ترجمة وتقديم: فاطمة الصمادي
(الاردن/ ايران)

سهرابينظر الي شعر الشاعر الإيراني سهراب سبهري SOHRAB SEPEHRI ـ المولود في مدينة قاشان عام 1928 والمتوفي عام 1980 ـ علي انه إدامة حية لمدرسة العرفان الإيرانية وبالتحديد لمدرسة مشايخ خراسان التي تقف في مقابل مدرسة مشايخ بغداد، وتعد آراء سهراب كما يري الناقد والباحث الإيراني الدكتور سيروش شيمسا شديدة الشبه بالعرفاء الإيرانيين الكبار أمثال أبو سعيد أبو الخير و مولانا جلال الدين الرومي.
ومدرسة خراسان ذاتها هي مزيج من اختلاط العرفان البوذي والصيني والأفكار الإسلامية والإيرانية القديمة. ومعروف ان خراسان كانت وعلي مدي قرون علي تماس واحتكاك بالهند والصين.
وأساس مدرسة خراسان العرفانية يقوم علي العشق والحركة والفرح في الوقت الذي قامت فيه مدرسة بغداد علي القبض والزهد ورياضة العزلة. وخير من يمثل المدرسة الخراسانية مولانا خاصة مع التحول الذي أصابه بعد لقائه المفصلي بشمس التبريزي وهو ما عبر عنه بقوله:

خاما كنت.. ناضجا أصبحت
ميتا كنت.. حيا أصبحت
باكيا كنت.. ضاحكا أصبحت

والعارف كما يقول الدكتور شميسا يترقب الوقت ليقتنص النفحات مثل الماء الجاري عذباً في كل حين.. وكما ان الماء الجاري يبقي متجددا فان العارف لديه دائما نظرة جديدة صافية لا تشوبها شائبة وذلك لان العارف دائما يغسل عين ذهنه من غبار الاعتياد.
وكما يقول العرفاء فان العرفان طريقة تتخذ من سير الخلق الي الحق صورة، وهذا معناه ان السالك في هذه الطريق طريق الحياة شيئا فشيئا وانطلاقا من ذاته يصل الي الحقيقة الله. أما الاتصال الكامل فيكون في الفناء في الله، يعني الموت ولذلك نجد سهراب يقول:

ولا نخاف من الموت
الموت للحمامة ليس النهاية
اللحظة المفقودة سهراب سبهر يمستنقع غرفتي كان قد أصبح كدرا
وكنت اسمع همس الدم في عروقي
حياتي
في ظلام عميق كانت تعبر
هذا الظلام
أضاء شكل وجود يفتح الباب
وهو مع مصباحه
الي الداخل مثل ريح
اندفع
جمالا لا محدودا كان قد أصبح
وأنا كنت ارى في طريقه
رؤيا بلا ملامح كانت حياتي
عطرا في عيني همس
عروقي توقفت عن النبض كل الخيوط الرفيعة التي أرتني إياها ذاتي
ذابت في شعلة مصباحه
زمن مر وما عبر بابي
مضطربا عاريا يعلق مصباحه بالفضاء
وفي مساحات النور كان يبحث عني
طوي سدي ولحمة غرفتي
ومعي لم يجد الطريق
نسيم ارتشف شعلة مصباحه
كالريح كان يعبر
وأنا كنت قد اتخذت لي مكانا في ظلام غرفتي العميق
أصبحت ظاهرا
ظاهرا لأجل من ؟هو الآخر لم يكن
هل امتزج بظلمة الغرفة؟
عطر في دفء عروقي كان يتنقل من مكان لآخر
أحسست بوجوده الضائع يراقبني وبينما كنت ابحث بلا جدوى عن المكان
في لحظة واحدة
كان قد أصبح مفقودا.
من ديوان ثمانية كتب