آمال نوّار
(لبنان/أمريكا)

آمال نوّارأنتِ في الماء غير مرئية
السماءُ وأدراجُ خيالها لا تراكِ
العيونُ المهجورة الساكنة ناركِ لا تراكِ
الأشجارُ التي يحفُّ عراؤها عراءَكِ لا تراكِ
الثلجُ الذي تدفئه عيناكِ لا يراكِ
النافذة الوحيدة التي فضّتْ خواءَكِ لا تراكِ
أنتِ في لُبٍّ لا يراه ظنّك
وحتى الشمس أنتِ في عينها نقطة سوداء.

تعيشين مثل ذكرى في رائحة
مثل خريف في طعمِ نهر
مثل ما يخفيه موتٌ في نظرةٍ أخيرة.

تعيشين مُضاءةً بنفسكِ
عينُكِ في قعركِ
حواسّكِ مرايا مقلوبة
صمتكِ دم الريش إذ تهوي فأسٌ على ظلّكِ.

تقتاتين من شهواتِ سرّكِ
تشربين من ظمأٍ تدرّج عمركِ بأمواجه
تشتعلين في ماءٍ جمرُه أبيض.

وحدكِ
تحصين بَرْدَكِ،
تضيئين سقوطاً يرتفع جسدُكِ بظلماته.

تتشرّبين نفْسَكِ
إذ تفورين بسائلكِ الحارّ
من بين أوراقِ غيمة.

وحدكِ
ألمٌ يتّسع لألمكِ
مثلما الفضاء يتّسع لفضائه.

كأنّكِ سفينةٌ تُبحرُ في حَدَقَة نسيان
وما حياتكِ إلاّ مدّ التيه وجذره.

تعرفين أنّ النجومَ تستيقظُ في السماء
وتنامُ في الأرض
متدثرةً بطبقةِ غيابٍ رقيقة على وجه المياه.

تعرفين أنّ نجمةَ غيابكِ الصغيرة
لا تبيتُ في صدركِ.

تعيشين في ظلّكِ
لا تفقدينه ولا يفقدكِ.

جهاتُكِ كلّها زجاجٌ
لا تكسرينه ولا يكسركِ.

تكونين
ولا تكونين.

القدس العربي
13/12/2008