مائة سنة، أم تراها مسألة وحي؟

جاكلين سلام
(سوريا/كندا)

(50 مليون شخص يقرأون كيف تتعلم كتابة الشعر)

هل تستطيع أن تتعلم كتابة الشعر في مائة يوم، مائة سنة، أم تراها مسألة وحي وإلهام وسحر لا غير؟

قد ينحاز المتلقي العربي إلى مسألة الإلهام والوحي أكثر ويرفض كلياً مناقشة "تعلّم" كتابة الشعر وينحاز إلى تصور فطري في أن القصيدة تأتي كرشقة ماء حين يغمض الشاعر(ة) عينيه فتنساب القصيدة مكتملة وجاهزة للنشر.

وقد يأخذ القارئ العربي مسألة تعلّم بعض أسرار كتابة الشعر على محمل الجد حين يعلم أن هناك مئات الكتب في الغرب تتوالى في الصدور منذ حوالي قرن وإلى يومنا هذا. كُتبٌ أعدّها شعراء وأساتذة نقاد أشرفوا على محترفات شعرية ووضعوا بين يدي القارئ حصيلة خبراتهم، تجاربهم وقراءتهم.

نتوقف قليلاً عند هذا الكتاب الذي تداوله أكثر من 50 مليون قارئا في العالم، بلغ عمره أكثر من 70 عاما، وصدر في طبعة ثالثة معدّلة عام 2008 بعنوان "علّم نفسك كتابة الشعر"، تحرير كل من ماثيو سويني وجون هارتلي ويليامز. يقول الشاعر ماثيو سويني في مقدمة الكتاب: "حين نزلت عن المنصة بعد مشاركتي في مهرجان للشعر أتى أحدهم إلي قائلا: "لقد استمتعت بقراءة كتابك عن كتابة الشعر ولكن التمارين لم تجد نفعاً"، فقلت نعم، التمارين مفيدة ولكنك لم تشتغل عليها بالطريقة الصحيحة. في الحقيقة هذه التمارين تؤدي إلى نتيجة وقد جربناها بأنفسنا بين وقت وآخر، وولدت بين أيدينا قصائد حقيقية. نستطيع أن نقول ذلك بكل ثقة، كما الـ"شيف" حين يقدم وصفة طعام مجربة".
يضيف المحرر جون هارتلي ويليامز: "من أجمل الأشياء التي حصلت معي، أن امرأة أتت إلي بعد مشاركتي في قراءة شعرية ومعها نسخة من الكتاب، كان واضحا للعيان أن الكتاب قد اُستخدم كثيرا واقترب من الاهتراء، قالت: "لا أدري كم مرة أعدت قراءة الكتاب، إنه انجيلي"". بالتأكيد نحن لم نجلس لنكتب انجيلا، لقد بدأنا وفينا القلق وانعدام اليقين، وربما في الطبعة العاشرة سنجعله ممتازا كاملاً.

الكتاب غني بفصوله المتعددة التي تبدأ بمناقشة مسألة كتابة الشعر من أولها: ما الذي تحتاجه لتكون شاعراً(ة)؟ ما الذي تحتاج أن تعرفه عن الإلقاء، عن "مهنية" الكتابة عن النشر، عن بيع القصيدة، عن ترجمة الشعر...؟ وما إلى هنالك من تفاصيل تخص عالم الكتابة والقراءة، المواقع الالكترونية والمجلات. ولكن تبقى مسألة الموهبة هي الركن الأساسي الذي يجب الانطلاق منه. وهذه الموهبة تتعزز بالممارسة والقراءة، واستيعاب المراحل التي تمر بها القصيدة. هذا إن استثنينا أصحاب العبقريات الفذة من الشعراء الكبار وقصائدهم الخالدة.

ولكن هل يوجد محترفات أدبية في العالم العربي، في عالم الرواية، او الشعر أو المقالة؟

التجارب قليلة جداً ومحاطة بالتوجس والريبة. ثمة في لبنان الآن محترف لكتابة الرواية تشرف عليه الروائية اللبنانية نجوى بركات. وهذه خطوة جرئية وجديدة ولا بد أن تتشعب وتسفر عن نتائج وتجارب أخرى ممائلة في أكثر من بلد وبإشراف أكثر من أستاذ وناقد. وما يصح في عالم الرواية، يصح في عالم الشعر أيضاً، رغم ما يحيط بالشعر من أوهام سحرية وإلهامية. وخاصة حين يكون المشرف على ورشة العمل ، ناقد خبير وشاعر كبير.

يقول فورد ماكس فورد: "انس أمر بيرس بلومان، انس شكسبير، كيتس، موريسون، الإنجيل الإنكليزي، وتذكر فقط بأنك تعيش في زمننا المذهل، اللا مستقر، العصر اللا مبالي، حيث لا مشكلة واحدة وجدت حلاً، وحين لم تعد أي فكرة مقبولة من شاعر، تملك شيئاً من السحر.

عن موقع جذور