عصام عيسى رجب
(السودان)

إلى: الهادي أحمد علي

قالتْ امرأةٌ في المدينةْ:

- السَّكينةْ
ما يتصاعدُ من ذكرياتٍ مع التبغ
وقد غفل الهمُّ عن القلب
أو فتصاعدَ مِثلَ الدُخانِ الهَرِم

والسَّكينةْ
طيرٌ إذا حنَّ
غنَّى مواجِدَهُ للشَّجر
ومالَ ببُحَّتِهِ للوراء
فاخضرَّ نهرٌ
وطارَ جبَلْ

والسَّكينةْ
كأسٌ تُسارِرُ خمرَتَها:
- شِفِّي، تشِفُّ بك الروحُ
عاشِرةً
وترِفُّ السَّكينةْ

والسَّكينةْ
بحرٌ رهيفُ
كما آخِرِ الشُّعراء
يُخبِّئُ جيشاً مِن الموجِ
في بُردَتيهْ
كي تمرَّ السَّفينةْ

والسَّكينةْ
ما ضاعَ مِن بلَدٍ
لم تصنْهُ الأناشيد
فهوى مِثلَ صخرةِ "سيزيف"
نحو سفحٍ بعييييدٍ كما الحُلْم
غارَ بخيبَتِهِ واندثر

والسَّكينةْ
كَفُّكَ
وهي تَسافِرُ في جسَدِ امرأةٍ
تنامُ كما البحر
تجوسُ أصابِعُك المغمضاتُ
فيثقُلُ موجُ تنفُّسِها،
مثلَ القصيدةِ
حين يكونُ دوارُ النشيد،
فيشهقُ نهدٌ
كأبهى غريق

والسَّكينةْ
ما رددته المياهُ
على مسمع الصخرِ
حتى ترقرق منه الكلام
حنيناً حنينا

والسَّكينةْ
أنْ يقرأَ الوردُ طالعَهُ
فيرى مُشتَهاه
ثُمَّ لا ينثني نحو ضؤٍ
عفتْه البنات
فباء بظلمتِهِ وانتحر

والسَّكينةْ
أولُ شئٍ تراه
حين تفارقُكَ الروح
تنتظرُكْ
على دَرَجِ الغيمِ
مِثْلَ الحبيبةِ تغزلُ شهوتَها
ويطولُ السَّفَر

والسَّكينةْ
أُختُكَ تمشي إلى بيتِها
في السَّماء
لمْ يعُدْ ها هُنا
غيرُ هذا التَّعب
غيرُ جِسْرٍ يُعلِّقُ حَيرتَهُ
في الهواء
لمْ يعُدْ ما يُليقُ
بضحكتِنا في الفرَ ح
أو فبدمعتِنا إذْ تسيل
لمْ يعُدْ مِن مكان
لمْ يعُدْ ما يضيق

والسَّكينةْ
ما نسِيَتْهُ الملوك
حين استقامت إلى السيفِ
يكتبُ سيرتَها
ما استكانَ لَهُ الدم
أو غشتْهُ الضغينةْ

والسَّكينةْ
هي نهدُ الفتاة
لمّا يراوِدُ َكَفَّ القصيدة
عن حبرِها
َّ ثُمَّ يُكوّرُها قبضةً من هواء
أو فهي ليلُ المدينة
ساجٍ على عاشقٍ
قبَّّلته حبيبتُهُ قبل عام
فاحتلمْ

والسَّكينةْ
ما شرَّدتْهُ الحياةُ مِن الشِّعر
تهِفُّ عليك القصيدة
كأشهى النِّساء
وتجفِلُ حين تهشُّ عليها
ببعضِ انتشائك
ولاتَ غِناء

والسَّكينةْ
آخِرُ طيفٍ يلوحُ
بسُمرَتِهِ للجنود
حزيناً كأنْ لم يخلُقِ اللهُ
سوى الحزن:
- إذاً، فلِم كانتِ الحربُ
وها رايتانِ مُنكَّستانِ
ودمٌ غارِسٌ رُمحَ لعنتِهِ
في العراء ...؟!

والسَّكينةْ
طِفلُكَ يبكي،
لأنَّ الشِّتاءَ طويلٌ
كدرسِ الحِساب
ولأنَّ العذاب
هو أنْ يُضيِّعَ مِمحاتَهُ
أو تختفي لُعبَةٌ
تحتَ بعضِ الثِّياب

والسَّكينةْ
صُورتُها ....
وهي تطلُعُ مِن
بيتِ شِعْرٍ وحيد
كتبتْهُ الرياحُ على خَصرِها
حين غطَّتْ سماءٌ مفاتِنَها
كي يضِلَّ المَطر

والسَّكينةْ
ليلٌ بلا أسئلة
يمُرُّ وقد وضَعتْ
أوزارَها الحربُ،
نامتْ يدٌ تُمسِكُ السيف
وأُخرى تُطوِّقُ عُرياً فسيحاً
كما شهوةٍ
مُنذُ بدءِ الخليقةِ
قد سقَطتْ مِن سرير

والسَّكينةْ
نحنُ النِّساء
سيِّدات الحياةِ الجميلات
رياحين أنفُسِنا
أجسادُنا تكتبُ الشَّعْر
والحربُ ترقصُ رقصَتَها
في البعيدِ البعيد ....
في خيالِ الجنودِ المُرفرِفِ بالموت
والذِّكرياتِ الدفينةْ

والسَّكينةْ
هذا الغِناءُ الذي
سكَبتْهُ بناتُ الحنينِ
على مَهْلِها
هُنا كان وجدٌ يسيل
وهُنا طارُ طيرٌ ولم ...
وهُناكْ،
رسَمتْ يدُها وجهَهُ
شارِداً مِثلَ بالِ الغزال
ثُمَّ نادَتْ: تعااااال .....

والسَّكينةْ ......

essam.rajab@gmail.com