أحمد العلي
(السعودية)

(طريقُ الوصول لبيتنا)

تكذبُ خريطَةُ غوغل،
ليس هذا بيتنا.
المنزلُ الذي شيّده أبي
جُدرانهُ خدودٌ تحمَرٌّ إذا أحبَبنا..
تنتفخُ إذا غضبنا/ تُفسحُ لنا الطريق
إذا أعمانا العمرُ، والسُّكرُ، والغيابُ الطويل.
وهذه بيوتٌ تتشابَهُ نظرات عيونها نحوي؛
حديقةٌ مُربعة،
نوافذ مستطيلة،
قططٌ تموء،
وبناءٌ مُكعّبٌ
يرفعُ قُبعة القرميد الحمراء
تحيّة للعابرين...

وما هذا طريقُ الوصول لبيتنا؛
هذا طريقُ الوصول لِبابٍ وحَجَرٍ وكراج،
لا لقلبٍ وأخٍ وريحان.

غوغل
أيها الوغدُ،
كيف تجرؤ على القول للعالم
إنك تعرفُ كُرسيّ أمي الأثير
أكثر مني؟

(الأهل)

أهلُكَ لا يحبونَك.
أهلُكَ الّذين قالوا - بيقين الأراجيح - إنك عائدٌ مهما علوتْ،
دَفَعتَ أراجيحهم واحدةً واحدة
وحين سوّيتهم في الهواء قالوا: ها أنت عُدت!

أهلُكَ الّذين قتلوك
بحُبهم الأقل،
يذكرونك في المقابر والأعراس الفقيرة، لا غير..
لم يعرفوا أنك جُنِنتَ مؤقّتاً
احتجتهم وما كانوا..
لم يفهموا لماذا تميلُ عليك أعمدةُ الإنارة كصديقٍ قديمٍ،
تصافحها باكيةً/
تُعيد لها شارعاً هارباً، ومقهىً قضى نحبه في البحر..

تذكُرُ أنّكَ عندما أحبَبتَ الفتاة
صار قلبك بين يديها عُلبة ماكنتوش
وما مدّوا يداً ولا ذاقوا..
يضحكون من أشيائك الصغيرة عندما تركض
لسماع النغمات العالميّة الخاطئة
لسيّارة الآيسكريم..

أهلُكَ الّذين يحرصون على الريموت كنترول
أكثر منك،
كُلّما دعوك لجلسة التلفاز الحميمة، اختنقتَ
وصعدتَ السّطح
تقفُ مثل لاقطٍ، بكهرباء عاليةٍ في الرّأس
وحروقٍ كثيرة..
تسهرُ على أحلامهم،
وتُرَبّي الذبذبات الأنيقة
ليروا العالم
بلا ورق جدران.

(نهاية ألبوم الصور)

مُذ سكنّا بيتنا في منطقةٍ خلاء
لم تتوقف أصواتُ تشييد البيوت من حولنا.
كبُرتُ أقرعُ أجراساً لأبوابٍ بعيدةٍ، لا أراها.
كبُرتُ أرقُبُ لِصّاً أن يغدر بالبيت في وِحدتنا
كُلُّ خطوةٍ خلف الباب سمّيتها
نهاية ألبوم الصور.
كبُرتُ أشتَمُّ تسرُّبَ الغازِ
وأحدهم يُطقطقُ خلفي بالقداحة.
هكذا فتحت الشبابيك ليَخت خيالي، تجرُّهُ عربةٌ مجنونةٌ
تقفزُ من سطحٍ لآخر..
ويبدو لي الآن
أن الأراضي من حولنا ما عادت خلاءً..
ما هذه الضوضاءُ المستمرّةُ إذاً؟
ما هي تلك البيوت؟
من أين تجيءُ أصواتُ تشييدها هذه؟

(تُغفلُ عينها)

يقفُ على رؤوس أصابعه كراقص باليه.
هناك ما هو مخبوءٌ. يقولُ. ويمُدُّ جسده عالياً.
مع ذلك، بالكاد تصل أصابعهُ حافّة الرَّف.
ليلةٌ
ليلتان
ثلاث..
حتى تَرِقَّ الجاذبيّة الأرضيَّةُ لحاله
تُغفلُ عينها عنه – عن عَمْدٍ-
وتضحكُ – ملء أغوارها - من وجوه الناس.

الحياة- الثلاثاء 10 يوليو 2012

أقرأ أيضاً: