Sous le pont Mirabeau coule la Seine Et nos amours Faut - il qu'il m'en souvienne La joie venait toujours après la peine Vienne la nuit sonne l'heure Les jours s'en vont je demeure Les mains dans les mains restons face à face Tandis que sous Le pont de nos bras passe Des éternels regards l'onde si lasse Vienne la nuit sonne l'heure Les jours s'en vont je demeure L'amour s'en va comme cette eau courante L'amour s'en va Comme la vie est lente Et comme l'Espérance est violente Vienne la nuit sonne l'heure Les jours s'en vont je demeure Passent les jours et passent les semaines Ni temps passé Ni les amours reviennent Sous le pont Mirabeau coule la Seine Vienne la nuit sonne l'heure Les jours s'en vont je demeure ترجمة : كامل عويد العامري - تحت جسر ميرابو يجري السـين
- وحبنا
- أكان عليَّ أن أتذكّر
- إن السعادة تأتي بعد الألم دائماً
- ليأت الليل ولتدق الساعة
- وتمضي النهارات وأبقى أنا
- الأكف في الأكف لنبق وجهاً لوجه
- بينما تمر
- تحت جسر أذرعنا
- ونظراتنا الخالدة الموجة المتعبة
- ليأت الليل ولتدق الساعة
- وتمضي النهارات وأبقى أنا
- يمضي الحب كهذا الماء الجاري
- يمضي الحب
- كم الحياة بطيئة
- وكم الأمل عنيف
- ليأت الليل ولتدق الساعة
- وتمضي النهارات وأبقى أنا
- تمر النهارات وتمر الأسابيع
- لا زمن ماض
- ولا الحب يعود
- تحت جسر ميرابو يجري السين
- ليأت الليل ولتدق الساعة
- وتمضي النهارات وأبقى أنا
ربما يندهش المرء لأننا اخترنا كموضوع لهذه المقاربة اللغوية لنص أدبي قصيدة معروفة من مثل قصيدة " جسر ميرابو " لغيّوم أبولينير " وبالرغم من أن هذه القصيدة خضعت لتفسيرات عديدة ، فإن ما يشغلنا هو الوصول إلى تفسير أصيل ، جل ما فيه الإشارة إلى الكيفية التي يمكن بها اكتشاف عناصر محددة للتفسير من خلال البنى اللغوية التي تشكل نسيج القصيدة ، ونعني بذلك البنى المعجمية والتركيبية والنغمة والإيقاعية .. الخ . ونعتقد أن تحليلاً لغوياً يخطو خطى منهجية يمكن أن تكون له قيمة استثنائية دون الادعاء بأننا استنفذنا كل إمكانات التفسير . إن قصيدة بالنسبة للغوي تعدّ مدونة متميزة بحق وتبعاً لأبعادها المحددة ، ذات مرونة عالية قابلة للتحليل بسهولة أكثر من تحليل رواية في سبيل المثال ، فأي قصيدة هي منظومة مقفلة بذاتها ، أُعدّت اعتباراً من مادة لغوية محددة تتضمن بالنسبة للشاعر اختياراً من بين إمكانيات تأليفية لا حصر لها تقدمها اللغة . وعلى هذا فمن خلال تحليل المادة هذه ، فإن الكلمات تكون منسقة على شكل مجموعات ، وجمل ومقاطع شعرية ، التي اختارها اللغوي للشروع بعمله . وهذه المحاولة المتواضعة إن كان لها النجاح فإنها تمثل قدراً من الاضطرار إلى مناقشة مريرة مع النص في الغالب . وتتركز المحاولة الأولى على القيام بعملية إحصائية للعناصر اللغوية التي تمثل بمجموعها " دال " النص . وبوسعنا أن نقدم لأنفسنا " الكلمة المكتوبة " كوحدة حسابية ، أي مجموعة من الحروف الطباعية الموجودة بين بياضين . وهكذا سنلاحظ في قصيدة أبولينير ، مع اخذ العنوان والتكرار بنظر الاعتبار ( 150 ) كلمة مكتوبة . لكن فكرة الكلمة " الكلمة المكتوبة " الأكثر سهولة مما يمكن أن تظهر للوهلة الأولى لإنجاز هذا الإحصاء ، تبدو كونها عامل ملتبس في الإطار الذي فيه ، يخفي الحقيقة اللغوية على مستوى " المدلول " ويبدو بالنسبة للنص الذي نتعامل معه ، أن المسألة اعتباطية ، وأنت تعد كلمتين مكتوبتين " أينبغي Faut - il " وثلاثة كلمات " يمضي S , en vout " أو " وجهاً لوجه Face a face " ، وخمسة " علي أن أتذكر qu , il m , en souvieenne " هذه العناصر من وجهة النظر التشكيلية بالمعنى الدقيق ، التي تتشكل من إضافة دوال عديدة بوسعها ، في سياقات أخرى ، أن تسلك سلوكاً مستقلاً ، أن تشكل حقاً ، من وجهة النظر المعجمية ، وحدات عديدة لا مجتمعية ، إذن من الأفضل أن تقوم هذه العملية الإحصائية ، اعتباراً من فكرة المرونة العالية للمجموعة ، المجموعة التي كان لها أن تعد كوحدة ذات وجهين ، مزودة بدال ( بسيط ومعقد ) وبمدلول . ونعتقد أن هناك مجموعات من الامتداد العليا ومجموعات ناقصة . سنصرف النظر هنا عن تقديم تفاصيل هذا التحليل ولا ننقل منه سوى النتائج الإجمالية. وهكذا فإن قصيدة أبولينير " جسر ميرابو " تتضمن : - 34 أسماً أو مجموعة ذات قيمة اسمية .
- 28 فعلاً أو تركيباً فعلياً .
- 6 صفات فقط ، إذا ما دمجنا في الكشف الحسابي الأشكال الملتبسة تبعاً لظهورها في صف من الكلمات المحددة تماماً مثل كلمة " ماضي " في صيغة " الزمن الماضي "
و " الجاري " في جملة " ماء جار " و (( في الحالة الأخيرة يشكل اسم الفاعل ، بارتباطه مع الاسم " ماء " تعبيراً اصطلاحياً )) . أما ما تبقى من المادة اللغوية فيوزع بطريقة متغايرة بين العناصر التي نعطيها اسم " كلمات الأدوات " إجمالاً ، ونعني بذلك الوحدات اللغوية الصغرى التي تتوافق ، في معجم مصطلحات اللغة الفرنسـية الأسـاسية ، مع قرين ذي تواتر عالي ، ولكنها ، إذا أخذت منعزلة، تتمتع بقيمة تعبيرية شبه منعدمة ، وهي لا قيمة لها إلاّ بتقابلها : وهكذا نلاحظ في قصيدة أبولينير أن التقابل المحدد / غير المحدد يقود إلى تقابل بين محدد وغير محدد ، وهو الذي يحدد مظهر النص من الناحية العامة ( قيمة المعرّف ) ، بعد أن يعبر ما هو فردي عن نفسه في هذا النص من خلال وسائل أخرى بأداتي التعريف غير المحددتين للمذكر والمؤنث une / un للمفرد . إن مجموعة الإحالات الشخصية ( الضمائر الشخصية أو ضمائر التملك ) والتي تسمح على وجه الدقة ببناء روابط شخص ما مع العالم أو مع أشباهه أو روابط أشخاص عديدين فيما بينهم ، تقتصر هنا على تبدلات ضمير المتكلم ( أنا Je ) المكرر أربع مرات في المقطع الثاني من اللازمة و ( me ) ضمير التملك الشخصي الأول في " أكان عليّ أن أتذكر souvieenne qu , il m , en في حين وحدها صفة التملك لضمير المتكلم ( نحن ) وهي ( nos ) ـ نا ، خاصتنا ـ و " حبنا " et nos amours هذه الصفة التي تتطلب التقاء ضمير المتكلم " je أنا " و " tu أنت " ضمير المخاطب المفرد التقاءً غير موضح كلياً في المقطع السابع : " الأكف في الأكف لنبق وجهاً لوجه Les mains dans les mains Restons face a face هذا الإحصاء ليس غاية في حد ذاتها ، فهو لا يمتلك قيمة إلا إذا سمح بتقدير أهمية صيغة التعبير تبعاً لصيغة أخرى ، وهنا ، تعابير اسمية وتعابير فعلية تصبح متوازنة بشكل عملي ، وما نلاحظه هو جملة ضعيفة جداً على وجه المقارنة بتعابير من صنف الصفات ، حاملة للمعلومات ، والتلوينات الذاتية بصورة عامة . إن الجرد المرقم الذي لا تقدم فيه هنا سوى النتائج الإجمالية يساعد على أن يقدم تصنيفاً للكلمات أو المجموعات تبعاً لتواتر استخدامها في القصيدة . ففي مدونة ذات أبعاد محددة ، وعلى وجه الخصوص ، إذا كان الأمر يتعلق بقصيدة ، فإن التكرارات ليس بوسعها أن تكون منسوبة إلى عادات أو إلى ما أهملته اللغة ، إنما هي قيمة اعتبارية خاصة ، وإنها تشدد على أهمية بعض الكلمات الجوهرية التي تحيلنا هي بالذات ، إلى الأفكار الجوهرية . في " جسر ميرابو " تتجلى بتدرج تنازلي : - 5 مرات " النهارات " ( أربع مرات في اللازمة ومرة في البيت رقم 19 ) وهو الذي يبني علاقة بين اللازمة والمقاطع الشعرية .
- 4 مرات " الليل " و " الساعة " ( بعلاقة متبادلة في اللازمة ) " الحب " حيث اثنان بصيغة الجمع ، واحدة تتحدد بضمير التملك الجمع المخاطب ( n os ) في البيت الثاني والأخرى تعرف بأداة التعريف ( البيت 12 ) مؤطرة كلمة " الحب " على هذا النحو ( البيت 13 ) المستأنف في الإطار النحوي ذاته في البيت التالي ( 14 ) .
- " الجسر " تتكرر هذه الكلمة ثلاث مرات في المجموعة ( جسر ميرابو ) ومرة في النص البديل " جسر أذرعنا " ( البيت 9 ) .
- مرتان " السين " في البيت الأول من المقطع الأول والبيت الأخير من المقطع الأخير على التوالي ، والذي لا يختم القصيدة في الواقع ، ولكنه يجد نفسه قد امتدّ بوساطة من بيتي اللازمة . أما الأسماء الأخرى ( سعادة ، ألم ، أسابيع ، نظرات ، موجه ، ماء جار ، حياة ، أمل ، زمن ) فلا تظهر سوى مرة واحدة .
أما ما يتعلق بالأفعال : ـ 6 مرات " يمضي s"en aller ، بصيغة الجمع " يمضون " في اللازمة وبصيغة المفرد " يمضي " في المقاطع التي فيها كلمة " الحب " هي " الفاعل " ( البيت 13 و 14 ) . - 5 مرات " ياتي venir " بصيغة مبهمة ( ليأت vienne ) في اللازمة وبالصيغة الاستمرارية الفعلية ( imparfait البيت الرابع ) فضلاً عن ذلك إنها الصيغة الفعلية الوحيدة في النص بصيغة الماضي الناقص ، أما الصيغ الأخرى فكانت بصيغة المضارع الدال أو بصيغة الأمر ( مع حالات عديدة من الشك سنعود إليها فيما بعد ) .
- 4 مرات ( أبقى je demeure )
3 مرات " يمر ، p asser" في البدء الفعل يمر passeفيما يخص الموجه ( البيت 9 ) بصيغة المفرد ثم بصيغة الجمع p assentفيما يخص وحدتين فرعيتين من الزمن " النهارات" و " الأسابيع " ( البيت 19 ) . ومن المناسب أن نشير إلى كلمة ماضي p asse في " الزمن الماضي ، حيث أشرنا في أعلاه إلى قانون مبهم . - مرة واحدة " نبقى restons " ( البيت 7 ) وهي الصيغة التي ربما تكون مفهومة كصيغة أمر أو صيغة مضارع دال مع حذف الضمير الشخصي ( بصيغة الجمع ) .
وإذ نضع هذه التكرارات في سياقها ، نلاحظ أنها تتجاوز مستوى العناصر المعزولة وتتعلق بوحدات واسعة جداً منطلقة من تتابع الأبيات الشعرية إلى مجموعة من الأبيات الشعرية فضلاً عن أن اللازمة المتكررة في نهاية كل مقطع وما يجب أن نحدده من القيمة الفاصلة لنموذج ما من البناء المميز للقصيدة ، ينبغي أن نلاحظ : انبثاق البيت ( 22 ) من البيت الأول ، والحشو والإطناب r edondance بين البيت 14 وبداية البيت 13 ( يمضي الحب L" amour s" en va ، وولع أبولينير لبعض التعابير المكـررة : " الأكـف في الأكف Les mains dans les mains " و " وجهاً لوجه face a face . بأن هناك ظاهرة من الرنين الصوتي عبر القصيدة بكاملها بين " لأتذكر sourienne في البيت 3 و ليأت vienne في اللازمة و " يعود revienne في البيت 21 " وبدرجة أقل بين بطيء lente ، البيت 15 وعنيف violente في البيت 16 . هذه الظاهرة من الأصداء نلاحظ فيها ظاهرة أخرى ، وهي مجموعة من القوافي ، التي لم يعد فيها التكرار ينمو من بيت إلى بيت ، ومن مجموعة إلى مجموعة ، ومن تواتر كلمة إلى تواتر كلمة ، وإنما يتموضع على المسـتوى السمعي : ما عدا البيت الثاني من كل مقطع يحتفظ باستقلاليته في " الجهر " أما الأبيات الثلاثة الأخرى فبعد أن تتطابق على نفس النغمية ، نجد تطابقاً ملزماً بين المقطع الأول والمقطع الرابع من خلال القافية المهيمنة نفسها " السين Seine " . هذه الظاهرة من التكرار تتضح أيضاً على المستوى النحوي ، فهناك تناغم بين : كم الحياة بطيئة Comme la vie est lente وبين : كم الأمل عنيف Comme l" esperance est violente وبين : لا زمن ماض Ni temps passe ولا الحب يعود Ni les amours reviennent وعليه ينبغي أن نحدد التطابق الذي يتم على مستوى الصور بين تعابير " جسر ميرابو le pont Mirabeau " و " جسر أذرعنا le pont de nos bras " وبين الجسر الحقيقي المتموضع جغرافياً ، والجسر المتخيل ، الذاتي ، حيث يبدو أن وجوده لا يدوم إلا بدوام حب الشاعر . نعتقد بأننا برهنا بما يكفي على حقيقة أن " التكرار " هو واحد من مبادئ بناء قصيدة أبولينير ، وسترى بأن ظاهرة التكرار هذه تسير بخط متواز مع واحدة من خصوصيات فكرة " الزمن " . إن القصيدة برمتها ، وهذا ما أشرنا إليه ، يمكن عدها وكأنها نظام مغلق من وجهة النظر اللغوية في الإطار الذي تتألف فيه من كمية من العناصر التي لا يمكن عدها ، وحيث تنقل لنا تحت تأثير شكل غير قابل للتغيير وغير قابل للتبدل ، بشكل حاسم ، ما يشكل حالة بالنسبة " لجسر ميرابو " كما حدده فيها أبولينير من شكل ، ليضمه في مجموعته الشعرية " الكحول "، وكنظام متكامل ، تنتظم بحسب نموذجين من الروابط ، روابط التماثل أو التناظر من جهة وروابط التضاد من جهة أخرى ، وتظهر هذه الروابط بشكل واضح في التحليل المسمياتي onomasiologique ( 1 ), ويوضح هذا التحليل بأن المضامين تنتظم حول قطبية ممثلة بالتضاد أو التقابل بين / جسم ميرابو / السين / . ونحن نضع هذين المنطوقين بين خطين مائلين للتأكيد بأننا نستند على قيمتهما الدلالية وليس إلى قيمتهما التخصصية . فالمقصود أساساً هو التناقض بين مفهوم الثبوتية من جهة ومفهوم السلاسة من جهة أخرى ، بين عناصر سكونية وعناصر حركية . وهنالك نموذجان من الحركة اللذان يتضادان ، الأول وهو الكتابة الخطية ( 2 ) وينمو على طول خط محاور المكان والزمان ، أما الثاني فهو دائري ، بل دورية c yclique ( 3 ) فينحصر على مستوى الزمن . وهذا ما نرمز له بالمخطط الآتي :  وتختص الثبوتية ايضا بالانسيابيات مثلما تختص بالماديات والاشياء :  هنالك تباين ، وعدم توازن بين هذين الحقلين المفهومين ، فالحركية متغلبة من حيث الكمية على الثبات ، أما في الميدان المفهومي للحركة ، فنجد هنالك رجحان للعناصر الشارحة لحركة الكتابة الخطية على تلك التي توضح الحركة الدائرية . ومن الممكن أن نجمع ثانية هذين المخططين في رسم تخطيطي واحد معتمداً على مبدأ ذي فرعين والذي يقوم بتوضيح تحقيقات متعددة المصادر ، بين مختلف معايير التصنيفات المعتمدة آنفاً ( أنظر اللوحة التالية). هذا التصنيف لا يحلل وحدات النص المعجمية بشكل شامل ذلك أن المعايير المستخدمة لا تسمح بأن تدخل إليه مفردة الشعور ، والتي من خلالها تتضح الانفعالات الذاتية : تعب . عنيف . سعادة . ألم . أمل … ولا حتى المفردات التي تشير إلى أعضاء الجسم الإنساني . المخطط الآتي يسد هذه الثغرة ، مقدماً ، على التوازي العناصر المعجمية التي تصف الإنسان ( تعده وكأنه كان جسداً وقلباً في آن أي بمعنى حساسية) ، والمفردات المتعلقة بالزمن.  إن العلاقة بين هذين الحقلين من المفاهيم قد بني بوساطة موضوعة التذكر التي هي الوسيلة الوحيدة للإنسان الذي يستهويه فيض الكتابة الخطية للزمن من أجل أن يسقط فيها الدرس . أما الحياة ، فهي بطريقة مؤكدة ، الزمن المحسوب على المستوى الإحيائي ، وهي تستمر ما دام الجسد الإنساني مستمراً ، وهي التي توضح العلاقات الضيقة التي يمكن أن نجدها بين هذين الحقلين ، وفي هذا المنظور تقترب المضامين الدلالية للصنفين " تعب ( " نظراتنا الخالدة الموجه المتعبة " ) و " بطيئة " ( " كم الحياة بطيئة "). ونحن هنا لا ننكر لسبب أو لآخر الرابطة بين هاتين الصفتين والاحساسات وحالات الروح والموقف أمام الحياة ، التي توحي بها . ومن جهة أخرى يتجسد الهروب من الزمن من خلال رنين السـاعات المنتظم ، ويعود فضل ذلك إلى السـمع على وجه الخصوص ، وإلى أحد معانيه الخمسـة ، إذن بطريقة مادية ، وجسدية ، هي إن الإنسان يمكن أن يكون مقاداً كي يعي ذلك . وإذا كان عليه أن يقدم لنا معنىَ محدداً للازمة القصيدة ، المكررة أربع مرات حيث نجدها ، بعد كل مقطع ، فربما الأمر يوحي باستدعاء صوتي ، وبفترات منتظمة ، تعلن عن انقضاء الساعات . وبوسـعنا الآن أن نقـوم وفـي آن واحـد بتحليـل البنى بصورة شـاملة فضلاً عن تحليـل الإيقـاع الـذي تتطـور بضـوئه القصـيدة ، ليس فقـط على المسـتوى المعجمي وإنما على مسـتوى الموضوعات . فانتظام المقاطع الشعرية يقوم كله على المخطط نفسـه ( البيت الأول يتكـون من ( 10 ) تفاعيل ، والبيت الثاني من ( 4 ) تفاعيل ، والثـالث مـن ( 6 ) تفاعيـل ، والرابـع من ( 10 ) تفاعيل ، كل ذلك وكأن الإيقـاع المنتظـم من 3 × 10 تفـاعيل قـد قطـع عن دراية من خلال فصل البيت الشـعري ـ المؤلـف من عشـرة مقاطـع ـ إلى بيتين شـعريين يتكونان من أربعة وسـتة مقاطع على التوالي ) . والعودة المنتظمة إلى اللازمة في القصيدة وتكرار البيت الأسـاس لها في المقطع النهائي ، يثير فينا انطباعاً عن بناء منطقي يعرضه لنا المخطط الآتي :  ويبدو أن القصيدة تنتظم بحسب نمطين من البناء المتماثل الشكل تبعاً لتركيبتين لمفهوم الحركة الذي أشرنا إليه في أعلاه في التحليل المعجمي : الأول كتابي خطي ، وهو محدد بسبب اللازمات وبسبب ترابطاته ، والثاني ، دائري ويعتمد أساساً على التطابق بين البيت رقم 1 والبيت رقم 22 والعودة إلى نفس الموضوعات في 2 و 21 ( حبنا ، الحب ) وفي 3 و 20 ( موضوعة التذكر : في 3 نجدها وقد صيغت على شكل سؤال تمتزج بالشك وهي التي يقدم عنها البيت 20 إجابة حاسمة ) وفي 4 و 10 وهما البيتان اللذان يرسمان خطاً متوازياً بين دورة الإحساسات ودورة الزمن . وفي النمط الثاني من البنية التي تحيط بالقصيدة وتحديداً بين المقطع الأول والمقطع الرابع ، والمقطعان المركزيان ( المقطع 1 ) الذي وردت فيه صورة الجسر متطابقة مع العشاق ، والمقطع 3 الذي تنبني فيه ظواهر الماء (( الموصوفة )) بحالتها السائلة نفسها ، وظاهرة الحب والحياة ، نجدهما إن صحَّ القول مثلهما مثل المقاطع المحورية زد على ذلك تنتهي كل واحد منها بالبيت الشعري الذي لا يمنح معناه إلا بالعودة إلى القصيدة بالكامل . " نظراتنا الخالدة الموجة المتعبة " " وكم الأمل ضعيف " إن غياب التنقيط الذي يساعد على إثارة الشكوك حول المعنى الدقيق بشكل واسع لتسلسل الأبيات والتتابع ضمن المقاطع ، يحثنا على فحص القصيدة هذه تبعاً لمنطقها النحوي والقواعدي . ـ يمثل البيت الأول جملة من النمط التوكيدي الذي لا يثير الانتباه إلا من خلال ترتيب معكوس لمكوناته فيما يخص الفعل ذي الصيغة الشـخصية . الذي يضع الفاعل بكل وضوح ( " نهر " السين ) في نهاية البيت الشعري . ـ ومن البيت ( 2 ) هنالك قطيعة يمكن أن تعزى إلى حقيقة أن الـ ( و ) لا تربط جملتين من نفس النمط ، في حين في البيت ( 3 ) ربما يمكن فهمه كسؤال أو كتعجب ينطوي على ظل من الأسف ( مع حذف " لماذا " ) وهذه الحالة واحدة من الحالات التي فيها غياب التنقيط ( علامة الاستفهام أو علامة التعجب ) لا يسمح بالبت في المسألة . ـ أما البيت ( 4 ) فهو جملة توكيدية مرة أخرى ، ذات بناء اعتيادي لا تسترعي الانتباه إلا من خلال زمن فعلها ( صيغة الاستمرار الدال ) ـ صيغة فعل يدل على التكرار أو على الاستمرار عند حدوث فعل آخر ـ وهذه الصيغة صيغة توكيدية بالنسبة للمحتوى الدلالي للفعل ( عليَّ أن أتذكر ) للفعل السابق بالارتباط مع ( دائماً ) بتحديد " الحب " في الزمن الماضي على الصعيد العام . ويمكن أن نشير أيضاً إلى ما هو عكسي تبعاً إلى ما يمكن تسميته بالمنطق الجدلي للاحساسات في الحب بين منطوقين متناقضين هما " السعادة " أو " الألم " . إن اللازمة التي تتخذ بيتاً شعرياً مختلفاً ( 7 تفاعيل ) وإيقاعاً مختلفاً عن إيقاع المقاطع الأخرى تبدو ملفتة للنظر من خلال الشـكل الذي يحاكي ويقلد ما هو قديم ببيتها الشعري الأول ( وحتى بما سبقها " أكان عليّ أن أتذكر " ) ، أما البيت الثاني من اللازمة ، فهو البيت الوحيد الذي يعبر فيه الشـاعر بصيغة ضمير المتكلم المفرد المذكر " أنا " واضعاً اسـتمرارية ( أناه ) قبالة هزيمة الزمن ، وفي كل بيت شـعري تعبر المجموعة المتكونة من 4 تفاعيل قبل الوقف عن ظاهرة عامة ، وتعبر المجموعة الثانية المتكونة من 3 تفاعيل عن ظاهرة فردية . ويحوم حول البيت الشعري السادس مرة أخرى لبس ناتج عن غموض تركيبي نحوي لصيغة الفعل ( لنبق restons ) فهل يعني ذلك ترتيباً أو رغبة أم المقصود بكل بساطة إثباتاً مع حذف الـ ( نحن ) ؟ هذا المقطع هو الوحيد الذي يضم جملة طويلة ، حيث تمتد الجملة التابعة أو المتعلقة بها وحدها على ثلاثة أبيات شعرية يتضح من خلالها مفهوم الخلود بارتباطه مع مفهوم التعب ، فنكتشف ثانية عن تقليد لما هو قديم في البناء الخاص بقلب ( بالنسبة للترتيب الشائع ) العناصر التي تحيط بالفعل ، أما بالنسبة لمجموعة الفعل فإن بناء هذه المجموعة يتماثل مع بناء الإضافة الساكسونية في اللغة الألمانية . ويتضمن كل من البيت الشعري 13 و 14 تكراراً بنفس الألفاظ بعد أن تؤطر مقارنة تستخدم صيغة " كاف التشبيه " غير أن البيت 13 هو الوحيد الذي يظهر فيه اسم إشارة تحيل إلى البيت ( 1 ) والبيت ( 22 ) في آن معاً ، وهنا نجد على صعيد مزدوج من المقارنة والإحالة بناء العلاقة بين موضوعتي themes الماء والحب . ثم إن غياب التنقيط فضلاً عن استخدام " كاف التشبيه " ( كذلك لإدخال مقارنة ولكنها هذه المرة بصيغة التعجب ، المكررة في البيت الشـعري الآتي ) يخلق صدعاً بين مجموعتين من أبيات المقطع ، فكل واحدة من هاتين المجموعتين من الأبيات الشعرية متميزة من خلال البناء ذاته الذي يرتكز على مبدأ التكرار . وهذه هي البنية المتكافئة التي نجدها ثانية في البيت الشعري 19 ( بتكرار كلمتي " تمر passent " ، التكرار المدعوم بتطابق الأزمنة ) ، وفي 7 ، والبيتين الشعريين 20 و 21 ، وهذه الأبيـات مبنية وفق أسس محددة بأداتي النفـي لا ( ni ) . ففي هذا المقطع يتراكم ni البناء القديم : تأخير فاعل الفعل بالنسبة للفعلين ( تمر passent ) . وعدم وجود أداة التعريف بين " لا " n i " و " زمن ماض " وعدم وجود " أداة النفي ne " في البيت الشعري 21 بين " لا ni " و " يعود " . ويبدو ايضاً أن المضارع المستخدم حتى الآن في القصيدة بقيمته التوكيدية ، والوصفية يتخذ في البيت الشعري 21 على وجه الخصوص قيمة تلقينية didactique ، في الإطار الذي فيه يمكن أن يستلهم منه الدرس المأخوذ من تجربة كونية . فالإنسان حتى وإن أراد ذلك بحماس ، و " بعنف " لاستعادة عبارة غيوم أبولينير ، فإنه غير قادر على قلب مجرى الزمن . هذا التحليل لمنطق القصيدة القواعدي لا يتحقق إلا في الإطار الذي فيه يوحي إلينا ، بعيداً عن مشكلات الشكل ، باستنتاجات لها علاقة بالرسالة التي يمكن أن تكون قد حلت رموزها ، فهو يكشف على مستوى التركيب النحوي عن وجود " شفرة " ، واختيار للعلامات والصور . ففي هذه القصيدة لعبة مستمرة من المدّ والجزر بين تدفق الكتابة الخطية للجملة ( في عدد من الأبيات الشعرية ذات المضمون التعبيري ) والقطع الحاد لهذا الإيقاع ( إما بالاستفهام أوالتعجب ، أو بصيغ مختلفة أخرى من القطع المشار إليه في الفقرة السابقة ) ، وبين صياغات مباشرة وصياغات مقلوبة ، بين ما يمكن أن نطلق عليه بنى اللغة المحكية ( ابتذال الألفاظ في الحياة اليومية ، والبساطة ، والإيجاز بعدد من العبارات وإعادة البيت الشـعري من خلال لعبة المعاضلات enjambement ( 4) والنغم القديم الذي ينبثق ثانية بفواصـل منتظمة في التركيب النحوي والإيقاع ، بين الحاضر والماضي على مسـتوى الزمن ، بين الحداثة والقديم . ( وربما نجد ثانية نمط التضاد نفسه على الصعيد المعجمي عند تحليلنا للقيمة الدلالية لتعبير مثل " جسر ميرابو " فالجسـر يستحضر جسراً معدنياً حديثاً . واسم " ميرابو " يستحضر بنفسه ، شيئاً ما يعني " فرنسا العجوز " ) . وإن مقارنة بين هاتين الروايتين لهذه القصيدة ، وقد ظهرت الأولى في شباط من العام 1912 في صحيفة " الأماسي الباريسية " والثانية التي اختارها أبولينير ليضمها في ديوانه " الكحول " من جهـة وأغنية " الشـراع " من بداية القرن الثالث عشـر التي ذكرها ماريو روك Mario Roque كواحدة من المصادر التي من الممكن أن يكون أبولينير قد أفاد منها ، وبعبارة أخرى من الشكل المسبق ، وببناء المقاطع واللازمة قد يثبت ما تكشف لنا من تركيب على وجه الاحتمال : التضاد الجوهري بين الحاضر والماضي ( المفهوم بمعناه الواسع وليس بمعناه القواعدي أو الفعلي حصراً ) . والواقع أن الموضوعة الأساسية ، ومحط كلام هذه القصيدة ، هو الزمن ( حيث الماء ، والموجة والنهر الذي يجري ، كل هذا بلا نهاية ، هي رموز مادية ) وإدراج الإنسان في الزمن ، هو إدراج لا ينطلق إلى الإنسان بدون متناقضات : فإدراك هزيمة الزمن ، والخيبة بمضي هذا الزمن بطيئاً ، رغبة بالتعالي على الزمن ، وإيقاف تياره من خلال التذكر . فالزمن الحاضر هو نفسه أيضاً ، بوصفه ظاهرة ، ومظاهر متناقضة : فهو من جهة يعطي انطباعاً لتقدم بشكل خفي على طول المحور ، ولكننا لا نستوعب حركة الزمن هذه إلا بالعودة الدائرية للنهارات والأسابيع ، هذه العودة الخالدة لم تكن في الواقع إلا مظهراً ، إنها العجلة التي تدور ليس على محور ثابت ، وإنما تهبط سطحاً مائلاً :  أما الحب فلا مثيل له ، وهو ظاهرة تتجلى فيه الحياة بكثافة عالية ، وهو أيضاً الدورة التي تدور على منحدر الزمن ، إنه ظاهرة خالدة يعيشها الإنسان بشكل فردي من جهة أخرى . وهذه هي القيمة ، بحسب وجهة نظري ، التي ربما يجدر بأن تنسب إلى البنى المختلفة التي رأيناها تبرز من خلال تحليل القصيدة اللغوي تدريجياً : تسلسل الموضوعات يتم طبقاً لنمطين من الحركة التي حللناها في تحليلنا : حركة دائرية تخضع إلى استبدال خطي موجه من ـ 00 إلى 00 ( 1 ) التحليل المسمياتي onomasiologlque دراسة دلالية تتركز انطلاقاً من المفهوم على البحث عن علامات الدلالة اللغوية والتعبير الذي يتطابق معه . ( 2 ) الكتابة الخطية هي كل كتابة لا تستخدم رموزاً على شكل صورة للأشياء . ( 3 ) cyclique دوري ، والدور cycle هي وحدة قياس تردد الصوت ، وتمثل في الواقع الحركة التي تتم بوساطة جسم متذبذب انطلاقاً من نقطة ثابتة . الدراسة منشورة مجلة العلوم الإنسانية الجزء 36 العدد 142 سنة 1971 |