فهد العسكر
(الكويت)

فهد العسكرولد الشاعر في الكويت عام 1910 أو 1914 أو 1917 لأسرة كويتية تنتمي لقبيلة عنزة. وكان والده اماما لمسجد البحر مما ادى لتربية الشاعر تربية دينية، ولقد تلقى دروسه في المدرسة الاحمدية بالكويت. وبعد تخرجه من المدرسة الاحمدية سافر الى السعودية طمعا في وظيفة بالديوان الملكي وقد مدح الملك عبد العزيز بن سعود بقصيدة طويلة. وصدر أمر الله بتوظيفه بالقوات السعودية بوظيفة كاتب في منطقة عسير. إلا أن هذه الوظيفة لم ترض طموح الشاعر الذي كان يطلب وظيفه بالديوان الملكي مما دفعه الى العودة للكويت قائلا قبل عودته: أنا من حملة الأقلام لا من حملة السلاح . ولقد توفي والده وترك له ميراثا وأخذ ينفق على نفسه من هذا الميراث الى ان ساءت حالته الصحية واصيب في عينيه، مما أدى لفقدانه البصر وبالتالي سوء حالته النفسية الى ان توفي.

كتب فى الغزل والسياسة والمديح والرثاء، ولقد احرقت اسرته معظم اشعاره بناء على طلبه «حتى لا يلوك الناس سيرته بالخير أو الشر».

كفي الملام وعلليني .. فالشك أودى باليقينِ
وتناهبت كبدي الشجونُ.. فمن مجيري من شجوني
وأمضّني الداء العياء.. فمن مغيثي من معيني
أين التي خلقت لتهواني.. وباتت تجتويني
أماه قد غلب الأسى.. كفي الملام وعلليني
الله يا أماه فيّ .. ترفقي لا تعذليني
أرهقت روحي بالعتاب .. فأمسكيه أو ذريني
أنا شاعر أنا هائم.. أنا مستهام فاعذريني
أنا من حنيني في جحيم آه من حرّ الجحيمِ
أنا تائه في غيهب.. شبح الردى فيَّ قريني
ضاقت بي الدنيا دعيني أندب الماضي دعيني
وأنا السجين بعقر داري .. فاسمعي شكوى السجينِ
بهزال جسمي باصفراري .. بالتجعد بالغضونِ

***

وطني وما أقسى الحياة به على الحرّ الأمينِ
وألذّ بين ربوعه من عيشتي كأس المنونِ
قد كنت فردوس الدخيل.. وجنة النذل الخئونِ
لهفي على الأحرار فيك.. وهم بأعماق السجونِ
ودموعهم مهجٌ وأكبادٌ ترقرقُ في العيونِ
ما راع مثل الليث يؤسر وابن آوى في العرينِ
والبلبل الغرّيد يهوي.. والغراب على الغصونِ

***

وطني وأدت بك الشباب وكلّ ما ملكت يميني
وقبرت فيك مواهبي واستنزفت غللي شؤوني
ودفنت شتى الذكريات.. بغور خافقيَ الطعينِ
وكسرت كأسي بعدما.. ذابت بأحشائي لحوني
وسكبتها شعراً رثيت به منى الروح الحزينِ
وطويتها صحفاًَ ضننت بها وما أنا بالضنينِ
ورجعت صفر الكف منطوياً على سرّ دفينِ
فلأنت يا وطني المدين.. وما هزارك بالمدينِ

***

وطني وما ساءت بغير بنيك يا وطني ظنوني
أنا لم أجد فيهم خديناً.. آه من لي بالخدينِ
وا ضيعة الأمل الشريد.. وخيبة القلب الحنونِ
رقصوا على نوحي وأعوالي وأطربهم أنيني
وتحاملوا ظلماً وعدواناً عليّ وأرهقوني
فعرفتهم ونبذتهم لكنهم لم يعرفوني
وهناك منهم معشر أفّ لهم كم ضايقوني
هذا رماني بالشذوذ وذا رماني بالجنونِ
وهناك منهم من رماني بالخلاعة والمجونِ
وتطاول المتعصبون وما كفرت وكفروني
وأنا الأبيّ النفس ذو الوجدان والشرف المصونِ
الله يشهد لي وما أنا بالذليل المستكينِ
لا درّ درّهُمُ فلو حزت النضار لألَّهوني
أو بعت وجداني بأسواق النفاق لأكرموني
أو رحت أحرق في الدواوين البخور لأنصفوني
فعرفت ذنبي، أن كبشي ليس بالكبش السمينِ
يا قوم كفوا دينكم لكمُ.. ولي يا قومُ ديني

الشرق الأوسط
26-12-2007