لهم إسهاماً في الموسيقى؛ فلننظرْ ما قدَّم جيبسي كنغ). وإلى ذلكَ، فهُمُ أقربُ منّا – أقصدُ أهلَ المدنِ – إلى الأطلالِ، وتلك هي النكتةُ، أن أجمعَ في الجملةِ شخصيْنْ:
واحداً في قمة الهرمْ....... وواحداً في قعرِه العميقْ. فقط من أجلِ متعة المقارنةْ.

هامش 5

[ هو يقصدُ بالحاضرِ:
1. أهلَ الفكرِ النيِّرِ والعصريِّ كطه
حُسينِ.
2. ومن كسرَ الفرضَ التوقيفيَّ*
بأنْ يتَّبعَ الأبناءُ الآباءَ، كمثلِ
جهابذةِ النَّهضةِ: عبدِ الرازقِ أو موسى، أو حتى من جاءَ حديثاً "كالمدعوِّ" عليٍّ**
3. أومن عارضَ أنَّ أحافيرَ الماضي هيَ الحلّْ !!! (مثلي مثلاً)]

ولذا يتقلَّدُ ألقابَ: الفاتكِ بالفنِّ العبثيِّ، وحارسِ مزرعةِ الأخلاقِ (!!)، وجنديِّ الإخلاصِ الأعمى، وموجِّهِ فِرَقِ التَّحذير على ميدان التَّفسيرِ الرّابعِ***..... فيما انَّ السيِّدَ ليس سوى بللورِ نهارٍ قطبيٍّ هرَّت حُجَّتُه من زعقةِ طيرْ.

* التوقيفُ هو القولُ بأنَّ اللهَ هو الموجدُ والفاعلُ في هذا الأمر وذاكَ الشانْ. كمثلِ القولِ بأنَّ العربيَّةَ – كالقرآنِ تماماً – توقيفيّان !! أي ليسا من صنعِ الإنسانْ. فإذا صدَّقنا أنَّ القرآنَ كذلكْ.. فكيفَ تكون العربيَّةُ جاهزةً من عند الخالقِ؟ وإذا كان صحيحاً أنه من علَّم آدمَ كلَّ الأسماءْ...وتلكَ هي العربيةْ.. فلمَ السنسكريتيةُ ليست من عند اللهِ؟؟؟ أليس الخلقُ جميعاً إخوةْ؟ والأبُ آدمْ؟؟ لا أفهمْ.
** علي عبدُ الرازق من جرُؤَ على القولِ بأنَّ الإسلامَ بريءٌ من نُظُمِ الحكمِ، وحوكمْ. وسلامةُ موسى آمنَ بالعقلِ فقطْ، وأعلنَ في وقتٍ جدَّ مبكِّرْ، موتَ اللهْ. ولذا أعلنَ إلحادَهْ. ولم يتنازلْ من أجلِ سلامته في مجتمعٍ يفتكُ بالأخضرِ واليابس. مجتمعٍ قد طوَّبَ الحقيقةْ. وأما عليٌّ فهو الشاعر والمُحدِثُ أدونيسْ، الخصمُ المرُّ الشَّخصيُّ لذاكَ الكائنْ. إذ مشروعُ الأولِ يهدمُ مشروعَ الثاني القائمَ بالحفظِ وبالتَّخوينْ.. الأول يقترحُ ويطرحُ أبدالاً وينادي بالحُريَّةِ، يحترمُ الآخرَ، والثاني يشرِطُ أن نُحشَرَ في قبو التاريخِ، أي الماضي، ويناهضُ كالاستعمارِ التَّجديدَ. ويرضى أن نُحكَمَ بالظُّلمْ.
*** الدُّوّارُ الرابعُ حيثُ رئاسةُ وزراءِ الأردنّْ. وأما التَّفسيرُ فذاكَ الحِكرُ على كهنوتِ التَّفسيرِ، وضبطِ النَّصِّ على رأيِ الطاغوتِ المتكلِّمِ باسمِ الدينْ. وعلاقةُ ما بينَ الكائنِ والدُّوّارِ الرّابعِ والتَّفسيرِ فأتركها للقرّاءِ الفَطِنةْ (لا تظنوا أنني أخطأتْ، فأنا أؤنثُ الجموعْ).

هامش 6

[ المشكلةُ بأنّا منذُ شببْنا عن طوقٍ، بِتنا نبصرُ
أبعدَ من عينينِ تنوسانِ بلطفٍ صيّادٍ، أو كفٍّ
يودعُ فيها بعضاً من أزمتِهِ. وأنَّا حينَ فتحْنا
صندوقَ الشَّخصِ رأينا ما لا قِبَلَ لنا....
ولذا كان لزاماً أن نصحوَ من فردوسِ مفاهيمِ
الحُبِّ الأوَّلِ والأبديِّ، وأن ننحازَ إلى حلمٍ
شكَّاكٍ يقِظٍ فعّالٍ ثوريٍّ يقطعُ مع ماضيهِ، ويشبهُ
ما نحنُ عليه الآنَ.
ولكنّا في الأثناءِ، ونحنُ نفكِّكُ (كود) الشَّخصِ
سقطْنا في جُبٍّ أو أحبولةِ مختصٍّ مرموقٍ كُليِّ . القدرةِ ثانٍ، قدَّمَ عرضاً كافكاوياً (ما المُغري في
العرضِ الكافكاوي؟)...... لكنْ هذا موضوعٌ
آخرُ، حيثُ الهولُ يغذُّ السَّيرَ إلى الهَولْ.]

متن 7

وعلى ذلكَ، والعمرُ تقطَّعَ في التَّصديقِ وفي التَّكذيبِ، وفي التَّجريبِ وفي الخيباتِ، تحرَّكْتُ أردُّ البابَ لأمنعَ أن تفتِكَ بي، في صومعتي، رائحةُ الأولدسبايز (لا أنكرُ ضعفي تجاهَ العطر المذكورِ)، مضمَّخةً بكلامِ المحمولينَ على أكتافِ شقاءِ الناسِ، المحكومينَ بغُرمِ التاريخِ، المذمومينَ لأسبابٍ شتّى، الممدوحينَ برسمِ الموتِ أو التَّقديسِ، المخلوعينَ من الأرواحِ كنبتٍ شيطانيٍّ ضارّْ،
وكالمشمولينَ بعفوِ قلوبٍ حمقى تشبهُ قلبي.

هامش7

[ والحقُّ بأنّا ظللنا فيما بعدُ طويلاً، وإلى عهدٍ
جدَّ قريبٍ، ننحتُ للمحبوبِ مقاييسَ إلهٍ هبطَ
- وما زال الطَّلُّ على جَفنيْهِ – من الأولُمبِ، فصادفَنا، ثمَّ علِقْنا، ووجِدْنا، وهِمْنا* في فلواتٍ نبحثُ فيها عمن يشبهُ وجهَ فتانا المُعجِزَ، أو عما يُفضي نحو شقيقِ الرُّوحِ. ...ولكنْ يبدو أنَّ المعشوقَ الأولُمبيَّ تماماً طينيٌّ أرضيٌّ محضٌ. ولذا حاولْنا أن نتسامحَ مع ما يتساقطُ من صندوقِ الشَّخصِ علينا... ومع الوقتِ وجَدنا – دون دخولٍ في التَّفصيلِ – بأنَّ اليأسَ المطلقَ وجهتُنا !!!]

* أمّا العلوقْ... فلحظةُ أن لدغت أفعى الحبِّ فؤادَ العاشقْ. تلك هي المرتبةُ الأولى.
وأمّا الوجدُ ( وجِدَ يجِدُ وجداُ ووجداناً) فسماءٌ عُليا (أعني الرُّتبةَ أعلى)، ترشقُنا إذّاكَ نيازكُ..وتُهدهِدُنا نيرانْ..
وأما الهيامْ: ...فذهولٌ عطِشٌ يُلجِىءُ للبحثِ عن المحبوبِ وماءِ المحبوبِ، بأيِّ الأثمانْ....

متن 8

لم يبقَ سوايَ إذن – فيما يبدو – كي أُذعنَ للطوفانِ الآخرِ...أن أخطوَ من فوق الجثمانِ، وأردمَ هذا الفصلَ السَّيِّءَ من ذاكرتي، خلفي فوراً...

إني أرغبُ فعلاً أن أشرعَ في فصلِ استجلاءِ الحِكمةْ....
...........................
هيّا افتحوا الأبواب.........

21. 3. 2011
عمّان

عن مجلة أفكار الأردنية