المسوغ الذي دفعني للكتابة عن النموذج البلاغي المتمثل بالتشبيه في نص الماغوط هو قلة النماذج التي صدرت في هذا الميدان وان وجد فهو لا يبحثه بصورة عصرية على الرغم من حمل القصيدة لدى الشاعر عينه على جعلها حديثة في كل العصور التي تتناولها . التشبيه بأنواعه تجده متوفرا لدى هذا الشاعر الغزير المفردة فحين التغلغل الى أعماق البيت الماغوطي توقفك أشارة بلاغية هنا ... وخروج مألوف أو غير مألوف هناك عن الواقعية العربية التي اشتهرت بالترتيب المؤله المتمثل بالوقوف على الأطلال وذكر الأحبة والأثافي حتى بعر الأرام لدى أمرؤ القيس وقف هو على أطلال الهزيمة والخوف والزنزانة .
تناول الانحراف الاجتماعي حين شخص العلة هنا وومضة من العداء لكل ماهو سائد هناك. من بين ذلك الإرث القديم المحمول من المعنيين في عملية التحول داخل الصحراء العربية الكبرى المطلع على منتج الشاعر محمد الماغوط ككل يجده مفعما بالبلاغة ولكن يبقى التشبيه الصفة الأكثر وضوحا في قصائده ... لقد كان من محرري الشعر العربي من عقدة الشكل وقتها كانت الساحة تعج بالأقاويل والنقد الهجومي على شرعية الشكل الجديد للقصيدة العربية ... دخل ا_e1معترك حاملا ثقافة البدوي المتحضر الخارج على ذاته ليصرخ عاريا أمام صحراء الثقافة العربية تلك أدواتي الأدبية وهذه ناقتي الأصيلة المتوجة بخوف دائم هذا إحساسه السياسي والاجتماعي نفس الوقت يحمل بين طياته مستقبل إنسان هذه البقعة المتنازع عليها في هذا العالم ... محمد الماغوط الذي يقول في إحدى قصائده الأخيرة رادار الفقراء الوحيد في العالم كوخا منعزلا على قمة جبل حيث لايرى ما أكتب سوى الله .
- لقد حافظ على أناقة القصيدة العربية واستخدامه الجزيل لأدوات الشعر العربي واستدعاء مايمكن استدعائه من أرث عربي وإسلامي جعل صراخه ايجابيا في جعل الشعر الحديث الابن الشرعي للعمودي . ان لم تكن
'e6لادته القيصرية إحدى إرهاصات مرحلة تغيير عاشها الجيل برمته . كسنبلة مكسوة بالشعر رأيتك تنزف غلى فوهة الخليج أيها تحصي جراحك وندوبك كما تحصي الغابات طيورها عند المساء . - استدعى الشاعر الطبيعة بطريقة الأندلسيين متخذا صورة تريد الخروج أكثر مما ينبغي من حدود البيت الشعري وقد ! لاتجد بين أنواع التشبيه الموجود في الشعر العربي مايطابق استخدامه فهو يخرج من حدوده الممكنة ليكون التشبيه ماغوطي إذا قدر لي أن أكون دقيقا نوعا ما . البندقية سريعة كالجفن والزناد الوحشي هادئ أمام العينين الخضراوين ها نحن ندفع الباب المسنن نلوح بمعاطفنا وأقدامنا .
- انه يغرس ! المفردة في عالمه المضطرب وليس عالمه الشعري المحاصر من قبل هوس ملكته في كتابة المسرح فهو يشعرك ببدائيته حيثما وليت عينيك وذلك الحنين لزمن مر على الرغم من قسوته أيضا فتراه يغني في حشود النائمين عله يسمع ذاته المسهدة لنخلط دموعنا وهمومنا كالنقود المسروقة ولنمض وحيدين ضد الزمن ضد العاصفة والندوب تتحرك على ج_ c8اهنا كعقارب الساعات
- تشبيه المتنبي الرائع لخيوله المنتصرة الذي يعتبر من خيرة العرب في هذا المجال متفوقا حتى على الجاهليين والعصور التي سبقته قابله الماغوط ذلك العبثي المهمل ينقل هزائم العرب الواحدة تلو الأخرى وهو يقرأ ساحة الحرب لأبي محسد حيث ينقل رائحة العرق وسيل الحداء وصهيل الخيل بأبي
'c7ت قصيرة حين ينتقل لغرض شعري آخر دون ارتباك يخل بالقصيدة وقد أخذت المتنبي ليس من باب المقارنة فقط لغرض الفائدة فثقافة الماغوط الواسعة طرحت قدرته في جعل الوجع العربي جليا في ذلك الباب البلاغي الأنيق. أنت يامن تداعب خيوط القمر كالنساج الأعمى وتتلمس بقايا الجداول الزرقاء كضرير يتعرف على م 'e1امح أحفاده
من أنت - ظل الشاعر زمنا ينتقل عله يجد بيئة تناسب ضياعا يراه هو ولكن سرعان مايكتشف أن المكان الجديد أصيب بالعدوى منه فيقرر الهجوم على المكان مؤنبا ذاته وأنا لا أنقل الرأي الذي يعتمده الماغوط لأيمان من به ولكن الأمانة العلمية والأدبية في إعطاء كل ذي حق 'cdقه . كان لا يكتفي بال_d8رح ولا بالحروف بل جاهد في البحث عن تشبيه آخر للقصيدة من خلال القصيدة وقد تجلى هذا
في مجموعاته الشعرية أن العاصفة هناك
مترددة وراء الأفق البعيد
كالبغي أمام عتبة الفندق
والنسر العجوز
آخر نسر في التاريخ ينتظرها
وحيدا! صامتا كالحوذي امض أيها النسر العجوز . - قد لايستطيع الباحث في هذا المجال الضيق أن يتوسع ولكن بهذه الطريقة الموجزة استطعت الخروج بهذا البحث العلمي البسيط لكشف بعض الجمال في كيفية التشبيه قدرت أن أطرح بعض الصور البديعة في عمل الماغوط الأدبي الذي يعتبر من رواد القصيدة العربية! الحديثة (بل الشاعر ہ7لعربي الذي جعل قصيدته نثرية خالصة دون الالتفات للنقد الذي يوجه إليه (
وهنا أحب أن أهدي هذا البحث للدكتور أحمد غضيب أستاذي العزيز أستاذ الأدب العربي في كلية التربية جامعة بغداد الذي درسني البحث وكان أميناً في زمن اللا أمانة . وأختم بما قاله الماغوط في إحدى روائع.
وفي الليل عندما تظلم الأمواج كالقبور
وتسيل دماء الأسرى تحت الأشرعة الغاربة
سأقف على موجة عالية
كما يقف القائد على شرفته
وأصرخ : إني وحيد يا الهي
المصادر
- حروب الردة مجلة الوسط العدد 433
- الصديقان من مجموعة غرفة بملايين الجدران
- القتل : : في ضوء القمر
- بكاء السنونو : : الفرح ليس مهنتي
- أمير من مطر وحاشية من الغبار الفرح ليس مهنتي
- مروحة السيوف الفرح ليس مهنتي
- من_ d2ل قرب البحر غرفة بملايين الجدران
alkabi66@hotmail.com