هالا محمد
(سوريا)

1

هالا محمدفراشةٌ
حَطّتْ على كفّي هذا الصباحْ
حمولة ُ الألوان ِ
تُهمتُها .

2

هذا الصباح ْ
لمْ يستيقظِ الأزرقْ
ولا حَمزةْ أفاق ْ .

3

قالتِ الفراشة ُ : أنا تُركيّةْ .. وأنت ِ ؟
قالت ِ اللاجئة ْ : أنا .

قالت ِ الفراشةُ : كم عمرك ِ
قالت اللاجئة ْ : مِتُّ من سبعة ِ أيام ٍ .

قالت الفراشةُ : موطنكِ ؟
قالت الطفلةُ : بيتي .

قالتِ الفراشة ُ : جيرانُك ِ ؟
قالتْ : أزهارُ الحقولِ في جسرِ الشغورْ .

قالتْ : أمكِ ؟
...
تَلفَّتَتْ
في الخيام ِ البيض ِ
في العَدَم ْ
في صقيعِ الضوء ِ
في الكفن ْ ...
...
لا يحقّ للّاجئِ تاريخٌ ولا جُغرافيا ...
...
تَلفَّتتْ
تَلفَّتتْ
كَبُرَتْ
شَابتْ
وأشارتْ ...
إلى بلادٍ قريبةٍ
أمامَها خلفَ الحدودْ
سماؤها زرقاء ُ
بلا حدود ْ

تَهجّتْ اسمَها حرفاً حرفاً
قبّلتْ اسمَها حرفاً حرفاً
انحنتْ ...
باستْ شطّ تُربتها
وقالتْ :
أمي سوريا .

4

حين َ حملكِ أحمد داوود أوغلو
لمْ تَلتفتي إلى عدساتِ التصوير ِ
لمْ تبك ِ
لم تهمسي في أذن الكاميرات عن ظلمِ ذوي القربى
لم تشيري بإصبعك ِ الصغيرة قريباً وراءَ السّور ْ
تنهارينَ من الأشواقِ
وَتصرخينَ في الشاشاتِ : أنا من جسرِ الشّغورْ
أنا من كلّ بلادي
وكلي بلادي ...
أنا نافذة ُ البيتِ
ولي قمري .

لغة ُاللاجئ الضيفِ الصَّمتْ
لا صوتَ للّاجئ ِ ...
يُقفلُ البابَ على صوتِهِ في البيتِ
وَيخرج ُ
مِن بوابةِ التاريخِ بلا ذرّة ِ جُغرافيا .

المفردات ُ...
تتساقطُ من صرر الثياب ِ
من التعب ِ ...
من ثقوب ِ الجيوب ِ
تقفزُ من أفواه ِ الصغار ... النيام ِ
تَتمرجحُ على التراب ... تتشبّثُ بالتراب ِ
المفردات ْ .

تُهاجرُ الأسماءُ
ويبقى على الأرض ِ الكلامْ .

لا
لا تعادلُ خيمة ٌ قبلة ْ ...
يا سيدي .

مِلحُ الدَّمعِ
أبيضْ .

لا هويةَ في الخيامِ
لا هويةَ للخيام ِ ...
...
سرابٌ ..
قماشُ الضيافة ِ الأبيضْ
المنيعُ على الضَّحِك ْ
المنيعُ على اللمس ِ
المنيع ُ
على البكاء ِ
...
بياضُ الكفن .
...
كيفَ يَخرجُ الطفلُ إلى الخارجِ
كيفَ يَدخلُ الطفل إلى الداخل ِ
أيُّ دُوارٍ ...
هذا الحنينُ الحارقُ
إلى العتبة ْ .

هُسّْ ... يقولُ لهُ المطلق ْ
هُسّْ ... تقولُ له الشمس
هُسّْ ... تقولُ لهُ الحقيقة ْ
هُسّْ يَقولُ له اسمهُ
هسّ يشيرُ لاسمهِ
...
وَيغرق ْ.

5

أيتها الحرية ْ
التي تعرفينَ شعوبَ الأرض ِ
...
أتقدمُ إليكِ بطلبِ الإنتسابِ
مِنْ بوابةِ التاريخِ الفسيحة ْ
اقبلينا ...
ابحثي عنا
نحنُ في أرشيفكِ القديم ِ
منذُ سالفِ الزمانِ والمكانِ
...
أجدادي سجَّلوا اسمَ بلادي في مِلفاتك ِ .
...
يَحُدّنا من الشرق ِ ...
بدرشاكر السيابْ ... وَمحمد مهدي الجواهري
مِنَ الشّمال ِ ... ناظمْ حِكمَتْ وَيلماظْ غونيهْ
من الغرب ... البحر الأبيض المتوسط وَ فيروز
مِنَ الجنوب ِ ... محمود درويش وَالمسيحْ .
...
نحنُ

يوسف العظمة ْ
ابراهيم هنانو
سلطان باشا الأطرش
عزّ الدين القسّام ْ
صالح العلي

أنطون المقدسي ...
نزار قباني
محمد الماغوط
سعد الله ونوس
عمر أميرالاي
ممدوح عدوان
حمزة الخطيب
هاجر ...
...
أيتها الحرية ْ
افتحي النافذة ْ
هذي الشوارعُ التي تدخلُ بوابةَ التاريخِ الآنَ
تشدو باسمكِ
هذي ... بلادي .

6

هذي السواري البيض
ليستْ مراكبَ للسفرْ
إشاراتُ استفهام ٍ
تنبتُ في الأفق ْ
...
حبالٌ
مِن جَدائلِ الهنود الحُمر ِ
ابتساماتٌ
تؤرجحُ الأحزانَ من أقصى الحنين إلى أقصى الحنين .
...
الطفلُ الفلسطينيُّ الضليعُ في فقهِ الخيامِ
استدارَ صوبَها
وبكى .

7

شكراً أنجيلينا جولي
...
الجمالُ ... وطن ْ .