أديب كمال الدين
(العراق)

بسم الله الرحمن الرحيم
ن، والقلم وما يسطرون .
صدق الله العظيم

الإهداء
الى نقطتي وهلالي ..
بمناسبة استمراري حيّا حتى الان .

قصائد (نون)

أديب كمال الدينلكل من لايفهم في الحرف أقول:
النون شيء عظيم
والنون شيء صعب المنال
انه من بقايا حبيبتي الامبراطورة
ومن بقايا ذاكرتي التي نسيتها ذات مرّة
في حادث نوني عار تماما عن الحقيقة
ومقلوب، حقا، عن لبّ الحقيقة
وهكذا اتضح لكم كل شيء
فلا تسألوا، بعدها، في بلاهة عظيمة
عن معنى النون!

*

لعنفوانكِ ينبغي أن انحني
لجمالكِ ينبغي أن أكتب الشعر
لمحبتكِ ينبغي أن اخترع ابجدية جديدة
لعشقكِ ينبغي أن أعيد اكتشاف الدموع .

*

ينبغي للشاعر أن يعشق
حتى يتعرف الى الشمس وهي تشرق ليلا
والى الهلال وهو يصبح نوناً من غير نقطة
والى النقطة وهي تصبح سحرا
يضيء فحمة الليل .

*

منحك ايتها النون المجنونة بالجمال والانكسار
مجدَ الكلمة
وسأعلنكِ امبراطورة حقيقية
وأتوّجك في احتفال سري عظيم
بتاج الحروف
وقلادة الكلمات
وطيلسان القصائد
ووسام الهيام
وعصا السحر .

*

ين كنتِ كل هذه السنين ؟
لماذا صعدتِ الان الى سطح ايامي
بعد أن كان الغموض يأكلكِ
كما يأكل سمكُ القرش السمكَ الصغير ؟
هذه أسئلة وضعتُها أمام النون
فرأيتُ الالفَ يلقي بنفسه في البحر
بهدوء

*

كلمةً عابرة منك أعادت لي يومي المسروق
وشمسي الضائعة
وابتهالاتي التي لاتكفّ عن التمتمة
كلمة عابرة منك رتبت نبضات قلبي
وأعادت لها الرنين
وايقاع الحنين .

*

عترف لكِ الان أن الشاعرمجنون
والعشق جريمة
فمنذ أن عرفتكِ وأنا لاأكفّ عن الهلْوسة
أمام ايقاع نونك المريب
ولاأتوقف عن ترجمة أحلامي الى كل لغات الأرض
متصوّراً ان اللغة تعيدكِ الى نفسك
وتعيدُ نفسكِ اليَّ
فأنتبهُ الى نفسي
أيتها الاسطورة الضائعة فيَّ .

*

ينزفُ الشاعر حين يعشق
آلاف الكلمات والحروف
ليغربل لغتهُ من أدغال الصدأ
ويغربل قلبه من أدغال الموت .

*

يتها الامبراطورة ...
سمعتُ انكِ بحاجة الى ملك أو أمير أو شاعر
أو عاشق أو جّلاد أو خادم او شحاذ أو
صعلوك أو مهرج أو بواب
ولأجل ِ أن أنال نونكِ فأنا مستعد أن أكون
الملك أو الأمير أو الخادم أو الشحّاذ أو الصعلوك
أو المهرّج أو البواب
أيتها الامبراطورة ...
تذكّري هذا المجنون الذي لايكفّ عن ترديد
هذه النغمة ليل نهار أمام قصر حبك
تذكّريه فهو يشبهني تماماً ...
انه أنا !

*

خلتُ في الايقاع الخطير
لقد بدأ الحب يسدّ عليّ مسامات روحي
ويعلن في مكبرات الصوت :
أنني خطأ فادح
وأنك خطئي الذي يتكرر في الساعة
ستين مرة .

*

الامبراطورة حبيبتي
لم أعد استطيع النظر اليها من فرط الحب
لم أعد استطيع أن احدثها من فرط الصدفة
لم أعد استطيع أن أشير اليها
أو الى نونها من فرط البهجة
وهكذا يصغر لديّ العالم شيئا فشيئا
حتى يكتمل ضياعي ويبدأ موتي السعيد .

*

وك
أسرعي في قتلي ..
فنزف الحروف يوميا
يصيب قلبي بفقر الدم .

*

يتها الامبراطورة ..
أنا الصعلوك الذي سيقود كلّ لغات الأرض
ليتآمر على عرشكِ ويسرق كنوزه
وينسفه
ثم بهدوء يجلس بوّاباً
يحرس ممرات العرش من العابثين !

*

معتي حجر .

*

مصيبتي انني ألتقي بقاتلتي كل يوم
أتبسّم لها
مفتوناً بجمالها الغامض
وأعطيها السكين
لتذبحني من الوريد الى الوريد
دون أن أتفوّه بكلمة واحدة .

*

مي يسقط
وجسدي ينهار بهدوء اسطوري
وروحي تتحول الى رماد
لكنها تتماسك
كما يتماسك الحظ السيء .

*

موتي مناسبة طيبة
لأعزّي نفسي بهدوء وصدق .

*

معتي اله .

*

قاً لك أيتها الضائعة
سحقاً لنونك
سحقاً لنقطتكِ .

*

خيبتي فيك بحجم الطوفان .

*

لكني لم أكن نوحاً
ولم تكن عندي سفينة
لذا طاف جسدي فوق الماء
طاف و طاف حتى مللت من الطوفان .

*

م بكيت على هذا الجسد الغريق
بكيت
وبكيت
وبكيت
لكني لم أجد من يأبه لي
سوى رصاصة الرحمة
التي أطلقتها على رأسي حرفاً
قادني الى النور
والى الشمس
والى الطمأنينة
والى الموت العظيم .

*

الى الكاف
أذهب لاجئاً مستجيرا
فخذيني أيتها الكاف
وبددي موتي الدائم الوصول كزلزال
وبددي ذكرى طفولتي وأرجوحتها المهجورة
بأنوارك
وشمسك الكبرى
واذا اقتضى الامر بددي روحي
ولاتتركيني كالمشنوق الذي أنقطع الحبل
به قبل الموت .

*

ياكافي ...
بين يديك ألفي
بين يديك دمعتي وشمس روحي
فأرحميني ..
ولتكن رحمتك
أربعة من الطير يأتين سعياً
وبحرا ينشقّ فأدفن فيه همومي
وعرشاً تضيء فيه كماناتُ دمي وطبولُ طفولتي
وقمراً يجلس بين حواجبي وظنوني .

*

موتُ و معي حرفي
وأبعثُ من الموت
ومعي حرفي .

*

معتي عبث !

*

ليس غريباً أن أبتهل الى نقطة الحرف
وأجلس قبالتها مذهولا في مسراتها
ومجيئها من الشرق الى الغرب
محملة بالدفوف والدموع والطبول
ليس غريباً ، بعد هذا ، أن أبتهل الى الهلال
وأدعوه لينقذني من نفسي .

*

ما أن تراكِ الابجدية
حتى تنفض عن ثيابها
النوم والنسيانَ واللامبالاة
لتأخذ من كفكِ شمس الحنان
وينبوع َ الصحو
واناءَ الانتباه
وملعقة َ الحب
وملحَ الطمأنينة

*
انظري الان ياحبيبتي
إن في الحرف لسحرا
يطوّقك فلا مهرب عنه
الا الى الضياع .
أنا انتظرُ أن تضيعي
وتذوبي
وتمّحي
لأدفن جسدكِ البضّ في شمس من الحروف .

*

وا أسفاه
أنتِ فرح متكلس
وأنا جنون ينبض .

*

وا أسفاه
كيف مزقتِ - بهذه البساطة - جغرافيا الجسد ؟
والقيتِ القبض على جغرافيا الموت ؟

*

ها أنذا أنتظر من الحروف أن تهبط لي
بشلالات شمسكِ
وأنهار ربيعكِ
وجداول شوقك
وقطرات وعودكِ
وذرّات اشاراتك
ونواة طمأنينتك
والى الان فلا ملاذ لي سوى الحروف
والى أن أجد ملاذا آخر
فأنني أجلس امامها
كما يجلس المجانين أمام الأنبياء .

*

ها انذا أقترب منك لأبتعد عنكِ
أصل اليك لأغادرك كوميض البرق
فرحاً كغيمة .... محزوناً كبحر ميت
لكنك في طلاسم جسدي أبدا
مرآة حب كبيرة تتعرى .

*

يّ سحر هذا ؟
إنّ حرفك ليخلق اسمي من جديد ياحبيبتي
وأنا أضحك من هذا السحر
كطفل يرى المطر أول مرّة .

*

الحرفُ هو الزلزال
وأنا اسكن الحرف يازلزالي .

*

ليس للعبتكِ نهاية
وليس لخيالكِ بدء
وأظن أنك ستنهين عبثك العظيم
بأن تطلقي عليَّ الرصاص
وأنا أضحك من الضحك .

*

نظري :
الفراغ سيد العرش ونحن عبيده .

*

نظري :
بخلك اسطورة
وكرمي سفينة من الخرافات .
وا أسفاه
أية قصيدة تبدأ بك تفضي الى الموت !

*

نكِ طير
وحزني تمساح .

*

يتها الاسطورة الضائعة
هناك مؤتمر صاخب للاساطير
سيعقد قريبا في قلبي
فلبّي الدعوة أرجوكِ !

*

بّكِ
كما يحب المجنونُ الأطفال َ الذين يرمونه بالحجارة .

*

تُ أرى نونك من غير نقطة
فأبكي .

*

خرافاتكِ امتدّت وأصبحت ْ بحرا
فدعوتُ الجغرافيين ليعطوه أسماً .

*

ذات يوم
ستبكين أيتها الضائعة
على السنين الطويلة التي سفحتها
امام جبل انتظارك .

*

اجمل مافيك : أكاذيبك
التي لاتكف عن التجدد والانبعاث .

*

تحبينني بالسنسكريتية
وأحبك بالعربية !

*

ت تشاركينني مخاطبة الكاف
والبكاء بين يديها
والسجود العظيم في حضرتها الخضراء
فمتى ستشاركين دمي غربته
وحرفي محنته
وألفي انتحاره ؟

*

بكِ جرّاح
سيقتطع جزءاً من قلبي
وحين يعجز سيضع لي
شيئا من السم اشربه فأموت .

*

قررتُ أن أهجوك
فمدحتُ نفسي !

*

بّكِ وباء أصاب خلايا جسدي كلها
فتساقطتْ كجبل منهار .

*

بّكِ ناطحة سحاب
حلمتُ بها
وخططتُ لها وبنيتها طابوقة طابوقة
وحين أكتمل البناء العظيم
نسفتُها من الأعماق .

*

ولكِ ابتهال
وعيناكِ جنة .

*

البارحة سقط عام جديد امام داري
ففتحتُ الباب مدهوشاً
وجمعتُ شظاياه
ثم صنعتُ منها تمثالا لك .

*

في نونك سحر
وفي ألفي زلزال .

*

متى ستمسح الكاف
نقطة نونكِ من رأسي
كي يتوقف نزيف حرفي
فأنام ؟

*

بّكِ يدعو لكل شيء
حتى لعبادة الأصنام !

*

معجزتي أنتِ
أنا الاله الميت !

*

عوم في الفراغ :
أخرج من الفراغ
ملطخا بدم الفراغ
وأعود اليه مفتوناً بعذابه السري .

*

لازلتُ- وقد عبرت أربعين موتاً -
طيراً لايعرف الطيران
ولازلت - وقد عبرت أربعين بحرا -
شاطئا يبحث عن سفينة .

*

(( أحتاج اليكم )) .
صرخ المغني من الاعماق
فتحولتُ الى حاء وتاء وجيم .
وصرتُ كافا ً بشوقي
في حضرة الكاف الكبرى .

*

انت الباءُ جنة َ عدن
لكنّ الشياطين احاطوا بوابتها
حتى وجدوا منفذا فاخترقوا نقطتها
وكسروا زجاجة روحي فرحين .

*

مات حبي قبل عشرين عاما
ولم أزل الى الان استقبل المعزّين .

*

ببتُ - مثل كل مرة - سيدة ضائعة
حتى أضيع أبدا في المجاهيل .

*

الموت ذاكرة لاتذكر أحدا ً
حتى تاء طفولتها الممزقة .

*

ين منا لقاءاتنا المشمسة ؟
أين منا مصادفاتنا ؟
أين منا نزواتنا ؟
أين منا غيومنا التي كنا نركبها
قبل أن تلقينا الشياطين الى الأرض ؟

*

نتِ من تكونين
حتى اشغل أنفاسي
وأشغل حروفي
واشغل موتي بك ؟

*

وصلت الى .........
دون ان امسك ذرة من انفاسك .

*

موتكِ عنوان
وحياتي صندوق بريد محطم بفراغه الوحشي .

*

قطتُ مثل كل مرة
ووقعتُ فانكسر موتي
فرممته برغبات نقطتك .

*

يتها النون ..
خذيني الى الساحل او الى البحر
الى الصمت أو الى الكلام
الى اللغة أو الى الطمأنينة
خذيني ..
فجلوسي في المابين
أفسد روحي
ومزقَ حاءَ طفولتي المجنونة .

*

يتها النون ...
أرسلت اليك الشين ..
هل وصلت ؟
وأرسلت اليك اللام ...
فهل وصلت ؟

*

بعد جنوني بك
ليس هنالك من فرح أنتظره
سوى الموت .

*

سقط المغني على موسيقاه
فقام متعثرا لاعنا ً
وسقطت على حرفي
فقمت طائرا مذبوحا ً
من الوريد الى الوريد .

*

قلبي الطيب كدمعة
والضائع كصحراء
قلبي الذي هو بحجم قبضة يدي اليسرى
كما يزعم الاطباء
أرسل لي برقية عتاب قاسية
بسبب قصص حبي الفاشلة حتما
وحين اعتذرت له بحروفية مطلقة
رفض اعتذاري
فقدمت له استقالتي
ومضيت في الطرقات
ضائعا دون قلب .

*

قلبي الذي يشبه طفلا مشاكسا ً
قلبي الذي نسي حاء الحقد الى الابد
وتشبث كمجنون بحاء الحرية
أرسل لي برقية يسخر من فشلي النوني العظيم
وحين قرأتها
ضحكتُ
وضحكتُ
وضحكتُ
ثم بكيت .

*

قلبي الذي يشبه نهرا كفَّ عن الجريان
أرسل لي برقية أخرى منتصف الليل
قال فيها : كيف وصل الامر بك ؟
أي غد مطعون ينتظرك ؟
وقال : لماذا لاتكون مجنونا ً مثلي
فتكف عن الجريان وسط الوديان
كفروي يحمل صرة ملابسه الممزقة ؟

*

قلبي ... ياقلبي ...
خنتُ الباء فغدرت بي
والتجأتُ الى الواو فبنت علي
طابوق الأزمنة الثقيل
وألقيت نفسي على النون عاشقا ً
فذبحتني بسكين اللامبالاة
وألقت بي من عمارة النسيان
ذات الالف طابق
ولذا أعتذر اليك من كل شيء
واعتذر الى كل قطرة دم فيك
ياقلبي ..
أيها المغفل العظيم .

*

قلبي ... أيها السيد الذي يتنقل
مابين كهيعص وقاف وطسم
ياصاحب البوابة المنقوشة بالمحبة
أرجوك
ادخلني في دارك
فإن
لم تدخلني
فعند من أنم هذه الليلة ؟

*

قلبي .... أيها النمر الجريح
الممتليء بالحروف وهذياناتها ،
جنها ، ونواميسها ، وقواميسها
قلبي .. أيها النمر الحروفي الجريح
البارحة ... خفت عليك وانت وسط البخور
ووسط الدخان
تستلهُم روحَ الماء
وآيات القاف
ومعجزات الجيم .

*

قلبي ...
ياصنيعة الكاف
ورؤية الكاف
ياجرح النون ونقطة الظنون
ياندبة الباء ورماد الأزمنة
قلبي ...
يامعجزة القاف
بل يا اعتذار القاف بماهو مكتوب
في اللوح المحفوظ
قلبي ...
ياموسيقاي المتشظّية
وكفاحي المقطوع اليدين
قلبي ....
ياجنوني المتّزن
واساطيري المحفوظة
في جيوب طفولتي المتهرئة
أعتذر اليك ...
ثانية وثالثة ورابعة وخامسة وسادسة وسابعة
حتى تكتمل بي سمفونية الاعتذار
ويكف الاعتذار نفسه عن الاعتذار !

*

ليس مهما كيف سينتهي حبّكِ
فلقد أحببتكِ
هل ستسلمينني الى الثعلب أم الى الذئب
الى الفرات أم الى الصحراء الكبرى
الى المشنقة أم الى العرش
ليس مهما
فلقد أحببتكِ ... وكفى !

*

أكثر ماأخشاه يانوني
أن تكوني باء مقلوبة
أو دالا تنكّر لها الجميع .

*

من الموت الى الحب
ومن الحب الى الموت
صرت اركب حرفي من محطة قلبي .

*

في شمسك يحيا القلب
بعد ان دمره الثلج
وصيحات اليأس .

*

مخيلتي العجيبة التي تنبأت بسقوط الدول
واهتزاز العروش وانكسار الريح وتمزق الاساطير
لاتستطيع اليوم ان تتنبأ بنهاية حبك .

*

حين اتصلتُ بك البارحة بالهاتف
عجبتُ : فمن اعطاك سلطة احياء الموتى
وقتل الاحياء ؟

*

أيتها الكاف ...
... شيئا ً من رحمتك التي وسعتْ كل شيء
تنزليها أمطارا على صحارى النون
علها تخضُّر فتخرجُ قمحَ الالف .

*

سأمتدحكِ ، ايتها النون ، أمام عمارات حبك
سأرثيك أمام خرائب حبك
سأهجوك أمام مشنقة حبك
وسأطريكِ امام عرش حبك
حتى أموتَ أو يأذن لي حبك .

*

من المخيف أن احبك كما أحبك
أيتها النون المليئة بالمجاهيل .

*

خرج لي الماضي ، أمامك ، أيتها النون
فقررت أن أنسفه
حتى تكون حياتي جديرة بك
نظيفة ً ، طرية ً ، دون ادغال .

*

من أول شروط حبك : المشي على الجمر
وقد مشيتُ ...
ولكن على حروف من الجمر .

*

أنت في عيني
وفي نور عيني
في الاولى حبيبة
وفي الثانية نون
فاذا جمعتهما وصلت القصيدة الى الذروة .

*

مئات القصائد كتبتها قبل أن تقولي : احبكَ
ما الذي سأفعله اذن لو نطقت بهذه الاسطورة
ذات يوم ؟

*

رمشكِ لم يكن رقيقا
رغم فتنته الطاغية
كان عذابا مضافا لطفولتي المعذبة .

*

انت بريئة من كل تهمة ملصقة بك
لا ... لست قاسية الحرف
ولست حجرية القلب
ولست ضائعة في الأزمنة والممرات
انا المتهم ...
وينبغي ، لمن يهمه الامر ، ان يحاكمني
بدعوى حب امراة قاسية الحرف ، حجرية القلب
ضائعة في الأزمنة والممرات !

*

الشتاء انقضى ...
والأغنية انقضت ..
ضاع مني ما ضاع
وبقيت انت غيمة تتلّبسني
كما تتلّبس الدمعة ُ قلبَ المحكوم عليه بالاعدام .

*

ماجدوى ان اكتب عنك
أو اليك
و حولك
لا انت تكتبين ما اكتب
ولا انا آبه لما تكتبين
ومع ذلك ، فإن الكلمات تنسلّ من بين اصابعي
حين أتذكركِ
كما ينسلّ الماء من بين اصابع الكف
وتتسطر على الورق أطفالا طيبين .

*

من أنت ؟
سؤال اطلقته بعد أن كتبتُ عنك
ديواناً كاملا
ولم أجد أية بارقة أمل
تعينني على حيرتي الكبرى
وضياعي المكتوب .

*

من أنقذني من الموت بعد أن قتلتني ؟
أظنها الحروف ..
وربما هي النقاط ..
وربما هي ال ( ربما ) .

*

الموعد الذي ينتظرنا ضاع في الزحام
وقيل انه تعرّض لعملية اختطاف مدبرة
شاركتِ فيها بكل جوارحك
وفساتينك التي لاحصر لها .

*

لم تعد ورقة قصيدتي بيضاء
صارت صفراء
ربما من الانين
ربما من الشتاء
ربما من رفيف أجنحة الطيور المهاجرة .

*

أعدتِ لي بكلماتك الباهتة
ذكرى كل من جرحتني من قبل
وألقت القبض على طفولتي المعذبة .

*

ماالذي تفعله الحروف والنقاط
للعاشق المهزوم ؟

*

أنا بحاجة الى ذكريات طازجة
أرمم بها ذكرياتك التي حاصرت دمي
بزهورها السامة .

*

أحلم أن أقول كلمة واحدة
أختصر فيها كل عذابي
واكفّ عن هذا النزيف .

*

احلم أن أجدك قد ابتعدت عن ايامك الخاوية
الى ساعاتي الملأى بالطيور
والريش وليرات الذهب .

*

قصيدتك أعادت الحياة لقصائدي
وحررتها من الوزن والقافية
لكنها استبعدتني أنا
فضعت في سجونها سجينا حينا
وسجاناً حينا ً آخر
وقفلا صدئا ً الى أبد الابدين .

*

قصيدتك بكاء
فمن لي بكل دمع العالم
حتى أستطيع أن أقرأها لك ؟

*

قصيدتك ليلة دامسة الظلام
فمتى يشرق الفجر حتى اقرأها
لدمي المرعوب ؟

*

قصيدتك فراغ عجيب
سقطتُ فيه منذ سنة
ولم أزل أسقط واسقط واسقط
باحثا ً عن أي شيء أستند اليه
حتى لو كان قنبلة أو قبرا ً أو جمجمة طيبة !

*

في الولادةِ ضيّعتُ الولادة
وفي الطفولةِ ضيّعتُ الطفولة
وفي الصبا ضيّعتُ الصبا
وفي الشباب ضيّعتُ الشباب
وفي الكهولة ِ ضيّعتُ الكهولة
وفي الموت ...
وجدتُ الموت !

*

وا أسفاه
فتشتُ جيوبي
فلم أجد سوى دموعي حبّات متحجرة
فبكيت !

*

كيف اجتمعت الباء الضائعة
والواو المتحجرة
والميم الميتة
والنون القاسية
في حياتي
فأتفقوا في حفلة واحدة
على أفساد حياتي ؟

*

ياحبيبتي ...
لم يعد الحب ممكنا
صار الموت هو الممكن الوحيد .

*

لو أعطيتُ اطلاقة واحدة
وقيل لي : على من تطلق النار
على الموت أم على الحب ؟
لاجبتُ : سأطلقها على نفسي !

*

البارحة سفحتُ دمي في الغرفة
حتى غرقتُ ونمت .

*

البارحة قررت أن ازيل الحزن من دمي
فهبط الحزن من رأسي الى قدمي
فأبيضَ رأسي وضاع
وسقطت قدمي
والى الان لم أجد رأسي
بل لم أجد قدمي !

*

دمي مرتبك
لان قصيدتي قايضتْ دمَها بالحب .

*

يقول النحوي : سأضع النقاط على الحروف .
ويقول الفيلسوف : أضع النقاط على الحروف .
ويقول المغني : ها أنذا أضع النقاط على الحروف .
أنا الوحيد الذي قلت :
سأمسح النقاط عن الحروف
لأُضيع في جنوني القادم
في نونكِ التي اضاعت نقطتها
في الزحام والثرثرة والخوف من الشوارع المظلمة .

*

أريد كأسا ً من الموت لايحتجّ عليه أحد
ولايمنعه عليّ احد
ولايرى أحد جدوى من تحريمه
على قلبي الطيب حد الموت .

*

في حاء حبكِ التي وسعتْ كل شيء
ولدتِ الباء بريئة كدمعة .

*

اجتمعت الحاءُ بالباء فكان الكون !

*

أعظم مافي الشعر
انه يصيّر جنوننا الفادح
حروفا لامعنى لها !

*

في اللحظة التي قيل لي فيها
انك غادرتِ بستان قلبي المحطّم الى الابد
احرقتُ الحاء والباء
وذرّيتُ رمادهما في دمي .

*

ياقلبي ...
أعطوك شين الشيطان
وبكوا حين هبطت عليهم من النافذة
بسيف الحروف
مفتتحا ً بالكاف والهاء والياء والعين والصاد
مأدبة الشمس .

*

أعجبُ لهؤلاء الناس
كيف يعيشون ويموتون بهدوء اسطوري
دون ان يحتجوا على حروفهم الميتة .

*

دمي اصفر َ لشدة الفراق
وكثرة العياط
دمي اصفر فاصفرَت دنياي
وأخضرّت حروفي .

*

اختارت حبيبتي المستنقع بدلا من الفرات
فأطلقتُ النار على الفرات
وركضتُ مجنونا لارى أثر الرصاصة في الحروف .

*

حين فكّرتُ أن أرسل رسالة الى صباي المقتول
تذكرتُ موت ساعي البريد .

*

سقط الشعراء على دينار الوهم
فخرجت اليهم وطردتهم من بابي
وعدتُ لنومي .

*

في عريي أتعرّى
وأناقش أزمنة حبلى
بالعري .

*

المرأة طيّعة كالموت .

*

لو لم أكن ضائعا مثلك
لما أحببتك .

*

النهر يحدّق في ارتباكي
وارتباكي يحدق في الشمس
والشمس تحدق في مايوهات الموت .

*

أين أجدك الان
في القبر
أم في البحر
أم في اللاعنوان ؟

*

عمر يتفتت
وزمان يشنق نفسه
في بستان باذخ .

*

في حبك ألقيتُ القبضَ على دمي الاسود
واعدمتُ ذاكرتي البيضاء وقلبي الأزرق .

*

لكثرة ما أفكر بك
شاغلا خلايا دمي باسطورتك
صرتِ تقفين امامي
فلا أرى شروقكِ ولاألتمّس زورقك .

*

أيتها المقمرة دوما ً بحروفي ..
اتركي لي شيئا ً من الحروف
تعينني على بلواي .

*

دمي متهم بحبك
وحبك متهم بموتي
وموتي متهم بي
وانا متهم بالدم بالدم والحب والموت

*

ياسيدي الشاعر
قلت كثيرا من الكلام الجميل
دون جدوى
فما العمل وانت لابضاعة لك
الا الكلام !

*

خرجت من نفسي اليك
لأجد نفسي
فضعتُ ولم يجدني أحد .

*

لا الطلاسم نفعت
ولا الدخان وفى بعهده
ولا اللام ذهب كما أُمِر ولا الشين
لا الحروف افتتحت صرّة طفولتها ولا الشمس
لا الشوارع
لا الطرقات
لا الدموع
لا العيد
لا النقاط
لا الفوارز ..
لا علامات الاستفهام والتعجب والاستنكار
لا ... ولا .. ولا حتى الموت نفسه
اذن ... لمن اشتكي هذه الخرافة
التي تسمّى حبك ؟ّ!

*

ماجدوى أن أحبك
اذا ما اقترنتِ بالموت ؟

*

دمي ...
يا دمي ...
سأظل أصرخ و أصرخ
حتى تجيبني أو أموت .

*

وا أسفاه
كفّك امتدت الي ّ
وأرادت أن تحتويني بهديتها المزيفة
لكن حروف قلبي رفضت نقاطك
وانتصرت لطفولتها الراقصة
وفراتها البريء
وقبلاتها الطيبة كموعد حب .

*

الزلزالُ وقع
والمدينة تهدمت
والمخرج مصرُّ ان أقرأ قصيدتي بهدوء باذخ
وان لا ألمس - وأنا أبكي - المايكرفون .

*

ليس لي من هدايا في هذا الزمان
الهدية الوحيدة التي استقبلها على الدوام منك
هي أكاذيب حبك .

*

الزمن توقف
فخرجتُ لأعيد للزمن روحه المسروقة
فوقعتُ في الممر فانكسر َ ألفي وسالَ دمُ نوني .

جنة الفراغ
شعر : أديب كمال الدين

من المؤكد اني أحببتك
لكنْ من المؤكد أيضا
اني أتعالج الان َ من مرض حبّكِ
بأقراص ِ النقاط
في مستشفى الحروف .


*

أنا وأنتِ
كطائرِ يعشق سلحفاة
ويوهم نفسه ان السماء
هي المكان المناسب لعيش السلاحف .


*

غربتكِ اشدّ وطأةً من كفّ مفتوحة للاستجداء .


*

عندكِ فقدتُ ريش روحي
وعندكِ فقدتُ عنق شبابي
وهكذا بحثتُ عن روحي
فتشاغلتِ بحمرة شفتيك
وبحثتُ عن شبابي
فتشاغلتِ بالبحث عن حقيبتك الملآى بالمواعيد .


*

من المؤلم أن اكتب عنكِ
أنت التي لاتساوين حرفا ً مما أنفث
ونقطة مما أمنح
واشارة من اشارات دمي الكبرى .


*

جلستك فتنة
وزجاجُ روحك محطّم حتى النخاع .

أعتذرُ اليك بشدة
لانني امتدحتُ جمالك
وكان من حقه الهجاء
وأعتذرُ اليك بشدّة
لانني حاولت السباحة
في ايقاع قلبك المثقوب .

*

اشارتك ضائعة
والطريق اليك ملغومة بالالم .

*

حاولت أن أدلك على اشارة الكاف الكبرى
لكن شيطانك كان قويا ً
فحاول كسر ذراعي التي أشارت الى الشمس .

*

هكذا أنا أبدا
أقع في غرام النساء اللاتي لا قلب لهن
ولا دم في قلوبهن
ولا باء في حائهن .

*

أنا الان في حريتي
أرقصُ مع الحاء
وأغني مع الياء
وأرسمُ أرشقَ اللوحات مع الراء
ألفا ً قويا ً حيا ً متماسكا
فلا تحاولي الاقتراب مني
ولو بتحية عابرة .

*

عن عجرفتك ...
كتبتُ كتابا ً فصّلت فيه
كل غرورك الصنمي
وكل اكاذيبك الوثنية
ووضعت له عنوانا ً
لا اتذكّره لشدة عجرفته !

*

لم أعد قتيلا ..
ولم أعد قاتلا ..
صرتُ أرى القاف قاب قوسين أو أدنى
قاف قلبي الضائع الطيب البسيط
ككلمة ( ماما ) يقولها طفل يتكلم للتو .

*

وداعا ً ...
يا امبراطورتي المزيفة
أنحني أمامك كصعلوك
وارميك بالحجر كمتمرد
وأطلق عليك النار كأرهابي !

*

حبّك اكذوبة
ونسيانكِ سعادة من لم يعرف السعادة من قبل .

*

لغتكِ ليست بلغتي
أنا المبتهل الكبير
أنا المتأمل الكبير
لغتك لغة الفانين والمؤقتين والمهرجين

*

سقوطكِ من أعلى السلم
مناسبة حزينة لأمثالي الذين لايعرفون
انك لم تصعدي سلّما ً
أي سلّم كان .

*

ابتهاجاً بموتك
قتلتُ نفسي !

*

بدلا من أن تبتهل
كلُ خلية من خلاياي لمرآك
صارت تهرب من هذا اللقاء المتطرف
كما تهرب ذاكرة المحكوم بالاعدام
من تذكّر وقت الاعدام .

*

غربتكِ اشتد ّت وتحّولتْ الى عاصفة
طيّرتني .

*

أنا وأنت
مثل اعمى يقود مبصرا ً الى جهنم .

*

في اللحظة التي قررتُ فيها
أن أعترف بحبك
أطلقتِ عليّ النار .

*

البارحة مررتُ على الحروف جميعا ً
طالبا ً يد المساعدة والعون
فلم يأبه أي حرف لي
حتى ألفي تظاهر بالنوم !

*

أخافُ عليك من البحر
وأخافُ عليك من السفن المثقوبة
وأخافُ عليك من مخالطة الغرقى .

*

حبّكِ زلزال يحاصرني كل حين ..
وحين أهرب منه الى أرض آمنة
يقال لي : أيها الغريب ... ان زلزالك كوني
فعلام الهرب ؟
وعلام التعب ؟

*

صار اللقاء بك
يشبه مشلولا يريد أن يتسلّق نخلة ً باسقة .

*

قبْلة منك
تعيدني الى عصر اكتشاف الكتابة
حيث كل شيء في منتهى العذوبة
وفي غاية ا لنوا ل .

*

يقال : آخر الدواء الكي
وأقول : آخر الدواء الحروف !

*

عجيب أمرك
أنت لاتبحرين الا في البحار التي يبست ْ
ومحا الجغرافيون اسمها من الخارطة .

*

عجيب أمري ..
احببتك حين كان علي ّ
أن اتبرع بالحاء والباء .

*

عجيب أمري ..
احببتك حين كنت اهمّ
بارتداء خرقة الصوفي
وعمامة الشهيد .

*

أمجادك امّحت
وزلزالك على العرش استوى .

*

من فراغك صنعتُ جبلا
تسلّقته وبنيتُ في أعلاه
قصراً وعرشا ً وملائكة طيبين .

*

من فراغك صنعتُ موعدا
حضرته وكان قربي نهر عظيم
وشمس كبرى
ولحن باسق
وقلب محطّم
مع كرسيك الفارغ الجميل .

*

من فراغك صنعتُ أغنية
أذعتها للأموات فابتهجوا ورقصوا حتى الموت .

*

أسقط في الفراغ
وأصعد
أصعد
أصعد
فلا أجد الا الفراغ يقبّل نفسه .

*

لامعنى لإحزاننا
لأنّ الموت هو الفرح الوحيد الذي ينتظرنا
كما تنتظر الشمسُ الانهار
لتشرق فيها .

*

(( السيدة تنتظرني عند الممرات لتبوح لي بسر خطير ))
هذا الحلم العجيب تحول عندي
الى آلاف القصائد وملايين الحروف
التي سقطت من ذاكرتي
فبكيتُ ومضيتُ الى نفسي
فوجدتها قد ضاعت قبلي
منذ زمن سحيق .

*

أيها المغني ..
عذابي عظيم
وأغنيتك مليئة بالاسى ،
ومع هذا فإنني أدندن معك
بجزء من عذابي الذي وسع كل شيء .

*

آتوني بشمس أخرى
لتشرق في الليل
لأن الظلام يؤذ يني !

*

متى تنطقين بسر الحب
أيتها الخرساء ابدا ؟

*

لماذا ياقلبي قدتني الى امبراطورة الحجر
لماذا اخترت بئر الفشل هذا
لتلقني فيه كما يلقي اليائس جسده
من الطابق العشرين ؟

*

قبل ان تعترفي بسرك ..
ايا يكون هذا السر
وقبل ان أحترق ... تماما ً
واتحول الى كومة من رماد
سأحاول النسيان
ولذا سأجلس قبالة الفرات
وابكي كأم اضاعت وحيدها
علّ الفرات يقوم من رقدته الكبرى
ويعيدني الى نفسي .

*

ايها الشعر يا أبي
انقذني من عذابي
لم يعد من ملجأ لي سواك
ارجوك يا أبي ..
انني طفل ينطق بأول الحروف
وبالكاد يكمل كلمة وحدة
فكيف يمكنني ان اشرح لك
صواعق حبي وأفسّر لك
زلزال موتي ؟

*

أيتها المرأة ..
يا تل ّ الرمل المنهار
شكرا لغرورك
شكرا لصلفك
شكرا لضياعك الذي هبط عليّ من النافذة
فملأ يومي بالسخرية الحامضة
والضحك المر .

*

لاجدوى ...
البحر ازداد اتساعا ً
وامتدّ حتى اكل قلبي فبكيت .

*

ايها الشعر ..
تعال ...
اركض ...
انقذني
من الطلقة الاخيرة القادمة باتجاه رأسي
......
الميت !

*

أيتها الامبراطورة المزيفة ...
شكرا لتعاستك التي انقذتني
من مهالك نفسي
شكرا لموتك المبكر الذي انقذني
من شيخوخة صباي
ورعونة قلبي
وفجوري .

*

في حبك ايتها المتجبرة
أحببتُ التعسفَ والظلمَ والطغيان !

*

البارحة
سقطتِ من عرشك الوهمي الذي أقمتُ
دعائمه بدمي وتمتماتي وحروفي المجنحّة
سقطتِ وتحّولتِ الى امرأة اكثر عادية
من أية امرأة اخرى .

*

انت خيال متحرك
دمك ميت
وقلبك ميت .

*

علمتني ان اضيع ذات اليمين و ذات الشمال .

*

أنا حائر فيك يامأساتي الجديدة
التي لا اعرف رقمها في سلسلة زلازلي
التي لاتكفّ عن المجيء السعيد .

*

الشاعر يهذي ..
مصاب بفقر الحب
مصاب بالتشظّي
وحبيبته تجلس طوال حياتها
امام المرآة لتتعرّى وتكتحل .

*

سحقا ً لبخل مواعيدك الخرافي الذي جعلني
ألقي بكل أساطير الحب في الفرات
ثم ألقي بروحي خلفها .

*

بعظام الكلمة وشياطينها
وفي اللحظة التي ستسلمين فيها لسحري
سأدهسك كما يدهسُ الجبلُ المنهارُ عابرا ً لاهيا .

*

من العجيب ان استسلم لك
أنا الذي لم استسلم من قبل
للذهب او العاصفة او الموت .

*

سقطتْ نونك في الشارع
فرأيتُ الاطفال يضحكون منها .

*

أنتِ لم تعدي انت
لقد انتهيت
ونسيتكِ
فحمدا للكاف
وحمدا لاجدادي ...
وحمدا لي .

*

بمناسبة موتك وبعثي من الموت
احتفل الليلة مع حروفي احتفالا صاخبا
نشرب فيه نخب خسائرنا وفواجعنا
ونتلذذ بأكل زجاج روحنا المحطم .

*

أيها الحب
اذهبْ الى الجحيم
واتركني أرمم سقف رأسي المنهار .

*

غنّى الناي
فمرّ شبابي من ثقب الباب .

*

آه شبابي ...
طير حلّق في الاعلى
حلق حلّق حلّق حتى الموت .

*

مالي اخترتك ياسيدة من صوت ومساحيق
ألكي أكمل سلسلة هزائم روحي ؟

*

آه شبابي ...
يافراتي الميت بين يدي أبي
يا أبي الميت بين يدي فراتي
يا رأس أبي المحمول على ناصية الريح
وخيل الاجلاف السفلة .

*

آه شبابي ...
موعدك الثاني فسد اللحظة
وموعدك الثالث فسد الان
وموعدك الاول ميّت بالفطرة .

*

صرتُ ارى الاجلاف
وأتعرّف الى عريهم المدوّي
وأصمدَ وأتمترس .

*

آه شبابي ..
دمع ..دال
دمع .. ميم
دمع .. عين
دمع .. نون .

*

آه شبابي ..
حب ولا معنى
معنى ولا حب
حاء بلا باء
باء بلا حاء
نون جاهلة وباء مذبوحة .

*

آه شبابي ..
رأسي ابيضّ
كما ابيضّ الموت .

*

صرتُ لا استطيع ان اسمّيك نوني
لكثرة المهرجين
واشتداد الريح
وسعة النار .

*

سأسمّيكِ هلالي ونقطتي
فهذا استر لي
أنا الذي اخاف حبك الفاضح .

*

سأسميّكِ صمتي
فهذا استر لي
أنا خادم القاف .

*

منتصرا ً بك
احملُ جثتي وجثتكِ في عربة الحب
وأحيي المحتفلين المصطفّين على ناصية الطرقات .

*

الموت خرافة
والحب اسطورة
وأنا اؤمن بهذه الخرافة
وأتجلّى في تلك الاسطورة .

*

يانقطة نوني ...
تركتِني أبكي أبجديتي المتناثرة
على ظلمة جسدي .

*

انتهت قصيدتي
ولم تجف دمعتي .

*

(( حبيبتي )) ...
كلمة أردت أن أقولها
فقطعتِ لساني بأنوثتك الجارحة .

*

قلتِ لي : انك تبحث عن رمز تكتب عنه
ونسيتِ انني حوّلتُ نقطة نونك
الى إلياذة معاصرة .

*

الكتابة عنك نزيف
لا طبيب يستطيع ايقافه
لاساحر و لا مهرج
لامفاجأة و لانهاية
لا موت و لازلزال .

*

مدينتي البعيدة
أرسلت الي تسأل عني
فدخل الثرثارون على الخط
وأفسدوا هيبة السؤال .

*

دمي أحُيط به
نسفه الحزن
وألقى الهمُ القبض عليه بتهمة النسيان .

*

أيتها الاضحوكة ...
أنا لاعب السيرك المهان !

*

الليل مظلم
والفجر منتشر كإشاعة .

*

طفولتي المرّة
أفسدت لساني
فصار لايعرف طعم السكر و لاطعم الملح .

*

في الاربعين
في الشاطىء الاربعين
غرقتُ ..
وحملتُ جثتي حتى باب عريك السافر .

*

موتي اسطورة
و ولادتي زلزال .

*

لم أعد من نفسي بعد
فكيف أستطيع السفر اليك ؟

*

بعد أن جننتُ بك
وقفتُ على باب نفسي اريد الدخول
فلم تسمح لي
وهكذا صرت أقضي الليل وحيدا
كل ليلة .

*

للمرّة الألف
أعتذر الى نفسي
لأنني سمحت لقلبي أن يتذكر نقطتك الضائعة
ويتأمل في هلالك المزيف
لكن نفسي تعلمت القسوة منك
فرفضت اعتذاري للمرّة الألف .

*

أيتها الطيور المعلقة بسماء قلبي ..
أيتها الذكريات المصنوعة من الشمس
والهروب والبحث عن اللاشيء ...
في المدن ميتة الاجنحة
يا أقلامي وأوراقي ..
يا حروفي و ملابسي وأصابعي ..
انقذوني مما أنا فيه ..
أنا المسافر الذي سُرق حلمه
وهو نائم في قطار الجنة الذاهب
الى جهنم !

*

أنا الذي عرفتُ الحقيقة
قبل أن تبيع نقاطها في السوق الكبير
وعرفتُ الظنون
قبل أن تشتري نونها من اصباغ المكياج
أنا الذي اعرف ماسيحدث لي ولكم يا أصدقائي
فلِمَ لاتعترفون باخطائكم لي
وتكتفون بايماءة الرأس الجميلة
حين اصطفي لكم النبوءات ؟

*

في استديو الاكاذيب
جلست النون تهجوني بقلبها الميت .

*

رحلتي يجب ان تنتهي الى عبيركَ
رحلتي يجب ان تنتهي الى يقينك وحروفكَ
ولذا ..
احبك كأنني اراك ياسيدي
فخذ بيدي
فالرحلة متعبة
والزمن حاسر الرأس يبكي .

*

دمي احترق
فحاولت اطفاءه برمل الحروف
فازداد اشتعالا .

*

في حبك أيتها الجاحدة
بدأتُ اكتب سمفونية الاعتذار العظمى لقلبي
لاختياري الفاسد .

*

دمي احترق
فصرت احرق كل شيء ألمسه
بحضوري و صفائي .

*

من العجيب ان ابحث عن معناي فيك
أنت التي لامعنى لك .

*

من العجيب أن أنتظر أمطارك
أنتِ التي اخترعت ِ الصحراء الكبرى .

*

من العجيب أن أخطو معك خطوة واحدة
انت التي ينبغي أن افرّ منك
كما يفرّ السجين من سيارة السجن
الذاهبة الى ساحة الاعدام .

*

هجاؤك لذة
ومديحكِ سأم .

*

هجاؤك عيد
و لقاؤك يشبه مركباً يغرق و يغرق
ولا أحد ينتبه لصيحات الركاب
ودموعهم !

خطاب النون

شعر : أديب كمال الدين

ما الذي تريده مني أيها الالف ؟
دعني في حيرتي أترد د
وفي سمائي أتيه
وفي عظمتي أنهار .

*

احترتُ فيك : أأنت شاعر أم مجنون ؟
اذا كنت مجنوناً فعلام الشعر ؟
واذا كنت شاعرا
فعلام اتكأت على الجنون ونسيت نفسك ؟

*

أنا النون الغامضة
ايها الألف الصريح
سأحوّلك ، كل ليلة ، الى طلاسم
وقصائد جمر
وأحولك ، كل صباح ، الى رماد .

*

أنا خرافتك المستترة فيك
ودمك الذي سُفح على المسرح
وسط أنين المرايا .

*

أنا دمعتك التي ستوصلك الى اسراء الحروف
ومعراج النقاط .

بكِ كما أحبك

شعر : أديب كمال الدين

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني أحبكِ
كما يحبّ الجلادُ المشنقة .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
فأنا أحبك
كما احبّ نوح سفينته الغامضة .

*

من العجيب أن أحبكِ كما احبك
لأني احبك
كما احب إبراهيم الخليل النارَ التي ألقي فيها .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني احبك
كلما اشتعلَ الرأسُ شيبا .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني احبك
كما يحبّ الالفُ تفرّده
والنون نقطته .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
رغم ان وجهكِ متلبّس أبدا
بقناع من المساحيق لايمّحي.

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
رغم ان مواعيدكِ البخيلة قد تحوّلتْ
الى اسطورة هددتْ سريري بالطوفان .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني أحبك
كما يحب الوليّ طريقا ً
يعرف ان هلاكه سيكون في خاتمته .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني أحبك
كما يحب الطفلُ صباحَ العيد .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني احبك
كما يحبّ الموتُ الجسدَ الجميل .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني احبك
كما يحب الربيعُ أولَ نحلة تقول له :
(( صباح الخير ايها الرجل المشمس )) .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني احبك
كما يحبّ الخريفُ آخرَ ورقة يسقطها
من الشجرة الكبيرة .

*

من العجيب أن أحبك ِكما أحبك
لأني أحبك
كما يعلنُ الطبيبُ للمريض
ان حالته لاشفاء لها أبدا ً .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني احبك
كما يفاجيء الرصاصُ الشاعرَ
وهو يكتبُ قصيدته الخطيرة .

*

من العجيب أن أحبك ِكما أحبك
لأني أحبك
كما يُفاجأ القاتلُ متلبّسا بجريمته
وملطخّا بدماء ضحيته .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني أحبك
كما يُهجَم ُعلى العاشق العاري
وهو يركع ُأمام حبيبته ليقول لها :
(( أحبك )) .

*

من العجيب أن أحبكِ كما أحبك
لأني أحبك
كما يُعْلَن للتاجر خبر افلاسه
وللنهر خبر تشقق جسده
وللجسر خبر ازالة اقدامه المغروسة وسط الماء
وللطير خبر بيع بيضه في السوق
وللأعمى خبر ضياع عصاه
وللوليّ خبر قتل مريديه جميعا .

خطاب الألف
شعر: أديب كمال الدين

الحيرة تلبّستني
فلبستُها وخرجت الى الشارع عاريا .

*

محبتك تيّار
وأنا - الذي أكلني الحزن ولفظتني المأساة - غريق .

*

من العجيب ان اختارك أنت
من كل نساء العالم
ربما لأنني أعرف ان اللقاء بك
يشبه امتطاء غيمة .

*

خرافاتك قيّدت دمي بالسحر
ولكي احرر دمي مما هو فيه
صرتُ ساحرا .

*

نونك نار
والفي سقطت في النار
ولم تكن النار بردا ياحبيبتي
ولم تكن سلاما .

*

طائرك مبهم
وطائري يجيد اللعب بالطين ورسم الحروف .

*

حبي ازداد ارتباكا ً
وارتباكي ازداد حنينا
وحنيني ازداد لوعة
ولوعتي سبحت في الماء
تعرّت وتركتني ارتجف .

*

الموت لذيذ
لأنّ المعنى كامن فيه
والحب حامض
لأنّ لقاءنا لم يتم منذ قرون .

*

كلما أردتُ أن أقول : (( أحبك ))
صفعني صمتك .

*

يانوني ..
أجلس امام الكاف ، كل يوم ، درويشا
أتمتم ، أدعو واهذي وأبكي
ثم أموت .

*

من العجيب أن يحب هذا الالف
نونا قاسية تجيد طعنه
ومسح زئبق مرآته
والسخرية من حروفه الجالسة على شجرة الجن .

*

النون خرافة ضيّقة
وأنا رجل يبحث - باتساع - عن الخرافات .

*

حرفي حرف عجيب
يبحث في الماضي والمخبوء
يبحث في الغيمة والشعاع
يبحث في الظاهر والباطن
ويضيع فيكِ
كما يضيع الخاتم في البحر .

*

أيتها الكاف ..
أريدُ نبأ ،
ماء ،
طيرا ،
نورا ،
أريدُ .. .. ..
أتوسّل .. .. ..
أجثو .. .. ..
فانظري - أيتها الكريمة - الى كفّي الممدودة
بالطلاسم اليكِ

*

حيرةُ ألفي
وطغيان نوني
صارا عنوانَ أصابعي وحروفي
ومرآب جنّتي وملائكتي .

*

المقطع فارغ
حتى من الفراغ .

*

النقطة ُسيّدة
والهلال هلاك .

*

النقطة ُضياع
والهلال ريح .

*

النقطة ُ حُب
والهلال طوق لا مهرب عنه .

*

النقطة ُ أعجوبة
والهلال أضحوكة .

*

النقطة ُ دم
والهلال جريح .

*

النقطة ُأنا المطوّق بالخيبة
والهلال أنتِ سوري وسجّاني .

*

النقطة ُموتي
والهلال حبيبي .

*

النقطة ُجنّية
والهلال تعويذة .

*

النقطة ُهروب
والهلال صمت مطبق .

*

النقطة ُ بخور
والهلال رقصة السحرة .

*

النقطة ُغموض
والهلالُ طوطم .

*

النقطة ُ آه
والهلال أوّاه .

*

النقطة ُخروج
والهلال طاعة .

*

النقطة ُ عبث
والهلال سكّين .

*

النقطة ُ دمعتكِ
والهلال حاجبكِ .

*

النقطة ُ نجمتي
والهلالُ شاشة قلبي .

*

النقطة ُ مفاجأة
والهلال ُ خَرق .

*

النقطة ُ تمرّد
والهلال ُ لغم .

*

النقطة ُ صومعة
والهلال ُ جنون .

*

النقطة ُ ذهب
والهلال ُ طلقات وصرخات وسكاكين .

*

النقطة مظاهرة
والهلال ُ قمع .

*

النقطة ُ كأس
والهلالُ تحريم .

*

النقطة ُ لذ ّة
والهلال شبّاك .

*

النقطة ُ سخف
والهلال فناء .

*

النقطة ُ لهو
والهلال ُ كتمان .

*

النقطة ُ حبر
والهلال ُ رسالة غدر .

*

النقطة ُ طعنة
والهلال ُ بطن .

*

النقطة ملاك
والهلالُ شيطان .

*

النقطة ُ ملك مشعوذ
والهلال شعب مغلوب .

*

النقطة سطح
والهلالُ سرداب .

*

النقطة ُ عقل
والهلالُ مستشفى مجانين .

*

النقطة ُ رمز
والهلال معنى يجيد التستر .

*

النقطة ُ غيمة
والهلال نوم غامض .

*

النقطة دفقة هائلة
والهلال دخول لايُصدّق
أنتظره حتى الموت
وما بعد الموت .

*

النقطة ُ تلطيف
والهلال بوح جارف .

*

النقطة ُ اعتراف
والهلال شوق بعمق المحيط .

*

النقطة حلم
والهلال تعريّ .

*

النقطة ُ آه
والهلال اتصال عظيم .

*

النقطة ُ ربيع من القبلات
والهلال زلزال .

*

كل الذين احبّهم
يعيشون على الأرض ولايتذكّرون
انّ لقاءهم بها فان
ولذا فأنني أعطيهم كل شيء
ولا أنتظر منهم شيئا .

*

أنتِ غيمة
وروحكِ شمس
وأنّي لأرى النور َ في الغيمة
فأضحك
وأرى الغيمة تتمرأى في الشمس
فأبكي .

*

أنتِ جالسة في المابين
الرحلة قصيرة
لكن توقفات الباص لاتنتهي .

*

روحكِ الطرية كموعد حبّ
تغرّبت ...
وتشرّقت ...
وعادت بحاء دون باء .

*

حرفكِ معنى
والدخول اليه يتطلب الجلوس على شجرة المعنى
وعبور نهر الجن
وتحمّل صفعات الشياطين .

*

فيكِ عين العشق
ونون محبة المهيمن
وفيكِ واو الوداع والوعيد والوعد والموعد .

*

يالموسيقاك الغامضة
يالطبولك ..
يالكمانكِ
يالدفوفكِ
يالحضوركِ البهي .

*

أنتِ شاعرتي
أنتِ شين الشمس والشعاع والمشمش .

*

توقف القلم عن الكتابة
فأعطيتهُ دم قلبي من أجلكِ
فصار يتلو على الورقة الزرقاء
قصيدة الرقص .

*

دمكِ ابتهال
وعطاؤكِ مزنة .

*

شمسك تحومُ على الروح الليل كلّه .

*

في نونكِ جلست روحي بين الحروف
ووسط النقاط
تتأمل ..
وتنجو ...
وتعلو ...
وتمحو ..
وتنأى .

*

وا أسفاه
رحلتنا قصيرة
وسائق السيارة مُصرَ - وهو محق -
على الوقوف فوق المنحدر .

*

لم أكن أعرفكِ
حتى اشرقت روحي في غموضك
وكشفت ألفي عن نقطة نونك العارية
وولجت في جحيمها الاسْوَد.

*

نقطتكِ دعاء
وهلالكِ عبادة للاصنام .

*

نقطتكِ شعر
وهلالكِ ارادة ملكية .

*

نقطتكِ رفض
وهلالكِ انقلاب .

*

أرسلتُ لك سين سليمان
حتى تنشرح نونكِ وتكتمل .

*

لقاؤكِ مفاجأة أربعين عاما ً من الغياب
ووداعكِ نجمة تتهاوى في التراب .

*

لماذا أنت بكل هذه الجبلية الغامضة
التي صيّرت من حولك سهولا سهلة
كدراهم ممسوحة ؟

*

لماذا أنتِ بكل حروفي الصعبة تتمرأين
وتتركين الاخرين
يعيشون في الهوامش والفوارزِ وعلامات التعجب ؟

*

نقطتكِ حياة
وهلالكِ جريمة ُ قتل .

*

نقطتكِ قبلة
وهلالكِ ابحار في القارة الحامضة .

*

نقطتكِ رفض
وهلالكِ هرطقة .

*

نقطتكِ دمعة
وهلالكِ أغنية فيروزية .

*

نقطتكِ جلوس على حافة السرير
وهلالكِ بحث عن الاعماق .

*

نقطتكِ حلم أخضر في حوصلة طير
وهلالكِ ثعالب ومقالب .

*

نقطتك فم
وهلالكِ جسد .

*

نقطتكِ دخول في الدفء
وهلالكِ آهات .

*

نقطتك قصيدة
وهلالكِ منشور سرّي .

*

نقطتكِ ولوج
وهلالك استسلام .

*

نقطتك ساعة صفر
وهلالك هجوم .

*

نقطتك نبؤة
وهلالك شرْك .

*

نقطتكِ زعل
وهلالك عسل .

*

نقطتكِ انتفاضة
وهلالكَ اذعان مُطلق .

*

نقطتكِ نار
وهلالك سعير .

*

نقطتكِ كمان جايكوفسكي
وهلالك عود فريد الاطرش !

*

نقطتك مديح
وهلالك دنانير ذهبية .

*

نقطتكِ فمي
وهلالك ألفي .

*

نقطتك أمي
وهلالك أبي .

*

نقطتكِ انتحاري
وهلالك هروبي من البيت .
باحثا ً عن شمس طفولتي المسروقة .

*

نقطتكِ صورتي وانا أشي بك
وهلالك تستّري بين الدهور .

*

نقطتك مثلثي الاسود
وهلالك قوسي المذبوح .

*

نقطتك فجوري
وهلالك زهدي وتصوّفي و تألهي .

*

نقطتك خربشتي
وهلالك مرثيتي المفضلة .

*

نقطتكِ عرسي
وهلالك مأتمي .

*

نقطتكِ عيدي
وهلالك عيديتي .

*

نقطتكِ ذعري
وهلالك أصابعي .

*

نقطتكِ حديقتي
وهلالكِ بحيرتي .

*

نقطتكِ خوفي
وهلالك خيالي .

*

نقطتكِ جلوسي على العرش
وهلالك استبدالي المدن الواحدة بالأخرى
كما يستبدل الميتُ أكفانه .

*

نقطتكِ وحدتي الخضراء
وهلالك زوّارك المزعجون .

*

نقطتكِ كأسي
وهلالك ترياقي وحشيشتي .

*

نقطتكِ حمامتي
وهلالك لبؤتي .

*

نقطتكِ ثيابي الممزّقة
وهلالك زجاج روحي المحطم .

*

نقطتك فراغي
وهلالك أشلاء أملي .

*

نقطتكِ مملحتي
وهلالك كبدي .

*

نقطتك شتيمتي
وهلالك فضيحتي .

*

نقطتكِ خنسائي
وهلالك حُطيئتي .

*

نقطتكِ دمائي
وهلالك السكين التي ذبحتني .

*

نقطتك عُريي
وهلالك عرائي .

*

نقطتك قبري
وهلالك قيامتي .

*

نقطتك أملي القزم
وهلالك ممراتكِ الملآى بالمهرّجين .

*

نقطتكِ جثتي
وهلالكِ موعدي الذي سحقتِه
كما تسحق الدبابة طفلا .

*

نقطتك سأمي
وهلالك وجوديتي .

*

نقطتكِ دمي
وهلالك أدويتي .

*

نقطتك طفولتي
وهلالك شيخوختي .

*

نقطتكِ هزيمتي
وهلالك اندحاري العظيم .

*

نقطتكِ رسالتي
وهلالك اتباعي الخونة !

*

الألف نائم
فإن مات انتبه .

*

يجلس الألفُ في حضرة الامبراطورة
طفلا يلهو و يلعب
والامبراطورة ُ تعاني من داء الكآبة والعظمة والغرور
والطفل ينتظر أن تتحول الامبراطورة الى غيمة
لتمطره أحلاما ً ولعبا ً ومباهج .

*

أيها الألف ..
كيف تفصح عن نفسك وأنت مُدّثر .
بكل هذا الالتباس ؟

*

يانوني ...
ها أنتِ كبرت وتعبت
وبدأت الاحلامُ تركض بعيدا عنك
يانقطتي وهلالي ..
لامستقبل لك الا مع طفولة الصعلوك
وجنون الشاعر
ورؤية الصوفي
و وميض الرائي .

*

ها أنذا أحول أحزاني وانكساراتي وهزائمي
الى حروف و قصائد
أقرأها للامبراطورة التي تتكرّم عليّ بسماعها
دون أن تكافئني بكلمة حب واحدة .

*

أيتها القاسية ...
أيتها الغامضة ...
حبنا بحاجة الى معجزة ليولد
والى معجزتين لينمو
والى مائة معجزة لينطفىء .

*

يا نقطتي وهلالي ..
اخرجي من عزلتك المزيفة وتقدمي من الألف
كقصة من قصص ألف ليلة وليلة .

*

ينبغي لي أن أشكر اولئك الذين اخترعوا الحروف
وأولئك الذين دمجوها فكانت الكتابة
فلولاهم كيف يمكنني أن أعالج صواعق حبي ؟

*

ينبغي أن أتعرّف الى روحي
قبل أن أضيعها الضياع الاخير
في حبك الذي يحيط بي
كما تحيط السباعُ بغزال جريح .

*

كيف يمكن للناقد أن يفسر نونك
ويتعرّف الى حرفك الوحيد
الذي هو أنا
وأنت محاطة بكل هذه القسوة
وأنا متلبّس بكل هذا الفناء ؟

*

الماضي يحاصرني فأقول النون
والحاضر يحاصرني فأقول النون
والمستقبل فأقول النون
لكنني حين فرشتُ رمل النون
على سجادة موتي رأيت النون غيمة عظيمة .

*

الحب هو الخسارة العظمى !

*

لو تركنا جسدينا يتحدثان لدقائق
لقضيا على كل انكسارات النون وهلوسات الألف
ولألقيا القبض علينا بتهمة تضييع الوقت
في مناقشات الحب
دون دخول مفيد في المفيد !

*

أيتها الامبراطورة الصغيرة الضائعة
أخاف عليك ِ من خاتمة القصة
حين يكتشف الحبيبان
ألاّ شيء وراء الستار
سوى شبح النسيان
وكلمات الوداع العرجاء .

*

وعدتني الكافُ بلقائك يانون النأي
ولأنّ وعد الكاف حق مابعده حق
فأنني فرح بالانتظار
رغم ان دمي يدمدم
وحروفي تسّاقط من نافذة القصيدة .

*

بعد قليل سأجلس قبالة الكاف
واشكرها على شمس لقائكِ
التي ومضت اليوم لي
فابتهجتُ كنبي أوحي اليه
ولم يوح إليه بشيء !

*

الطرقات لاتؤدي الى شيء
المدن لاتؤدي الى شيء
الليالي لاتؤدي الى شيء
أتراها القصائد لاتؤدي الى شيء ؟!

*

يوما ً ما سنصل الى المفترق
أتمنّى ، يانوني ، أن يكون الموت حاضرا ً معنا
لينهي كل شيء بشمعه الاحمر .

*

أيتها الجميلة كبحيرة
والضائعة كدمعة صوفيَّ ..
أشكو لك نفسي التي أفسدها حبّكِ
والتي تقودني كل حين الى ممراتكِ الغامضة
فان لم تجدكِ قادتني الى قصيدة النون
التي خُلِقتْ من طين
فكانت سحراً و ذهبا ً و غموضا ً وسكاكين .

*

صرتُ مثل لاعب السيرك
ينبغي عليه أن يسير كل ليلة
على الحبل ذاته
بانتظار الموت أو النار أو التصفيق البليد .

*

في حلمي ، البارحة ، رأيت قلبي
وقد أُصيب بسهم
ولما استيقظت وجدتُ فراشي
وقد تحوّل الى قطعة دم
وقلبي قد تحّول الى قطعة حلم .

*

قررتُ أن أنساكِ
فهربت الحروفُ من القاموس .

*

حبك قصيدة صودرت في وضح النهار
ولدهشتي وارتباكي
لم اقدم بلاغا ً ضد أحد .

*

من يتأمل طويلا في الحجر
لايأمن أن يتحول الى وثن .

*

سقط ألفي في الحيرة
حتى مات .

*

قررتُ أن أنساكِ
فأكتشفتُ اننا قد رُبِطْنا
بحبل من الأكاذيب
لاينقطع .

*

وقررتُ أن أنساكِ
فاحتجّت عليّ ساعات يومي
وخرجت الدقائقُ في مظاهرة حاشدة .

*

قررتُ أن أنساكِ
لأجد نفسي
فأكتشفتُ ضياعي العظيم .

*

قررتُ أن أنساكِ
لأجد نفسي
فأكتشفتُ انني قد ضيّعت نفسي
قبل اكتشاف النسيان .

*

كل امرأة أحببتها منحتني شيئا
الا أنتِ ..
بخلتِ عليّ حتى بالإشارة .

*

حبكِ شارع غائم ضائع طويل
لايؤدي لشيء
وحبي عصافير و شموس وثياب جديدة
وضحكات .

*

حبكِ فضيحة
وحبي جنون .

*

حبيبتي تحوّلت ، منذ دهور ، الى دمعة
وحوّلتني ، منذ دهور ، الى قصيدة ندم عظمى .

*

لو كان هذا الكلام الذي قلته
قد قلته في حجر لأنّ
ولو كان في بحر لهاج وأضطرب
ولو كان في صحراء لعصفت و أعصرت
لكننه - وا أسفاه - كان فيك ِ
فلم يحرّك فيكِ ساكنا
ولامتحركا .

*

وا أسفاه
أنا أبكي ؟!
هل يبكي الرجل ؟!

*

لغتكِ ضاعت في الثرثرة والخوف و الببغاوية
ولغتي ضاعت فيك .

*

المغنّي يتمنى الصفاء
ويريد أن يقضّي العمر مع حبيبته
وأنا أريد أن أقضّي معك
ساعة صفاء واحدة
أو دقيقة حب واحدة
أو لحظة اطمئنان واحدة
أو ثانية مسرّة واحدة .

*

وا أسفاه
ألقيتُ بمن أحبّني في البئر
وخرجتُ استجدي ابتسامة الاموات .

*

سحقا ً لزمن أحببتكِ فيه
ووضعتُ جسدي الطيّب فيه
على المسامير والخشب .

*

أيتها الكاف ... الكاف ... الكاف
انقذيني من سطوة دمعتي
ومدّي لي يد الرجاء
لتنتشلني من محيط العبث
وثاء الثعلبة
وباء البلبلة
وتاء التيه .

*

من أجلكِ دخلتُ كهف الساحر
وصرتُ أتعلّم منه انشودة الطين
واشارات التمتمة
والتقاط الازمنة .

*

ينبغي لي أن أعقد مؤتمرا
أدعو اليه قلبي وأصابعي وعيوني
وأدعو اليه أساطيري وخرافاتي وظنوني
وادعو اليه أزمنتي واباطيلي
ودفوفي و طبولي
وحروفي ونقاطي
لكي أفهم معنى الحاء
وأجلو مرآة الباء
وأطلق طيرا يربطُ الحاء بالباء
فيحملني بعيدا ً بعيدا ً حيث لاموت و لاحياة
لا شمس ولا قمر
لا حاء ولا باء
لا أنا ولا أنتِ .

*

من أجلك صعدتُ راقصا ً
الى دمي
ونزلتُ هابطا ً بدمعي .

*

كيف يمكنني أن أجلو عنك
كل هذا التأفف والعجرفة
وكيف يمكنني بعدها أن أحاوركِ
وأنتِ الخرساء بأعذب لسان
والصامتة بأجمل عينين ؟

*

أنتِ طلقة الرحمة
التي توسّلتُ بكل الحروف
أن تطلقها عليّ
فلم تفعل
وتركتني أنزف ..
وأنزف ُ ...
وأنزف ...

*

أعلى فأعلى أيها الطائر
أعلى
فأعلى أيها الطائر
أعلى
أعلى
أعلى !

*

الموتُ ينتظر موتي
شيء مؤسف !

*

الخرابُ ينتظر حياتي
كما ينتظر الميناءُ السفينة .

*

الغيم يبدّدُ روحي
ويسحقها بسيارته ذات الدخان الاسود .

*

المحبّةُ داء
والعشقُ كيّ .

*

أيتها الكاف ...
أحزاني ازدادت واتسعت
ومرآتي تهشّمت
ولغاتي سبقتني الى المنافي
فبقيتُ كالأعمى بلا مكان .

*

روحي طفل
وطفلي راء
واوي مشنقة
ومشنقتي حاء
وحائي ياء .

*

أيتها الكاف ..
أطبقّ عليّ الحزن
ورماني بالهمّ
فوقعتُ جريحا ً
دمي الحروف
وصيحاتي الحروف .

*

حزني كبير
وبحركِ ضيق .

*

صرتُ اكتب أشعاري وبابي مفتوح
لأنّ احزاني لم يعد يخيفها انفتاح الباب
أو دخول المهّرجين .

*

جميلة أنت
ومن يحبّكِ ينتظره الموتُ على الاقل .

*

وصلتُ الى النهاية يانوني
ولم أتذكّركِ
أين أنتِ : في بخلك
أم في حزنك
أم في مساحيقك ؟

*

كل شيء اكتمل ياحبيبتي ...
لم يبقَ سوى موسيقى الموت !

*

كل الحروف صمتت ، ماتت ، وامّحت
الاّ النون ...
أمسكتُ بها
فقالت : الفراق ُعنواني
والحرمانُ صندوق بريدي .

*

الكاف هي المفتاح ..
كل يوم أتوسّل اليها
راكعا ً ساجدا ً كي تنقذني
من جبال نفسي و وديانها و ممراتها الضيقة .

*

لدي عصفوران
سأطلق واحدا
وأبكي على الاخر ... الطليق !

*

أكلتُ الحاء ... كان طعمها عسلا
وأكلتُ الباء ... كان طعمها حنظلا
ولذا لم استطع ان أحب كما ينبغي .

*

أنتِ خرافاتي القادمة لتكتسحني
وتكتسح ذكراي .

*

الغيمة حاصرتني
فبحثتُ عن الشمس في كل مكان
لم أجدها
إلاّ في كفي .

*

وا أسفاه
صرتُ أتنقل من حرف الى حرف
ومن نار الى نار .

*

يا سيدة النون
رفقا ً بنفسك ، رفقا ً بي
فلقد عبرتُ حاجز الخوف
وعبرتُ حاجز الحرمان
اذن : لم يبقّ سوى حاجز الموت !

*

نقطتك ِ وسعتْ ثواني أيامي
وهلالكِ وسع يقظتي و منامي
كيف ، اذن ، أفكر فيك وأنت فيّ ؟

*

لأول مرّة أنتبه الى كنوزك التي تسير
رأيتها بحاجبي الذي يبصر الماوراء
ورأيتكِ وقد رأيتِني وأنا أرى
فأسرعتْ كنوزك تتحرك
في بهجةٍ وقلقٍ و غموض عظيم .

*

وا أسفاه
كيف أستطيع أن أحبك وأنت على هذا النحو
قارب احتضن الشمس وأعلن ان الدنيا
بين يديه ؟
وا أسفاه
كان كلام القارب صحيحا !

*

يا سيدة النون
أرجعتِ قلبي الى الصبا
وأرجعتُ قلبكِ الى الطفولة
فوقفتُ و رأيت الذئب ينتظر طفولتي
والثعلب ينتظرُ صباك .

*

افرحُ أن أكتب لكِ أو اليكِ أو عنك
حرفا ً أو فارزة أو نقطة
افرحُ و أعرف ان فرحي
لايقودني الاّ الى السعير .

*

كلمة مني تفسد هدوءكِ المصطنع
اشارة منكِ تلقي عليّ القبض
كلمة مني تخدشُ زجاج روحك
اشارة منك ترميني بالرصاص .

*

يا للهول ..
كيف يجسرُ الألف المتصعلك
أن ينظرَ الى أمبراطورة النون ؟!

*

حقا ً لا أعرفُ ماذا يحدث لنا
أنا أسبح في بحر لا أعرفه ولم أره من قبل
وأنتِ تسبحين في شيء لا تعرفينه
أهو ماء أم رمل أم هواء !

*

أيتها الكاف ...
لا ملجأ الاّ اليك
أنتِ ألقيتِ في قلبي محبة النون
فاحرقي النون بمحبتي
او قودينا - وأنت الرحيمة - الى أعالي الانهار .

*

كل ليلة أقفُ أمامكِ أيتها الكاف
لأعلن لكِ نشيد دعائي هذا ..
وبمجرد أن أضع القلم على المنضدة
سأقوم أمامك لأنزع عنيّ قلادة الوسواس وقلادة الحرمان
وأبكي كصوفيَّ عرف الخلاص
ففرح و فرح وفرح حتى أرداهُ الموت عاشقا
عرف الخلاص : ان لاخلاص !

*

من جديد أقف أمام بوابة الموت
لأعلن ان اسمها بوابة الحب
أصرخ باتباعي فأراهم يؤيدونني مشفقين
ويبتسمون لي مشجعين وهم يرون صرخاتي
تسقطُ على الارض طيورا ميتة
وحين أرفع بصري الى أعلى ....
يستغل اتباعي الفرصة فيبكون .

*

في يقظتي أو منامي
ألوذ بالهلال فأراه جاهلا ، صلدا
بل أراه جلفا
وأصعدُ الى النقطة فاذا هي ماس
يجرح كل شيء حتى نفسه .

*

أنا سيّد الالم
وسيّد الذين سكنوا في لحاء الحرف
وجلسوا يتأملون في غموضه الاعظم
حتى سقطتْ عليهم الشمس من علٍ
وكنستهم ريحُ الفناء التي تكنس كل شيء .

*

سنموتُ عمّا قريب
ونحن نبكي على رغباتنا التي تحوّلت الى اشباح
وعلى اشباحنا الذين تحوّلوا الينا .

*

أيتها القريبة جدا ً ...
أيتها البعيدة جدا ً...
أقلقني القاف
دمّرني الحاء
أربكني صوتكِ القادم في النون
فأنتبهي
أنتِ بالسفينة الضائعة أشبه !
وأنا أتلمّسُ رحلتكِ بين الصخور
فأرى الدم يسيل بين أصابعي .

*

أيتها المتجبرة ..
أيتها الضائعة في نفسها وفصولها وعذاباتها...
نقطتكِ عند الباب فهل اسمح لها بالدخول ؟

*

لماذا أيها الهلال الصلف
يعيدنا الحبُ الى الطفولة
بسرعة البرق ؟

*

من الغريب أن احبكِ
أنا الاله الميت .

*

أحبكِ ، أحبكِ ، أحبك ِ
كلمة تعني كل شيء الاّ الموت .

*

وا أسفاه
لا أعرف أن اختار أي شيء
الشيء الوحيد الذي اختاره جيدا ً هو موتي .

*

وا أسفاه
الشاعر نسي نفسه
فوقع في بئر الحب
لم يجد مَن ينقذه
لم يجد مَن يخرجه
لم يجد مَن يرثيه
الاّ دلو الكلمات .

*

أيتها المصطنعة
في حركاتها وسكناتها
في ألفاظها واشاراتها
في ثوبها والوانها
اتت اليك البراءة طوفانا هادرا
علّها تزيل عنك صدأكِ وحموضتكِ .

*

لاشيء سوى الكاف
لا شيء سوى الميم
فالحمد للاولى
والسلام على الثانية
وانا بينهما امرأة ضيّعت وحيدها
طفل ضيع أمه
طالب ضُبط وهو يغش
نهر يبس في دورته الاخيرة
شيخ تُقطر في فمه الأدرد آخر قطرات الماء
ألف تنتظر من الكاف الرحيمة أن تقول : كن !

*

( وا أسفاه ) ...
كلمة تكسّرت بهدوء
فرأيت الواو تنأى عني ،
والسين تسّوف أزمنتي ،
الهاء تنظر الي دون ملامح
وألفاء تجلدني بالسياط
وتضع على جراح ظهري الفلفل
والنقطة تسخر مني في ألم عظيم .

*

تقول لي الالف : ما الذي تفعله بنفسك ايها المسكين ؟
وتقول الواو : حذار النار !
تقول الراء : أنا سر النار !
وتقول النون : أنا الغموض والهروب !
وتقول الكاف : النون لك ولكن بعد حين !

*

فمتى يأتي هذا الحين ؟
أهو بعد أربعين يوما
أو بعد سنة او سبع شداد ،
أو بعد أن أقع في اللاجدوى
وتقعين ياحبيبتي في المأساة ؟
وعدُ الكافِ حق ولو تحقق بعد الموت !

*

من أجلكِ سأطلب في احتفال عام
اضافة ألف حرف جديد الى الابجدية
لكي استطيع أن أصفك فقط .

*

(( أحبّكِ )) ..
كلمة تجلسني فوق التل
لكن حين اذكر حرفكِ بعدها
أجد على الدوام
من يدفعني لأهبط من واد الى واد .

*

أنا فرح
لأنّ جنوني تمّ بين يديك !

*

الموت ينتظرنا ...
فلا بأس ان نقضي العمر بحكاية حب
أو قصيدة حب
أو موعد حب
حتى يجيء موعد الموت .

*

في حبك احببت النون
وتشبيهاته : الهلال والنقطة
في حبك أحببتُ النهاية التي تنتظرنا
والتي لايكفّ لسانكِ العذب عن التلويح بها
في حبكِ أحببت الصعلوك والامبراطورة
فبكيت على الأول الذي هو أنا
ومدحت الثاني الذي هو أنتِ
في حبكِ صرت عبدا ً بعد أن كنتُ سيّدا ً
و طفلا ً بعد أن كنتُ شيخا ً
و نقطةً بعد أن كنتُ حرفا ً
ومع ذلك ..
فقد بقيتُ أحبكِ
وأحبّكِ
وأحبّكِ
حتى تحوّل قلبي الى شمس من الحروف .

*

أنتِ الشمس عالية في الاقاصي
وأنا البئر ممتدة في الاعماق
أنتِ تمنحين الدفء
وأنا أمنح الحنان
أنتِ تعطين النور
وأنا أعطي الاسرار
أنتِ تشرقين وتغيبين
وأنا ثابت لا أتزحزح .

*

كل يوم أتوقع أن تقولي : (( أحبّكَ ))
وكل يوم اتوقع أن تقولي : (( وداعا ))
وبين الاثنين يتقدم قلبي ويتأخر
يضيع ويتأوه
يبكي و يضحك
يدمدم و يصفر
يصيح و يصمت
يغادر و يسكن
يهذي و يتلو .

*

تعالي نغسل اخطاءكِ و أخطائي في نهر الحب
تعالي ... فهذه الاخطاء تشبه أطفالنا الطيبين !

*

صارت القصيدة أكثر حنانا منكِ
فهي تقبّلني بين عيني كلما جئتها باكيا من حبّكِ
وتجلسني قبالتها كلما شكوت لها
قسوة هلالك وجبروت نقطتك
واحيانا تخرج القصيدة من هيبتها
فتغني لي ، وتضحك ، بل تتعرّى
وترقص !

*

من يحررني من حبّكِ ؟
أصرخ حين أرى بخلك الاسطوري
وأخاف أن يأتي من يستطيع
أن يحررني من سجني السعيد !

*

إذا ضاعت النون مني ذات يوم
فمن الذي سألتجيء اليه ؟
سألتُ الأبجدية جميعها حرفا ً حرفا ً
فلم تعطني جوابا شافيا ً
إلاّ النقطة باركتني
وقالت : إذا خانت النون فعليك بي
أنا نقطتها
أنا سرّتها
أنا فحواها
أنا ذكراها الضائعة .

*

ستسقطين ذات يوم من أعالي صمتك ياحبيبتي
وتتدحرجين اليَّ
لتجدينني ناسكا ً هنديا ً ضيّع سبع قرون من عمره
فرحا يتأمل نقطة نونك ِ القاسية .

*

لماذا نخاف الحب ؟
سألتُ الهلال فانزوى
وسألتُ النقطة فاحرنجمت وامّحت
ثم سألت النون كله فاهتدى الى الغموض
وعشّش فيه
وكدت أن أسأل اسمك كله هذا السؤال
فخفت عليه من صاعقة العذاب .

*

أيتها الامبراطورة ..
البارحة قدّم الشاعر لذكراك المحّلاة بالطلاسم
قصيدته الجديدة ممهورة بدمه ،
مرسومة بحروفه وألغازه و أساطيره
وبقي ينتظر و ينتظر قرب ممراتكِ الغامضة
علّكِ تخرجين من عرشك الذي حجب عنك الرؤيا
وحجب ، عن الشاعر ، الهواء .

*

ها أنذا اسارع لكتابة قصائدي الاخيرة
عن امبراطورتي القاسية
لأنني اتوقّع بين لحظة واخرى
ألاّ تجدد الامبراطورة إقامتي المزيفة قرب ممراتها
حينها يتعين عليَّ أن أركب البحر
بحثا ً عن ملاذ مزيف جديد .

*

وا أسفاه
لا أعرف أن أبني بيتا ً إلاّ من الرمال
ولا أعرف أن أعشق امرأة
إلاّ التي تحوّلت الى قطعة ضياع
أو حرف اندحار
أو مدينة عبث رائعة .

*

ربما لم يعد لحضوركِ أو غيابك ِ عندي
اشارة محرقة
فلقد تحولتِ ، يانوني ، الى رمز
تحتفل قصائدي به كل ليلة حتى الفجر
حتى أجد حروفي سكارى وما هي بسكارى .

*

الصفحة الاخيرة

توطئة لتغيير جذري في الاساليب ينفي أديب كمال الدين ان في البدء كانت الكلمة ... ويؤكد الحرف ... ليس حرفنا الذي اصابه الانكسار ... وانما تحدي حروفياته للواقع برموزها و عرائسها واحلامها وتصوفها واساطيرها .
هذا الحرف / الجزيء اتسع فصار كلمة ، جملة ، نصا ً،كائنا حيا ً .. جريء يريد ان يبتدع الواقع / المثال ..
فللنون حياة خاصة ونقطة مشعة وللباء والحاء وكل الحروف . انه يبني الشعر حرفا بسمات واشكال ومعان وقدرات على التكامل ، انه يكوّن العالم الشعري جزءا جزءا، يبدأ بالتميز ولا يتنكب عنه ، وبين الحب ولاجدواه وبين الحياة ونقيضها تنثلم الحروف والكلمات والقصائد وتتهاوى العوالم ، ولكن يبقى الشعر ... الشعر الرائع وما أقله ، ومن هذا القليل قصائد لأديب لاتتطلع الى حكم ولكن تفرضه ، ولا الى قيمة ولكن تتجاوزها ، قصائد منه ، ومن شعراء،
طوقتهم العقود ، بعد الرواد ، تبقى تزودنا بأمل الشعر مزهوا ً باستقبال القرن الجديد وكل الأزمنة الآتية .

( د. جلال الخياط )

نون أديب كمال الدين ... هو نون النسوة ، لكنه مفرد هنا لامرأة ليست واحدة ولاثابتة ، لكنها دائما الآخر المخاطب ، في التقابل .. انها جوهر خطاب التحادث ، حيث يدفع أديب كمال الدين بالنثر الى سرد شعري ، لايتعب من ملاحقة الحروف ، يستكشف طاقتها التعبيرية ويشكلها كما المرأة - الرجل على وفق ثنائية تضاد ، تقارب ، تحابب ، وعذابات احيانا .. انها حالات الاستكناه لذاتية الحروف ، الدال فيما يمتد الى عمق العلاقة التقابلية العشقية...لذا تبدو النون ، مثل تجليات في النص .. مكملا تكون ، للمرأة المعشوقة ومحاورا تكون للحروف الاخرى وهكذا تتأسس مخاطبات هذا الكتاب الشعري في فن الهوى على غنائية لاتحفل كثيرا بالترميز او الغموض او التشظيات الكلامية التي تعمق اسلبة لغة وتغربها بلا جدوى ، من هنا فالكتاب الشعري ( نون ) مكان اليف لكائنات احبها ( أديب ) في استعارتها ومجازاتها ودوالها .. انها جمع النساء ، والحروف كذلك .. اشكالا وعلاقات .. أمزجة وفيوضات عاطفة ..( نون) ُيقرأ لوضوحه .. ويتكيء على غزل في المرأة ، وعناق في الشوق ، وعذابات الفراق والاختلاف ، والازاحة .

( محمد الجزائري)

يخرج أديب كمال الدين بهذه المجموعة من النصوص الى فضاء النثر مستفيدا من طاقته الشعرية الكامنة ساحبا معه وعيه الحروفي الذي يستند فيه - وعبر ماكتب قبل هذا العمل - من الايحاءات الشكلية والجوهرية للحرف العربي في عمقه الوجودي : حرف يلتفت الى نفسه ليعمل في حقل دلالي شاسع محاورا نفسه ومسربا ً الى قارئه شحنة من المعرفة واللذة وشيئا من الم المواجد التي تنطوي عليها هذه الحروف القائمة على رؤوس الهم الموضوعي والشكلي في الديوان : نون تكرر نفسها وتحيط واو الوجود باستدارتها وعمقها واحتضانها النقطة أسّا ً لكينونة الخلق ومنطق خطه الموغل في الصيرورة .

( حاتم الصكر )

موقع أديب كمال الدين:
www.adeb.netfirms.com