اليوم الخامس
فجأة انبعثت عاصفة من قاع الأرض،متقدمة عن موسم هبوب الرياح بمقدار ثلاثين ليلة، أو تزيد، ولم تبعث نذيرا لمقدمها كما جرت عليه العادة .
قبل هبوبها بليلتين كان الليل يعبر قريتنا وديعا رحيما يمس براحتيه أشجار الأثل التي انتدبتها الطبيعة كحرس حدود مكلفين ببث عيونهم في طرقات المدى لرصد القادمين لداخل القرية تشاركها أشجار السلم والرديف وأعشاب برية لا حصر لها توافدن كالأيتام الذين لم يجدوا عائلا فاقتعدوا قارعة الطريق تاركين أنفسهم ينمون كيفما يحلو لهم من غير أن ينهرهم أحد أو يشذب سلوكهم النافر مقص مزين .
ليل وديع يهف بنسائمه ردائم الفل فيعبق المكان منتشيا بارتفاع أغاني الصبايا محتفلات بزفاف سلمى بنت عبده هادي،أغان استرق سمعها رجال القرية المتناثرون حول المخدرة - التي أقيمت في الجانب الغربي بجوار الطاحونة العثمانية - وفاحت منها روائح البخور اليمانية متغلبة على روائح الكاذي والعزاني وتمددت رغبات طرية في قلوب الفتيات اللائي مكثن يترقبن العروس في خطوتها نحو بيت إفراغ الرغبات وهي تجاهد دما طفر من وجنتيها وتدس رأسها في خفر مبالغ فيه بينما هربت عيون أندادها في اقتناص نظرة عشق من أولئك الشباب المارقين بين صفوفهن لرفع رأس صديقهم بتقديم أفضل الخدمات لضيوف الحفل ..
وظل الكبار من الرجال يتبادلون الأحاديث على مقربة من مكان العرس بعدما أفرغوا بنادقهم في طلقات متعددة غابت في الفضاء وبقي دخان واهن يتراقص على فوهات تلك البنادق العتيقة،ولم يتنبهوا لمقولات حسن العجمي تلك المقولات التي لم يكن أحد ليركن إليها في الأساس .
فلم يكونوا ليعتدون بأحاديثه التي يشبهونها بالعشب المتطفل ،كان يغتاظ منه البعض حين يظهر علما زائفا على حد تعبيرهم وينعتونه بالمتنطع،وقلما يشاركونه أوهامه التي تنبت في رأسه على حين غرة وتحولهم إلى بهائم ينهقون به ليكف عن جلدهم بتلك الآراء العرجاء التي لاتعبر عرجتها أقرب بوابة من عقولهم،ولم يكن ليكف عن نثر أفكاره كلما عنت له،فُلِقَ رأسه في إحدى المرات حينما تندر بإحدى العجائز التي عللت اهتزاز الأرض تحت أقدامهم بان الثور المكلف بحمل الأرض نقلها من قرنه المجهد منذ مئات السنين لقرنه الآخر ،سخر منها واتهمها بالجهل وقبل أن يوضح لها استدارة الأرض وتجاذبها مع كواكب أخرى في دوران منتظم قبل أن يفعل ذلك شجت رأسه بعصا دابتها الغليظة وهي تصيح به :
- لاتمحقنا أيها الكافر ..تب قبل أن تصيبنا قارعة من لسانك الجالبة للعذاب .
ولم تجد شكواه أذنا صاغية فقد نهره ابنها وأمره بمغادرة البيت قبل أن يفرغ فمه من لسانه الطويل .
وبعد تلك الليلة أقسم أن لا يحدثهم بأي شيء يطوف في رأسه مهما احتاجوا إليه وقد حنث بقسمه مرارا،ففي كل مرة يجد أن لسانه سرب كنوزه التي لا يقدر ثمنها أحد،وفي ليلة زفاف سلمى كان يقلب بصره في النجوم المتناثرة محاولا جذب الناس إليه :
-الأنواء تنبئ بأن أمرا جللا سيحدث
كان يتطلع للسماء الصافية المحتفية ببدر تآكل منذ ثلاث ليال :
- الجوزاء على غير عادتها .
وعندما لم يلق له بالا نثر كلماته في الهواء :
- النجوم لوحنا الذي نقرأ منه ما سوف يحدث
تلقفه بعض القرويين بالسخرية ومالوا على بعضهم في تبادل أحاديث الليل الملتهب بزغاريد أخذت تتمطى في الأفق وتسقط في الأذان محرضة على إضمار شبق مستعر وقد بيت النية من كانت له مهره تعبر به ذاك المساء العاصف بأن لا يتوقف ركضه حتى وإن سال النهار على حافتي الوادي .
كانت الكلاب تعزف عواء متقطعا على خدر ظلمة سقيمة اخترقتها بغلة خبت في مجاهل خبوت منذ ليل قديم كانت تهرول بتحريض مستمر من قدمين تلكزانها بين خاصرتها مخترقة سوق القرية وعلى ظهرها جلس صالح التركي متكبكبا وجيوش من الرغبات تخطط لمداهمة زوجته على حين غرة، كانت خواطره تهل كمطر موسمي أغرق كل السنابل المتحفزة للنهوض وذاكرته تجدف في الأيام الماضيات علها تمسك بأخر التقاء فقد أنهكه سفر طويل نسي فيه استدارة صدرها وهيئة عظمة عجزها،انشغاله بخواطره مكن بغلته من التقاعس فمنحت مفاصلها الواهنة بعض الاسترخاء فأخذت تتلكأ في سيرها وكلما استبطأ سيرها نغزها بمهمازه لتعود الانتباه ومواصلة السعي الحثيث لمبتغاه،حينما بلغ منزله كان البيت منطفئا تجوس به أشباح من أخيلة نبتت على لبنات العشة لحمار ورجل طبعت متراكبة في نسخ توزعت في صدر العشة..ومن هناك كان صوت طبل يدوي ويتراقص بيد نساء فائرات ،انزل حمولة بغلته مكدرا وأضطجع متعللا بطيفها ومنتظرا أن يرى استدارة نهديها،وسماع عتابها الشهي من قسوة غيبته الطويلة التي هجرت معها ليالي رطبة دافئة،أطفأ فوانيس الدار وانتظرها على ضوء كشاف أحضره من الحجاز .
ومع طلوع شمس ذلك ا النهار كان شيء ما يحتدم في الفضاء،ويغزل سرا ليوشوش به الأشجار الغافية على مداخل القرية،فاهتزت له وجلة ،وقبل أن يصل خوفها لمسامع القرويين كانت العاصفة قد حلت وبسطت أطرافها في كل الأركان بنزق طفولي . لا،لم تحل بل ثقبت الأرض وانفجرت دفعة واحدة .
ومع مطلع انبعاثها كانت تهيئ نفسها لأن تعيث في القرية فسادا من غير أن تستأذن أحدا في مهمتها الطارئة،هكذا توالدت أعاصيرها من شتى بقاع الأرض كانت تسير متخفية في أردية رياح طيبة دخلت إلى القرية من كل منافذها حتى إذ استقرت في قلبها انفجرت فجأة ..
ولم تمهد لمجيئها بعلامات،كأن تلون الأفق بغبارها، أو تهب من مكان واحد، أو ترسل رائحتها، أو تأتي في موعدها المحدد على أقل تقدير ،لم تشأ أن تفعل كل ذلك،أرادت أن تفاجئنا بقدومها دفعة واحدة ،فولدت متكاملة،ظهرت على هيئة مخروط رأسه يدور على سطح الأرض بينما قاعدته تتسع وتبتلع كل شيء ،اجتثت الأشجار وقلعت لبنات العشش وقلبت الصحون المعلقة داخل المنازل وأسقطت الأواني الفخارية المنتشرة في أفنية البيوت عبثت بكل شيء، وهي تزمجر لاهية،فكانت أشجار وأوراق وأعشاب وبعض من أغصان الأشجار - التي اعتصمت بجذورها - تدور في فلكها معلقة في الهواء ومن لم يقع في مركزها اكتفت بسفيه برمالها الناعمة الحارقة فغطت البيوت المنكبة على أهلها وذرت رمالها في حدقات أولئك الذين سارعوا بالانزواء من بطشها أو أولئك الذين خرجوا مضطرين لإغاثة الصبية المتغيبين عند أبار المياه ،أو الرعاة الهائمين في بطن الوادي،ولم يكن في بالهم إغاثة الرعاة أو الزّراع الذين خرجوا من الغلس لحماية عذوقهم من نهم الطيور المحلقة على رؤوس السنابل.
كان داود بن ليلى العرجاء يعاكس الرياح في محاولة للوصول إلى مدخل بيته فحملته عاليا وطوحت به فسقط جثة هامدة وأخذت تدفعه مع كل ماحملته من القرية فصاح عبده إبراهيم :
- والله إنها ريح صرصر كريح ثمود .
وكلما حاول رفع يده للسماء هبطت على جانبيه فدعا بصوت جهوري :
- اللهم نشهد أنك لا إله إلا أنت فجنبنا ما كتبته على القوم الظالمين .
وأوصى بوصية لم يسمعها سواه ونفذها على الفور حيث ربط نفسه بحجر كبير كي لا تجرفه الرياح مع من جرفته،وتأسى به من رآه حيث كان همهم في تلك النازلة الإمساك بحجر وصنع انشوطة من حبال الكتان المجدولة بإتقان وحجز أجسادهم النافرة بذلك الحجر أو التثبت به في أحسن الأحوال .
كانت الرياح تئز كحيوان جريح أخذ يبطش بمخالبه كل من يصادفه بلا هوادة وفي لحظات كانت تركض في الخلاء بزئير يحاول تضميد جرح انبثق ولم يلتئم .
خرج أهل القرية من بيوتهم متفقدين ما حل بماشيتهم وزروعهم وبيوتهم وقبل أن يطمئنوا على مقدم الصبية الذين خرجوا لجلب الماء كانت تنتظرهم مفاجأة أخرى فقد غدا الجو محمرا ناشرا رائحة التراب وباذرا وحشة رانت على أطراف القرية وحركت أحشاءها بعاصفة أخذت تعوي بصلف .
تصايح بعض الرجال الملتصقين داخل السوق :
- والله هذا طالع حسن العجمي المشؤوم .!
- تقول كأنه يقرأ من كتاب ..ابن القحبة .!
- لا تحمل ذمتك بمثل هذه الكلمة الثقيلة في هذا الوقت .
- هذه علامات أمطار ..يبدو انه سيكون يوما ماطرا .
- لكن موسم الأمطار لم يحن بعد .
- وهل جاء هبوب الغبرة في موعده ؟
- علينا بالإسراع والاستعداد لاستقبال يوم ساحق .
قال العسكري موسى وهو يغطي بضاعته عجلا :
- بل هذا يوم سحت .!
كان الجو يتلون ويفرز شيئا يقترب من الكارثة فقد احتجبت الشمس خلف سحب داكنة وغارت هناك تاركة الكون نهبا للظلام .
ظلام دامس تربع في الأفق كنمر انهى للتو اصطياد فريسة دسمة وأخذ ينهشها لتسيل من بين أنيابه كسفا من ليل مظلم .
وتحولت أطراف القرية إلى مداخل للصبية العائدين من الأبار، والفلاحين القادمين من الحقول ،والرعاة الهاشين على أغنامهم التي ظلت الطريق بينما حاول الرعاة الاستهداء بحاستهم لمعرفة الاتجاه الصحيح.
- خسفت الشمس .!!
انطلقت الحناجر مهللة ومستغفرة حين اعتلى صوت عبده هادي محذرا :
- لاتظهر هذه العلامات إلا في قوم عصوا الله وما أظن خسوف الشمس إلا بداية نازلة تحل بنا فلا تبقى ولا تذر .
تفاقم الخوف في أوصال القرية فتقاطر الناس استجابة لنداء المؤذن :
- الصلاة قائمة يرحمكم الله …الصلاة قائمة يرحمكم الله
المؤذن يتغرغر بصوته كديك مذبوح حيث تتقطع الكلمات على فمه تعلو لمناطق شاهقة وتهوى لقرار مكين . كان أخر نداء كمن يزفر روحه مطمئنا لذلك الجهد الذي بذله منذ أن غاصت الشمس في لجة الليل البهيم ،وقبل أن تتدافع خطوات المصلين لداخل المسجد،انشق صوت العبد مرزوق عن مفاجأة أخرى :
- يا ناس ..يا ناس اسمعوا لقد ظهر النبي إبراهيم
صاخت الأذان في ترقب بينما ألفى مرزوق كلماته كالحجارة :
- النبي إبراهيم في بيت صالح التركي .!!
تراجعت الخطوات وانسحبت قبل أن تخطو عتبة المسجد،وتحلقوا حول المنادي :
- هل جننت يامرزوق .؟
- والله لقد سمعت أنه في بيته .
- النبي إبراهيم في بيت صالح التركي،كيف .؟
قال آخر :
- لا تصدقوا هذا الأخرق فصالح التركي في الحجاز .
وجد صوتا آخر يجيب :
- لقد عاد أول البارحة .
كان لهاث المنادي قد هدأ بعض الشيء :
- والله لقد سمعت أن النبي إبراهيم في بيت صالح التركي .
بلع ريقه مكملا ومحاولا إصباغ ملامح وجهه بهول الأمر :
-….ليس لوحده بل معه ابنه إسماعيل، وجبريل، وكبش من الجنة .!!
- وهل دار الزمان دورة للوراء حتى يظهر النبي إبراهيم .
- لا أحد يركن لمقولات العبيد،فهذا العبد أخرق منذ أن ولدته أمه .
اغتاظ مرزوق ونظر لمحمد عبده ساخرا :
- أوتظن نفسك من الأشراف يا ابن صالحة العجمى .؟
- أمي العجمى من سلالة العرب الخلص يا عبد يا ابن العبد .
كادا يتجاذبان السباب إلا أن المتجمهرين حالوا بينهما وعاد السؤال ملحا :
- هل أنت صادق يامرزوق .؟
- والله كما أقول لكم .
صاح أحد المتجمهرين :
- والله هذه الغمة لم تأتِ إلا لأمر جلل .
وخرج صوت ضعيف مرددا :
- والله قامت القيامة .!
وسجد في مكانه ولم ينهض من سجدته فقد رف جسده كجناح طائر صغير سرعان ماسقط في مكانه مقلوبا وبقيت يداه معلقتين صوب السماء ،فلم يكترث بحالته أحد،فقد تبرع الجميع بترديد تلك المقولة :
- لقد قامت القيامة .!
هذا الصوت سرعان ما تضخم وغدا صوتا جماعيا يردده الحضور فمادت الأرض وزاغت العيون
وارتج الناس وتراكضوا صوب بيت صالح التركي فيما كانت العاصفة تنهب أرديتهم وتقلل من اندفاعهم .
خرج إمام المسجد من مصلاه بعد أن نفر الناس من داخل المسجد وكانت دهشته بالغة لرؤية تقافز المصلين من مواقعهم غير ملوين على شيء،فاعترك داخله خوف طاغ ،وخشي أن تكون كارثة حلت بأهل القرية قبل أن يستجيبوا لنداء الصلاة قائمة،واستبدل خشيته بسخط عظيم حينما أسر له المؤذن بما جاء به مرزوق فسفه استجابتهم لمثل هذه المقولات وهمَّ بان يخطب فيهم،وقبل أن تنطلق الكلمات من فمه كان جميع أهل القرية يتراكضون صوب بيت صالح التركي ،كان محتدا وهو يتبعهم محاولا اللحاق بهم:
- يا ناس الذي يخرج في أخر الزمان سيدنا عيسى وليس سيدنا إبراهيم، وقبله يخرج المهدي المنتظر، فهل سمع أحدكم بظهور المهدي . ؟
- عيسى،موسى، قامت القيامة ،وخلاص ياسيدنا .!
لهذه الهوجة فزع الأطفال، والنساء،وخرجوا من مساكنهم تابعين تلك الحشود المتراكضة ،وهم لا يعرفون ما حدث سوى أن العاصفة، والظلام اللذين حلا بالأرض يحملان كارثة لا يعرفون كنهها،فتساقط أطفال من أحضان أمهاتهم النادبات وغالب العجزة عجزهم،وتدافعوا حول بيت صالح التركي الذي راعه ذلك التزاحم ..كان قد انتهى من وضوئه للتو وقد تقاطر الماء من لحيته الكثة ،كان يشد مئزره مثبتا جنبيته اليمانية على الجانب اليمن من خاصرته ومتجها للمسجد لتلبية نداء المؤذن وحين لمح القوم مقبلين عليه تراجع متوجسا وذارفا أسئلة متلاحقة:
- ماذا بكم ؟
- ما الذي حدث ؟ بيتي ليس مسجدا .
جارت أصوات متعددة :
- يقول الخادم مرزوق أن في بيتك النبي إبراهيم .
- وابنه إسماعيل .
- وجبريل أيضا .
- ويزيد أن معهم كبشا من الجنة .
ضحك حتى كاد يقع من طوله لكن ضحكاته استفزت المتجمهرين وعرفوا ان في الأمر كذبة من ذلك العبد فقبضوا على رقبته فتملص منهم وهو يصيح :
- والله هذا ما قالته زوجته .!!
تراجعوا عنه،وأحاطوا بصالح التركي :
- ما الخبر يا صالح .؟
- صدق مرزوق .!
ندهت شهقات من أماكن متفرقة :
- صدق !!
- نعم وسوف ترونهم جميعكم .!
فارتفع التهليل ،والاستغفار، وتساقطوا حيث كانوا ،وظلت قلة قليلة مترابطة الجأش :
- يا صالح الأمر لا يدعو لأن تظهر لنا ظرفك .
- أقول لكم سوف ترونهم لو أردتم .
- سيدنا إبراهيم،وسيدنا إسماعيل ،وكذلك جبريل، والكبش .!
- نعم ،جميعهم .
- لابد انك جننت .
- إياك أن تسخر منا .
- وما الذي جاء بهم إليك .؟
وصاح العسكري موسى :
- لم نعهد فيك طاهرة حتى يأتيك المرسلون .
لكن صوته حمله الريح بعيدا فلم يسمعه إلا من جاوره ولكزه بمعصمه :
- هذا من المجاهدين حارب اليهود وله كرامات .
فاغتاظ موسى ورد عليه :
- ذهب إلى جدة وقال لكم أنه ذهب إلى فلسطين .
قفز رجل ثالث بينهما :
- والله لقد ذهب إلى فلسطين .
- دع عنك القسم وسألني عنه .
- أنت خسيس يا موسى أتظنه عسكري مثلك ترك حراسة القرية وامتهن بيع الموز والسمن .
تشاجرا فيما بينهما بينما كانت الأصوات تطالب صالح التركي ملحة :
- نريد رؤيتهم .
صاحت امرأة مسنة :
- وهل سيظهرون لنا في هذه الغمة .؟!
لم تجد جوابا شافيا بينما انسحب صالح تركي لداخل عشته،وتحوط الناس داخل الفناء غير مصدقين الخبر،ومع دخوله صاح أحد المتجمهرين :
- من كان على جنابة أو ظلم نفسا أو حيوانا فليبتعد .
تنافر بعض الرجال وكثير من النساء وظلوا من على بعد يرقبون ما سيحدث،وعندما وجدوا أن تلك التجمعات طوقت بوابة مدخل بيت صالح التركي تدافعوا غير عابئين بما سيحدث،ومع ذلك التدافع تساقط ضعيفو البنية،ووجدوا أنفسهم يستغيثون من تلك الأقدام التي هرستهم ،وقبل أن يسترجع الجمع هدوءهم خرج صالح التركي حاملا صورة كبيرة،ظهر بها شيخ وطفل وكائن له جناحان غطت أبعاد الصورة وكبش سمين أسفل قامة الشيخ والطفل الممدد على الأرض ،فتصايح الناس :
- ما هذا يا صالح .؟
- صورة النبي إبراهيم،وابنه إسماعيل،وجبريل، وكبش من الجنة .!!
كز الإمام على أسنانه :
- قبحك الله في كل كتاب،أنت ومن يتبعك ،فوت علينا صلاة الخسوف .
وانسحب مع المؤذن باتجاه المسجد بينما ظل أهل القرية يتناوبون لمشاهدة تلك الصورة غير متحفزين لاستجابة نداء المؤذن :
- الصلاة قائمة ….
وكمن يئس من استجابة لصوته ترك النداء وصاح :
- صالح التركي سبب كل المصائب فعودوا للمسجد يرحمكم الله .
بزغ شعاع ضئيل من تلك الغمة وأخذت الشمس تنزع نفسها نزعا من ذلك الظلام الدامس بينما كان النساء،والأطفال لا يزالون ينتظرون دورهم لرؤية النبي إبراهيم ومن معه .
سيرة ذاتية الاسم : عبده محمد علي خال حمدي اسم الشهرة : عبده خال من مواليد إحدى قرى جازان (المجنة ) عام 1962 حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية جامعة الملك عبد العزيز 1987 اشتغل بالصحافة من عام 1982 يشغل مدير تحرير لجريدة عكاظ السعودية متزوج وله ثلاثة أبناء وبنت واحدة هم : وشل - معد - عذب أما البنت فاسمها (جوى) مشاركاته : شارك في إحياء أمسيات قصصية وحوارية في كل من الاندية التالية : نادي جدة الأدبي - نادي جازان الأدبي - نادي الطائف الأدبي - نادي القصيم الأدبي - نادي الدمام الأدبي- نادي أبها الأدبي - نادي حائل الأدبي - نادي الصواري الرياضي بفرسان. يتمتع بعضوية في كل من : نادي جدة الأدبي - نادي جازان الأدبي - نادي الصواري بفرسان شارك في أمسيات قصصية في جمعيات الثقافة والفنون وهي : جمعية الثقافة والفنون بالطائف - جمعية الثقافة والفنون بالاحساء - جمعية الثقافة والفنون بالدمام - جمعية الثقافة والفنون بالرياض،جمعية الثقافة والفنون بالباحة. شارك في أمسيات قصصية في عدد من المدن العربية قدم شهادة عن تجربته الرواية تحت عنوان (أفق التحولات في الرواية العربية ) بدارة الفنون (مؤسسة عبدالحميد شومان ) بعمان - الاردن 30 سبتمبر 2001 دعي لمهرجانات عربية وهي : مهرجان الشعر والقصة الرابع لدول الخليج العربي مهرجان القرين الثقافي بالكويت احتفالية مجلة العربي بمرور 40 عاما على صدورها مؤتمر الديمقراطيات الناشئة باليمن. يشارك في تحرير دورية الراوي الصادرة عن نادي جدة الأدبي والمعنية بالسرد في الجزيرة العربية يشارك في تحرير مجلة النص الجديد وتعنى بالأدب الحديث لكتاب المملكة العربية السعودية له زاوية بالصفحة الأخيرة بجريدة عكاظ أسبوعيا (حقول ) كتب في العديد من المجلات العربية والمحلية مجلة العربي الكويتية أخبار الأدب المصرية جريدة الحياة مجلة الحدث الكويتية مجلة نزوى العمانية مجلة الناقد مجلة ابداع المصرية ترجمت له العديد من القصص إلى اللغة الانجليزية وهي : رشيد الحيدري - الأوراق - ماذا قال القميري - القبر - ومجموعة قصص للأطفال ماخوذة من مجموعة حكايات المداد للأطفال. قامت الأستاذة مي غصوب بترجمة فصل من روايته مدن تأكل العشب الى الإنجليزية. الجوائز الحاصل عليها : مجموعة من الدروع والميداليات والشهادات من الأندية والجمعيات الثقافية التي شارك بها. تم تكريمه في جمعية الثقافة والفنون بالدمام وقدمت دراسات عن تجربته الروائية. المؤلفات الأدبية : حوار على بوابة الأرض مجموعة قصصية صادرة عن نادي جازان الأدبي 1984 لاأحد مجموعة قصصية صادرة عن مركز الحضارة العربية بالقاهرة 1986 ليس هناك مايبهج مجموعة قصصية صادرة عن مركز الحضارة العربية بالقاهرة 1988 الموت يمر من هنا رواية صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1991 حكايات المداد مجموعة قصص للأطفال صدرت عن نادي جدة الأدبي 1994 مدن تأكل العشب رواية صدرت عن دار الساقي بلندن 1998 من يغني في هذا الليل مجموعة قصصية صدرت عن دار الراوي بالدمام 1999 الأيام لاتخبىء أحدا رواية صدرت عن دار الجمل 2001 مخطوطات : ذاك البعيد كان أنا رواية الأوغاد يضحكون مجموعة قصص دهشة لوميض باهت (محاولات للوصول إلى الأصعب ) مجموعة قصص قصيرة جدا قالت حامدة تسجيل لأساطير الحجاز (مائة حكاية وحكاية ) خرفينة تسجيل لأساطير جنوب الجزيرة العربية (مائة حكاية وحكاية ) العنوان : السعودية - جدة ص.ب 33589 الرمز البريدي 21458 جوال 055646336 abdukhal@yahoo.com |