عبد الكريم الرازحي
(اليمن)

إلى روح صديقي الشاعر الفنان
والمهندس الجميل : عبداللطيف الربيع

هذي (خُزيمةُ)
قلب المدينة
كل الشوارع تبدأ منها
وكل الدروب تقودُ إلى بابها
إنها بيتنا
قبلةُ الأدباء
وحاضنة المبدعين
كتابُ التراب
الفضاءُ الوحيدُ المتاح لهم
وحدها
تستضيفُ الأحبة كل صباحٍ
وتفتح أبوابها للعزاء
هذي "خُزيمةُ"
سقفُ المدينة
من فوق "جسر الصداقة"
من شرفات البنوك
الفنادق
من كل بيتٍ
تطلُ علينا
ومثل الثريا
نراها المساءَ معلقة فوقنا
المدينة مقبرة تحتنا
هي كابوسنا
"خُزيمةُ"
أنت يا أمنا
ياكتاب التراب
ويا واحة المتعبين
إن صنعاءَ مقبرةُ المبدعين
المواهبُ فيها تموتُ
خذينا إليكِ
الشوارع صارت تلاحقنا
والمآذن تصطادُ غزلاننا
مئاتُ البلاليع من حولنا
وليس لنا
من ملاذ سواكِ
أنتِ الملاذُ
إليك نفر بأوجاعنا
فكوني لنا وطناً
ولنا كفناً
وسط هذا العراء
<<<
"خُزيمةُ"
ياموطن الأنبياء
ويا وطن الأنقياء
كوني لنا عاصماً
في زمانِ الوباء
سلماً من تراب وطين
فإن الحنين إليكِ
حنين إلى الله والطيبين من الأصدقاء
< < <
مرة في المساء
مررتُ بقرب "خُزيمةُ"
أبصرتُ نوراً يشعُ
فقلت : إلهي..
"خُزيمةُ" أنوارها في المساء تُضيء
القناديلُ مطفأةٌ في الشوارع
كيف تُضاءُ المقابر
ضوءٌ يلوحُ من أسوارها
فيما المدينة غارقة في الظلام
تبوحُ بأحزانها
تلعنُ "الكهرباء"
رد صوتُ عليَّ وقال :
تلك أرواحهم في الظلام تشعُ
ذاك العمودُ ألـ يضوِّي هناكَ
روحُ الملاك
صديقك "ابن الربيع"
أتذكره!
قلتُ : "عبداللطيف"!
إنه صاحبي
كان شخصاً جميلاً
لهُ روحُ طفلٍ
وكان خفيفاً
أخف من زهرةٍ في الربيع
ولكنهُ خانني
تركني وحيداً
وصوب "خُزيمةُ" فرَّ
سبقني إليها
لماذا امتطى جرحه؟
ومضى وحده
اختفى فجأة ظلهُ؟
يالهذا (الربيع)
الذي خانني في الشتاء
إنهُ أجمل الشعراء
الوحيدُ الذي أتقن فن الجنون
تفنن في كل شيءِ
وأبدعَ في كل فنٍ
من اللونِ
والحبرِ
والطينِ
من حجر ميتٍ
ومن قطعةٍ
خردةٍ
))طنفسه
شكَّل أجمل أحلامهِ
مزج الشعر بالهندسه
فن العمارة بالهلوسه
واحتفى بالصداقة
في بيته المدرسة
إلتقى أجمل الأصدقاء
#كان المرحوم مهندساً معمارياً وفناناً تشكيلياً وشاعراً وكان مبدعاً في كل هذه الفنون إلى جانب كونه صديقاً رائعاً.

*خزيمة: أشهر مقبرة في صنعاء

عن موقع (المشكاة)- 2005-06-23