إبن عباس

(1)

قال جبرائيل : يا حبيب الله قم والبس ثيابك وسكن قلبك في هذه الليلة .

نهضت فرحاناً مسروراً وشددت عليّ ثيابي .

بردتان يمانيتان ائتزرت بالواحدة واتشحت بالأخرى . وخرجت إلى الصحراء وإذا بالبراق قائماً بيد جبرائيل يقوده وهي دابة لا شبه لها في الدواب ، تكون فوق الحمار دون البغل . أبيض الوجه وجهها كوجه الإنسان وجسدها كجسد الفرس . وهي دابة من أحسن دواب الدنيا وما فيها ، عُرفها من اللؤلؤ الرطب كأنها الياقوت الأصفر ، عنقها من الزمرد الأخضر ، كفها من اللؤلؤ الأبيض وذنبها كذنب البعير وهو من العنبر الأشهب ورأسها من الياقوت الأحمر ، طويلة اليدين والرجلين ، مدورة الحوافر ، عليها سرج من الذهب الأحمر ركاباتها من الزمرد الأخضر ، لجامها من الفضة البيضاء ، عيناها مثل الكوكب جسدها له شعاع كشعاع الشمس وهي شهلاء بلقاء محجلة ثلاثاً مطلوقة اليمين عليها جلال من نور مرصع بالدر والجوهر لا يقدر أن يصفه أحد إلا الله عزّ وجلّ ولها نفس كنفس بني آدم .

(2)

قال جبرائيل : تقدم يا حبيب اللّه اركب .

فتقدمت لأركبها فاضطربت كما تضطرب السمكة في الشبكة . فقال جبرائيل : يا براق اسكن ، أما تستحي تنفر من بين يدي سيد الخلق ، فوالذي خلقه وخلقك ما ركب عل ظهرك أكرم على الله منه .

(3)

ثم إن جبرائيل سبقني إلى بيت المقدس فاتبعته وإذا به قد قام ومعه ثلاثة أقداح ، في أحدها لبن وفي الثاني خمر وفي الثالث ماء . فقال لي اشرب أيها شئت ، فأخذت اللبن فشربت منه إلا قليلاً . فقال جبرائيل فلو أخذت الخمرة لغوت أمتك من بعدك ، ولو شربت اللبن كله لما دخل أحد من أمتك إلى النار ، فقلت يا جبرائيل يا أخي رد القدح حتى أشرب ما بقي منه ، فقال جبرائيل يا حبيبي يا محمد قضي الأمر وجري القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة .

(4)

ثم إن جبرائيل أخرجني إلى عند صخرة بيت المقدس ، وإذا أنا بالمعراج وهو مرقاة من ذهب ومرقاة من فضة ومرقاة من الياقوت الأحمر ومرقاة من الزبرجد الأخضر. عند ذلك مر جبرائيل عليه السلام في ألف مائة نبي ثم أذّن وأقام الصلاة فصليت . ضمني جبريل إلى صدره ولفّني بجناحيه بين عينيه وقال اركب يا محمد ، فسمعت الملائكة وهم يبشرون بعضهم بعضاً ويقولون قد جاء محمد حبيب الله زائراً إلى ربه . فعند ذلك صعدت أنا وجبرائيل حتى انتهى بي إلى سكان الهوى فحار بصري ، ورأيت النجوم معلقات في السماء كتعلق القناديل في المساجد ، أصغر ما يكون منها أكبر من جبل عظيم في الدنيا .

فقلت يا جبرائيل ما هذه النجوم التي تبين لنا في الأرض صغاراً ومن هنا كباراً ، قال كذلك بحسب ( الإناء ) الهواء كان موضوعاً فيه الماء كثيراً يبدو قليلاً .

ثم رأيت الشمس على عجلاتها والملائكة يجذبونها إلى موضع تدور أفلاكها ويقذفونها بالثلج قذفاً فقلت يا حبيبي جبرائيل ما هذا . فقال : يا محمد لولا أنهم يقذفونها بالثلج لأحرقت الأرض ومن عليها .

(5)

ثم أخذ جبرائيل بيدي وجعل برقي بمرقاة حتى وقف بي بسماء الدنيا أسرع من طبق الجفن على الجفن وبين الأرض وبينها مسيرة خمسمائة عام وهي من الفضة البيضاء سميت بالرفيعة .

فقلت يا حبيبي يا جبرائيل : سماء الدنيا فضة !

قال نعم .

(6)

ورأيت الملائكة تنقل أعمال العبد إلى إسماعيل وهو يرفعها إلى الله عز وجل . قلت : يا جبرائيل من هذا ؟ فقال : إسماعيل خازن السماء الدنيا ادن منه وسلم عليه . فدنوت منه وسلمت عليه فرد عليّ السلام وهنأني بالكرامة من الله ، ثم دنوت إلى الأمام فرأيت نهرين يطردان فقلت ما هذان النهران يا جبرائيل . قال : هذا النيل والفرات عنصرهما في الجنة ثم مرّ بي فإذا نحن بنهر آخر على حافته قباب من اللؤلؤ والزبرجد وأباريق من فضة كعدد نجوم السماء وإذا ماؤه أشد بياضاً من الثلج فضربته بيدي وإذا طينه مسك أزفر ، فقلت : ما هذا يا جبرائيل ، قال هذا نهر الكوثر الذي أعطاك ربك سبحانه وتعالى . ثم تقدمت أمامي فنظرت وإذا أنا بشاب أحمر الوجه قاعد على كرسي من النور حوله ملائكة لا يحصى عددهم إلا الله عز وجل يحدثهم وهم يحدثونه ، فقلت : يا جبرائيل من هذا ؟ فقال : يا محمد هذا عيسى بن مريم أدن منه وسلم عليه ، فدنوت منه وسلمت عليه .

(7)

نظرت إلى أمامي فرأيت ملكاً عظيم الخلقة هيب المنظر ، جالساً على كرسي من نور مكتوب بين عينية سطران يزهران : أشهد أن لا إله إلا الله . وبين يديه ملائكة لا يحصى عددهم إلا الله عز وجل وهم يسارعون من خلفه وقدامه قد اخترقوا تخوم الأرض السابعة ، وعن يمينه لوح وعن شماله شجرة عظيمة فخفق فؤادي واضطربت ركباتي وطار عقلي وذهلت .

فقال جبرائيل : يا محمد لا تخف ولا تفزع منه ، أتدري من هذا ؟!

فقلت : لا والله ؟

قال : هذا هدام اللذات ومفرّق الجماعات ومخرب الدور ومعمر القبور وميتم الأولاد ومرمل النساء ومفجع الأحباب ومغلق الأبواب ومسوّد الأعتاب وخاطف الشباب ، هذا ملك الموتى ، هو ومالك خازن النار لا يضحكان إلى يوم القيامة .

(8)

قال : يا محمد ، ما من أحد من ولد آدم إلا وله بابان ، باب ينزل منه رزقه وباب يصعد منه عمله ، وهذه الشجرة التي عن شمالي ما عليها ورقة إلا عليها اسم رجل من بني آدم من ذكر وأنثى صغير وكبير ، حر وعبد ، حتى إذا قرب أجله اصفرّت الورقة التي كتب عليها أسمه اقبض روحه على الباب الذي ينزل منه رزقه ويسوّد أسمه في اللوح فاعلم أنه مقبوض بأمر الله تعالي ، فأنظر إليه فيرتعد منه جسده ويوعك قلبه من هيبة ، فيقع على فراشه مريضاً فأرسل إليه أربعين من الملائكة فيعالجون روحه .

(9)

ثم حملني جبرائيل على جناحه الأيمن ولم يزل سارياً بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى فنظرت إليها فإذا هي أصولها من الذهب الأحمر وأغصانها من الياقوت وقضبانها من الدر المكنون والحلي والحلالي تميل ما بين الخافقين ويتناثر من ورقها المسك والعنبر وإذا بملك على غصن من أغصانها على سرير من درة بيضاء مثل الدنيا بأربعين مرة ، فلما رأيت ذلك الملك تبسمت من خلقته فسلمت عليه فرد عليّ السلام .

(10)

تقدمت وإذا ببحر من نور أبيض وإذا بملك على ذلك البحر لو أذن الله للطير المجد في طيره أن يطير من منكبه الأيمن إلى منكبه الأيسر لم يصل إليه بخمسمائة عام .

ثم زج بي في بحر من نور أخضر يتلألأ وإذا بملك على ذلك البحر لو أذن الله له عز وجل أن يبتلع السموات والأرض ومن فيهن في لقمة واحدة لهان عليه ذلك لعظم خلقته ، ثم خرجت من ذلك البحر إلى بحر من نور أصفر وإذا أنا بملك على ذلك البحر وجميع ما خلق الله عز وجل في سمواته وأرضه لو وضع في كفه لكان كالخردلة الملقية في أرض فلاة . ثم خرجت من ذلك البحر إلى بحر من نور أسود يتلألأ هيبة .

(11)

وإذا النداء من ساحل البحر إليّ : أقبل يا محمد يا أحمد فأقبلت إليه وإذا أنا بملك عظيم الخلقة جالس على ذلك البحر يكيل الماء بمكيال ويزنه بميزان ويفرقه على السحاب ، فناديت السلام عليك ، من أنت من الملائكة رحمك الله ، قال أنا أخوك ميكائيل ، فقلت يا أخي ميكائيل بالذي رفعني إلى هذا الموضع أريد منك أن تعرفني لم سميت ميكائيل ولم سمي عزرائيل ولم سمي جبرائيل ولم اسرافيل .

قال : أعلم أني سميت ميكائيل لأني موكل بالقطر والنبات أكيل الماء بمكيال وأزنه بميزان وأحمله للسحاب وأرسله حيث يشاء الله . فقلت يا أخي ميكائيل فيما الرعد وما البرق ، قال : يا حبيب الله الرعد إذا حملت السحابة الماء سلط الله عليه ملكاً يرسله إلى حي يشاء الله تعالي . قال : فيزجره فيحكي بعضه بعضاً فيقع له زجرة ووقعة فأضربه بسوطي فيخرج منه نور وهو البرق .

وإنما سمي جبرائيل لأنه أعطى الجبروت وهو صاحب الخسف والمسخ والقذف والزلزال والصقيع وبه أهل الله الأمم الخالية . وإنما سميّ اسرافيل لأنه ليس في الملائكة أشد منه شيئاً ولا أكثر منه أجنحة وريشاً وهو صاحب الصور وإنما سميّ عزرائيل لأنه موكل بقبض الأرواح .

(12)

فنظرت أمامي وإذا أنا بملك من الملائكة على صورة ديك اسمه دحيابيل عنقه تحت العرض ورجلاه في تخوم الأرض كأعظم ما يكون في البياض وأجنحته خضراء ورجلاه من الذهب الأحمر وعرفه من العقيق الأحمر وذنبه من المرجان ولعرفه شرف من المسك الأصفر وفي وسط ملك قاعد على كرسيّ من نور والكرسيّ مدَّ النظر .

(13)

فبينما أنا كذلك وإذا النداء من العليّ من قبل الله عزّ وجل : يا حبيبي يا أحمد أنا أمامك ادن مني فإني أنا الله رب العالمين . فعند ذلك أخذتني الرعدة والنفضة وارتعبت رعباً شديداً ، ثم وقف الرفرف لم يمرّ ولم يصعد ولم ينزل ، فعند ذلك عرفت أني قريب من الله عزّ وجل فرفعت رأسي ، وإذا أنا بالعرض وسع كرسيه السموات والأرض ، وإذا هو من نور يتلألأ والكرسي نوره من نور العرض وحامله ثمانية من الملائكة ، إثنان منهم على صورة بني آدم و إثنان على صورة الأسد و إثنان منهم على صورة النسر و إثنان منهم على صورة الثور . فاللذان على صورة بني آدم يسبحان الله عز وجل ويقدسانه ويهللانه ويكبرانه ويسألانه ساعة الرزق لبني آدم ، واللذان على صورة الأسد يسبحانه ويقدسانه ويسألانه الرزق للوحوش، واللذان على صورة النسر يسبحان الله ويقدسانه ويسألانه ساعة الرزق للطيور ، واللذان على صورة الثور يسبحان الله ويقدسانه ويسألانه ساعة الرزق للدواب ، وتحت العرض نهر كبير عظيم يقال له الكوثر على حافته وأطرافه مضروبات من الدر والياقوت واللؤلؤ والجوهر والعنبر والذهب والفضة وله أربعة أركان وعلين أكواب و طاسات وأباريق و كاسات من الجوهر أكثر من قطر المطر و ورق الشجر ونبات الأرض ونجوم السماء ومن أسقاه الله من ذلك النهر لا يظمأ بعدها أبداً وإذا بين يدي العرش ملائكة من نور الله عز وجل من نظر إليهم من الملائكة الذين بهم تكاد أبصارهم تذهب وأقدام أولئك الملائكة قد اخترقت تخوم الأرض السابقة بألف عام العرش على أكتافهم ولهم قرون كل قرن من المشرق إلى المغرب قد كتب الله على أقدامهم أسماء وهم يسبحون الله عزّ وجل بلغات مختلفة .

(14)

فبينما أنا واقف في باب حجاب الوحدانية والرفرف يلوح في نور الله عز وجل فأخذني خوف شديد ورغب إذ نادانيربي لا روع عليك يا محمد لا خوف عليك يا أحمد أنت عبدي ورسولي ، فعند ذلك ركن قلبي وسكن خوفي وروعتي ونظرت إلى أمر عظيم لن تناله الألسن تبلغه الأوهام وغشيني من نور الله عز وجل حتى خشيت على بصري من العمى فرد الله في قلبي ورأيت من نور الله سبحانه وتعالى وجلاله ووقاره وعظمته وسلطانه ما تتحير فيه العقول والأبصار ، فسألت الله عزّ وجلّ أن يلهمني الثبات فنظرت ربي بعين رأسي وعين قلبي وقد كشف لي عن حجابه مستوياً على عرشه في علو جلاله وكماله وقدرته وسلطانه ولم يؤذن لي بأن أحدث بأكثر من هذا ، فإنه سبحانه وتعالى لا يتكيف ولا يتمثل ولا يتصور ولا يتوهم سبحانه كما يوصف علام الغيوب والشهادة لا يغلب عن مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء فناداني ربي سبحانه وتعالى ادن مني يا حبيبي يا محمد ، فدنوت من ربي عزّ وجلّ فكنت كما قال ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدني قيل ما من قوس إلا له قاب من فضة وإلى الساعة قاب كذلك من الجانب الآخر ، قيل من الفضة وإلى الوتر وقيل المراد من القوسين هو الحاجبان فكان صلى الله عليه والسلام أقرب إلى الله تعالى من الحاجبين المقربين إلى العينين فوضع ربي سبحانه وتعالى يده الكريمة بين كتفي ولم تكن يده كيد المخلوقين بل يد القدرة فوجدت بردها على كبدي فأورثتني علوم الأولين والآخرين وعلم ما كان وما يكون وأزال عني ما كان ويكون ما قد رأيته من الأهوال والعجائب .

(15)

فوجدت حلاوة ولذة من لذة قربه وملئت فرحاً وسروراً ووقع الاستبشار والطرب في قلبي حتى جعلت أنظر يميناً وشمالاً في نور ربي عزّ وجلّ ، وعلمت ما في السموات والأرض حتى لو أردت أن أحدثكم بالأشياء كلها لفعلت ذلك بإذن الله سبحانه فألهمني ربي عزّ وجلّ فقلت الحسنة والسيئة والدرجات والكفارة والذنوب الموبقات فقال الله عزّ وجلّ ما هي يا محمد وهو أعلم ما ألهمني ربي ذلك كرامة وشفقة على عباده المتقين .

(16)

فرفعت رأسي وقلت : يا رب أين أنا ؟

قال : أنت على بساط القدرة فرفعت القهقرات ورائي ، وهممت أن أخلع نعلي فناداني ربي سبحانه وتعالى لا تخلع نعلك دس بنعلك كي يشرف بساطنا ، وكقد كتب من الأزل أنك أنت السيد المفضل ، فالتفت عن يميني وإذا بسيف نقمة يقطر دماً وهو معلق بساق العرض اليمنى ، فقلت الهي وسيدي ومولاي : ارفع السيف عن أمتي .

(17)

قال جبرائيل عليه السلام : يا رضوان خذ بيد حبيب الله وأره الجنة .

فأخذني رضوان وأدخلني الجنة ، فنظرت إلى أرضها فإذا هي مثل الفضة البيضاء ، فتأملت رياضها وحصباءها اللؤلؤ والمرجان وترابها المسك ونباتها الزعفران وأشجارها وأنهارها وسقفها من الياقوت الأحمر ، منعقدة قبابها على نهر الكوثر ، العرش سقفها والرحمة حشوها وملائكة الرحمن رجالها .

(18)

ورأيت فيه من لؤلؤة بيضاء معلقة بلا علاقة تحملها ولا دعامة تمسكها . لها ألف باب من الذهب الأحمر على كب باب ألف فراش من الأستبرق بين كل فراش وفراش نهر يجري من ماء لا يبتل الظاهر والباطن وأنا متعجب من ذلك ، وإذا النداء من العلي : تتعجب من هذا يا محمد ، انظر إلى صدر القبة ، وإذا هي مد البصر . فنظرت إليها و تأملتها وإذا هي قبة من الزمرد الأخضر فيها سرير من العنبر الأبيض مرصع بالدر والجواهر عله جارية وحور كحل نجل شكال دعج غنج بحركة أحسن من الشمس والقمر ومن أين للشمس والقمر حسن وبهاء وفصاحة ، وقدّ واعتدال مثلها خلقها الله تعالى من قدمها إلى ركبتها من الكافور الأبيض ومن ركبتها إلى صدرها من المسك الأزفر ومن صدرها إلى رأسها من النور الأزهر ، لها ألف وستمائة ذؤابة من الشعر لو أشرقت على أهل الأرض لأضاء من نور خنصرها المشرق والمغرب ولو تفلت في البحر المالح لصار عذباً فراتاً .

(19)

فتأملت في الجنة وإذا عرضها كعرض السموات والأرض ، مبنية من الذهب الأحمر والفضة والدر والياقوت والجوهر واللؤلؤ والزمرد الأخضر ، وإذا بثمانية أبواب ستورها من سندس أخضر مفاتيحها من الياقوت الأحمر ، سورها لبنة من فضة ولبنة من ذهب مكتوب على الباب الأول جنة النعيم والباب الثاني دار السلام ، الباب الثالث دار الخلد ، الباب الرابع دار الفردوس الخامس دار الجلال ، السادس جنة عدن ، السابع دار الخير ، الثامن دار العلى . حول كل دار مسيرة ألف ألف عام إلى تسعمائة ألف ألف عام وكذلك عرضها ثمانون شهراً والشهر ثمانون يوماً واليوم ثمانون ساعة والساعة الواحدة ألف سنة من سنيّ هذه . وفي كل جنة خلق الله عز و جل ثمانمائة ألف ألف قصر من الذهب الأحمر والدر والجوهر والياقوت الأحمر والزمرد الأخضر وفي كل قصر أربعة آلاف ألف ألف طبقة بعضها فوق بعض ، في كل طبقة ألف شباب من نور ، على كل شباك سرير من الذهب الأحمر والسندس الأخضر مكلل بالدر والجواهر ، بعضها فوق بعض ، على كل فراش حورية من الحور العين على كل واحدة منهن سبعون حلّة ما بين أحمر وأخضر منسوج بالدر والجوهر والمرجان ووجوه تلك الحوريات أضواء من الشمس والقمر، لهنّ عيون لو نظر إليها أهل الدنيا لماتوا في ساعة واحدة ، لكل حورية ألف خلخال من الذهب الأحمر لو سمعه أهل الدنيا لتشوقوا لحسنها ، وفي عنق كل حورية ألف قلادة من الدر والجوهر والمرجان واللؤلؤ تضيء مثل الكوكب الدريّ ، وبين يدي كل حورية ألف ألف وصيفة ، مكتوب على باب كل قصر اسم صاحبه ، وعلى نحر كل حورية اسم زوجها بنور يتلألأ : أنا لفلان ابن فلان . طول كل قصر من تلك القصور ألف وثلاثمائة سنة ، وعرضه ألف وأربعمائة سنة في كل قصر أبواب ، وبين الباب والباب خمسون سنة ، على كل باب بستان نهر يجري ، في كل بستان نهر من لبن ونهر من عسل ونهر من خمر لذة للشاربين ونهر من ماء غير آسن ، مضروب على جنب كل نهر ألف خيمة وألف قبة من الزمرد الأخضر والياقوت الأحمر وفرض من السندس ، وفي كل بستان فواكه كثيرة لا تحد ولا تعد ولا تحصى ..