عبد الرحيم حسن حمد النيل

(1)

وحيدٌ على أرصفة الطلسم وقد يعترف الخرائط،ُ
هتاف الجهات الممض...
صورتها الكشوف التي تموت نزوعا ًعلى أحوال الطول
و العرض... وهي ذات الخصومة بين الضوء والأسود
الهزيل...
على إيقاعات الرفيف و المفاجآت النائمة...
أكتب شهوتي في العراء المكلّل بالنسيان
شاهقةً في أنين الوحشة ووهدةَ المكابدة،
وغائرةً في الأصابع الدقيقة للانفعال..
أكتُبُني على الريح وغيم المساورة و السطوات
فينمو...
مطلقٌ في فلوات الشاهق

(2)

أيها المحتضر خارج أشياءك
القليلة...
يا كناريُّ التصاوير الجديدة، ...كيف...تموت؟؟!...

(3)

يكتبني كالمعصية
اعتلى حبره
فيلوي على ورقه و يرسمني
يفهم كآبته...
أكتبه.

(4)

يا مراياي...
المنكسرة على إحداثيات الروح
من سيفكُ طلاسم صمتك؟؟!... هذا العناد المقيت
على زواياك الميتة قبل ضوء؟!..
ولماذا تكاثرينني في البعيد الملتصق بحواف
البدايات الهنا؟!!...
قلتُ:
كلهم أفلتوا من الصرير، كانت ترتع في المنزل الخاطف بين فرجة الباب و بين مساء يقلم في الروح تمتمة طازجة/ كانت ترتع صباحات من التصويب الملح.../ كلهم أفلتوا من غابة الامتحان برسوب بليغ../ كلهم/ وجهها/ وهي تقرقص علكة النسيان بين بحيرتين.../ كلهم أفلتوا من شفتيها../
وحدي إلى............................................الضلالة الخالصة؟
أنطقها الوحيدة.
قلت والقبر ينشئ من نكهتها لغة قديمة:
تعالوا يا المسافرين في شوارع نسياناتها، هذبوا أمسكم بغدنا المالح، طففوا شهواتي لئلا تفيض، حدقوا، كأنكم ستفهمون رعب الشهقة التي داهمتني في هزيع الذهاب الصغير، كأنكم تعرفون قبل البداية...رعبكم، قلت والقبر ينسج صكا كاملا من البداءة والوقت:
ها عافية المسألة تهرق أقمارنا الوفيرة..؟
ها دمي
يخلق طفلا سمحا على فلوات غيابك الباذخة
...لكنها ستتعرى على التيه كله. كلما ذهبت إلى الجسد، ساهرت السهوب.. ومضت إلى غموض الريح../لكنها ستومض ذاهبة إلى الإشارة،..ستجهر مثل محنة داعرة../ لكنها../
فلا تسعني دسائس النبل على نعشي الموشى بإنتظاراتها البهيجة/
لا تسعني جرأة..أتقدم كلي إلى ألم التناهي. لا يسعني فرااااااااااااغ.
لكنها الآفلة على أرجوحة المعنى، إذ يهدهد حرفا من العزلة/ خائفا من هدوء المكابدة...آن تتسامر تخوم مغسولة بالملل مع ساحات الكآبة.../ لكنها...... ستنتحب.

(5)

وجهي شريداً يقول ضياعي الطويل...
عيناي تجيدان المساء عالقتين في طريق خرائبي
لا مناص:
مراوغةٌ سمحةٌ لأجل هذا...
ومدىً رهيفٌ على قماشة السماء...
فأَنسَ وجهاً طفلاً - أيها الضوء ،و تناثر، أنتَ
الصاعد على سمواتي... تبقَ نسيجاً ، تَصاعَدْ على المهشّم
المرايا، على ما كنته من الموت، على الموت، و لتكن رفيقاً طيباً
إذ تجيء قسوةً من المستحيلات-
و أرتفع معي... إلى أُمومتي
حيث الأناشيد صاغرةً توغر صدر الغناء... تتماثل للسماء...
لا مناص أيها الضوء:
شروخُ صمتٍ ، وكل سنواتٍ كالقفل: استردوا
نوباتكم مورقةً تعدو من الفناء الأسيف ولا تنتظروا
مجرات الرؤية تقذفكم على أبد الفلوات البعيدة...
[ يا الذين يطربكم اللجوء لدمي- من شقائي تعبرون- تمرون بقلبي قبو النسيان- تمرون من عذوبة جرحي و تنتصرون لابتسامكم
هكذا توجعون أمسي
هكذا لن ينقذ الموت طفل الخلود..]
(الراكضون يرسمون بعصيّ العجلة أيامهم يرمون بها
من أوراق الخشونة والفقد والجلافة...
يكتبون النافذة آسفين كثيراً ، مسرورين قليلًا...
لما جرى أمس - حين صدقت الأبواب نشيجهم الزائف...
لا تحزنوا عليهم ...لا تحزنوا على أحد...)

(6)

مطرٌ يطيل المساءَ ....نجومٌ زرقاءُ تقود الروح
نائمةٌ إلى النهر....
(كنتُ رسماً بهياً يتُها القصيّة،...
وطنكِ المكسور يستعيد نبوءاتي كي يرى الرجلَ
الذي يتقمصني، و الزوارق هذه التي بين أغنياتك تتسلى بالدندنات
حيث الشهقةُ تفهم الأزل
القابع على جسر المصادفة....)
مطرٌ يطيل المساء،
شاطئٌ صخريٌ
قلبٌ صخريٌ
اعطني أيها الضوء ما خسرته لأجلي
اعطني ما ستخسره على المرايا-الغافلات عن تاريخنا معا
هاته-الخراب-كاملاً، أسماؤك منعمةً
كالانثناءات...يا ضوءَ، طفلي...وأركض...كُن
صعودك بالضجيج الذي نظن، تُزيّن العتمات بي
وتمازج أجيالي في البعيد....
هاتَهُ- البصر قاتماً-ما يعرف على استحياء الدم
ما يُعرف كما البنات يختبرن صبر البحيرة والمياه بأجسادهن....

(7)

جثث الأشياء تطفح في سطح الورقة...
كلمات أسيرةٌ،يا ضوء...سنرجع
إنها بداءات تتخلق فيها الأقواس الكاملة
سنرجع:
هذا البهاءُ يفهم بعض مترادفاتُكَ-
(لا مصابيح:
ركضٌ للتحايل على الحياة؟!! ... يرتضي الراكضون
من الأمس المثلج كما مظنة- مهزوماً كجنينٍ لم يكتمل،
يعني لا يرونه في حالاتي...
يرتضي الراكضون هذا الصباح الذي يُقعى كبديهة على ذاكرة
الشيوخ....
لا مصابيحَ:
دعوها: الأشياءُ أبوابٌ لا تفضي لكم... همهمات البلاط وصرير
الوقت السميك-كقلبها)

(8)

في المرسم الرابض تحت صوت النداء....
يُقعى وطن الخراب رمادياً،
ويركض

(9)

الأوراقُ- بمساديرٍ ما وأحلام مؤبدة- شوهت بياضها المؤكد،
حركت هذا الهواء الطفيف بين الحبر و الشرخ حركت هذا الدم
مشعلةً
حرائقاً وحيدة على أمسيات الأمثلة
قَرّبت بهوامشها أطراف الكتمان و التمتمات الطازجة على
اشتهاءات الروح،
وأمام أبواب الأناشيد والمفردات
ارتضت موقف السابلة أمام عصافير الآخر المنحدر من صيف
الاحتجاج
الأوراقُ - ذات بقعة حبرٍ هائلة- ارتضت هذا النزوح السريع نحو
طقس الثرثرة
بالعرق المعَتّق على أطراف المدينة وعقل المسافر الوحيد - بأسماء
كتلك التي
ينطقها أطفالُ الكتابة لحظة الصمت الأول في درس الحياة المُمِل-
الأوراقُ - على أصابعي نفعل المزيد من السرنمات...
نفعل كل الذي يخشاه الحرّاس

(10)

يا فاكهةً لم تعثر عليّ قط
أيتها اللحن المرتبك قليلا / كثيراً على حافتي ...
يا....وجهك الصباحي - الدائم الشغب
عمدي لي قصائدي السريعة، إقرائي عنى نشيد الوقت
عسانا نفهم مَن هناك ، لنعرف شيئا عن مصيبة العناد الماثل،
فأفتح بالعالم- بريئاً- نهر الغناء المُعلق على أطراف الزمن الآسن-
إقرائي كل هذا الجسد.

(11)

....لن يكون علي أن أعثر على الجهات لأسقي حديقة
الذكريات المهملة...، إذن لن يكون عليكِ أن تجدي
حذائي لتفهمي ذكريات الطريق...، لن يكون طريقاً
قبل أن تجف وعورة القبلة التي وجهها صمتك لي على مقربة من
صباح
اليوم ... على مقربةٍ من كل صراخ الكائنات التي تطلع من زهو
الغيبوبة والخدر والمخاتل
...لن يكون عليّ - إذن-أن أجفف هذا الَبللْ الحرام
الذي يتراقص بين ثياب الروح وعنفوان الهسيس الذي أربك اللهاث
....
لن يكون عليها النُعاس الحزين.

(12)

الشهقةُ-من صباح الأوراق المراوغ-
ذات النحيب السريّ الغارق في دهاليز عتمتها...
الشهقةُ -بالأنين الزائف - لا زالت تنادي في ليل الصوت الآهل
بالمعرفة والمجيء المُلتبس- تصغي لزعانف
الوقت وهي تراقص أمواج السنوات الفائضة...
قابعةً على زوايا الشريان- تقذف أوراقنا في عناء البوابات نحو
زفير المعنى- الشهقةُ-نعاسُها هذيانات الجسد المُعلّق انتظاراً-
تنتظر سلالاتها المهرقة في فضاء المفاجأة والاحتباس،
وجهها الواهن بالكتب نزوعاً لصراخٍ قد ينفجر:
الشهقةُ:....
غواية الأنثى -منتصف بدء الحديث
والمبالغات
شحوبي اليكل دائما في النزيف...

(13)

أبد ٌقليلٌ كالرهان يفتح القلب بأوراقه
أيها الضوءُ ، قَدِّم له عتمَاتها ، عتمة شفتيها...كالرحيل،
قَدِّم له المزيد من ثيابك الصغيرة، قدمني له كمشروب عاجل، كتعب
كسير و مستوطن...
أيها الضوء يا الذي نأتيك- قَدِّم لنا تلك المخالب العاطلة عن الأزل...
أشياء صقيلة وطائشة، نرتِّب لك الوجه متمثلاً
لشجرة آيلاً لغربتي الوحيدة...
قيد أملٍ ستشقى به- أعني سأشقى به....

(14)

قتيلٌ هذا النشيد
والحياة قليلة يا ضوء
الأوراقُ كما تركها السابلة على دمي، تتناسل في كالظنون،
مقيدةً بسلاسل طلاسمي العتيقة-فأنفتح عليّ ككتاب الفقد....
حيث يتولى أموري شتاؤك القاسي-شتاؤك بأغنياته القارصة....
(كالراقص البارع على خيطه
تفركُ ورقة العالم بضجر
ثم تقذف الخلود نحو هذا الجنون)

(15)

هناك
ستغفل عن ما ترتِّبه اللعنات
ستغفل
حتى لا تريق صوتك-قبل الهناك-
هنا...
ورقٌ مخاتلٌ وغريب
يغنّي وجهك

(16)

النهرُ:
أن الروح تغافل الضوء-عادةً
كالنصل
كأن هاوية على قلبك...
هكذا لا ضفة
ولم يمر غناء عبر هذا الثقب-
النهر:
أبصرني انزع جسداً
وأحط على مملكة البدء
غامضا.......كاللاشيء.

(17)

مكسورٌ على هذيانه
تتقمصه الصور الكبرى
يتسلل في الصمت الواهن
يتسلل في العدم...
يومض في كفيه العالم
يبرق في الفضاء القديم
...............................
الصور الأولى-- الكبرى
تنهش رسم الذهن
ترسم وجه الاتجاه

(18)

لماذا عليه أن يمضي
بعيداً........
أو....... يختنق؟؟؟!.....

(19)

(يا شهواتي....
أيتها الغصون النحيلة كوجه أبي....
يا شهوتي)

(20)

تعالَ يا ليل
تعالي يتُها المصيبة
نثار من نهر يروض الألوانَ على البياض
والغافلُ الرشيق...مجنح الحواف
يرسم فكرة النجم و أسماءه
هل تراني أبصر التمائم على حال ما يكتبه الموج؟
نثار ٌمن نهر هذا
اكتمال البداية لمساء الشتاء البهية، فتعال
يا ليل...
تعالى أيها الإله اللعين....
حسبهم الراكضون تكتفي بأشكالهم الدروب

(21)

مشتعلا.ً..
يترقرق مني النهر ذاته....
أبصرني:
أغلِّف الشط بأحزاني
أُرتب الخلود والحياة في قبرٍ صغير
أبصرني:
أعلِّق الريح على هدوءٍ هائل
وأزجُُّ بالذاكرة في المنعطف الوحيد

(22)

في البعيد:
لون الحمامة
لو طيَّرتها فصول المحاولة
لشرخ فضاء النسيان
في البعيد:
ما انتظرته طويلاً
ولم.............أجيء!!!!.....

(23)

(.............وظلت عالقة في مشجب الذاكرة والغناء-
في دروب الذهن والشرايين-
فجأةً: تشعر بها...لآخر مرة
فجأة:
في فلوات الكائن....الماء.

(24)

(...........افعلنَّ يا أوهامي شجر المسادير الرطب، كي نفعل السماء
مستكينةً على غيِّها-
غيَّ النسيان، كي ينثر المساء بشهوته هدير الألم ويرتِّب غيم
المسألة، يا للمسألة!!....
يا لمسألة الغيم وأحواله المتقلبة...هيا يا أوهامي إلى البياض نوفِّر
عنه هذا السهر الجبان...
هكذا مغلولا ًكأنما استوفى شروط النسيان فتاهَ في العدم....تعاليَنَّ
إليَّ في الحصاد المقيم و اهتفن معي:
غلِّف وجهك أيها الأبد بصباحٍ من الأطفال فها هي رسومك في يدي
توقد أورقها ....رياح، و ها هما
حاجباك على تلٍّ من الإهمال الذي لا يرتبه شريد....ولا يؤنثه
شفق، أبدٌ كشرنقة المكيدة....
وللقصيدة أسماؤك يا ضوء....للصدى صوتك يؤلف الأحلام كاللهب
في دمك ، اتبع المخاطبة التي يترنّّم على إثرها المقتفي......./ يقتفي
أمومته الضائعة عليك....
إنه قدر النزوع الذي علَّمه معنى الرياح
إنه قدر المساء يتلفت من وجهها ....الأرض.)
سنرجع:
أبداً يتعالى القادر
والغربةُ، طائرة تعلّم الفضاء ملابساته
سنرجع:
موجٌ كما في غدير الفلوات
والكلماتُ مسمومة تلوث الأخيّلة
سنرجع:
هذا طلسم الأمس ولونه على حطام الطريق الضيِّق...طريق
الحيوات
اكلما ارتهنتُ إليكَ، يا ضوء......اكتشفتك شاسعا ً، تترنح فيك
الجهات لاهثةً
تترنح فيك المشيئات؟؟!.....
تجيء، يا ضوء إذ يضيع الحطام

(25)

(للصدى خطواتٌ:
للطريق مزاج الكمين
سأعدُّ الغناء طازجا....
سأعد شِباك الحنين)
يا للمساء الذي يهدهد للحديقة ما تتعلَّم الحديقة في أنحائه:
يا لك مساءاً يشتبه الغريق في أمره
يا لكَ،.....صافني...أُحدثك على نهاية المساء القادر...أنت المساءُ
المُراق....تُنسَّج على قبضته أزمنة الصمت...ينضج في عزلته
صباح المغاليق...
أيها السادرُ،....
يا شتاء "الزرزور" على أنحاء الروح
أيها الختام الذي يغلَّف بالعدم كي يعترف
لأنك.....
وحيدٌ على أرصفة الطلسم.

شمبات 2004
مايو