ادريس علوش
(المغرب)

  • أروقة لأزقة الضياء
  • الذئب الذي كان..؟؟!!
  • مرثية لحذاء البلاد المنخفضة
  • شارع نزار قباني
  • كلمات متقاطعة جدا..!
  • وجع الرأس
  • الليل مهنة الشعراء .. وكفى ..!
  • دالية الذهول..!
  • استعارات
  • سر الكتاب
  • حذاء ثخين
  • دوي العبارة…
  • عَلَى حافَّةِ الإِفْلاَسِ ..!
  • أَرْوِقَةٌ لأَزِقَة الضِيَاءْ

    (1)

    ادريس علوش لِكَيْ أَبْحَثْ عَنِّي
    عَنْ مُرَادِفٍ لِعَدَمِ الإِسْمِ
    أَحْتَاجُ مِجْهَر عَالمٍ مُتقاعِدٍ
    وَغِرْبَالا لِجَمْع شتَاتِ الحَقيقَةِ…
    وَعَقَاربَ سَاعَاتٍ مُتْرَبَة...
    وَحَقِيبَة أسْرَارِ بَارِدَةٍ..!

    (2)

    رُبَّمَا أَجِدُنِي
    كَمَا طُفُولَة البَارِحَة
    مُفْعَمًا بالسَرَاحِ المُطْلَقِ
    وَبَيَاضِ الألْوَانِ…

    (3)

    لِلْغُرْبةِ رَائحَة الْموتَى
    ولأنَامِلهَا سِعَة الشَاهِدَة
    هَذَا القبْرُ لِي لنْ أبْرحَهُ
    حَتى يَأذن القِمَاطُ
    وَرِمَادُ الكَفَنِ
    مَاذَا لَوْ أَجْهشَ بِالسُكْر
    وَنادِمَ المَسَاءَ بِعُرْيهِ
    وَشُرْفَة الاغتراب مُشرْعَةٌ
    فِي اكْتِئَابٍ
    تَشْتَهِي تَذْكرة السَفَر
    إِلى وَرْشِ الوِلاَدَة
    وَرَحِمِ
    الصحْرَاءْ…

    (4)

    لِلضَياعِ أَرْوِقَةِ السُلَحْفَاة
    وَلِمَتاهة الأزِقة ضِيَاءٌ
    وَنَفْس المَسَافةِ الوَاقِيةِ لِدِرْع
    الأحْزَانِ
    جَازَفَتْ بِالهَوَاءِ
    لِتُنشِئَهُ مُدنًا
    وَالحَانَات مَنْ يُرثيهَا
    غَيْرُ نَديم الحِكْمةِ
    سَألَتْ أقْدَاحُ التَاريخِ
    وَمَالَتْ جداول لِلْخُلُودِ…

    (5)

    عَلَّ كآبةَ الوُجُود
    تَحثُ خَطْوي عَلى المَشْيِ
    نَحْو مَجْهُول أَرْخَبيلاَت الذَاتِ
    أَوْ نَحو رْقصَةِ الرَغَبَاتِ..
    خَرابٌ هَذَا العُمْر
    أُجازفُ حِين أسَمِيهِ البَقَاءَ
    وَيبْقى سُؤَالُ الوَجْدِ
    لَيْس فِي بَهْو المَكَانِ
    عَدا إِسهَامات الغَجَر
    وَدَوالِي البَدْو الرحَل
    وأسْفَارِ
    العُتَاةْ..!

    (6)

    مُتَعددٌ فِي اللَّحَظَاتِ
    أَخيطُ الزَمنَ مُنْفرِداً
    بِدَهْشَة الحَكْيِ تَارَةً
    وَأُخْرى بِهَدْمِ السرَابِ
    أهِيمُ فِي مَرْتَع الشَغَب
    فَراشة تَحُومُ فِي فَنَاءِ الدَّار
    وَأَتْركُ قَيْضَ الظَهِيرَةِ
    لهُتَافَاتِ الشَّمْسِ…

    (7)

    قَمِيصُ الشَتَاتِ
    مَاثِلٌ فِي صُنْدُوقِ البَرِيدِ
    يُعَاتِبُ ذِكْرى امْرَأةٍ
    لهَا عِوض القِنَاع شِرَاع
    وَعِوَض الوَهْمِ
    سُؤَالِ هَذِي البِلاَد
    المَفْتُونَةِ بِخَريطَةِ الجِدَارِ…


    اسْتِعَارَاتٌ

    أَخَالُ
    الذِي يَحْدُثُ مِنْ حَوْلِي
    وقْع أَشياء تَسْتعير
    لُغةَ واقعٍ ما :

    الشَّارع
    الذِّي يُخْفِي أَنْيابه
    في مُلْصَقَاتِ الجِدَار
    وواجهات المَتَاجر
    يَزِيغ عَنْ منْقَارِ الأزقَّة
    لِتَهْتَدِي إِلَيهْ الأَقْدام
    وَالسّيقان
    سِيان..!

    الفَراشات
    في انْبِهارٍ
    تَحومُ حولَ
    حَتْفها
    كُلَّما رَقَصَتْ
    لِفَيْضِ اللَّهبَ
    وشَرَارة الهَشِيمِ..

    الكَراسي
    المُشْبَعَةُ بشَهوة السُّلطة
    تُرْثي حَالَ صَاحِبِهَا
    بِاسْتعَارَة لُغةِ النَّاس
    وَنَبْشِ مَا تبقّى مِنْ حَفِيفِ
    ورَق
    يُحَاكي دَوْرَة المِيَاه..!

    المَنَافي
    -هَكَذا- بقيتْ في دُرْج
    السُّؤال
    تُكَابِرُ انْشطَار الهُوية
    في جَوَازاتٍ مُلونة
    ممتدَّة مِنَ البَحر
    إلى رَقْصِ قوارب الموتِ
    حيثُ الضفة الأُخرى - هناك -
    مَاثِلة كفردوسِ واهمٍ..!

    الشَّاعِرُ
    الذي يُشْبِهُنِي
    ما يزال يبحثِ
    عن بلاغة القول
    ورشح الأشياء..

    أَخالني
    أَكْتبُ القَصيدَة
    غير أنّي أَسعى بِلاَ مَعْنَى
    لِهَدْمِ عقاربِ اسْتعارَاتٍ
    مُعطَّلة ..!

    الذِّئْبُ الَّذي كان ..؟؟!!

    أَوْهَامُه
    في اسْتِدراك رَقْص الخَفَافيش
    على أَنغام طُبول الفَزَع
    يَبْكيه إلى حدّ نسيانه
    لمُسْتنقعاتِ دَمٍ تُجاور
    بؤر مخالبه…

    (1)

    الذّئْبُ
    الَّذي كان ..؟؟!!
    أَضْحى قِطْعَة فَرْوٍ
    تُمْسِكُ بِمِقْوَدِ قطَاعِ غِيار
    قَدِيمة
    توصَّل إلى شَتات مَسالك
    بلا ظلّ غامضة
    كفوهة بركان..!

    أَقْفَرَتْ تَفَاصيلُ مَكْتبه
    عَنَاكِبُ غُبار المَوْت
    اسْتَعار مِنْ عَرائِسَ كَانَت له
    مَدارا لَـ"صَمْتِ الحِمْلاَنِ"
    واخْتفى يعدّ سكنات ذَيْله
    كَطَاووس رَاقَتْهُ أُشرعةُ
    ريشةٌ
    لحظة أَغْواها عواءُ
    الهواءِ..

    (2)

    الذّئْب
    الذّي كَان ..؟؟!!
    أَلْقى عَلى مَرْأَى
    من متَاهَات مِرْآتِه
    غَيب مَصيره
    وانسلَّ إلى سَرادِيبِ الظُّلْمة
    يبحث عن جدوى
    احْتِفاء الشَّمس بحدائق
    النهار..


    اللَّيْلُ مِهْنَةُ الشُّعَراءِ .. وكَفى ..!

    سَأَخْتَبِرُ
    عَتَبةَ المَسَاء
    إذَا شَاءت ذَخيرةُ الوَقت
    حيثُ فَقَاعَاتُ الصَّباح الَّذِي وَلَّى
    تنقر مِسْمَارَ الظَّهِيرة…
    وأَسْتَعِير
    مِنْ خطواتِ الطَّريق
    بَوْصَلَة لِشَرْخٍ يتفَتَّتُ ذّرات…

    أُبْحِرُ - هكذا - في القَصيدة،
    وَعرَاءِ المَعْنَى،

    في انْسِياب اللاَّشَيئ، في تصدُّع الفَلْسفة، في هَدْم العُمْرَان، في مَحار النَّهر، في مَحْو الشَّكْل، في رقْص النَّافُورة، في هَذيان الشك، في عَرَصات الأقَاليم، في فَوَاتِير المحفظَة، في جُزُر المَجَازِ، في وَقْعِ الكَبْوَةِ، في وَهَجِ البَلاَغة، في دُكْنَة القَنَاة الأُولى، في مُنْتَهَى الخَريف، في جزر الإيّاب، فِي حزن يوم الاثنين، في شَطَحَات الفيزياء، في بَهْو الصَّحْوِ، في شُرْفة أُنْسِي الحَاجّ، في غَلْيون تروتسكي، في خصر فيفي عبده تماما..في نَثر القَصِيدَة…

    أُرَاوِدُ مِرْوَحَةَ الأَمْكِنَة وَتَاجِ الكَلِمَاتِ، والنِّهَايَات بِدَايَاتٍ أَعْتَقِدُ لِقَفْرِ آخَر، والفَرَاغَ بقُوة الأَشْياء يُصْبح مقبرة..! لا أَكْثرت لِرَصيف اللُّغة، لقاء النسيان أهْتِف لِظلِّي السُّكَارَى وَحْدَهُم قَادِرُون على حلّ إضْرابِ التَّارِيخِ، والشُّعَراءُ فِي نِهاية القَرْنِ مُجْبَرون عَلَى نَقْر قَصَائِدِهم فِي أَجْهزة لاَ تعرفُ ما الخيال..؟!

    نديمي في الكأس
    في المحبة .. واللاَّحربَ..!
    ما الذي يحدث الآن في دولاب الموسيقي
    وأنت..؟
    ما خَطْبُكَ، لَوْ أَنَّ اللَّيل انْزَاحَ عنْ غَسق الصبح..؟
    وكأْسُكَ، هلْ شَرِبْتَه عن آخره أولاً..؟

    معك أنا في خراب النص،
    واللحظة،
    والقصيدة..!
    (كُلَّمَا ضَاقَتِ العِبَارَةُ…
    أَذْهَبُ لحالِ سَبيلي..!)

    نديمي في غُرَف الأَرْض
    في الهَواء المُثْخَن بِرَعْشَةِ
    الزِّلْزالِ..!
    هَيَّا نَصْعَدُ معا سُلَّم الوَظيفةِ
    نَتسلى بِرَاتب الشَّهر المَبْحوح
    نُحاكي رَقْصَ الغُربَانِ
    نُرَتِّب فَوانيس النَّهَار
    أما اللَّيل، فهو مهنة الشُّعراءِ
    .. وكفى …

    حِذَاءٌ ثَخِينٌ

    (1)

    يُوتُوبْياَ خَطَوَاتِه
    تَقُودُه - عادةً - إلى أدراجِ
    الهُيام
    يَتيمًا في المَشْي
    يُوقِعُ بِالنِّسْيَان
    في أَزْرَارِ مِعْطَفِه الكَئِيب…

    كُلَّماَ حَلَّ بسَاحَةِ الحَانَة
    أَغْوى عواء جيُوبِه بِالفِرَارِ
    ثانيةً
    لكنَّ وَميضَ الكَأْسِ يُبْهِرُهُ
    وعِوض اللَّحْظَة يبقَى العُمْر كُلَّه
    أسيرَ طاولةٍ
    وقَارُورةٍ تَخْتَزلُ الوُجودَ
    فِي بُرْكَانْ…


    تَرَكَ بَاحَة الوَظِيفَةِ
    تَرَكَ جَزْرَ السَّرِيرِ
    تَرَكَ مرارَةَ الخَرِيطَة
    تَرَكَ ركْض الحَافِلاَتِ
    وانْسَابَ منْ ثِقْب إِبْرةٍ
    يُنقِّبُ عن سِرٍّ وَاحِدٍ
    لسرابِ الحَقيقة..

    (2)

    بِحذَاءٍ ثَخينٍ
    يَمْضَغ أَتْربةَ الطَّريقِ
    يُعانِد قُفْرَ الفُصُول
    في مِشْجَبِ الَحَقيقة
    يَنطُّ إِلى مَصَادر عَيْشِه
    دُونَ أَن يَأْبَه لسُورِ العَوْسَجِ..

    مِرْوَحةُ الفِكْر
    تُهَدهِدُ حفر سُؤالِهِ عن أُناسٍ
    قَرعُوا أَجْراس الكأْس
    إلى جواره مَرَّات وانْصرفُوا
    عَبَروا نَفْسَ أَسْلاَكِ الفَانُوسِ
    في مدينة ظِلاَلِ الدَّالِيةِ
    وصاروا بعد وصلة الدَّفْنِ
    سحابة غُبَارْ..

    هَلْ بَعْدَ الحَانَة
    أَشْتَمُ صُوَرًا أُخْرَى
    لِسُبُل الحَيَاة..؟
    ظلَّ يَسْأَلُ…

    كَانَتْ بقَايا جُثَّته
    عَلَى نِصْفِ نَعْشِ هَادِئة
    ساعَة الجدارِ معطَّلة
    تشير إلى هَدْمِ النَّهار
    ومَجاز اللَّيْل
    وما تَبقَّى من قَيْد حَياتِه
    يَنقَضُّ عَلَى سِعَة بياضِ الكَفْنِ
    تَكْفي حروفُ سَوْدَاء
    لِتُفْصِحَ عنْ سِرِّ مَرْمَرِ
    الشَّاهِدَةِ…

    دَاليةُ الذُّهُولِ ..!

    إلى الشاعر كريم حوماري
    "الإنسان أعظم من قدره…"
    عبد اللطيف اللعبي

    (1)

    في الرَّابع مِن مارس*
    يُسْفِر الغُروبُ عن وَحْي سُدُولِه
    ليَحْمِلَ الشَّاعرُ أحرفَ البَهَاءِ
    وَيَلْقِي بِتَعب العُمْر
    إلى هَوْدَجِ البَحْر
    موقِنًا أَنَّ شَغَبَ القَصِيدَة
    أبْقَى منْ قُفْر الحَيَاة
    وأَخَلَدَ من تَكهُّناتِ الغَيْب..!

    مُنْشَرِحًا
    في رشح الجَسَد
    كنت تهيم في الأمكنة
    فراشة تحوم في مدار
    الشمس
    أو هزيع اللَّيل
    - مَا الفَرقُ ؟؟!! -
    وبياضُ الفُصول
    يَشْتَهِي فيكَ فَيْئَ ما تبقَّى
    من أَحْلامِ الرَّماد
    ورَعْشَةِ التَّفاصِيل…


    مُنْـزَوِيًا
    في المَكَان كَعَنْدَلِيب المَسَاءات
    تَشْدُو قصيدةَ الغِيَاب
    بمُفْرَدِكَ فاكهةَ الموتْ
    على مَرْأَى من نَوارس الضِّفَاف
    وتَضْرِبُ مَوْعدا للرَّحيل المُبكِّر
    ا
    ل
    م
    ب
    ك
    ر…

    (2)

    "يَحْفر اللَّيل قَبْري وينام"**
    كان البَوْحُ بهو كلمات
    تسع فوانيسُ الرَّذاذ
    وداليةَ الذُّهول
    ظلَّت مُعلَّقة في منار المِيناء
    تُفْصِحُ عن سرّ خَبايا
    كتاب "السُّقوط"***

    وبلاغةُ الصَّمت
    حطّتْ على الجدار
    تَسْتَفْسرُ رُوح القُداس
    عَنْ حتفٍ مُشْتَهى
    سَاوَرَ الشَّاعِرُ لِلَحْظَةٍ
    لِيَسْتَلْهِمَ مِنْ فَيْضِ الوُجُودِ
    أَبَجدية النصّ الأَخِير
    ا
    ل
    أ
    خ
    ي
    ر

    دَويُّ العِبَارَةِ…

    رَعْشَةُ الفَيْضِ
    النَّهر نَدِيمي
    يا امْرأَةً مِنْ سُهَادِ العِشْقِ
    حَلَّتْ في راحة الكَفِّ عَارِيةً
    إِلاَّ من سيقانٍ في شَكْل
    داليةٍ

    وَحَلْمَتَيْنِ كَحَّبتَيْ عِنَبٍ
    تُوقِظُ تَنُّورَ الفَيْضِ
    مَتَى شَاءَتْ
    وَتُعِيدُ الرَّشْحَ إلى مَرْفَأِ
    الغَيْبِ
    سَاعَةَ
    الرَّحيل..

    استراحة البجع
    البَجَع يَسْتَرِيح الآن
    مِن رَكْض الماء
    وفَقَّاعَاتِ الهَوَاء
    تَسْتَقِلُّ شَجَرًا يَحْوي نُعُومة
    الصَّباح
    ومَشْهَد الحَدِيقَة الغَرْقَى
    في تأمُّلاَت
    الصَّمْت..


    بِمَشِيئَتِهِ إِذَنْ..
    بِمَشِيئَتِهِ إِذَنْ..

    يحلُّ الهَوَاءُ
    في غَياهبِ المَكانِ
    ويُنِيرُ عَتَمَة الكَلِمَاتِ بِسُؤَالٍ
    يُجَاِورُ فَراغَ القَوْل
    وحَوَافِزِ الوُجودْ..

    افْتِرَاض لَيْسَ إلاَّ..
    أَفْتَرِضُ
    قَفْرَ الشَّارِع صُراخًا
    وَأَسْتَعِيرُ من انْشراحِ الصَّوْت
    جَدْوَى الكَلِمَات
    أَفْتَرِضُ
    أَشياءً بِلاَ معْنَى
    وَدَوِيُّ العبارة يَسْبِقُنِي
    إلى مَرْفَأ قَصيدَة..

    إِذَا مَا..
    إِذَا مَا امْتَدَّتْ يَدهُ
    إلى اللُّؤْلُؤة
    فَمَا يتبقَّى في بَاحَةِ القَوْقَعَة
    عدا فَراغٍ آثِم
    وتَفاصيلَ أخرى لِلْغُبْنِ
    تَجْهَشُ بالضَّحِكِ إلى حَدِّ
    الدَّهْشَةِ فَقَط..!

    سِرُّ الكِتَابِ

    مَا يَحْدُثُ
    هو اللاَّشَيئ
    وَعَيْناك الخِيَانَة

    هل رأيتَ عَدا كَوْكَبَ يَرْقُصُ
    لِمَتاهة الشَّمْسِ
    وَأَقْدَام
    لَكَ تَخْطو في زَبَدِ الأَشْيَاء..

    الحَقيقةُ عدمُ مُشْتَهى
    والأَمْكِنةُ قَفْرٌ باردٌ
    والرُّوحُ صَحْرَاءٌ..!

    يَحْدُث أَنْ تُسمَّى
    التَّفاصيل بِرُمّتهَا حياة،
    وَصوتُ المَعْنَى خَرِيفٌ
    يُرَابِضُ في مدَار التّيه..

    مَن يَقْوَى على فيزياء الحَتْفِ
    -غَيْركِ- ..!
    والعُمْر أَبجدية مِقْصَلَة باليةٍ
    تتوقَّعُ سقوطَ أناملكِ في الهَواء..

    مُسْتَقْبَلُكَ العَدَمُ حينَ يَسْتَجْمعُ
    الوَقْتُ عقاربُ السَّاعة
    في فَم الرَّمل..

    فَنَاءُ الجَسَدِ
    وِلاَدةُ أُخْرى لِأَرْضٍ
    تعرفُ تَجاعِيد الوَجْه
    وأَسْرارَ الجَبين..

    الحِكْمةُ
    … ( لاَ جَدْوى الأَشْياءِ
    أَشْلاءً..!)

    سِفْرُكَ غَيْبُ الآتِي
    وما تَبقَّى
    حَانَات الشَّوْق أَدْرى
    بِهُيَامِهِ ضُحَى..

    أَنْتَ الوافِدُ من دَهْشَةِ الحُزْن
    يَأْسَرُكَ غَدُ الرَّشْح
    وَسُدًى تُعَانِدُ
    سِرُّ الكِتَابْ…

    شارعُ نزار قباني

    (1)

    الخَطَواتُ
    إلى بَهو الشّعر
    سر احْتراق العُمر
    في لعُابِ الوَقْت
    وَبَوْح الرَّشْحِ
    ما شَاءتْهُ أنامِلُ الشَّاعِر
    ساعة انْزِياحٍ مُتخيّل
    الحياة…

    (2)

    كانَ شارعُ نزار
    بلا أَرْوقة أَوْ سِتَار
    يبارك سعة عيون الدَّمشقيَات
    في عيدِ الشّعر
    والحُبّ
    والقَصيدَةِ..
    يفْسِحُ لاْشتِباك أَيادي
    العُشَّاقِ
    ارْتعَاشَات رَحَابَة القلب
    وفَيْضِ القُبل
    النَّادِرة..

    (3)

    الشَّارِعُ
    والشَّاعِرُ
    تَوْأَمَان في الحُزْن
    لحظَة الغِيَابِ..

    (4)

    … … …
    … … …
    … … …
    الآن
    وَبِلاَ رَقيبٍ
    شارع نزار تَمشيه
    خطواتُ الشّعر
    حدّ اللاَّمُتناهي…

    عَلَى حافَّةِ الإِفْلاَسِ ..!

    (1)

    أَخْشَى ثِقْبَ الوَقْتِ
    هَذَا المَدْعُوّ "شتنبر"
    يَسْتَلِذُّ بِقَفْرِ جُيوبي
    فِيمَا العالمُ بِأَسْرِهِ
    منْ حَوْلِي يَقْضِمُ المَشْيَ
    بِرِجْلٍ عَنِيدَة
    والأَصْدِقَاءُ يَصْعَدُونَ بِأَعْينهِم
    إلى عِدَادِ سُلَّمِ الوَظِيفَةِ
    عَلَّهُ يَقْفِزُ نَحو أَقْصَاهُ ..!

    (2)

    إِلَى مَتَى عَلى "الإِفْلاَسِ"
    أَتّكِئُ..؟
    لِأُجْبِرَ التَّسكُّعَ عَلَى ازْدِرَاءِ
    أَزِقَّةِ الهَذيان ..
    وما تبقَّى من رُفُوف الغَيْب
    هكذا، دون سابق إِشْهَادِ
    مراكبُ تُدحْرج مَرْفَأْ الحقيقة..
    صَوْبَ
    مَنَارٍ
    مُنْطفئ
    كَانتْ دفاتري تحكي
    لِمَدَاراتِ الهَدْمِ
    وَهمِّ الحَواشِي..

    لَمْ اللَّيلُ
    مُثْقَل بتيه النُّجوم..؟
    كَأَنَّه كِتَاب أَتْرِبةَ الغَد
    ومِفْتَاحُ الذَّاكِرَة..
    اللَّيلُ، فَحْوى الهَارِبين
    من فقاعات النِّهار
    وسرِّ الغَسق الحَالم بِسُكَارى مِثلي
    يتوقَّعونَ انْهِيار العالم
    دونَ حرب ثَلْجِيَّةٍ ..!
    الحرب خَوْذَة ملقاة
    في ساحة عُلْبةٍ لَيْلية..
    فيمَا السَّلاَمَ
    حبَّاتُ مُسكِّنَة مُستوردة
    من صَحْراءَ بِلاَ رَملٍ…

    (3)

    أَخْشَى مِنْقَار الوَظيفَةِ
    إذا ما حَطَّ على دُولاب الأَسْماك
    والسَّير على قِشْرة الأرضِ
    أتحاشَاهُ بقدم واحدةٍ
    أترك اليد تُصفّق لفَحيح الفَراغِ
    رُفْقةَ من يرونَ في
    الدَّولة
    مقصلة
    فاترة…

    كَلِمات مُتقاطعة جدا ..!

    إلى أحمد غيلان.

    (1)

    فَأْر
    يَقْرِضُ حُروفَ النَّثر
    بأَسنان نادرة
    كلّما انزوَى إلى خشَب
    "مَقْهى الميناء"*
    (القريب من "بوابة الموت"
    بخطوات…)

    استَمالَهُ رَشْح الصّباح
    نَقَّبَ في سرّ جرابه
    عن صَخَب الصَّفَحات
    ودونَ أَنْ يأْبه لثُمالة
    البَارحَةِ
    تفقَّد الغائِب من أَصدقاء
    المكان
    وألقى برأسه إلى هاوية
    الجريدة ..!

    (2)

    فأْر
    تسقطُ صرعى بين أنامله
    جحافل الكلمات المُتقَاطعة
    بِظلٍّ عَمُودي
    وآخر يحيل على شرفة الأفُق..

    لا فَرْقَ
    سَيَسْعى عِنَاده
    لاحْتِواء مربعّات الفَراغ
    وأَلغاز شِبْه مُبْهَمة
    يحلما بمنقار حبر مهشم
    لِيَخْتِمَ عُزلَة الصَّفْحَة
    بِرَعْشةٍ…

    مَرْثية لِحذاءِ البلادِ المُنْخفِضَة

    (1)

    الوحيدُ
    الذي يَسَعُ أَقدامي
    وَيقْتفِي خَطوات الشتاء
    بلا ريب..
    يَدْميني منْ عَثَرات
    عواءِ الحُفَر
    وجهلي بأزقَّة لا أَعْرف لها
    سِرًّا…

    حِذَاءُ
    البِلاد المُنْخفضة
    صُنعَ - رُبَّمَا - من جلد الكَرْكَدنّ
    أَو ظَهر فرس النّهر
    من يدري قد يكون
    من وَبَرِ جِمَالِ الصَّحْراء..؟؟!!

    لكنّه نَديمي
    كُلَّما تعلّق الأمْر بِغبار المُدن
    ومدارات الفلوات
    يُريحني
    إلى حدّ أَخَال
    أنِّي أَعْدو وَبِـ
    "جياد ما لهن قوائِمُ..!"

    (2)

    حِذاءُ
    البلادِ المُنخفضَةِ
    هَجَرني لمرَّاتٍ
    إلى زجاج الملائِكَةِ البَيْضاء
    المُجاور ل"ساحة الدام"*
    الشَّبيه بحدَائِق الفردوس..

    حيث "البوهميون" يتبوَّلون تماما..!
    على حائط قَصر الملكة
    دون اكتراث بأَحَد،
    وحيث المارة يتوقعون من خُطاهم
    أحذية تجهش بالضَّحك
    وتسخر من رتابة النهار،
    فيما حذاء البلاد المنخفضة
    يقْضِمُ المشي
    بحفَاوَة
    ويَسعى صاحبه إلى "حان"
    السراديب المُعتمة…

    وَجَعُ الرَّأْسِ

    (1)

    وَجَعُ الرَّأْسِ
    يُسْدِي النُّصْحَ لِزَمْهرير
    الرّيح
    الضَّارب في مُستهَلّ العام الجَديد
    وَيَسْتَلُّ من عُلْبَة حبات
    "الأَسْبِرين"
    ما شَاءتْهُ سوريالية مَواعِيدِ
    الضَّجَرِ

    وبِسُعَال يقْتلعُ
    خرابَ الصَّدْر فقط
    يُعَاند غَفْوَ المَسَاء
    ملفوفا بكَشْكُولِ الحُروب
    الدائرة بين فقر الدم
    ومُنْعطفات العمود الفقري

    يفرُّ من هَدير حَفَلاتٍ
    تنهش رتابة العمر
    وأَرْصِفةٍ مولعة بأحذية
    (كانت له..!)
    صارَتْ في المَشْي هَوْدَجًا
    للغُبار
    يُراوغُ واجِهَات تَأْسر
    رغبات امتلاكه
    لأَشياء نادرة
    في اللحظة…

    (2)

    وَجَعُ الرَّأْس
    مَسافَة الغَسق الفَاصِل
    بين ثلج القلب
    وهُيام
    السَّراب..

    يُسَاورُه - صاحبي - الشكُّ
    في بقاء قُماش الحِكْمة
    مُعَلَّقًا في فانوس الرُّؤى
    وتعينه أروقة الغيم
    متى أذن لها سُدُولِ
    الليل..

    سّقْفُ الشُّرفةِ نَفْسُه
    والخَطَاطيف غادرتْ بهو
    الشّتاء
    في اتجاهَ رَشْح الفُصول
    وسَاعي البَريد كعَادته
    محمل بأسرار أصدقاء
    الغُرْبة
    ترك الرسائل في سلة الباب
    وَفَرَّ يسابق انزاح
    الهواء…