(نصوص غير منشورة للنّفري)

نشرت أسبوعية "الأدب" المصرية في عددها الأخير مجموعة قصائد صوفية لعدد من الشعراء الصوفيين البارزين من القرن الرابع الهجري، والقرن الخامس الهجري والقرن السادس الهجري. ومن الشعراء الذين اختير من نصوصهم أبو البكر الشبلي (ت. 334هـ)، وأبو الخير الأقطع (ت. 346هـ)، وأبو الفتح البشي (ت. 400هـ)، وابن سينا (ت. 328هـ)، وعمر الخيام (ت. 515هـ)، وأبو الفوارس الحسين بن يلمش التركي (ت. 532هـ).

لكن أبرز ما في هذه المختارات الصوفية نشر نصوص غير منشورة لأبي عبدالله النفري (ت. 354هـ). ونظراً لأهمية اكتشاف هذه النصوص للشاعر الصوفي الكبير، نورد بعضها، إسهاماً في نشرها الى القراء.

إشارات

يا بنية اخضرت للقدس، وابتسمت
عين إليها، بأعلام تخفيها
يد المريد تواريها وتسترها
وبالإشارات تجلوها وتبديها
النفري (نصوص غير منشورة)
بنية الخطر
يا بنية الخطر العظيـم
م، وبنية الود المقيم
قد آن منك الى المشاعر عن "منى" علم القدوم
لاتستظلي بالخفاء
فإن ذلك لا يدوم
لا تنعمي بمقامه
بين المنازل والرسوم

تقليب
إن المحب بلا قلب تقلبه
أيدي الهموم، وللتقليب آثار
لا يعرف الوقت إلا في معابره
ولا له عن سوى المحبوب إخبار

تجليات
نسيم كله لطف
ولطف سره عطف
وصمت ما له فكر
ونطق ما له حرف
ووجه ما له حجب
وعين ما لها طرف
وعلم ما له صحف
ومعنى ما له وصف
وقرب ما له أين
وبعد ما له خلف
تقلّب ذا وذاك يد
بها، ما إن لها كف
تجليات أخرى
يبدو اليقين إذا بدت أبناؤه
وتقدمت من قبله أسماؤه
نور مبين للقلوب معرّف
يمشي به في نوره علماؤه
كشف يجوب الحجب عن سبحانه
سبحانه وتقدست آلاؤه
لا يستطيع علومه خصماؤه
أبداً، ولا يشقى بها رحماؤه
أحبابه خلصاؤه أمناؤه
حكماؤه سفراؤه خلفاؤه
سياحه نوّاحه جلساؤه
ولهوا به عنهم فهم أسراؤه
الى المجهول
قف فوق مبصرة العقول
إن الطريق بلا دليل
لو كان فيه أدلة
كان المقيل لدى الطلول
أو كان فيه علامة
حطت رحائلها الحمول
وتكلمت لسن المعا
لم، بالمثائل والمثول
لكنه متعزز
لا قول فيه ولا مقول
لا علم فيه لمبصريـ
ه، ولا لأبناء السبيل
مجرد خيال
سل الأيام عني، والليالي
أهَلْ علِما جميعاً سر حالي؟
أهل سمعا بقدس العز يتلى
بنور من جلال في جمالي؟!
وهل رأيا ـ ولن يريا ـ منارى
ولا حجبي، ولا عقد اتصالي
فما للملك والملكوت مني
سوى شبح يشبه بالخيال

توسل
حزني منك، يا ابنة الأملاك
كل ضر لقيته في رضاك!
أين تلك العهود لما التقينا
بين شعب الغضا ووادي الأراك؟!
ومواقيتنا بأن ليس تهويـ
ن سوانا، ولا نحب سواك!
لابسيني قبل الممالك، فالممـلوك ذو واجب على الملاك
وأرفقي بالأسير، أوْلا، فمتى
بسراح، أو فاسمحي بفكاك.
بلابل
الحق واضحة سبيله
والمرء يشبهه خليله
والعزف يهدى أهله
والعلم يهديه دليله
والعين يعجبها الكرى
والجنب يرضيه مقيله
والقلب فيه بلابل
لا يستقر بها غليله!
لشرف المحيط
القرب صاحب من عرف
والحق صاحب من وقف
ان الوقوف على السوي
شرف محيط بالشرف
خفاء وتجل
مشى بنسيم الحب لطف الى القلب
فسلم من رب، وأخبر عن رب
فأسفر عن أنوار ود بسيطة
لها مطلع بين الرسائل والكتب
فحيا بعلم لم يكن قط باديا
ودار بكأس العطف في روضة القلب
فلله ما أبدى بأنوار عزه
ولله ما أخفى عن القلب، في القلب!
إشارات
لطف يبشر عطفه بلقائه
في روضة نقشت بنور بهائه
كشف الحجاب لعارفيه، فأبصروا
ما لا تعبره حروف هجائه
والحب منه أجل ذلك كله
والحب زينة أرضه وسمائه
ما وراء العلوم
لا يسكنون الى العلو
م، ولا تقلهم الرسوم
أبناء معرفة الخصوص
وبنية النظر المقيم
لا يسمعون من الحروف
ولا لهم فيها حميم
أرواحهم وقلوبهم
بين الرفارف والحريم
موقوفة بفنائه
في محضر القدس العظيم
سيماهمو عز العزيز
ووصفهم كرم العظيم
شربوا بأكواب الرضا
وغذتهمو تحف النسيم
وجرى بهم جارى العلو
م الى صراط مستقيم
فهم الذين همو همو
أهل المحبة في القديم

المستقبل 
الثلاثاء 31 كانون الثاني 2006