إبراهيم عبد الملك
ستوكهولم

إلى أبي..

الأولى: سِتارة

هَمسُ الضوءِ الخائفِ
مَرَّ خيوطا،ً
عبرَ ستارةِ نافذتي،
اندَسَّتْ ما بينَ العتمَةِ والعتمَةِ
وانكسَرَتْ حَدَّ لقاءِ السَّقفِ بأُفْقِ الحائطِ..

بَعدَ دقائقَ،
حينَ بَدأتُ حديثيَ معها،
ارتَعَشَتْ.. كَبَرَتْ..
غَطَّتْ ثُلُثَ الحائطِ، نصفَ السقفِ،
وضَؤلَتْ.. ضَؤلَتْ.. حتى غابَتْ وسطَ زحامِ العتمةِ..

كم تَعبَثُ بي هذي الريحُ
وتهزأُ حتى بالنورِ المُتَخاذِلِ
لَوْ واساني
                                خِلسه..

الثانية: شَبَح

إن جئتَ تأخُذُني إليكَ
فَلَن أُمانِعَ
إنما..
لا تَطْرُق البيبان لِصّاً
قَد سَرَقْتَ النومَ
فادخُلْ دونَ إذنٍ
وارتحلْ بي..

ما سَنَفعَلُ إن بقيتَ معي، هنا؟؟
ليلي أَقَلُّ تَحَضُّراً من دفءِ كفِّكَ..
مُدَّ كَفَّكَ
واغتَسِل عندي ولو بالدمعِ
خُذني من جِنايَتِكَ الوحيدَةِ
وابتعِد..

الثالثة: طفولة

أشهدُ أنَّكَ كنتَ رقيقاً، جِداً، آخرَ مَرَّه..
أشهدُ أنَّكَ كنتَ كطفلٍ لا يخشى إغضابَ أبيه..
أشهدُ أنك كنتَ كطفلٍ يخشى أن يفضَحَ رعشَتَهُ خوفُ أبيه..
أشهدُ أنكَ لم تتماسكْ أبداً مثلَكَ ذاكَ اليوم:
        وَعَدْتَ تجيءُ.. وأمُّكَ تسألُ أينَ الوعد؟؟"

أشهدُ أنّ الطفلَ الأحمقَ لم يفهمْ لحظتَها
أنَّكَ
كنتَ
تُوَدِّعُهُ..

ستوكهولم 12/ 11/ 2003