أنا العابر هي المدينة
لم تكن المدينةُ اسماً
سقط من شفاه الخرافة
أو بئراً ملطخةً بدمِ يوسف ..
لم تكن حديقةً بسياجٍ أبيض
أو باباً نغلقه لننام
لم تكن قلعةً
أو بساطاً طائراً
لم تكن مخبأً لعرائسِ البحر
... لا.. لم تكن كذلك
حين فتح العابرُ حدقتيه
سمع الدوي
سنذهب ولسوف نموت
ستخرج المدينة من كهوفها ...
هل ملأنا سلالنا بالمطر
في تلك الظهيرة اللامعة ؟
سيتناسل الطينُ الذي تركناه
ستنمو الأشياءُ عاجلاً
كسيحة ومهملة ستكون
والعابر ..
كمن لا عيون له
سيركضُ بعيداً
وهو ينفث هواءً فاسداً من رئةِ الأرض
سيترك وصايا باهتة
ويبتكر اسماً للغواية
اسماً جديداً لعزلته
وللمدينةِ التي شربها قبل عدة أعوام
بجرعةٍ واحدة
و ها هو الآن
كلما حاول أن يتذكرَ
الأثر الذي قاده إليها
تلتف الدروبُ عليه
و ينهدم الدمُ في أصابعه .
***
سيناريو صغير لحلم
ليلة البارحة
تركت جلدي معلقاً
في بابِ الغرفة
وقفزت عدة أمتار
من قفصي الصدري
ليلة البارحة
تركت البابَ مفتوحاً
حين دخل الفلكيون
إلى غرفتي
يتبعهم موسيقيون
ينفخون بآلاتٍ صدئة
ومهندسون يصممون عزلتي
وحين انتهوا
تركوا جداراً مفتوحاً
في رئتي
كنت أرقب كل هذا
وحين حاولت أن أكلمهم
سقطت شفتي
حاولت أن أومئ
لكن بخاراً فضياً تصاعد
فاختلطت الأشياءُ جميعا
لكن جلدي المعلق بالباب
ارتجف قليلاً
فسقط الحلم على الأرض
كان سريري محاطاً بخيولٍ برية
ونساء يحكين قصةً
عن مدينةٍ تقتل عشاقها
كنت أحاول أن أدفع َعظامي
خارج النوم
ولكنني فوجئت بالفلكيين
يخبئون مخطوطاتهم وآلاتهم
تحت السجاجيد
فجأة التقط أحدهم
جلدي المعلق بالباب
ورماه من النافذة .
صدرت مؤخرا المجموعة الشعرية العربية الأولى للشاعر موفق السواد بعد كتابين له باللغة الهولندية .هما "نهار ابيض كالحليب" و"أصوات تحت الشمس". تقع المجموعة في 80 صفحةمن القطع المتوسط وقدم لها القاص والناقد عدنان حسين احمد ورسم لوحة الغلاف الفنان ستار كاووش.
Mowaffk_al_sawad@hotmail.com
http://www.mowaffk.jeeran.com