عبدالعزيز جاسم
(الامارات)

عبدالعزيز جاسم

هنا ، حيث لا مزيد من الأصدقاء
حيث العمر يقصر والوقت
يتلاشى ،
حيث الملل منسجمٌ مع عملية ختانٍ
تتم وسط البلدة ،

انزلق آخر فألٍ من يدي
بجناحيه الضاجين
انزلق ،
وانسلّ بعيداً في اللوحة الزائلة
مثل وعيدٍ طال انتظاره
وطقّ أمامي
في التنك .
متسخاً
كان مفتاح العالم
صدئاً في صحن اللوبياء
كعظمة فاسدة ،
وكان من الواضح
بعد أن هوت اللطافة على البلاط
أن ألتقي الحوذيّ يومياً
في دربي ،
وهو يجمع الحطب اليابس
ويحصي البيوت التي خلت
من سكّانها .

أشدّ من اللطمة ، هذه الفزاعة المنصوبة
في دربنا
صباح مساء ،
أشدّ من رؤية لحم حيّ
وهو يتطاير .

كأن كل شيء هنا قابل للوحشة
قابل للفتور ،
الألفة
وجرس البيت
والتجوال ،
حتى النسناس الذي كان يتبول على رؤوس المارة
ها هو، على غير عهده ،
منكفئاً في الركن .

كأني إذاً ، بالريح وقد شُلّت ، بالعطر
وقد جف على الأثاث ،
بالمزامير وهي تبحث
عن فم .
كأني بالأرض كلها وقد أمستْ
فقداً لنا
مستوفاةً عن آخرها
بالهباء .

هذا هو البيت الذي أسكن
مائلاً عند حدبة الشطّ
ناصعاً مثل شبهةٍ ،
وها هي العجوز جارتي
تسمّن كلابها الستة دون انقطاع
مكررة –بعصاها- رسم نفس الوجه
على الرمل .
ترى ، ما الذي تبحثُ عنه هذه الجدة؟ من تنتظر؟

والعربة الحديدية مشتْ فوق نظرتها
ذات نهارٍ
فتطاوحت أكوانٌ
وقطّع جسد .

لن أفعل أكثر ،
سأجلسُ قبالة المشهد ، هكذا
كمن فاز بقربةٍ مقطوعةٍ ومِزَقِ لحمِهِِ
في حقيبة الليل ،
مرخياً يدي من النافذة
محدقاً في اللاشيء ،
حيث بغصني الطويل هذا
أريد رفع جفن السماء
الثقيل .

عن قصيدة النثر العربية