قُبْلةٌ شفيرٌ،
وأنا سأرتدي الحذاءَ الأفضلَ لديَّ،
متَّجهاً إلى الشفيرِ، لأنني أعرف ماهُوَ لي.
مُذْ نسيتُ عنادي فلم أكتم عن الأشباح ماكتَمَتْه الأشباحُ عن ملوكها، أعرفُ ماهُوَ لي.
سأضع النصلَ هذا ـ النصلَ الذي لم أعرف سواه على كل عنقٍ. وجودٌ نصلٌ، رهيفٌ في يديَ تَدْمى قبْضاً على شفرتهِ، سأضعه على كلِّ نحْرٍ، أنا الذي يتكتَّم عليه الأشباحُ في وحشتهم، آملين أن أنجوَ لينجوا هُمْ في أعمارهمِ الخَطِرةِ ـ أعمارِ الأشباحِ، وموضعي في نِسَبِ الموتِ موضعُ الحَسَبةِ يفاجئون الموتَ. أيقِظوني،
أو لاتوقظوني.
لي قيلولةُ الأَنصابِ،
وأعرفُ ماهُوَ لي. أعرفُ أنْ
شرفُ
القُبلة
شرفُ
الجسدْ.
عظامٌ رياحٌ في ساقيَّ اللَّيليتيْنِ، سأتَّجه بهما إلى الجبلِ، صعوداً في الممرَّاتِ كلِّها بالحذاءِ الأفضلِ لديَّ، من الجهاتِ كلِّها، بلا أحاديثَ إلى نفْسي كفعْلي أحادثُها عن يد الدخانِ القويةِ تعتصِر الإرثَ مصافحةً. قلتُ فلأْتَّجهْ بالعظامِ الرياحِ في ساقيَّ ـ ساقيِّ الفجر إلى المأزقِ يورَّثُ من أملٍ إلى آخر، كي أُلقي بالجبلِ، من مديحِ اليأس، إليَّ. أفقٌ رشوةٌ.
سماءٌ رشوةٌ.
جبلٌ رشوةُ الأرضِ،
وأنا، ككلِّ هذا، رشوةُ الحريق تتسلَّمها الأبديةُ متَّجهةً مثلي، بعظامِها الرياحِ، إلى المَقْتَلة.
أهكذا يتراجعُ الجسدُ إلى خندقِ الرغبةِ المُنْهَكةِ؟
جسدٌ بهزائمَ قياسٍ لانتصارِ الجسدِ: ماهُوَ لي
هُوَ للجسدِ.
ماهُوَ لي وعْظُ نيسانَ من منبرهِ المكسورِ،
وانقضاضُ الوردِ على لونهِ.
أنا هنا لأسمع قلبي، من خلف النافذةِ، أخيراً.
أراهُ والجبلَ، معاً، خلف النافذة.
بعظامٍ رياحٍ في ساقيَّ سأصعد الجبلَ لأرى قلبيَ ـ الروائحَ الطَّعْمَ على لسانِ السنينِ. حسمتُ أمريَ: ماهُوَ لي هُوَ قضْمُ الزجاج صباحاً بعد قضْمِ الفطائرِ. حياةٌ على شفيرِ قُبلةٍ. ذاهبٌ إلى الشَّفير بساقيِّ البياضِ المُشاكسِ، وفي يدي الوجودُ النَّصلُ رهيفاً يُدمي راحتَها. سأضع النصلَ على كلِّ صدرٍ، في الخفيِّ الظاهر فوق العظام، حيث القلوبُ تتقاضى خفْقَها من قلوبٍ أخرى.
أكتمتُ عن الأشباح ماكتمَتْهُ عن ملوكها؟. أعرف
ماهُوَ
لي،
مذ كنتُ الشبحَ بنصلٍ في يدي على الطرق أدلُّ الأشباحَ إلى المسالكِ، وبي عافيةُ الرِّدَّةِ. لاحرْصَ يجمعني، بعد الآن، بأرواحِ الخيرِ المُضحكةِ خلفَ النوافذِ. شَبِعَ الهواءُ من قضْمِنا بأسنانهِ النباتيَّةِ، وأنا لنْ يجمعني بالهواءِ، بعدَ الآن، حِرْصُ القِدَم على النجاةِ بالموتى من هياجِ الموتِ. أثري هنا ـ أثرُ الهواءِ المُحتشِم على قَدْرِ الحيلةِ. هواءٌ يُنْتَقَدُ. هواءٌ لايُنْتََقَدُ في حرصه على الموتِ. وأنا
أعرفُ
ماهُوَ
لي.
تعرف الأشباح مثلي ما
هُوَ
لي:
رويداً رويداً
تدرَّجتُ من دقَّةِ اللسانِ في تقدير القُبَلِ إلى قُبَلٍ مَحْضٍ هي انحلاليَ ـ لاشكلَ؛
إلى انحلاليَ ـ لانظامَ؛
إلى انحلاليَ ـ لاأملَ للَّحمِ في أنْ يُرى.
رويداً رويداً،
برأفةِ السَّمادِ المعلِّمِ كانت نُقْلَةُ التدرُّجِ إلى شبحٍ نماءٍ كنباتِ السواقي:
جوارحُ تتمادى انحساراً إلى ضبابٍ.
رحلةٌ تأتي بأعضاءٍ أخرى شوقٍ؛ بأعضاءٍ نُقْلةٍ
من
حروفٍ
لاتُنْطقُ في الكلمات.
أعِدُ نفْسي بفطائرَ تؤكلُ بعد رقاد الكلماتِ. اْلأشباحُ مثلي يَعِدون أنفسَهم بعبورِ الوجودِ، في أيديهم ـ ايدي الكلماتِ فطائرُ تؤكلُ. اْلأشباحُ الشَّغَفُ مثلي يَعِدونني أن يحسمَ الغضبُ أمرَ نسائهِ. خُلُقُ ذبابةٍ هذا. خُلُقُ الذبابةِ هذا الكونُ. أنا الشبحُ المستنطِقُ أعِدُ الكونَ، في السِّيْرة التي تنتحرُ كلَّما رُويَتْ، بمهاراتِ الألمِ،
ومصانعهِ
وعُمَّالهِ،
وعقودِ التمديد الكبرى للندمِ المحترفِ،
والنَّدمِ الغِرِّ. خفيٌّ يُلْفِتُ النظرَ قبل الهزائمِ. خفيٌّ يعثر على الخفيِّ بشوقٍ راضٍ عن نفْسه كلَّما انحسرَ. ما من لَوْمٍ. أعرف
ماهُوَ
لي.
سمومٌ قمريَّةٌ في القُبلِ.
حلوةٌ قمريَّةٌ سمومٌ في القُبل.
سمومٌ تُحْيي الأشباحَ منتعشين مثلي على مقاعدِ السطورِ الطويلةِ في مراثي الغضب.
حياةٌ على حافَّةِ القُبَل لم آخذها أبعَدَ إلى هاويةِ القُبلِ؛
لم تأخذني أبعَدَ إلى يقينها حياةً: لاقدْرَ ماأراها أكونُ؛ لاتكونُ قدْرَ ماتراني. اْلحياةُ الزفيرُ كبوحِ الحذاءِ للقدمِ. اْلحياةُ على حافة القُبَل. سجالٌ بين الطين وأُمَّه أثَّثَ القُبلَةَ سجالاً بين الأجسادِ. مُذ عثرتِ القُبلُ على نفْسها، في المغانم المنسية للآلهةِ، لم يعثرْ شيءٌ على نفْسِه؛ لم
تعثرِ
الآلهةُ
على نفْسها. اْلشفاهُ، وحدها، تعريفٌ للصيرورة تكتمل حريقاً تلوَ حريقٍ. وحدها الشفاهُ. وحدها الحُجُراتُ الشفاهُ عالقةً في مرايا الهندسةِ؛ الشفاهُ المَعَاهِدُ الزفيرُ ومزاراتُهُ. الأثرُ خفيًّا على الشفاهِ السُّفنِ الأمَّهاتِ يتبجَّحُ بالقُبلِ. فضائحُ مبتهجةٌ هي القُبلُ؛ عواصفُ مُسْتَحْسَنةٌ؛ عَجْرفاتٌ من ملحٍ؛ ضبطٌ للنَّفْس لاتتقنه المعاني، بل زيزانٌ تثق بحقل الفولِ لابشجر الليلكِ، وبها غدوتُ الشبحَ
الذي
هُوَ
لي.
أعرفُ ماهُوَ لي.
أعرفُ القُبلَ نفوذاً للممرَّاتِ حيث تكونُ ممرَّاتٌ.
أعرفُها مجداً مدرَّباً على الخيانةِ؛
قوافلَ مدرَّبةً كي تخونَ الطُّرق.
هي أَنصافٌ أبداً. لاتكتمل أنصافُها.
اْلقُبلُ الأَنصافُ؛ الخطوطُ المتعرِّجةُ للوداع حتى لقاءٍ متعرِّجٍ. بسيطةٌ مشاغلي على الحدود الكبرى للأنصافِ، معتدلةٌ ككسُورٍ جذَّابةٍ؛
كحياةٍ تُتَّهَمُ،
وموتٍ يُتَّهمُ.
لكنها مشاغلُ القُبلِ متَّهَمةً بسرقةِ المعاني من نوافذ الكلماتِ في الجسدِ. سأضع النصلَ هذا ـ نصلَ القُبَل
على
كل
عنقٍ.
تَدْمى يدي قبْضاً على النصل أُلقي عليه ثِقلَ الحياةِ على حافةِ قُبلةٍ. عميقاً
ينحدرُ
النصلُ
حتى
نسيمِ
المضائقِ.
عميقاً
حتى فجرٍ لايُلائمُ يوميَ؛
لايُلائمُ
يومَ
أحدٍ.
فرصةٌ بجيوبٍ صغيرةٍ ماتوفِّره القُبلُ للأشباحِ مثلي يسكبون الزمنَ بالمغرفة في أقداحِ المفقوديْن. سأنحدر
بالقُبل
حيث أَشاءُ،
وحيث لاأشاءُ،
من
أوَّلِ
الطِّينِ
إلى آخرهِ.
كلُّهم يأخذون القُبَلَ، مثلي، إلى الأمم متزاحمةً لغسْلِ صحونها في مسيل المراثي. اْلقُبلُ الخوفُ على حافة المراثي. اْلأممُ القُبلُ على حافة المراثي. أمضي شَبحاً، وأرجع شبحاً. مكانيَ العددُ مُضاعفاً بالرقمِ القُبلةِ، أكيداً مُذْ أحصى
الله ُ
على
أصابعِ
الرقمِ القُبلةِ
آياتِهِ
المحترقةَ. أنا والسهولُ معاً. أنا والبساتين الأولى،
والأثرُ الأولُ،
والإنسانُ الفَرَضُ،
والبقاءُ لامن سببٍ،
والقلقُ المقايضاتُ طُرُقاً بالمغاليقِ،
والسَّوادُ المُعلِّمُ،
والأبراجُ بلا سقوفٍ،
والحميرُ بأحمالِ الطحين إلى معاجنِ الفَرَضِ، معاً في رسْمِ القُبلةِ بفرشاةِ الحسمِ على الحافةِ. شبحاً أمضي طالما لم يعرف الوجودُ سلوكاً بمجازاتِ النهاية إلاَّ إلى سطور الأشباحِ وثَّقوا بها كلَّ يقينٍ. الأشباحُ الصورُ في وِقابِ عميانٍ يقودون كلابَهم العَمِيَةَ. أشباحٌ
معاً
بكلابٍ
أشباحٍ
عبوراً إلى
المعاني.
سأعبر المعاني بالأشباحِ رُسُلاً ينصبون موازينَهم الغسقيةَ على مداخل الحياةِ ومخارج الموتِ. معي القُبلُ ذاتُها ـ القُبلُ النسيانُ. معي النسيانُ معافىً كعنايةِ الخرابِ بالخرابِ. اْلنسيانُ السَّفْكُ لاينجو منه إلاَّ الغريبُ الهاربُ من آلهةِ الكلماتِ رائجةً سَفْكاً. ماالعنايةُ بالكلماتِ الآلهةِ تُخطئ في توصيف الإنسانِ الفَرَضِ؟ قُبلٌ تَصِفُ الفَرَضَ الأعظمَ كمالاً يُغوي. قُبلٌ تُقلقُ اللهَ. مابها العنايةُ ساريةً؟ مابها العنايةُ تجري من قُبلة إلى قُبلةٍ على شفاهِ الأشباحِ؟. سأكونُ العنايةَ بالصباحِ الوعْرِ بين الصباحات الراضية عن خساراتها. ماالعنايةُ إن لم تكن همسَ الأشباح إلى حوريات الماءِ على موائد المَلاَّحيْنَ؟. سأبذلُها العنايةَ بالكلمات على حافة القُبلِ، حين تغادر الحياةُ القاعةَ، وأبقى وحدي راقصاً بساقين عظامُهما الرياحُ. مساميرُ لولبيَّةٌ تشدُّني، بإحكامٍ، إلى الصفائحِ الدروعِ، ووعْرٌ صباحيَ الفَرَضُ. أنا الشبحُ أُثقِلُ كِفَّةً من كِفافِ الصِّور بقبلةٍ زائدةٍ، وأخفِّفُ كِفَّةً بقبلةٍ ناقصةٍ، متحسِّساً الخَمْشَ المتواصلَ من أظافر الغمام على المرايا ذاتها، التي لن يراني فيها إلاَّ الأسرى. حقٌّ لامبالٍ يتنفَّسُ الصعداءَ فوق سطور المواثيقِ القُبلِ. حقٌّ أتحسَّسُ خَمْشَه المتواصلَ على مرايا البقاءِ يقشِّر عنها الصورَ العادلةَ. صِورٌ
لم
تُحْسَمْ
ألوانُها
بَعْدُ.
تجارةٌ صِورٌ في المرايا
لم
تُحْسَمْ
ألوانُها
بَعْدُ.
تجَّارُ الأعماق على مداخل الحواضرِ إلى القُبَلِ. القُبَلُ التدوينُ الأولُ للمقايضاتِ دراهمَ بدراهمَ، تنانيْنَ بتنانينَ. اْلتدوينُ بأصابعِ النُّسَّاخِ المسلوخةِ في القُبلِ الدولِ، والقُبلِ الممالكِ، والقُبلِ المُقَاطَعاتِ. أنا
من
سيبذلُ
العنايةَ
في
التدوينِ،
بسطورٍ من طيرانِ بطِّ البحرِ،
وهجراتِ عقاربِ البحرِ.
بَشرٌ لاجلودَ، بل حراشِفُ. بَشَرٌ في التدوينِ. كَعْكٌ غيرُ محلَّىً. عنايةُ القُبَلِ بالخساراتِ مدوَّنةً كسلوكِ الورقةِ الثالثةِ في زهرةِ اللُّبنى. لاحسمَ إلاَّ القُبلُ الصراخُ صِرْفاً. وأجزمُ أنني أعرفها؛ أعرف
ما
هُوَ
لي.
شبحٌ ككلِّ شبحٍ؛
وسيطُ الأشباحِ إلى الشجرةِ المهجورةِ بهمسةٍ خَلَبَتْ لُبَّ الغابة.
أنا الشبحُ في الفجر لم يبدأْ بَرْيَ أقلامهِ الرصاصِ ـ أقلامِ الغَسَقِ الطويلةِ، وفي يدي طالعُ ورقة الزيتونِ. لاقُبلةَ تتجرَّدُ من ذهولها إلاَّ بي. لاقُبلةَ قَبلي. لاقُبلةَ بعديَ. بالرقمِ العالَمِ، وحده، أبدِّلُ الصيرورةَ مضاعَفةً في القُبلِ. قد تخطئُ الحياةُ، عن طيْبِ خاطرٍ، نطقَ الكلمة من شفةِ القبلة مكرَّرةً على شفتيها. قد أُخطئُ النزوحَ بين السطور بحشد من نكبات السطور. أمرٌ مُحتَمَلٌ حين لاخائِنَ إلاَّ الأخضرُ، الذ ي بقُبلةٍ يتبرَّأ من أبيه اللونِ. لي جُرحُ القُبلةِ. ليَ جرحٌ من الطِّرازِ الماءِ، وأنتظرُ الغدرَ بتمامه من الفاكهةِ الوسيطةِ. أنتظرُ الغدرَ متأهِّباً تحت ورقةِ الإسبَانخِ. مَنْ يصحِّحْ عظةَ الغدرٍ يُصحِّحْ قُبلتي الثالثة، التي من جروحٍ تختمر في دنانها جروحُ كلِّ مكانٍ، ويتتبَّعْ مثلي خيطاً مَنْسولاً في دَرْزةِ الجنوبِ، إلى حيث الذهبُ منطوٍ على إثمهِ الأملِ، وعلى جرحهِ النداءِ. شبحٌ ككلِّ شبحٍ؛ وسيطُ الأشباح إلى الشجرة المهجورةِ، التي بهمسةٍ خَلَبتْ يقينَ الغابة.
وأنا الشبحُ، بإيمانِ الغبار وحده، أبدِّلُ الصيرورةَ مضاعفةً أمام إلهٍ يسهلُ غشُّهُ؛ إلهٍ سهلٍ كإتلافِ الزنبقةِ فكرتَها في حقلِ الأوركيد.
دَهْساً بالعَجَلِ يسوِّي الكمالُ القيامةَ بالأرضِ، حين قبلةٌ تسوِّي بأَعْجالها الزبدةِ قلوباً بالأرضِ. لاخوفَ بعد الآن وفي يدي النصلُ القُبلة أُثقِلهُ بالأقنعة الحديد غوْصاً حتى الكنوز المحترِقةِ في الأعماقِ. يومٌ وغْدٌ. نقاءٌ وغْدٌ في طريقي إلى العصيانِ. لكنْ لاخوفَ. لن يردعني اللقاءُ الوضيعُ بين الخيانة والنصر؛ لاالإلهُ الجوَّالةُ بأكياسِ الريحِ؛ لاالوئامُ المُفْتَعَلُ للظلالِ تحت شجيرات الباميا؛ لاارتباكُ الزجاجِ؛ لاوقاحةُ الأليف المُرتَبِكِ، أو وقاحةُ المراعي؛ لاإصغائي إلى تفسير الرمادِ، وشرحِ الجمرِ. اْلقُبلُ هنا، بعدَ سقوطِ الأعالي القِدْرِ من يدي الله. اْلقُبلُ والبَهاءُ الخائنُ. اْلقُبلُ وإطراءُ المضائِقِ للبحرِ. اْلقُبلُ والقربانُ الوسيطُ. القُبلُ والسمُّ القمريُّ. الأشباحُ، مثلي، يعثرون على الهواءِ محتبِساً في سَرْدِ مقتلةٍ. هواءٌ نادرٌ، مفترسٌ كالقبلة؛ كالفكاهةِ المفترسةِ. هي القُبلُ حركةُ الصباحِ الفذَّةُ، والكسلِ الفذِّ. سأندفعُ إلى أقصى شهقةٍ في الحروفِ كي ألمس قلبيَ الشبحَ ـ قلبَ الهجراتِ جُزافاً في المكانِ يختنقُ من مضْغِهِ قصبَ السُّكرِ. دعائي للمكانِ أن يختنقَ بسُكَّرٍ أو عويلٍ من حنجرةِ السِّيَرِ. اْلقُبلُ الدعاءُ عَرْضي على المكانِ الثديِ، والمكانِ الشفةِ. ماالبلاءُ
هذا؛
الشَّطأُ
نامياً
من
جذْر المفقود؟
الأشباحُ مثلي، على مناكب الطُّرقِ بصقورهم، يسألون المفقودَ عن نجومِ السهولِ، وكواكبِ الأوديةِ االقُبَلِ. قنصٌ هناك. اجتماعُ النهاياتِ نساءً يرفِّهْنَ عن الموتى برقصهُنَّ. لابلاءَ. أمْ بلاءٌ
هذا
الشَّطأُ
نامياً
من
جذور الكونِ المفقودِ، مُذْ كنَّا قُبَلَ الممكناتِ المفقودةِ؟ نجومٌ زنِخَةٌ كالبَيْضِ، وكواكبُ زَنِخَةٌ. أعالٍ تُطلى، الآن، بزفير الجمادِ الواشي: إنَّه تسويغُ البقاءِ يتجاهلهُ الإنسانُ؛ بل تسويغٌ يتجاهلهُ الفَرَضُ الإنسان، ويتجاهله الفلفلُ. دوافعُ بُنِّيَّةٌ للأشباح يرون القُبَلَ بُنِّيَّةً. دوافعهُم في الطُّرقِ؛ غاياتُ عظامِهم الرياحِ. هُم مثلي غارةٌ من أملِ التفاحِ على الحدائقِ بنزعةٍ كنزعةِ التُّوت، ويَحْسَبون أنها السِّلَعُ الأزمنةُ يتسوَّقونها من مداخل العَدَم. مثلي هُم، يجمعون بالمِدَمَّةِ تبنَ الفلكِ عن ساحات المعقولِ. قُبَلٌ بُنِّيَّةٌ. قُبلُهمُ بُنِّيةٌ. لايُقبِّلون. ويتقصَّونها أرباحَ المهجور موزَّعةً على الحياةِ وكَنَّاتِها. السمُّ القمريُّ. القُبلُ السمُّ القمريُّ. لاخوفَ. قُبَلٌ تُسعِّرُ النارَ في موقد الشكل بقضيبٍ ماءٍ. قُبلٌ هنا. والأشباحُ مثلي يقيمون الظلالَ ويُقعِدونَها كلَّما اشتدَّتِ المُضارباتُ على الشكوكِ الصُّغرى. هكذا يقيمون السكونَ المحرِّضَ ويُقعِدونه، لأنهم أقواسُ قزحٍ في الكؤوسِ، وأفكارٌ شرابٌ قَبْلَ القُبَلِ، وبعد القُبَلِ. شروطٌ مخفَّفةٌ شروطُ القُبلِ. شروطُ المجهولِ المخفَّفةُ شروطُ القُبلِ. وللقُبلِ مصادرُها في توثيق الحيلةِ. لاخوفَ. بثيابٍ مطليَّةٍ بشمع المغيب، وحذاءٍ مفضَّلٍ أبدأُ ماأبدأُه أبداً إذْ ينهضُ الغضبُ متناقضاً إلى سياقه، كأنه سَيَخْذُلُ أو سَيُخْذَلُ. لاخوفَ. هلاكٌ
منعشٌ
كلَّما
أُغميَ
على
الموتِ
من
شدَّةِ القُبلِ.
قُبَلٌ مِهَنٌ صغرى.
قُبلٌ غارقةٌ حتى آذانها في نباحِ الأكبادِ وَجَعاً رِضىً: مثليَ يعرفُ إنْ تبدأْ قُبلةٌ لن تنتهي. قُبلةٌ تستريحُ في حجْرِها الظلالُ أرانبَ. سأناديها القُبلَ كلَّها من البحرِ الغصنِ في شجرةِ المياهِ؛ القُبلَ الضامنةَ عودةَ الجسدِ إلى فكرتهِ. حسبتُ، مُذْ بلغتُ عمرَ الشبحِ، أنني نجوتُ منيَ؛ من رثاءِ القُبلِ الشاسعةِ أباطرةَ تخومها الموعوديْنَ. لم أنجُ. لكنْ لاخوفَ. قُبلٌ مراحلُ كأرُزٍّ هائجٍ بين الأسنانِ، أو كأسعارِ الألم مُخفَّضةً. ضغطُ الظلِّ على يَدي َ يُدمي. اْلنصلُ الذي أضع ثقلي عليه ـ ثِقَلَ الشفاهِ، في المواضعِ الرَّخْصة بين العظام، يغورُ بالقُبلِ أعمقَ. اْلشفاهُ
لاتخافُ،
بل
تخافُ
القُبَلُ.
زعْمٌ هذا.
قُبلٌ حقباتٌ لاتخافُ الشفاهَ.
قُبلٌ صريفٌ من أسنان القلبِ،
وزئيرٌ رضىً من حنجرتِه.
قُبلٌ ماجورةٌ لإقصاءِ الشفاهِ عن خيالِ الشفاهِ. يهذي مايُنْعِشُ. سأتتبَّعُ المُنعِشَ في الجسد إلى ضلال القُبلِ وضَرَرِها ـ ضررِ الأمينِ: إنَّها إدارةُ القُبلِ للشروحِ وافيةً قبل الجماعِ وبَعْدَه.
لَكَماتٌ تتبادلُها الحقائقُ،
والظلالُ تعجنُ الأبديةَ في معجن الشبح الغريبِ. سأناديها القُبلَ المُرشدةَ إلى معجنِ الغريبِ بصوتِ الأفرانِ. لاتخسرُ الشفاهُ إذْ تربحُ القُبلُ نفْسَها. أكيدٌ. لاتخسرُ القُبلُ إذْ تربحُ الشفاهُ أو تخسرُ الشفاهُ. اْلأشباحُ مثلي يرونَ ماتراهُ القُبلُ. نرى هؤلاء المطعونين في القُبل،
يرتِّبون الأحذيةَ، بأناةٍ، على رفوف الوجودِ،
وينسون، في الخروج إلى الحياةِ، أجسادَهم تحت الأسِرَّةِ.
مطعونون في القُبل،
منسكبون خلاًّ،
يردمون السماءَ الحُفَرَ، قبل النوم، للسَّيْر عليها بغيومٍ في الأرسان.
مطعونون في القُبلِ؛ نراهم مطعونيْنَ في أركان القُبلِ الشاسعةِ،
منثوريْنَ مشاغِلَ خيوطاً، وقلوباً مقصَّاتٍ،
ولهم سُخْفُ الكنوزِ في ترديد أقاصيصها.
صرخاتٌ تتبادلُها الحقائقُ تحت النقوشِ القُبلِ. اْلأشباحُ مثلي جاثمون عُراةً في النقوشِ، يتقرَّاهم، بأيدي الكسوفِ، هؤلاء النازحون إلى القُبلِ فوضىً، يائسين، تركوا خلفهم، في أجسادهم المهجورةِ، مفاتيحَهم إلى أجسادٍ أخرى. لم يعرفوا القُبلَ قَبْلاً. لن يعرفوا القُبلَ. لن يعرفوا قُبَلاً تعترف بهفواتها. لن يعرفوا قُبلاً لاتُصحِّح خطأَ قُبلٍ قَبْلها: صوابُ
القُبلِ
صوابُ
الأبدية.
خطأُ
القُبلِ
خطأُ الوقت.
همو النازحونَ بالشقاءِ الموحِّد إلى قُبلٍ تتلاعبُ بالأوزانِ في كَيْل اللَّذَّةِ. لامثاقيل معهم إلاَّ إرادةُ مايُرى. غزلانهم عَمِيَةٌ. بغالهم عَمِياتٌ. دجاجاتهم عَمْيَةٌ. آثارهم عَمِيَةٌ. وعَمِيَةٌ ألسنتُم إذْ يتذوَّقون غدَهم في فطائر الدخانِ. هادئونَ بَلْبَلةً.
مرتَجَلون.
مُهرَقون صِمْغاً،
ويطهون النبوءاتِ مَرَقاً في قُدورهم المثقوبة.
فيْضٌ سكونٌ. كفاءةُ السكونِ وحِذْقُه حول القُبلِ محصَّنةً بطواف الأشباح مثلي عراةً. أشباحٌ يقضمونَ نقوشَ الصور أنجزها الإنسانُ على رماد الرحلةِ. يكلِّمونَ القُبلَ عن هواجس الشفاه، وأوهامها؛ عن هواجسهم هُم أشباحاً يحتكرون أنساقَ الغواية، ومصانعَ مراياها، وأزرارِها. هكذا زعْمُنا للقُبلِ. إنْ صدَّقتنا القُبلُ تَرَ المنتحرين يزعمون، أبداً، أنهم نقاهةُ السمادِ، أو نقاهةُ الخريفِ. اْلمنتحرونَ في القُبلِ يرتِّبون أسِرَّتَهم بأناةٍ، ويدهنونَ أحذيتَهم العاليةَ الأعقاب بالشحم قبل الخروج إلى السُّفليِّ، لاعبيْنَ بالأفلاكِ رَكْلاً، يبتسمون للقوافل تنحدر من القُبلِ بأحمالها صوبَ شفقِ البروجِ. قوافلُ فَرَضٌ. منتحرون لن يأبهوا لعدْلِ الدمِ يتتبَّع بفطنةِ الأصول مجرى القُبل على الجسدِ. هُمْ منتحرون في القُبلِ،
ويبتسمون للقوافلِ بأحمالها من حنينِ الرمال.
لم يَفُتْهُم، أبداً، أن يرتِّبوا أسِرَّتَهم بأناةٍ؛
أنْ يدخنوا تبغَهم أخضرَ بأناةٍ؛
أنْ يرتجلوا أناشيدَهم على تخوم السَّبخاتِ بأناةٍ؛
أن يفاجئوا الموتَ بأناةٍ؛
أنْ ينسوا، بأناةٍ، أنهم منتحرون،
ذوو جيوبٍ في بطانات عباءاتهم القَمَريةِ،
وأطفالٍ لُمَعٍ تتراكض ضاحكةً في الرؤى.
قُبلٌ لامرئيةٌ تُرى على شفيرِ وجودهم. وهُمْ منتحرون؛
يعرفون ذلك،
ويتحيَّنون انتحاراً آخرَ
قَبْلَ أن تفوتهم مُهْلةُ الوعدِ بقبولهم منتحريْنَ، ثانيةً، في القُبل.
شفاهُ تُعارضُ الشفاهَ، لاالقُبَل.
قُبلٌ تُعارضُ القُبلَ، لاالشفاهَ. اْلأشباحُ مثلي يقتفون، بحرْصٍ، أثرَ الهربِ إليهم بالقُبلِ. لقد أعدَدْتُهم أثيراً جُرحاً بعد آخر لاقتفاءِ القُبلِ مجرَّبةً في المحنةِ. لاتهويلَ على أثرٍ باقتفاءِ الأمينِ فيهِ. ها آثارُ المدعوِّين إلى صُلْحٍ في القُبل كلُّها هنا.
هُمْ حذرونَ، لكنهم طباعُ التواريخ مستريحةً على سريرِ المُهرِّج.
هُمْ يُجدِّدون، قَبلَ المجيء، دهانَ أبوابهم،
ويلقِّنون الأقداحَ أن تتحاشى الردَّ على الإهانةِ.
هُمْ يُسرِّحون شعورَهم بالأمشاطِ القصبِ،
ويدَّهنون بزيت اللوز.
حركاتُهم كنشيج البَقْلةِ.
ثيابُهم كالثيابِ كلِّها.
عيونُهم كالطُّرُق.
ينقلون شفاههم بين الأقداحِ لايشربونَ، بل يزفرون في الأقداحِ، ويهمسون أن تتحاشى الردَّ على إهانةٍ.
هُمْ هُمْ.
مدعوُّون إلى صُلحٍ في القُبلِ، ولآثارهم، هنا، صريرٌ،
أو
سَقْسقاتُ حصىً
في
حواصلِ البطِّ.
قد يَصلون قَبْلَ العاصفةِ، أو بعدها.
قد يعجِّلون الصُّلحَ في القُبل، أو يؤخِّرون الصُّلحَ في القُبل.
قد يؤجِّلون كلَّ شيءٍ، لأنهم أساؤوا اختيارَ ثيابهمِ التي كالثياب كلِّها،
وأساؤوا اختيارَ حركاتٍ كنشيجِ البَقْلةِ،
وأساؤوا تدبيرَ عيونٍ كالطُّرُقِ،
ولم تتحاشَ أقداحُهمُ الردَّ على إهانةٍ، فأهانتْ شفاهَهم.
لا أدوارَ ترِثُها قُبلٌ عن قُبلٍ؛ لالهاثَ موحِّداً؛ لاعنادَ؛ لا أملَ من رِقَّةِ المعاني تتوارثُها قُبلٌ عن قُبل.
مثلي يعرف ذلك.
الأشباحُ مثلي يعرفون مُذْ أعاروا ثيابَهم إلى الرحَّالةِ في القُبَلِ. هُمْ معنيِّون أن نُعيرهم ثيابَ الغصنِ يشرِّعُ للشجرة أمومةَ ثمرتها. اْلمعادنُ معنيَّةٌ بهذا:
اْلقصديرُ قَبْلَ الذهبِ،
والرصاصُ قَبْلَ الفضةِ،
والتوتياءُ قبل النحاس.
اْلرَّحَّالةُ ممتنُّون، وقد جمعوا للرحيلِ همسَ أبوابهم في الصُّرَر،
ومنطقَ نوافذهم،
وأعذارَ العتباتِ،
وغَزَلَ السقوف.
حدائقُهم معهم مطويَّةً مناديلَ. معهم ولايةُ الحيرةِ، وتابعيَّةُ الأفقِ للأسفار.
شفاهُهم تتَّهم القُبلَ بخِذلانها.
تتَّهم القُبلُ شفاهَهم بخذلانها.
لايأبهونَ.
رحَّالةٌ لااختصاصَ للقُبلِ، في يقينهم، بتعريفِ خسارةٍ. للحروب خبرةُ القُبل، وبواعثُ القُبل، وسِيَرُها المأمونةُ، وإنصافُها في الحيلة ـ هذا زعمُهم، وينكرون نفيَ القُبل أنها تملك ماتملكه. اْلقُبلُ وأساطيرُها. اْلقُبلُ مشتعلةً، أو يصعد دخانُها. لايأبهون. رحَّالةٌ كتهديدٍ على حافةِ القُبلةِ بفضْحِ العنبِ؛ كزعمِ
الساقيةِ
متعرِّجةً
في
رسومِ الحقولِ. هُم قرارُ السهمِ الذي ليس كافياً في اعتقادِ القُبلِ،
وهُم أصواتُ الأبوابِ عاليةً تصطفقُ على الوساوس.
رحَّالةٌ في أيدهم ضررُ الأفقِ ومابعدَهُ،
مشرفونَ، من الأسفارِ، على عربدةِ الرماديِّ أسفلَ،
حيث المعاركُ السلالُ محمولةٌ على رؤوس النساء،
ملآى بثيابهنَّ، وبالقُبلِ مدرَّبةً على التلاعُبِ بالأوزانِ ـ الشّفاه.
رحَّالةٌ عَتَقيُّونَ يجمعون السماءَ القُمامةَ عن مساطِبِ الأسواقِ،
والقلوبَ المستعملةَ مراراً في هوىً مستعمَلٍ.
أنيقون قليلاً،
مفعمون بلَغَطِ الجسد في تعريفِ الشهواتِ،
مُذْ كوَّروا أيديهم على الهواء المُجْهَدِ، اللاَّهثِ من حمْلِ المعاركِ في صَفَنه.
رحَّالةٌ في القُبل بنقودٍ مثقوبةٍ، تُرى من ثقوبها الحرائقُ ناعمةً؛
وهُمْ خطأٌ محترِفٌ إنْ صُنِّفوا،
وبياضٌ يُستأجَرُ باهظاً بين سطورِ المقايَضاتِ بالأسفار.
مُنتخَبون،
عروجٌ في بدعةِ الوردِ ناطقاً بلسانِ القتلى.
يستأجرونَ النومَ لاذِعاً،
والكمالَ لاذعاً،
والبقاءَ لاذعاً على الطُّرقِ إلى منحدرات النهاية.
رحَّالةٌ، لن يلقوا بخداعِ القُبلِ جانباً،
مُذْ هُم رحَّالةٌ في القُبلِ:
هُمْ إن ألقوا بخداعها ألقوا بأنفسهم في الخُدعة.
كيف يُسوَّى المُعضِلُ، وأنا
أعرف
ماهُوَ
لي؟
اْلأشباحُ مثلي مستثارون من حسابٍ يُصفَّى بين الصرخةِ وأختها. مجرَّحون من حسابٍ يُصفَّى بين الرؤيا والكونِ المحترسِ من أثقالِ الرؤيا. لنا سفنٌ بأمراسٍ شُهُبٍ في المضائقِ لن ندخلها مستثاريْنَ، مجرَّحيْنَ. سفنٌ في القُبلِ مُذْ كانت القُبلُ. سفنٌ كصنائعِ المجهولِ في عُمْرانِ الأرواحِ، والرَّبابنةُ سلالةُ السباقِ الأقصرِ إلى مدافنِ المُمكناتِ. ربابنةُ السفن في القُبلِ يستعرضون الأرضَ مُقْتَبَسَةً من عبورِ الموتِ على رِمْثٍ من عظام الموتى المأجورينَ. ربابنةٌ يتخلَّى الحبرُ عن سجلِّهم، حاضرون حيث الفوارقُ حجريَّةٌ في أناشيد الخلجانِ، والشقاءُ مكتملٌ نِصاباً بأئمتِهِ الورعينَ. هُم متعادلون والجراحَ؛
متعادلونَ والقُبلَ الزئيرَ،
حتى التَّمامِ المتعادلِ بأنفاسٍ سُداسيَّةٍ في جمرِ الخُمْسِ.
ربابنةٌ كاعتراضِ الثمرِ على البستانِ؛
كمياهٍ هزليَّةٍ؛
كحروفٍ مسعورةٍ في السطر المهذَّبِ الحروفِ؛
كوقاحةٍ تُعْرَفُ من قُبلاتها؛
كغيومٍ غوغاءَ. ربابنةٌ
في
ثيابِ الملوكِ
الممزَّقةِ،
يتقنونَ سرقةَ البحرِ،
وانتحالَ حماسةِ الطُّرقِ فارغةً إلى البحر.
سُفننا هناك.
ربابنةُ سُفننا الذبائحُ معلَّقةً بشِنْكالِ النثر إلى السطورِ؛ الشهيقُ في فم الدخانِ المُنعشِ. قُبلهُم زفيرٌ من قياس الوجْدِ. قُبَلٌ على الثيابِ فوق الثُّدِيِّ وفوق العاناتِ. لاتصعَدُ أعلى، أو تنحَدِرُ أسفلَ. هكذا تُسْتَحَبُّ القُبلُ منهم. قُماشُ ثيابٍ بينها وبين اللحمِ كي يكبحَ اللحمُ شكواهُ في نَقْدِها. ربابنةُ سُفنُنا ربابنةُ الأليف منتقداً آباءه يطبعون قُبَلَهم حيث الثيابُ على الأجسادِ. اْلثيابُ هكذا تُسْتَحبُّ مطبوعةً بالقُبلِ خالصةً كأطوار الريبةِ المرحةِ. سُفنُنا
في
القُبلِ
مُذْ كانت القُبلُ.
وربابنةٌ غَرقٌ منشودٌ،
وتيهٌ مرتجىً في القُبلِ
مُذ كانتِ القُبل.
كيف لايُسوَّى المُعْضلُ، وأنا
أعرف
ماهُوَ
لي؟
سماءٌ بنتُ الأزقَّةِ الجبليةِ سماءُ الأشباح مثلي. اْلجبليَّاتُ النساءُ، بناتُ الأزقَّة السماوية مثلنا، نحن الأشباحَ، يجادلنَ القُبلَ طويلاً جدالَ الأجسادِ الجُمَلِ الناقصةِ، متوسِّلاتٍ إتمامَها ـ إتمامَ الأجسادِ الجُمَلِ ناقصةً في سطور القُبل. هُنَّ يتسوَّقْنَ جدالَهنَّ كتسوُّقهنَّ الأقمشةَ بدنانيرَ زُيَّفٍ، في الأسواقِ الزُّيُوفِ، من باعةٍ بقلوبٍ ذهب، مُذ تعوَّدن الوقوف، مائساتٍ كعقل الأرصفةِ، على كل ماءٍ يستطلعن شقاءَ الأثرِ يتتبَّعه الأشقياءُ إلى جدالهنَّ بأجسادٍ جُمَلٍ ناقصةٍ. وقوفُهنَّ طويلٌ أبداً.
جدالهنَّ طويلٌ،
لأنهنَّ يلتزمْنَ أنْ لاجسدَ يستقلُّ عن قُبلةٍ،
ويلتزمْنَ وعيدَ القُبلِ أنها لن تذعن للمجادلاتِ الذهبية،
ويتبنَّيْنَ القُبلَ تتبنَّى انتقامَها الأقسى ـ انتقامَ الأبديِّ.
قُبَلٌ عكسُ الصوتِ؛
عكسُ الوردِ؛
عكسُ الزُّرقةِ؛
عكسُ وساوِسِ التِّين؛
عكسُ الفواصلِ متماديةً في تعذيبِ الجُمَلِ الأجسادِ الناقصةِ. هُنَّ يرونَها القُبلَ هكذا؛ يؤيِّدنَها؛ يلتزمنَ مبالغاتِ القُبلِ في مواقف الأحوالِ، لأنهنَّ الجبليَّاتُ النساءُ، بناتُ الأزقَّة السماويةِ، اصطففْنَ في المُعضلة لايرتدعْنَ عن إضرامِها مُعضلةً أنقى بالقُبَلِ مُقسَّمةً أعشاراً على حلمات ثُديِّهنَّ. قُبلٌ نظيفةُ الأيدي،
لم تتلوَّث بسرقةٍ؛
نظيفةُ السلوكِ،
لم تتلوَّث بحماقةِ الثائر.
قُبلٌ تؤدِّبُ مالايُؤَدَّبُ. اْلجبليَّاتُ، بناتُ الأزقَّة النجميَّةِ، يوثِّقْنَ لامبالاةِ القُبلِ بالنهايةِ، ويبتدِعْنَ قُبَلاً مصافيَ للمهاراتِ الصغرى. مكافأةٌ
بالقُبلِ.
قِصاصٌ بالقُبلِ. إنَّهنَّ جِرْسُ اللونِ، وُجِدْنَ من قياسِ الزفير استثارةً قياساً حينَ يؤخَذْنَ. بل لايُؤْخَذْنَ إلاَّ بمناسِرِ الأرواحِ ومناقيرها حنطةً من بيْدرٍ قُبَلٍ. ساهراتٌ على الجزيةِ يستحصلُها الموتُ؛ على الرسومِ تُجبى لقاءَ النكبةِ. لكنْ مامن وجعٍ مُذ أوكَلْنَ قُبَلَ الفقر أن تترصَّدَ، في منعطفِ اللذةِ، قُبلَ الغنى. وأيَّدنَ،
بحقائقِ الجرحِ فيهنَّ،
كلَّ قُبلةٍ
لاتُلفتُ
انتباهَ
قُبلةٍ أخرى.
بناتُ الأزقَّةِ السماويةِ،
الجبليَّاتُ،
الأشباحُ مثلنا،
أكملْنَ لنا،
بأشبارِ المنطقِ من عقلِ الزيتونِ،
قياسَ السماءِ بنتِ الأزقَّةِ الجبلية.
زيتونٌ مَلَكيٌّ على مائدة الأشباحِ، في العَشاء الذي يلي مايُنْجَزُ ومالايُنْجَزُ. اْلصُّروحُ مائيَّةً تُنْجَزُ أو لاتُنْجَزُ. لن أُقْسِم طويلاً بمدَّخَراتِ النقوشِ ـ أسرارِها الغائرةِ النافرةِ كي أصدِّقَ أنني
أعرفُ
ماهُوَ
لي،
وأنا أُنقِّل نفْسي شراباً في الأباريق، وزيتوناً مَلَكيَّاً على الصحافِ بين المعماريَّةِ. لقد أنهوا آخرَ سورٍ حولَ الغَسق ببوَّاباتٍ لاعليَّ دخولُها بقلبي معي؛ لاعلى شبحٍ دخولُها بقلبٍ معهُ. هُمْ أذلُّوا الرقمَ برقمٍ مثله في الخطوطِ حافيةً تجوبُ ألواحَهم عماراتٍ من القُبلِ، وأبْهاءً عقولاً شُقْراً. لم تُرْفعِ السماءُ عاليةً، بَعْدُ، في ألواحهم. أنجزوها خطوطاً راكدةً، باقلامٍ ماءٍ، على الأثرِ الراكدِ للآلهةِ. هِيَ السماءُ قيْدُ أن تُرفعَ فوق الأثرِ. لاسماءَ بَعْدُ. اْلمعماريَّةُ يؤخِّرونَ النهارَ ساعةً كلَّما تأخَّرَ قلبي عن موعدهِ. منضبطونَ،
يضبطونَ
الوقتَ
على
ساعاتِ القُبَلِ،
كضبط قلبيَ الوقتَ
على ساعاتِ السطورِ المذعورةِ من أن تُنْسى عَمْداً في النَّسْخِ. اْلمعماريَّةُ الأنفاسُ من حجرِ العُمران الشبحيِّ، وراء البحيراتِ، أنجزوا قلبيَ أسواقاً؛ أنجزوه مَتاجِرَ في القُبلِ،
أقنيَةً؛
سُدوداً؛
معاصِرَ زيتٍ؛
طواحينَ؛
أفراناً رخاماً؛
سَكينةً كالأرواحِ؛
ملاعبَ؛
أكواخاً واضحةً في الرسومِ الطينِ؛
وقتاً بساحة مغلقةٍ؛
مداخلَ إلى القلاعِ المهجورة؛
قاعاتٍ تتقابل على جدرانها قلوبٌ أخرى، مختبئةٌ عميقاً في الرسومِ الأنفاس؛
جُسوراً بالأسلافِ على جنباتها صفوفاً زخارفَ. أنجزوه نوافيرَ معلَّقةً بين المجالسِ الرخامِ معلَّقةً؛
صروحاً مائيةً؛
حَلبَةً بغبارٍ مائيٍّ.
معماريَّةٌ، ليكُنْ قلبي بهم قويًّا في اتِّكاءِ الكلماتِ عليهِ. ليكُنْ صبوراً في لجوء المعاني إليه هاربةً من مجازرها. هاهُم بين أيدي الخُططِ صراعُ القُبلِ وبقاؤها. أوفياءُ للجرحِ لايؤجِّلُ موعداً؛ للعُمرانِ مصادفاتٍ قُبَلاً تتنفَّسُها الأفواهُ من الأفواهِ؛ للهندسةِ قُبلاً مُناقصاتٍ على بناءِ الرغبةِ برجاً، أو مساكنَ بأثاثِ الكُليِّ.
زيتونٌ ملكيٌّ على مائدة الأشباحِ مثلي. زيتٌ؛
رياحٌ دُمىً،
وخبزٌ راويةٌ على المائدة في اجتماع الأرواحِ الصامتِ. هُمْ يَرَون القُبلَ من نافذتَيْ شفتيَّ. اْلقُبلُ كلُّها على المائدةِ، في عشاءِ الأشباح ابتكروا هِجاءَ القضاةِ القضاةَ نَظْماً من شعوذةِ الثدي تحت الفمِ. تُرى القُبلةُ على الثدي من نافذةِ يديْ. هُم يَرَونها. اْلأشباحُ الرواةُ مايرويه الخبزُ يَرَون القُبلَ على المائدةِ، مرسليْنَ هجاءَ القضاةِ القضاةَ بأصواتٍ يُخرجونها من جيوبهم الملأى حرائقَ. لن أريهم أكثرَ ممَّا يرونَ. اْلقضاةُ هنا، يسمعون هجاءَ الأشباحِ نَظْماً من شعوذة البظر تحت اللسانِ. قضاةٌ بعد فواتِ الغضبِ أجازوا صَوْنَ النوم كي لايُسْتَنْفد، وأجازوا التعبَ مرْهماً يدلِّكُ به العالَمُ عضلةَ النهاية. صبورون كنشيدٍ معتكفٍ في خزْنةِ الصوتِ. قضاةٌ شروحٌ بيضاءُ على حواشي البياضِ. لم يعبروا الأرضَ خلسةً. صاخبيْنَ اجتاحوا الأبوابَ بمِدَكَّاتِ العَدْلِ، معهم ذعرٌ جديرٌ بالثقةِ؛
غبارٌ جديرٌ بالثقة؛
موحشٌ جديرٌ بالثقةِ؛
عماءٌ جديرٌ بالثقةِ؛
جليدٌ جديرٌ بالثقةِ؛
شروخٌ جديرةٌ بالثقةِ؛
هاويةٌ جديرةٌ بالثقةِ؛
جروحٌ جديرةٌ بالثقةِ؛
رمادٌ جديرٌ بالثقةِ؛
تماثيلُ جديرةٌ بالثقةِ؛
حرائقُ جديرةٌ بالثقةِ؛
أوديةٌ،
ورمالٌ،
ومسالخُ،
وموتى جديرون بالثقة.
قضاةٌ يرمون بنوى الزيتون المَلَكيِّ، بعد المضْغ، إلى القُبلِ حين ترمي القُبلُ بنفسها إلى جسدٍ، وتقلبُ المائدةَ على الحقائقِ. لقد صانوا الألمَ رأفةً بالألمِ، وهُمْ يزمعُون وصفَ الوجودِ أقلَّ طموحاً ممَّا يوصفُ: اْلوجودُ بعربةٍ واحدةٍ،
وجوادٍ واحدٍ،
ووجهةٍ لم تُحْسَم.
قضاةٌ مرهفون أملاً أنْ لايُخْدَشَ حياءُ المعاركِ؛
أنْ لاتُؤذى المعاركُ. غبارٌ
صريحُ النَّسَبِ على أكمامِ معاطفهم.
عظامُهم منمَّقةٌ،
ولهم عقلُ الأرصفةِ المتهدِّجُ.
قضاةٌ أمثالٌ متقطِّعةُ الأنفاسِ،
حمَّالو مصادفاتٍ كمتاعبِ القُبلِ الطويلةِ إذ يتبعونَ المَقْتلَةَ ذاتها ترتدي الحذاءَ ذاتَه في الخروج باكراً. وهُمْ لايحذرون رواجَ الثقةِ بهم مرَّةً، وكسادَها مرَّةً. قبعاتٌ قشٌّ على رؤوسهم في الخروجِ باكراً، كالمَقْتَلَةِ خارجةً باكراً، إلى تأويلِ الخيرِ برأيٍ كرأيِ النخيل، ورؤىً كرؤى السَّعَفِ. جوعى قليلاً. يتصفَّحون رقائقَ اللحمِ بألغازها مدوَّنةً عَصَباً عصباً، وأليافاً سُوَراً ممرَّغةً في سَجْعها القِرمزيِّ. وإنْ تجاهلوا قطُّ تجاهلوا سقوطَ
المصائرِ
عن
سِقالاتها
الفلكيَّةِ. قُضااااةٌ.
أصقيعٌ على أكتافِ الصِّوَر، في المرايا، أمْ دهاءُ القطرةِ منحدرةً من الكأسِ إلى صدر قميصي؟ اْلأشباحُ مثلي لايكترثون بفَتْقٍ في سُرَّةِ الكونِ أو تحت إبْطِ الوجودِ. خَدْشٌ قُبلٌ على شفاهنا؛ خدْشٌ على أيدينا ملأى بآثار الآلهةِ وبزور الجحيم. محظوظون بالغيبِ في نقاهتهِ الثانيةِ، وحُنوِّ الصرخةِ وحَدَبِها مُذْ كنَّا أشباحاً لايكترثون باللونِ جاثياً، في انهيار الحقائقِ، أمام الحيارى لايختارون اللونَ، ولايُخيِّرونهُ. المٌ رشيقٌ، راقصٌ، يدور معنا في القاعاتِ ـ مَرَاقصِ الغاضبين في القُبَلِ. هُمْ متحفِّزون لكنهم لايُراقِصون. كُدْسٌ من أناشيد الجوَّالةِ تحت آباطهم حُزُماً سنابلَ، ولأبصارهم صرامةُ الحريرِ. لم يعكِّروا على ريحٍ صَفْوَ لهوها. شهقاتٌ على وتيرتها من أفواههم. نَزْفٌ على وتيرتهِ. أُممٌ قُبلٌ حولهم، وعلى موائدهم خُططٌ لتقويضها. عبروا خِمَمَةَ القِدَمِ فارغةً من دجاجاتها في دخولهم مراقصَ المعاني المسكونةِ. إشاراتُهم واضحةٌ إلى السِّيَرِ في الدهليز إلى كنوز الموتى؛ إلى الحياةِ مُلفَّقةً تليقُ بالسِّيرِ الكبرى. غاضبون من المسير بين مدافنِ القُبلِ، والنجوم الناضجة والفجَّة، في الحضيض الأخير للكلماتِ. أنفاسُهم مساطِرُ كأنفاسِ العاشقةِ. لايجمعهم بالعاشقين غضبُ القُبلِ، بل إجلالُهم كمالَ المِقصَّاتِ مُذِ اكتُشِفتْ. غاضبون:
لامعاركُ
رابحةٌ
يخسرونها.
لايخسرون. اْلغضبُ في القُبلِِ.
اْلغاضبون في القُبلِ.
خَدْشُ الجَمالِ الوقحِ في القبلِ. اْلوقتُ
مترنِّحاً
في القُبلِ.
عويلُ الحيتان في القُبلِ.
أوديةٌ جداولُ من همهماتِ الحجرِ في القُبلِ. اْلغاضبون يجاورون مجاثمِ الطيرِ على تخومِ المعاركِ، مُصطحِبينَ بهلوانَهم ذا السَّاقيْنِ الرملِ ماشياً على حَبْلِ الأقاصيصِ. مصطحبيْنَ العاشقةَ
التي
فمُها
وعرٌ
كثدييها.
لن يراقصوا القُبلَ على تخوم المعاركِ. هُمْ في القُبلِ هديرُ الزبدةِ،
وهدير الزيت.
لربَّما أجازوا للشفاه اقتدارَها على القتل بالقُبلِ. أجازوا، قَبْلاً، ضلالَ الشفاهِ في القُبلِ. جنونٌ حَسَنُ المذاقِ. خوفٌ حَسَنُ المذاقِ، وجُبنةٌ حرِّيفةٌ على المائدةِ، بين القُبلِ. اْلأشباحُ مثلي لايكترثون مُذْ كانتِ الأيدي ملأى بآثار الآلهةِ وبزور الجحيم؛
بالعُرْفِ المعذِّبِ؛
بهزيم الخسارةِ في انفجارها؛
بالجُعَالةِ تقاضاها الرحيلُ من الراحلينَ؛
بالخيبةِ محترِفةً؛
بالمساءِ يتذلَّلُ للبحر؛
بنارٍ حسنةِ السُّمعةِ،
وانهيارٍ على الرَّحْبِ. الغاضبون يكترثون، مُذْ أفرغوا أيديهم من هذا كلِّه؛ مُذْ
هُمو
في القُبَل.
أآثارُ عضٍّ على جلديَ ـ جلدِ الشبحِ، أمْ على اللونِ في المرايا لايراني فيها إلاَّ المخذولونَ؟. هَبْني وضعتُ قلبي، على مضضٍ، في بقائيَ إيَّايَ نَفْسِيْ صوتاً، أو أعدتُها إلى مُنْتَجَعات الموتِ مرفَّهةً برياضةِ الفجر ركضاً بين المعاركِ، كي أُري المخذولينَ آثارَ عضٍّ، بعد ذا، على القُبلِ العُضالِ لم تَشْفَ من نفسِها. هَبْني فعلتُ مايفعلُ الدمُ نكْثاً بعهدهِ. وماذا؟. المخذولون يرونني في المرايا لافي القُبلِ. هُمْ
خُذِلوا
في القُبل؛
جُرِّدوا من ظلالِهم المكافِحَةِ؛
قُطِّروا في الأنابيق خيالاً لايُسْتأنَفُ؛
رُوِّعوا بالقُبلِ العُضالِ التي لن تشفى من نَفْسِها؛
طُووا؛
خُتموا بالشَّمع غَلْقاً؛
رُدِموا أثقالاً على أنفسهم؛
جُفِّفوا؛
مُزجوا بالزِّنْجَفر؛
طُلُوا طبقةً أولى من دِهانِ الصرخةِ تليها طبقةٌ من صراخِ الدِّهان. اْلمخذولون في القُبلِ كوفئوا بإنصافٍ لايُعوَّل عليه؛ بإنصافٍ خِذلانٍ لايُعوَّل عليهِ. أصواتٌ ناتئةٌ. أصواتٌ بمسامَّ حجريةٍ. مناوَشاتٌ عابرةٌ بين موتِ المجازرِ وموتِ المصادفات. استجمامُ النهايةِ وبناتِها في مصائفِ الغيبِ. اْلمخذولون على صوابٍ مُذْ كانت أعمارُهم على صوابٍ. هُمْ شقاءٌ على صوابٍ؛
شَغَبٌ على صوابٍ؛
أكاذيبُ على صوابٍ؛
رَكْلٌ على صوابٍ؛
حقدٌ على صوابٍ؛
كآبةٌ على صوابٍ؛
يأسٌ على صوابٍ؛
نَهْبٌ على صوابٍ؛
جرحٌ على صوابٍ؛
مأزقٌ على صوابٍ؛
هُدَامٌ على صوابٍ؛
غدراتٌ؛ مكاييلُ مائيَّةٌ؛ شقوقٌ؛ خيبةٌ على صوابٍ، وخسارةٌ على صوابٍ.
مخذولون في القُبَل بأرواحٍ مقشَّرةٍ حتى أَنصافها الطينِ. سيلحقون بنا، نحن الأشباحَ، هنا أو هناك، شقاءً مُسْتأْنَفَ الروعةِ؛ عَدَماً مُسْتأْنَفاً يُذيبُ الموتَ ليستحْصِلَهُ سَبْكاً أنقى. اْلقُبلُ تراهم من نوافذ أيدينا على الثُّدِيِّ. اْلقُبلِ تراهم في القُبلِ محتشدينَ على الطَّوْفِ معانيَ تتراخى بعد هياجٍ؛ تفاسيرَ مُدَّخَرةً من ضياعِ تفاسيرَ. لن يغرق الطَّوْفُ بهم في القُبلِ. سيحتشدون عليه أكثرَ، خِذْلاناً بعد خذلانٍ، طبقاتٍ بطانةً للسماءِ جلوداً. لربما عَمَدْنا، نحن الأشباحَ، إلى سَقْيهم طنينَ النبضةِ الأخيرةِ دواماً إلى الأخير الأخيرِ. لربَّما، وحديَ، أورثتُهم مجداً لايُعوَّل عليه،
وهزائمَ يُعوَّلُ عليها.
شفقةُ الندم على مأزقهم مُذْ حرَّرتْهم القُبلُ فأعارتْهم مخذولينَ إلى القُبلِ، أو صيَّرتْهم ملاجئَ الألمِ المُضطَهَدِ. وجوهٌ مصافيَ كوجوهِ الأشباحِ. بل هُمْ مايعوِّضُ به الموتى على الموتِ. حَوَارِيُّو الأصفرِ منتعشاً في الرسومِ كلِّها، وقهقهاتُ الورقةِ ممزَّقةً لمَّا يكتمِلْ تدوينٌ في وصفِها ورقةً. مخذولون
كتلكؤِ الماءِ
عن ترديدِ
توبتهِ؛
كتجسيمِ
القُبَلِ
نَحْتاً
في اللحم.
كلماتٌ أَبْدالٌ تُريح كلماتٍ أخرى مُنْهَكَةً. هكذا عرفتُها الكلماتِ مُذْ
عرفتُ
ما
هُوَ
لي.
هكذا الأشباحُ مثلي أراحوا أبدالَهم الأشباحَ المُنْهَكَةَ، وأراحوا العدَّائين بأَبْدالٍ في القُبَلِ عدَّائيْنَ بين اللذائذِ لاتُدحَضُ. هُمْ كانوا عدَّائين مُذْ كانتِ القُبلُ، مُدَلِّكِيْ أرواحٍ في حمَّاماتِ الأرقِ. ثأروا للظلالِ بكسْرِ عظامٍ كُسِرتْ قَبْلاً؛ بالنثر بلا فواصلَ. اسْتنفدوا عدَّ الأرقامِ سجينةً في الأرقام، وأزاحوا الوسائدَ الأكثرَ لِيْناً عن فراش المعاني. عدَّاؤون على الصفحاتِ اليمنى من رسائل الخائفِ. حزنُهم سائغٌ كلَّما ذُوِّبَ في قَدَحٍ من حزنٍ آخرَ. سينزلون من كآبةِ الشموع إلى الأرضِ منكفئةً على نفْسِها. هُمْ لايثْبُتون طويلاً في الكآبةِ الواحدةِ ـ كآبةِ النُّورِ. كافأتْهمُ الحيرةُ فعوَّضوا الطُّرُقَ خساراتِها، وعوَّضوا العابرين خسارةَ الطُّرقِ. وهُمْ مثلي يعرفون
ماهُوَ
لي،
ويُحْسِنون الظنَّ كثيراً، كالغريبِ، بالهاوية.
لاجدوى من تذكيرِ الصباحِ بفكرةِ الإنسانِ.
لاجدوى من تذكيرهِ بهم. عدَّاؤونَ،
استمالوا كلَّ شيء بعهودِ الجرحِ للجرحِ،
والقُبلةِ للقُبلةِ،
والفرارِ للفرارِ،
وأسكنوها إضافاتِهم مُقْحَمَةً بين سطورِ الجسدِ السبعة.
يحتالون للفسادِ البريءِ؛ للجليدِ البريءِ، لالشروطِ الرمانِ.
هُمْ والفاكهةُ على خلافٍ في الأقدارِ،
واتِّفاقٍ في السَّفْك.
هُمْ والرمانُ على خلافٍ في الإجلالِ الخاملِ،
واتِّفاقِ في التوبةِ. نباحٌ تحت الجلودِ. غيومٌ مسنَّنةٌ. فظاظاتٌ كَلَعِبِ الموتى، ونصائحُ قُدورٍ للنارِ. مُضاعَفَةٌ جلودُهم. دورتُهم عَدْواً من حولِ الإغماءاتِ موصوفةٌ. ينقِّحون الإغماءاتِ. يُذيِّلونَ متونَها العميقةَ بالحِكَمِ الحوافرِ بلا حدواتٍ، وبالنَّظْمِ تَعَباً يسترضي التعبَ. يستخفُّهم إذعانُ الزوايا للأقواسِ؛ إباءُ الصُّفْرِ؛ الأواني تُشترى بالحظوظِ مختومةً؛ كَبْحُ المغيب برسنِ البغل؛ مصالحُ التماثيلِ الجوَّالةِ. مسرورون بالعَتَبِ لايُراعى؛ بالزَّبدِ لايُنهي خلافَ بناتِهِ؛ بخدماتِ العبثِ مبذولةً لاتُحصى؛ بالبُعْدِ المتذمِّر؛ بالجوعِ متنكراً في قناعِ الشَّبَعِ يُؤكلُ بقِشرِهِ. مسروو
ووو
رونَ
باستلامِ الليلِ بريدَ الكونِ من السُّعاة.
هُمْ في القُبلِ. أعرفُ أنهم في القُبلِ لأني
أعرفُ
ما
هُوَ
لي.
عدَّاؤون بقفزاتِ العَدَم يتدرَّجُ بزوغاً من شرقِ الألم على غربهِ. حُفاةٌ في القُبلِ. يستظهرون أناشيدَهم من خنادقِ الصوتِ. إنْ نُودوا سُمِعوا من صَدِّ القُبلةِ القُبلةَ، حيثُ يُنكِرُ الظلامُ سوادَهُ، ويُنكِر الجمرُ رِدَّةَ الرمادِ. لكنهم لايُنادَونَ. لايُنادُونَ. عَدْوٌ بأقدامِ النهاياتِ تتراجعُ في المدائحِ. عَدْوٌ إخفاقٌ أبيضُ. عَدْوٌ فارقٌ دقيقٌ بين الضربة والصمتِ. عدَّاؤون، بكلابِ الهواء في مقاوِدها، من حول القُبلِ. هُمْ أقربُ إلى النهايةِ مترنِّحةً من ضربةِ البدايةِ؛ أقربُ إلى الحركة الصارمة للحجريِّ، ويقلِّدون مايقلِّده الماءُ عَدْواً بالقُبلِ تَتِمَّاتٍ لقُبلٍ قَبْلها. جَمَااالٌ
داكنٌ
كحبرِ
الرسومِ جَمَالُ عَدْوِهم إلى الحريقِ المُصْلِحِ ـ أبِ الحرائقِ المعتزلةِ لهيبَها.
جنَّبوا أنفسَهم حِصصاً ممَّا يوزِّع الفجرُ حِصصاً على خيامه، لأنهم دُنوُّ الذهبِ من الدمِ، وملاذُ السِّيَرِ. الجروحُ ملاذُ السِّيَرِ. جَنَّبوا أنفسهم شهرةَ السنبلةِ الأُمِّ. ذرفوا مديحاً من أعينهم. بسطوا رفوفَهم الصخرَ على مُنحدراتِ المعاني، وأخفوا المَخَاطِر دافئةً تحت الوسائدِ. رِخاخٌ تطرحُ ريشَها، أخيراً، على آثار أقدامهم غائرةً في القُبلِ. وهُمْ على عِنادهم عدَّاؤ
وو
وونَ
من أرواحِ الأسلافِ إلى رحمةِ النَّسَبِ اللَّقيطِ؛ من
وَلعِ
البعيدِ
بالبرقِ
إلى
صناديقِ الرعد مكدَّسةً على أرصفةِ السماءِ؛ من المعقولِ
إلى المرايا،
ومنَ
الوقتِ
إلى الوقت يسدُّون منه الشقوقَ باللَّحمِ مُقْتَطَعاً عضًّا.
هُمْ عدَّاؤونَ. أناشيدُ حصباءٌ وحناجرُ رملٌ. متَّزِنونَ معاركَ متراخيةً. ولاءٌ للسنبلةِ وولاءٌ للبَرَدِ. يُقْتَلون بالكرزِ رمياً إنْ يُقتَلوا. يُقتلون رمياً بالقمريِّ. لكنهم في عِنادِ المعقولِ متشبثاً، بَعْدُ، بالمعقولِ، على عنادهم عدَّائينَ بين ماءٍ يُعقَلُ وماءٍ لايُعْقلُ، موسوميْنَ بتقوى الأودية على الشفاهِ. بثيابهم ذاتها، الناصِلَةِ اللونِ تُرتَدى من قَدَرٍ إلى آخرَ، يكملون الدَّورةَ الضالَّة من أيام التقويمِ اهتداءً بالباطلِ يُفْرِغُ الليلَ، كقارورة الزيتِ، على جسدِ المُستحمِّ. هُمْ فِطنةُ الفحمِ؛
غفوةُ الفحمِ؛
روعتُهُ؛ ـ السماءُ مختصَرةً في بكاءٍ، والعاصفةُ مستلقيةً تحت رحمةِ القُبلِ. لامتاجِرَ تُقْفِلُ في رواقهم، لاعرباتٌ مخلَّعةٌ، في الساعاتِ المتخلِّعةِ من عبورها على الأجسادِ، تُقفِلُ رواقَهم إلى الحَلَبةِ. حصيلةَ العَدَم الثانيةَ كانوا مُذْ كانتِ القُبلُ؛ عدَّائين بكلاب الهواءِ في مقاوِدِها قُبلةً
قُبلةً
حتى
آخرِ
الكنوز.
أعرفُ ماهُوَ لي.
اْلأشباحُ مثلي مقتصِدون في مقاصِدهم الجبليةِ، كالعدَّائينَ بكلابِ الهواءِ. ليسوا ممَّن يستردُّونَ من الفجرِ ماخسِرهُ الأصيلُ. اْلغزاةُ يفعلونها. اْلغزاةُ في القُبلِ ـ النظراتُ مُضاعفةً إلى لاشيءَ. حُمْرٌ كصُداعٍ.
أغنياءٌ كأشرعةِ السفن.
خجلٌ كالبحريِّ.
أنهوا جَبْرَ الكسورِ في الظلالِ قَبْلَ المجيءِ غزاةً. أبراجٌ على العِجَال. اْلسلالمُ والأبراجُ. اْلمِدَكَّاتُ النواطحُ، والرحمةُ يائسةً من نفْسِها. اْلمحاريثُ الحجرُ، والمحاريثُ الماءُ: اْستَقْدموها تلك إلى المُنتَجَعاتِ مُتْرَفةً على جَنباتِ الجحيم، متنكِّبيْنَ كِناناتهم، وصباحاتِهم الفارغة كقشور الفستق ـ سيملأونها بدويِّ الصَّفعة الأولى على كَفَلِ الخالدِ. حظائرُ أَنْعامهم معهم. حظائرُ متجوِّلةٌ في مراعي الأقدارِ، وأفلاكٌ أجراسٌ في أعناقِ الثيرانِ. اْلنسورُ مستثارةٌ. حواصلُ فِراخِها مستثارةٌ في الوُكُناتِ: سيكثُرُ القتلى حولَ القُبلِ، والخنفساءُ ـ المراثي ذاتُها ستدحرجُ كُرةَ الروثِ ذاتَها. هُمْ
غزاةٌ
في
القُبل،
على الطُّرقِ إلى المناجم ينقِّبُ فيها الأشباحُ مثلي عن مصادفاتِ اليقين الصُّلبةِ. مستعمراتٌ براعمُ. رفوشٌ ماءٌ. سمادٌ. عشبٌ مقصِّرٌ عن إتمام رسائلهِ. صيامُ صقورٍ. فتورٌ قَمَريٌّ. نقائضُ مُسْتَلْهَمَةٌ من خيالِ بزرِ الخردلِ. كلُّ شيءٍ.
كلُّ لاشيءٍ.
حفْرٌ بالمَرِّ حول الجذور الأقسى للملهاة.
هوذا الميزابُ، والأصولُ سائلةٌ من حوضِ الهيولى قطرةً قطرةً على سُرَّة المومسِ. أسمعُها الأصولَ سائلةً تجري، وأعرفُ
ما
هُوَ
لي، لأني شَبحٌ، وأراها وثبةَ البغلِ مَرَحاً بأَحمالِ القيامةِ إلى الأشعارِ، كالغزاةِ يثِبون من الأبراج إلى الأعالي مهشَّمةً بالمجانيقِ دَكَّتْ معاقلَ الصِّورِ. ثغراتٌ في أسوار الصِّورِ لن يرمِّمها اللهُ ثانيةً. غيوبٌ بيضاءُ متكوِّمةٌ ذُعراً. لاآياتٌ. إنَّه انهيارُ السطور مُنتحِبةً،
وحرمانُ
اللونِ
من المغفرةِ. اْلغزاةُ الطَّيبون؛ غَزْلُ السُّكَّرِ على الأصابعِ، والخلاصُ بهندامٍ أثيرٍ، أو الرغوةُ تعلو الجَعَةَ، لايتراجعون. إلى جوارهمُ المحيطُ السيَّارُ، وموانئُ الريحِ، والعَلَفُ فائضاً في مذاودِ البطولةِ. لاتَغْدِرُ الحروفُ بالكلماتِ في ندائهم مُذْ هُمْ
في
اْلقُبَلِ العثاكيلِ تتدلَّى من القلوبِ النجميةِ. نحن الأشباحَ أجلسناهم في الطلاءِ الفضةِ على اللسانِ بعد القُبلِ الفضةِ، إلى جوار الأكواخ على السفوحِ منتعشةً بالآثار الأولى للخِذلانِ ـ أبِ المعقولِ. غزاةٌ معقولون في الخِذلان لايُقاوَم، كمثلنا الأشباحِ المعقولين بشفاهٍ تسألُها القُبَلُ صَفْحَها. لاآياتٌ: غَصَّةُ الماس، والقِرَدَةُ العناكبُ. اْلكهوفُ الأسبابُ. الزَّبدُ مرصَّعاً بالأنفاسِ، وإسهابُ الغزالةِ ركضاً في مرعى الصِّور. غزاةٌ ينتحلون القُبلةَ مُحرِّضةً على عودةِ الأساطيرِ. كثيرٌ عليهم أن تتخلَّى الكهوفُ عن الجبلِ؛ قليلٌ أن يتخلى الجبلُ عن الأزليِّ. اْلصِّورُ المرعى، والغزالةُ راكضةً. هاهُمْ:
لاقُبلَ
إلاَّ
في
القبلِ. وهُمْ في القُبلِ غُزاةٌ؛ أعرفهم
مُذْ
أعرفُ
ما
هُوَ
لي.
قُبلةٌ تُذَرْذِرُ شحوبَها على كل قلبٍ. لهمُ القبلةُ الشحوبُ. غزاةٌ شاحبون كارتباكِ العاشقةِ. بزور البَوْغِ الحجريِّ، ومرهمُ الناردين، والغياضُ التي ثلوجٌ. وهمو الهلعُ بطلاقةٍ، والحلماتُ الكلسيةُ في مغاور الحروفِ. مسرورون أن يكونوا مايكونون. اْلقُبلةُ الوشيعةُ ملتفَّةً بالجَمَالِ الوشيعةِ حيث هُم؛ حيث مَجْثَمُ الشبحِ مثلي وسط الطحين جَمَّعَهُ المشرَّدُ من مطابخ الجيوشِ الراحلةِ. قلوبٌ فضفاضةٌ قلوبُهم، وعساليجُ نائحةٌ من سخريةِ الزهرِ قلوبُهم في القُبلِ. ويعرفون،
مُذْ
عرفتُ
ما
هٌوَ
لي،
أنْ شرفُ القُبلةِ شرفُ الجسد.
هذا دأبُهم في التأكيد للقُبلِ العودةِ من أساطير الشفاهِ،
وللقُبلِ الأبوابِ موصدةً على خزائن العَدمِ،
وللقُبلِ المواعيدِ يبذلُها اللسانُ للسانِ،
وللقُبلِ السِّكَكِ تعبرُها القُبلُ على عِجالِ الشهوات.
غزاةٌ كالقراصنةِ الأشباح بنقودهم المسكوكة من غمامِ الخلجانِ؛ كإخوتهم في الساحاتِ الساخرةِ ملأى بالأشباحِ المأجورينَ. سينجزونَها الرسومَ معلَّقةً إلى القُبلِ؛ الرسومَ الساعاتِ بعقاربَ شفاهٍ.
سينجزونَها الأفرانَ،
والجهاتِ المزرَّرةَ،
والخسارةَ بإصرارٍ،
والبياضَ المأهولَ بمخلوقاتهِ،
قَبْلَ الوثبةِ، ثانيةً،
من أبراج الحروفِ
إلى أخدودِ الكلمات.
غزاةٌ في القُبل لاتتوانى عن تمزيقِ ثيابها.
شَرفُ
القبلةِ
شرفُ الجسدِ. نحن الأشباحَ شرفُ الكسور الرَّزينةِ، لانُصْلحُها. لانخونُ الكسورَ. اْلخَوَنةُ في القُبل قد يتردَّدونَ. ليسوا مثلنا مَكْرَ الحروفِ الأخيرة على حوافِ الكلماتِ. متردِّدون قليلاً. كُسُورٌ هُمْ ـ خَوَنةٌ في القُبلِ. رَشَاشٌ وحلٌ يتطاير تحت أعقابهم إذ يستأنفون مسيرَهم إلى مَصْهَرِ الشكلِ. سيذوبون في الحروفِ الثواني والكلماتِ السنينِ. لكنهم يرجعون كُسَوراً من تَرَفِ المعاني، خونةً
في
القُبلِ. شرفهُم شرفُ الأشباحِ مثلنا.
مسيرُهم مسيرُ الأشباح مثلنا، لكنْ بأجسادٍ تخطئُ العَدَّ. وللملحِ في طعامهم طبعُ الإهمال كالملحِ في طعامنا. نَقْدٌ قاسٍ نقْدُ الزجاجةِ فارغةً. قاسٍ نَقْدُ القِدْرِ الفارغةِ. ثلجٌ يلتمسُ الدفءَ من ثلجٍ إلى جوارهِ. غديرُ نجومٍ من القلبِ إلى الفمِ. تحذيرٌ من العافيةِ لايَخفى. نوافذُ تُخدعُ؛ أُخرى لاتُخْدعُ. اْلأصفرُ لايُخدعُ. ضَياعٌ حلوُ المَعْشر. محنةٌ حلوةُ المعشرِ. فراغٌ حلوُ المعشرِ. أساطيرُ في حساءٍ حامضٍ، وبياضٌ مسرفٌ في انفعالهِ. شقٌّ طويلٌ في عضلة النهارِ. رملٌ يُرَوِّي. حجرٌ بضروعٍ تُروِّي. انحرافٌ مَّا يوطِّدُ المتجانسَ نقيًّا ـ هذا زَعُمُ الخونةِ
في
القُبلِ،
مُذْ طوَّقوا مدنَ الكلماتِ بأَحياءِ الحروفِ الفقيرةِ. ذئبيَّةٌ يقظتُهم؛
ذئبيٌّ بَوْحُهُم.
يُرْسلونَها القُبلَ مقذوفةً بسهمِ اللسانِ من فمٍ إلى غزالةِ اللسانِ في فمٍ آخرَ. قُبَلُهم قَنْصٌ في الروابي الثُّديِّ، ونزهةٌ على الضفافِ السُّرَرِ. كلُّ شيءٍ أعزلُ قَبْلَ القُبَلِ؛ أجْردُ قَبْلَ القُبَلِ ـ ذا وصفُهم للأحوالِ. قُبَلٌ تأخذ الشفاهَ رهائنَ لن تُفتدى؛ رهائنَ حتى مذاقٍ آخر للحياةِ الرهينةِ. اْلقُبلُ الخادماتُ.
اْلقُبلُ الأسيجةُ؛
الشظايا؛
الدَّسمُ على الشفاهِ؛
اْلقُبلُ الإماءُ؛
المُنفلقةُ كجوزِ القطنِ. القُبلُ في الوقت الضائعِ، المُستهجنةُ سلوكَ أخواتها، اللواتي نأيْنَ بأنفسهنَّ عن عراكِ القُبلِ. خَوَنةٌ يأخذون القُبلَ العجلى، على عَجَلٍ، إلى حظوظها. هُمْ شرفُ النصرِ يُزدرى؛ شرفُ الجُسُور لم تُسْتكمَلْ. لاخوفَ منهُم. اْلخونةُ لايُخيفون. قُبلُهم ضيِّقةٌ على الشفاهِ، واسعةٌ على العاناتِ. مُذْ كانتِ الخيانةُ كانوا في القُبلِ. وهُمْ هناك، لم يغادروا ليعودوا. أنبياؤهم هناك. أسفارُ الآلهةِ محتضنةً تماثيلَها الغرقى. مسيرتُهم سنينَ في الصرخةِ الواحدةِ ـ الصرخةِ الرواقِ مُضاءً بوَدَكِ الأبِ الأولِ. اْلمجالسُ صاخبةٌ بمسيل الحكمة من أفواهِ النمورِ. تعاليمُ حسابٌ. عدٌّ على شفاهٍ تغيبُ إذْ تحضُرُ القُبلُ. عدٌّ على قُبلٍ تغيبُ إذْ تحضرُ الشفاهُ. اْلمجالسُ صاخبةٌ بالقُرَّاءِ بين الألواحِ؛ القرَّاءِ الربابنةِ فوق دقاقِلِ السُّفن في الأرخبيلاتِ: كلماتٌ غلمانٌ. جُمَلٌ حريمٌ. فوق ذلك، أو تحت ذلك. كلُّ ماشاكلَ الموتَ، أو شاكلَ غيرَهُ. اْلمجالسُ صاخبةٌ بنفْثِ الأبخرةِ من فوَّهاتِ الحروفِ، والسمومُ تُقطَّرُ، بأناةٍ، من مزْجِ الأمكنةِ بخلودِ أشباحها. اْلخَونةُ في
القُبلِ.
مجالسهُم
مجالسُ
القُبلِ. اْلخيانةُ
في القُبلِ. سِكَكُ المعجزة وأَنفاقُها. الأسواقُ والقوافلُ. اْلتعاليمُ شِفاهاً تلقيها قاطفاتُ الكمأِ على الأسماعِ بلسانِ المعجزةِ الباردِ. أهدابُ القُبل طويلةٌ في أجفان العاشقةِ، قصيرةٌ في أجفانِ العاشقِ. اْلخَونةُ يصنِّفون الأهدابَ جالسين على سِككِ المعجزةِ جنوباً، ويُحصون الموجَ الساعاتِ من عمر المياهِ. هادئونَ لاكالخَوَنَةِ.
جباهٌ عاليةٌ لاكالخونةِ.
ناعسونَ لاكالخونةِ.
أيدٍ في الجيوبِ لاكالخونةِ.
حفاةٌ لاكالخونةِ.
سُتراتٌ مزرَّرةٌ لاكالخونةِ.
أجسادٌ ومْضٌ لاكالخونةِ.
لكنهم
خَوَنةٌ
في
القُبلِ،
يتأنَّقون بمزاجٍ كمزاجِ النوافذ العاليةِ، أو بمزاجِ الجدرانِ. أصلَحوا حدائقَهم طويلاً. سقوا العشبَ حركةَ الهواءِ مذوَّبةً. صهروا الصباحاتِ؛ سَكُّوها أختاماً، ودراهمَ تتماوجُ نقوشُها من مناوشاتِ القُبلِ كلَّما انحدرتْ من السُّرَرِ إلى العاناتِ ملتمعةً بعافيةِ الظاهرِ. حليقون. وجوههم حليقةٌ. عاناتُهم حليقةٌ كعانةِ العاشقةِ حليقةً مُذْ خُلِقتْ بفرجٍ ملتمعٍ بعافيةِ الخالد. سُتَرُ الدخانِ بينهم وبين وجودهم نظيفةٌ. ضياؤهم نظيفٌ. قلقهم نظيفٌ. خياناتُهم نظيفةٌ. وسطورُهمُ المتعرِّجةُ في التدوين سطورٌ تتنهَّدُ باعتدالٍ. هُمْ محاسنُ اللاممكنِ، بل سلوكُ القلمِ. خُمسُ قُبلةٍ على الشفةِ؛ ستةُ أخماسٍ على اللسانِ؛ ثلثٌ على العنقِ؛ ثلثانِ بين الثديين؛ ربعٌ على الكتفِ؛ أربعةُ أسباعٍ على الحلمةِ. سلوكُ الحبرِ بالأجزاءِ في القلمِ. سلوكُ القلمِ. هُمْ سعداءٌ، لايُخيفون الخيانةَ. لايخيفون القُبلَ مذْ هُمْ فيها؛ في مكانٍ مَّا؛
في جرحٍ مَّا؛
في خفَّةِ اليقظةِ ونُضجِ النومِ؛
في محافل الخُططِ؛
في القتل مؤقَّتاً بآلةِ الخالدِ؛
في الخنقِ مؤقتاً بأطواقِ الخالدِ المعدنيةِ؛
في البنفسجيِّ الحرَّاثِ؛
في نقوش النقودِ يتداولها المذهولون؛
في المعاركِ مضبوطةً على ساعاتِ القتلى. خَوَنةٌ.
مامِنْ قيدٍ. وهُمْ
شرفُ
القُبلةِ
لم
تخذلْها شَفَةٌ.
أشباحٌ يقرعونَ قوسَ الصوتِ في الناقوسِ بجباههم. أشباحٌ مثلنا يلمحون وثبةَ اللهِ الناقصةَ من الدمِ إلى المعاني. اْلهزْليونَ بفوانيسهم المُطفأَةِ في المناراتِ يثِبون وثباتِهم الناقصةَ من الدمِ إلى المعاني. هُمْ يُزمعون، كالآلهةِ، تخطيطَ قُبلةٍ بخطوطٍ من ألوانِ البوحِ أو الذبحِ. لكنهم هزليونَ، جيرانُ الموتِ لايُعتَمَدُ عليه إلاَّ جريحاً أعمى. قُبَلُهم تغلي في الأنفاسِ معتَصَرةً بين الشفاهِ. قُبَلُهمُ مضحكةٌ كتحرُّشِ السواري بالبحرِ. أَنزلوا المكانَ خفقةً أسافلَ قلوبهم. أنزلوا قلوبَهم أسفلَ إلى غدهم يُعاشَر مغلولاً برذائلِ الطَّيُّونِ. جرحٌ وضيعُ المولِدِ. جرحٌ نبيلٌ. مضحكون بمراتبِ جراحهم ـ أخماساً جراحاً؛ أرباعاً قُبَلاً تتبادل سمومَها القَمريةَ. أضحكوا القلقَ الناسكَ،
والمُعضلةَ القياسَ،
والجيادَ متأمِّلةً حقولَ الإنسانِ أَنْبَتَها مخالبَ ذهباً خيالُ الصَّرعى.
تبغُهم يُدخَّنُ قَبْلَ المذبحةِ المضحكة،
ويُعْتَمَدُ قياسُهمُ الأزمنةَ بقُبَلِ العشيقات.
لايجرِّدون شيئاً من خصائصِ الشَيءِ إلاَّ أحلُّوهُ مَوْضِعاً في الصِّور مبذولةً تعاليمَ:
اْلصُّوَرُ في القُبلِ.
اْلصِّورُ الظنونُ في القُبلِ.
اْلصورُ الجموعُ هائجةً في القُبلِ.
اْلصِّورُ السِّيَرُ في القُبلِ.
اْلصِّورُ الأَحمالُ الحجريَّةُ،
والمساكنُ بسطوحٍ قرميدٍ في القُبلِ.
اْلصُّورُ البواباتُ تُهشَّمُ بالمِدَكِّ في القُبلِ.
اْلصُّورُ المحتجُّونَ على هيئاتِ أجسادهم في القُبلِ.
اْلصُّورُ الشكوكُ الألوانُ المائيةُ في القُبلِ.
اْلصُّورُ المسوَّداتُ يتشاتمُ بياضُها وسوادُها في القُبلِ.
اْلصورُ المنائرُ على آكام الشهوةِ في القُبلِ.
اْلصورُ الهجرةُ؛ الزرائبُ؛ الباعةُ على الأرصفةِ؛ الأفاويحُ؛ اللحومُ شتَّى في القُبلِ.
اْلصورُ أحواضُ السَّقيِ في القُبلِ.
اْلصورُ عناقُ العُراةِ في القُبلِ: اْلصِّورُ كلُّها
ممزَّقةٌ،
أُعيدُ
لَزْقُها عشواءَ في القُبل.
أَتعاليمُ خوخٍ، أَمْ قَرْصٌ بأناملِ القُبلِ على الأردافِ؟ اْلهزْليُّونَ
في
القُبلِ
بَشَراتٌ من حِيَلِ النُّورِ. خيالٌ ينزلقُ بجهاته على الأرضِ الطينِ. مهاراتٌ برتقاليةٌ. مهاراتٌ في صقْلِ المياهِ، أسفلَ البحرِ السُّفليِّ الأبِ. اْلرقَّةُ بإفراطٍ؛ بل إجماعُ الضفافِ على الهربِ. بناءً على ذا؛ بناءً على مقتضى الفجورِ يُرثى للسهلِ في دُعاباتهم؛ يُرثى للجبلِ. يتراجعون، إنْ أرادوا، عن فكاهاتهم كي يكافئوا وفاءَ القُبلةِ المعذِّبَ، وزفيرَها رغبةً. لكنهم محكومون بالثُّبوتِ
في
القُبلِ
هزليِّيْنَ،
أدلاَّءَ إلى مستعمراتِ الرغبةِ بطرُقها الضيقةِ. سيدَّعون أنَّ خبزَهم لايُسْبَرُ طعمُه، وأنَّ الوقتَ نزيلُ قُبلةٍ لن يغادرها، والغوايةَ رقمٌ، والظَّرفَ يتسوَّلُ من الإيمانِ المتسوِّلِ، والمآسي دوائرُ مشطورةٌ. ذِكْرٌ يَجمعون على نهجهِ رأيَ القُبلةِ وتخمينَها، وأبعادَها الستة. قُبلٌ مكسوَّةٌ بعشبٍ؛ بزئبرٍ حريرٍ؛ بفراء السلَّور؛ بالزغب؛ بالقماش مخطَّطاً أصفرَ؛ بالطلاءِ الرصاصِ؛ بالزفيرِ خافتاً؛ بالملاحم تُروى لمْساً للثُديِّ الرغواتِ تحت الشفاهِ. كَشْطُ
قِشدةٍ
عن
القُبلِ؛
كَشْطُ رغوتِها إذْ تفور.
مجدٌ لم يُمَسَّ. أَلَقٌ لم يُمسَّ. قُبلٌ لم تُمسَّ، تترعرعُ خِفيَةً، عمراً بعد آخرَ، بسمادِ الحقِّ. وابلٌ من سكونٍ. دمٌ شَكِسٌّ. تفاهمٌ سلسٌ كطعنةٍ. قُبلٌ بجذورٍ مديدةٍ من الأحشاءِ إلى الشفاهِ؛ بجذورٍ من الأصفانِ إلى الشفاه؛ بجذورٍ من البُظاراتِ وأنحائها إلى الشفاهِ: بناءً على ذا؛ بناءً على مُقتضى الفجور التَّرَاجم الأُمهاتِ، يُصْرِّفُ الهزليون فكاهاتهم تصريفَ المواعيدِ. لقد أفرغوا العربات من مؤنهم، واتَّكأوا بظهورهم إلى السوادِ متجرِّداً من أدبِ الليلِ، كي يهيِّئوا عشاءَ القوَّةِ ضاحكةً من مآدبِ الرُّسل ذاتِ الشحمِ المؤرِّخِ، والسماءِ الأزيزِ مقليَّةً في جِفانِ الهدايةِ الحديدِ. هاأراحوا الإثنينَ بغلافه الرقيقِ، والخَميسَ بغلافه المُقوَّى، بعد العشاء، فأقفلوهما طيًّا، وأراحوا الكلماتِ لاتُثْقِلُ على نفسها بالحروفِ المحظورةِ. تمدَّدوا في القُبلِ على سُحُبٍ جمعوها بالأقداحِ، وأسندوا رؤوسَهم إلى نعالهم المضيئةِ: وَضْعٌ يُسْتَحْسَنَ نقْلُهُ من شفةٍ إلى أخرى وضْعُ القُبلةِ. قُبلةٌ لاتُقْنِعُ.
قُبلةٌ بديلُ قُبلةٍ.
قُبلةٌ وفروعُها.
قُبلةٌ دخيلةٌ.
قُبلةٌ مفتاحُ قُبلةٍ.
قُبلةٌ ربَاطٌ وعقْدٌ ممزَّقٌ. أحوالٌ قُبلٌ إذْ يسندون رؤوسَهم إلى نعالهم، مستلقيْنَ قربَ نيرانِهم الأحوالِ سائرةً وصْفاً في الجسدِ، كبغاءِ الرعد سائراً بعاهراتهِ على تخوم الأرواحِ، في العرباتِ مجنَّحةً أو راجلاتٍ. قُبلٌ إسراءٌ من الأعقابِ حتى الجباهِ: اْلقَدَمُ حظُّ الأولى صُعُداً. قُبلةٌ على القدمِ ـ اْلقُبلةُ التبليغُ؛ المِقدارُ وافياً بغَرَضِ الرعشةِ. قُبلةٌ على الساقِ؛ على الرَّبْلةِ؛ على ظاهرها صُعُداً. قُبلة على الركبةِ موزَّعةً وجعاً مُقْنِعاً في طريقها طريقِ الفخذ. قُبلة على الفخذ؛ على مِنْعَةِ الخزائنِ ومقابضِ أبوابها. قُبلةٌ على الصوتِ، لصقَ العانةِ. قُبلٌ أعلى، رَشَاشٌ، متدفِّقةٌ من صِمَامها المكسور، على كلِّ جلْدٍ؛ أعلى، فوق العانةِ، في السَّرْحِ الأعظم للجذْعِ حيًّا بغرور اللَّحْمِ،
وطيشِ اللَّحمِ،
وتعاليم اللحمِ،
وأسفارِ اللحمِ،
وبطشِ اللحمِ،
وشفقةِ اللحمِ،
ووعيد اللحم،
ورِدَّةِ اللحمِ،
وغدْرِ اللحمِ،
وإيمانِ اللحمِ.
هزليون
في
القُبلِ
كالفكرة مختالةً بحلِيِّها الجِصِّ،
وكالطُرقِ تُقاضى إنْ أضلَّتِ السائرَ.
منفردون كاكتئاب الغصنِ منفرداً.
مجتمعون كاكتئاب الشجرِ مجتمعاً.
هُمْ هُمْ في القُبلِ: حركةُ الخُصى الراقيةُ. أضاحيْكُ قلبوا أسافلَ القُبَلِ أعاليَ نبْشاً عن الرياحِ العوانسِ، والحدائقِ المُعنَّساتِ، والأحوالِ المَعَانسِ. تمدَّدوا، إذْ رُهِقوا، على سُحُبٍ جمعوها بالأَقداحِ، وأسندوا رؤوسَهم إلى الوجعِ المُقْنِعِ. هزليونَ
يرفِّهونَ
عن
وجدانِ الأشباح.
إنها الأرضُ ضيِّقةٌ على أجسادِ الأشباحِ، فما السلالُ الصغيرةُ هذي في أيدينا، نحن الأشباحَ؟ ماالفؤوسُ الصغيرةُ هذهِ؟. صمتُ القفزةِ العنيفةِ ـ الصمتُ الضربةُ حَوِيُّ مجاثمنا على الضفافِ. ويكفينا مامعنا ـ الوجدانُ النبيذُ، والوجدانُ الجَعَةُ، والوجدانُ الشِّباكُ. لن نُخِلَّ بميثاق المرئيِّ مَكَثْنا فيه بهيئاتِنا العِبءِ العَذْبِ حتى أعمار الأشباحِ ـ أعمارنا. لسنا على غضبٍ يكفي تلخيصَ النشأةِ في عناقٍ غاضبٍ. نحن والغاضبونَ هِمَّةُ الكونِ عائماً على نشيجٍ، بل وجعُ القُبلةِ القصيرةِ. هُمْ يصدِّقونَ القُبلةَ الثانيةَ لاالأُولى. لذا، مُذْ كانتِ القُبلُ، كانوا
في
القُبل.
غاضبونَ يأخذونَ الشفاهَ بجرائرِ الشفاهِ، ويريدونَها اللذائذَ مشبوهةً. وحَّدوا القُبلَ بسخاءِ الجوعِ إليها. قبائلُ القُبلِ ـ الأشعارُ وأمَّهاتُها الشَّرائدُ. اْلقُبلُ الأبجدياتُ؛ الزفيرُ من ذروةِ الهياج في الرقم، والزفيرُ من ذروةِ الرقمِ هائجاً. وحَّدوا القُبلَ على مبدإٍ. أنَّقوها نظاماً من نجوى المتعارِضِ، وترخيماً إِغماءً، وجبايةً للحظوظ. أَلْزَموها: لاتوازنَ يختلُّ للشفاهِ إنْ قُبِّلتْ؛ لايختلُّ بُخْلُ الشَّبَعِ وبُخلُ الجوعِ. القُبلُ شتىَّ كانت، تستبِقُ جرائرَ الشفاهِ بجرائرِها. متناحرةً كانتْ ـ يزعمُ الغاضبون؛ تكتفي ببقائها معلَّقةً لم تُحْسم، وتُطوى على مالن تكونَهُ القُبلُ، متردِّدَةً في اللحاق بربَّاتِ الآجامِ. قُبَلاً بلبلةً من ثقةِ الوقتِ بخيارهِ كانتْ ـ يزعمُ الغاضبون؛ كانت حُكْماً مُرَجَّأً ربيبَ المعاني مرجَّأةً إلى حين تُستوفى بتمام خذلانها. قُبلٌ
تُستأذَن.
قُبلٌ لاتُستأذَن.
قُبلٌ رَتلُ الجنونِ، يدٌ في يدٍ.
قُبلٌ ثابتةٌ في مَنْطقها، لاتؤتَمَن.
قُبلٌ سلعٌ مائية.
قُبلٌ صِمامٌ يُغلَق.
قُبلٌ تُعنى بزياراتِ الرغبةِ،
وأخرى بشؤونِ اللسانِ؛
مُزبدةٌ؛
بأظافرَ ناعمةٍ؛
مؤنةٌ من مُؤَن الليل بطعمِ اللاَّقُبلِ ـ الحَشْوِ.
قُبَلٌ لااستثناءَ: دويٌّ نثرٌ يمزِّقُ قمصانَ الجنِّ فيها.
قُبلٌ كالمَحْوِـ
يزعمُ
الغاضبونَ؛
حُجُراتٌ شمسيَّةٌ حول مباني المفقودِ. نزفُها، القُبلُ، لايَرْقَأُ؛ نزفُ اللذائذِ فيها لايَرْقاُ. هُمْ وحَّدوها حروفاً ريفيَّةً في كلماتِ الأشباحِ ـ الأبجديةِ المَعَاصِرِ يتسرَّب زيتُها إلى الشفاه الممتنعةِ. لانريدُها القُبلَ حروفاً ريفيَّةً في كلماتِ الأشباحِ. اْلغاضبون استدركوا، كأجدادهم في المواخيرِ مزدحمةً باليقين. فوضىً أعادوا القُبلَ إلى نَزَقِ المرتفعاتِ بصفعةِ الظلِّ القويةِ. اْلقُبلُ لاتُصْفَعُ إلاَّ بالقُبلِ. هُمْ أساءوا خيارَهم. غاضبون أساءوا إقناعَ الشفاهِ العقَبةِ بين القلب والقُبلِ. أساءوا اللَّمسةَ الذئبيةَ. اْلمناديلُ متوحِّشةٌ في أيديهم يهدِّئون بتلويحها جرائرَ الفوضى مُذْ أعادوا القُبلَ فوضىً إلى غرورها، حُرَّةً. غاضبو
و
و
و
ووونَ
لايَعْرفون مَخْرَجاً.
حزموا متاعَهم ـ المتاعَ المُهانَ.
حزموا الأرضَ من حولهم مُنطبقةً أمتاراً على أمتار.
حزموا الهاويةَ الأعمقَ في الأساساتِ الأعمقِ تحت الأرض المُقْتَلَعةِ بجذورها.
حزموا السماءَ مقتَطَعةً، من فوقهم، ملاءاتٍ مطويَّةً بأطرافها المحترقة.
حزموا الأعالي، إلى منتهى عروشها المُفلَّعةِ، بمخابئها، ومخازنها، وزرائبها، ومداخنها، وميازيبها، وأسلابِها ـ الأرواحِ مُدَّهَنةً نُخالةً فوق صمغِ أثيرها.
رسموا النقوشَ بحجَرِ الخيَّاطين على القماشِ، ثم مزَّقوا القماشَ ابتهالاً بحريًّا للأجسادِ؛ ابتهالاً نهريًّا للأجسادِ؛ ابتهالاً جبليًّا للشروق يُسْتَدْعى قَبْلَ المغيب بقُبلةٍ.
أفرغوا أدراجَهم من الجنوبِ أولاً؛
من الجهة الجنوبِ وشمالها أولاً؛
من إرادةِ القوسِ،
ووفاءِ الزوايا،
والشفاهِ الأحواضِ لاستحمامِ القُبل.
محوا السطورَ الأولى من رقاعِ أمهَّاتهم خاطبْنَ بها الجمرَ الغوَّاصَ،
والغمامَ الغوَّاصَ،
والأَرَقَ الغوَّاصَ، عن حظوظِ القُبلِ أسوأَ فأسوأَ،
وحظوظِ الشفاهِ أسوأَ فأسوأَ،
وحظوظِ اللَّمسِ أسوأَ فأسوأَ؛
وعن سُموِّ الحَصَاةِ، وخُبرةِ السِّمسمِ.
محوا السطورَ الأولى من رسائلَ لن يتسلَّمها أحدٌ.
محوا آثارهُمْ هُمْ كلَّما تقدَّموا بمتاعهم محزوماً صوبَ الكثيبِ الأعظمِ، كأنَّما يموِّهون على الوجودِ آلاتِهِ المكسورةَ بضرباتِ الظلِّ. غاضبونَ هُمْ، يرونَ القُبلَ متدبِّرةً حراثةَ الجسدِ، ويسمعونَ تجديفَ العَضَلِ إذْ يرفعُ جسدٌ جسداً إلى آيةِ شهيقهِ. غاضبو
و
و
و
وونَ،
لايعرفون مَخْرَجاً.
سينتصرون للعارِ في سَرَّاءِ الخديعةِ وضرَّائها.
سينشرون الأشرعةَ في سرَّاءِ العاصفةِ وضرَّائها.
سيستنفدونَ كعكَهم في سراءِ الزيتِ وضرائهِ.
سيزيدُهمُ الحَنقُ حنقاً في سراءِ الشُّبهةِ وضرائها.
سيُدَلوُّنَ بأقدامهم من الجفافِ في سرَّاءِ المياهِ وضرَّائها.
سيسيرون على الحافَّاتِ كلِّها في سراءِ نجمةِ الفجرِ وضرائها.
سيَسُنُّون قلوبَهم شفراتٍ في سراءِ الذبحِ وضرائه.
سيكتمون عن القُبلِ دعاءَ الحلوى في سراءِ الشِّفاهِ وضرائها.
هُمْ أضافوا إلى حريقهم مُقْتَبَساتٍ من أصولِ الإنسانِ: اْلوجعُ يُقْتَبَسُ؛
اْلفضائحُ تُقْتَبسُ؛
اْلعمى يُقْتَبَسُ؛
اْلخطأُ يُقتبسُ؛
اْلضجرُ يُقتبسُ؛
اْلخسائرُ تُقتبسُ؛
اْلهياجُ يُقتبَسُ؛
اْلإهانةُ تُقتبسُ؛
اْلصرخةُ تُقتبسُ؛
اْلقتلُ يُقتَبسُ؛
اْلممالكُ تُقتبسُ؛
اْلسماءُ والقيامةُ تُقْتَبسانِ. الغاضبونَ ـ الشَّرفُ النظرةُ مُغلَّفةً بالسُّكَّرِ، غاضبـ
و
و
و
ونَ،
لايعرفونَ مَخْرَجاً.
لذا هُمْ، أبداً، من الجسدِ على وشْكٍ؛
من محاكاةِ القُبلِ على وشْكٍ؛
من نَسْخِ القُبل بالقُبلِ خطوطاً تواريخَ على وشْكٍ؛
من الأزرقِ الأُلْعوبةِ، والأبيضِ الأُلْعُبان على وشكٍ؛
من الأوثانِ نافدةَ الصَّبر في سباقاتها على وشْكٍ؛
من الناموسِ على وشكٍ. هُمْ
في
القُبلِ،
وقد يَنْسون.
سنُذكِّرهم، نحن الأشباحَ، كتذكيرِنا المخطوفيْنَ أنهم وحَّدوا الشِّفاهَ مرَّةً، وفرَّقوا القُبلَ. اْلمخطوفونَ ذكَّرْناهم، قَبْلاً، بالشفاه الموقوتةِ، واللحمِ الموقوتِ؛ بعُرْفِ الحَلَمةِ تحت الفم، وتقاليدِ الثَّديِ. ذكَّرْناهم بهِمِ في القُبلِ حماقاتٍ تفُكُّ الأحزمةَ بأناملها. خُطِفوا مُذْ كانتِ القُبلُ. خُطِفتْ جهاتُهم بتمامِ شِعابها؛ وسماؤهم خُطفتْ بتمام عَجَلها وأَطنابها، وموازينها، وأسوارِها السُّحُبِ الرياحِ. خُطفت بحارُهم بتمامِ معاقِلها الأساطيرِ. جبالُهم خُطفت بتمامِ منازل الآلهةِ. آلهتُهم خُطفتْ بتمامِ مواثيقها الحُمَّى، وتِرَسَتِها بالنقوشِ الدمِ، وأجراسها الطينِ، وطوفانها في رَسَنِ النمرِ. ثم أُعيدوا سَكَناً في القبلِ، مخطوفين، بتمامِ عماراتهم، وموانئ رياحهم؛ وتمام سمائهم بحدائقها الجوَّالةِ بين الأفلاكِ، وتمامِ طُرُقِهم القُبلِ بأعقابها العاليةِ، وتمامِ سطوحِ القُبَلِ ودواخِلِها الحُجُراتِ، وتمام خُبُراتِ الغامضِ وثِقتِه، فَسَنُّوا اللوعةَ ـ مُذْ تحصَّل المقامُ مكيناً ـ فوقَ الشبهاتِ. سَنُّوا حَذْفَ القُبلِ بعد إتمامها؛ سَنُّوا سَلْخَها عن الشفاهِ. وسَّعوا، في توطيدهم سُكْنى حقائقهم مخطوفيْنَ، سِكَكَ الأرواحِ، ومَتاجرَ الثواب والعقابِ. رمَّموا الخالدَ بالأرقام المخذولةِ. خَلْطٌ متجانسٌ
في القُبلِ
مُذْ
هُمْ
في
القُبلِ مخطوفين أسكنوا آلهتَهم، بعد أن رتَّبوا الوجودَ أنساقاً كولعِ الفراغِ بالأقداحِ، جرحَ العُمران الثاني ـ الجرحَ الخُططَ في العمرانِ. أعادوا إليها التِّرَسَةَ بالنقوشِ الدمويةِ،
والأجراسَ الطينَ،
والمواثيقَ الحُمَّى،
والطوفانَ في رَسَنِ النمرِ،
ولِحَاءَ الدَّبَّاغِيْنَ،
وعَصا الحسابِ،
والنَّشَاءَ قويًّا لِلَحْمِ الكسورِ المعدنِ في الكلماتِ.
أعادوا إليها مفاتيحَ أكواخها على مداخلِ الموصوفِ،
ولهجاتِ الألمِ الإحدى عشرةَ،
وانهيارَ القياسِ،
والزمنَ عالقاً في الشِّراكِ.
أعادوا إليها تحريفَ الأصلِ بتمامهِ،
ومكانةَ الغيبِ مُهَانةً،
وسِجلَّ الخرابِ المُعلِّم.
أعادوا
إليها
مَللَ
الإنسانِ؛
حَذَرَهُ،
وخيالَهُ،
وحِبرَهُ،
وأقدامَه الأربعين.
مخطوفونَ
في
القُبلِ،
جيرانُ أرواحٍ مؤجَّلةٍ لم يُعْثَرْ لها، بَعْدُ، على أجسادٍ؛ لم تُناسبْ مقاسَها أجسادٌ.
منصرفون إلى تبديل جراحهم بجراحٍ أقلَّ كَسَلاً، وتبديل قلوبهم بدفوفِ التطريز، وتبديلِ شكوكهم بآلاتِ تموزَ، وخيوطه وحَنُوطِهِ. يميلون، باعتقادٍ، إلى غَلَبةِ القُبلةِ الثانيةِ،
وخُيلاءِ الملحِ،
وتوحيدِ الحجريِّ،
وإضرابِ الظلالِ في الظهيرة.
لايناسبهم، بعد الآن، أن يكونوا الحروفَ تنسحبُ طوْعاً من الكلماتِ. بقاؤهم، حيث هُمْ، ثقةٌ تُحْتَمَلُ باللا مُحتَمَلِ. لزُّوا الأشياءَ إلى هُجُنِها في القُبلِ ـ تُحْذفُ أو تُلغى؛ تُحذفُ قبل إتمامها أو بعد إتمامها. وضعوا جلودهم إلى جوار قرابين الأرخبيلاتِ السُّفلى، متنفِّسين من اللَّحم مسلوخاً؛ متنفسين من رئةِ المكان الفَرَضِ مزدحماً بعماراتِ الإنسانِ. حنيناً حنيناً مزَّقوا أعضاءَهم ليستريحوا من قِيْلِ القُبَلِ وقالِها. أواني القُبلِ كثيرةٌ. أكياسُها كثيرةٌ. قُبلٌ تتجرَّعُها الشفاهُ من الألسنةِ. قُبَلٌ صِرْفةٌ أو مَزْجٌ. قُبلٌ حَجْزُ الزائلِ؛ أعاصيرُ مهدِّئةٌ. قُبلٌ لاتساوي نفْسَها وزناً. قُبلٌ فُرَصٌ مُنهَكةٌ تُنتَهزُ؛ أحمالٌ خفيفةٌ من أحمالِ المتاهةِ. قُبلٌ لامباليةٌ. قُبلٌ مُكمَّمةٌ كي لاتَعَضَّ. قُبلٌ كالفجر الكاذبِ،
كالظهيرةِ الكاذبةِ،
كالمغيبِ الكاذبِ،
كالليلِ الكاذبِ،
منتحِبةٌ على عتباتِ الكَذَبةِ. هُمْ فيها. هُمْ في القُبل مخطوفون، لكنهم يزيِّنون مجاثمَ أقدارهم فيها بنثْرٍ لم يُحْرَثْ،
وثقةٍ لم تُحْرثْ،
وشكوكٍ لم تُحْرث،
ومنيٍّ لم يُحرثْ. مخطو
و
و
و
و
فونَ من أعقابِ العَدَمِ ـ أعقابهم حتى خيالِ الأقداحِ بزجاجها المتزلِّفِ. لن يرفعوا عن خنادقهم شِباكَ الأشعارِ المموَّهةَ. شعراءٌ هُمْ بأقدامٍ مُرَيَّشةٍ، وقُبلٍ مختمِرةٍ على الشفاهِ. بواسِلُ فوَّضوا إلى التماثيل ذبحَ الأشباحِ من حناجر أسرارها، كلما عادتِ الأشباحُ إلى إضرابٍ في موانئِ الإنسانِ، ومضائقِ الإنسان، وخلجانِ تواريخه المُقفَلةِ. نحن الأشباحَ لنا زعمٌ في تدبير المخطوفينَ. لن نثنيَهم عن سرداب الظاهرِ دَهَّموه بخاطفيهم شَرِهيْنَ إلى خطْفٍ أكثرَ وَفْرةً؛ خطفٍ في القبلِ الشاسعةِ أو الضيِّقةِ. هُمْ
مخطو
و
و
و
فونَ،
سُعداءٌ مُذْ خُطِفوا.
سنُذكِّرُهم، أبداً، بالبسيط من شأننا ـ أننا لاحناجِرَ لأسرارنا. لاأسرارَ لنا. لايُذبحُ الأشباحُ. ذكَّرْنا أعْدَالَهم قَبْلاً، أؤلاءِ المهاجرين في القُبلِ، بالبسيط من شأنِ البسيط؛ بالبحارِ البسيطة بلا موجٍ؛ بلا جزائِرَ أو زبدٍ، ظاهرةَ الأعماقِ كسماءٍ أُفرِغتْ من وساوسِ الآلهةِ، ووساوسِ الإنسانِ. اْلهجراتُ تُستطابُ بسيطةً، بلا مؤنٍ أو أدِلاَّءٍ؛ بلا مَبيتٍ في مخابئ الكلماتِ تحت النجومِ الأسفارِ الخمسةِ. تُستطابُ الأرضُ بسيطةً ـ جهتيْنِ، بصباحٍ نصفٍ، وساعاتٍ مَخَادعَ. أرضٌ قفزتان؛ طَرْقةٌ واحدةٌ بالسَّبَّابة على ثديٍ يُسْترعى واجبُه الوحشيُّ كواجبِ الوردِ. روافدُ رقيقةٌ من نهر التيهِ بضفافٍ مرتعدةٍ. أَرَقٌ مُستطلِعٌ. ثالوثٌ مائيٌّ. مجاذيفُ متدليةٌ من جوانبِ القُبلِ القواربِ. بزرةٌ صادقةٌ، كاذبةٌ كأُختها. اْلإنسانُ مُلفَّقاً. روثٌ صادقٌ. ضرباتُ النظرِ الثقيلةُ. حدواتٌ حِرْزٌ في عِقْد الأنفاسِ. اللاشيءُ مُكْلِفاً كالشيءِ المُكْلِفِ. الأُرجوانيُّ استبداداً. اْستياءُ المحتومِ. اْلرِّقةُ لاتُطاقُ. كياسةُ الجفافِ، وأدبُ الخرابِ. اْلجفوَةُ السُّكَّريةُ. اْلعناقُ شائناً. عويلٌ غيرُ مقصودٍ.
لوعةٌ غيرُ مقصودةٍ.
لذةٌ غيرُ مقصودةٍ.
ثقةٌ غيرُ مقصودةٍ.
جمالٌ غيرُ مقصودٍ.
أرضٌ بسيطةٌ، هكذا ذكَّرْنا المهاجرين في القُبلِ. أرضٌ بأباطيلها المُنْجِدةِ، لَقْيةٌ على مُهْملاتِ النهار المُرابي، من الخريفِ المُرابي، في السَّنةِ المُرابيةِ. سُمعةٌ كصريرٍ؛ كاصطفاقِ البابِ. سُمعةٌ كصيفٍ. أرضٌ مِنْ قَالِ القُبلِ وقِيْلِها. شفاهٌ تهوي على القُبلِ رأساً على عَقبٍ. قُبلٌ تهوي على الشفاه رأساً على عَقبٍ. شفاهٌ تروِّجُ القُبلَ شاغرةً من خيالِ القُبل. قُبلٌ تُروِّجُ الشفاهَ شاغرةً من خيالِ الشفاهِ. قَتْلٌ مُقتَضَبٌ. والبسيطُ موفورٌ على أتمِّةِ جهاتٍ قفزةً واحدةً. مهاجرون
في
القُبلِ،
صُعُداً إلى هيئاتهم، يتوسَّلونها الهجراتِ بسيطةً بلا سَلْبٍ للمغفرةِ من مناقير الطيرِ؛ بلا نَخْلٍ للظلالِ في المناخلِ؛ بلا نِفاسٍ رملٍ، أو حَيْضٍ ريحٍ؛ بلا لمسٍ غير صحيحِ المنطقِ؛ بلا قُبلٍ ناضجةٍ قَبْلَ أوانها، أو شِفاهٍ ناضجةٍ قَبْلَ أوانها؛ بلا ازدهارِ الشمالِ جهاتٍ فروعاً مضاعَفَةً؛ بلا سَعْدِ الأزليِّ أو نَحْسِهِ؛ بلا نُزُلٍ في الطرقِ؛ بلا عيبٍ في تبرُّج الدقائق المليحةِ ـ غيرِ سِمانٍ أو عجافٍ؛ بلا عيبٍ في زيِّها ومشيها بأحذية الجَمالِ القديمةِ. هجراتٌ من رَقْشِ البرقِ، وثأرِ القُبلِ. مهاجرون عليهم سيماءُ البسيطِ مُطابقةً عَدْلَ البسيطِ في السِّيماءِ،
وارتباكَ البسيطِ،
وغدْرَ البسيطِ،
وبراثنَ البسيطِ،
وإثمَ البسيطِ.
هُمْ سقوا زهورَهم قَبْلَ قليلٍ. كمَّموا السُّحبَ على مداخلِ الحدائقِ كي لاتعضَّ إذْ يخرجون من الحدائقِ إلى أفقِ الرحيلِ. أفرغوا عظامهم من الرمادِ النِّقْيِ، وقلوبَهم من الأبراج يرصد منها الموتى الأحياءَ بعيونهمِ الزيتِ، ومن المراكبِ راسيةً في انتظار الحمَّاليْنَ. أفرغوا محاجرَ عيونهم من عيونهمِ الأخرى الكنزِ اللونِ، والأنفاقَ موصولةً بين التماثيل الأولى. أفرغوا رئاتهم من زوبعةِ الأنثى وإِعصارِ الذَّكَر؛ أفرغوها من الجُسورِ الأنفاسِ معلَّقةً فوق مَجْثَمِ الآلهةِ الصَّدْعِ؛ فوقَ العريقِ الهَلَعِ الأول. أفرغوا لحمَهُم من سُنَنِ العُنصرِ فصيحاً يتمهَّلُ في الشَّهواتِ: اجتهادٌ عَصَبٌ. تأويلٌ عِرْقٌ. شروحٌ من القِرمزِ اللِّيفِ. أفرَغوا لحمَهم من ممراتِ الدمِ البدعةِ. أفرغوا لحمَهم من رطانتهِ لحْماً كلَّما استنطقتْهُ الأحوالُ. أفرغوه من الدم مُرَيَّشاً؛ من همسِ الدم وآثارهِ. أفرغوا جلودهم من الكهوف البحريةِ؛ من الرِّقاعِ كُتِبتْ عليها الأعيادُ كَيًّا بالنارِ؛ من الزجاجِ مُعَشَّقاً، والساحاتِ مرتجَّةً اتَّرَكتِ الجموعُ عليها، من شِجار الرُّسُلِ، أطفالَها مذعوريْنَ، وأكياسَ رغائبها، ونظراتِها القشورَ، وبُندقَها مملَّحاً. أفرغوا جلودَهم من مواسم القِطافِ الأرضيِّ؛ من سَحَرةِ القطافِ في براري السماءِ؛ من السنين الكَلبيَّةِ، والأقمار الكلبيَّةِ، والميثَاقِ الكَلبيِّ، وأختامِ اليقينِ الكلبيةِ، والمكانِ الكلبيِّ. أفرغوها من أرقام الإنسان السبعةِ مقضومةً؛ من غضبه المُتلكِّئِ وخطواتهِ ـ خطواتِ المواعيدِ المخذولةِ، وحنينهِ موصوداً على الآثارِ رماديَّةً؛ من صِوره البُحرانِ؛ من حصونهِ ذائبةً بحجارتها القشدةِ؛ من ثعالبه في الأوجارِ على تخوم الكلماتِ. مهاجرون
في
اْلقُبلِ،
أتمُّوا تبريرَهم ذُلَّ الذهب بثرثراتِ الفضَّةِ، مُذْ هُمْ
تبريرٌ يُسْتَلْطَفُ
بمنطقِ القُبلةِ
تعاقَبتْ عليها
سرايا من الشفاه.
مهاجرون
في
القُبلةِ
المُنْهَكَةِ تعاقبتْ عليها سرايا من الشفاه المُنهَكةِ. كُتُبيُّون ينزفون ورقاً من جراحِ الكلماتِ. حُوصروا في الكلماتِ لايهتدي بها طريقٌ إلى جهةٍ. هجراتُهم تُستطابُ هكذا، حصاراً بسيطاً من إلهات المواقدِ، وأرفُفِ الوجودِ المائلةِ، وخزائنِ الثياب مغلقةً على الملكاتِ. ذُكِّروا قبلاً ـ ذكَّرْناهم نحن الأشباح ـ بالبسيطِ من قِيْلِ القُبلِ وقالِها؛ بالجبالِ بسيطةً تُسْتَجلى بتمام مسالكها على حدقاتِ الحَجَلِ؛ بالسماءِ بسيطةً بلا أفرانٍ؛ بلا قُبلٍ تتفقّدُ القُبَلَ الجريحةَ؛ بلا طهوٍ كطهوِ الأشباحِ، أو شرابٍ كشرابهم؛ بلا منتصريْنَ؛ بلا شعوبٍ تُستَنسخُ على رُقوقِ الأعالي؛ بلا عجينٍ لهبٍ يُخْتَبَزُ محلَّىً؛ بلا تحريفٍ للأصلِ المفقودِ. بالبسيطِ الأكثرِ غَلَبَةً؛
بارتباكِ البسيطِ،
وغدر البسيطِ،
وجَشعِ البسيطِ،
ولذائذِ البسيطِ،
وخنوعِ البسيطِ،
ورذائلِ البسيطِ،
وإثمهِ المُنْشَرحِ، وخَتْمهِ يذيِّلون العقدَ ذاتَهُ في القُبلِ ـ هجراتٍ بلا دَنَسٍ إلى أقاصي الشفاهِ منابعِ كلِّ نهرٍ، وأداني الشفاهِ منابع البحيرات. حَمْدُهمُ المحاريثَ لن يُسْتَنْفَدَ؛ موصولٌ قُبلاً تنوبُ عن قُبلٍ؛ قُبلاً تنوبُ عن أخواتِها إن تأخرتْ أَخواتُها، ويُغيظهم أن تسترجع شفَةٌ قُبلتَها. مهاجرو
وو
وونَ،
يُضيئونَ القُبلةَ المُستحيةَ بعودِ ثِقابٍ.
لسنا، نحن الأشباحَ، على هجرةٍ، لأننا هناك، في الذي هُجراتٌ، على نَفَسٍ منهم أولاءِ المهاجرين في القُبلِ؛ على قياسٍ حريقٍ منهم بالأشبارِ. اْلمقامرون يجاوروننا. مقامرون
مثلهم
في
القُبل، مَدِيْنيْنَ للأشياء كلِّها يقترضون من المكانِ زفراتهِ الأُنثويةَ، ومن المجدِ أزقَّتَهُ مُفلَّعةً. قامروا، طويلاً، بالطيورِ جواثمَ وقواطعَ، ذواتِ أقدامٍ أغشيةٍ أو مخالبَ، من مفازات أقاليم البحر إلى أعالي الجبالِ الجليدِ. قامروا ببيوضها، وفِراخِها، وأعشاشها المعلَّقةِ والرَّاقدة.
قامروا بالأسماءِ مسبوكةً من مباذِلِ السمعِ وصْفاً، ومباذلِ النظرِ وصْفاً، ومباذِلِ الخيالِ اقتداءً باللاموصوفِ.
قامروا بالأسماءِ الحَمْدِ على مالايدوم، والأسماءِ الخوفِ، والأسماءِ النبوءاتِ في تقديرِ القوَّةِ لمراتِبها، والأسماءِ السَّعْدِ حتى النَّدمِ.
قامروا بالعاشقين الصرعى يدخلونَ الكلماتِ ولايخرجون.
قامروا بالعاشقاتِ مُصَرَّعاتٍ يخرجن من الكلماتِ فلا يؤُبْنَ إليها. قامروا بثيابهنَّ مرفرفةً في رياحِ الحروف؛ بمساحيقهنَّ تدبَّرتْها ساحراتُ الطَّحْنِ في الأجرانِ الزجاجِ؛ بعطورهنَّ الوساوسِ يُغمى عليها؛ بقباقيبهنَّ يُلْفِتْنَ بوقْعِها أنظارَ الحلوى.
قامروا بالمقابرِ معزولةً في أركانِ الغيهبِ، أو بساتين الساحاتِ في الأسواقِ.
قامروا بحجارتِها المتوسِّلةِ رأفةً بنقوشِ الأرواحِ؛ بالأَنصابِ الأخاديعِ فيها رجاءَ استدراج اللهِ إلى خُدعته؛ بالتصاميمِ المُعضلاتِ ـ نفاقِ الهندسةِ؛ بجهاتِ رؤوسِ الموتى، وجِهاتِ أقدامهم. قامروا بالعظامِ متناسقةً في أكفانِ الخيرِ بلا دَرْزٍ، وأكفانِ الشَّرِّ الرسومِ المُغتلمةِ. قامروا ببقايا همسِ الموتى مُبعثراً في القبور كالأبديَّةِ مُبعثَرةً وَصْفاً.
قامروا بالحدائقِ ضالعةً في المَقْتَلاتِ بأخاديعِ الشجرِ،
وسمومِ الظلالِ،
ووشاياتِ الزَّهرِ،
وتلفيقِ الممراتِ مداخلَ إلى الحَسَدِ،
وتشكيكِ المقاعدِ في ولاءِ المقاعد.
قامروا بالماءِ في الحدائقِ جارياً جداولَ مزوَّقةً كالرسومِ على الأصفان.
قامروا بالطُّرقِ مؤرَّقةً من مجدِ الضِّيْقِ ومجدِ السِّعَةِ؛ مؤرَّقةً من أحمالِ الجيوشِ طحيناً في أكياسِ الغضبِ، ومخاوفَ من ألاَّ يثقَ الموتُ، مرَّةً، بالحياةِ.
قامروا بها طُرُقاً من كناياتِ الحريرِ الصاخبةِ، ومن تورياتِ الحروبِ، متعرِّجَةً في الوصف متعرِّجاً، تتنفَّسُ من غلاصمِ محنتِها ـ محنةِ استعبادها طُرُقاً في النشأةِ. قامروا بها؛ برفاهتها استدارةً من حول الشاهقِ؛ بحوافها الحذرةِ ممَّا يحْذَرُ الإنسانُ؛ باستقاماتها الواضحةِ ممتدَّةً من قلوبِ القاهريْنَ إلى قلوبِ المقهوريْنَ؛ بالعلاماتِ الرَّقْنِ على مفارقها مُرشدةً، باستلطافٍ، إلى جيرانِ الجحيمِ وخاناتهم.
قامروا بالمعابد في الأغوارِ الصخرِ، والأغوارِ الرمال؛ على كلِّ مُنْحَدَرٍ حِرْزٍ من دَهْمِ الآلهةِ السرَّاقين، أو ماشيَّدَ الخفيُّ تحت ورق الموز.
قامروا بالإيمانِ معلَّقاً من رِئتيهِ، وسط شمعدانات المعابدِ الثُّريَّا معلَّقةً إلى سقوفِ الفردوسِ الرسومِ. قامروا بأبوابها المداخلِ إلى المجهولِ الناضج على شجرَتِهِ كسفرجَلَةٍ؛ بشمعداناتها، وثُريَّاها مضاءةً بزفير الشَّحِم وشهيقهِ؛ بشموخ الأعمدةِ اللامُجدي؛ بالأعمدةِ تتذمَّرُ تيجانُها من حَمْلِ السقوفِ؛ بسقوفِها متقوِّسةً من حَمْلِ مكائِدِ الملائكِ فيها؛ بمهمَّاتِ الملائكِ موزَّعةً على أحقادِ الفردوسِ وبركاتِ الجحيمِ.
قامروا بالأساطير جَمَّعتْ، أخيراً، أجسادَ المهزومينَ المنتصرةَ بقلوبهم المهزومةِ. قامروا بحقائقها النواعيرِ على الأنهارِ كلِّها؛ بالأجسادِ فيها أنصافاً شتىًّ ـ بشراً آلهةً من منطقِ النباتِ ونظْمِهِ الأناشيدِ. قامروا بالآلهة فيها حيارى لايمحضُها شكلٌ ثقةَ الشكلِ، مرقَّمةَ التَّرقواتِ كي تُستردَّ إنْ ضُيِّعَتْ. قامروا بالآلهةِ فيها نَسَتْ أن تردَّ إلى الإنسانِ ماأعارها الإنسانُ؛ بمتاعِ الآلهةِ: اْلمرايا.
الخوفُ.
الشطرنجُ بلا نرْدٍ،
والأصباغُ.
الأختامُ.
القواريرُ المكسورةُ.
الجلودُ مدبوغةً بأقماعِ البلُّوطِ.
الكُوْسُ.
المكعَّباتُ.
الأقلامُ الحرائقُ.
المأثوراتُ مجرَّدَةً،
والأنساقُ حيثُ تعطيلُ الأنساقِ،
والأعاصيرُ الخُنثى.
اْلقلوبُ فاغرةً كالأفواهِ الفاغرةِ.
الريحُ بعِناديْنِ،
والأكيدُ مُترجرجاً.
حركةُ الخُصى الرَّاقيةُ مترجرجةً كَغَبَبِ الديك.
الأحواضُ يشربُ منها الموتى نفوسَهم المائيةَ.
الحرائقُ بأقدامٍ ماءٍ.
الأيامُ مختونةً،
والسروجُ بلا ركائبَ،
والأنوالُ السُّحُبُ،
والمُطْلقُ كصِباغٍ ينحلُّ عن أظافرِ العانس.
قامروا بالجوعِ والشَّبعِ متجاوريْنِ خلفَ أبيهما الوقتِ، مبتسميْنِ استنفدا النبيذَ المُزَّ فالمحلَّى.
قامروا بالألم أنيقاً، معافى بحكمتهِ الأنيقة. قامروا بمقاعده في مَجَالِسِ الكَرَمِ الكبرى؛ ببناتهِ المدَّهِناتِ بزيتٍ من بزر النعناع؛ بمصاحفهِ على المَقَارِئِ مفتوحةً تتخاطفُ سطورُها السطورَ فالبياضَ القارئَ فالعابريْنَ إلى يأسهم. قامروا بمواثيق الألم، وأحكامه ـ أحكامِ الصُّلحِ المُلْزِمِ، وسبائكه المصهورةِ، ومخازنِ ضروراتهِ، وسِقالاته يصعدها النحَّاتون إلى أحجار الحُمَّى، ومَرابِطِ دوابِّهِ، وكؤوسهِ الصلصالِ توارثَها مجدٌ عن مجدٍ، ومعاجنهِ البياضِ، وحظوظِهِ ـ حظوظِ الغالبِ. قامروا بألمِ الألمِ المهذَّبِ؛ ببساتينِ وجدانه حيث يصعد الكلِّيُّ إلى شجرة الميموزا بخُفَّيْنِ رمليَّيْنِ.
قامروا بالأناشيدِ لم يُعَدَّلْ قَسَمُ الصوتِ فيها منذ الحنجرةِ الأولى، واللسانِ الأولِ.
قامروا بخلائق الصوتِ فيها جسوماً مَزْجاً بالتدبير الصارمِ للخطأِ القياسِ؛ جسوماً آلهةً وتماثيلَ، بغايا ونَبَّالةً، حيواناتٍ وأقزاماً ـ كلماتٍ. قامروا بمديحِ الصورِ فيها للوجودِ البطولةِ، والخُسْرانِ البطولةِ؛ بعزْمِ الوقتِ على تسديدِ الدَّيْنِ؛ بالأشعارِ فيها من عزْمِ أكاليلِ الغارِ على تقويضِ أكاليلِ الزيتونِ؛ بالمدائحِ تتشمَّمُ ككلابِ الكمأِ الكلماتِ بلا جذورٍ؛ بالمراثي متنقلَّةً بببَّغاءاتها، وسلالمها، وانينها المُنعِشِ بين حاناتِ الفجرِ. قامروا بالأوجاعِ العنبيَّةِ في الأناشيدِ؛ بالزياراتِ القُبلِ فيها؛ بالزياراتِ في القُبلِ؛ بزياراتِ الجرحِ الواحد متكرِّرَةً في الأناشيدِ. قامروا بأسنانِ الأسلافِ الذهبيةِ مُطبِقةً على عرناسِ الذُّرةِ في الأناشيدِ؛ بالعصورِ الطليقةِ فيها؛ بالأقنانِ الأسيادِ؛ بالأيدي مقطوعةً من المعاصم كي تُنْتَشَلَ أساورُها. قامروا بالصوتِ في الأناشيدِ مقسَّماً حَطَباً لمواقد الوجدانِ؛ أوقاتاً مغرورقةَ الأعيُنِ؛ فراغاً يَدْمعُ. قامروا بالشرابِ الصوتِ؛ بالصوتِ يُسكبُ صبًّا بالإبريقِ، أو يُغْرَفُ؛ بالمساطبِِ فيه حيث تعرُضُ الكلماتُ متاعَ الشِّرَى، أو تتعارك الحروفُ بالوسائدِ الطينِ. قامروا بالأناشيدِ تخنقُ الحناجرَ بجُرعاتِ نسيانها.
قامروا بالأرواحِ مُتنَصِّتةً بآذانها الكبيرة على المفقودِ في الجهةِ الأخرى ـ جهةِ الثالوث المائيةِ.
قامروا ببوحِ الأرواحِ لايَصلُ؛ بشِفَافاتها القياسِ بالقُبلِ عالةً على الشفاهِ؛ بمجاثمها كمجاثم الأشباحِ تحت أنقاضِ السفنِ معلَّقةً؛ بأنصافها الملحِ وأنصافِها الأنيسونِ؛ بآثارِ جروحها لم تزل نُدُوباً نافرةً على المرايا. قامروا بالأرواحِ لاتقتربُ ولاتبتعدُ، متأنِّيَةً لاتزال في النفخِ على الشراعِ ذاتهِ لايقترب من ضفَّةٍ ولايبتعد. قامروا بالأرواحِ تحرثُ الحرائقَ أثلاماً لبزور أشكالها الموعودةِ إلى ماشاءَ الوعدُ.
إلى ماشاءَ الحرمانُ المُنْصِفُ.
إلى ماشاءَ الكمالُ مسفوعاً بسوطٍ من قضيب الثورِ.
إلى ماشاءت كبرياءُ الحظوظ في مُمكناتها المسدودة.
إلى ماشاءتِ الأنفاقُ بين الكواكبِ، والزُّمَرُ الذئبيةُ،
والغيابُ المُحْيي.
إلى ماشاءَ الألمُ البتولُ،
والوضوحُ البتولُ،
والقُبلةُ البتولُ،
والخصيةُ البتول.
إلى
ما
شاءتِ الموصوفاتُ مشرَّدةً.
قامروا بالوقتِ مستنْفَداً في المجازر الذهبيةِ.
قامروا بالوجودِ النخَّاسِ في الوقتِ؛ بالشفاهِ لاتُنْتَهكُ؛
بالرعشةِ لاتُنْتَهَكُ؛
بالقُبلِ قياساً لايُنْتَهَك.
قامروا برجوعِ الأسلافِ من الوقتِ يحملون سطْلَ دِهانهِ فارغاً.
قامروا بالمدافئ في الوقتِ، عاليةً مداخنُها حتى سماءِ الكلماتِ؛ ملآى، بَعْدُ، بوقودِ الشكلِ ـ الحطبِ النقوشِ، والمشيئةِ الشحمِ، والرغباتِ الزيتِ، والروثِ مجفَّفاً يُفتدى كالنَّفيسِ والجلالِ يُفْتدَيان.
قامروا بالأعياد مُحْضَرةً كالحُملانِ إلى زرائب المعاني ـ الشُّكْرِ والحقدِ معاً؛ اْلدمِ والجُلاَّبِ؛ الفُروج والحناجرِ؛ السمِّ والحظوةِ؛ المدائحِ وصريفِ الأسنان؛ العويلِ والأغاني؛ التهليلِ والشهقاتِ؛ الفاكهةِ والقلوبِ الآدميةِ؛ التبجيلِ والقرابينِ؛ الخوفِ والغدرِ آمنيْنِ؛ البَرَكةِ والخِتانِ؛ السَّلخِ والشهوةِ؛ المكافأةِ وطَحْنِ العظامِ. معاً كلُّ مايتساكنُ في هرطقةِ المتجانسِ الأبِ. قامروا بلهوِ الأعيادِ؛
بالوجوهِ الصفيحِ فيها؛
بالخطواتِ الصفيحِ على المعقولِ؛
بطفولةِ المُعْضِلِ وشيخوخةِ ماسواهُ.
قامروا بمواعيد الأعيادِ محرَّفةً في الحسابِ الوحشِ؛
بظَفَرِ المحارِ بالظلامِ الأقسى مَخْرَجاً من مأزقِ اللؤلؤ؛
بالتحريفِ لايُنْتَهك.
قامروا بحيْتَانِ الأعيادِ المُغنِّيةِ في وِهادِ الصحارى الحجرِ؛ بمنشديها الحنَّاطينَ؛ بشكوى الأعيادِ من الآلهةِ أنها لم تستكملْ، بَعْدُ، صَوْغَ عِرفانها للأعياد.
قامروا بالمذابحِ رقيقةً كدَلالٍ؛ عادلةً مثلما تُوْهَبُ تَهَبُ؛ مدلَّلةً، لها الوسادة الوثيرةُ، والتَّبرُّجُ الأنقى.
قامروا بمقامِ الحفْظِ فيها؛ بالحقِّ مُسْتَحْصَلاً عن مباهجها، وصروفِها ـ صروفِ الخيرِ، ووشائجها المُثلى، ونزوعها الزُّهدِ. قامروا بالمذابحِ لاتُخطئ، خالصةً من هفواتِ الشرِّ، وديعةً كالدُّمى النمورِ في سلالِ طفلةٍ. قامروا بأصواتها الخفيضةِ كالنظراتِ من شجرِ الكستنةِ إلى السِّرْخَسِ؛ بروائحها الألويةِ في أيدي الرَّجَّالةِ يتقدمونَ المواكبَ إلى الذهولِ؛ بِملْمسِها مَلْمسِ اللسانِ الباكي، والمصادفةِ الباكيةِ، والرَّوْسَمِ الخشبيِّ الباكي، أو مَلْمسِ الخُططِ لم يَسْتحْصِلْها عقلٌ بَعْدُ. قامروا بمرائي المذابحِ واضحةً من أعرافها حتى الأعقابِ هيئةً هيئةً، كأنما لم تكن من كشوفِ المعاني قَبْلاً بكلماتِ الإنسانِ وفأسِ الإنسانِ، بل تحقيقٌ خَلْقٌ في الصورِ ـ مذابحُ من أملٍ في الإرثِ؛
من أملِ الإرثِ؛
من أملِ اللهِ في الهدايةِ.
قامروا بالأنبياءِ أجْهَدوا الحصاةَ وعيداً.
قامروا بقناعهم الواحدِ؛ بأباريقهم فارغةً حول الشجرةِ المنتحرةِ؛ بأسنانهم قويَّةً يَعَضون بها العظامَ؛ باللحاءِ انتزعوه من شجر الفردوسِ لصباغِ الثيابِ في الفردوسِ؛ بالسماءِ مُنَخَّلةً تتساقطُ من جيوبِ قمصانهم ـ قمصانِ الرؤيا؛ بالثوابِ والعقابِ أطعموا خِنُّوْصيهما، في زريبةِ الخِيارِ، كلىً مجفَّفةً، وأكباداً نُكِّهتْ بتابلٍ من بزرِ القنَّبِ وزيتهِ، وألسنةً مُلِّحَتْ ـ بعد القطْعِ ـ بملحِ الحمدِ للنسيانِ. قامروا بالرُّقى ابتدعها الأنبياءُ من هَمِّ العنكبوتِ وغمِّ العقربِ؛ بطحينهم أبيضَ لن يُعْجَنَ إلاَّ في قصصٍ؛ بحُصُرِهم وطأوها حفاةً في غمام العقلِ الثالثِ ـ عقلِ التِّيهِ المُرشِدِ؛ بأجرانهم الآياتِ،
ومريديهم العطَّاريْنَ،
وأنوالهم،
وسَعوطهم،
ومكانسهم،
ورُعافهم المُسْتَأنَف،
ومحاريثهم،
ودفوفهم الصغيرة،
وَبَيْضِ رِخَخَتهم،
وحملانهم المكسوَّةِ فراءً لهباً،
وغرابيلهم،
وخُمُرِهُم مخطَّطَةً بصُفْرةِ المُشْكلِ،
وقدورهم،
وتبنهم المسحور،
ومغارفهم الحجرِ،
ووقودهم جمَّعوه مما يشتعل ومالايشتعل.
قامروا بالسماءِ ـ غيومِها الأليفةِ والوحشيَّة.
قامروا بثقوبها الكُثُر يستطلعُ منها العارُ الغوَّاصيْنَ يستطلعونَ أثرَ الجلالِ الغريقِ. قامروا بأعمدتها الخمسةِ؛ بذُبابها الخَدَمِ قائميْنَ على رفاهةِ الموتى؛ بمشْرَفيَّاتها النافرةِ من السُّورِ المتقوِّضِ ـ سُورِ التلفيقِ الخالقِ؛ بأطواقِ كِلابها ذواتِ الرؤوسِ المائيةِ؛ برعودها تُصْلِحُ الكسورَ بلا نهايةٍ؛ بالمدافن الزرقاءِ فيها؛ بنوتِيِّيْها جالسيْنَ على أرماثهم المنقلبةِ؛ بعاهراتها لايَقْبَلْنَ أجوراً إلاَّ شَدْوَ الخيرِ ودرهَمَهُ؛ بأشعارها ـ اشعارِ المجهوليْنَ المُنْتَحَلَةِ؛ بالصِّدْقِ في السماءِ يُسْتقصى من زفير الجماعِ عميماً؛ بالشروق والغروب خصيتيْنِ تسدَّانِ الفرْجَ الواحدَ. قامروا بتخومِ السماءِ؛ بضواحيها المكتظَّةِ جِمالاً؛ بقضاءِ المحنةِ فيها وحُكْمِ المحنةِ؛ بالنُّقصانِ الشاعرِ يهرسُ في نظْمِهِ حقواتِ الملائكةِ ورَضفاتِ المعاني. قامروا بالسماءِ القوافي في أشعارِ المُنْتَحِليْنَ؛ قامروا بالأشعارِ فتَّقها اللهُ بِطانةً بطانةً عن كلماتِهِ مستعجِلةً تأييدَ الأشعارِ. قامروا بمخابئ السماءِ أَلْجأتِ الخوفَ المؤمنَ هارباً، وآوَتِ الخذلانَ ناجياً بأتباعهِ الخذلانِ. قامروا بالدسائسِ السماءِ،
والطُّرُقِ السماءِ،
والسُّروج السماءِ،
والصُّدوعِ السماءِ،
والأسِرَّةِ السماءِ،
والأكفانِ السماءِ،
والنِّكاحِ السماءِ،
والمنيِّ السماءِ،
والدُّوَلِ السماءِ بعُمرانٍ من تصاميم الهُوْلَة.
قامروا بالأُممِ الخساراتِ؛
بالخيرِ طاعناً في الأسبابِ؛
بالشرِّ طاعناً في الأسبابِ؛
بالمستورِ المحجوبِ؛
بأثاثِ الملوكِ؛
بالتِّنينِ المُرْضعِ؛
بالكُتبِ المُرْضعَةِ؛
بالسَّكينةِ المُرضعِ؛
بالأنقاضِ المُرضعةِ؛
بالحرائقِ المُرضعةِ؛
بالغبارِ المرضعِ؛
بالمفازاتِ المرضعةِ؛
بصحارى العبورِ إلى الفَرَضِ الأصل.
قامروا بالأرض حيث الذهبُ ذهبٌ، والنساءُ نساءٌ، والموتُ موتٌ يُحْكَمُ بطباع الحُذَّاقِ في التأويل.
قامروا بالأرض حيثُ الكراتُ الماءُ، والكراتُ النارُ. حيثُ النقودُ النارُ، والنقودُ الماءُ في الجيوب كلِّها. حيث الرَّوْسمُ الخشبيُّ منطبعٌ حَفْراً على الحقواتِ، والغمامُ مُكْرهٌ على البقاءِ غماماً،
والحديدُ كذا،
والرياحُ كذا،
والجبالُ كذا،
والقُبلُ بتصاميمَ مائلةٍ،
والرمالُ الخنزيرية.
حيثُ الأبديةُ في غير محلِّها،
والوقتُ في غير محلِّهِ،
والمكانُ في غير محلِّهِ.
حيثُ قِرانُ الأنقاضِ،
ومجاملاتُ السلالمِ،
ووصايةُ النهر على البحرِ،
ووصايةُ الجمرِ على الرمادِ،
ووصايةُ الكأسِ على نبيذها.
حيث تتنازل الحُمَّى لبناتِها عن الأثرِ المتحرِّكِ ـ أثرِ الأشباحِ مشرَّدين على سِكَكةِ الموانئ. حيثُ قبلةٌ تتَّسع للشفاه كلِّها، والأجداثُ المؤرَّقةُ من موتاها المؤرَّقيْنَ، وصَقْلُ الجنونِ بالشمعِ،
وصقلُ القلوبِ بالشمعِ،
وصقلُ النور بالشمع. حيث الشوقُ يُحْتَسى،
ويُحْتَسى الجسدُ،
وتُحْتَسى البيوتُ،
وتُحتسى الضفافُ والطرقُ،
وتُحْتسى الشفراتُ،
والكبرياءُ مالحةً تُحْتسى،
ويُحْتَسى ورقُ الطَّقْسوسِ،
ويُحْتسى السحابُ الحَرِدُ،
وصِبَا الألمِ وشبابُه يُحْتَسيانِ. حيث بناتُ الجوزاءِ ينشرْنَ غسيلهنَّ على حبالٍ في كوكبةِ الثور. حيث القُبلُ محشوَّةٌ لُباباً من تملُّقِ الفاكهةِ، أو محشوَّةٌ بمنيِّ التِّنينِ. حيث غلالُ الصواعقِ نَضِرةٌ، بَعْدُ، وغلالُ العِزَّةِ اللَّعوبِ، والأماليدُ مجدولةً، والقَنَاقِنُ يجوبون بعِصيِّ الإسْتنباءِ على الكلماتِ. حيث لاصوتَ يشبهُ نَفْسَه؛
لاجرحَ يُشبه نفْسَه؛
لاإقامةَ تشبه نفْسَها؛
لاقوَّةَ تشبه نفْسَها؛
لاشفتانِ تُنْتَهكانِ إنْ كانتا شفتَيْ عاشقةٍ:
شفتا العاشقةِ لاتُنْتهكان.
قامروا بالساعاتِ الأرضيَّةِ ذاتِ الأرقام الأنفاسِ؛ بثعبانها وثورها الياقوتيْنِ؛ بأعراسها المَباهجِ، وشعائرها الشفراتِ، وأنساقِها المداخنِ. قامروا بما يتطابق فيها اتِّفاقاً، أو عنوةً قصْداً؛ ببحارِها الكلابِ، وينابيعها الكلابِ، وأنهارها الكلابِ، وبُحيراتها الحوافرِ. قامروا بحروبِها المُعجَّلةِ والمؤجَّلة؛ بأبجديتها المائيةِ، ووصاياها المائيةِ، وتعاليمها مبلَّلةً من إطباقِ المائيِّ عليها؛ بخصائصها المرقَّطةِ كالنِّمرِ؛ بلاهوتها ـ لاهوتِ الصوتِ،
وأخلاقِ الصوتِ،
ورُسُلِ الصوت.
قامروا بأطوار السكونِ الستة فيها؛ بحواسِّها ـ حواسِّ الأرقام العُشرية؛ بغيومها الأمَّهاتِ، وغيومها الفِراخِ؛ بتكفير القُبلةِ فيها عن خطأِ الشِّفةِ؛ بكلماتٍ تُنْطقُ خماسيَّةً؛
بضيائها الخُماسيِّ،
ووقتها الخماسيِّ؛
بالخُماسيِّ المُعتَقَلِ في حسابها.
قامروا بيأسِ الأرضِ،
وظُلمِ الأرضِ،
وعدْلِ الأرضِ. هُمْ
مُقامِرونَ
في
القُبلِ.
مُقامرونَ
مُذْ
كانتِ القُبَل.
أجسادٌ عالةٌ على القُبل. عرفناها الأجسادَ العالةَ، نحن الأشباحَ، بالرِّهان على أولاءِ ابتعدوا عن أجسادهم قليلاً يمحَضُونَها فَحْصَ القُبلِ على أحِفَّةِ القُبلِ. لا. هُمْ يمحضُونَها فَحْصَ القُبل في القُبل. هم
في
القُبلِ، مراهنونَ على دسائسِ المحظِّياتِ، والشذوذِ الحالم بقانونِهِ، والأيام حَشْرى في جلودٍ لم تُدْبغ. ضاعفوا رهانَهم. ضاعفوا مارهنوه من القلوبِ المزعومةِ؛ مِنْ صَدَقَاتِ المعاني، والجبالِ البراثِنِ ممسكةً بالآفاقِ. عَمَّا وقتٍ أغلقوا صحفَ الأخبار الأولى عن حشايا القشِّ في مَجَالسِ الملوكِ، والسلالاتِ المُرْتكِسةِ، وفراسةِ التوتِ، والإهانةِ بزعانف كزعانف الحيتانِ، والقُبلِ أجناساً تُوافقُها الشفاهُ أجناساً. تلمَّسوا، في الصلاةِ، مغفِرةَ السَّمْنِ وحَدْسَ الصوتِ. أوْجزوا مخاطباتِهم بعيونٍ على رِهانِ الشِّفاهِ عليهم، وقلوبٍ على رِهانِ القُبلِ. أفرغوا جيوبهم من الكراتِ النارِ والكراتِ الماءِ؛ من الدراهمِ النار والدراهم الماءِ، على ورق الرِّهانِ مُشمَّعاً لايبتَلُّ، ومدَّهَناً لايحترقُ. هُمْ
في
القُبلِ.
هُمْ رِهانٌ.
أدموعٌ قلوبٌ هذه الدموعُ الوقحةُ يذرفونها بعدَ الرِّهانِ؟ قلَّما يَبْكون إنْ رُهِنوا بطبائعهم من محاصيل الدمِ الصغرى، أو راهنوا بمزاجِ اللبلابِ المعتكر؛ ببلابل الشَّعيرِ؛ بالأصفرِ المتفاني؛
بالزُّرقةِ المتفانيةِ؛
بالوحيِ الوسيطِ المنبوذِ؛
بالوحي بلا مهماتٍ؛
بطوائف الظلالِ المنبوذةِ؛
بمبالغاتِ الموزِ؛
بالأبديةِ باليةً في قدميِّ الهاربِ؛
بوصيفاتِ الأرقامِ العَشريةِ؛
بالعقولِ متشابكةً؛
بوزرةِ الفرَّانِ فوقَ ثيابِ اللهِ؛
بالأرقامِ الصامتةِ والأرقامِ الصوتِ؛
بصلاةِ القِرميدِ؛
بصلاةِ الصُّفاريَةِ؛
بالعوالمِ القديمةِ طافيةً على زيتِ النَّخلِ؛
بغيلانِ الحروفِ الكهفيةِ؛
بلونِ الخوخِ، وهمسِ الخوخِ؛
بالمعجزاتِ الفاشلةِ؛
بشَلَلِ العِطْرِ؛
بالفراسخِ النَّجميةِ؛
بالقُبلِ السابقةِ أَوانَها؛
بالشفاهِ السابقةِ أوانَها؛
بالجيوبِ الصوتيةِ؛
بحدْسِ الصوتِ، ورؤيا الصوتِ؛
بالمتفاني
الأعظمِ
في
الخُصى المتفانية.
هُمْ مراهنون، في القُبل، بشفاههم مُطْبَقةً على جناح القُبلةِ المتمنِّعةِ عن ذِكْرِ اسمها. شفاهٌ شريرةٌ شفاههم، مُطبقةٌ على خزامى مجرَّحاتِ الخواطرِ؛ شفاهٌ تردِّد مايقوله الأشباحُ الأثريُّون، والأرواحُ الأثريَّةُ. لكنهم طيِّبون كأيٍّ طيِّبٍ؛ كذُرِّيةِ الريح وفطائر الشوفان. يراهنون مُذْ رُهِنوا في القُبل جَمَالاً لايُرتجى؛ كسْباً دمويًّا؛ اضْطراباً معطَّراً، وإساءةً مُرْضِيَةً تتوسَّلها الشفاهُ في القُبلِ. معذورونَ رَهْناً؛ معذورونَ رِهاناً؛ معذورون لم يستنفِدوا سَكَّ الغضب نقوداً، وسكَّ الماءِ نقوداً، وسكَّ العطرِ نقوداً، وسكَّ الطينِ نقوداً، وسكَّ الغمامِ نقوداً. لم يستنفدوا صَرْفَ مايملكون من معارَضاتهم الأشعارَ بالأشعار. صارحوا النارَ بلذائذها؛ بارتيابها من لذائذِ الدخانِ. صارحوا الرياحَ أنْ لاتلائمها ثقةُ الجبل بالرياحِ. وجَّهوا القُبلَ، قَدْرَ ماتحتمل القبلُ، إلى مشاتلِ الأنفاسِ الدافئةِ،
والقلوبِ الدافئةِ،
والألسنةِ الدافئةِ،
والصرخاتِ الدافئةِ،
والقتلِ دافئاً.
جاوروا الخاملَ حيث يقدِرون افتكاكاً من رَهْنٍ لم يَضْلعوا فيه. جاوروا الشَقاءَ الخاملَ،
والشروقَ الخاملَ،
والحدودَ الخاملةَ،
والجيرانَ الخاملينَ في القُبلِ يَفْتكُّونَ رهنَهم بحلقاتِ الوجودِ المفقودةِ. هُمْ
ليسوا
خطأَ
القُبلةِ
في
التقديرِ مُذ كانوا المُراهنيْنَ، في خيالِ الفاكهةِ، بخطأ البرتقالةِ في التقدير.
ويلٌ للحُمْلانِ. ويلٌ للغابةِ. ويلٌ لقُبلِ المغيبِ جريحةً تتمرَّغ في جرح الأفقِ الغربيِّ. أمْ مُجْحَفٌ وعيدُنا ـ وعيدُ الأشباحِ؟. قد نعتذر إلى كلِّ شيءٍ في حينه بعد خطأٍ ضربةٍ بزُجِّ المِرْفَقِ على كلِّ شيءٍ. أحمالنا خفيفةٌ هذا اليومَ. وعيدُنا الذي بلا ضرورةٍ خفيفٌ أيضاً، كأننا لم نُتقنْ حِرْفةَ الظلِّ المتوارَثةَ: أشباحٌ رعويِّون، بأعصابٍ من ليفِ النخلِ، وشذوذٍ من شذوذِ المائيِّ، يتباسطُ الخَدَمُ في مَحضَرنا، بثرثراتٍ عن مزاليجِ الليلِ المُحْكَمةِ رِتاجاً على النهار، والجراحِ الأحوالِ، وكِماماتِ الفطرةِ، والمِسْكِ بكثرةٍ في معابد الخوفِ. هُمْ
خَدَمٌ
في
القبل، مؤدَّبون، ومستظرَفون مُذْ تحوَّطوا للضروراتِ بالهواءِ مُعَتَّقاً في براميل من خشبِ الكَستنةِ، كي لايَمَلَّ أولياؤهم؛ بالهواءِ حكاياتٍ حِكَماً، مأثوراتٍ ككسوفٍ فوق الفروجِ، وخُسوفٍ فوق الثُّديِّ. أولياؤهم لايَملُّون جَزْمَ الخَدَمِ، أولاءِ، أنْ مزاعمُ القُبلِ لاتُكذَّبُ؛ لاتُكذَّبُ مزاعمُ الشفاهِ. اْلمستحيلُ جاثياً يرفع إليهم صحافَ المأدبةِ في العبورِ إلى المطابخِ. يرفع إليهم حليبَ الجوز في العبور إلى الحمَّاماتِ، ويمدُّهم بالمناديلِ الناطقةِ في العبورِ إلى المَخَادعِ. خَدَمٌ على أُهْبةٍ، أبداً. مشَّاؤون
في
القُبلِ، لاذاكرةَ تَرْقى إلى وجودهم ذاكرةً ترْقى إلى خطيئةِ السفرجل.
كلَّ صباحٍ هُمْ هناك.
كلَّ مساءٍ أيضاً.
كلَّ وقتٍ؛ كلَّ لاوقتٍ هُمْ هناك، على أُهْبةٍ إنْ دُعوا إلى خِدْمةٍ في القُبل.
أيديهم اليمنى؛ القفازاتُ في أيديهم اليمنى.
مناديلُ مُرقَّطةٌ، ظاهرةُ الألسنةِ من الجيوب اليسرى في الصُّدْراتِ،
وعليهم من الثيابِ ثيابٌ عسيرٌ وصفُها.
عسيرٌ وصفُهم أبعدَ مما يليقُ بعسيرٍ على الوصفِ:
وجودٌ عسيرٌ وصفُهِ.
شعورٌ عسيرٌ وصفُها.
لَفتاتٌ عسيرٌ وصفُها.
نُطقٌ عسيرٌ وصفُهُ.
عبورٌ عسيرٌ وصفُه.
انحناءاتٌ عسير وصفُها.
دعاباتٌ عسيرٌ وصفها.
خِدْمةٌ عسيرٌ وصفُها.
حضورٌ عسيرٌ وصفُهُ. لكنْ يُوصف مَعْقِلُهم خَدَماً في البهاءِ الوسيطِ بين الأشباحِ المُستنسَخَةِ، والأشباحِ الأصولِ.
السماءُ إِسْقُمريَّةٌ فوقهم.
قلوبٌ خافتةُ الإضاءة قلوبُهم،
والأرضُ تحتهم هِزَّةُ الجِماع. هُمْ
في القُبل، لايُكذِّبون استغابةَ الكلماتِ المنفرجةِ، أو القُبلِ التاسوعيِّةِ، أو الصخب الدَّاجنِ متملِّقاً صخبَ الوحشيِّ. لايسفِّهون استغابةً تلفِّقُها للأرقام حوريَّةُ الخُمْسِ مرةً، وحوريةُ السُّدْسِ مرةً. نفوسُهم حيادٌ. وضعوها نفوسَهم في الوقتِ منحسراً بلا استثناءٍ؛
احتسبوا أنهم تقصيرٌ من أداءِ الدم للجزيةِ، بلا استثناءٍ؛
أنهم ـ ربَّما ـ السطورُ العَكِرةُ بلا استثناءٍ،
والكلماتُ العكرةُ بلا استثناءٍ،
والمعاني العكرةُ بلا استثناءٍ. أنهم
ربَّما
الهباءُ الأَنْمَرُ،
والسحابُ الأنْمَرُ، بلا استثناءٍ؛
وهُمْ حسُّ الثمرةِ الباطنُ،
وغِراءُ البحرِ،
وسُكَّرُ القيقبِ،
ومثلثاتُ السَّحَرةِ الآباءِ في النَّيْرَنْجِ بلا استثناءٍ.
ربما
هُمُ اعتذارٌ
غيرُ مقبولٍ، بلا استثناءٍ.
مطمئنُّون الخَدَمُ، أولاءِ، إنْ تظاهرتْ شفاهٌ بالرِّضا.
قُبلٌ تتظاهرُ كالشفاه بالرِّضا، وهمو
الخَدَمُ
في
القبل مطمئنُّونَ إلى عَدْلِ مايعرفون.
شرفُ
القُبلةِ
شرفُ
الجسدِ،
وأعرف ماهو لي، مُذْ نسيتُ عِنادي فلم أكتم عن الأشباحِ ماكتمتْه الأشباحُ عن ملوكها. أحمالُها خفيفةٌ هذا اليوم. وعيدُها، الذي بلا ضرورةٍ، خفيفٌ أيضاً. سأتجه بهم إلى الجبل صعوداً في ممرَّاتِ القُبلِ كلِّها، مرتدياً حذائيَ الأفضلَ ـ حذاءَ الشَّفيْرِ. طغيانٌ زيتيٌّ طبعيَ هذا اليوم؛ طغيانُ برتقالةٍ. هديلُ حَمَامٍ على أكتاف الأشباح معي. طباعهم طباعُ قُبلةٍ مرَّةً واحدةً؛ طباعُ قبلةٍ واحدةٍ مرتينِ. لن أستوقف أحداً في عبورِ القُبلِ. لن أستوقف الشفةَ الوقحةَ، والخطى الوقحةَ، والمعجزةَ الوقحةَ على طريقِ القُبلِ. اْلقُبلُ حرَّةٌ كالأعراقِ الأسيادِ؛ كإخفاقٍ مرحَّبٍ به؛ حرَّةٌ كالفشلِ. لن أستوقف أحداً في العبور بالأشباحِ إلى الفكرةِ المندثرةِ. لن أستوقف أحداً في العبور بالأرواحِ مقطَّرةً ذُوِّبتْ في جَعَةِ الدُّخْنِ. خجولون من أصادفهم. الشرورُ خجولةٌ. سآخذ القُبل معي إلى هناكَ ـ إذْ هناك شَرَّى أنقاضِ السفنِ، وشَرَّى المباني المنهارةِ، ومخازنُ التِّبنِ، وأنينُ المغاورِ، والبرازخُ المُعتقَلةُ بعد أن شرَّعتِ البرازخُ أحوالَ الأحياءِ. قبورٌ مقدَّسةٌ تتراجعُ إلى خندقِ الخوفِ كالقُبلِ تتراجعُ خائفةً. ألمناطِيقُ في مأزقهم يتراجعون كالقُبلِ خائفةً. سآخذ القُبلَ من خوفها معي إلى حيث الموتى يدَّخرون في مخازنهم قُبَلَ الموتى ـ القُبلَ اللَّبَنَ مثلَّجاً،
والبقاءَ فظًّا،
والرَّهزَ لاهوادةَ فيهِ؛
القُبلَ الرُّقع على العظامِ؛
القُبلَ الأفراسَ الهرمةَ،
وأهاجي إكليلِ الجبل،
وانحناءةَ الخضوعِ. قُبلُ الموتى واثقةٌ من نَفْسِها كجرائِمِ الهليونِ، وجرائمِ الأرجوانيِّ الواثقةِ لاتُسْتنكَرُ. قُبلٌ من فطرةِ الموتِ، راسخةٌ بما استنزفتْهُ من الحياةِ غموضاً لذَّةً.
سآخذ القُبلَ معي إلى الطيورِ المنتحرةِ،
والسهولِ المنتحرةِ،
والحدائقِ المنتحرةِ،
والزيزانِ المنتحرةِ،
والصلصالِ المنتحرِ،
والموسيقا المنتحرةِ،
والكتبِ المنتحرةِ،
والأرقامِ المنتحرةِ،
والحريرِ المنتحرِ،
والآلهةِ المنتحرةِ،
والأفراسِ المنتحرةِ،
والطفولةِ المنتحرةِ،
والحروفِ المنتحرةِ في الكلمات.
سآخذها معي إلى الزخارفِ الرملِ؛
إلى آكلاتِ اللوتسِ،
والأيقوناتِ الشبحيَّةِ،
والسُّحبِ المشؤومةِ سُحُبِ الجنوب.
سآخذها معي إلى الكواكب متصدِّعةً في الأفقِ الغربيِّ؛
إلى العقربِ مغتلماً؛
إلى الأسرار الموروثةِ والمتمرِّدةِ؛
إلى حيادِ الجحيم.
سآخذها معي إلى سلاحفِ المِسْكِ حول المعابدِ؛
إلى النبيذِ الفَطيرِ،
وارتباكِ الدَّهماءِ،
والعاملاتِ النَّحْلِ،
والبيطريين على الأبواب.
سآخذ القُبلَ معي إلى سَحْقِ القُبلِ بدمٍ باردٍ؛
إلى العضِّ منسجماً مع حُرْقةِ اللقالقِ؛
إلى أظفار العاشقاتِ مُدَرَّمةً،
وإلى زينةِ السمكة.
سآخذ القُبلَ إلى نزواتِ الصنوبرِ؛
إلى كلِّ زيرِ نساءٍ؛
إلى أيِّما قُبلةٍ تُقْبَلُ رَهْناً.
إلى الرمادِ الآسرِ،
وقوسِ الرمادِ الآسر.
سآخذ القُبلَ معي إلى المقايضاتِ الكبرى سِلعاً بسِلعٍ؛
دراهمَ بدراهمَ؛
أكباداً بأكبادٍ؛
جروحاً بجروحٍ.
سآخذ القُبلَ معي إلى كفاءةِ الشرابِ الباردِ،
والخصامِ الطَّربِ،
والطَّربِ سُدًّا للثغراتِ في الخُططِ؛
إلى أحكامِ الزعرور المتهوِّرِ،
والأوثانِ مُلَبَّسةً بدقيقِ السُّكَّرِ كاللوزِ مُلَبَّساً.
سآخذها معي إلى العروشِ الشاغرةِ،
والكرزةِ البربريَّةِ؛
إلى الحضيض مزدهياً؛
إلى المشاجراتِ النورانيةِ حولَ أنقاضِ الغيب.
سآخذها القُبل معي إلى الأهواءِ العبقةِ،
ومناديلها الحريرِ؛
إلى عناد الخسارةِ،
ونجاحِ الخسارةِ في بقائها أملاً.
سآخذها معي إلى قيد البازيِّ،
والترابِ المازحِ؛
إلى الريحِ الحلوبِ،
والبروقِ الحَلُوبةِ،
والظلالِ الحلوبةِ،
والجمادِ الحَلُوب.
سآخذها معي إلى سِجنِ القِرمزِ،
وسِجنِ اللازوردِ،
وسجنِ القُبلةِ الملِكةِ،
وسجنِ القُبلةِ صانعةِ الملِكات.
سآخذها معي إلى أسِرَّةٍ من كَرَمِ اللبنِ؛
إلى آباءٍ وأمهاتٍ من كَرَمِ الثومِ؛
إلى الوجعِ مَصِيْداً من حقلِ الأوجاعِ؛
إلى الخطفِ بلا فديةٍ؛
إلى الفديةِ بعد الخطف.
سآخذها معي إلى مايدَّخر الجمادُ من شوقٍ إلى نفْسِه الثانيةِ؛
إلى غَزَل الغبار الخَدِيْنِ؛
إلى الكهرمانِ الأسودِ؛
إلى رطانةِ الشجرِ،
وفصاحةِ الغصون.
سآخذها معي إلى الدخائلِ العسليةِ ـ دخائلِ الإجاصِ؛
إلى صِدامٍ لاتتجنَّبه الشفاهُ؛
إلى النعيم السفَّاكِ،
والعظامِ متواضعةً،
والأيامِ المندفعةِ بمناكبها في الأزقَّةِ ـ الأيامِ المتمرِّدةِ على أفولها.
سآخذها معي إلى زواجِ القبائلِ،
ومصاهراتِ القبائلِ؛
إلى استياءِ الحَلَماتِ من الشفاهِ لِمَ لاتَنْتفُها؛
إلى الكرفسِ الغضوبِ،
والسَّوْسنِ الغضوبِ،
فالأكيدِ الغضوب.
سآخذها معي إلى عُصارةِ الرعدِ،
والبُنِّ محترقاً؛
إلى المداعباتِ سِماجاً تتبادلها شفاهٌ بلا مهمَّةٍ؛
إلى التوثيقِ الباطلِ للباطلِ؛
إلى قلنسواتِ الفُطْرِ سائلةً حِبراً؛
إلى الوجعِ دافئاً،
وإلى الذبحِ لايُوجع.
سآخذها معي إلى خرائط البروجِ بخطوطٍ دمٍ؛
إلى جَلْخِ البحرِ بحجر الرَّخْفةِ،
وجَلْخِ الغيمِ بحجر الرخفةِ،
وجَلْخِ النجومِ بحجر الرخفةِ،
وجَلخِ الأرواحِ كالسكاكينِ بالمِسَنِّ.
سآخذها معي إلى استقلالِ الزنبقةِ،
وخضوعِ المانغا؛
إلى الأعراقِ ناطقةً بلغاتِ السَّمْنِ؛
إلى الرَّتَلِ الشَّبحيِّ؛
إلى صوابِ الخُمْسِ،
وخطأِ الثُّلثِ؛
إلى صوابِ السُّدسِ،
وخطأِ الخُمْس.
سآخذها القُبلَ معي إلى الحتميِّ؛
إلى الشتائم الحتميَّةِ،
والتحوير الحتميِّ المُحْييِ،
وقياسِ الخُلْفِ،
والفهارس المتغاضيةِ عن نكاحِ السطورِ في الفصول.
سآخذها معي إلى السماءِ ـ سِيْخِ السَّفُّودِ،
وإلى الأرضِ اللحمِ في السيخ فوق الجَمر.
سآخذها معي إلى جرحٍ لن يبدِّله العِقابُ بجرحٍ آخر؛
إلى سِفَاحِ القربى بين العشائرِ النَّرجسِ؛
إلى السماءِ لونِ اللحمِ،
والأرضِ لونِ موقدِ الشُّواء.
سآخذها معي إلى عصور الرملِ،
فالإنشادِ العُشبيِّ،
فالنَّهْجِ العشبيِّ،
فالمعبودِ العشبيِّ،
فالعصورِ العشبيَّة.
سآخذها معي إلى المُضِيفاتِ في مَكْرِهنَّ الذهبيِّ على أدراج الغيمِ؛
إلى مِحرَقةِ المآزقِ،
ومحاصيل الندمِ الوفيرةِ،
والجفافِ الوقورِ،
وسَطْوِ الأقمار على الأقمار.
سآخذ القُبلَ معي إلى المتنافراتِ الأليفةِ،
والعَقَبةِ البابونَّجِ،
وإيمانِ اللسانِ البذيءِ،
والدُّرَّاقةِ التي لاتُجَادَلُ.
سآخذها معي إلى البرتقالِ لايهدأ في التأكيد على وحدةِ الفاكهةِ،
ووحدةِ مُعْتَقَدِ الفاكهةِ،
ووحدةِ مدافنِ الفاكهةِ،
ووحدانيَّةِ إلهةِ الفاكهة.
سآخذ القُبلَ معي إلى الباعةِ الملحاحينَ بأساليبَ كاللَّكْزِ على الخواصرِ؛
إلى القُبَلِ المدافنِ العائليةِ؛
إلى رشْقِ الليلِ بالخُوَذِ، أو برؤوس الدِّيَكةِ؛
إلى الشَّلالِ الجليدِ في كلِّ نهايةٍ؛
إلى القَهْرِ مرغوباً فيه.
سآخذها معي إلى لسانِ السوسنِ البذيءِ،
ولسانِ العِفَّةِ البذيءِ،
ولسانِ المداعباتِ البذيءِ،
ولسانِ السرمديَّةِ البذيئة.
سآخذها معي إلى السلالمِ وقحةً تتهيَّأُ لصعودٍ وقحٍ؛
إلى حصانةِ المهجورِ،
والسماءِ التي تُحاكى بالقهقهة.
سآخذها معي إلى السطورِ العِنِّينةِ في الكتابِ العِنِّينِ؛
إلى التوضيحِ مُتْقَناً يتَجَشَّمُهُ المغيبُ إنْ سُئِلَ؛
إلى التماثيلِ ليست حسودةً، بل ظلالُها؛
إلى شجرِ القَيْقبِ ليس حسوداً، بل ظلالُ القَيْقَب.
سآخذها معي إلى المتاعبِ الأثيرةِ لدى الأشباحِ؛
إلى الجِنانِ في ظلالِ الخُصى؛
إلى طيرانٍ مائيٍّ؛
إلى أشعار ربَّاتِ المنازلِ،
والأبجدياتِ الذئبيَّة؛
إلى البياضِ يستعبد الكلماتِ؛
إلى جَحْشِ اللونِ الفَحْلِ،
والقلوبِ مُشْتَرَكةً كالتَّعبِ المُعَسَّل.
سآخذ القُبلَ معي إلى الشاعراتِ أنجزْنَ دَهْنَ زعانفهنَّ البلَّورِ؛
إلى نظراتهنَّ مُغَذِّيَةً كَجُمَّارِ النَّخْلِ وتمرِهِ؛
إلى مايعرفنَ ومالايعرفن عن قُبَلٍ تُحاصَرُ سهواً،
أو تُستعْبَد سهواً،
أو تُكافَأُ سهواً،
أو تُرمى إلى غير مقْصَدها سهواً في الكلمات.
سآخذ القُبلَ معي إلى النازحيْنَ في القُبل، يرتِّبون الأحذيةَ بأناةٍ على رفوفِ الوجودِ،
وينسون، في الخروجِ إلى الحياةِ، أجسادَهم تحت الأسرَّة.
سآخذها معي إلى المنتحريْنَ في القُبلِ، لم يَفُتْهم أن يفاجئوا الموتَ بأناةٍ؛
أن ينسوا، بأناةٍ، أنهم منتحرونَ،
ويتحيَّنون انتحاراً آخرَ قَبْلَ أن تفوتهم مهلةُ الوعدِ بقبولهم منتحريْنَ، ثانيةً، في القُبل.
سآخذها معي إلى المدعوِّيْنَ إلى صُلْحٍ في القُبلِ قد يَصِلون قَبْلَ العاصفةِ، أو بعدها، مُذْ أساؤوا تدبيرَ عيونٍ كالطُّرقِ، ولم تتحاشَ أقداحُهم الردَّ على إهانةٍ فأهانتْ شفاهَهم.
سآخذها إلى الرَّحَّالة في القُبلِ: هُمو خطأٌ مُحْتَرِفٌ إنْ صُنِّفوا،
وبياضٌ يُستَأجَر باهظاً بين سطورِ المقايضاتِ بالأسفار.
مُفْعَمون بلَغَطِ الجسدِ في تعريفِ الشهواتِ،
مُذْ كوَّروا أيديهم على الهواءِ المُجْهَدِ، اللاهثِ من حَمْلِ المعاركِ في صَفَنه.
سآخذها إلى ربابنةِ السُّفنِ في القُبلِ. ربابنةٌ في ثيابِ الملوكِ الممزَّقةِ يتقنون سرقةَ البحرِ،
وانتحالَ حماسةِ الطُّرُقِ فارغةً إلى البحر.
سآخذ القُبلَ معي إلى المعماريَّةِ في القُبلِ، لم تُرْفَعِ السماءُ عاليةً، بَعْدُ، في ألواحهم:
أنجزوها السماءَ خطوطاً راكدةً، بأقلامٍ ماءٍ، على الأثرِ الرَّاكد للآلهة.
سآخذها القُبلَ معي إلى القضاةِ في القُبلِ: هُمْ قُضاةٌ مُرْهفون أملاً أنْ لايُخْدَشَ حَياءُ المعاركِ؛
أن لاتؤذى المعاركُ.
وإنْ تجاهلوا، قطُّ، تجاهلوا
سقوطَ
المصائرِ
عن
سِقَالاتها الفلكيَّة.
سآخذ القُبلَ إلى الغاضبين في القُبل، مصطحبيْنَ العاشقةَ
التي
فمُها
وَعْرٌ
كثدييها.
وهُمْ، في القُبلِ، هديرُ الزبدةِ،
وهديرُ الزيت.
حزموا الهاويةَ الأعمقَ في الأساساتِ الأعمقِ تحت الأرض مُقتلَعَةً بجذورها.
غاضبو
و
و
وونَ
لايعرفون مَخْرَجاً.
سآخذ القُبلَ إلى المخذوليْنَ في القُبل:
مخذولون على صوابٍ،
مُذْ كانت أعمارُهم على صوابٍ.
وهُمْ مخذولون كتلكُّؤ الماءِ في ترديد توبتهِ؛
كتجسيم القُبلِ نَحْتاً في اللحم.
سآخذ القُبلَ معي إلى الغزاةِ في القُبلِ لاتغدر الحروفُ بالكلماتِ في ندائهم، مُذْ هُمْ في القُبلِ العثاكيلِ تتدلَّى من القلوبِ النَّجمية.
شاحبون كارتباكِ العاشقةِ. غزاةٌ
في القبل،
التي
لاتتوانى عن تمزيقِ ثيابها.
سآخذها إلى العدَّائيْنَ في القُبلِ، مدَلِّكيِ الأرواحِ في حَمَّاماتِ الأرَقِ. عدَّاؤون على الصفحاتِ اليمنى من رسائلِ الخائفِ، ويُحْسِنون الظنَّ كثيراً، كالغريبِ، بالهاوية.
سآخذها إلى الخَوَنةِ في القُبلِ:
قُبَلُهم ضيِّقةٌ على الشفاهِ،
واسعةٌ على العاناتِ.
وهُمْ عَدٌّ على شفاهٍ تغيبُ إذ تحضُرُ القُبلُ؛
عدٌّ على قُبلٍ تغيبُ إذْ تحضُرُ الشفاه.
جالسون على سِكَكِ المعجزةِ جنوباً،
ويُحْصون الموجَ الساعاتِ من عُمْرِ المياه.
سآخذها معي إلى الهزليِّيْنَ في القُبلِ،
المهاراتِ في صقلِ المياهِ أسفلَ البحرِ السُّفليِّ الأبِ.
هُمْ أراحوا الإثنينَ بغلافه الرقيقِ، والخميسَ بغلافه المقوَّى، بعد العشاء، فأقفلوهما طيًّا.
وها يتمدَّدون، في القُبل، على سُحُبٍ جمعوها بالأقداح.
سآخذها معي إلى المخطوفيْنَ في القُبلِ رمَّموا الخالدَ بالأرقامِ المخذولةِ،
وأسْكنوا آلهتَهم جرحَ العُمران الثاني ـ الجُرحَ الخُططَ في العمرانِ،
وأعادوا إليها مَلَلَ الإنسانِ،
وحَذَرَ الإنسانِ،
وحِبرَ الإنسانِ،
وأقدامَهُ الأربعين.
سآخذها إلى المهاجريْن في القُبل يتوسَّلونَ الهجراتِ بسيطةً، بلا سلْبٍ للمغفرةِ من مناقيرِ الطير؛
بلا نَخْلٍ للظلالِ في المناخلِ؛
بلا نِفَاسٍ رملٍ، أو حيْضٍ ريحٍ؛
بلا قُبلٍ ناضجةٍ قَبْلَ أوانها،
أو شفاهٍ ناضجةٍ قَبْلَ أوانها.
سآخذها معي إلى المقامريْنَ في القُبلِ قامروا بالأسماءِ مسبوكةً من مباذلِ السَّمَعِ وصْفاً؛
بالأسماءِ الحًمْدِ على مالايدوم؛
بالعاشقيْنَ، والعاشقاتِ، والمقابرِ معزولةً في أركانِ الغيهبِ؛ بالأبديةِ مبعثرةً وصْفاً.
قامروا بالآلهةِ لايَمحضُها شكلٌ ثقةَ الشكلِ؛ بالأناشيدِ لم يُعَدَّلْ قَسَمُ الصوتِ فيها منذ الحنجرةِ الأولى؛ بالألمِ أنيقاً معافى بحكمتهِ الأنيقةِ؛ بالأشعار من عَزْمِ أكاليل الغار على تقويضِ أكاليلِ الزيتونِ؛ بالأناشيدِ
تخنقُ
الحناجرَ
بجُرعاتِ
نسيانها.
قامروا برجوع الأسلافِ من الوقت يحملون سطلَ دِهانِهِ فارغاً.
سآخذها معي إلى المراهنيْنَ في القُبلِ. هُمْ مراهنون في القُبلِ بشفهاهم مطبقةً على جناحِ القُبْلَةِ الممتنعةِ عن ذِكْرِ اسمها.
سَكُّوا الماءَ نقوداً.
سكُّوا الغضبَ نقوداً.
سكُّوا العطرَ نقوداً،
وهُمْ يَفْتَكُّون رهْنَهم، إذْ يَفْتَكُّونَه، بحلقاتِ الوجودِ المفقودة.
سآخذها معي إلى الخَدَمِ في القُبل:
لاذاكرةَ ترقى إلى وجودهم ذاكِرةً ترقى إلى خطيئةِ السفرجلِ. وهُمْ لايُسفِّهون استغابةً تلفِّقُها للأرقامِ حوريَّةُ الخُمْسِ مرَّةً،
وحوريَّةُ السُّدسِ مرةً.
لاخِيارَ للشفاهِ إذْ تحزمُ القُبلُ أمرَها. سآخذها القُبلَ معي، أنا الشبحُ، إلى الأشباحِ ـ مَرَازِبَةِ الأيامِ المهجورةِ، والمدن المهجورةِ، والأجسادِ المهجورةِ، والجَمَالِ المهجورِ. سآخذهم إلى القُبلِةِ الأكثرِ قُرْباً من أختها؛ إلى فَقْسِ الكونِ عن فَرْخِ قُبلةٍ؛ إلى القُبلِ في قِشْرِ البندقِ لايكسره خيالٌ بأسنانهِ؛ إلى صعودِ القُبل فانهيارِ القُبلِ. لاخِيارَ للقُبلِ إذْ تحزمُ الشفاهُ أمرَها. قُبلٌ
شرفُ
الأجسادِ،
والولايةُ للأشباحِ في القُبل.
غابة سكوغوس
مملكة السويد
2011
صدر للمؤلف
* كل داخل سيهتف لأجلي، وكل خارج أيضاَ (شعر)
* هكذا أبعثر موسيسانا (شعر)
* للغبار، لشمدين، لأدوار الفريسة وأدوار الممالك (شعر)
* الجمهرات (شعر)
* الجندب الحديدي (سيرة الطفولة) (سيرة)
* الكراكي (شعر)
* هاتِه عالياً؛ هاتِ النَّفير على آخره (سيرة الصبا) (سيرة)
* فقهاء الظلام (رواية)
* بالشِّباك ذاتها؛ بالثعالب التي تقود الريح (شعر)
* أرواح هندسية (رواية)
* الريش (رواية)
* البازيار (شعر)
* الأعمال الشعرية (شعر)
* معسكرات الأبد (رواية)
* طيش الياقوت (شعر)
* الفلكيون في ثلثاء الموت: عبور البشروش (رواية)
* الفلكيون في ثلثاء الموت: الكون (رواية)
* الفلكيون في ثلثاء الموت: كبد ميلاؤس (رواية)
* المجابهات؛ المواثيق الأجران؛ التصاريف، وغيرها (شعر)
* أنقاض الأزل الثاني (رواية)
* الأقراباذين (مقالات في علوم النَّظر)
* المثاقيل (شعر)
* الأختام والسديم (رواية)
* دلشاد (فراسخ الخلود المهجورة) (رواية)
* كهوف هَايْدْرَاهُوْدَاهُوْس (رواية)
* المعجم (شعر)
* ثَادْرِيْمِيْسْ (رواية)
* موتى مبتدئون (رواية)
* السلالم الرملية (رواية)
* شعب الثالثة فجراً من الخميس الثالث (شعر)
* لوعة الأليف اللاموصوف المُحير في صوت سارماك (رواية)
* ترجمة البازلت (شعر)
* هياج الإوز (رواية)
* التعجيل في قروض النثر (نصوص)
* حوافر مهشَّمة في هايدراهوداهوس (رواية)
* السَّيل (بلغتُنَّ، أخيراً، عُمرَ الأربعاء) (شعر)
* السماء شاغرة فوق أورشليم (رواية)