منال الشيخ
(العراق/النرويج)

دمي

كان خفيفًا
على شراشف بيضاء أراقوه
علّقوهُ قطرةً قطرة على أعمدةٍ سائبة
رسموا منهُ خارطةَ طريقٍ لأحلامهم
ومراراً زغردوا لهُ
مراراً
ثم خنقوهُ بتأوّهاتهم تحتَ جلدي

حَلُمَ بالطيران كثيراً دمي
لكنه لم يعد خفيفاً
منذ استقرّ كمرساةٍ صدئة
في قعرِ غيابك.

طواحين

أطحنُ أحلامَ الطفولة
بطواحين الهواء
لا فارسٌ يظهر
لا مراوغةٌ تجيء
ولا طيورٌ تعلنُ الحبّ
يكفي ما شَرَدَ منّا
وبعثرَنا بين خُصلات الغيب
حيث الموقدُ يحتكر ترفَ النار
ويورثُ الشموع حسرةَ البُكاء

جارة

أرقبُها
ترقبني
نظرةٌ وحيدةٌ هي
تقيمُ شرودنا
تُدخِّنُ سيجارتها الملفوفة بعناية
وأستنشقُ أنا مروري الصباحيّ أمام عتبةِ عمرها
أعدُّ خطوات نظراتها ورائي
وأبتسمُ، إذ أشمُّ رائحةَ شتيمةٍ تعطّر آثاري في الطريقِ الضيّق
...........
...........
أرقبُها
ولا ترقبني
يغيبُ دخانُ سيجارتها مع غروبٍ أعسر
ذكرى مارَّةٌ في خيمةِ عزاء
وأرتِّل مزموري الأخير في باحةِ صمتها:

أنا مثلُ السماءِ
بي حاجةٌ إلى شتائمَ يوميّة توقظُ ملائكتي
وتحثّهم على جبايةِ الخطايا آخرَ النهار
يا جارة!

زيدان، ذُو الـنون

عندما لا يحتاجهُ أحد ولا يستغيث بهِ فراشُ امرأةٍ آريّة
يعملُ نادلاً في مقاهي البلدة
يضيء فجرًا جدّياً على كؤوس السكارى
ويغرف نسيانات الحالمين بفجرٍ مُبكِّر

لم يبكهِ يومًا جوعهُ
ولم يذلّهُ صمتَه المُختار
يداعبُ نونهُ بصلواتهِ الباردة
كي يسخنَ ظهره في لحظة قرار
كان علقةً بريئةً نمت في أحشاء الظلام
ولد من دون نور على جيدهِ
ونسي المَلَكُ أن يفتح صدرَه
كي ينزع نقطةَ الالتقاء مع السماء

بقي على أرض لونها مائلٌ إلى مجدِ جدّهِ الأكبر
ولم يكن ليذل الجنودَ المهزومين على ساحلٍ مُحتل
......................
..........................

زيدان
خرابٌ يولدُ من جديد
عِدَّة محكمةٌ تتقلبُ على مقلاة الحكايا

ما كان دليلَ الله نحو بحار تغترب،
ما كان مولعاً بالنذور
ولد ليقول
ولد ليُعانق
ولد ليغرق
ولد ليلْعَق
كل ما ينتهي بعلاقةٍ حميمةٍ معي/معه، وُِلدَ لأجلهِ
....................
..........................
زيدان
لا تُعرض عن هذا!
تجاوز السيناريوهات دون أن تحذف المحظور فيها
يحبُّ الربُّ أن تكون دليل قلبهِ على الأرض
وأظنّهُ أحبّ

قلْ لهم إنك لن تغادر الفنار بتخمينات كاذبة
قلْ لهم إنَّ جواز عمرك يحتمل تمديدات إلى مليون سنةٍ قادمة
قلْ لهم إنَّك لن ترثي أمّتك بأوجاعٍ قوميّة ٍمن جديد
وإنك لن تفلق السارية بنظرةٍ من حديد،

زيدان
هزَّ الآن عصبَ المرساة ليغور البحر فيك
ويستقبل زَبَدكَ الهائم ميناءُ الرعشةِ الوحيد.