مهدي سلمان
(البحرين)

مهدي سلمانأيقظتهُ وعيناهما دهشتانِ
وتهتزُّ في يدها كومةُ الأسئلة..
أيُّ ذنبٍ تُراني اقترفتُ
لتُسكنَني هذه الجملَ المستديرةَ
..
عمري على قدرِ عينيّ
والضوءُ يخرجُ من كوّةِ الوقتِ
ملتبساً بالنهاياتِ

والصمتُ صنّارتي
لاصطيادِ الصباحاتِ ذاتِ الأحاديثِ
ذاتِ الحكايا الخفيفةِ كالمطرِ المتردّدِ..
أو لاصطيادِ أغانٍ مهدّدةٍ بالرحيلِ المفاجئ
أو لاصطيادِ اللغاتِ الحميمة والمقفلة

من أنا كي أصدِّقَ
أني اختبارُكَ للأنبياءِ
وأنّكَ أرسلتَهم كلّهم
لتدحرجَ هذا الكتابَ إلى عنقي
ولتُغرِقَ في لجّتي الأممَ الجاهلة

من أنا كي أصدّقَ
أنكَ لوّثتَ كفيكَ بالطينِ
كي يسجدَ البشرُ الخاطئونَ لنوري
ويغتسلوا من بقايا وضوئي
وأنكَ أحرقتَ عينيكَ بالنارِ
كي تطمئنَ الشياطينُ من ريشِها
عندما تتذكّرُني
أي ذنبٍ تُراني اقترفتُ..
لتخدعَ حدسي البسيط؟
وتدخلَ لي أنتَ من جهتي الغافلة..

أي ذنبٍ..
لينهضَ من بين عينيكَ بحرٌ
تقسّمه كيفما تستطيعُ
وأغرقُ فيه كما أستطيعُ
وأخطئ فيكَ، وأعبدُ غيرَكَ ثم أضيعُ..

ركضتُ وراءكَ..
قلتُ لمن عرفوكَ، ألم تعبدوهُ؟
فقالوا: بلى، غيرَ أنا
ملكناهُ حين امتحنّاهُ
قلتُ.. ألم تسألوهُ عن اسمي؟
فقالوا: أشارَ لنا، فصمتنا
ولكنه بلّلت دمعةٌ وجنتيه
فبكينا عليه

قالت امرأةٌ منهمُ
كان ينظر للغيمِ حين صمتنا
وقالَ لنا.. إنني إذ أحبُّ أديرُ عقاربَ هذا الخلودِ
إلى رحمةِ الموتِ
أختزلُ الأبدَ اللانهائيّ في خفقةٍ
وأكدّسُ هذا الوجودَ بتنهيدةٍ

هل فعلتَ..
اختنقتَ بكلمةِ حبٍّ
فلا أنتَ حرّرتها من جنونِكَ
حين تدحرجتَ فيها،
ولا أنتَ طمأنتها بالبكاءِ عليها

إذاً.. من أنا
كي أصدّقَ أنكَ أحدثتَ في قلبِ كونِكَ ثقباً
لتبصرني آيةٌ وأنا أستحمُّ فتولعُ بي

أنا مؤمنةٌ بقضائكَ، مؤمنةٌ بجنونِكَ
مؤمنةٌ أنكَ الواحدُ الفردُ
ماذا تريدُ من امرأةٍ أنتَ كوّنتَها بيديكَ،
لتُدخلها في امتحانٍ كهذا..
لتصعقها باحتمالٍ كهذا،
لتشغلها عن عبادةِ أخطائها
بمديحِ غرورِكَ، يا..

أيُّ ذنبٍ تُراني أتيتُ
لتصنعَ بي كلّ هذا الهوى، وتقولَ اكتفيتُ
لأصدّقَ أنكَ أحببتني في الخيانةِ،
أو خنتني حين منكَ احتميتُ

لأصدّقَ أني الغريبةُ عن نفسِها
وأصدّقَ أن جنونكَ بيتُ
إيُّ ذنبٍ تُراني أتيتُ..
ليسكنني دون أن أتنبّهَ
هذا الغرامِ المميتُ.

****

أقرأ أيضاً: