موسى برهومة
(الأردن)

محمود درويشيعود الشاعر محمود درويش إلى مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948 ليقابل جمهوره العربي في أمسية وصفت بـ"التاريخية"، لأن صاحب "لماذا تركت الحصان وحيدا" يستحضر في هذه الزيارة فتوته الشعرية التي أشرقت ملامحها الأولى في هذه المدينة التي أمضى فيها الشاعر ردحا من طفولته وسني عمره الأولى.

وتأتي الزيارة بدعوة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ومجلة "مشارف"، وتقام في "اوديتوريوم" جبل الكرمل التي تعد أكبر قاعات مدينة حيفا.
وسبق الزيارة المتوقعة في الخامس عشر من الشهر الجاري "اتهامات" طاولت الشاعر محمود درويش بذريعة أن "الزيارة تتم بإذن من الحاكم العسكري الإسرائيلي"، فضلا عن كونها تجيء في لحظة سياسية حرجة تتصادم مع المزاج الشعبي العام.

وبلغت الانتقادات الداعية درويش لعدم تلبية الزيارة إلى توزيع معارضين للزيارة ملصقات عبر شبكة الإنترنت تربط بين أشعار درويش وبين ثمن بطاقة الدخول للأمسية المقررة والبالغة خمسين شيكلا.

ووصف الشاعر محمود درويش هذه "الحملة" بأنها تصدر عن "صبية" و"أولاد صغار" و"أنصاف مثقفين يملؤهم الغيظ والغيرة". وقال في تصريح لـ"المستقبل" "لا أفهم هذا اللغط الذي تثيره مجموعة من الصبية لأنني ذاهب إلى بلدي وليس إلى الكنيست. ذاهب لأقرأ الشعر لجمهوري العربي في حيفا التي لم أزرها منذ 40 عاما".

واستغرب درويش التطاول على الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي يقودها عضو الكنيست النائب العربي المناضل محمد بركة والافتراء عليه بالزعم أنه دعا إلى محاكمة النائب السابق في الكنيست عزمي بشارة لأنه زار الضاحية الجنوبية لبيروت للتضامن مع حزب الله بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان العام الماضي.

وتساءل صاحب " لا تعتذرعما فعلت" عن سر هذه "الحملة" الساخطة على الزيارة التي جرى تنظيمها منذ خمسة أشهر. وقال "ليست هذه المرة الأولى التي أزور فيها بلدي وألتقي شعبي، فقد سبق أن شاركت في تأبين الكاتب الراحل إميل حبيبي، كما زرت الناصرة في العام 2000 وقمت قبل نحو 4 سنوات بزيارة بلدة كفرياسيف، وفي كل مرة كنت أحصل على تصريح لمدة يومين من الحاكم الإسرائيلي بوساطة وتدخل من النواب العرب في الكنيست، فلماذا تثار كل هذه الضجة على زيارتي لحيفا ؟".

وأضاف "أتوقع أن يعترض على الزيارة الإسرائيليون، لكن أن يأتي الاعتراض والاتهام من سواهم فهذا ما يثير حفيظتي واستهجاني، لأنه يصدر عن ذوات ترجح الحساسية الشخصية على المصلحة العامة".

وأفاد درويش بأن تذاكر الأمسية نفدت منذ اليوم الأول، و"هذا في نظري هو الرد الحقيقي على كل المشككين في الزيارة". ولفت إلى أن ثمن التذاكر ليس من أجل مشروع ربحي وإنما "من أجل تغطية نفقات حجز قاعة الأمسية وتجهيزها".

وتمتاز أمسية درويش الحيفاوية بمذاق خاص فقد كانت هذه المدينة لسنوات مسرحًا لحراك درويش الشعري وألمعيته ونشاطه الثقافي قبل أن يغادرها إلى عواصم ومدن وتجارب في المنفى البعيد والقريب.

وتوصف الأمسية بأنها "تشكّل عودة الشاعر مكللاً بالشعر وهالته إلى مراتع شعره، إلى المدينة التي سكنها فسكنته في منفاه وطوافه الثقافي الغنيّ بالمدن والأمكنة". كما أنها "التقاء مجدد بعد غياب نحو أربعة عقود مع الجمهور العربي الفلسطيني الذي ترعرع وكبر على قصائد درويش ونزعته الإنسانية الشمولية وشاعريته التي تلقفتها لغات العالم بشغف".

وتشتمل الأمسية على كلمات ترحيبية للبروفيسور رمزي سليمان عن مجلّة "مشارف"، والمحامي أيمن عودة سكرتير عام الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. ويرافق الأمسية، موسيقياً، الفنان سمير جبران الذي كان رافق درويش في أمسيات كثيرة في أنحاء العالم.

وتتولى إدارة الأمسية الفنانة أمل مرقس التي كانت غنّت درويش، فيما صمّم الفنّان وائل واكيم ملصقاً خاصاً بهذه المناسبة.

المستقبل
الاحد 8 تموز 2007