أدونيس
(سوريا)

-1-

أدونيسمُنذ أن يبدأوا الغناءْ
تَستبدُّ بهم أرضهُم وتعاليمُها.
منذ أن يفتحوا الطريق الى حبّهم,
تَقْتَفِيهِمْ كلابُ الحراسةِ من غرفٍ في السماء.

-2-

ذئبُ ليلٍ طويلٍ
يخرج الآن من مقلتيه:
المزامير في غابةِ الفجرِ مكسورة

-3-

برؤوس المجانين, أو ببلاطٍ تمد عليه
موائد أحلامهِم,
يبدأ القرن تاريخه.

-4-

نقشتْ فوق جذعٍ من الريح أسماءَ عُشاقِها,
لم أكن بينهم -
كنت ميراثَهمْ.

-5-

رجموا وردةً -
كان بين الحجارِ التي سحقَتْها
رأسُ قاضٍ قتيلٍ
لم يَشأْ أن يُجَرِّم أو أن يُحَرِّمَ
بُستانها.

-6-

لست أولَ مَنْ قال:
باب الخروجِ الى الأرض تفاحةٌ.

-7-

دائماً, تخرجُ النبواتُ
من حزنِ قيثارةٍ.

-8-

أتذكَّرُ أنَّ الطريق الى ليلِ حبّي
لم يكن نجمةً.

-9-

لستُ أول مَنْ قال: لا مُلْكَ للشعرِ. أيّامه
مِن ضياعٍ ونفيٍ. وكرسيه
جِراح.

-10-

جاءَه الضوء والظلُّ مِن فتنةٍ ومِنْ حكمةٍ:
لُجَجٌ من ضَلالٍ قديم
ومن قلقٍ والتباسٍ,
تتصارعُ في نفسه.
وشرايينه
درجٌ في جحيمٍ.

-11-

موقنٌ أنّ جِسْميَ في شبه غيبوبةٍ
ملءَ غاباته المُقْفِرَةْ
يتنوَّر أشْلاءَ حبي: تقاطيعه,
وانفجاراتِه,
وَرُؤاهُ.
يتنوّرُ أعشابَهُ المُسْكِرَهْ.

-12-

لستُ أول مَنْ قال:
بيني وبين الأُلوهةِ جُرْحٌ
لا شفاءٌ له.

-13-

أجَّلَ الضّوء ميعاده:
لم يجد في الطريق اليه
غير أشْلاء أبنائه.

-14-

لست أول مَنْ قال:
جِسْمُ الشّرائعِ لا روحَ فيهِ.

-15-

لم أَعُدْ أتذكّر كُرسيَّها
والشموعَ التي تنحني حوله.
لم أعد أتذكّر لونَ الفراشِ الذي ضمّنا.
نسيت عادتي حالها:
لم أعد أتذكَّرُ غيرَ اكتشافِ الطريقِ اليها -
الى بيتِها.

-16-

قاتلٌ -
يتعطرُ بالجسدِ الميتِ بين يديهِ.

-17-

(كلّ جُرْحٍ صَلاةٌ):
قال في نفسه,
يتذكر أوجاعَهُ.
مِنْ جيوب لياليهِ تَهْوي عليهِ
أنجمٌ مَيْتَةٌ.
(باطِلٌ كلُّ فَجْرٍ
لا يكونُ طريقاً الى نشوةٍ):
قال في نفسه
غارقاً في دُجُنَّةِ أوجاعهِ.

-18-

شِعرهُ مثلُ غيمٍ
يتبَخَّرُ من ذلك المحيطِ الذي رسَمتْهُ الفجيعهْ
في هواءِ الطبيعهْ.

-19-

لستُ أول مَنْ قال:
شكْلُ الخرابِ القديم حديثٌ.

-20-

غالباً,
عندما أتركُ البيتَ في أول العشاءْ
أنحني وأُحيّي
شمسَ تاريخِنا.
غالباً,
كلّما عُدْتُ في آخر اللّيل للبيتِ,
أسمع حول النّوافذ ما يُشْبهُ البُكاءْ.

(برلين, أواخر حزيران/ يونيو, 2002)
(25/7/2002 )


إقرأ أيضاً:-