ناجي رحيم
العراق- هولندا

إلى روح الشّاعر كمال سبتي

1
ناجي رحيم مرحى بك
مرحى بك وأنت تترجرجُ بين الأضلاع
تعالَ إلى رأسي تعالَ إلى مستنقع الأباطيل
لا فرق هي حياتي في غنجٍ تـتجمّل
قلت لأمدّ يدي وأمسك بدموع الغيمة
أتسمّع شهقة الأعشاب
في هذا الوجيب أسمعُ صوت أبي العلاء
و أكرّرُ: عن الغيمة أزيح ُسوادها أمسكُ بالأشجار وهي تتعرّى
أكشفُ عن أعضاء أنوثتها أنزعُ عنها زفير الآلات

2
مشرّد في محطّة قطار لا زال يقظا في ذاكرتي
لم يسأل شيئا لم يشتم خطواتي لم يفعل شيئا أبدا
نظر لي بنصف إغماضة ٍ ثم غاص ..

3
كم أحبّ صوت الرعد والمطر، خاصّة إذا كان معي عرق، نبيذ لا ينفع، صوت الرّعد وزخّات تنقلني
إلى محلّة الشرقية في الناصرية، في غرفة طينيّة سقفها يخرّ ، أمّي تضع طشتا حيث النكّاط ، كأنّها معزوفة ..
أبي غائب أبدي وأنا من خوفي أتقرفصُ، أكدّسُ أحلاما بوسع العالم

4
جاري العجوز في حديقته الصغيرة كنا نشربُ نستمعُ لموسيقى أعمارٍ يغنّي حينما تضطرم روحه ويتذكر جاكلين حبيبته التي لم تعد .. كان يبكي واحيانا يضحكُ وهو يقصّ عليّ حياته ويطلب ان آتيه بقنينةٍ أخرى جاري الاعمى باول الذي مات منذ شهور صارت حديقته قصرا من ذكريات

5
معلّقون في الفراغ،
لا أسفل ولا أعلى ،
لا جهات تحتوينا،
ذرّةُ رملٍ تسبحُ في الفراغ، نحمل حروبنا، مقابرنا، أفراحنا، عشقنا، نكدنا، .. نسبحُ نسبحْ في الفراغ
..
لا جهات تحتويك أيّها المتطشّر في الأسئلة
في عينيكَ شبه المغمضة عرفت أن الوجود عاهر و الحياة سؤال

6
الحرب رعشة أصابعي، كؤوسي وتحديقي باللّا شئ
الحرب حينما ينام بطران وهو ينظّر عن شرور العالم وأنت في الحرب وحدك ولحم الوجود
حينما لا مفرّ سوى رائحتك .. رائحة الكون النتنة .
أتذكّر:
من أجل إجازة حطّم صديقي قدمه
أسقط بطارية عجلة الإيفا عليها وصرخ كمن لدغته الحرب

7
مطرٌ من شعر،
مطرٌ من صدق،
مطرٌ من حسرات تتناسل عن حسرات أنا في هذي اللحظة، مطر السيّاب، الآن كل شياطين الأرض تنطّ في رأسي، كلّها، جالسٌ مثل تمثال أتطلّع بالعالم، أتحرّى أبعادا لا أعرفُ، والوصايا نائمات في عهر العصور، الوصايا تنامُ في مهاجعها ولم أنم بعدُ، المآسي التي تمرّ على روحي مثل شريط من ذبائح، تحزّ أوردتي ، المآسي التي مرّت على ركبتيّ حينما من جثثٍ نصنعُ جثث ..
في صناديق عتاد نصنع جثث ، نجمّع أشلاء لا تدري أي رأس يمتّ لأيّ ذراع .. هناك في تلك اللحظة عرفت أن العالم عاهر وأني جبان

9
بين القيء والقيئ رحمةٌ
يدٌ تمسّدُ حرماني فأخشعُ
ألف شكر يا بياض الفجر يا عمق التذرّع يا صلاة
لن أكون وحدي وقلبك العامر معي لن اكون وحدي

10
فلتقشّر روحك في نهايات الليل، فلتقشّرها في أوّل الفجر،
من يأكل، سوى وحدتك؟
حتى وأنت مع آخرين تعضّك الوحدة، تمثّل دورا لا يصلح
ابتسامتك عابسة
في العمق، في العمق تماما حينما تعانق روحك
حينما تعانق روح العالم تعرف أن ...

10
وأنت تصغي إلى روحك والكائنات نائمة، تصغي إلى براز العالم، العالم الذي لا ينام، تداور وجهات نظر،
بم تجود لحظتك القادمة، أيّ تداعٍ يمكنُ أن ينهي هذا القرف؟
أيّ أملٍ يمكن أن يوقف هذي الماكنة المشروخة؟
من يسمعُ صوتَ سجين في هذي اللحظة، من يسمعُ حشرجة عنق يذبح، من يحدّق في عين رأس يطمر،
من يلامس خضّات خائف وهو يركض إلى نهايات الكون، ..
لا أحد في هذي المقبرة

11
لا تستح من إطلاق كلاب أفكارك
دعْها تعضّ الخائفين
أنت أوّلهم
دعها تنبح عليك كي توقظك

12
مختزلٌ كما لو أنك تضغطُ على جرحٍ في الخاصرة

13
وأنت نقيع من ألم، كيف تشرب بعد، ماذا تشرب، أيّة خمور تكفي العراق، عرقك لا يكفي، من أعلى تلّة للحزن ترقب حركة العالم، كأنك تتابع فيلما على كوكب بعيد يرفس في روحك، أيّة شعارات تكفي كي تنصت لأكاذيب تدعى وطن

14
رأسُك يبحر في مدياتٍ شاسعةٍ ثمّ يأتيك المغصُ
أنت تباعدُ حالك عن حالك
تتباعدُ عن أحوالك ..في أعماقك أمواجٌ تتلاطم
لن تهدأ .. ديدان تنبش في رأسك
الكتلة في مربع سرعة الضوء يساوي اللعنة
كم أودّ لو أني في زمن آخر، بسيط ولا أفقه شيئا

15
رعشة أصابعي تعني نفاد العرق ورعشة قلبي تعني نفاد العراق
يا حاجتي
اشرب، اشرب كي تمسّد روح المقابر، قل، مرحى صديقي ، ابك، ترويك دموعك، حرارتها مفتقدة جدا،
إذ لا أصابع ولا أغصان تغنّي عزلتك
الدليل أنك لا تدري سرّ هيجانك
أن هيجانك يعلوك ويشربك
أيّها الممتلئ بك كأس آخر كي ترطم رأسك بالعالم
وبالظنون التي تركض في مسرح هالولا
منذ البارحة لم تنم تهرس روح الظنون بجلود من لعاب
فمك مملوء باللعاب وروحك تنزّ
أعصابك مشدودة في طيّات وطيّات
الأرض بلدك ناسك ناسك بغموض تنسحب تحت لحاء شفيف من روحك
روحك التي تركض على حافة الكون حيث حفرة عميقة تدعى حياة
صدّقني، صدّقني لن تحيد عن كونك مملوء بالعالم
وأنك ستتقيّأ بعد لحظات