بابلي ملعون
1
البدايات
المصقولة
بعناية شديدة
تفاحات
تدحرجت
كلها
على د رج
الغموض
ماعدا
المغروسة
بسكين
2
بقرات
الإشراق الجائعة
صباح الخير
آسف
هذا الحشيش
من معدن
3
على أطلا ل
الما بعد
أقف
أنا
البابلي الملعون
4
الملائكة
بملاعق حجرية
يأكلون وجودهم
أنا
على الطرف القصي
من المائدة
أكتمل
وأنقص
دون أن يتسنّى لي
أن أمدح العدم
5
جثة زرقاء
تحت
المطر
لو أبقى هكذا
الى الأبد ،
مستقبل لن يأتي
لكنه
ممتلئ بالأحداث
6
أرفع سيرتي
مقمَّطة بالنسيان
أما هذا الحبر العالق
على أطرافها
ليس
سوى دمع الحواس
سوى
خطأ أني هنا
7
سأرتّبك من جديد
أميرةً في غيبوبة
أما السرير
والملاءة
وكأس الماء
وبعض الشخوص الحزانى
وبعض (أنا) أدرّب العين على الموت
فأولئك
أشياء النسيان اللازمة .
8
من المفيد جداً
أن تؤكّدَ الستارةَ هنا
إنها
ستفصلكَ
عن حياتك الطارئة
9
وحدةٌ
تكوي خامتها
وحيد
يصقل ظلاً
10
الموتى
لم يعودوا رعاعاً ‘
إنهم واحد
يكتمل هناك
على مهل
و...
بطريقة رائعة
11
هنا ،
وكي لا أكرّر نفسي،
في الخفاء
أنفخ طابةً من ظلال
أكثر كسلاً من أن أقدفها
في أي اتجاه ،
هنا ،أكرر نفسي
لأنَّ
كل شيء للعين ،
أمّا
هذا القلب ..
الجزيرة
المقلوبة
ففوهة زبد
12
لا تستطيعُ التركيز ،
ولاقيلولة
لتنبتَ براهينُ طيبة ..
بهذا القليل من الوقت
تجدّف بكل شيء .
لن يعبأ بك أحد
هكذا ... ستموت
كشرير طارئ
في قصص الأطفال
13
نطفة ندم في مكان ما
أو في طراوة الزمن هناك
يستعيرها الموتى ،
لتخصيب النهايات .
...
...
الموتى الحقيقيون
أولئك
الذين
أرتاح
لخشخشة أرواحهم في صوتي
14
لأني سئم
ألعب بجثتي
في غرفة اللغة
السيئة الإنارة
ولأنني أكثر كآبة
من غبار بعد مجزرة
أستطيع أن أتخيلني
في سوق الخضار
بيدي جناح خسّةأخضر ..
جملةٌ لا تفيد أحداً
15
هنا يمكن لي أن أحكي
عن قسوة كل الأيام
عن ألم الضرس
ألم الظهر
ألم الخيال الذي يجفّ
لا أريد أن أبقى هنا .. لا أريد أن أغادر .
هكذا ، بعدما قطفت الكثير من حشائش العمق
وحاربتُ طواحين اليقين
لأشق ممراً لي إلى حياة أخرى
انتهيت إلى ميت يلمّع زجاج الأحد
فلا يرى الاثنين
16
بصعوبة
أعيد تركيب المشهد
كراهق تخرّب الحرب عاداته السرية
17
لم أصل
ولكن يمكن لي الآن
أن أضع معطفي
على كتف المتراس
أن أتداعى
في الظل
الذي يملكه الأعداء
وأهمس
كمحارب متعب
كم من القسوة
أنني ممتلئ
بما لا أحب قولَه
18
العابرة
مقيمة على الجسر
لها وجه امرأة
وجسد طير
الله
وأنا
وهذا الماء الجاري
خدمُها
بكلِّ ما أوتينا من قوة
نلمّع جناحيها الحجريين
ونشدّ تجاعيدَ بساط الأرض
تحتها
بكل ما ورثنا من خوف
نحاول فكّ تائها المربوطة
السعادة ...
السعادة
لها وجهُ لحظة
وجسد غيمةٍ
19
صباحاً فقط
الطاغية
بالشوكة يثبّت الطقس
وبالسكين يقطّعه ،
دائماً
فقط
القاعة ملآى
مكتظة به
20
كل ما أحتاجه
هذا الشق البرتقالي
في نهاية الجملة
هذه الهوّة الرمادية
في ثبات النقطة
إمعاناً في الواقعية
أحتاج أشياء كثيرة
لاتصلح لها هذه القصيدة
21
ماء النبع
أسوارة
تكرج
على الحافة ،
كل دعسةٍ سمكةٌ ..
كل رقرقة
حصاةٌ تتألم .
الطبيعة كاملةٌ
ومزيفة
في العين
22
العدمُ...القرصانُ
بعينيه المفتوحتين
ودون عكاز
خطفَهم
حدث أنهم لايملكون شيئاً
على أقرب شاطئ قذفهم
وجدوا أنفسهم موجاً
لن يسترجعه البحر
ولن تضمّه اليابسة
بقوا هكذا تحت الشمس
مثل لاشيء
يحترق
وتفوح حادةً رائحةُ عذابه
23
مضرّجاً بالأرياش
وقشورالبيض الصغيرة
خرج الولد
يدهُ
التي لامست الطراوة كلها
انكسرتْ
لم تعد له
أما العصافير
بلا سبب واضح
يطبخ الهواء الأزرق شكلها
24
خمسة أطفال يخبّون في طمي الله
قرب باحة المدرسة
في قرية ما
فيطرطشون ابتسامات الملائكة
امرأة تتدلى من مخاط بقرة
عقل الشجرة الشارد ،
جثة البخور تطفو على النهر،
عقصة البرد في نهاية جملة الراعية،
بنت تبول حنطة على كتاب القراءة ،
رجل يلقّط الزيتون من عبّ الموت ،
دابّة على ظهرها حمولة المغيب .
وأخيراً سكين على الطاولة
لأجل ثمرة المخيلة.
وليس آخرا
يحدث المنفى في قلب الثمرة ...
25
كيف تُقذف كرةُ البراهين
أبعد من تأتأة العشاق المرضى
أيها المعنى أفكّر بجدّتك ..
ألحس نهديها الشائطين
أرمي دمعي عليها دمامل لايفقأها الموت
كيف ُتقذف كرة الصداع
أبعدَ من نهاية الأسبوع المؤسفة
أيها المعنى المتروك في الليل
هاكَ بعضَ نار وكسرة خبز،
هل من أحد قادر
أن يمحو هذه التجاعيد حول عينيك ،
لاتبتئسْ ... على الأقل
دموعكَ،
في متوالية طويلة من العثرات ، مروحةٌ
كيف كل ما تسجّله كرة الأبيض
حرمان ينمو ؟!!
26
أكثر فشلاً من تأليف سرير
أو ظلّ يوم متوسط الطول
وأكثر رخاوةً من سمكة
في خيال الرسّام
أكثر صمتاً من القشّ
وراء حائط الصلاة
أكثر تعقيداً من لحظة النسيم
أكثر دماً من حجّة الحب
أكثر شروداً من أتراس البرد تسقط
على فكرة مؤجلة
الرجل الذي لم يعد يحكي
الذي نسي يديه
على كلمة لن يقرأها أحد
27
الجنرال بكل نياشينه
وبصوته الأجشّ
يصفّ الموتى
قبالة شاشة مثقوبة
وبثياب نومهم المخططة
يدفعهم ليدفشوا مناماتهم
إلى بساتين مهجورة
الموتى ..واحد .. اثنان ..
وينقلبون مثل أمعاء الموج
داخل حفرة في السماء
الموتى وهم يقطعون بأسنانهم
الخيوط الزائدة
المتدلية
من ثياب نومهم
يسمعون الهسيس الرتيب
لآلات الحياة
28
ف س م
أحتاجك
كي ترتّب هذه الكلمات في رأسي
أحتاجك كي تسحق هذا
الشيء
الاسم
الرأس
ف س م
أعرف أنك لاترغب في فعل شيء
لكن على الأقل
أعرني شجاعتك في ألاّ تكون
الكلام يعذبني ..!
29
من غرقت قدماه في طراوة أوراق الشجر
من تبلل شعره بفتات بيوض العصافير
وقد هبّت النسائم على أعشاشها
من سقطت على كتفه صنوبرة فانتشى
من يمضي وحوله غيمة من الفراشات
من جنيّة البراري توّجت رأسه بمناماتها
من عطش فأسعفه الجبل بسلسلة طويلة من الينابيع
من كسرت الشمس نفسها على فخذه
من استراح على عتبة السماء
من بكى من الفرح وطيّرت الريح دموعه
زهراً على أكتاف السفوح
هو نفسه هل له أن يصدّق الآن
انه أجير الخراب في هذا السوق المزدحم !!!
30
للفراغات .. لحافاتها وقد
تدلّت عنها سمّاعاتُ هواتف مغبّرة
للفراغات يسيل مخاطها
على العتبات البرتقالية
لبيت الطبيعة
للفراغات تعدو مع قطيع أشجار
يملأ العراء بالغبار
للفراغات تقطع نهود الزجاج
وبأسنانها الواهنة
تجرّ الهادئ من اللغة كي يمحو نفسه
للفراغات تتوالد من بعضها
لتؤلف أمكنة ملونة
للفراغات تجأر بحنان على أرض نيّئة
للفراغات تغوص في عمق الوقت
ثم تطفو .. ثم تنشّف شخصها في الظل .
الفراغات .. الفراغات لعبة غامضة
كل أقنعتها حقيقية
31
بمشرط
صغير
يمكن تعطيل
هذه المتاهة
32
أن أجمع كثيراً
من نتفِ الريح
لاجل امرأة
في غرفة رطبة
شيء يشبه تأليفَ حصان ميت
شيء يشبهني متكئاً على درّاجة صدئة
أبكي
في زقاق ما
أن أجمع كثيراً من نتف الجهات
لأجل امرأة لن تعود
شيء يشبه رجلاً
يعضّه الخريف في ساحة مزدحمة
33
لم يصرخ منذ ثلاثة أعوام
ميت
يفكر
بوثن مثبت ببراغٍ فضّية
في المرآة ،
تصّاعد من رأسه
رغبات كثيفة
34
هل من أهمية
لهذا القش المتكوّم
على حافات الممشى
حيث الخطوة على العتبة
غيمة فاسدة ،
المرأة بمريولها المزّهر
انكشف الجزء السري من روحها
وهي تركل بعناء بكرةََ المناخ
إلى الباك يارد
ينتظرها وحشٌ من الأفياء
نسيَ الوقتُ أن يحنّطه
35
لا أحد يدري
من وهبَهُ حظوةَ ألاّ يفكّر
بالسطح والقاع
القدّيس الذي خرج من المنام
ملوثاً بالدم
على كتفه غراب
وفي يده جرس أسود معطّل
رغوة تتعذّب على صوته
وهو يزيح اللغة إلى ركنها الحقيقي
القديس يتعثر بجلبابه
وهو يصلح الأيقونة المائلة
لاأحد يراه !
36
ثمة لاشيء
يرتجف
تحت
أقنعة
لم تكن لأحد
***
مدحلة
مضاءة بالتشابيه
تجأر
في وعورةٍ بيضاء
***
كأنه الجسد
ندمٌ يتحقق
كأنه
لايوجد أنا
37
دمٌ
على
السلّم
ليس من قاتل
ولا مقتول
فقط
دم لن ينشف
38
أجمل ما في القصيدة
الذباب المتيبس على شفتيها
رائحة الظلال حول سرّتها
مفاتيح القشّ تتدلى من
يديها الواهنتين
أجمل ما في القصيدة
هوّة الخواء
التي كادَ مالدرور
يملأ نصفها بالدم
39
اليد على قبضة الباب
مجروحة دون ألم
ليس في الداخل
سوى
السأم
أقل برودة
الموت في الخارج
يعبر خفيفاً
حقيقياً
ودون ضجة
40
لا ضرورة للعودة إلى تلك الأيام
لتكرار ذلك الألم/ الفرح الغريب
لا ضرورة لأمتحن قدرة روحي
على القفز من مقعد باص
إلى غابة مانغا
للأحلام التي لو تحققت لن تنفعني
للتأكد من أني رجل سيء الحظ
لا ضرورة للكتابة ... للكلام
يكفي أن أستلقي على السرير مفتوح العينين
أعدّ النمل على اسمي
محاوِلاً أن أنسى الماضي/المستقبل
جاري السيئ
41
ساصطف وحدي كأني
ملايين من الناس
لأتفرج على الزمن يفور من الموسيقى
سأكون جداً وحدي
عندما يدعونيالله لأتفرج على خردواته الرائعة ،
في الحديقة الخلفية من الكون
42
بمنتهى الفرح
يتأمل الرجل الضائع نفسه
كونه لاأحد
يمشي بدعة في حرش الوقت
لم يكن في الحسبان
أن تهرّ ثمار غيومه
بهذه السرعة
أن يعرى .. أن ينكشف روحاً
تتخبط في وحلها قارة مقلوبة
لا
الرجل الضائع المجنون
في حرش الأسمنت
يبدو هادئا الآن
وهويربط حصانه بقوس قزح
على مدخل ال سوبر ماركت
* * * *
1
" أخاف من أيلول "
جمل ...
فوقه عين مربوطة بشدة
إلى كرسي العرش الفارغة
بينما طير هائل بذنب طويل
ينقر صدر الهباء .
البرجان
لحظةْ ...
بعينين زجاجيتين
وفم خال من الأسنان
يسّاقط ريقها
على
الأرياش/ الأرواح
في مدينة
ستفنى بعد قليل
2
متعرّجات مؤطرة
داخلها هُمْ
أجنّة من دم
أشلاء من المستقبل
كثافة حضور
فلكلور
تقلّمه آذان مقطوعة
ومشلوحة في الهواء
كلمات لم يؤلفها أحد
أجتهد لأحفظها ...
3
خطّ
ركزتْ عليه
كتلةٌ سوداء
حيوان معدنيّ
عنقه مأذنة طويلة
دون سبب !
4
ليلمّها
تلك الستائر
تلك الأسئلة البيضاء
كان عليه
أن يتحوّل ..
5
وجهٌ
ملامحه لتتمزق
كآبة
يضبطها
حلزون مشوّه
6
الغول
على صخرة
بيديه
يحاول
بقايا الحريق الهائل
يظنّها طيوراً !
7
أقلّ من وحدِهِ،
خفّةٌ تشبه رغبة هناك
وقت
لم يُربط مرة إلى معلف ،
جسد يهترئ
في ضمّادات سوداء
عالم بروح أعرج
يمضي سريعاً !
8
رغوة قابلة
لأن يلوّنها شاعر
مصاب بالبارانويا
رغوة
تزرب
من فم
التمثال
....
....
هذه وحدة
تنفصم
...
قافلة من المتاحف
على حدّ المكان
9
كهوف وربما نوافذ
وربما عظام
العنق في الأعلى
صرخة مدوّرة
إيقاع
من شدة ما هو ... هو
أضحى نشازاً .
الذي صنعه الخوف بيدين ماهرتين
فراغات تتجعّد
ستنتهي إلى معنى
....
....
الأبيض بعيد
غرف لبغاء مقدّس
10
كثير من الأرجل
ووجهان
على اليسار الفراغ جدّ واضح
أما أسنان الشهوة
بقايا مهملة لآلة الطبيعة
وقد تحطمت منذ قرون
كثير من الأزرار
وكتاب واحد
و عارضتان من موت .
على جهة ما
الألغازُ
جدّ واضحة
11
صرخة
صرخة
خرج من الكورس
البداية لاخشبة لتحمله
ولاجمهور ليراه
حافياً ليس إلى مكان
خرج
القارات كلها
لثغة في صمته
دليلهُ ...... لغز
أنا الذي في آخر النص
وحدي أحلّه دون برهان .
....
....
كوكبة من الحدوس
قطعة من الله
هيئات .. للغبار
تتركّب ليس إلى قصد ..
دم
12
بقعة كائن
خطوط .. ونقاط
فم .... لا ليتكلم
ينتظر ليتشكّل
الجبين
نقطة حبر...
تخثّرت
الجسد
ما تبقّى من الجسد
سطر يتقنطر
لكلمة ربما ستعبر
في الخلفية
الموتى جميعاً ... جميعاً
كانوا يودّون
لو ماتوا بطريقة أخرى .
* * * *
رجل في قاع الليل
ليس من أحد أكثرحظاً مني أكثر فرحاً مني
أنا الرجل الذي في قاع الليل
أقشّرتفاحة
وأفكربالله
كما لو أني أفكر بإزاحة الستارة
هل ثمة روعة أكثر من هذه
دائماً رهيف وثقيل عندما أشاء
مستعدّ لأي شيء غير راغب بشيء
أرمي عينيّ جمرتين في نار الموت
وقلبي جورباً ممزقاً بين يديّ الموسيقا
وأفهم الحياة لأني لاأكترث لها
كطفل .. كعجوز .. كا لاأحد
كفيلسوف حقيقي
فقط لأني لا أعيشها
لايهمّني أنهم لاينتبهون إليّ
ها هم يساعدونني على تحقيق رغبتي
أنه ما كان يجب أن أكون
قليل من الخبز والخمر ..
مطرح رطب
ليطلع ضرس العقل
لتقليد قوة العدم
رجل في قاع الليل
على مهله وكميكانكي كسول
يتسلّى في فكّ عجلات القوانين
دون أن يخطر له
أبداً أن ينهض
ويلقي نظرةً على الثلاثين سنة التي للتو مرت
ثلاثون عاما حدث طارئ
بصقة سقطت من فم رجل مصدور
قبعة مقلوبة
حفرة مقلوبة .. قرب جثة لا ملامح لها
رغبة زرقاء على هيئة عربة من القرون الوسطى
برهة نظرها حادّ لأنها دائماً على حافة الزوال
رجل ربما كائن ما يقشّر تفاحة في قاع الليل
ويفكّر كم لذيذ أن يكون الواحد وحيداً
يبكي إذا ما استطاع ليس لسبب
ويخترع نفسة آلاف المرات
وينهي كل ذلك بضرب رأسه بالحائط كممثل جيد
كم لذيذ أن يكتشف أنه بحاجة إلى شراشف نظيفة
أكثر من حاجته إلى أصدقاء
أنه يحتاج إلى عينين إضافيتين ليقلعهما
كي لا يرى هؤلاء
الذين يمسكون
بحماسة مضحكة ذيلَ بقرة السجالات الحرون الميتة
كم لذيذ أن يدحرج تفاحة على الطاولة
ويرقب الإيقاع الرخو لسيرة النسيان العارمة
يرقب كيف الملائكة نهاراً
يفرّغون الكون من رأس الله
وفي الليل ينشّفون عرقهم بملاءات أسرّتهم
في مهاجع من ضباب
ومن شدة تعبهم لا يقوون على المشاجرات
ولا على الأحلام
إن جسداً بلا رغبات
إن رجلاً له كتف من بخار
وكتف ممحوة من شدّة ما نقرت عليها زوجته اللغة
بعد قليل سيذهب بكل خسرانه طازجاً إلى نهايته
ليس من أحد أكثر حيوية مني
الذي لا أعرفه كثير
والذي أعرفه تماماً لاأحتاجه ولايحصّنني
أجلس في ظلي
واذا ما مشيت
فالطريق من الغرفة إلى المطبخ ملأى بالكون
لا أستعير الخارج إلاّ لأنه من اختراعي
ولاأرغب في اكتشاف الداخل
لأني طفله المدلل اليتيم
رجل في قاع الليل يبتسم كإله
لأنه لايسمع ضجيج المركبات
وشتائمَ سائقي مناحي الحياة
لأنه منذ زمن بعيد لايمشي على طريق
ولايقلّ وسيلة نقل ،
لأنه ..يحسّ كل الرغوات
التي تفور من مؤخرات العمل والكلام
لأنه يلتذّ برؤية الرغوات وهي تنشف .
لا يهمّني أنهم لا ينتبهون إليّ
هاهم يساعدونني لأصنع جنّة سريعة
بقليل من الشر وبقفزة غياب واحدة
لايهمّني أنا الرجل الذي في قاع الليل
أخترع نفسي آلاف المرات
وأُنهي كل ذلك بضرب رأسي بالحائط كممثل رديء
وأصرخ بصوت بالكاد يُسمع
ليس من أحد أكثر مني حظاً أكثر مني فرحاً
* * * *
الله
1
الله الآن خائف .. خائف في قبوه
كما أحد لن يتخيل
عجوز دون أن يمسّه زمن
لايستطيع أن يستند إلى الكتف المتعبة لذكرياته
لايستدعي التشابيه ليبرهن .. كم يرتجف ..
لايقول كلاماً
بطزاجة يترهّل في الخانات العتيقة للجوهر
في اللحظة الضيقة المشدودة بين ما يحدث وما لم يحدث
الله الذي يخيفه كل شيء يلمع في الأصفاد
2
أنا الذي ضيّعوه عندما وجدوه حان لي أن أتكئ الى نفسي وأبكي
لا أحد يساعدني لأكشّ هذا البرغش الكوني الذي يحطّ على أحلامي
سبحاني كيف رضيت بالخديعة حتى تقطّن قلبي
كيف رضيت بالاسم وأنا أعرف أنه سيصبح جسداً
سبحاني كيف وهبتهم متاهتي سؤالاً
ليخلقوني من طين وخوف
أنا الله حان لي أن أحيل ملائكتي وجندي إلى التقاعد
أن أحوّل الجنّة والنار إلى أرجوحة
حان لي أن أترك هذا العرش للفراغ
أو على الأقل لرطوبة ندمي .
3
يرغب الله أن يعرق .. يتعب
ينام ... أن يذهب إلى السوق ..
أن يتلمّس قطعة الحلوى تذوب في بنطاله
لأنه يخفيها عن أصدقائه النهمين
أن يقامر أن يخاف ... أن يشتهي كل الجميلات
ثم وحيداً ينزوي في غرفته
أن يصبح كالعاديين أو كا لعباقرة الفاشلين
أن يعتزل كي يختلف
أن يسهر كعاسق ... كحارس ... كمريض
أن يكون أباً لفتى طيب أو شرير
يرغب أن يشارك في مظاهرة ضده ..
أن يجادل الذين استبدلوه بما هو أسوأ
يرغب أن يُساء فهمه بطريقة أخرى ..
أن يؤلف كتابا قابلاً للنسيان
أن يبكي فيشفق عليه أحد
أن يحب الطبيعة
أن يكره الحياة التي يصنعها الرجال
الذين صورهم تملأ الشاشات
يرغب أن يكون بسيطاً وساذجاً كالمؤمنين به
مدعيّاً كالذين يكفرون به
خائباً وحساساً كالذين مازالوا يفكرون فيه
يرغب الله أن يحب امرأة يأوي اليها ثم يسأم منها
يرغب الله أن يكون امرأة.
أن يعرف لماذا الموسيقا تحيله إلى لحظة واسعة
ومحبوسة في شكل
يرغب الله أن يشقّ قميص الكلمة الضيق الفضفاض
أن ُيذعن لنداءات جسده
يرغب الله أن يحلم .. يرغب الله أن يحيا ... يحيا
حينها لا بأس غدا أو بعد غد أن يموت
يرغب الله أن يكون
مطر غزير
لاأعرف اذا كنا نقلّد مايحدث في السينما
أو ما يحدث في الحياة .
غاضبة .. على عجلٍ تغادرين
حافيا أركض وراءك
في الزاوية المعتمة من الزقاق أمسك بك
على حائط أسند رأسك
فيهرّ الطلاء على شعرك
ودموعي على كتفك
وأنا أشهق : لم يكن قصدي ..
بينما أنت تصرخين
تفلتين مني
خائباً خائراً أقع على الأرض
في هذا الشتاء
في هذا الليل
دون جمهور ليغصّ .. ليحزن لي
ثم .. ينسكب مطر غزير
ليغسل شعرك .. ينظّفه من الطلاء
ليغسل وجهي .. ينظفه من الدموع
***
على الدرج الطويل .. الطويل
المودي الى القلعة
منذ ألفي عام ..
على نفس الدرج
أنا .. وأنت
لكن أكثر خفّة وبراءة .
* * * *
بين أشجار الصنوبر
أرى مناماتي
خفيفة
رهيفة
مثلك ....
تخطرين
عاريةً
من المطبخ
إلى غرفة النوم
***
في المكان
الذي يجدر به أن يكون أميناً
بينما كنتِ
تضعين وردة على الضريح
تشعلين بخوراً
وتبتهلين لالهٍ غريب
أن نظلّ معاً
كنتُ أتأمل روحاً يتوجع في الأيقونة
***
ملاكاً شرساً كنتِ ،
في الغرفة الرطبة.
أنا ...
مع كثير
من المتاهات والمفاتيح
لأخرج من رائحتك
مع كثير
من القهوة والسجائر
لأجرّب وصفكِ
***
رائحة عادتك الشهرية
رائحة صالة سينما مهجورة
رائحتك جسدٌ آخر
........
شهوتك وهي تزأر
كمكنسة كهربائية
كهنوت ينضج
أحبك لمّا تتكررين
***
تحت أدراج معتمة
في ردهات سقطت من كتب الأطفال الملونة
في غرف مفاجئة لغرباء وأشباه أصدقاء
في الباصات الذاهبة الى مدن غريبة
على حافات سواقٍٍ كنا نسميها بحيرات
في قاعات ملكيّة لقلاع مهجورة
وراء حيطان الطين في أكواخ فلاحين
على أسطحة مسوّرة بتنكات الزهر
على جبل يشبه بطن سماء للتو اندلقت
كان جسدك يخشخش في جسدي مثل كنز
***
لم نكن
نستعدّ للمستقبل
كنا في قلبه
لم نكن واحداً
كنا جسدين يضحكان
في بريّة الموت
لم تكن نحنّ إلى جنّة
كنا دمعة تنضج
***
ما الذي يدفعني
لأجرّب أن أقشّر ظلّ جسدك
عن السرير
ما الذي يجعلني أقول
وضعت يدي
على صباحات شديدة .. وملتبسة
ماالذي يجعلكِ عاريةً
تدورين نحو النافذة
تزيحين الستارة قليلاً
وكبطلة في مسرحية غامضة
ترددين بصوت يلمع ببطء
أحبّ أخطاء الحواس .
مدينة
أعتقد أني لاأفعل شيئاً ذا بال وأعتقد تقريباً جازماً
أنه لايحق لي أن أصف مكاناً أو أن أحنّ إلى ما يمكن وصفه
سراب ممزق بدلاً من الساعة
خيوط نوم بدلاً من الحراثة في الوقت
القطار بدلاً من الحقيقة
رائحة العقل لاوقت لتمدح نفسها
تتفتّق .. تتذرر .. تضيق .
انقلابات سلسة مفتوحة ومغلقة كالسحر
سريعة كأنها لاتحدث في مكان.
تحت سطرأصفر
لاشيئ يتحرك
الخدر ..
اللاشيء طازجاً
يعادل حديقة ترعى فيها ظلال مريضة.
شفتان يابستان
عليهما قشرة ريح
القط منتبهاً إلى فداحة البلاط الأبيض والأسود
لن يدخل أحد بمسدسه ويطلق الرصاص
مالئاً المكان بالصخب
كما قد يتخيّل البعض.
في آخر المبنى
بخفّة ...
المرأة تطوي درجاً .. وتطيّر سطحاً
تتراسل ضيقة نداءات الحيطان
مع ألعاب الركام كأنها مطر مقدود من كتف الله
الألم له أن يغيّر اسمه هنا
وللمساء ألاّ ينتمي إلى مكان .
نجوم فاسدة تفور من من فوّهة مهندسةٍ بذكاء موحش
إعلانات .. قطع من هواء جامد
جسور تصل الغرب بالغرب
الغفلة ألسنة لزجة
الجذور خفيفة
الفروع ستتحطم
وسينتفخ خبز كثير في نومك أيتها العطلة البيضاء
يا مدينةلايعيش فيها أحد
إذا كان لابد من وجودي
أجرّب لحناً في الدفقة الجامدة
أخبط بكعب حذائي على عتبةٍ تقود إليّ فارغاً
الحديقة
ليس اكتشافاً عظيماً
لكن ليس شيئاً لايستحق الذكر.
بمشاعر ناقصة
وعينين نصف مغمضتين
تدخل
ولأنّ أحداً لاينتبه إليك
يمكن لك أن تصف أدق التفاصيل
دون مبالغة
مع أنها ليست المرة الأولى
كل شيئ يبدو مختلفاً
الطيور .. السناجب .. الكلاب
ووهم أنك ستُفاجأ بالمرأة
على نفس المقعد
تقول لك ما كنتَ تحلم به البارحة
ولأنك رجل تنقصه الدهشة
كما الكلمات
ستبكي من شدّة الظلال
حول صوتك
وتخسر علاقتك بالمكان
أثر أسود لبطن ملعقة
ستخرج
لكن شيئاً لايتغير
أو.. ربما
ليس مهماً
على يدك أثر تقريباً أسود
لبطن ملعقة
ماعدت لتتخيل أنك في شارع .
لأجلها تلك الصدوع
التي تتآلف في القبو
تتخذ من الأدوات التي تنمو
بطيئةً ..وأكيدةً
مسافةً فاصلة ‘
وبحجة الصدوع
وبحجة أنك تحسّ طيناً في أحشائك
لاتطلق صفةً على طاولة
ولاماءً على آلة
تمشي طويلاً لتصل إلى أعلى اللحظة
وتحرق مزاراً من الإشارات
ولأنه هنا ثمة قنانٍ وأكياس بلاستك
وأوراق وغبار يخرّب محرّكات العتمة
ولأنك تفكر بالخروج
ليس من أجل رائحة الله
ليس لأنك تحتاج محارم
بل لترى أثر بطن الملعقة على يدك
ولأنك خرجت رجلاً من نمل وساعات معطّلة
عليك أن تتذكر بحنين مغشوش
الطيرَ الخرافيَّ رخواً وكبيراً على سريرك .
مثلك في شارع
على جبينك أثر أسود لبطن ملعقة !
الدخنة
الرجل على الناصية
يُخفي مسدساً أسودَ لامعاً
وراء ظهره
فجأة يُطلِق الرصاص
على الدخنة الخارجة من مترو الأنفاق
فجأة ..
شهية رائحة الظلال وهي تحترق
المرأة على الناصية الأخرى
تصف بدقة ما لا تراه ......
خلفيات
وأنا أُسقط دلواً
عميقاً
عميقاً
في شقرة أنفاسك
وأنا
فارغاً لاأنتظرك
وأنا
بعدّة بدائية أكتبكِ
يا الله
ظلّ يتمزق في آخر النهار أنا
روح
شيء صغير
وأزرق
يشبه الندم
***
في الميتروبلتان
كنت أريد أن أريك خلفيات بول كلي الشاحبة
حدثَ
أن ثيراناً هاجت
وأن غيوماً من شرقٍٍ ما ملأت القاعة
و بأطراف متهدّلة
أسقطتِ المسامير
عن كلمات
كنتُ قد هيأتها لكِ بيأس جميل
***
أحبّ أن أصدّق
أنني لست الرجل
الذي يقلّد ابتسامتك
وهو يبكي
على مقعد في الشارع السادس
***
مع هذا
تضايقني تلك السنوات التي كنت فيها حياً
اخلعي عني تلك الأزهار
تلك الكلمات
أريد أن أمشي في ليلكِ
أن أصف نيويورك
لي.
كأنه لاشيء يغريني
سوى غموضكِ الأبيض
جبال نيويورك
1
في المرسم المهجور
أنا .....
أخلط الألوان بوبر القطط
وغبارِ الطلع
2
دائخ
من شدّة الله
في هذا الزعتر البري
3
لهذا الغروب
رائحة امرأة
4
الذي كان يدّعم بيتك الخشبي
كي لاتجرفه سيول الشتاء
الذي كان يمسح بطنك بالنعناع
وذاكرتك بضبابة نهر
الذي كان ينفخ بهدوء
ليطيّر الفراشات عن عانتك
الذي كان يجتهد ساعات
ليفكّ أرواح النار والشجر
عن صوتك كي لايسمعك الشعراء
الذي .... الذي ...
الحطّاب لأجلك
الزارع لأجلك
الصانع لأجلك
الصياد لأجلك ..
لماذا غادر إلى مدينة بعيدة
وفي فندق رخيص
بمممممممّ ؟
5
الفنانة التشكيلية في الغرفة العلوية
تفكّر بالمراكب والغيوم
بلونٍ يخرج من عبّ الله عابقاً بالتوابل
الفنانة فوق تموء مع قططها
تاركة ظهرها لنافذة مفتوحة
على تلّة
ترعى عليها غزلان زرقاء
6
المكان هنا
ندم يتشكّل
7
على جذع شجرة مقطوع
قرب قطيع جنيّات متحجّرات
انسكبت شهقة حليب
.....
.....
الغراب العجوز
يتمرّغ في شهوة راعٍ ضائع
8
متروك هذا الجسد لطراوة سريّة
لهستريا الكلام
وبحجة أخطاء القمر .. وارتجافات النافذة
الفكرة الواحدة ألفُ طيرجارح
على السرير .
قلعة من الحلازين
إلى كيري هاريسون
1
أيها البدوي
ماذا تفعل هنا؟
2
هل تهبك نيويورك حصتك من الوقت
بما يكفي لنسيانها؟ا
وهل يعني شيئاً
أن تواجه .. أو تدير ظهرك
لطاحونة الجهات !
3
تجتاز أكثر من جسر
كل يوم
هل تصل إلى مكان ؟
4
حيث الموجة تتكرر في اللغة
أكثر مما تتكرر في البحر
أ عندك كاميرا؟
لتصوّر هذا الندم
5
ستمر ضحكتك بين طقسين
مثل ظل تميل عليه قلعة من الحلازين
ستبقى ضحكتك
ذلك المقص اللامع على الحافة !
6
بُمْ ... بمْ .. بمْ ...
شيء يتكسّر بلا جدوى
هل الملائكة هنا
نسور مشوّهة؟
7
مافائدة هذه العكازة
في النص
هل تترجم الدم إلى بياض؟
أقصد ..
هل ثمة بشر في هذه البنايات الزجاجية ؟
8
عينٌ
ويدٌ
هذه الجهة الزائدة
تماماً
مثل المكان ناقصاً
هل هذا هو الحنين ؟
9
حافياً تقود قطيعاً من القارات الهزيلة
من جامعة بروكلين إلى الفيلج
لتلتقي راعياً مسمراً على تعويذة بائدة
وبما تبقى له من نظرات
يٌطعم بقرة الميتافيزيق حروفاً لاتنتهي الى كلمات
10
ماذا تبقى لنا من النساء
سوى جبال ووديان
سنزورها
إذا ما توفّر لنا قليل من الجسد
وبعض من الشرق في الروح
11
كيري هاريسون
ماذا نفعل أنت وأنا
الماءُ
الذي يسقي أشجار الحواس هنا
يطفح بالأشنيات
12
تضحك كثيراً
وأنت تسوق
أخطاءك الأنيقة إلى مقبرة زرقاء
جيد
أنّ نباتكَ الوحشي يغزو
وأن طيورك العمياء
تأكل عيون القتلة والضحايا
حياة مستعملة
أنا الذي أعمل في في كازينو يشرف على محيط لم أره أبداً ‘ أنظف الممرات من أشلاء العبور الدبقة ومن قيئ وبصاق الخاسرين أنا الذي على نحولي أشيل حمولة ثقيلة لحيواتهم المستعملة .
تصرعني طرطقة الفكوك في أفواه عجزة يعرجون في دخنة أعمارهم ‘ أساعدهم واحداً وحداً ليدخلوا في فقاعاتهم ثم أُغلق عليهم بلمسة شر. أما هؤلاء الفتية الذين يقفزون فلا يبرحون الأرض سأطلق الرصاص عليهم في عالم آخر .
ولأن هيئتي لاتتطابق معي وأنا أصفق أبواب الغرف ‘ وأنا أجرّ المستقبل الخفيف الملطّع بالعصير ودم شرائح اللحم وحشرات الكلوسترل الكسولة لمتقاعدين ربما سيسقطون موتى في آخر الممر .
أطلق صفيراً لكائن لم يعد لينتظر شيئاً .
و ما يجب أن أصرفه في الداخل أصرفه على العتبة حتى يطردني الملمس الهش لمُتع سريعة ‘ ثم ليعود فيجذبني الهواء المربوط بأرجل الأسرّة .
لم يعد في الداخل أسرار .. ورطوبة الأجساد تنتهي إلى رائحة لا تُطاق .
مشغوووول بترتيب المقاعد في قاعة لن يدخلها أحد
وبأظافر متسخة أكشط الغبار عن نهار اللغة.. الغبار الذي أثارته التماثيل التي للتو حطمتُها .
اليأس ..
حركات الجسد البطيئة
اللغةُ وماتنزفهُ .. صديدُ المسامير في الهواء
صمتي المطرقةُ المخلّعةُ
و ... كل اكسسوارات المشهد القابل للنسيان .
الدخيلة فاضت دون طائل ‘
والجغرافيا لم تعد حجّة
الندم الذي ربيّته لم يكن يحتاج لرعاية مبالغ بها
ينمو محجوباً بطبقة خفيفة من المروانا ورائحة خمور رديئة . كلما تحرك ينتفض الأثاث من أسمائه ويسيل السقف على الجدار لينفتح مقصُ ميتافيزيق هائل بين دخان يتمايل وبؤرة سماء تصرف فائضَ رغوتها على حافات فراغ شديد .
الندم وقد جعل المستقبل أرضاً محروقة ‘ والحياةَ متحفاً مغلقاً
الندم فرحي بالخسارة
زاويتي
الحميمة
الممزقة
في المهبّ
بعد خمسة وثلاثين عاماً كنت قد ظننت أن لاضرورة لهذه (الأنا) لكن كلما خرجتُ مني أتكرر مُساطاً بالحاجة إليّ ‘ كأن الماضي أبداً لم يكن ‘ كأنّ (الآن) مرةً لم يتحقق.
مصاب بالآخرين من شدّة ما نفضتُ أيديهم عني .
المسافة بيني وبينهم ورقة خسّ يقرضها أرنب الكلام .
أقتلهم فيثقلني دمهم .
أنساهم فيغلبني الخوف .
هكذا ‘ دون ادعاء حكمة ‘ ربيّت فراغاً وعندما أطلقته التهمني .
ما أفعله أحبه وأكرهه فلا يمدّني بجدواهُ ولا يقذفني إلى جهة ....
يا إلهي لستَ إلهي لأرجوك ولكني تعبتُ وأتعبتني صورتكَ في الأخطاء ‘ لستُ صوفياً ليُفهم عصياني محبةً ولامحترف حياة لأترك جسدي يجادل وينجدل في الازدحام . فقط .. كتلة يقشرها حنين إلى جوفها .. زفرة ليُساء فهمها إلى الأبد .
يا إلهي لأنهم لن ينقذوني ولأني عاجز أمام أصفرِ لاهوتِهمْ أنت خسارتي النانئة الملونة .... بئري المغطاة بإغماضة عين .
زئير كلمة ينطلق من مذياع لايُرى
الصدى أشجار تقلّمها كائنات الخمر .
لا أعرف كيف عرّاف ، بزيِ طيارٍ مدني أمطرني بالدعاءات والوعود ‘ وسرقنيييييييي ‘ أعطيته آخر ما أملك كنت أكثر تعباً من أركن إلى شكوكي قال سأعيد لك ماضيك فلا تذهب الى آتيك إلاّ وقد تنظفّت من كل ميتاتك .
على باب الجحيم انتظرته ‘ قال عشر دقائق لأحضر حقيبتي وأغيّر كأس الماء لإلهي وأسدل الستارة كي لا توقظه الشمس .
ساعات انتظرته ‘ ولم يعد ‘ أفهمتني موظفة الاستقبال أنْ لا جدوى وأنه عليّ أن أعود إلى جحيمي الخاص ،
كان يجب أن أمشي وأمشي وكنت أحتاج أن أبكي أو أنام . لم أقتل نفسي كما يفعل الأبطال التراجيديون الحقيقيون
مكتظاً بما لاأعرف له اسماً مضيتُ
لم تكن النهاية تماماً ‘ لكن كل شيء كان ينقصه الحياة .
الدخيلة فاضت دون طائل ‘
والجغرافيا لم تعد حجّة
في تلك المصانع الغامضة
حيث تضجُّ الآلات
وتتكرر سلعة الوقت نفسها
في تلك المدن المضارب المحمولة على هواء المكيفات
حيث العالم كله في نقطة العبور عاصفةٌ مكسورة
يقف الجميع في واحدٍ يؤلّف بداوةََ العدم .
التشرد ليست كلمة تماماً إنها سقف كلمة مهترئ لايني يسقط .
مفلس ووحيد ، لماذا حزين إلى هذا الحد
ألم أكن أرغب دائماً بالموت في شارع مهجور في مدينة باردة ؟
الرغبات
الرغبات
هي أرجوحة الكذب ‘ لأطفال لُعَبُهم أشغال شاقة .
لأني أعرف طعم الموت جيداً لأني بقبضتي المتعبة أضرب درابزينات السلالم
وحيطاناً بُنيتْ على عجل على حافات الفجر
لا يعني وصولي شيئاً
أدير المفتاح بثقب اللجة ‘
لا أ خبط حذائي على العتبة ليهرّ الثلج ولا أحضن وجهي ....لأبكي
ولأن رقادي أغصان مكسرة في حفرة لن تحميني من قذائف الذاكرة السريعة
لأني بأجساد خاوية أخبّ على أسفنج أسود
ولأني كلما احتجتُ إلى جهة أنتصب في قاع اللحظة .
طفل كريم
حكمتي فراديس أحرقها مؤمنون ضجرون
موائدي دائماً على منحدرات وعرة
وإلهي مثلي جائع وغامض
في حياة لايملكها أحد
فرّغتُ الأساطير من الأمل لأنساها ‘
واقعيّ ‘
و... أخسر .....
و .... أرتجف على باب المنام .
أصدّق معجزاتي
فجديّ الله يمشي خفيفاً على سطح أيامي كلص .
لم تعد الجغرافيا حجة ..
ولم يعد ثمة دخيلة لتفيض .
كلب سكران أنا
فراس سليمان
أنا وكلبي في قارب الصيد دائخان ، أنا من كثرة ما شربت وهو من شدّة ما نبح
أنا تقريباً هنا .. أرقب أضواء المدينة التي تبتعد .....وجسوراً من عشب ألفّتها في رأسي .
إنها الواحدة ليلاً .. إنها مسرات العمل لصالح الهذيان
لننس الكلب ..
وتلك الاهتزازات ... وما يسبّبه الخمر والأمواج .
لست سكراناً ‘ أنا الصياد الكاتب الرديء .. لم أعد قادراً على قول جملة تدهشني
غالباً ما أكرر نفسي ‘ نفس الكآبات نفس الحواس الممزقة . أعمى .. قد أحدس التجربة لكن ليس لي أن أحملها، أحدبُ أقبية وحرمانات مذهولة .
كأنني مازلت في العشرين أخبط على نفس الأرض أغطس في نفس المياه وأتسلق نفس الهواء .
هنا في قلب البحر حيث أتذكر موبي ديك بطريقة مغشوشة وأرمي عجوز همنغوي من ذاكرتي إلى (قلب الظلام)
أدعي أشياء لايمكن لأحد أن يعرفها وبحجة العمق والدهشة خربت لحظات حلوة مع آخرين وخنت جسدي. أحتمي بما لاأريده وأبكي لأنني لا أريد شيئاً .
لاأحد ينتظرني سوى ذاكرة ممددة في كلام سريع ... سوى أنا في صورة ممحوة .
جنّتي لحظة مفقودة لأنها خليطُ ماض وآت ، شواشٌ لا يفيد من تجربة الحجز ، معنى وعرٌ دون مصير .
كم من الغباء أني اشتغلتُ مجانا ًخادماً ذليلاً في بيت الكتابة ، لأنني ادعيت أنني لا أحب السكن في قصورهم دون أن أدخلها . لم أكذب بالقسط الذي كذبوا به ،أنا الكذاب المغفل ، ضحية للمنفى فارغاً من المكان، تخليت عن عدّتي لهم . ومضيت أكدح بيدين واهنتين من أجل قطعة شمس ستسقط في أرض لن يطأها أحد ، من أجل ترميم تمثال خسارة لن تجرّه عينٌ إلى قلب ولايدٌ إلى متحف.
حان الوقت لملل حقيقي ولضحكة واحدة تعادل عمراً كاملاً لم يُنجز .
كلبُ قصائد تحتاج إعادة تأليف .... كلبٌ لايصلح للمهمات التي خُلق من أجلها . كما لاتصلح الكراهية للاستمرار ، والهامش للاتساع .
أعضّ ما أقع عليه ، وتنزف الأرواح المسروقة من الكتب تحت جلدي .
كلب يغريه الفراغ فينبح وينبح .. دون أن يقفز.
كاتب رديء يتدلى دماغه بين فكيْ كلب متردد عجوز .
قلم باركر على الغطاء الخشبي للمحرك ... وأكياس ورق ملوثة بالمازوت والكلمات .
القارب تعويذة تكدح في شقوق الأمواج التي تؤلفها البصيرة .
مطر يتلألأ في الخطوط التي حرثها الغموض بين عينيّ وجزيرة قريبة .
في ذلك القارب حيث حوريات البحر والليل ينصتن لهسيس الزبد في رأسي واللاتي سيقفزن بعد قليل تاركات لي حياتي الضيقةَ طافيةً في المسافة بين مدينة بعيدة وجزيرة لن أصلها .
الميت الكلب
أنا
يعبدُ المشهد
تباً لهذا الخمر الرخيص وصيادي الكتابة جميعاً.
تباً لك رامبو لقد خربّت حياتي
تباً لك أيتها المرأة الخرافة لقد حبستني في نجمتك الكاذبة
تخيلتها .....
( ... ) تقول : أمي البوذية علمتني كيف أحرق المشهد في رأسي . . والأحلام التي لاتشبه سفن القراصنة
تخيلتني أعض جسدها الأبيض حتى الامحاء ممعناً في الثرثرة عن الروح
خائفاً من فضائحي ..
قلتُ ...... كتلة السرطان في صدر جدي الشيخ رائحتها مازالت تفسد مناماتي .
بعدما حرقت أعصابي لأشوي لها السمكة الحمراء التي تحب ... اللحظة البيضاء كما يحب الشعراء .. بعدما حاولت تأكيد حقدي على الكتابة وندمي المربوط إلى جذور التجريد
اكتشفتُ كم كاتب رديء أنا ، وكم من العبث توسيع هذا الدهليز في عتمة طائشة .. وكم ............
صياد أحمق أنا .
كم أكره مهنتي .
وكم أرغب أن أدخل المقهى فينهض صوتها ، أحتاج أن أدّعي الاصغاء بطريقة أخرى
أحتاج أن أكذب بطريقة أخرى .
أيها الكلب عُدْ إلى أصلك ذئباً يحرس اسمه
أيها الكلب على الأقل احرسني مني .
* * * *
أمريكا
كان لابد من كان لابد من الوضوح ، فهم معنيون بالفهم ، ليس عندهم وقت لإضاعته ،
فها أنا أقلدهم بالذهاب مباشرة إلى المفيد . هنا كل مفيد جميل .
لأسبابي أعتذر مني .
1
أيها الأمريكيون الطيبون اعتنوا بأجسادكم .. اعتنوا بكلابكم.. بالأرقام ثقيلة رائحتها ... بالتحف المصنوعة من العظام والأعصاب بكل ما يمكن لمسه . أما الروح تلك المصيدة الزرقاء التي لن تقعوا فيها فدعوها لأطفال المجاز يتدربون على طيورها في عُطلهم البعيدة . أيها الطيبون أعرف ، الكثير القليل الذي في رؤوسكم .. في بيوتكم قابل للاستعمال قابل للنسيان.
تروقني حياتكم التي تلمع في السوق يروقني إلهكم الذي ينتقل من الكنيسة إلى المطاعم والبارات بثياب خفيفة ووصايا خفيفة
يروقني أنه ليس عندكم ما يكفي من الوقت للحقد .. للحب ، وأن غموضكم مصادفات بنهايات فقيرة
أن ما تعملون من أجله لا يتيح لكم أن تنظروا إلى السماء .. وأن أحلامكم متشابهة.. وثقيلة
غير أنكم خفاف في النهار ... في الليل ، نشطون كما تقتضي الغفلةُ.... الضرورةُ
أيها الأمريكيون الطيبون الضحايا السعداء الجميلون كملائكة قصّت سكاكين البنوك أجنحتهم
دعوني أقول وأنا أعرف أنكم ستوافقون بتهذيب دون أن تفهموا مادام ثمة شيء لن تخسروه
الغريزة ماكينة ذهبية
الغريزة ماكينة حروب
الغريزة مجدكم المصنوع بذكاء مهندسيّ الغريزة
2
أمريكا ......
سيمرّ القتلى في الأروقة التي أشرتِ إليها هادئين ودون اتجاه
و المهاجرون الذين يكرهونك ولا يغادرونك والذين يرسمون مصائرهم بعناية ولا يصلون إليها
الأحجام الضخمة المنمنمة بوقت مدروس
المراهقون الذين يذبحون السأم كقراصنة على زوايا الليل
المشردون بأرواحهم و روائحهم الشديدة
المثقفون ببيوتهم التي تشبه المتاحف ورؤوسهم التي تشبه البورصات
المكتئبون الذين يرتجف ماضيهم أمام باب العيادات
شعراء السياحة ... الكتّاب والفنانون من كل مكان الذين بجهد يرمون أصواتهم في الآلة الخارقة
لعل صورهم تلمع في الواجهات
المنكبون على أوراقهم في المقاهي حالمين بالمال والشهرة
الجنود المدججون الذين لا يعرفون من الجغرافيا سوى بعض أمريكا .. ومن التاريخ سوى أبطال الأحياء المجاورة
الموظفون المحترمون المرهَقون بالحديث عن السعادة وعن ثقوب سوداء في حياتهم ... الموتى الذين يكبرون في المصانع وفي الحقول ..
الذين يخرجون ملوثين بنشارة الخشب .. الذين يقلبون تربة الحديد .. الذين يشدّون على المدن ببراغي العرق
الذين ينظفون ميتاتهم قبل النوم بجلد نساء بدينات.. الذين تكرج عجلة التلفزيون في رؤوسهم ليس إلى مكان .
الزنوج الذين يلمع التاريخ على جباههم كقطرات عرق الذين يخبّون حفاة في وحل الموسيقا
الأنيقات اللاتي يلمّعن أرواحهن المنكمشة بزيوت الشرق الأقصى
رائحة السلع التي لا حاجة لها منبعثة من الشاشات .. الدخان منبعثاً من الجامعات
العراء الملون الذي يتصبب من أحلام الأكاديميين
غزارات الأفكار منتهية إلى فكرة واحدة
المُتع المصممة بعناية عباقرة السوق
أمريكا
كل شيء
كل شيء
كل شيء
سيمر من حيث أشرت
أيتها الحشرة العملاقة ، أيتها الضارة التي يحلم بها الجميع ، أبداً لم يكن لك أخوة أيتها اليتيمة الجبارة
أصدقاؤك خدمُك ينظفون أقدامك المزروعة في كل مكان مثل اسم الله ، و أعداؤك ليسوا أحسن حالاً منك ..... أمريكا أيتها الرعناء الجميلة
العالم لم يعد يشاهد أفلامك فحسب ‘ إنه يتورط في التمثيل ...العالم الكومبارس الذي لابد من موته أيتها الشاسعة الضيقة كالتاريخ الشرسة المغرية
أمريكا يا رغوة الاسم يا ترسانة المعنى تضخّ دماَ
. لا تحتاجين إلى ذاكرة ولا إلى تكرير الألم ، بقليل من خزف الكلام .. وبجسد هائل تصنعين أكفاناً مزخرفة للمستقبل ، كل شيء لتزيين سعادتك المغشوشة .. لجبروتك أيتها الأرملة السيدة
3
أمريكا .. هل قلت لك ِ؟ أنا الشرقيّ الملعون ، سأصرف حياتي كلها دون أن يتسنى لي أن أحبك كما أريد .. أن أكرهك كما أحب أن أكره .
* * * *
صدرت عن دار جذور في أمريكا 2007
توزيع الدار العربية للعلوم