..هذه فاجعة.. تصور غير منطقي
أين سيصل؟ ما الذي يُريد؟، الضمادات نادرة والنقّالات بلا مقابض، وأمام المرايا يقف الدوق (1) Alva، يترقب آخر الرجال.
أسفل الشرفة، على عشب سمين، يجرجر الببغاء (2) حوصلته. يصعد قوس الرخام، درجةً، درجةً، يستدير يحاذي المرآة الكبيرة، يجتازها، ينحني ليلتقط ما سقط منه: حوصلته.. مثانته.. أمعاءه الغليظة، يستأنف مشيته على القطيفة الحمراء، وأمام الدوق ألفا Alva يردد كلماتك بارتجاف، بتلخيص مفعم بالأخطاء أو الانهيار يردد كلماتك، ملتصقاً، ريشه، ساقاه الجربتان وبصاق التلف الآسن في أضراسه، ملتصقاً إلى نعمة المرايا أو الرخام.
في أسفل الشرفة وعلى برودة العشب السمين تتقهقر المشاعر كلها.. وتستقر في حوصلته المشاعر كلها، يصبح لها طعم مختلف شبيه ببصاق تلف الأسنان.
فيليب (3) .. ربما نداءً المرآة هذا [نداءً يأتي من مساء المصادفة].
فيليب أنت نداء النقّالات المتروكة في العراء
فيليب.. أسفل الشرفة يصعد إليكَ حاملاً ببغاءً نسيَ كلماتِكَ-ونام في حوصلته، وعرفنا-أنك ميّتٌ.. ربما قرب منفضة قذرةٍ،
الآن - يجب أن نسأل.. رجلٌ ينزلُ من الباص المساء يقترب [مساء المصادفات].. يحمل كيساً فيه قرنابيط، ومقص، وطوافة.
الصباح يقترب [صباح الأفعال الدامية].
رجل يصعد الباص-ينظر إلى ساعته،
ساعات تتكتم على الفاجعة،
ساعات تدق بخفة،
رجال يتكتمون دائخون في الساحات العامة نساء يتهامسن أمام أطفالهن- ساعات تتكتم على الفاجعة.. أوربنت لامعة، جديدة.
أومكس، في علبة زرقاء.. ريكو، صغيرة ذهبية، مغمورة بظلال فضية، رجل ينظر إلى ساعته، إلى عقربين سريعين، يستعجلان المذبحة..
رجل يتأمل سير ساعته، معدنها-مينائها، زجاجها، أنها أورينت، وعنده أخرى-ريكو، أومكس، ساعات كثيرة ساعات تتكتم على الفاجعة، - وبعد هذا كله، هناك من يتجرأ-ليهمس: الجدل (4) مونولوج العقل، بمعنى آخر، الفكر يتحدث عن الفكر.
ربما رجل آخر، تصور الجدل جزارا ً(5) ، كشف تباعاً عن جسم الذبيحة-ويكشف عن مفاصلها، وينتزع عنها جلدها، ويعريها تماماً.
شيء من اللياقة، أن يصمت بعد كل هذا الهوان الذي ابتكره الوجدان-بعد كل هذا الهوان الذي يتلخص في [حماسة الشعر].
الشعر متخفٍ في خطأ-الهيام، بكلماتِكَ لكنك متّ، وما يزال الشعر في خطئه الساعات تقول أشياء كثيرة، حتى ذلك الباب الخلفي في سيارة زرقاء.. وحتى ذلك الندب الأسود في العيون الجميلة-حتى تلك القماشة الظلامية كأنها إصرار الأشياء على [إنقاذ الشعر من خطئه] ولكن شيئاً من اللياقة-يحذرنا أو ينبهنا، كأنه ساعة أورينت، كأنه سيارة زرقاء، عندها يتأمل الكلام نفسه [يتأمل ثرثرته الخالقة].
يتأمل كيمياء تهب.. كأن الفجر يتكسر في آخر ساعاته، [هذا هو الشعر-عظامه-أقيسته الجنونية، ألوان غشاياته المبطنة.. كان أبي يقول: الشعر ثور أسود يجر خشبة في العراء] نتأمله من غير طبل، [هذا حنينه إلى الحرث] الشعر: بيت قديم متشرب بالرطوبة، عائم في بصاق امرأةٍ عجوز [هذا حنيني إلى المأوى].
رطوبة صفراء، يترنح فيها عظم البيت، مفاصله، التهاباته، رطوبة تختض.. [لبن في سطل].
رطوبة تصعد في مسارب ملتوية، وتلتهم كل شيء ويظهر هواء ثقيل، ينبعث من مكان واحد شكراً لك.. سواء أخفقت أو نجحت، لكن في النهاية عرفت الرؤية التامة للحرية، هي ليست العامل (6) الأساس.. هكذا قال أحدهم شكراً للوجدان-الذي استخدم الوردة، طيلة مئات السنين، حتى انمحت عطورها-وضياء أوراقها، أصبحت الوردة ضباباً [إنه تعبير أكثر لياقة] عن شكوك كثيرة.. شكوك حول [نظام الوردة في الشعر.. عن نظام الوردة في الطبيعة] الوردة سُخام.. أين هي إذن؟ وراء زجاج المطبخ في حديقة عامة.. في أصّ صغير فوق خشب الكومدي أين الوردة؟ أي تصويت يلائمها؟ لنقترح لها اسماً.. سمكس (7) ، بادئة تفيد معنى الشيخوخة لنقترح لها اسماً.. نفاخات الصابون، قشور البطاطس الناعمة تمتص باسفنجتها عظامَ المغسلة، والمرآة الكبيرة-تجعد الوجوه، ويتقشر الجدار.
كان علينا أن ننتظر طفلاً يصرخ: الجدار يتقشر وهذا وهن الجص يطفو
وهذا بياض الملح يطفو
وهذه - حديدة النافذة- بلغم قديم.
وهذه صنارة المروحة - جرب منغرز في السقف، البيت بروائحه (9) الثلاث:
رائحة الأكل
رائحة النساء
رائحة الميت
تنبعث من مكان واحد،
شكراً لمن يحذف انفعالاً صغيراً، ويدمجه مع آخر بحثاً عن معنى الغضب (10) أو معنى الشهوة،
كيمياء تهب من مكعب الزنك، رائحة إبطيها واصفرارها، ونفحة الكولونيا الثقيلة، تذكرُ -كلاً- منا باسكندريته (11).
ذكرى البحث عن زقاق مخنوقٍ بالملاقط والجمر الأحمر ونشيش الذهب المفخور.
هواء ثقيل-يطرد من مفرغة الهواء
هواء ينفلت من البكرة الرمادية والريش السوداء ملتصقاً بالزغب الخفيف الأسود الذي يحيطه ثم ينهار. ينهارُ الهواء الثقيل وينحل إلى:
رائحة الأكل
رائحة النساء
رائحة الموت
أين الوردة؟ لنقترح لها اسماً،
[صباح (12) رائع.. خرجت إلى الحديقة.. اقتربت من وردة العقرب هذا الصباح لم أتنزه، معظم الوقت أتامل في الورود الجديدة وألاعب كلبين سلوقيين. أهداهما لي أحد البدو] وردة ملتصقة في محيط المغسلة الجاف.. هذه وردة
أم قشور بطاطس؟
الماء يدفعها نحو الأسفل [بياض الصابون ينفجر سريعاً].
يوم يسرع كثيراً في المرآة مرآة تحيل الزمن إلى شعر مجعد
مقصوص
الصباح يقترب [صباح الأفعال الدامية] نتغرغر معاً بـ سانسيلا (13).
المساء يقترب [مساء المصادفات] حبة صفراء بولا رونل (14) أو أنا فرانيل.. وردة صفراء تقترب، رائحة ظلمٍ ذكى، تملأ الغرفة،
الماء المنهمر من الصنبور يجعدها، يطويها، يدفعها نحو الأسفل في حفرة المعدن المظلم،
شكوك عن التهابات في العظام.. في الأقيسة، في النسيج، في حقيقة الغشاءات.
ثور أسود يجر خشبة في العراء
{ أهذا هو الشعر.. هذا حنين أبي إلى الحرث }
شوك حول مرض الجدار الذي يتقشر
شكوك حول نحاس يُستخرج
شكوك حول التسمية.. الراحة.. الاستراحة. الحويصلة، روائح النساء - والطحين،
وها هو يحاول أن يصعد في مسارب الرطوبة الملتوية ليجرب حنجرة أخرى رغم ندرة مستمعيه لكنه يبرهن مرة أخرى بإمكانه أن يفعل
أن يصنع فعلا، أن يؤسس دُميته، التعريف: [صنعه مساء المصادفات]
لكن العامل الأساس في التقدم.. ماذا؟
فيليب - يخرج من الشرفة -
يستقبل كيمياء، تهب من سهرة معقدة
ماذا يقول عن التقدم؟ يبتعد عن الزقاق ويصفر،
الريبة تعلوا وتهبط، مع الغبار ثم تتلاشى في الحجارة
الحرية شبح آلة لتصوير الإنسان، (ليست غاية مكافأة ينبغي أن يأخذها من بيتغيها) يبتعد عن الزقاق يصفر ويخشى من كيمياء تهب من بياض الأزهار، من زهرة نصف مغمضة،
مرة أخرى لم تلتحق إلى نومها بعد، كيمياء تهب من سهرة معقدة،
فيليب -يجأر أمام المرأة الكبيرة، لا نبأ الرجل الأخير أتى.. ولا التقالات، وها هو النبيذ الأحمر- مبهم في لغتنا
وها هو اللطف الذي نقرأه في الكتب، بلغم قديم، كيمياء جميلة، تشق الصباح، بحثا عنه، ببغاء بجرجر حوصلته على عشب سمين.. لنتأمل معنى الشعر عضلة منخفضة بين الإبهام والسبابة، هناك دائما، حين كنا أطفالا - يتكوم - وسخ عنيق،
تزينه الأم بحجارة،
أو ليف خشن،
فيليب.. أين تصل؟
ماذا تريد؟ هل التاريخ دائما تضييع للحقيقة؟
هل الطبيعة دائما تضييع للطاقة؟
لكننا عرفنا مواطن السخرية في موضوع كبير، نختزله إلى :
(نشدان السعادة يسبب الشقاء)
الفصاحة ما تمنا وشقاؤنا، مطعونة في طحالها ومن غير مبرر تنطبق بلسان الأشياء.