المثل الشعبي مدرسة حرة عابرة للقارات.تنتقل من زمن إلى زمن، و من بلد إلى آخر.
هذه المربية الجليلة، قدمت النصح والموعظة الحسنة طواعية، ما ارتكزت على فراغ فكري، ولا على فوضى اجتماعية.
هذا الصنف الأدبي الشعبي لم يهتف لسلطان، ولا وقف متكسبا عند أبواب الخليفة، لم يمدح ولم ينغمس يذم أو بفخر، ولا ساهم بإشعال نار الفتنة بين القبائل، بل اكتفى بقرع ناقوس الخطر، عند كل منعطف من شأنه أن يودي إلى الهاوية. وكثيرا ما انطوى اسم قائله في غياهب النسيان هذا الإرث الجم العفوي البعيد عن القصدية، إنما هو عصارة تجارب غنية،ساهمت بشكل أو بآخر في بناء خريطة الأعراف والتقاليد والعادات التي سادت في المجتمعات السابقة، كما ساهم بشكل أو بآخر في رفع منسوب أخلاقياتها،حيث لم يكن مستهلكا للأفكار المستوردة المؤدلجة كتلك التي تغذي الذاكرة الجمعية، في وقتنا الحالي، والتي تراهن فيما تراهن على -محو معالم هذا الضرب الأدبي وغيره. عبر محاولات دؤوبة، لمحو الخصوصية الثقافية. أو عبر ا لتحرش بالوعي العام، أو الرهان على أن يصير الوعي أسيرا لا طاقة له ولا قوة، تابعا أو ظلا كسيحا . للمنتجات الثقافية المبثوثة، عبر المحطات الفضائية، أو عبر برامج الكومبيوتر الأكثر حداثة وشيوعا.
الأمثال الشعبية هذه المترادفة للحب والخير
اصطفت من المعاني أكثرها غنى، ومن اللغات لأكثر رشاقة وقدرة على الاسترسال، مقدمة النصيحة أشبه ما تكون ببوصلة تدل الجيل على مكمن الخطأ،قبل الوقوع به وذلك من خلال مغزى لقصة عابرة تارة، من خلال طرفة تارة أخرى، أو ربما من خلال السخرية اللاذعة أو عبر عبارة بليغة أحكمت وصيغت بدراية حكيم الخ…
هكذا درجت على الألسن، وهكذا تناقلها الناس، ودونت بعصر التدوين كضرب من أهم ضروب الأدب الشعبي وما يهمني من الموضوع هنا لا الحديث عن الميداني ولا الزمخشري ولا ولا بل عن مجموعة الأسئلة التي يطرحها الإنسان بعد قراءة الكم الهائل منها،وبعد البحث والتمحيص في الأصيل منها والدخيل، يطالعنا السؤال الأهم:
- ( ماذا عن مصير هذا الضرب من الأدب الشعبي وإلى ما آلت إليه الحال في عصرنا الحالي ؟وهنا يتناسل السؤال من الآخر،)
- ( هل ثمة مؤشرات تدل على إمكانية استمرارية الأمثال كفرع من فروع الثقافة الحرة التي تساهم بشكل أو بآخر في البنى الأخلاقية والثقافية؟؟)
- (هل انجرف هذا الضرب من الأدب الشعبي مع تيار الحداثة؟؟)
- ( هل ثمة معايير مطلقة للمثل قديمه وحديثه؟)
- (وهل ثمة ناقد مختص ؟؟؟؟)
- (هل اتخذت بعض الأمثال القديمة مدلولات جديد ة؟)
- (هل مات مؤلف المثل الشعبي تأثرا بتلك الصيحات المتعالية المطالبة بموت المؤلف و موت الكاتب؟)
هذه الصرخة التي تبناها أول ذي بدء الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشة حينما نادى ( بموت الله برحمته) ممهدا بذلك الطريق لأصوات أتت أضعف إيقاعا نادت بموت المؤلف وموت الكاتب والتي ختمها الشاعر المتفائل الكبير أدونيس بمقولة موت الخيال _ كثيرة هي الأسئلة لكن
عملية التغيير الثقافية و الاجتماعية،إنما هي عملية بطيئة،تخضع فيما تخضع لعملية تجاذب أما الجديد المعتمد إنما يتصارع كما هو معروف مع القديم في اللاوعي حينا وفي الوعي حينا آخر فالثقافة الموروثة لا تمحى بقرار كذلك التصورات لا يمكن انتزاعها بشكل قسري على الأقل في مجتمعات تعاني من مشاكل معلقة ربما أقلها شأنا جور الحاكم والسؤال هنا يطرح نفسه. - (هل ثمة تأثيرات واضحة لدخول التكنولوجيا الحديثة في عالمنا الثقافي عموما وعالم المثل الشعبي خصوصا ؟؟
- (هل يمكن اعتبار المثل المعاصر _بحالة تواجده _ مرآة لطبائع الناس وأعرافهم وعاداتهم وأخلاقياتهم.؟أم أنه اتخذ لنفسه منحى آخر) ؟؟
طبعا كثيرة هي الأسئلة
والمثل الشعبي هذا الفسيفساء المتنوع من القول المنسق والمعقم، وإن بدا لنا كالأوراق المقصوصة، -التي تتيح لكل مجتمع ان يركب منها الصورة التي تناسب أعرافه فإنها من جهة أخرى ليست بالمزارات التي يتطلب الدخول إليها الكثير من الوقار والرهبة. نظرا لتفاوت واختلاف مواضيعها وتعدد أساليبها ومعانيها ونظرا للجور الذي بات يحمله بعضها بين طياته .فإن كان المثل القديم قد حمل بمحمولات أخلاقية ترفد الحياة والإنسان،فإنه في عصرنا الحديث قد لبس لبوسا مختلفا مستمدا أخلاقياته من إيقاعات العصر ومقتضياته ومن ا لفساد الذي خالطه-ولكن - (هل تسلل إ ليه النانو واليورانيوم المنضب والنيترون) مبدلا في فحواه ومغازيه وموضوعاته ومعانيه ؟؟
- (هل ثمة إجراءات متخذة لحماية هذا الصنف من الأدب )؟ الأسئلة كثيرة والأجوبة لا تتم بجرة قلم فمن منا على سبيل المثال
الأصيل والدخيل
لم يسمع الجارة أو العمة تردد المثل القائل( إن شفت الأعمى طبه مالك أكرم من ربه )إنه مثل لطالما تردد على الألسن ولكنه كما يبدو لي
ليس بالمثل الأصيل لأن
المضطلع على ميزات مجتمعنا _ منذ القدم وحتى وقتنا الراهن وما سبغ به من سمات الكرم والمروءة - والشهامة ووو يدرك بثقة بأنه من الأمثال الدخيلة فهو أقرب إلى قول الفيلسوف نيتشة حيث يقول
(وما احسبني عاتيا ومع ذلك فإنني أقول لكم
(إذا ما رأيتم متداعيا إلى السقوط فادفعوه بأيديكم وأجهزوا عليه إن كل شيء يتداعى في هذا الزمان،) ألم تتذوقوا لذة دفع الصخور من ذرى المنحدرات فانظروا إلى رجال هذا الزمان يدهورون إلى أغواري ما أنا إلا أول المدحرجين وسيأتي بعدي من تفوق مهارته مهارتي، فاقتدوا الآن بي) نيتشة
فأن نقوم بغربلة الأمثلة الأصيلة نصطفيها و ننقيتها لتنظيفها من الغريب والدخيل ليست بالمهمة السهلة، أته عمل يتطلب جهدأ ودراية ومعرفة، حيث باتت تطالعنا، مجموعة كبيرة من هذه الأمثال المغرضة،وهي في حقيقة الأمر أكثر من أن تحصى في هذه العجالة ولكن مما ينبغي عدم إغفاله والسكوت عنه هو تأثيراتها السلبية على سلوكيات الجيل
فهي أشبه ما تكون بالدعوات الصريحة للتمسك بالروح الانهزامية
والاستكانة والخوف والضعف والتبعية وكثيرة الأدلة التي من شانها أن توضح على سبيل المثال
( خير لا تعمل شر لا تلقى)
أو ليست هي المعاودة إلى الفلسفة النيتشوية القائلة
( خير للإنسان أن يسيء عملا من أن تستولي المسكنة على تفكيره)
و القائلة أيضا ا احترسوا من الرحمة
في الواقع الأمثلة كثيرة قد نذكر بعضها فقط من باب التذكير لا أكثر
- الكف لا يلاطم مخرز
- الأرض الواطئة تبتلع ماءها وماء غيرها
- مجابهة الحاكم إذلال
- قبل الكلب من فمه حتى تأخذ حاجتك منه
- اليد التي لا تقدر عليها بوسها وادع عليها بالكسر
- اللي يحتاج الكلب يقول له يا حاج كلب
- ما حدا يقدر يقول للغول عينك حمراء
- يد السلطان طويلة
- الحيطان لها آذان
- إ ذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون وغيرها وعيرها
نستخلص من هذه الأمثلة، حقيقة المحاولات الجادة للهيمنة والتأثير على طريقة تفكير أجيالنا الحديثة وذلك من خلال ما تبثه من محاولات، لبث روح الخوف والضعف والتهديد والوعيد، والازدواجية بالمعايير،
والرضوخ والخنوع والجبن والاستلاب، فالتبعية والاستسلام.
المثل الشعبي كيف قدم لنا المرأة
هل قدمها امرأة تعمل على وعي ذاتها ووعي قضاياها أسوة بالرجل ؟؟
على الرغم من أنني لا أنتمي إلى جمعيات تنادي بتحرر المرأة،وتقوم بتشريح قضاياها،مبتدئة في أغلب الأحيان كبعضها بالقشور ومنتهية بها،إلا أن الواجب الثقافي يلح علي التأكيد على أ ن وعي المرأة لذاتها لا ينغلق على خصوصية بيولوجية حيث ليس ثمة جدار لحمي ولا حاجز أسمنتي صلد يفصل قضاياها عن قضايا الإنسان عموما قضايا الرجل بل قضايا الوطن .لكن وعي المرأة بحقيقة الشروط الموضوعية المحيطة بها ووعيها بالحيز الضيق المتاح لها التحرك ضمن شبكته يجعلني أمسك الخيط من نهايته لأقول إنما هي قضية اقتصادية سياسية اجتماعية ثقافية، وما الحديث عن المرأة وحدها إلا من باب إلقاء الضوء الكاشف على تلك الجادة المعتمة التي تروج لها بعض الأفكار والتصورات القاصرة التي لا يتم تغييرها إلا بصعوبة فائقة.
ولو أردنا ضرب صفح عن التعمق والاسترسال الموسع في الحديث عن دور قانون الأحوال الشخصية والذي يراه المختصين بهذا الشأن يمهد إلى علاقة تصارعية بين المرأة والرجل، لا علاقة تراتبية منصفة وعادلة .
ولو أردنا أن نضرب صفحا أيضا عن دور القانون الاجتماعي والذي ينصاع به المرء بقوة الجماعة لإحلال الطرد أو الإذلال أو القمع أو التشهير بكل امرأة ترفع صوتها محتجة أو كل امرأة تخرج عن بند من بنوده مع عدم إرادة الخوض، في دور هذين القانونين بل هذين الخصمين الحكمين كما يسمونهما ا فكيف بمكن لنا الحديث عن المرأة،وذاتها المستقلة؟؟ كيف يقيض لنا الحديث عن الوعي المستقل للمرأة،إن لم يتوقف الجور ويتحقق التغيير ويتوقف معه هذا المواء الدرامي
كيف يمكن لنا الحسم؟دون أن نغلق النافذة المشرعة على رياح الخماسين الزمني والسياسي ؟
وكي لا أدع الحديث يأخذني،إلى تعاريجه ودهاليزه العديدة .أعود لأشير إلى بعض الحقائق التي تخص الأقوال التي حيكت، أدبا قصة أو رواية أو أمثال شعبية حول المرأة وأخص منها الأمثال التي هي موضوع بحثنا .
لم تكن الأمثال الشعبية في حقيقة الأمر بالأقاويل المطمئنة، الحيادية المنصفة فغالبا ما كان يرتفع منسوب الغبن بها، فيصل حد التهكم والسخرية، ولقد ساهم العديد من الفلاسفة والكتاب، في هذه الجنحة. بحيث لم تتمكن المرأة، من الإفصاح عن ماهيتها وفكرها وشرح طموحاتها وتطلعاتها. وما تتميز به من رؤى ومعرفة،وطبعا إن نظرة سريعة إلى حقيقة الظروف التي كانت تحيط بها،والأحكام التي خضعت لها من شأنه أن يلقي الضوء كاشفا،على حقيقة ما آلت إليه أمورها،وشرح أسباب هذا النزيف الذي ينز صديده من اليد الجريحة بين فترة وأخرى.
أولم يعتبرها القانون الإنكليزي القديم ملكا خاصا للرجل، له حق التصرف بمصائرها، له حق بيعها، أو الاحتفاظ بها.
ولم تكن فرنسا أوسع رؤية ولا أفضل تقديرا حيث كان قد عقد في فرنسا في عام
586 مؤتمر لتحديد (هل المرأة إنسانة أم لا )وبعد المباحثات المكثفة قرر المؤتمر الموقر( بأن المرأة إنسانة خلقت لخدمة الرجال) أمام هذه المقدمات كيف يمكن أن تكون التوقعات ؟وطبعا الأمثال عكست حقيقة هذه النظرة الدونية
فالفيلسوف سقراط على سبيل المثال هو القائل : (المرأة طفل كبير)
وأن المرأة هي المرض.
وينسب إلى أفلاطون القول (بأن المرأة أحط طبيعيا من الرجل) ففي الأمثال الفرنسية نقرأ
(بان المرأة الجيدة تعني الخادمة الجيدة) ومثل آخر يقول
(إن القبلة هي الطريقة الو حيدة التي تمنع المرأة من الثرثرة والكلام) مثل تشيكي يقول (لا تستند إلى جدار مائل ولا إلى المرأة) ومثل آخر يقول (المرأة ضرر لا زم)
(لمرأة كالحرباء تتلون كيفما شاءت)
مثل صيني يقول
(النساء كالحكام قلما يجدن أصدقاء مخلصين)
مثل روسي
يقول (الكلب أعقل من المرأة لأنه لا ينبح على سيده)
(جرب أن تكون مختلفا اعشق زوجتك )
مثل سويدي
إذا أردت أن تعيش طويلا فلا تعطي السلطة لزوجتك) مثل سويدي
(لا يوجد شر مثل شر النساء )
الرجل يحب البطن الممتلئ والزوجة الجميلة )
(على المرء أن يتعامل بحذر مع النساء و الأعشاب البرية)
(الكاهن وساق الفتاة يعدان بشيء أفضل وأعلى)
إذا لم يستطع الشيطان أن يحضر بنفسه فإنه يرسل بدلا عنه امرأة شرسة)
(ما الفائدة إذا قاقت الدجاجة وأبى الديك أن يدير رأسه)فنلندي
(الطريق إلى قلب الرجل معدته )
(تعشق المرأة شيئا متفردا اسمه الرجل ويعشق الرجل مخلوقا معقدا اسمه المرأة)سويدي
(احترس من الرجل ذي اللحية الحمراء والمرأة حلوة الفم)
(ما أصعب أن تكون امرأة عليك أن تفكر كرجل و تتصرف كسيدة وتعمل كحصان)
يصطاد الرجل النساء بالفلوس والأرانب بالكلاب)
(إذا أردت أن تعيش طويلا فلا تعطي السلطة لامرأة)
المرأة تضحك عندما تريد وتبكي عندما تكون قادرة على ذلك) نرويجي
(النساء والحصون لا تقتحمها إلا العاصفة)
(من السهل على النساء أن يصبحن ملائكة والأسهل لهن أ ن يصبحن شياطين)
خلف كل رجل عظيم امرأة أعظم)
(ثلاثة أشياء تزعج الفلاح في بيته المرأة الشريرة والآفات وقمل الحيطان)
(العذارى والزجاج يتعرضان للخطر غالبا )
هناك امرأة شريرة واحدة في العالم كله والمفارقة أن كل رجل يعتقد أنها في بيته )
(إذا أ ردت أن تدخل على امرأة جميلة فادخل في الظلام)
الحصان الهائج والمرأة يتوجب شد لجامهما)
(فتاة بلا دفء مثل رجل بلا أطراف)
(الشرب والنساء يجعلان من الحكماء مجانين)
(الدخان والبصل والمرأة الشريرة يجعلان العين تدمع)
(من السئء ان تحتفظ بالمرأة من الأسوأ أن تضيعها)
( مهما كان البحر خائنا فان المرأة أكثر خيانة )
(لا تجد امرأة تقول الصدق تماما)ايطالي
(إذا حكمت المرأة في مكان،
(المرأة آخر ما يمكن أن تصل الحضارة إليها)
( إذا حكمت المرأة كان الشيطان رئيسا للوزراء )مثل ألماني
نيرون قال
(أتمنى لو أن لجميع نساء العالم ثغرا واحدا لقبلته واسترحت)
(المرأة كالسجادة كلما ضربتها بالعصاة تخلصت من الغبار العالق بها ونظفت) المثل روسي
لم تبلغ المرأة بعد ما يؤهلها كصديقة فما هي إلا هرة وقد تكون عصفورا )وإذا ارتقت أصبحت بقرة ) نيتشة
لو غربلنا هذه الأمثال غربلة عادلة لأدركنا بأنها لم تختزن ذاك الرنين الإنساني المنصف، ولا لا مست الموضوعية فكأني بها قد كتبت بقلم الغرور الخائف،المولع بالسلطة والاعتداء بحيث تجلت أشبه ما تكو ن بالآراء المشبعة،بالنقد السلبي الحائر المتردد المهاجم بل المجحف 0
إن أقل ما يمكن أن يقال عنها، بأنها أمثال تنفيسية، تعبر عن دوافع قهر،لدى الرجل دفين ينطوي على عنجهية متأهبة بل متخوفة إن صح التعبير متخوفة من أن ينسحب البساط السلطوي من تحته،أو ينقلب السحر على الساحر0
مسجلا لهذا الهدف الموهوم أمثالا شعبية مفعمة بالتهكم والسخرية أو التشويه و الجور والافتراء تقدم المرأة كمخلوق مسخ، كذاب خادع متلون محتال مخلوق مفخخ معقد سلبي سطحي رجعي غير قادر على الترقي، غير قادر على ركوب موجة التغيير أو المضي في ركب الحضارة 0
إن امتداد تأثير هذه الأمثال، المجحفة بحق المرأة وإلى يومنا الحالي 0يوحي بأن الزمن عدو المرأة هو الآخر، يأبى أن يصطحبها معه، في رحلته كي تبقى مستغرقة في عالم ماضوي،عالم الصمت والتغييب، في حين أن الرجل ماض في سباق جاد مع الزمن، وهذا يعني فيما يعنيه أيضا، أن المرأة لفصل واحد من فصول الحياة،فيما الرجل لكل الفصول والأزمان .
الأمثال الشعبية الدنمركية
دلالات مطمئنة وتأملات حية في مواسم المرأة وعطاءاتها
لم يعتمد المثل الشعبي الدنمركي التعابير الصبيانية أو العبارات الفاحشة ولا حمل أصداء الرجل المتخوف من هزيمة متوقعة،لقد بدا جليا ومختلفا عن المثل الشعبي الأوروبي فلم بقم بمحاولات الحط من شأنها المرأة أو الحد من ملكاتها و طموحاتها .
فالمثل الدنمركي بعيد كل البعد عن التجني والجور لا يحمل في طياته عبوات البؤس والابتذال لكنني ومن خلال استيضاءات لماحة قمت بها حول كتاب المختار من أمثال شعوب الشمال ترجمة الكاتب سليم محمد غضبان ارتأيت أن المثل الشعبي الدنمركي لم يضع المرأة بقالب مؤدلج، ولا قدمها على مقاسات الرجل، و السلطة الذكورية التي كانت حاكمة، فالمرأة حاضرة في معانيه،
فلا هي بالعصفور،ولا الكلب ولا البقرة ولا هي المتأخرة عن النضج، ولا هي تلك الصيادة الماهرة، أو الأفعى التي تبث السموم،أو الشيطان المراوغ،إلى آخر تلك الصيغ والترديدات المغرضة.
(المثل الشعبي الدنمركي تغزل بالحياة فرأى جمالها يتجلى بجمال المرأة اعترف بميزاتها و ساهم إلى حد ما،في صنع نهار أكثر رأفة بها فكانت له رؤية ناضجة قائمة على خلفيات حضارية متطورة وواعية، بحيث قدم المرأة ضمن حيز من الحرية حيز يتيح لكل من المرأة والرجل المتعة والحياة،
فالأمثال الشعبية الدنمركية قدمت المرأة واثقة ومحبوبة ومتفهمة ذكية عاملة ومدبرة وممتعة ومهمة بعالم الرجل وووو
- وكأنا بها سباقة، في مجال حركات تحرر المرأة عملت على تفعيل حضورها ,..
- (أو ربما نتيجة عقلية مغايرة،امتازت بها المرأة الدنمركية عن مثيلاتها في الدول الأوروبية
- (بل ربما بشفاعة وجود الملكة مارغريت كسيدة على سدة الحكم، الأمر الذي من شأنه أن يساهم، في دعم كيان المرأة، فيرفع من معنوياتها ويبارك مسيرتها أو ربما بسبب
- ( نوعية الزيجات المختلفة المتعارف عليها في الدنمرك والتي تترك لكل من المرأة والرجل فسحة واسعة من الحرية 0أقول ربما
كثيرة التكهنات والأسئلة وتبقى الأمثلة الدنمركية التالية هي القول الفصل
- ( الزوجة والموقد يزينان البيت)
- (الزوجة مرآة البيت)
- (البيت بلا زوجة كمصباح بلا ضوء)
- (الرفاهية ترقد في يد المرأة )
- (عندما يكون للمرء عشا فإنه يحصل دائما على أوزة)
- (تقول عن الزهرة جميلة حتى ترى الثمرة)
- (الفتاة التي لا تحسن معاشرة القطة لا تعرف معاشرة زوجها)
- (إذا أردت أن تقود الزوجة فاستمع لأنغامها)
- (المرأة السكرى ملاك بالسرير)
- (المرأة تصنع البيوت)
- ( الرفاهية ترقد في يد ربة البيت)
- (البيت بلا زوجة كمصباح بلا ضوء)
- (يقبل النحل الأزهار لذلك تبدو جميلة)
- (الفتاة ليست أهلا للزواج إذا لم تعرف الخبز والخياطة )
- (في ضوء النجوم كل الفتيات جميلات)
- (السرير هو كرسي الوعظ عند النساء )
- (إذا كان الرجل هو الرأس فإن المرأة هي الرقبة التي تدير هذا الرأس كيفما تريد)
- (حجران قاسيان لا يطحنان طحينا )
- (الفرس بحاجة لفارس ماهر )
- (الزواج سهل لكن تأسيس البيوت صعب )
- (زوجة شابة عند رجل مسن زوجة في النهار وأرملة في الليل )
- (كلما نظرت الزوجة في المرآة رأت نفسها )خارج البيت )
- (النساء والنقود تحكمان العالم )
- (الدجاجة التي ترقد في قن الديك هي الأسمن دائما )
- ( تستطيع المرأة الذكية أن تحكم على الرجل من ملابسه )
- ( زوجتان في البيت مثل قطتين حول فأر)
- (وراء كل زوجة حكيمة زوجا يفتقد إلى الحكمة )
- (البنت الناضجة صعب حراستها )
الأمثال الشعبية الحديثة شتائم حرب
كما الابن العاق لأبوين صالحين مضى المثل الشعبي المعاصر،كمركبة يقودها ربان أهوج،
فلا هو بالحكيم الناصح والواعظ، ولا هو بالحيادي النبيل،الذي يرفض أن تنبعث منه رائحة الدم والنار والبارود،وكأنا به قد روض خصيصا، ليخوض المعمعة،كي يجسد الحالة الذهنية الغاضبة المتأهبة للانفجار، تلك الحالة التي عاشها المواطن اللبناني، أثناء فترة اندلاع الحرب الأهلية الطائفية الظالمة،وكأنا بالمثل الشعبي قد ساهم بدوره،في إذكاء نار الفتنة 0بحيث تجسدت لنا من خلال الشتائم الطائفية التي وضحت 0حقيقة الوضع المتأزم،وتستحضرني بعض هذه الأمثال المستمدة من كتاب الكاتب اللبناني وائل عباس المعنون_ على ما اعتقد ( هل تشعل الأمثال حربا أهلية؟
وإليكم بعضها
- (مسبة الدين في وقتها تسبيح ) ولقد ترددت على ألسن طرفي النزاع)
- ( رجل الدين لا يزور البيت إلا في حالة وفاة أو مرض )استخدمه كلاهما معا
- (تيس الجبل ولا فيلسوف المدينة ) ولهذا المثل قصة يفضل الرجوع إلى مصدرها
- (البدوي لو اغتسل يموت )
- (الجرس يدعو الناس للكنيسة ويبقى برا )وكثيرة هي الأمثلة أما في العراق
فقد درجت بعض الأمثال المتأتية من حقيقة الوضع الاقتصادي المتأزم أيام ا لحصار بحيث بتنا نسمع (وحش الطاوة)ولم يكن المقصود من هذا الوحش وحشا شبيها بالكينغ كونغ بل (الباذنجان) الذي كاد في الوجبة اليومية للمواطن العراقي أثناء فترة الحصار ولقد نعت بالوحش نظرا للونه الأسود الفاحم ونظرا لرخص سعره
وتوافره وو
المثل الشعبي والمدلول الجديد
قد يتخذ المثل القديم مدلولا جديدا أو قد تطرأ عليه بعض التغييرات وذلك تناسبا مع السياقات العامة وتلاؤما مع العصر يستحضرني الآن قول القائل( الأعمال أعلى صوتا من الأقوال )وهو مثل انكليزي قيل في عام 1628وعدل في معجم أكسفورد للأمثال في عام 1856فأصبح (الأعمال أنفس من الأقوال )وشتان ما بين أعلى صوتا وأنفس ) فالمتنبي على سبيل المثال قال في الماضي
السيف أصدق أنباء من الكتب وكان المثل في حينه مستمد من البيئة
والموضوع هنا أوسع من أن يغلق بمقالة عابرة.
العقل العلم الحرية الإنسان المجتمع التقدم
يرى البعض أن القيم الإنسانية،في الغرب تطبق داخله،وتخرق خارجه،و نرى نحن أن الإنسان الحر،لا يقبل الإزدواجية في المعايير،كما يرفض التبعية،إذن لا مندوحة لنا عن التقدم بالعلم لرد العنجهية ولحفظ ماء الوجه، بل لمواكبة العالم المتحضر،وللرقي والتقدم.
وما انتعاش التكنولوجيا الحديثة إلا لأهداف الرقي والتقدم هذين 0الأمر الذي نادى به الفارابي منذ القدم فكان السباق ومن أوائل المنادين بالإنسان العاقل الفاضل السعيد الذي يعرف الحق ويعمل به)
وبعودة لموضوعنا خشية الاستغراق والاسترسال نتساءل :هل انجرف المثل الشعبي بتيارات الحداثة ؟
هل خالطته أدوات التكنولوجيا الحديثة؟هل مات مؤلفه ؟ هل عرف النانو والنيترون الخ؟،بحيث يصح القول بأنه ساهم بتدوين العلامات الفارقة التي تميز عصرنا عن سواه؟
لا أنكر أن، جهدا حقيقيا بذلته قصد التوصل إلى بغيتي هذه لكنني منيت بالفشل لم أتمكن وما قيض لي التوصل إلى ما يشفي غليلي حيث لم يتمكن عدد من الأصدقاء الضالعين بالثقافة والأدب من أن يزودني بالإجابة الشافية لولا توقفي عند الشاعر أسعد الجبوري
الذي قال لي وهل تنتظرين من يصوغ لك مثالا حديثا يكون شاهدا على العصر ووجود التكنولوجيا ؟
ومن أجدر منا للقيام بهذه المهمة لقد بدا ظاهر الأمر أشبه بالطرفة لكن في بواطنه كان يحمل الحقيقة التي تحتاج منا فقط الثقة والانطلاق لا أكثر ومن باب التجريب المختلط بالضحك قلت له
- (طول وقتك على الماسنجر عم تطعن قلبي بخنجر )
فقال لي ضاحكا - (من الموبايل يا حبي بينغرش صوتك قلبي)
- ( قدامك يا شاشة لصقت علي الدشداشة )
- ( من شانك يا فارة طلقت مرتي والحارة )
- (مهما تطول ومهما تجول، برجعك بالروموت كونترول)
- ( من جبنا النت عالبيت انحرق الحليب والزيت)
- ( من عيون بهية للقنبلة النترونية )
- (اللي ما بيعرف شانه فورا ببيع حصانه أو ما بيتوصل للنانو )
في الخاتمة لا يسعني القول إلا ما قاله المثل الدنمركي
- (إن أسوأ العميان من لا يريد أن يرى)
- لأن ( العشب الأخضر لا ينمو على الطرقات السريعة )
- (إنها الحقيقة تعشق الضوء)
- (وما خلف الغيوم إلا سماء زرقاء )
- (إنها الأمثال جيدة ولكنها لا تفعل فعل الخبز)
- (فما أبشع الذي لا يقدر على رفع جناحيه)
- (وتبارك الذي يصنع أجنحة للحمير) نيتشة .
fak_001@hotmail.com