عصام أبو زيد (مصر) (ماذا يكون الشعر عندي يا تُرى؟! حتى به أمشي أنا في مرح؟! لدي فن آخر غير فنون الشعراء). - جلال الدين الرومي -

صباحُ الخير يا صالح
قاطعُ الطريِقِِ مات
لكنهم
خدعوني.

بداية

وانتهت سنوات
النوم الطويل
في شارع الجنة
على نهر العسل
تحت النجوم.

تحقيق

كرسي
أنبوبة غاز البوتاجاز
مشبك غسيل وحيد وعملاق
زخارف المساجد القديمة والسماء
لكن قل لي:
هل تعمل مع الله
ماذا لديه تعمل؟

تقرير

أولا: لاشيء اسمه (جنون)
هكذا الأطباء أكدوا.

ثانيا: أسامة يحب الحيوانات
الأسد والبقرة.

ثالثا: كان أسامة سيدخل كلية الطب
لولا مكتب التنسيق قال(لا).

رابعا: هجم الأوغاد في الليل على أسامة
واغتصبوه.

ورقة

احترقت الحديقة
ونزل جسدي من الفضاء
لينقذ الزهور
كانت زهرة الشمس مرسومة في ورقة
كان حيوان بعينين جميلتين يصرخ
صراخه العالي يقذف الحياة عاليا
عاليا كنا نطير
أنا والحيوان
أنا وزهرة الشمس
أنا وحديقة مرسومة في ورقة.

عبد القادر

بعد شهرين
وصل عبد القادر إلى بطن الثعبان
قال لنا في رسالة قرأناها في عين الثعبان
حياتي تغيرت
تهبط العصافير كل يوم على رأسي
خضراء وبيضاء وشفافة
ثم إنني
قلت أهلا
قلت لكم تعالوا.

أغنية شعبية

لأن الساعة الثانية عشر
على باب السينما
وحبيبي تأخر
أغني:
الناس في الطابق الأعلى يطبخون القمر في عيون الكابوريا
بينما الآخرون في البدروم يسحبون شرايينهم من الأفران
يا ناري وليلي وعيني
يا خطاباتي التي
إلى أين؟

نحن أيضا نحبها

البقرة كائن جميل
أفكر أن أتحول إلى بقرة
أن أذهب إلى الحقول وأدخن سجائري
أنا لا أدخن السجائر
أنا آكل السجائر وأنهض نشيطاً
أنهض محمولاً في سيارة قديمة كاديلاك 1957
البقرة في السيارة وتحت سماء زرقاء وصافية
يارب لا تترك البقرة وحيدة في السيارة
اجعل عن يمينها عصفورا بثلاث ريشات
من الماء
والهواء والقمر
اجعل عن شمالها البنت الجميلة التي اسمها غادة
البقرة يارب تحب غادة
نحن أيضا نحبها.

كن معهم

معي أرنب يتكلم معي
معي سيارة أقفز بها من عين الشمس إلى عين القمر
معي الله الذي ينتظر خطوتي إليه
سأصل يا الله بعد أن تهدأ العواصف
بعد أن يعود الأرنب ويخبرني ماذا رأى
هل رأيت ابنتي يا أرنب؟
هل تنام جيدا وهل تشرب الحليب قبل أن تنام؟
سأرسل سيارتي إليها فكن معها يا أرنب
كن معهم يا الله لأنني أحب أن تكون معهم
الأرنب والسيارة وابنتي.

الذي كان

الذي كان فوق سطح بيتنا
يأكل الطعام ويضحك
يسألُ الطيور عن صداقة الهواء
الذي اشترينا له ملاءة سرير بيضاء
قال لا أريدُ سريراً
أريدُ كثيرًا من البصل الأخضر
وحمارًا يصعد السلالم.

مصير

كنت أريدُ بحراً
الحياة تحت البحر كانت حياتي
كنت نائماً والماء يملأ صدري
كنت أفكر في مصير السمكة
هل تبقى هنا
أم إلى الأعماق ترحل؟
كنت أريدُ قلبي.

بذور

أولادي بذور البامية
أتيت حاملاً معي الماء فاشربوا
فوقنا في السماء أرض يزرعها أجمل الملائكة
وأولادي أنا سيكبرون قبل أولاد السماء
قبل أولاد اليمام والحمام والعنادل
سيكون لكم في الليل نور في القلوب
وفي النهار
سوف تزهرون.

بطاقة

اسمي صاحب القطة
قطتي تدخن السجائر
تسهر معي
وتدوخ
وتنام.

حال

رئتاك تضمران
وعضلة القلب ترتخي
عليك بالخروج.

كل ذلك وأكثر
سيجرفه النهر.

اقتراح

أسافر لأهدأ
الربيعُ بدأَ في التليفزيون.

سجين

في الليلة الماضية
أولئك الأوغاد
نعم الأوغاد القادمون من الفضاء
ضربوني
بحثت في الظلام عن شمعة
بحثت عن عظامي لأنهض
لم أكن أبكي
كنت أسقط في بئر
ولا أصل إلى قاع.

ضباب

هكذا رأيت الضباب
ورأيت عيونه مغروزة في رئتي.

هكذا لم تكن الشمس سوى بحيرة باردة
وكان الشجر كابوساً يعبر الحديقة.

هكذا اختفى القراصنة

على الرصيف المقابل لسقوط الحياة تدريجياً
كانت الأرانب تنظف القمر من الأشواك
بينما المرأة الصغيرة تلعن قلبها الذي
هرب مع قرصان الحقول
فعاشت وحيدة بلا قلب..

تلك المرأة لاتعلم شيئا عن مصير القرصان
وأنه أحبها منذ البداية
فثار عليه القراصنة
واتهموه بخيانة زهرة شمسية أقسموا عليها
وسافروا عبر الحقول فوق جذورها
باحثين عن بوابة أخرى
للرحيل..

تلك المرأة لاتعلم أنه عائد إليها
ومن حجرٍ قديمٍ وأحجارٍ جديدة
سيبني البيت ويرفعُ السور للحديقة
ليلعب الأولاد
ليكبر الحنان والأمان
ليختفي القراصنة.

نون

نورُ وردةٍ
بيضاءْ
نارُ وردةٍ
حمراءْ
إليكْ
أغارُ عليكْ.

طريق

يدها الطرية
في يدي
شهوتي وشهوتها
علامةٌ خطرة
على طريق
تنقلبُ عليه السيارات
والطائرات
وينفجرُ الحجر.

غصون

شجرةُ العائلة
تأكلُ الحلوى وتنيرُ ياقة الحديقة
كاملةً في نشوتها تراقبُ حفرةً ذات يوم
حفرناها
نبحثُ عن ذهبْ.

ومن ضفيرة الغبار الهائجة تقبلُ عليها
رائحةُ الماشيةِ حين تتناسلْ.

شجرةُ العائلة
تحتها اليوم نغني
للغصون الطالعة.

فواكه

سأذهبُ إلى السوبر ماركت
سأشتري ثلاث شمعات
سأشتري بالونات وفواكه
انه عيدُ ميلادِ الصغير
أسطورتي
وحياتي.

أيام في مصحة

مع مجانين
مع رجالٍ ضحكوا لأن الموت مات
لأن الحياة مثل رجلٍ طويل
يقطفُ الشمس ثم يأكلها
ثم يصرخ
ثم نخلعُ ملابسنا ونمشي عرايا
مع الليل والنهار
مع السجائر الرخيصة.

قنابل

كيف يكون للواحد مستقبل
وهو ضائع
وهو يكذب ويخون؟!
حتى الشهور السبعة في المصحة
لم تكن طوق نجاة
لكني - رغم هذا -
أحببتُ الأطباء
أحببتُ كلب المليونيرة المدلل
تزورنا المليونيرة كل أسبوع
لتمنحنا شرائح اللحم والزيتون
لتمنحنا زجاجات عصير المانجو
ثم تأتي الممرضات
يأتي الليل مع النجوم.

أقولُ لك هذا يا حبيبتي
وأنا أهربُ إلى مسقط رأسي
مفجراً كل قنابل الماضي
على رأسكْ.

حقيقة

نعم
كان متسكع خمارات
يشرب ولا يدفع
فقد خمسين كيلو متراً من كرامته
بل أكثر..

كان صديقه هو الذي أضاعَ رسائلَ البريد
فاعتقلوه.

أحباب

نحن أحباب الله الذين سقطنا في الوحل
أنقذي أطفالك يا أمنا الرحيمة
نريدُ اليوم أن ندخل الجنة مع أمهاتنا
نريدُ اليوم أن نتوب.

نراجيل

آه.. تعبت النراجيل من ضلوعنا المحشوة بالقش
والأغطية التي مزقتها الأُم
ساعةَ الولادة.

قطرة

ويحلمُ أنه نافورة
ويعلو مع قطرةِ الماءِ ويسقط.

حياة

لأنه السهم
يتغلغلُ
ويصيحْ.

تطارده الغيبوبة
يطارده الفقد.

نجوم

مثل قصصي الكثيرة في الغرام
تومضُ النجوم
وتختفي.

معها

هذه الحبة السوداء
على أنفي
تشبه الماضي
حبة سوداء وثقيلة
لدرجة أنني أسقط معها
وأتدحرج.

رموش

نانا
تشبه الغلام
في البنطلون الأسود
والبلوزة الحمراء
مع عشرة وردات بيضاء
مع العينين الواسعتين
والرموش التي
أضاعت عقلي.

محبوبة

لمياء وعواطف وشريفة
كل المساحات شك واستفهام
يومٌ صعبْ
لوحةٌ غيرُ محبوبة.

رعد

ولما ضربتنا الريح
أخرجنا المسدسات وقتلناها
كان صوتُ الطلقاتِ مثل رعدٍ
فوق سطح بيتنا القديم.

بائع البطاطا

إنها نهايةُ الأسبوع
إنها النهاية.

بهدوءِ من سرقَ اللصوصُ زوجته
تغسلُ البطاطا
وتطردُ الدموع
قل لنا :
ما اسم هذا الصبر؟
وهذه الحياة ما اسمها؟
.. رائحةُ خشبٍ محروقٍ في الهواء
رائحةُ ليلٍ ونجوم.

عصير

ولما رأتني أصعدُ السلالم
سألتني
هل كلمة الوداع أجمل
أم كلمة المضاجعة؟
قلتُ أني أسرقُ الكتب
اذهبي واشربي
عصير برتقال.

كلام

يحبُ ويكره
يكره ويحب.

في ظل العولمة..

الوصول إلى الله صعب.

خطاب

قطعةُ الصلصال المثيرة
على الحبل تمشي
وتقولُ في الخطاب أنها ستلحق بي
أقولُ لها
وداعاً.

فقط

أحبُ رائحة النقود الورقية
في طفولتي أحببتُ رائحة البنزين
بين الطفولةِ والشبابِ تتغيرُ الحياةُ
وتتدهور
مثلاً كان عبد الله يعلمني اللغةَ العربية
ويرسل في جيوبي خطاباتٍ إلى زينب
الآن أقعدُ في سريري وأفكرُ في الخروف الذي
لن نذبحه في عيد الأضحى.

قصة مدينة

مدينة فضحتني
رمتني إلى الطريق عاريا وكم تمنيت أن أتعرى
جسمي خجول
عظام وقليل من اللحم في طبق
دم إلى الشهوات يجوع ولا يشبع
قال الطبيب في المصحة أنني مأزوم
في غرفتي بحر ومراكب
الساكن القديم مات بعد أن خبأ في القاع كنزا
علي الآن أن أغوص وابحث عنه
اكتشاف الماء أعاد ذكريات اكتشاف النار
وكنت أعبد الله خاشعا
فأنقذني.

ألوان متقابلة

-1-

وحملني بين ذراعيه كرة طرية
وعند منتصف السرير
فرد أعضائي صانعا الزهور منها
ولا ينسى لحظة أن يلمس الأوراق فيميل عود الزهرة
وأقول من أين يأتي الموت يا أبي
وهل يشبه قطة سوداء أحب وقوفها في النور
وأحب أن أخاف منها
كي أشبه الأطفال؟

-2-

لا
لن نغسل وجهينا معا
ربما تسقط عينك الحمراء في يدي فأرميها
وتظل أياما تبحث عنها تحت المخدات
وفوق البيت ستقلب الدنيا
وأبدا
لن تعيد الشمس ما أخذت.

-3-

مات أبوك دون يراني
وكان في صورة الحائط أرنب يجري.

-4-

عندما تذهب
أطوي نفسي في الستارة
وتحت شباكي أراك تسير مضموما صغيرا
كأن في كتفيك انحناءة طائر
كأني الآن أرى سحلية خضراء تسقط من خيالي.

-5-

بلا جسارة
يدخل الشتاء علينا
تخرج نملة من جيب القميص
وتسير أمي في نومها تضحك.

-6-

- أمطرت؟
- لا.

- أغلقوا الباب؟
- آه.

شهوة

ولماذا
في الصباح
تحت النافذة
كانت القطة تدور حول نفسها؟

ثلاثة وثلاثون

منذ ثلاثة وثلاثين عاما
سقط رأسي هنا
قفز الحمار ضد الريح
توقفي يا جدتي عن الصياح
صعد الماء لأعلى.

أيام

في تلك الأيام
كتبت أسوأ قصائدي
لكن الشعر وقتها لم يكن مهما
كان البطل الأسطوري هو كل ما أريد
كيف يتحرك، ويقفز، ويتكلم
كيف يمكن أن أتحول أنا أيضا إلى أسطورة.

في تلك الأيام
نسيت كل شئ.

نبضة

أظن أنني أشيخ
الهواء بلا امرأة يتجول حولي
الكراسي مريضة بوهم الأرواح الخضراء التي
ستفتح الباب
فيستيقظ المنزل
ترفرف قمصاني عندما تراني
يستعيد قلبي
نبضة السرور.

وقت

ورأيت نفسي أتمدد مثل ميت
تحت شجرة
تسقط من الشجرة ثمرة
على بطني
فأضحك.

على كل حال
ضاع الوقت.

رسالة

وكانت في يدي رسالة
دفنت الرسالة تحت الأرض
قلت سينزل المطر وتنفجر الرسالة وتنمو شجرة كافور
قلت إنني تحت الشجرة
أحلم كثيرا.

أصابني البرد
والجوع
وذهب عقلي.

بؤس

لماذا نحب دائما
من يحبون غيرنا؟!

تراث

قصة الغرام التي نشأت
بين راقصة ومندوب مبيعات
تحولت هنا
إلى تراث!

بحيرة

ارتفع الماء في البحيرة
إلى عنقي
أحرك ساقي فتؤلمني
أحرك يدي فتتحطم
سأقوم من الماء لكن إلى أين اذهب؟!

خارج البحيرة
لا يريدني
أحد.

مدد

صباح الخير أيها البقر
عادت عصافير الحقول.

النساء في الأرحام يحملن طفلا
يقلن أحمد أو عادل أو منصور
الآن تدخل جدتي
وتعبر عامها الثاني
بعد قرن.

مصطفى

قل لنا يا مصطفى كيف بكيت
هل ماء الوضوء من زمزم
أم قلب الذي ضاع يتوب؟
أخبرنا عن الدمع
أحقا جاء في الركعة الأولى
في سجود طال حتى قلنا يا مصطفى
غرقت سجاجيد البيت
خذنا للذي تهواه.

زرقاء

ولما طارت سيارتي القديمة الزرقاء
رأيت جناحيها الكبيرين يخفقان
وقلبي
يدق
على عجل.

انتقام

امتلأ الفضاء بالسيارات
السيارة الحمراء احترقت قبل أن تغادر المجرة
كان في السيارة شيطان طالما ضربني على قفاي
الآن احترق الشيطان والسيارة
كيف سأنتقم؟!

جبروت

منذ عشرين سنة
قال في قصيدة تمزقت
( عظامي في السادسة عشر تأكلني وتحتاج..)
الآن يأكلُ هو العظام
ويشربُ - ربما -
........

صداقة

ليست المرة الأخيرة
تقعدُ في المقهى
مع الحنان المكتوم
في المقعد المقابل.

تلغراف

عامل تلغراف
يسكنُ في محارة تميلُ فوق البركان
أو هكذا
يتخيلْ.

حرمان

يا ليتني أستطيعُ أن أقول:
طبخ الريفيون القمر في الأعياد
وحفروا همسة الريحان على القبور.

أصداء

حقل النخيل
ذو الرائحة العنيدة
خلف منزلنا.

أصدقاءُ السوء والمغامرون اختفوا.

حلمُ المكتبة وأحلامُ الطيران.

الشمعةُ في يدي
وغداً في يدك.

أسامة يخرجُ من المصحة
ويذهبُ إلى السوق.

كلامُ حبيبتي عن قلبي الطيب
ونعمة الزواج..كيف؟!

اللقاءُ عبر الإنترنت
والموتُ في كل لحظة.

الهواءُ في الفجر معجزة
وأنا أيضاً.

النومُ فوق أسطح العمارات
ثم الهلوسة.

ذكرياتي مع اللصوص
في قبضة العدالة.

الشر الحقيقي.

الزحام.

زواجُ الأرملة من مخنث
والأسدُ يزنُ نصف طن.

الكاميرا لا تلتقط الصور
والعشبُ ..أين؟!
النورُ يغمرُ الدجاجة.

إبراهيم.

زوجةُ أخي تحت الأنقاض
كأنها تغني.

الغابةُ والمسمار
الخوف.

خرجنا في الليل
وعدنا في الصباح.

حتى الكآبة لم تعد قوية.

سيئة هذه المراوح
والقطن.. والسرير.

هل يشتري الكتاب
أم يتكلم في التليفون؟

أخي بعد سنوات
قتله قطار
سنوات عمري تضاعفت.

ليست هذه نهاية.

قرآن

يا علاء
جرحك مفتوح
يتحدثُ الله الآن معك:

(ونفس وما سواها
ألهمها فجورها وتقواها
قد أفلح من زكاها
وخاب من دساها).

****

كُتبت القصائد على فترات متباعدة ما بين عامي (1992- 2005)