سؤال:
حسك الخيال بدأ يصفط الذاكرة، ماذا بعد إذ أكون وحيداً ؟ (1) .
****
مدخل:
لا أرض في البرتقال، ولا برتقال في الأرض،
فهل تريد أن تهاجر في قفي معزة تجوب بك أرضاً ما اتسعت إلا للمراح.
يحكك القمل في الذاكرة، وأمام عينيك الزمن اللعوب يخرم بالتفل.
مرت رائحةٌ من مكانٍ ما - لها طعم البساتين، لكن كذكرى.
هل تعبر أيها الأنت مكاناً، ما مكانك هنا ؟
مرَّ طفلٌ حول قلبي، تركته يمرُّ وكفى، ولم يكتفي عن المرِّ،
كفى بالشرِّ عباداً يعبدون تصورهم.
أنا كذاك أعبد تصوراً ألحسه في اللارؤيا.
أظن أنها تنهتك الآن، لا، إنها تمرُّ من المكان إلى اللامكان، ومن اللامكان إلى المكان، ترى، ولا ترى.
انه الحذق يدق الرصيف المُقَمَّلْ.
ولا تعرف أين تضع وجهك، يوجد مكانٌ، ولا مكان يوجد. دمعاً للحنين المتجاسر على الموت.
أقفو أثراً ما، لا أعي،
وأعودُ أقفو، تفتح اللغات للهاث، ومداري نفسي.
مداري النفس المصطكة بالهواء ورنينه.
****
كان النهار ماضياً تسبيحا للمجد، وأنا مترفٌ بهول الرجفة (2) .
أرايّ متلقفاً هواءً، لحساً ومصمصة وشماً، وما من طريقٍ إلى المكان العزائي.
هل من جوابٍ، هل من جوابٍ ليتم الوله (3) .
****
لو أجيء ساعة، في انتقال الروح لا إلى بارئها، بل لضلال محشور بخوف، بزوغانٍ عن الخط.
ماذا سأكون أمام مرايا العدم وغيره (4) .
****
احتفال:
أعجن اللغة بهتك الروح، وأقول هيا نردح في مهاوي العدم، ونزف عيوننا كنائسا تمشط المخفي في المرئي، ونبحلق تهزيئاً للصدفة، كي لا نراها عابثة بمسرانا الوحيد.
إننا نملي الآن نزقنا الممراح، وما همَّ مجدٌ هذا الوعد أم مخاتلة أقدارٍ تركت في العراء لا تصيب الاّنا المارين، حسكٌ في الجيب، وحكٌ للأمل،
ربما نزل الآن مواسيا (5) .
****
في اللايقين وسذاجتي الدوخة الأبدية،
في اللايقين، ومركبة الأقدار تحايا لتصفيط الوجود (6) .
****
هواءٌ ناشفٌ،
تسكعٌ في مرجلة العدم.
****
ألمتاه الأمير،
ممتحن العدم وضلال الروح، رفيقٌ لعرش الحضارة،
منتهك اليقين.
****
ها هو الطريق الملائم:
أن أرمي المتاه في المتاه، وأنتظر صمتاً،
فرجاً لم يكتب.
****
هل يوجد وقتٌ، أريد أن أرمي
وجهي على السماء (7) .
****
هجسٌ من الهواء الناشف، يمرٌّ دون معرفةٍ،
واهاً لعدم يتسكع في المستقبل.
****
فلتنتعل هذه الوجدانياتُ حذاء من الغيب، وترتجل أفقاً مسدودا،
لا، لا أنتحب، بل أصلي، صلاة عدم متفائل.
****
كل هذا ولست أدرك معنى النهايات،
كل هذا الذي ينهب الأبد من زمانه.
****
اتركنا وحيدين نلعق وجعنا، ونلتم كالنمل، نلتقي- وسادةً لأجل خدران- في مغاليق مفتوحة على الخيال.
****
أكتب في الظلام، ومن الظلام،
نوري هذا المتقاعس الأكيدُ.
****
...وكاليقين
أنتهز فرصة البقاء في الشك.
****
...وهذي هي النعم التي لا تنزل،
لا تنزل، وأنت الغريب في الممرّ،
وزينتك العبث، العبث الفقير أمام الله (8) .
****
أحبو عليك وأنت قدري المجنون،
أيتها الهاوية (9) .
****
خارج الوجوه أضع وجهي، وألتف حول عدمي المسكين.
****
اللاشيء يصفطه القهرُ، وأنا مثل اللاأنا (10) .
****
حليفيَ الأبدي،
وجدٌ خاطفٌ لوجودٍ سائبٍ.
****
خرج العدمُ أم لم يخرجْ، فنحن ذاهبون إلى مكانٍ ما (11) .
****
أهبكَ الملذات،
أيها اللاشيء.
****
ها أنسحق أمام توق اللاشيء،
وما من حب يشرح لي صدري.
****
رحْ هاجرْ في مهاويك،
وانتظرنا على الجرحْ.
****
دليلك الغجري إلى الموت،
بهتانك للحياة.
****
كمجنونٍ ألمسُ الخوفَ
بيدين منتظرتين.
****
لا شيء،
أجلْ لا شيء........وأغطُّ في أمنيةٍ ساهيةْ (12) .
****
عارياً منكم أكونُ (13)
أيها الخلقُ الذي يتشمسُ بين عدمي وخوفي.
****
هكذا تنامُ (14)
روحي عليكَ، وفمكَ يتغذى بشغفي، أهزُكَ ودمي لكَ.
****
أكلَّما بحثنا عنكَ وجدناك في اللانهاية،
يا أنت المستوي في هواه (15) .
****
ألمٌ لي، يتسكَّعُ في الوجوه، لا ينتظرُ محبةً، لا يحتملُ عزاءً، يقتفي أثراً.
****
مترفٌ بحنينٍ يصفُ لي روحي.
****
حزين، حزين، حزين، عليّ لا في النهاية أن أصفع الحزن بالهاوية.
****
أجلسُ وحيداً،
لأرتحل في عماء غريب (16) .
****
آه،
يا لبسالة اللاشيء في محقه للذات ساعة انقضاء الزمن،
ويا لشقاء المريد فيه.
****
ما أصنع لكم الآن، أيها الميتون أمام أرقي،
لا توجد أدعية توسِّد الرأس، ولا أحراز تخدر خطط الله،
ولا أستطيع فك الحدس عن مداره (17) .
****
ماذا بعد، إذ أكون بعيداً، وجهي في الروح، وجسدي في الهواء (18)؟
****
جالسٌ، أتيتُ وجهي من خلفي، حوَّستُ شعري، وأنا ضجرٌ من الزمن يقلدني الخوفَ،
وأدوخُ.
أجيء أماميَ، وأضحك عليَّ.
مبتئسٌ.
على رأسي يديَ اليمنى، ورجلي اليسرى ممدودةٌ على رف كتب،
واليمنى على الأرض مسدوحةٌ.
قلتُ لي:وجهك مهشم بالمتاهة أمام ضوء خافت.
قلت لي الواقف قبالتي:آه،
الفضاء يصلطن رأسي، والأبد يأكل بصري (19) .
****
هناك شيءٌ ما (20) ،
الغباء يكتحلُ بالماء، ويمرُّ أمام..، لا يراه غيرَ أنبياء تسدُّ الأنوفَ (21) .
****
في مكان بعيد، حيث لا ينظر أحدٌ مخافة الانزلاق في براثن الوثن،
سأستريح من نكبة الروح (22)
ملحق (23)
الإنسان كيفما كان معناه هذا هو الإنسان (24) .
****
يحاسبنا الله على نيات العدم، العدم المفرط تسبيحا للوجود.
****
هذا الوجود مغفرةٌ للحس.
****
...هل رأيته ؟دلني عليه، أريد الانبطاح بين يديه، حيث النعمة عدم فائضٌ.
****
احترت بهذا العالم، كلما جئت أصارحه، خانني!.
****
الخوف، عاشوراء الروح (25) .
****
ماذا سنأخذ من الدنيا، غير وجع سكران يهلوس لضياع حقيقتها (26) .
****
ماذا؟ وجودٌ سائب، إذن لنصفه بأكثر متعة فائضة.
****
أمام الانهيار نجد الدين يعرض سقالاته.
****
هو عناءٌ رديء جعلها الله لبني البشر ليعنوا فيه)سفر الجامعة الإصحاح الأول.
الناس صَفَطُ الحياة.
****
هكذا يبدأ التسلسل اللانهائي لللاّمعنى:مصمصة الذات أمام العذاب.
****
كيف أذهب إلى نهايتي أيها الأجل ؟
****
ليكن الوجود وحده، ليكن لماذا الخوف (27) ؟!
****
إحدى استراتيجيات النظام الديني لامتلاك الإنسان داخل حضرته، هو احاطته بالخوف.
****
لا أريد شيئاً يلمس أملي، التشمس أمام الظلام يروق لي.
****
شيء جميل، بل عميق أن تتيه، لكن هل لك قدرةٌ على احتمال ذلك.
****
اقتل الإنسان الذي كان سابقاً، غضبك عاشقاً سبيلك الوحيد.
****
لقد وضعت كل عاداتي أمام الفجيعة، فجيعة هتك الروح، وما من رجعة إلى الوراء.
****
التناقض، يا للسعادة، وردة الحياة.
****
ماذا يستطيع الإنسان لوجوده ؟سوى التعب، والتعب، والتلذذ بذلك (28) .
****
ما يخيفني ليس الله، بل الإنسان.
****
اليقينُ عشبُ الروح القاتل .
****
لا زلنا نعبث بالوجود، كعبث الأمهات بخصاوي أطفالهن، نعبث به ونيتنا ألا نعبث.
****
...وبسخف ينتقل القضاء إلى القضاء.
****
لقد قتلوني بكَ، دافعت عن وجودي، لكي أكون كما أنا، فنبذوني. لذا رفضتُكَ فيهم.
****
ليأخذ العبثُ، القهرَ إلى مداه.
****
كيف يحمي الإنسان نفسه من خوف قد يتسبب في دمار روحه، مدة بقائه على الأرض،
كيف يحمي نفسه بخلق أساطير حول نفسه والعالم (30) ؟!
****
الخوفُ من أن نكون خارج اليقين، يُربِكُ نظرتَنا للوجود.
****
كلُ شيءٍ حكمةٌ.
****
إنسان مؤسسٌ على السرِّ، والخوف، كيف سيكون حاضرُه، ومستقبله؟!.
***********
أبصرُ وجهيَ ع لى الطريقِ،
وكنيسةُ عينَيَّ واقفة، تشتهي غرَقاً.
...
ثم انكببتُ، وانتظرتُ
وجهٌ خلقتهُ رجفة الخوف،
ووجهٌ مخلقٌ نسياناً،
فاعبر
يا نسيانُ بين اللغات المتروكة خلفَ الهواء في قلبي.
****
إن القدر مرميٌّ
فارفع صراخك في المحل
واستوحش الأرضَ،
ثمة هذرٌ ينشجْ
ثمة هذرٌ ينشجْ
ثمة هذرٌ ينشج غابةٌ من النسيان تهتك جذوري.
****
رحمُ أوجاعيَ يحترقُ
ووجوهٌ تنظر بزبد أقدارها،
كأن الآتي يأتي زبداً.
****
خذ يدكْ
يديك، واغرقْ.
لون الغارق يحملُه الليلْ.
جسدٌ مهووسٌ بالمحوْ،
منهوكٌ،
يتلو:
أدخلُ منافذ لا شيء.
أضمحل، أعدُّ لا شيء.
وسع ضفافك
ما الغارق إلا ليل فجري
****
… وأعرفُ أن دمي يأتي
بالمسافات، وخلف المسافاتْ.
مغرورقاً يأتي.
بنشيج التاريخ، باللعناتْ.
أكسو دمي بالدم
وآتي من صمخ الحريقْ.
****
مللتُ قدري
فلينح قدرٌ ثانٍ
على وجعٍ عطشان، ودم معطرْ.
****
مجبولٌ على التهتك
أمامَ الوافدين في دمي
الناطرين انصياعاً لخوفي.
****
خُذ مجوناً
لوثه بالوحل، كيما يزدانُ شهامةً.
ضاحكٌ مستريبٌ،
غائمٌ، وناعمٌ كحلُ مجونك.
****
أعلقُ باب الروح على الروح
لا رياح تمرُ من هنا. دماءٌ تشربُ دماءها.
****
ماضياً كنتُ
وماضياً سأكونُ
غير أني هنا معنىً يراوغ الضوء ْ.
****
منتشٍ، ومنفلت
لا دعاء.
رغبةٌ تحُكُ جدران هلوستي، وتغرقْ.
****
أنا هكذا، وهكذا أنا،
أشتهي ما يروحُ في الخوفْ.
****
… وأنتشرُ مثل ذبابٍ حول نفسي
وأضيعُ
غريبٌ لا يستنيبُ.
****
أنا لماذا، لأي شيء ؟! واقفٌ أمامَ مشرحتي
أزررُ نعاسَ وجعي.
ليس الطريق الذي أعبرُ
غير دم يرجفُ لأناقة الروحْ.
****
يظنون عليكَ بما أنتَ أنت ! فانحت
لوجهك ما يستسيغ.
****
خسرتُ وجهيَ في الملهى.
جسدي عطرٌ، وعطرُ وجهيَ ضائعٌ
وأنا بالضياع أضيع، لا لكي أضيعُ
إلا في الضياعْ،
فيا حارس المخانق كن لي عصيراً.
****
ليس عطشاً، ليس موتاً ما يصيحُ.
انه الآن ما يمرُ ضائعاً شارداً فيما يريدَ.
****
على فسو الوجوه عرفتُ وجهيَ خائفاً،
في الزمان المريد في قلبي.
أرتبُ وجعي، معنى يصارع الموت،
في المكانْ.
****
مندسٌ أبديةً،
رواحٌ،من وحي القدرة الصامتة.
رواحٌ ، ومجيءٌ
مجيءٌ ليس ذاهباً.
قدرٌ منعظٌ، حط سَفَالَه أمام علوّ انحداري.
****
أنسجُ خيوطيَ وحدي،
وأشتهي الذهاب حول روحي.
****
الحق وجه الطرقات الموسومة بالليلْ.
يا عرق الوجعْ.
****
مَنْ يعرفُ النوم المتقن
صفر الروح
أم تعب الركض خلف الأحلام ؟
قل لّي
يا وجهي الميت في الركض.
****
ما الذي يزرع وجهك بالنمل،
وروحك بالقمل ؟
وأنت مرمىً في الكتب
وعلى الرؤوس،
فلتقف على الأرض
مغمىً
مغمىً
بثمل الذهابْ. لستُ مما يموتْ.
2000/1421
******
سقطتْ وجوهٌ على مسكن الليلِ
واسترابتْ.
حِمَم تلوكُ الفرحَ،
وأزهارٌ تُمشِّطُ صِغرَ السنْ.
من المعنى انبجس الأنينُ ،
فكن مثلما تريد ْ
على العرصات ،
على الورق الأخضر
أنتْ .
درجت أحلامُكَ امتهانَ نفسها.
وجسدُكَ
يحاولُ امتهانَ الساعه.
29 مايو - أيار 2000
******
1
الراقصون حولَ الدمِ،
المُزهرون بفراغ اللّيل،
الملحون بالأناشيد الكاملة عن معنى الإشاراتْ.
آتون من مكانٍ غيَر عابئينَ بشيءٍ.
يشتهون الموتَ، الحلمَ،
يشتهون الفَجْعَ بالعبثِ.
أُغنيةُ ما لا ندريه،
تصل كلاً بكلْ.
2
لا وقت للموت على جسدي
لا وقتَ للوقتْ.
حُزِّمت طُرق الله،
وطرق المجيء إلى المنتهى.
فالندخن انتقال المدينة إلى الله.
6- 3-1421 - 8
حزيران 2000