علي السوداني

عبد الجبار الدراجيهذه ليست مرثية مبكرة من مراثي الشتات والبلد . انها حكاية رجل يشدّ على وجعه ، بالمكابرة والتصبر . انه فصل متأخر من آلام عبد الجبار الدراجي ، المطرب والمغني والمثقف البديع المؤنس ، الذي أرّخ أيامنا برسائل الحب المذهلة ، من مثل " علّمتني شلون أحبك ، ممكن اتعلّمني أنسى " و " صبّرتني بكلمه حلوة من مشيت ، وعلى أحَرْ من الجمر بعدك بُقيت " و " شكول للناس لو عنّك يسألوني " و " تانيني صحت عمي يا جمّال " و " دكتور جرحي الأوّلي عوفه ، جرحي الجديد اعيونك اتشوفه " وهذه الأخيرة بدت الآن ، وكأنها نبوءة قديمة . عبد الجبار الدراجي الجالس على باب الثمانين ، يستضيف جسده اليوم ، ضيفاَ ثقيلاَ ، ان نزل فوق جبل ، لأنهد وناخ . السيد سرطان يحط ببطن حلق المغني المدهش.

كم هي موجعة تلك المفارقة ، أن يحفر السرطان على مقربة من حنجرة المغني . ألبارحة ، كنت عنده ، صحبة مطرب جيل الذهب ، حسين نعمة ، وصديقنا الشاعر الحميم فارس مطر ، وربيع الحصونة الذي غنّى علوانية جبير الكون ، ليسوّغ للقاعدين ، سيحان دمعات ساخنات . غنى حسين قليلاَ من عنده ، فأجابه أبو علي الدراجي - علي ، إبنه الحاضر الغائب - بواحدة من فلتاته المعتقات ، كأنه يريد رجم السيد سرطان ، بحجارة الجمال . بدا صوته واضحاَ شجياَ رائقاَ ، زاده الضيف المباغت شجناَ فوق شجن !!

قبل اسبوع ، شال مشرط الطبيب ، ورماَ معلناَ من تحت لسانه ، بعدها ستتم رحلة العلاج بوساطة الكيمياوي . عبد الجبار الدراجي ، لم يتضعضع ولم يشكُ . أنا الليلة أشكو ، وأئنّ وأتوسّل ، من دون أن يدري هو ، فينجرح جرحاَ لا شفاء منه .... أعينوه ما استطعتم ...

alialsoudani2011@gmail.com
عمّان حتى الآن