فاضل سلطاني
(العراق/لندن)

حفلة في سوهو

lostpicكيف تكلكلَ فوقي الليلُ،
تلك اللحظةَ، في سوهو،
حيث تعبُّ الأرضُ الضوءَ من كلِّ زوايا الكونِ،
فتكورت الحربُ،
وإنتشر الجندُ الموتى فوق البارِ،
وانهمر النورُ من زاويةٍ في الكونِ
على ساقِ امرأةٍ عابرةٍ
تلك اللحظةِ في سوهو؟
من أين أتى الجند الموتى،
وهمُ ماتوا قبلي،
ورأيتُ قبورهمُ
في زاويةٍ في تلك الأرضِ؟
كيف انتشروا في البارِ
نظيفين من الموتِ،
ثمَّ تصاحبنا،
ورفعنا نخبَ العشاقِ المخدوعين،
وتبادلنا الرقصَ على الأرضِ؟
كنا نعرف كم نحن نحيفونَ وهشونَ
كما القشّ وراء زجاج البارِ
حيث يعبُّ الكونُ الضوء الأحمرَ من ساقِ امرأةٍ
عابرةٍ في تلك اللحظةِ
من زمن الله الضائعِ
في تلك البقعةِ من سوهو
فنغيمُ..
ينطفىء الشارعُ والبارُ،
ويرحلُ في جنح الليل ِ
جنود الله الموتى..
انتهت الحفلةُ
والفجرُ تنفسَ،
مزدهراً بالدنيا، والبشرِ الضاجينَ
على الأرصفةِ البيضاء
حيث يرشُّ اللهُ الضوءَ المشروبَ طوال الليلْ
فأعودُ
وأنا أتعثرُ طولَ الفجرِ
بأحذيةِ الجندِ الموتى.

احتفال

يظهرون
فجأة في الضياء
- منذ بعضٍ من الليلِ-
أحبابيَ الكثرُ
-كم تناسل أحبابيَ الكثرُ!-
يولدون
فجأةً
يكبرون
فجأةً
ويموتونَ- بعد حياة-
في غرفتي.
أم تراهمُ يختبئون؟
غير إنيَّ أعرفهم
واحداً..واحدا
ذاك وجه أبي،
وجه أمي،
ثم أختي
ورابعهم ربهمُ
وبينهمُ عصبة الأصدقاء.
إنهم يولدون
نطفةً.. نطفةً
من شراشفَ مرميةٍ في الزوايا.
إصدقاء الإله
فجأةً يكبرون
في الزوايا
ويصلّون فوق الكتب
اولئك النائمون
منذ بعضٍ من الليلِ
والراكضون
منذ جيل من الأرضِ
في الطريقِ إلى غرفتي
يجتمعون إليّْ
هذه الليلةَ- المائدة
نتبادلُ نخبَ الحياة
- تأخرتَ جيلاً من الأرضِ
أم تراكْ
لعبتَ علينا
ومتَّ هناكْ؟
يختفون
بعد جيلٍ من الحبِّ
إلا من الهمهمات التي تشرب الضوء في الفجرِ
ثم ترحل في الأرضِ حيث أدورُ
- طبتَ أرضا
أم تراكَ
تعبتَ قليلا؟
نراك هناكْ.

جاز

من أين يجىء الصوت؟
أي ملامحَ من وجهِ أعرفهُ
يصعد نحوي مخترقاً
حاجزَ صوتِ الموت؟
... ومغنيةُ الجازِ تبحُّ طوالَ الليلْ
وتطولُ سلالمُ نغمتها..
تتلوى فوق الجدرانْ
من ألمٍ..
تتزاوجُ أقدامٌ فوق المسرحِ،
يولدُ أطفالٌ ثم يشيخونَ،
وتنشب حربٌ ثم تموتْ
ومغنيةُ الجازِ تبحٌ طوال الليلِ
يطيرُ الصوتْ
منها ثمّ يتمددُ فوق الجدران
لينامْ
من ألمٍ..
ويخبُّ الرقص’قليلاً فوق المسرحِ..
ثمّ يموتْ
لكن من هذا الراقصُ
يتقدمُ نحوي
مخترقاً حاجزَ صوتِ الموتْ؟
من كان الراقصُ؟
هل كان أنا؟

"المدى " البغدادية)