خالد درويش
(ليبيا)

من قاموس الشر

(مرحلة أولى)

خالد درويشمستنقعات ، أقبية، كاتم صوت، بلطات، قتل مستورد، فجاج، جبن، ريح صفراء، غبار، رمل، جراثيم ، خوزقة، حشرات سامة، غضب، سنوات محل، محنة، جف الضرع، غاض الزرع، أسراب الجراد، أوبئة، أمراض، حروب، جنون، خجل، خرافات، فطر، الجنوح، مزبلة، شوك الصبار، نسغ، تجويع، قتل، نفي، امتداد الصحراء، ذبائح، قرابين، تمرد، غيبة، هيمنة، هذيانات، وحدة، نيران، طيور سوداء، سباع، غزاة، استغاثات، صراخ الموتى، نداءات القبور، هوان، جرب، حناجر مكتومة، رعد، تصفية جسدية، هولاكو، فراغ، جيش سلاح، ظلم، تهدم، تهدج، طغيان، قهر، خلل، خلخلة، عار، معفرين، تشتت، محطم، تعفن جثث، أرانب، حروب خاسرة، رشوة، استلاب، هزيمة، مهزلة، مدافن، صراع، يد غادرة، نهب، هتك عرض، مباح، تناقض، طائفية، وحوش، استخبارات، خسيس، استبداد، سلطة، سادية، قرون طويلة من الجهل، من التخلف، من الاستبداد، جنون العظمة، مانخوليا، دوار، شراهة، اختبال، اجتياح، أعاصير، منبوذ، تسوس، كسوف، جحيم، انهيار، كارثة، سلاسل، أوثان، عنّة، خراب، حراب، دموي، تشقق، طاغوت، أصم، طوطم، يركع، سرطان، مدرعة، ضياع ، ظلام، مناجل ، قحل، طوى،جوع ، أحزاب، شرطي، هجمة، تحسس، غبرة، مستحيل، غزاة، حريق، حرباء، نزوة، لجام، استفزاز، رحيل، سيف، خراف، فوهة، خاصرة، أجل، عنف، رواق، ردهة، مصاص دماء، شقاء،أزيز، أغنيات العذاب، عوسج، شاهق، سري، لغم، نحر، مهرج ، يدوس، عصف، قصف، فساد، نزيف، شوك، أسلاك، قيد، يهوي، حصاد، تدحرج، ضفادع، بركة، شفرة، جماجم، لعق، مومياء، عتمة، ولي النعمة،الحاكم بأمر الله

(مرحلة ثانية)

في دوامة الإشتباه، أراك تنتصب حروفا من دناءة، وقطيعا من دنانير، في عينيك أعياد ذليلة، ترتخي يداي وأعصب الكلمة براية الحق، خيبرية النزال، غفارية الغضبة والفكر ، متوحشا كأبنائك البذل، في يديك زهور سوداء وعلى كتفيك ينام غراب أسود بإحدى عينيه يتقي المنايا والأخرى تتسع لتبتلع المحيط،
من أين جئت هذه القرية، وأنت العير السارقة، قد فقدنا صواعا فبربك لا تجعلنا نفقد المملكة، أي هدهد نبأك بمكمنها، فأرسلت جنودك ــ وما يعلم جنودك إلا أنت ــ ، يستوثقون الخبر وأقسمت لتحرقن الهدهد إن كذب، فصدقت نبوة الشر وأمنت بك القرية، قسرا قرأت قربانك، وعلى مذبح التبرك أخذت تنقح قصائدك وتمدح نفسك (لاغالب إلا أنت) تباركت من أشرٍ، وتعاليت من مرآء، وأسرع رجل من أقصى المدينة يطلق صيحته في النفر المهطعين ، صارخاَ ألا لا يفتننكم بسحره، فانزعوا عنه العمامة تعرفوه، أم أنه وقر في قلوبكم حب الدنيا وآثرتم العاجلة تتحججون بحر الصيف وبرد الشتاء، ران على قلوبكم فهي غُلْفٌ، أما ترونه قبيح المنظر، شعتا أغبر، لازب مشفره، قد مرت يد النخاس على رأسه ،
يأهل القرية ألا أنبئكم بشراركم،ألا أنبئكم بشراركم : رجل صدّق هذا، ورجل أخذ منه عطاء فحمل اليوم ظلما، ومن أكل بُرّا قديدا، لحم أفئدة غرثى تضرع للسماء فلا تجد إلا الموت الموت، نشيدا وأمنية، ألا ياقوم قد أنذرتكم فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسلم هذا ولكن استسلم، وأسر الكفر، فلما وجد أعوانا رجع إليه، فلا تعينوه بكفره، ولقد تعب الكلام من الكلام .
طار صوابه، أخذته رجفة حادة، تناثرت أشلاؤه وهو الأوحد الجبارالذي ليس يقهر، صاح صيحته الجهنمية فاجتمعت لديه أفراس اندست بين قدميه، وثار غبار أهوج، قذى بالعين وعواربالقلب، استنفرما لديه منهم قرأ تعويذة الرجيم، فاجتمع كل مارد يأخذ غصباً، يسرق أفئدة الأيامى وينتف الفرح من الشفاه والحمرة من خدود الصبايا، تدافعوا بالمناكب لدى كبيرهم الذي علمهم السحر، شحذوا أسنة تلمع وبروقاً تسطع لتقلع وتفجع، عبأها لهم نشق الهواء كله ترك الكون بلا هواء الصفرة تملؤ المدى وصوت زئيره يثب كالعاصفة، أهذا زمان القيامة ، هكذا صاح أتباعه الملجمون كانوا منتشرين في الأقاصي والبحار في الصحارى والقفار منهم من سٌد عليه بالرصاص ومنهم من أتبعه شهاب راصد تمالؤا اليوم في ساحة لاتنتهي في موكب لاينتهي هذي رؤاهم والأرض أصغر من رؤاهم
قال قائلهم:- بزخم وحشي .. وأنت تقتحم لجج العيش بشهوة بحارة سود يضربون عبر الأمواج راحلين إلى كنوز مخبأة في الجزر النائية لنرجّهم كما تَرُجُ العاصفة جسم طائر صغير في عراء تأكل النار الأشجار.
قال قائلهم :- يأزف الوقت .. وتترع على شرفك الأنخاب وتتكدس إلى جانبك السبايا .. مورقات مورقات ، لنبدأ بالإنشاد .. ولترفع لثامك .. تسمع رنين صوتك القديم .. صفاءه اللؤلؤي وأَسْبِلْ على مقلتيك الهدى..
قال كبيرهم الذي علمهم السحر :- ماأبتغي جل أن يسمى .. يرن في أبهة العلى .. يعزف لهيبتي أبواق الساحل والعمران رب الإيوان .. من أبهة المسافات وحتى تاريخ التداول والعولمة..
تتمطى الكلمات فى جوفى .. فأمزقها سطراً سطراً .. أهب ما لقيصر لقيصر .. وما للصفحة الأولى للصفحة الأولى أرتب أوراقى فتخرج ريح مرة عاتية تقلب كل حجارة أرصف بها طريقى .. تهزمنى .. فأطرق أفكر ..
ترى أ أستطيع بمفردي أن أشق البحر وأمخر أحشاءه أتستطيع سمكة صغيرة .. ناتئة التضاريس أن تلعن البحر بجبروته وعنفه وجلاوزته ..
تختفي كل الأساور من يديها .. تبقى عاطلاً بلا حلي .. وفي ذروة النسغ اللاهثة ترتع جواربها الملتهبة أسفاً وبرودة أعصاب هي كامل الكل .. وناقص الفجيعة نصل من حمأ مسقوف زخارف ارتماء دموي تمتح لزوجته من بنفسجة القلب وكمن يهب عويله للصحارى وخواء روحه لعاهرة كان ذلك المواء .. خافتاً خافتاً حتى خبا..
أمهلت القرية حتى الصباح تجمع الجميع في فناء رحب سمعوا وأبصروا .. في زمن لاأرى ولاأسمع..
أبى أن يكحل النوم جفونهم فقضوا ليلهم سهادًا ، أنات الألم والتكهن تتصاعد من قلوبهم .. ومن حشاياهم، ينتظرون راكعين ودعوا ألا يتنفس الصبح، من أين لهم بفارس ذي خصال يسألهم (ما تظنون أني فاعل بكم) فيقولون أخ كريم وابن أخ كريم فيتسع وجهه بالنور وتفيض يداه بالحب والرحمة قائلاً (اذهبوا فأنتم الطلقاء)

(مرحلة ثالثة)

نجم ساهر ، غرفة مضاءة، رحمة وٌضِعَت، الواقفون القانعون يحدقون في التماعة النصال في روعة النجم من قال للأفق الممتد كن أزرقا ، من قال للبحر كن غادرا، الليل أزرق البحر أزرق والموت أزرق، عيون زرقاء تفتر عن توهج قاتل اللازوردي المتفائل،السماوي الفاتح قلبه /الروعة الرواء /همود الرذيلة/ كمون الأفعى/ كل ذلك في كٌمٍ صغير تخفيه رفة هدب / نظرة حانية/ لمسة نواسية مواسية / وفي اليد الأخرى الزرقة الزرقة /مسنونة زرق /سحابة مثقلة /وشاح لخصر فاره / ذؤابة تتلضى وأريج عابق بالاشلاء ورائحة التـفسخ تشتد/ يطل البحر أزرقا فاغر فاه كمدية تختصر الروح بكلمة دافئة ، لزجة / كأول قطرة دم، انطلق سهم تياسر الضبي تياسر السهم تيامن تبعه وقف الضبي لاهثا توقف السهم في الهواء أثبت فيه نظرة لاهثة استنجد بآلهة الكلمة أومئت له أن يستمر صرخ المخرج في وجهينا (stob) تقلقلت الرواية، ياأستاذ عليك باعاقته برميه بحجر ، النص يفرض عليك ذلك أوجه عنايتك الى محاكمتها، هل يتياسر الضبي صرخت في المخرج الأبله صَعُبَ علي أدركتني الشفقة خرجت من فتات الفم الضحية / انطلق السهم الذي توقف، صوب رقبة المخرج، صرخت أوداجه أولم تؤمن،قال بلى، ولكن، ، اطمئن قلبه همدت دقات الطبلة الصغيرة ترنح قليلا ثم سقط وتوقفت الإضاءة / بوجه نبوي غسل يديه من دم الشراكسة من عجينة الأكمام، اصطلي برغيف حاذق/ سغب آلهة التبجح يكوي دورة الليل والنهار لكي تشرق من جديد/ لتنشفّ الدم اللزج ثم تغرب كي يتمكن قاتل من غرس خنجره في رقبة عالم، شاعر، سياسي ، معارض، فنان / حشاشون معاصرون بدورة الأفلاك / نرجسة حامضة، تفاحة القلب تعتصر/ خرّبوا منهاج العروق فصدوها/ تلونت شعاب القرية بالملوحة والغربة بسريالية الدم والدم الحار/ اهتز قلب المسافر الوجل/ رقص على ايقاع الهجير المحترق، مشى أمامه مشية السوط المتراقصة / زعرنته الفادحة/ أهازيجه / مماراته للأهلة /السوط مفتاح النفوس/الأمر الإلهي/ كان يختال بين الرؤوس يداعب الأجساد يزقزق كعصفور أبلق، جاد، ومثقف، يعرف أين يوقِع، أين يؤلم أكثر، السوط قصيدة الجبابرة التي لاتنضب موسيقاها ولا شجونها .
البراح السادر، هجاء لايتوقف، رغبة تنتاب الضوء في الخروج من تابوت المشيئة، حذق الصنعة أول الهبوط، التواري خلف أكمات الشبق ، رغبة دافئة تتوارى /الصحراء عبير المقت /هادئة / تعاريجها الصفراء أحبولة صابئة/ عيون فوق محاجرها تخترق اللاوراء / تكمم السعير ، ترمي في وجهه حداثة البلاهة واحتباس الرؤى وفي نزف الشرانق الخائبة بعير صدئ ، يهدر عميقا توجس البطم / البراح السادر خمرة جاهزة، ظِلٌ لشجرة القادرين، ممشى مسيج بالأهازيج،البراح السادر، دقات غانية، رقص قلوص تزبد، الريح التي تكتح ما في جوفها في الأحداق حصى الزعفران الملتهمة كل شيء، أثافٍ تنتصب كرؤوس الجبال، سوداء مشرئبة / هدأ البوح قليلا / تمكن في قلب الخلاء / عزفت نصيبين شوارعها، صفرتها، انتحرت قطرات الماء / وليمة خصبة لما قبيل الموت
سألني في جنونه البدوي// ألم نشرح لك ؟
ارتاعات حلقات القيد
ــ ألم نشرح لك ؟
فاحت روائح الجرح، تبهرجت القروح، وغردت بطارقة الآلم، الذراع المكسور / الملح الذي ينهش أخاديد الصدر / الصودا التي بين الخصيتين، عبير السوط اللاهث / دوزنة الحديد وأنغام المشارط / لوحة دستوفسكي الخالدة /عمر المدينة الأحد / بارجة العذاب ولا شيء غير العذاب
نظرت إليه والشفقة تملؤ دمي، هالني وسامة وجهه، ربيعه المخضوضر، عشب عذاره اللامع ، انحناءة شفتيه قليلا خصلاته الذهبية المتأرجحة، عيناه السكرية، صفحة خده كقارب مقبل ، أحسست مقابل هذا بالحرية المضاءة / بالطائر المزقزق أمن أمن/ هطلت بواكير الحقل / تناثرت حروف النوارس تحمل سغبي، وعطشي، بحيرة صغيرة على شاطئ / غرفة داخل كهف/ سرير في العراء/ موشحة أندلسية القباب/ بارجة مترنحة سلوان رقيب متمرس، ، ، ،
ــ ألم نشرح لك ؟ ؟؟ شرحا يعي سمة التلاق، ونشوة المعرفة، كراسة الآشياء النائحة، ورياض المستقبل المتوثبة، حبقة الفكرة، وحشرجة القلم، بوابة أثيرة، وموقد حاسد، زغب أنثوي الشرفات، ارتماءات موفقة،
حين دخل الروم إلى قلبي خرجت (لااله الا الله) مولولة سكنت شعاب القلب أيات شيطانية، تربعت هناك على مائدة سجاح، علمتني مالم أكن أعلم، حكت لي عن سفن مجنحة، وعن طائر خرافي ينزع صماخ الأذن ويلقف المدن/ جلبة الروم وفساتينهم القصيرة، بياض البشرة الحمرة الممتلئة، عنب الشام، كروم الجبل، استنشقت حافة القدر، وأراحت على صدرها صدري، توقف نبض الستارة المخملية وارتعش السرير، كرة لاهبة، رمانة ذهبية ، موقد دفيق اللذة ، استقر الحاكم وأعطى أوامره بالشواء، أول ما صادفهم في ذلك القلب الخاوي وريقات كتبها زيد بن ثابت في لحظة تجلٍ، مسد مسد، مدد مدد، ما من عمرٍ يكر ولا خيبر جديدة، بشرت الحاكم بالمعاد، فأهداني فرسه الريح، ركبته على مضض، وسرت حتى مطلع الشمس، وجدت بقية بابل، ونجران، كل من كانوا في سجون المعارضة، حدقت في الوجوه لعلي أعرف بعضها، كان الكل شهقة واحدة / بلاط الملك المزركش / عويل القطط في الأزقة / سيارات الأجرة الراكدة / حركة السوق المستفحلة/ شعاع الشمس الصاخب، كان كل شيء جميلا أسمرا، فاحم الشعر، أبحرت في ذاكرة البراق، قليلا قليلا حملت معي زاد الرحلة واستأجرت ذراعين مفتولين، بقرت بطن امرأة حامل، استخرجت الجنين وأردفته القارب، نجوت بالصغير، علّه يرتع في مكان أجمل،هجرة الأيمن صوب الأيسر، والطائر نحو العش ينعم برذاذ المحو، واشعلت حطب النسيان، كان الطفل يرتجف بردا، سحبت خنجري من معدته، فانبجس الدم حارا، دافئا، أورقت شجيرات التوت الآحمر على جوانب القارب ، أكلت حتى الكفاية مضغت التوت في فمي هرسته جيدا، ثم ألقمته للطفل شعت عيناه بالألق تفتحت غمازتاه، الساحرتان، ابتسم لي طأطأت عليه وحضنته بيدي اليمنى أما اليسرى تواصل التجديف وصوت الموج ينشد العتمة .

بلغني أيها الملك السعيد أن الأقداح غدرت بالمؤنة / و أن الأسماء امّحت من حجارة النفور فارتدت لغة كسيحة الصلوات مدانة بين دفتيها دافقة / ولقد نمى إليّ أنهم يواصلون موتهم ويؤجلون خيامهم من بداية الخلق واشراق الجوارح / شكيمة الهتك دورة مذعورة تتقد طينا أهيف التوطئة / تنزف المخطوطات القديمة حكاياهم / روائح نخلهم / تيههم في الحيازيم / تشاورهم / مؤامراتهم / انخراطهم في التسليح / حناء منزّلة / شاردة حالمة / تركض في أديب المعاني كأرضة / تؤرجح النصال خارج الهودج / سجادة مبعثرة لحضور سابق أجله / دافقة مشاعل الحوار .
كنت أيها الأمير أعب الذكرى / فأشرق بلثغة سافلة / رغبة الفسحة أن تجد متكئ في فؤوس البحارة العنيدين / أحملق في كواحلهن الشريعة /مثل كأس مقصلة / أرتب النخيل الراعف / وأنصب فخاخ الحطام للمساء العروج/ فقط لتأتي نساء الحكاية / أحوك طاولة الرغيف الشهوة / وشاحنة الجنود / أفتح ظلا للخنجر / امد يدي لمرور ظفائر الدهشة / متلبسا بطيور السواقي /نداء ثعبان قديم على صبايا الطور / الآن أمتلئ فراتا / وانطباعات الرماد / أنا الضلوع أقوض مني انتكاساتي / شريحة تكتم / وأعصر خمرا كي يشرب الريش ماء العيون المصفاة / حفلة الشوك / ذروة البحر / تضاريس المعاصي / حديقة لزمن بين يديك / يلوك الهواء القليل / يوقظ مؤذن الفجر / ليسكب الماء على الجنابة .
بلغني أيها الأمير أن العمر أربع / طرف خاتمه دفق / أخر بيرقه رهق / وثالث صيده قد سبق / والرابع رميم الوحدة / وطمي القبور الري / المكان المعبر / الرمل الحبيس المتوج / قطرة ألم نديِّ الجهات / تترنح حاء / ونداء أسيفا لشهوة فصل التاريخ عن سلالة النجابة .
أيها الأمير ستتلو الأظفار المخلوعة أورادها / وستغسل بضرام الاستبداد / وتفرش عيدانها للأفاعي الجدد / لألف صمت / وتجفف الصدق في عباءة الحكاية .
نهض الأمير متثاقلا سحب آلة التصوير والتقط صورة للحائط / ارتبكت العروق المتوترة / الأسد الرابض قريبا حك ذنبه بفرشاة ذهبية / هز الحجاج سيفه / اكفهرت الغرفة / أشار إلى سعيد بن جبير / إن حكاية واحدة هي ما يثلج صدري فاختر لي من بين دواوينك شيئا أحتاجه/ وهل يحتاج الأمير ؟ / إن ابن آدم محتاج دائما / يا سعيد أخبروا عني أني فصلت رأسك عن جسدك / أني ظلمتك في دمك / وها أنت أمامي / أخبروا عني أنك خالفتني وقلت (ليس لمستكره طلاق) فقالوا (ليس لمستكره بيعة) يا سعيد لا عذر في غدر فهل غدرت ؟ / بل وفيت يا أمير المؤمنين وكان وعدك حقا / يا سعيد ادنوا مني / قل لي هل الأرض كروية ؟ اقصص عليّ رؤياك / نتدبر الكون الحكاية / قصة الخلق الشوهاء / الثعابين الناطقة / رياح الفوارق / اقصص رؤياك يا سعيد / علّ الحكاية تستثير البحر الملطخ في أعماقي / كنت أبحث عن آخرين فوجدت حبا جاهزا / أحببت امرأة في الواقع / فاكتفيت بانشغال (رودان) /لا تتعجل الحديث يا سعيد / فلقد كنا نتعجل الحديث وكأننا ورقة كتابة / فشرطك العودة الفارغة / بحجم الخسارة السابقة / رسالتين كحبتي أسبرين تذوبان في متعة الوعي / كلقاء التوائم الحزين كان لقاؤنا / رفض ينكسر شيئا فشيئا / قيافة بطيئة العتمة / أدرك لأنه يزعجني بضياعه / هل تدرك معي ؟ ببحثه الدؤوب عني / عن ليلقة أميرة في هودج / عن الكرسي المتوقع لجلوس امرأة بمحاذاة الشوق / ذبذبات رقمية تسترق النظر لتواطأ اللغة / في العتمة حلم الرغبة الممنطقة / تتابع عرض المقاعد الفارغة / مفاجأة الضوء الحلم / قصة الجوار لرجل سينهزم بعد قليل تجاه امرأة .
بلغني أيها الملك أن (راندو) دخل وهو يخاصر (ماتيلدا) / أخلى لهم الراقصون الحلقة ووقفوا يشاهدون، عزفت الفرقة لحنا غجريا جميلا، دارا في المكان، ورائحة أشواقهما تعبق باقة فجر، نظرات مشرفة على الانقضاض، أريج هادر، ماتيلدا بضفائرها اللاهثة تتعبد له، أخرج خنجره من حزامه الأحمر، لوح به حول وجهها، دارت معه، التقمته بشفتيها، اختصرها بكلمة، تسارع الإيقاع، نار في الأحداق ورائحة الانتظار القلق تفوح صادحة كانت أزاهير فستانها تعانق ياقة قميصه، دار معا، الخنجر الأبيض اللامع تحت ضوء نرجسة محددة الأطراف، الشفتان الألِقتان جرحان لا ينغلقان، مصراعا باب رتاجه
( aimes -tu l, hiver)، ماتيلدا العالقة بين براثنه كأصيص دائري، حوله أزاهير مبكرة، الغجرية الأم لوحت بمنديلها ، تحلقت هي الأخرى بالخنجر، رقصت وإياه، انفرجت الذاكرة قليلا، شع منها بريق لذيذ، مغامرات ضائعة، زمن مضى، حب قديم، تسول، رحلات خوف، مطاردات، هبت دقائق الفرح، دقائق الألم، توهج النصل المشبوب كأمطار الخريف المتأخرة، ماتيلدا االجائعة، حلقت مع النوارس، كانت الأم والخنجر ودورة الليل وهذا القمر العفريت في شبه اغفاءة، العربة المهملة المدارك اهتاجت، حدق رندوا في أزاهير الرداء، كانت نجمة المساء عالية جدا، غمرته رائحة الطلع، ارسلت له إحداهن وعدا بالرقصة القادمة، صفق لها، دوى التصفيق، من جميع الجهات، كان الخنجر مغروزا في صدره، والدم يبتسم لهما، دوى الارتطام شاهقا في الأذن كانت كتلة الجليد رقما عابرا المحيط، وكتمرة شقت نصفين، خرجت نواتها الذهبية، وسال لذيذ طعمها في المحيط، صرخ ليوناردو دي كابريو وعيناه متلهفتان علي مصير روزا، مراقصتي الجميلة، حضن الأرستقراطية الباذخة، كانت عارية الصدر في شبه إغفاءة، النهدان الحليبيان يضجان بالفتنة، الجيد المنحوت كعمود رخام أملس، الحلمتان الورديتان تحدقان في ريشتي، تلك التي جعلتها تحترق ـ البشرة البيضاء، الاستدارة الراقصة، تلك الموهبة في جعل مالا يحس ينطق، في جعل النهدين الغرّين كنزين من زبدة مطهمة، وفي جعل الكارثة، صورة الشتات، قلبا تخترقه طرقات معبدة، عليها من جنازير الموت رصيف، أما من مخرج ؟ قفز جاك من أعلى الصاري صارخا (أحبك) صفقت القاعة بأسرها، المتفرجون أخذهم المصير الفاجع لرحلة الحب والمغامرة والثراء، استمر التصفيق عاليا، ثم أطفئت الأضواء ليتحسس الظلام طريقه بين المتفرجات، أفقت من وهج الليلة الماجنة، أعددت كوب شاي، تركت النافذة مفتوحة علّ الهواء يتجدد، قلبت الصفحات بينما الأحرف تسكب لنفسها الشاي، منتعشة بصباح مشمس جميل .
ــ جاءنا مايلي : ناطق باسم جبهة الاحتراز يعلن مسؤلية الجبهة عن انفجار السادسة يذكر أن الانفجار وقع شمالي العاصمة وأسفر عن مقتل ستة عشر شخصا بينما نقل أربع آخرون في حالة خطرة، هذا وتذكر المصادر أن جبهة الاحتراز قد أعلنت مسؤليتها عن تفجيرين كبيرين في منطقة الغريدية ، أما تفاصيل الحادث فهي في تقرير موفدنا جمال نورسي، كانت الاستقراءات الجانبية هي الخيار نفسه وكانت الهوامش متنا عاما، لتطفو رائحة بشر، كائن حي يهتدي أو يضل، مشابك رحم تنوح غير بعيد وكوب الشاي المجهض يحتمي بالأصابع المرتجفة .
على مقربة من العاصمة وعلى تمام السادسة هرع أهالي الغريدية إلى مكان الانفجار حيث شاهدوا جثثا تتطاير في الهواء ورائحة الأجساد المحترقة تعج في ساحة المدينة وأنه أكثر من ستة عشر لقوا مصارعهم، وبسؤالنا لشاهد عيان عن الحادث أجاب (والله أنا كنت نايم، سمعت بمّ كبيرة، قلت لروحي العدو جاء، نهضت، جريت، رأيت الدنيا مشتعلة، نار ودخان أسود والناس تتساقط وسمعت الشرطة تقول : خلوا كل شيء في مكانه)
ـــ في رأيك يا حاج من اللي وراء الحادث ؟
ـــ اسرائيل طبعا !
ـــ لكن يا حاج جبهة الاحتراز أعنت مسؤليتها عن الحادث !
ــ لا، كذب، ما فيش من يقتل الناس بهالطريقة غير اسرائيل .
وفي تعليق لوزارة الدفاع الاسرائيلية ردا عن الحاج قال ايدعاموتوف بنياموش أن الحاج كان نائما ساعة الانفجار وأن اسرائيل لا علاقة لها بالانفجار بعد أن اعترف الفاعل.
وبسؤالنا الحاج عن المتطرفين قال أنه يكره السياسة .

الموت الفجائي، موت الكم، عجينة ذاهبة، رأيت أسقفا يبرك، ومسجدا على حافة القنوط، كراكي تحتسي دخان البواريد، جلجل صوت عذب، كان دمع الطريق انهمار غابة، هي لوثة في دمي، أنا آدم المسجود له، بِرْكَة الطين وخلجاته، روعة دمي أنا، آدم المكرم، عربدة صباحية قاتمة، في جرة نصيف تسقط متجردة، غلمان يعيثون فسادا برب الدار، سيدة البيت تمارس السحاق مع خادمتها، أيتها اللقمة السغبة، أيتها الحبكة المصطنعة، علّك ترجئين خروجك قليلا، فلا إمام ينتظر، ولا راهب يتلو، بحر متلاطم من الغسق إلى الغسق، وآدم الفضيل عاثٍ على شرشف أحمر، جويرية تكتح الدم في الأزقة وعلى باب زويلة يتدلى طومان باي، باذخ الشقة والسرج، تحرث رجلاه الأرض، وياقة قميصه محروسة مخضبة، وعد التي تلهفت لفقده، صارت أيما، باعت حليها ونصيبها في الخلافة، المحروسة الدم تجثو، في ضفائرها لون التروية، وحجيج غافلون، تتطاير رقابهم، ينبجس الدم زمزما رائقا، يقيء أحمرا كوجه عذراء، وسيف أبي طاهر يحصد حصدا، إنها السنة الماحقة، سنة الشرائع، باسم المقتدر، باسم الرب الأعلى، باسم الطاغوت، باسم الاشتراكية المؤونة، باسم الأغلبية الماحقة، باسم من جعل البيت أحمرا، والزقاق ملتويا، فاقعا فاه، ديدان الأرض خرجت فارة من رمية تصيبها، طيور السماء حلقت في دوائر، كتبت بأجنحتها يا يوم التروية، من أفطر صائما، من بنى لله مسجدا، وصوت الشيخ يعلوا في مظاهرة شائكة (فكأنما قتل الناس جميعا) وعلى رؤوس الحراب علقت الرؤوس أفخاذ كانت سترا، وبطون كانت غُلفا، فبأي آلاء تفتح ؟ وبأي مقبرة يوقنون ؟ السيف الأباطرة السيف اللات، حنانيك أبا طاهر، لك العتبى حتى ترضى، كانت الأيدي ترتفع مادة أكفها، إن لم يكن بك سخط علينا، فها نحن وليمة لأسودك، عشاء أخيرا لجندك، أنت أنت، تولج الدم في العروق، وتسحب العروق من مفاصدها، لك العتبي يا سنة 317 هـ، لك أعين الحاج، ولك الحجر، الشذروان المُذّهب، بلال وهو يؤذن في الناس، شرحبيل من إحدى الجهات، لبيك اللهم لبيك، إن الحمد والنعمة لك، لك المقام ومن دخل البيت كان هالكا، الجثث المحرمة حطب لنار أبي طاهر الموقدة، كان الحر شديدا، وصيحات التكبير تخترق السماء، صوت التلبية يهز الأرض، يرتج له حِراء، ترجل أبو طاهر والأعلام السوداء تخفق عاليا، قرأ تعويذة الرجيم، صاح في الأفق مادحا، برز أبو لؤلؤة المجوسي وعن يمينه ابن ملجم، ومن ورائهم جهيمان، فعقروها، أمطروا الأرض صهيلا، يا خيل اركبي، قرأ أية القتال، كان ميناء الأحمدي ساحة حمراء، والمدافع الروسية الصنع تدك السالمية، اهتزت جبال مكة، بكت بدموع أُحد، البقيع المجاور تضرع إلى ربه، اللهم اكشف عنا، سالت الدماء أنهارا، تكدست الجثث، موائد الإحرام ولا من طيرٍ أبابيل تعيد سيرتها الأولى، أبو طاهر الآحد، مالك القدر، بيده الملك، كلمته هي العليا، لا حكم إلا لله، نزل عن جواده افترّ ثغره قليلا، تقدم من الحجر، ضربه بسيفه ثم حمله على فرسه وطار به، تبعه أصحابه، ورائحة المكان جزائر تحترق، بليدة منكوبة، ورجال شرطة مذبوحين، أطفال صغار، تناثرت أشلاؤهم، صبايا فقدن أجمل شيء،شوارع دكها الموت، نار في كل مكان، جنود ينهبون، ولحى تختفي في الظلام، مدد يا صاحب المدد، مدد يا صاحب المدد ، قطار مسرع، سواح مبرطمون، تشع أعينهم في الرمال المتلألئة، قنبلة بيعت في سوق أرخص ما فيه البشر، أرخص ما فيه آدم الفضيل .

(واحد )

ليملأ الخزى مفاصلي حتى أقيئ شؤماً وندماً وتلك يد تربت على كتفي تغرز حنانها في قلبي الأجوف تتعطل المدارك وأهرب إلى خارج المدارات لعلها تمنحني سلوة ما..
وأسمعها تغرز كلماتها رمحاً في خاصرتي .. بيدي أسلمت مفاتيح الجنة (بيدي لا بيد عمرو)
لكم كرهت فيه إباءه ولاءاته المتدفقة شرراً وتعاظماً .. تهوى فتقد (غسق) كان يريني عجزي مقام السراب ناصب الخيام يهتف باسمها ..
جنة الدنيا (؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ التي أحب).
(أتبكى يا بني) وتخرج كلماتها ألسنة من لهب تحرق قلبي (أتبكي).لم أستطع أن أقف،مادت الأرض تحتي وركبتاي إستقالتا فرتا منى .. وتركت هذا الخواء يرتطم بالأرض أتبكى يا بني
(أتبكى يا بني) كانت الأميرة تربت على كتفي قبل أن تصطدم سيارتها بعمود النور، كانت بفستانها القصير .. وشفتيها الورديتين تهذي في جنون امرأة .. وهى تراني أسلم مفاتيح الجنة .
(هنالك مدن كالنساء .. تهزمك أسماؤها مسبقاً تغريك وتربكك تملؤك وتفرغك وتجردك ذاكرتها من كل مشاريعك ليصبح الحب كل برنامجك، هنالك مدن لم تخلق لتزورها بمفردك) فبأي ولادة أتقي السفر .
منى يعيرني عينه أبكي بها، من يسندني فأتكئ قليلا، كانت سحائب الدموع تهطل من عينيه حاسر الرأس، دام المقلتين، غريب الشطأن،
كزهرة ذاوية من يوقد شمعة في هذا الظلام الحالك .. إن سواده ينتشر في روحي .. ناصعاً .. متراكم العمق من يطلق النسيم فيحرك الهواء الراكد الذي يقبع من حولي .. من ينتشل الروح من تواطئ الأشياء المتراصة ..
من يفتح هذه النوافذ الفسيحة ويصعد (برج المتين) من يحرك النقوش المذهبة في (قمارش) أأعود فأراك (ياسيرانيفادا)..
كما الأعشاب التي تشتهى المطر في السهوب .. وكما ؟……………
تباً لهذا السرطان الذي ينهش جسدي .. يساقيني كأس الحمى حتى الرواء .. أما من رقية يا (ابن زيدون) يا من علمتك (الزهراء) رقى الحب فنفثها في قلب حبيبتك الغافلة . يا من تسورت عليها الرداء واشتركتما في التعاويذ .. ترقيان بها القلوب قلوب المدن التي لم تفلح معها رقية ولا (النفاثات في العقد ) فبركت للذبح على غير ملة .. تتعثكل في خيمة
(ألفونس السادس) تشخب أوردتها كحبال من قنب .. ويسرى الأخطبوط في أوديتها كالسل..ويأتي صوتها جهورياً يلبس حلة نبي .. يرتدى جبة الحلاج يبصق في وجه (ابن أبى دؤاد) ليصرخ فيه

· إبك مثل النساء ملكاَ مضاعاَ لم تحافظ عليه مثل الرجال
مدية تخترق القلب .. صليب ذهبي ساحر يقطر الدم من حافتيه .دمى الذي ينزف .. ما كان لي .. والذي نفسي بيده إذ أضاعوني.. خلطوا الطيب بالخبيث .. فتاكثر الخبيث ..برزوا للجواري وتركوني مثل دخان من عرفج أتطلع في وجوه لا أعرفها في أزقة معتمة إلى ليالي الجفون و الوهم والعربدة .. أماه .. كيف يصل صوتي إلى من إذا تعابثث الجيوش بهم فليهوا جيش من الكلم….
· أمن قلة نحن
· كلا بل أنتم كثير
أماه ..تتغلل الهزيمة مثل رمح غاضب تتكور كالأفعى الهائجة في الجانب الأيسر من القلب.. أماه قلت لك البارحة .. والطائر الأبيض يسقط على صفحة الماء نازفاً وهمه الأخير مضرجاً بدم (طليطلة) وكانت القباب الحمراء تختفي من خلف هامة الجبل (في غسق عندمي يسربله النجيع في حدائق الموت الأنيقة).. وقعت صك حريتي ..
كجنون الغوايات التي لم أرسم لها شكلاً .. كان نقش هذه المدينة..إلى أي مدى يصل صوتي يا أم .. أتعنفينني وأنا الذي أخبرتك ليلة السقوط أنهم غثاء كغثاء السيل قصعة تداعى عليها الأكلة ..
..أنني حين مددت بصري في الخراب .. تناثرث الغربان حامت النسور تلتقط الجثث وليمة لأعشاب الصحراء وعقبانها

( اثنان )

كسلالم في بناية شاهقة، يغرق حي ((خوانتا فاكيروس)) بنداءات الصباح، ورقة نعناع طرية تشع نسيمها في بيوتات الحي، يطلق صباح الخير تحية و سلاما، يوم تولد المدينة الفرح و يوم تبعث من حزن .يتهدم السور القديم، فيوخز القلب بدبوس حاف القدمين، حتي اذا جاده الغيث تتلمذ علي يد الوندال ، ينهل من قدسية الاسم، و مكانة اللواء (تغلب عليها المياه الجارية و الرخص و السعة) سعة الصدر و المكان، قربان للآلهة و لاككل القرابين قدمه رجل في ضربة حظ، ولادة …. صباحك سكر .
أكتب اليوم و أنا في غاية الجهد، وهذا الداء اللعين يتقمص دوري في الحياة، يفتل شاربيه . يقامر برأسي ساعة تهب ريثا ..وأخرى تفح أعاصير تأكل مقلتي ملحاً و قبحاً . من أخر حبات المسبحة اللؤلؤية، يجلس يوسف باشاً يسأل ((الدغيس)) عن متانة الأسطول، يقرع بصولجانه هيبةالمتوسط و يجعله بحيرة خالصة له حيث ينتظم العقد و تتشقق الكلمات
فهل ياأميرتي للزمن ذاكرة ياتري . تركض الأوتار في امتداد شاغر،
هو ذا الألم رياح سوداء / حائط جثة، لقمة غارقة، معزوفة خافتة لشبح الموت،(طيفك طوق النجاة الاخير لمركب روحي) .
عيناك معجزة علها تهب لنجدتي، من قارورة الوجع هذه، علبة الصفيح التي تطبق علي القلب، و تزحف حثيثا تسد الهواء و مجري النفس .
ولادتي أختنق يصبح الهواء أزرقا، و المدى سامريا مدويا .. يحرث الأفق صفاقته، ولادتي : أسمك الأعجمي هيكل سليمان، مدافن تتربص بك لتعب فيك شرهها / و انفلاتاتها،تتربص بكِ علَّها تسرق من ملامحك خطوط البناء والهندسة / صنعة التكوين، وسر الابداع، تتربص بك كما تتربص بي هذه المدينة الغلواء / فهل من يجيرني من عينيك ومن غلوائها المحموم، .اليوم غيروا مواقعنا .. أخذوني إلى عنبر أخر، عرفوا أني شاعر يمتهن الحرف فامتهنوني، أُمتهن بيدٍ أنا من علمها مالم تكن تعلم …
أحضروا لي دواة و قرطاسا /طلبوا مني أن أتبرأ ..
سألتهتم ممن ….؟ فأجابوا بطفولة و صدق :
ــ منها ؟؟
ـــ رددت معهم بطفولة و صدق
ـــ منها …من ؟ نظر في عيني طالع العريفي و امرني بتودة أكتب .
تذكرت(جاءاللحم مع القيد) فكتبت ..عاالشمس المابتغيب /لما لي ولا احبابي /على مافي حبيب .
لهي أرق من خرائب الحزن / وأوسع من أوردة الفرح، بلح يانع وجمهور عريض من الرفض واللذة، قاتلة عيون المها ماثلة كحكم مستأنف،عابرة كسحابة عطر لوزية المفاتن، جائعة التعاريج فارهتها، كأنها سبل الهداية المغطاة بألف توبة وشرك، تفح من محجريها أسئلة الهروب،غارقة في شراك التوق حلاجية الوقت،مترنمة كشذى، رائعة كتوقيع شفوي،واضحة كقباب الروح الملئ فيضا ووحيا وعشقا طاهرا أبديا
..كانت ترقص لذة وتمؤ شبقا وعراكا مخلبيا، يسطع في جنابات الغرفة المخدع الغرفة السرير/ عالم من الأباريق المتلألئة ، تسبح في شبه حلم، وتركب جواد الرغبة المحموم عرقا يلهث وشهوة تتقد .. (كسنابل تركت بغير حصاد ) يهطل الشعر مدرارا، عميق الصيف غلالة برازيلية مسافرة، تحضن شواهق المدى وحواف المستحيل،وتتربع على القمة ملكة متوجة،عيناها أبد مزدحم،وسماء ناهدة الفوق،تبحر فيها مراكب الشوق،وعزائم الوجد،تفك طلاسم الحب في قلب لم يعرف السهد ، في غيابات الملكة الحق راية للوجع الأبيض .
تأتي بين رغبة ورغبة، بين حلم يطوى وآخر يحلق ، تشرع في سموها تصرخ (ألست وعدتني ياقلب أني) فيجيبها القلب بالوجيب، ينهض لأبتسامتها سامق العنفوان، متألق الجبين يهمس في وجنتيها (يامن جحدت عيناه دمي) رق منشور/ ساطع في ليل خرب / حروفه اللثغة السكون / قنديل في أخر الدرب،
إضاءة مكثفة تكشف كهوف الروح وعتمة الأفئدة،تستنزل الأيائل من السفوح لتدفنها في مقابر الوجد بريئة سافرة، خالدة عاشقة .أهرع إليها تلك التي والداها الملك والصولجان وأمها المدينة الزاهرة، أذكرها مشتاقا لضمة من عبير،تبلى جوانحي والشوق مارد غصوب، فهل من سفر إليك ياقبلة العواطف،ومهجة الروح، يا من أرقتها الفواصل فاشتهت المغيب .. (أنت أشهى عندما ترحلين ثمة نساء يصبحن أجمل في الغياب) فهل كان غيابك أنيقا حدّ التبرج، يامن كحلت بأهدابها أسوار المدينة، وأسبلت ظلام شعرها على ضياء أبراجها،تهمس النواقيس لك بالشوق، وتنحني لقامتك القباب روعة وسموا،على حواف الزجاج المتشضي يتقلب القلب، يلهث الفؤاد غاصا بالمعاني،تحت جمرة اللهفة المتوارية في (جسد غض طري لآمرأة في ربيع العمر) صهيل الرغبة المكتوم ساعة تهجع الحواس،وتشرئب الحرائق مثقلة باللواعج .يتثنى (لسان الدين) عابرا زمن التريث واللوعة المشبوبة،يغرف من معينها الصهباء،ويكرع من حق عاجها جنونا بها، جنوبا خلف (قاعة السفراء) مدارات استوائية، في عرين الدنيا ، وعلى جبينها الأسمر تاج الخلافة المروانية،
تشرق الدنيا من خلالها أبهة الدنيا، زهرة فاتنة ومعلقة لم تعلق .
كان موعدنا مع المطر، كل مطر.. وأنت بخير كل مطر وأنت حبيبتي،كل مطر وجمالك أروع،يا سحر الممالك.. وذبالة الروح،تفوحين داخلي كأنك أنت،وتشرقين في سمائي كأني أحبك، كلماتي الأولى حين يهب الشتاء ضاحكا من طفولتينا
مزدحم الشبابيك يصب، في موجة غريبة تشبه الحب .

( ثلاثـــــة )

هـبَّ السوق على صراخ امراة، كان ثلاثة من الجنود المدججين بالسلاح يجرونها من ضفائرها أما المفوض فقد اقتاد الأطفال وراء حصانه الذي داخله الزهو كان الحصان جميلا ذا عينين واسعتين وسباسب ذهبية، دخل المفوض الحي فثار غباركثيف توجس الأهالي شراً كان يمتطيه وجبينه يطاول السماء يختال بين جنوده الثلاث وكان من ورائهم القس بجلبابه الطويل ذي النقوش الحمراء المذهبة يتدلى صليب فضي فوق صدره كانت عيناه زائغتين وجبينه يقطر عرقا يزيده قيض الصيف حرارة .جال المفوض بعينيه، اجتاز رحبة السوق إلى زقاق ضيق، ترجل الجنود أمام بيت صغير كنس فناءه جيدا، نظر أحدهم إلى المفوض هزّ له رأسه وابتسم،استل الجنود سيوفهم واقتحموا البيت ، سمعت صرخات امرأة وهي تستنكر دخولهم عليها، للبيوت حرماتها .
لكن الجنود اجتازوها إلى صحن البيت قلبوه رأسا على عقب الطفلان الصغيران استجارا بأمهما حضنت المرأة الطفلين وهي تتمتم سرا وبكاؤهما يعلو،أمسك الجندي المرأة من يدها دفع الطفلين إلى الحائط هبت إليهما جدتهما العجوز، جذب المرأة من يدها تملصت منه سقطت على الأرض تزايد بكاء الطفلين ، سحبها الجندي من ثوبها تمزق الثوب كورقة في كتاب قديم، انكشف الجسد الأبيض اللامع، الذراع البض، انهمر الشعر الأسود ليلا يطبق على الجفون ،العينان الزائغتان حمراوان والدموع تنهمر على الخدين التفاحين، سال لعاب الجندي ، أنهضها برفق جذبت يدها من يده ،اقتادها أمامه إلى عتبة الدار خرج وراءها الطفلان يبكيان، أماه أماه، تبعها الجندي الثالث بعد أن دس شيئا في جيبه من محتويات البيت،وقفت أمام المفوض (باريونويفو) وفي عينيها بريق غريب كانت تنظر في عينيه مباشرة ابتسم المفوض وهو يقول
ــ هل كنت تظنين أنك ناجية من يد العدالة ؟
حملقت المرأة في الواقف أمامها كان القس يتصبب عرقا فهو يعرف فضاضة المفوض ثم إنه يخشى الاصطدام مع المورسكيين ولكنها الأوامر ولا مجال للمخالفة
ــ ألم يكن والداك نصرانيين ؟ فكيف ترتدين عن دين آبائك وتتزوجين بمسلم ؟
هل تضحكين على ذقوننا ؟ ألم يتقبل أبواك التعميد ويتطهرا بالماء المقدس ؟
كان القرار واضحا بمنع الزواج بين المسلمين والنصارى المسيحيين واعتبار ذلك هرطقة وكفرا، ، وأنه من تنصر من العرب أيضا لايتزوج من نصاري الإسبان، ، كان ذلك قرار القسيس (فرانسيسكو خمينيس) الذي أقنع الملكة بضرورة تنصير أهالي غرناطة وأنه لا مجال للتهاون مع الذين يمارسون هرطقاتهم سرا فوضع برنامجا للترغيب حين فشل التنصير القسري فقد أعفى الغرناطيين من العقوبات التي فرضها على الذين لا يستعملون الحرير ثيابا بعد أن كان منع ذلك لغير المسيحيين وأنه أمر بتطبيق القانون القشتالي (لاس ستيه بارتيداس) الذي ينص على أن ميراث الرجل المسلم يؤول إلى أبناءه أو أقاربه من النصارى دون غيرهم حتى وإن كان له أقارب مسلمون وكذلك رقيق المسلمين إذا تنصروا أصبحوا أحرارا والنساء المسلمات إذا تنصرن أصبحن هن المالكات ولايرجعن إلى أزواجهن بل يحضن الأطفال ويطلقن الزوج وحين فشل كل ذلك تهاوي مجد (خمينيس) المنتظر من ازدهار الكنيسة القشتالية بتنصير العرب صار السيف والمقامع هما وسيلتاه أمام بوابة محاكم التفتيش التي ترأسها صار التنكيل والمطاردة والقتل وسائل مقنعة جدا للدخول في دين المسيح ،المسيح الذي ترك الدنيا سائحا مبشرا بالعدالة ،المسيح ذي القدمين الحافيتين المنقذ من الظلام هذا المسيح صارفي غرناطة عام 1426 قبوا لا يلجأ إليه إلا من خاف الموت أو التهجير عن الوطن والولد والزوجة .
أدركت المرأة أن المفوض لن يتركها تنجو بعد أن عادت إلى زوجها، زوجها الذي فر إلى الجبال ليحارب مع (محمد بن أمية) في البشرات خافت على الطفلين، كانت نظرات المفوض إليها تنذر بالشرر ، توحدت وإياه في نظرة خاطفة إلى الطفلين، كانت النظرتان متضادتين نظرة أم خائفة ونظرة سفاح،أمر جنوده باقتيادهم إلى السجن بينما العجوز المقعدة تدعوا الله أن ينتقم من الجبابرة ارتجف القس رسم علامة الصليب بينما (باريو نونيو) يخرج من الزقاق منتصرا وخلفه سبعة أرواح ثلاث منها كان مصيرها إما الموت وإما سوق النخاسة، كانت السوق في تلك الساعة تعزف لحنها الشرائي المعتاد ، باعة ينادون على بضائعهم ، معروضات صفت جيدا، قوارير زجاجية ملونة ، حلي، ملبوسات جلابيب غرناطية مطهمة ، مشغولات يدوية، عطارون ، دواب ، فواكه، أطفال يتهارشون ، نساء يفترشن الأرض يبعن بعض المخبوزات،التف الرجال حول موكب المفوض وهو يخترق السوق والمرأة تستغيث كانت صرخاتها سكاكينا حادة تشك قلوب الأهالي ومنظر الطفلين الباكيين يقدد القلب حرك هذا المنظر القلوب المكلومة فتناثرت دموعهم ، أثار مشاعر الكره لللأسبانيين وللملكة خصوصا ازداد صراخ المرأة يشق عنان السماء كانت تستغيث بالنبي محمد، بالصحابة، كان النبي العربي يرقد بعيدا هناك في شبه جزيرة
ــ يا محمد ــ يا محمد ــ يا مسلمين
كان الإسلام غريبا في تلك اللحظة وكأنه لم يرفرف ثمانمئة عام في هذه السوق ،هنا في الحمراء أما المسلمون المتحلقون حولها لا يستطيعون أن يستنقذوها من براثن المفوض بعد أن اجبروا على التعميد والذهاب إلى القداس كل يوم أحد،ظلت المرأة تنادي حمية العرب المورسكيين فلم يرد أحد،في ذلك اليوم من عام 1499 كان صراخها يشق القلب وهي تنادي،يا معتصم يا صلاح الدين يا كسيلة يا مسيلمة
يا حجاج يا عبد الله السلال ياأوبيك يا مؤتمر القمة يا مجلس التعاون يا بوعمار
خيم الصمت للحظات كانت أزقة البيازين هي من يجيب، الصمت الفاحش من يردد صيحات المرأة، تمتمت جبال السيرانيفادا تعلق عصيانها وتشق تمردها
تجمهر الأهالي والغضب ينز من وجوههم، حولهم المشهد الأليم إلى سفاحين تحلقوا حول المفوض وجنوده حمل الأهالي عصيهم وفؤوسهم وسكاكينهم وانقضوا على الجنود، كانت أول مرة يسمع فيها لاإله إلا الله محمد رسول الله منذ أمد بعيد في هذا الحي، خلصوا المرأة وطفليها من بين أيديهم قتلوا الجنود الثلاثة أما المفوض فإنهم أنزلوه عن جواده، صارت النساء يضربنه بأحذيتهن ثم أخذت إحداهن الطفلين وأمرتهما بأن يبولا فوق رأسه فك الطفلان سرواليهما بسرعة البرق ليندفع السائل النجس يروي لحية الطاغية (باريونويفو) أما القس فإنه هرب إلى بيت المرأة ، ،جرت النساء والأطفال وراءه يريدون قتله هو الأخر دخل القس البيت الذي دخله قبل ساعة ، وجد العجوز المقعدة تبكي، نظر إليها نظرة راجفة، أدخلته تحت سريرها . وحين أراد الأهالي قتله أخبرتهم بأنه في حمايتها وأنه قد استجار بها فأجارته، تركه الأهالي إكراما للمرأة العجوز ولمكرمة كان أجدادهم العرب يفتخرون بها في سالف مجدهم، أيقــن الأهالي أن السلطات لن تسكت عن قتل المفوض وأنه لن تغرب شمس هذا اليوم حتى تدهمهم الخيل وأن بيوتهم سوف تكبس ليلاً،أسرع الأهالي إلى الكنيسة التي كانت مسجدا فيما سبق، تشاوروا فيما بينهم اختاروا سبعا من فقهائهم لقيادة الحي وإعطاء الأوامر
جاء رأي الفقهاء بالإسراع بالتمترس خلف الأسوار واحتلال الأبراج والقصبة حصنوا دفاعاتهم بعد أن قتلوا الحامية واستعدوا للدفاع عن شرفهم وشرف بناتهم وصل الخبر للكاردينال (دوتانديلا) الذي لم يصدق ما حدث
ــ هل حقا قتل العرب المفوض ؟
طأطأ الجندي رأسه، ، لكن الكاردينال استشاط غضبا وأمر أن ترسل مفرزة من الجند لكبس الحي أخبره الجندي بأن المورسكيين احتلوا القصبة والبرج وأنهم يملكون السلاح والدروع،انفجر الكاردينال غاضبا
ــ ولكن من أين تحصلوا على السلاح ؟ ألم نجردهم حتى من ملاعق الأكل ؟
رد الجندي وجلا
ــ، ، ، ،
جلس الكاردينال وأمر كاتبه أن يكتب رسالة للملكة يخبرها فيها أن ثورة في البيازين توشك أن تمتد إلى غرناطة كلها

(زقزقة الغراب فوق رأس الحسين)

تبرق رقة حالمة / تشرق غربي المنارة المدينة / عيناك مدينة أخرى /دأبه فتح وشكر

كلمته ألقاها في اليم /حملها اليم إلى قصر السلطان /كان الطود الشاهين ينادي إلي أبا تراب / عنّ للمترفين أن يصلبوا دنانيرهم / احتاجت قافلة الأمير لجرعة ماء / دخلت السوق جارية رعبوبة /أخذت دهاقنة السوق / خرجت وهي تجر القاصي والداني / أسلاب الفتح على ظهر مكاري / قالت في نزق أف للدين / تجمهر أطفال الحي وهم في لغط / سنور طفل يعلق في الشرك المنصوب / للقبض على الفساق وأصحاب الصنعة / ممن فتنوا الناس بسريالية دالي / وهرطقة بيلانتس / اعتمروا جلب وخلطوا ما بين القوسين / وأخرى كانت في حجر الأسلاف .
نجم يهوي في ليل أطلسه صبح / وأشرقت الظلمة لتنير الأرض الموعودة / برياح التوبة حين تقابل صف ضد الأخر/ حمل الصفان الطالب والمطلوب / براكين المعرفة الحقة / كي يلقوها في نهر بويب العاري من أصداف الحسن ومن ميزات عمرية الواحد في الواحد ضعف والله الرازق من يشكر لا من يسكر / الكل يبارك والأرض المثوى / الإعلان تمويه صادر / خرجة في بداية السطر هي الأحمر القان / وهي المبهرج الذي لا حد له/ أحسها تسطع في جمرة القلب تشع نسيماتها عبره وتنام عارية بين أضلاعه / ليزحف النور ليدخل حدائقي القرمطية ليزحف النور ليدخل ما بيني وبيني ليزحف النور ويهتك ستور الأفة ليشع ولينحرف القلب آنى شاء فقط دقيقة وتنهمر الأرصفة .
العندم القريب / زهرة المساء الفائقة الجمال / تتجلل ببهائها وتخرج سائحة في مساءات المدينة اللاهثة / خلف البروق والضلال .

مكابدات متدثرة بصريخ الجسد المشحون / هذيان الهزيمة المخطوط / القوارير التي نفذت اشتعلت بالنبيذ والسهرة / الحروب المنطفئة منذ لثغة موسى تتقرأ الوجوه سطرا مخيفا دافء يسمع دبيب الفهارس وهي تفتح أبواب اللكنة./ تتأرجح ذبالة السأم / تتهجى رقم الموت / مرح الوهم حري بسطر أخر / تتهجى ذرائع النص / وقرائن المسافة الموت / المكبوت قطيعة لشمس الكائنات المناغمة / لشهية التوهج / العروق المتوترة تلامس التاج الشهقة / عرش المجامر يغدو فرصة مكابرة / تتفصد قنطرة مؤثثة / العزلة المترفة وثيرة على هودج الاستغراق / مليكة تتحن لمليكها / أغرودة تسبح في شظايا القلب / يتوشح النحيب بحمائم الزجاج / يسكن خارج الجرح في هيكل متصاعد الحواف / يتخلق من قطرة دم / لايهرم بالنسخ / الطين المحتز يجدل لوسادة غيمة / الوجه الذي أريد حجر قديم بكاه طرفة في وشم خولة كبيت شاغر/ العاشق وسادة الحلم / وقدح الزبرجد الممزوج بهدهدة الحواس/ وفحيح العسل / أرمي بالقميص وعروته الذهب في البحر/ أبصق من بعيد على قصر الملك / وأدير عربتي للشمس .
الرئة المضطربة تجلس على حافة السرد / تترك المتن لقص إمرأة ترتجل نصوصها
تتوفز حوافها تتحصن بالسرد الذي إعتزلها / كانت عيناها محتقنتين لفرط الرقص تحرك حرفا ثم تلوي آخر/ تتناول معجما من أكفانه / ترتجل حضورا وأمكنة غير لهامش / تحرر البكاء من مهنتهه / تخب في مجدافين متناغمين / ترشو عاشقين قديمين / وتصتصدر فتوى بالمشهد / تتقمص أجناسا وطيورا تتشكل في عطل العقل / وسفر الحلم / تغفو تحت الفارس / تكتب بأشلاء النبض بنايات وهلاما في مهارة نائحة / مأخوذة بالبريد المكتوم / توشك النصوص أن تتبلد غيومها / تنوح ريشة الصائغ في هدأة العريشة / تضرع تحت شبابيك القرائن / منعطفات القرب وحانة النسل / وشيح الغربة / تستأنس القصيدة بالمنشدين / وتزخر بموطأ القدم / تسأم ثرثرة الشاعر / تهمس في شرفة البوح / زنبقة في صورة فخ / تتقلب القواميس تتقصى الشهوات كي تبعد موهبة الإلغاء / تقول ذخائرها عبثا / والليل سلاح يجلس فوق النافذة / تتوسله الحناء بأن يتريث في المجيء / معصية مهيبة في حق الشمس / شظايا الزرقة تلمع كطريدة / صنوبر يرن في اسمي / خارج أيامي المحصورة / مبللا بالندى الحذر / البئر ميم القدم / قوافل ترمي الحكاية على ذراعي عاشق / غائما يوجع السرو / لعلني فاضت معاني فانتبهت أرصفة الحلم الصيف / الغرباء يمرون / يتوقعون أسئلة الحجيج / والزحام ينشر هبوبه / وريقات اليانصيب آيات مضيئة / حلّق بجناحين صغيرتين / كانت عيناه قيامتين / ريشة لأحوال الصدى / شبحا معلقا / التحليق والدوران والأنين / الغراب الأشم تألق / رمى تحياته لمن لايعرف /أطبق بجناحيه على القتيل / كانت الرأس غيبا يشد الحول / وأنضوجة اللاعقين / هشاشة الدم / اسوداده / الغراب الأوحد صفق كثيرا / تناثر الريش / الأسود ابيض / الأبيض اسود / الأحمر احمر / اللزج تخثر / انهارت جمرات الاستعصاء / الأسلاف نامت رثت الفارس الوهم / تمدد ترياق الجحيم / المرايا تفضح أجمل الاحتمالات / طير الروح يزقزق شغفا باندلاع الشظايا / ليل مزج القتلى بالسكر / ذاكرة الغراب في كل محرم تنفتح بابا على الفصول والصاعقة / تؤثث أرضا في صفرة وقميص مدمى / عاثث بأكمامه الذئاب / الكائنات ألسنة تستغيث / نامت المقدسة المخبئة / أشتاتا جمة متهافتة / الترحل امرؤ أمضى ضياءه لكي يسكر ظل الأحلام النائية/ يستودعني وشوشات الفجر/ تتباطأ دروبي المرسلة / أهذي رجولة / ياسمينة جاهزة الشريان / على ضفتي تتمرأى الطرائد / مستجابة تفرش قميصها للعابرين / بشباكهم الحلوى / يسافرعنق في أوج / يرابط خلف الجدران / غريبة لحظة الإرجاء / أحمل رأسي خبزا / تراني على قلق / ماثل الغابة / خاصرتي كلمات نازفة / الكون من شفتي دجلة بمداد الطرس / ورقاق النكهة / الزفرات مدائن تتموج / ألبس حاضري وأدخل في التيه / أناي براح متفنن / اليأس عميق الفراغ / حلبة دم / دم الحلبة / أناي باب أدخله / لتنبجس رياح المنابر / تتأول قيئي / تتأول وسوسة الأحشاء / خلاخيل السحنة / الكلمات الغيب أفكار القلم / تتأول بخترة فراغي ورقادي / تنصب أشراكا لحلمي / لنقطة ثائرة / لزفرة عانية / لبيت أقوضه كي أبني مجدا / أو أشيد أخر / يترصدني وضوء / وأتعثر بعمامة / آبق من حلمي / أدخل بهاء الصورة / أتراك أنا وأشهر الترحل.
رقدت بجانبه أفعى / تمرغت سواكن المنتفع / انشق الحجر الأسود نصفين / طار نصف نحو الغرب / مركبة فضائية حمراء تبكي / النصف الآخر استقبل الشمس / حاول أن يترجم مدى حزنه / ألقت على كتفيه شالا وهاجا / تمتمت الشمس في عليائها محيط دابرهم / أخرجت الأفعى لسانها / عيناها تبرقان / الدم المنبجس من الرأس صار بركة / انشقت وردة / ارتفعت عاليا كان عطرها أخاذا / جرعة من فصد /الرأس المتدحرجة تكر تفر / داء بلاء / اسودت قنوات المطر/ أرسلت السماء شحوبها وهرطقتها / وملائكتها / العرش الذي تحت الماء اهتز / بكى تحت الخالق / استجارت السدرة برداء العزة / أفلتت دمعة ملائكية / السماء المشعوذة أمطرت لؤلؤا من دم / والجبال الهامدة صارت هباء ممتدا / أغلق رضوان على انخفاض مفاجئ / صك الباب بقوة / أحنى مالك رأسه / تناول قبضة من جهنم ورمى دائرة الحدث / اشتد النحيب علت صيحات الهوادج / ربات الحجال فككن أقفال العزلة / خرجن مولولات / الرأس العارية من عروقها / تبسم في أسى / تحدق أفعى الباتنة / تشيل أذنابها / تستعرض جبروتها / احتز الرأس / أجمل الفتيان / حمل على محفة من ذهب / رسالة حية على جسر ميت / رسالة ميتة على جسر حي / الطريق معبد بالدماء / السائرون حفارو قبور / النعش قصر الخليفة في دمشق / غرد طائر الألم/ نامت حمامة الاحتضار / كانت الرحلة مشافهة الرواية / والقدم رصاص البجعة الطليقة / دائرة مسمومة لخيل تعبث في البر والبحر/ جؤذر يرتع في الخصب / وردة الحياة التي تنمرت / صارت قصرين من زبد / وشريطا من عرفج مختزل / الديانات التي احترمت علم الغراب / حكت حكاية البذل / نفخت أشولة البتر/ صاحت لا لا ، الرأس المتدحرجة كرة من حضيض / تردفها النواسك خلفها / نواسك الدم القشعريرة. / وشاح الكبد بين الذبيحة وتجاسد القرابين / بين قبر مزركش وشاهدة عاشقة / احتفاء متجوسق يعبق بصلاة المحو/ عنكبوت في ظلمة بئر/ يشرح للقرابين مهمة مستعجلة / يطل ملاك نحيل/ ثم يغفو على زند وريد مفصود / الشرفة الثرثارة كفيلة بانتخاب الضوء / والكأس المستكينة تعرف أي سائل تشرب / يتزيا العنكبوت الرقيق بالحب / كان وجهه الأبيض سماويا / وبيديه مسبحة لؤلؤية / يرتدي جبة صوف/ تشع عيناه بالدفء والطمأنينة/ اختلاجة الجفن الناعم / وصبيب البلور في أركان البئر الروح / سهرة على أجل يتضاءل/ وحشة تصب في مجرى الطاولة حدادا ذئبويا / فاتحة مُرة بفناجين المقرئين المتعبين / يتآكل النعش / بينما القداس الملكي يفتح كوة للسرد / باب الفردوس موارب / عابر مسرع ترك أثر نشيجه / وطمأنينة القدمين / صب ولعه في أحداق المصراع واختفى/ ظلت الشحارير داكنة التهدج / ترتفع برفيفها ثم تسقط / الكاهن المتواتر/ سمى أماكن ومساكن لأهلة الزفير الأولى / تراكم نبيذ الحكاية / والليل يتثائب فوق النافذة / رأت فيه شهوة النطع / استنفرت النص / كومت الكلمات ثم أخذت تحيك وشاحا يقي سيدها البرد في الليلات القادمة .
طائر سرته نافورة مندلقة / ويداه تجففان بمنديل الغربة وجوه القساوسة / أطفال الوادي سور آيل للطمث / نخر الصدر خشب خلع حذائه / الرغيف المراهق يمارس نزوة العيد/ مثقل بطفولة الجرح / فضاء شاسع صدى لقيامة مجبرة / النهار الفاتح شدقيه كموت مرتقب / (الحر) يرتع في الماء / يخوض بلابل الفكر / امتداد من الرمل والهجير/ بئر في السماء ترتقب دخانها / قطرة الماء الفضية صارت لؤلؤا عزيز المنال / نفر في زنزانة يحوطهم جند معممون الدائرة تضيق رويدا رويدا / والماء بين جنحي خرافة المهلك / تحلق الجند حول الاثنين والثلاثين فارسا والأربعين راجلا هم كل الدائرة / كانت الصدور مشرعة / ونفثات اتساع البحر تلقي حدائقها العندمية عبر أسطر ستكتب في كل محرم/ كانت النساء والخيام خلف هاته الصفوة ترفل في المناديل الملطخة بالتوسل إلى فوق/ تدق ريشة الغيب تتحسس فرجة في الأرض/ علّ هذا المساء يكر راجعا بلا دم / دخل فسطاطه تطلى بالدهون والروائح الزكية تدرع لأمته ثم خرج/ كانت الريح تتفصد عرقا/ تحك شغفها بموهبة قاطع طريق يترصدها
/ارتفع هيكلا من زرد / يحجب الأقاحي ويغرز رمحه في قلب دولة أقل شأنها وراثة الحكم / ونهب بيت المال / احتطب الموت رجاله / وسارت الأرض بساكنيها تجتنب رقعة منها / خوفا أن تنسب إليها / استشرف من زنزانته لوح لمحاصريه وهو يرتجل

ــ (أما بعد أيها الناس فانسبوني فانظروا من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم، هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي وسبي بناتي، أتطلبونني بقتيل منكم قتلته، أو مال لكم استهلكته) سبيل مغرق في الذات / يرجف كنخيل / يخطف مصحفا يبدد به حزن المضيعة / ضفة أخرى لهرم مسكون بأغان مظلمة / فراشة النار حلقت في محرقة الورق / تآكل الشجر يبوح بلوثته المنذورة للصحارى السكرى لشرب نقطة دم / شروق زوبعة في سماء المقبرة / التي رفرف فوقها الغراب بجناحيه / حين تنفتح بوابة أبدية لرض العظام وفصد العروق / من يا ترى يغلقها / حين يطل الوحش الكامن داخل الصدور/ من تراه يرده / حين يكسر باب جهنم وتفتح نوافذ الغرفة المظلمة في أعماق النفس البشرية فمن ذاك يستطيع أن يرفع عينيه بعد أن تخلخلت بوصلة الروح واضطربت الإبرة تشير إلى لا اتجاه .
ابن مرجان نون حائن / رمح مستتر في خريطة كٌم / وجعه السري ندي الركض / خَلْعُ نعليه يمامة بيضاء / كحل راجف في العينين / أه يا كأسي المترعة ثمة حزن لا يريم / ثمة وهج أربد/ ينق كضفدع / تعالي يا سورة اللهب / أيها الصمت النبيل/ ياثمار الحنو المحطمة / يا ظمأ القبلات الشاعرة / يامناديل الحرير بكف المقت المخنث / عائلة أب وأم وولد في الرابعة عشرة وبنيات عذراوات / حقول تعج بالحالمين / سلام أيها الشجر/ سلام أيتها الصحراء / سلام أيها السيف الملتمع تحت ضوء العسر / عسس بنادقهم فاخرة التصويب / تشتق من كلمة سيدي حتف أوابد ونهاراتها بضيائها / آهة قبر قائم / يحمل سر المشرق والمغرب / بفودين كالثلج ودمعة ابن مرجانة محيط لايبتلع الآن إلا الدهشة/ ترن في أذني كلمة ذاك الشيخ حين وطئت الخيل ظهره وصدره / حين أسمله الجزار إلى الجزار/ حين تناهشت الذؤبان لحمه
(اللهم أحصهم عددا
وأقتلهم بددا ولاتبق منهم أحدا)

(في المدى الرملي الشاسع، حيث الأسلاك والمدافع والمعصية رأيت شرايين تجري على الرمال كالثعابين وأحشاء تزحف على الأرصفة كأنما تتفادى السيارات المسرعة رأيت عيونا مقتلعة من محاجرها رأيت بهاء الهول إصبعا مبتورة بلا خاتم خطوبة وإصبعا أخرى بخاتم خطوبة رأيت الكابوس كاملاً عصياَ على القسمة أو النقص) . مؤنس الرزاز

شرانق تتمدد تحت أرجل أخطبوط ثمل، بوابة من المفاتيح خلف دهليز بركاني العواطف، بأشنانٍ محروقة، خاتمه لازورد ماليخولي، علقته حامل على طحالها، أجمة مستأسدة تبول شونيز اليخت، تبحر بأربع سيوف ورأس،تشق الأكرهين وتضع غوابر الدفلى، رصداً لخواص كندهار،ومجوعة لربوع ملاها القروح،والبطاح سفرة لأكلين غير منشرحي السدنة، كتبهم أقفال متعبة برمل الدماثة والسهر

دسيسة مبجلة على هدب كهوفها الفك، جهارة النصل وحتم الزفير ، معنى حر في جبال حرة،تحرسها المعادن والاسفلت، ينزون غرغرة باردة،مشمخري البقاع يتذكرون خط الاحتراز،مفعمين بلذة الذوحلة ،دوائر لوهم العشق، لفرح الجمرة على قميص الحمى، غرباء كالوعول المتحدرة، موحشة بزرقة الخوف،وتكتل الغياب، أسطورة لموت ضارع في اسفنجة، رمانة تخفي حباتها الواحد والتسعين، وتفر تاركة البحر الأحمر، النار المشتاقة لأثافها ،، رقصت طويلا،ابتاعت عندهم قمرين من شوك وأحزمة جلودهم، خيّل لأواخرهم أنها بيعة رابحة / أغلقت الحوانيت بضائعها، تسمرت وريقات النعناع في الطريق، نهيق عارم، وشاشة واحدة تصبغ أعلام الجبهة بالمواردكسين، غردقة في فتوى المسد، هذيان الذبيحة، قهوة الحديقة،حين تنتخب السرى حوذيا أطلسي المزاج،وحين تجترح العجائز سكينة البيت، ويأسَىَ الغسل بمستقبليه، حاسدا للوقاية، ذابلا كموج الكتابة،شاهقا بخطاه المرتقة،شكيمة لجبال الجحيم،نصال من الغزو المرتبك، فواحة بجهاتها، بوصلة لحج القياصرة، وقطاع الطرق الجدد . مخاض يتلمظ بثقوب مرتخية، طراوة الجنود، صهيل الخبيئة المحتاسة، قسطل وعر لخديعة الميزان،مذلة قدسية في ذاكرة الجبال، لحدود أغلقت بفروة دهن، وكيس (un)، الفارس القديم أرخى درعه، تيهه بالأوسمة، حواسه للصيد، أخر رصاصة نزعها من كتفه واتجه صوب المعسكر
يخترق جسد الحراشف، شرانق بوق أثلع،هذا الليل في جراب عميل، خراج البداية سوقها المورد، غواية النهج لامرأة الساقية، تنحني ببطء خاف، داهية متناثرة،أهي منك أهي مكمن سوقك، يخترق الجسد بوالدة لم تحمل شغفها روائح الطوفان،عرينها المائدة الكاملة، ليخترق جسد الحكاية، بؤبؤ النهار بارد هو الآخر،كأسطر جاهزية التعرف، شباك ملوث بمخاط فيل، عليه سمت الهيمان،بيضة دخلت إبرة،أسنانها الصفراء غول الوقت، ترابية المكامن، تذرع الرشقات جيئة واغترافا، لها مرتع خصب في دموع أولياء الأكمة، برانس الغزو على شرشفين من صراط القوم، ذاهلة أزاميرها، مصدوحة العراجين، مثقلة بثمر الوخط، أهيفه الوردي المنقوع، شعبة للإيلاج، ودمعتان لعروس ساجمة، تكبر فيها السرطانات المؤثثة،
وتنحني بين يديها سلاسل الشرح، إكليل من الغار فوق جبينه الظافر، رحمة بالهرمزان، وشوقا إلى مصارف المياه، وسقوط أدراجها في تيهررت، أتصيد حزني حبقة الضلال، كفاف الخوابي،ألواح الأعيان، عرافات القرميد، سكاكين الثوار، خطب الدراويش وأعلامهم، رماد القوافل الجائعة، جلود العبيد الولائم، سقوف الجزر و الأضرحة، مواسم الأولياء والسلاطين،الحراس المشغولون بالتوابل، أقفاص الأعياد وحرير المنابر والفقهاء .
رأس عبد العزيز زهرة ضارية، خيمة طينية الأعشاش،عمامة غريزة الخصلات، محراب أخضر بعينين مثقلتين بالخيوط، وبر الساحل وشم طائفة قبة،صرخات مكتومة لحريم أنثوي السفك، سر مدغم بين الثريا ورخام الصهاريج، جلس يتأمل ذله، في حديقة كنعانية المدافن، مسافات سفلى لحرز مؤقت، عرت الصحارى عمامة الوجيب، تناثرت الكلمات المطرزة، أظلم النهدان الجائعان في صدر فراشة القصر ، احتراق نار مجوسية، ورائحة خشخاشة وسنى، في بهو مثنوي، أخذني بين يديه كانت حمائل سيفه تنتحب، سالت دموعه حارة بين أظافري، السفن المحترقة تهذي خلف مراجل اليباب، وصرخات الفتح تثب بيارقا في الرمضاء،مدارات مبللة في صحن عتيق، زوايا قمر منهك، سافرت عيناه خلف سبتة،تمرأى من عرينه من رايات النصر مليا، ثم عاد مسرعا ليغمر وجهه في راحتي، إباء شرس،وفاس تطبق عنقاؤها على كاحليه، يسقط في حوضها متخثرا كأضمومة ورد، مرتخيا كهزة شهوة، تحت قلاع الوندال الحلم أم قرار بالمثول، لازالت رائحة الفتح طرية فوق أصابعه، ولعاب الأسوار كملح أسمر ينفضه عن عباءته، يدخل والسلاسل تفترش اليدين، ودمشق الخلافة رحما يلقف قبلة القمة، الأمهات العاريات الرأس، المرتهنات بالحناء، المباركات بدماء الذبائح، تتهالك تحت قدميه، ومن خلفه السبايا ينبتن أجنحة في ظهره بوابة السجن، وليصرخ الفتح كاملا غير ذي نقص، دم الأنبياء شريك بلا شريك، نبكي معا في أعمدة الحكمة السبعة، دراجة مسرعة، وقبر يرتحل، الموج رداؤها، كانت تنتحب بلا تهذيب، تؤرجح الأسرى عازفة الحقول في الهياج، عريشة للقطيف، خرابين مؤرقين بالدماثة، خبل شهيد كقهوة الموسم المصفحة، ميزان الخطف الرائد، يتخلل سورها الذابل، تنثر حول القبر أهزوجتين من سكوت، وشفرة صولجان (موسى) على اسم كليمه، لغتان فصحى وأخرى لما بعد الرقي والسكن، وقميصا طيه أسرار العرس، وشهقة الخطايا والقبل، أحوال العذارى ليلة المنح، غزل على مهل، وأنخاب مقنعة تشتاق لقبضة سيف ، ليد ماكرة . ندب في كل بيت، حلقات من المتشحات بالسواد،اجتمعن في صحن الأزهر
الأكف تضرع للخالق، تراصفن جيدا،استقبلن القبلة وصلين صلاة الدماء، كان المنبر أرجواني المزاج، ينظر في بلاهة وفخر، تعالت الصيحات والبكاء، كانت الغيرة والإخلاص، فرسا تهيب براكباتها، أخذن في الدعاء، اللهم امحق (حيدر حيدر)، اللهم إنه يهودي منافق، وحين سألتهم مذيعة الشبق الأوسط، هل قرأتن الرواية ؟؟ أجبن بصوت واحد لا..لا .. نقرأ الكفر.
شراب يثلج الأخبار المتأججة، صحن الجامع مدافع تدك معاقل الشيوعية، الرأسمالية، الديمقراطية، التنوير،الجهل والتخلف، صحن الجامع بركة من نار ، تصهد أخاديد الورق، تتكوم الأوراق لتندلع نيران الجهل والأزمة الفكرية المتأرجحة بين العقل والنقل، مواء عراجين اللذة سارة، الترجيح بين طريقين متقاطعين، بلوزة حمراء وربطة عنق تستغيث، بوط فاضح،سيارة أجرة خافتة الصهاريج، التبّاء أم مشمخرة الألم، تتعاطى دورة القانون الأزلي، (ليت كل طاغية كليب)، جرو باهت القيامة
يشبع نأمته في زجاج الحقول، يغيب بريده الواسطي خلف روبابيكا الحاضر، تتجحدر أيامه المتراشقة، تتغيهب علقمية السؤل، شتائية المقاس، تتذرع بالوجيب واللقلق، تحتفي بالأملود الغض لفرمان الساعة، جرو باهت يسبّح لغروب الأديم، لشقشقة الجرح، بوارق مرتجة تسنده، يقتات أمعاءه المرتجفة، لوز عينيه فاتح الكلفة، كهرمانتان دمويتان معلقتان في سقف، حارة نقائضه على مضض، حجة المقصلة جميع القرائن قرابين وخصوم، رأفة البيت الأخير على غفلة من الرصف، جنون النرد ومزاجيته التي لا تنتهي، طازجة تفاصيل القتلى، عشاق الليل المنتقمون شاخصون، كعلاقة بلا معبر، تتهيأ الحاجيات، تتراقص الأغاريد شهية الرُقبة، سيفان على طاولة القربان، أديم طالح بين أخوين، وناقة تجهش بالبكاء، خوار سادي يفطم الأقطار، الخيل المبرطمة تسكب أنشودة الحزن، أربعون شقاقا ونهر من الاحتمالات الشاخصة، كامنة في طشتها الدموي، لوعة العناق، حرز السيف، نخب الجيش المخطوط، تتمرأى الجليلة حافية الحب، غاربة المقام، ملاءة التأفف، كوخ مقصورة، شره للباقية، مزيج من الرشد الأخير، ومن طقس الخفية المراوغة، والميل المفهرس، زعيق مثير لفك ابن آوى

الحشرجات ..
تقصم إبرة الخرافة، ظهر المدينة الخائفة، ترتدع صومعة جائعة لحقبة الرمس الأبدية، أفول عذب لمسارب التكوين، حشرجات، جادت غيثها أهاليل مفترعة سواد القلب، ولي كبد مقروحة كالاختصار السلس، تنوس على غربة قاحلة، تتلصص مشتهاة كجناح الذل، بطنين المنافي، وكوتين لسعفتين ذابلتين تتوسلان، الانكسار المتيبس فوق طاولة الحرب، وكالة لطرد الظلال، حشائش تتسلل ملتحفة حماس (بينوشيه) للمرآة، منديل دم عَطِر، أمام عينين كاكيتين، حزام أمانهما جرافة مسرعة، (غنغيزهما) فراشة البهو المقصب .
كانت النار تصرخ في الوجيب، إقرأوني كاملة ثم انظروا خلفكم بغضب، أشيحوا امرأة من مكانها، واحتزوا عنقها حين تفرغون، باخوس أيها المدمى رقبته،ليت لوكا بين يديك المرملتين، ليت عينيك بروتس عندما يتكفل التاريخ بدقائقه الأخيرة .
سفن تمسح دموع الشاطئ بجدائلها، يتضاحك القرمزي بلؤلؤه وقواقعه، وقميصه السادر، تألف الريح عتمة المكوس، تنحت للوقت تابوتا من رعاش، الجسد الحي كشف ماكث حتى تنبت البيارق، نعش برحيق الشوق، يمد خيطا كحديث الأساور والفناجين، خجولا كعربدة سكرى، سفن مأسورة في قيد الطوطم، تخرج من شجرة الحزن، تحمل صاري العقوبة، نوحها الأبدي فضة باهتة، زيتونة تائهة بفم فاختة
تقرئ السلام الأرض، الجودي ينتصب إلها من رقيق، طوفان دموي الخيالات يشرق فوق الامتداد اللانهائي، نشوة درج رائية مكامن مكانها، فاتحة ذراعيها لاهتباله، تتشرب روح المباح، طبيعة السهوب بين خبز الجسد، وشباك التلال الشاغرة، تتجرع ثقة العصيان في قطيفة المشهد، وتشتق من الأيائل خبيئة الاستخفاف، يتفاقم الدرس مديرا للجنابة ظهره، يتضع كهاوية، يصرخ فيهم بالزجاج
(اقرأوني كاملا)، يقصص الرواق رؤياه، يتيح للهب هودج الخبرة الطائفية تطل عنكبوت (النرفانا) من قدح الحب، تغمس إصبعها في يباب العرس لتخرج طقسا ذا غنج وتلعثم، أشرق راسبوتين خاثرا من سحابة الجهمية، ارتد طرفه عبر بائية السؤل، أسماء القوة بلونها المناسب، طريقة معقدة (لسفروت ) مشبع بالملكوت، نور يهرطق جانبا، تاركا (لمرازادا) حرية التجول، قانونا شفهيا يرتضيه العبد الأبق، كلمة الحاشية جميزة الأخطاء، بين الأعلى ومقدوره البائن، عيناه (كابالا) مزهرة، مأدبة للدم المقدس صحن أخضر بين يدي (زومبي)، دخل طقس القمرمتطهرا من أدرانه، حل اليوم الثالث من الهودج، مهرجان التفسير نخب بدم ديك أسود، طقس القمر تعويذة سرية القناديل، مهراجا الفتح تطهير غائم
بلفافة (أشتاروت )، وثن القلب جدائل الفيض الداخل من بريد الألهة، دائرة الأكفان وأيدٍ آدمية لقبر رطب، بساط أحمر فوق دائرة الأبخرة، خوار العجل الذهبي يرن في الأنخاب، يشخب بخار العفة، يقرأ حكاية المعتقل، تتهيج افروديت، تفرد ساقيها ليدخل راسبوتين دورة القمر، يطل باكتضاضه (أتمان)، يتعبدان كخشخاشتين ناضجتين، يلوكان تفاح الجنة بيد، وبالأخرى بوما قتيل، يدخل راسبوتين ليلة الرؤيا
يلهو بشيطانين ومردة، تلك الليلة التي أطلق فيها الموت رهبانيته الأبدية،وعمّد الشاهق أصحابه، ساعة القداس الأسود، تدق، تطرق شرايين العقل، يتقدم الفريق يقبل مؤخرة ضفدعة، يستلقي بين يدي إله الموت، كقربة متدحرجة، جافة، غيبوبة السماء تدوم براكين جاهزة، شفرة ساحرة ، والدائرة المرسومة على الجدار تنفتح كاوركيدا مستعجلة، قطة سوداء تشع عيناها الداكنتان، تطل على حفلة الجنس الجماعي، تطلب بركة الكاهن، الأقنعة من جديد، دم القربان يشخب تحت الأيدي، صلاة الدم الحار، موسيقى جنائزية صاخبة، ورائحة خفافيش ترتجف يقينا
(هذا دمي أيها المطر الإلهي المجيد،
هذا دمي أيها المقدس
أعطني رقية الأبد يا مقدس
ألطخ وجهي ساعة شروق الشمس
بدم حمل صغير
أغمس في قلبه ريشة الديك
علك ترضى
أيها النديم المنتصر
يا سيد الجبل
اسجد كجحيم منطفئ
أشعر بالخلق يتهدهد في قلبي
كن مراكب روحي
أطلقني في عالمك دخان بحيرات ممتقعة
جائعا إلى قميصك
متفتحا بين يديك كجرح
يا ملك الأرض
يا صاحب القرون المقدس
يا ملك الليل
أرسل قواك
وهبنا سلطانك
بكل جبروت القمر
ننشد مجدك الذي لا يقهر
الذي لاينتهي
أكوا أكوا ارازاك
اكوا اكوا سيرنانوس
اكوا اكوا ارديا
لك انشودتي أيها الظلام المقدس
أعبدك يا مقدس)

تراكم المشهد الحدائقي بلا هوادة، خرج على فرسه يطير في السماء، يدرك شهوة الانحسار، بين كتفيه الحقيقة المقدسة، وقع عليه اختيارهم ليلة القداس الكبير، حين دق السبت الأعظم أوجه في الغياب، حين أشرق التنابز برزخا للصلاة . استقبله المنبر مشتاقا، سلم على القوم بالإمارة، هتفت الحوامل ( يا لهبل)، ، نشيد أزلي الفاكهة، برقع مخضب بحناء القلوب، لوحت له السموات في مكوسها
والأرضين في رسيسها، جمرة التميمة اتقدت، ونبيذ الحكاية اهتاج، احمرت حبات العنب، اخضرت حدائق القصر ، حملت الإناث ذكرانا، أينع الخصب، ارتجت منابر الكوفة، استعلى على قدح واشتهار، اشرأبت الأعناق، هاهو قادم، تنكب قوسه، ورائحة المسجد خلافة طاهرة زكية الدم، تناهى إليه القلق، نزع العمامة وهو ينشد (إني لأرى الدمائم بين العمائم واللحي) دكت الأرض دكا، نسيج غائر في كهف لهج بالحياة، نسيم فاتر في رغيف متواتر، حد قاطع لوريد أملس،اربدت طرقات الكوفة حياء، وأطرقت مآذن البويب جائعة لاهتزاز نخلة، لقطرة بسملة .
عمه باكر في صندل الحجة الشائبة، دربة التفنن المخاطرة، لحاكمية أرقت صباها عاملة باتعة، تصلى الكرسي ذات نجابة، صيرورة مقلدة، وربغ أكيد لاعترافين مسندين بتوقيع عمه .

(حلم المهدي ذات ليلة أنه اعطى لأبنيه قضيبين فأورق أحدهما ولم يورق الأخر فقام فزعا)
الطبري

كأني أعطيت لهذا سيفا من نار ولهذا درعاً من ثلج أيهما يصل الشاطئ يورق أخوان بفرعين، ويكسر ثلج الأحزان بنيران الصلح ليمرق سهم العرش على كف تختلج،
ولداي على مركبتين، ونيران الثورة في أقصى البرج، تسبّح للخبز الغافل، في حقل الدم الراكض، عبر شقوق الملك، لكني أسمع صوت القارئ، يقرأ نهلكهم ويرتل بالزنج مفاتيح الباب المرصود، ابناي، تعالا اشتم خطى يعقوب، وأرمي بالجب على قدمي يوسف، جبة صوفي، كاحل غانية، كرسي يعبق بالند، سروج الهبة، مغاليق الفتح لشعراء القصر العاري، من وشم طقوس الحارات السفلى، والناس السفلى،
ليقام الحد على فاطمة إن سرقت مد، ابناي الموجة تكتح إصبعها، في وجهي، وأنا سأغادر كي أترك إزميل القلب، سيورق، والأخر بالأخر يهلك، هل نملك للأتي الموحش من رد، ينثال الترتيل على ريشة حداد، تحنو كالمخطوط الطفل، دماثته كهف العشاق وقبر الأخطاء، جنته فص الشهوة، قدح وما بين القوسين دماء، الفقد مليمُ والثابت مرفقه، كالبجع البيت يلوذ بمهجته، علّ السعي يلامس آهة لقياه
وعول التوق، ال تستل الحزن بذاكرة الأسماء، الحزن الغارق في القيلولة، بنشيج الأركان الرثة يرمق أشباح، السفر المأمول يناجز أرشيف، الرغبة الموت قصيدة دم وردة نوم، الوحشة تذهب كالذئب القاطع، بمخاض، شغفُ الناسك يرمي الشعر بسكين الجثة، يتكاسر كفن منتخب، مخطوف البرق مداه الفاتن صندوق ذهبي كامرأة تلثغ بالغابة لاتحسن توديع الرائحة بدن الوحش المكبوت نبيذ أزلي الكحل، نجمة وعد تتلقف بوصلة الديدان الأول يشكمني الموقف والموت وحضرة طرقات المزبلة بلا وحش يوغل في جرح الشاعر في السقف تهدج أسئلة الموقف ذاكرة النص القصل المثقوبة بالوحل الغزو الواسع كجيوش النصل المخلوق الأول، يلبس هذا الموت المجاني أجمل حلته يستأذن كي يدخل لكنه يعرف أن الهيكل مشكاة والصدر مضاء بوصلة الروح ابناي تئن بأحلام الناس وبالخبز المشنوق على الطرقات

أختلي بنفسي فأجد الصمت والصراخ ومجلة العربي أجد الألم واللذة وأفتح صندوق العجائب في داخلي أفاجأ بالمصباح قد سرقته الأيام ودحرجته على رصيف الأمس مصدرا صوتا مهترئا أما الشاطر حسن فقد تاب على يد شرطة الأداب فقرر أن يهجر طرابلس .أمسك بالقلم العاق أسيره في وجهة الأوراق السكرى بالرحيق فيسير شريطة أن يقبض الثمن وعندما يتسنى له ذلك تعبا ونصبا وأعصابا ذابلة وقلبا واجفا وقبل أن يجف عرقه يكون الكراء بجانبه وأبقى مفرغا حتى من أجمل ما أملك،
ينطلق صوت المؤذن ملعلعا في سماء طرابلس يعلن الحاكم والدستور ويوقظ الذاكرة التي اهترأت ويشهد أن لاإله إلا الله مرتين أو أربع، تأتين مع الريح كأنك أنت
أو هي أخرى تشبهك / تحلقين ميدوزا في سمائي / فأشرع في اللون / أهز فأسي لأهوي على جذوع الذكريات / أشعل الجنون فيهما وأنتصب مدرارا كما عهدتني
نتلاقح كما الموعد الأول / أهبك اللإنتماء فتردين ببسمة هازئة / أهي أنت / أهي أنت
أم طية ورق تزور بريدي القفر / أهي أنت بكل ما في الأنت من أنت / أهي أخرى تتقلد صفات كانت لك / أم أن كلاكما مراوغ / أرميك بلهفتي فتخطئ المنطلق / وتسددين سهم لحظك / فيصرخ أبو فراس داخلي / تقودينه حيث لا أمل في الخلاص
ويرتع معك في لعبة جنونية تستعذبينها / فأبكيه بدمع في الحوادث غالٍِ / تغلقين فمه
تشع غلمة الفرس في عينيك / وتأخذين منه المنكبين / أهي أنت أم عاشقة / أهو أنا أم بدوي مثقل بالكرم / تجبرينه على القبلات / والمرارة في حلقه دهر / ومثلي يا سيدة المتوسط عصي الدمع / تعبثين بخصلات تترق / فوق جبينه كجناح أسطوري
تصوبين نحو القلب/ جوعا مطامن وغلمة تستعر / بأسنانك الؤلؤية تفكين القيد/ تكبين عليه فتنزعين ما تبقى من لحم اليدين / وتلثم شفتاك ما تقع عليه من قديد / وأظل في سجني ثابتأ نحوك / غير منتظر لإحسان غيداء / جاءت تسترق السمع لأهات شاعر
وكما البوح نديٌ وآسر / هو حضورك / وكما الابتسامة روح ترفرف / ذاك قميصك وهو يداعب الجسد الغض / ويفتك بالبشرة البضة / كان السيف معلقا على الجدار /
وصليل الحلي يفزّع الحمامة التي ألِفت / خجلت تلكم الحمامة من جرأتك / فأعارتك هروبها والمكان / وهبت لك خلوة بالسيد / فوقفت تتجردين قطعة قطعة / ورداء رداء وحريرا ومتعة متعة / حتى إذا اغتلمت النواظر/ وتأهبت لرمي الصور من وراء أحداقها / زررّتِ القميص / وتركت الهواء ملوثا بعبير جسدك النقمة / لففت ما كان مشاعا للحائط والقيد / وسترت النعماء بفضل الرداء / وأي فضل له وهو لايكاد يمسك منك سوى البعض/ ولايستر منك غير البلوى والجحيم / فالفضل كل الفضل لتلك اليد التي مارست الخفاء / واشتعلت أصابعها برقة تصافح التمني واللو / وتترك ما بعدها فوضى لما سيأتي / فهل اترك مثل هذا المشهد / كيف لمثله أن يخفيه القلب عن القلب وكيف تستره العين عن انسانها / متوسطية العينين / افريقية اللون والبسمة / عربية الملامح والشموخ / منذ التقينا ومذ عرفتك لا يفارقك البهاء / ولولا وشم الألف التي أهداك عمرو بن العاص لظننتك أنت لااحترت فيك وضممت أخرى فهل تذكرين متى اللقاء وأين وكيف لعاشق مثلي ينسى موعدك الأول الحياة التي قبل بدء الحياة السرور بالترقب واللقاء مغازلة الديم وهز الصوارم شبقا/ وأنسا بمن يأتي بمن خطاه في الرنين دفتر وافر الصفحات/ وسعي مولع بالحثيث / كيف لمحب مثلي أن يسقط من ذاكرته ميلاده الأول وحبه الأول وموعده الأول أذكر يا سيدتي اسم المقهى ولون الكوب ورقم الطاولة وفرح النادل عدد حبات السكر تلك التي ارتمت بعد أول رشفة سكرى تختلج
سألتك يوما ماذا تشربين فأطرقت حياء ولذة كانت تلك تحية السماء إلى قلب أعاصيره إهترات مثل قلبي وأطبقت جفنيك كأنما إمعانا منك في التحية فما عدت أرى سواك انتفت كل الحسناوات بقلبي أجهزت على كل الجميلات داخل هذه المغارة المليئة بالكنوز لملمت كل ماعداك ونفضت غيرك لتبقي كنزا واحدا فرد التألق هو أنت أثمن كنز وأروع هبة كان كوب العصير يترنح وهو بين يدي النادل تلك يا سيدتي تحية الأكواب تلك هزة الفرح ورقصة السرور بمقدمك وأظنها واسمحي لي نشوة كوب عاش محروما عمره الأكمل كيف له يستقر ويهدأ وهو ستحمله يداك وستلامس شفتاه شفتيك / كيف له لايرقص وعاقد الحاجبين من سيحظى برفقته
وأذكر يومها كنت تلبسين قميصا متوسطي اللون أزرق القسمات وعلى كتفيك شال حريري / شممت رائحة المدينة القديمة في خيوطه وتنسمت عبير ميزران في ثناياه كانت كوشة الصفار/ علامة مسجلة على ياقته، أخبرتني أنك عاشقة فارتاع فؤادي كعصفور بلله القطر هبطت غيوم سوداء على قلبي لكن بسمتك الرواء بددتها وأعادت الشغف إلى الحنايا قلت بأنك عاشقة لهذا المكان وأنك عمدا أتيت آثرت أن يكون لقاؤنا الأول في مكان تحبينه مكان هو من الجنة بمكان تحفه بركات الأولياء ويرشه الشاطئ الغيور برذاذه
كان الشعاب موعدك وعشقك/ فصار موعدي وعشقي، هاهنا نشرت تعاليم حسنك وأشهدت الصالحين هناك على حبك، فكان الهناك هنا في هذا لقلب الذي هنا،
هناك ترنح الكوب في يدي / وظننتها غنت
(كم جميلا لو بقينا أصدقاء)، وتعرفين أنك من أهيل الحي / ولكنك تتسترين خلف جدار اللغة / فلا صداقة بين ثوب حريري وبين جسد ناعم الخضرة، تتمنعين يا جمر الغضى وكلي جمر/ فمن أنباك بالعسرة في مواقفي / ورحيل التأهب / لطالما ناشدتني في غابرٍ تحفا من دماي وروعة من شقائي المعشوشب / كأنما لتخضر شفاهك اللهبية العشق / وكأنما لتمعن عيناك المتوسطية المدى في خرق الصور بلذائذ الاكتواء،
يا هجير المساء ورغائب البحر ، كلهم في تباب، فطوقيني بالزوال وانعمي بالتحية
هل أخبرتك أن أصابعي شموع تتقد وسراياك موعد جاهز، هل أخبرتك أن الحميمية التي افتقدت وأن الألفة التي تركت، انتصبت خلف مولاي محمد في صبحِ أحد،
تهزج بالإيمان تبصق السلاح في وجه، كسيلة الأموي وتعبق بالصلوات، هل أخبرتك يا ذات الألف، يا وافرة الرداء، أخبرتك وبداية يا سيدتي كان سكوتك عن مغازلتي حياؤك تجاه نظراتي فأن تسكت عادة عن رجل يغازلها ذاك يعني المزيد فهل تذكرين كنت مأخوذة الحواس بذلك المقعد امتد البحر أغنية ذات وجهين تسربت من عازف فوضوي أنيق (سافر مازال عيني تحبه)

كانت أناملي تهمس في أذن أصابعك بأرق كلمة ويداي تستريحان كسمكة فوق خواتمك لم تسحبي أيا منها تواطئت أناملك فاهتزت هي الأخرى يحذوها الأمل في لقاء يكسر أطواق المتاح ، تصفحنا مجلة كانت بين أيدينا (مقصية العنوان)، خلعت عليها كسوة الرفض والتصويب، وهذبت صفحاتها بريشة التمرد والعنفوان، كانت بين يديك تستعذب الحضن، وتكن البيت والأسرة، حدقت طويلا بأسطرها فارتاعت قسمات الوجه العطر تناثرت الأهداب واستوت الأسئلة تقوم وتقعد ثم ترتمي على كاهلي المسروق، ندّت عنك آهة باكية أفردتها كبيت القصيد فخرجت متأثرة بتأثرك
مستاءة باستيائك، هاتفة هي الأخرى لماذا لماذا ومن المسؤل ، خطفت المجلة من بين يديك فوجئت بالكارثة قرأت بصوت عال أسمع نفسي وأتيقن جيدا أهز رتابة المحيط
(الإيذر بين أطفالنا من المسؤل)
وقرأت (هؤلاء الأطفال يرمقونك بأعينهم التي سكنها الموت وتمتد إليك أكفهم الصغيرة الباردة مستنجدين بك وبنقاء قلبك وصفاء سريرتك لتمد إليهم يدك الطاهرة حيث امتدت إليهم يد السوء الآثمة وهاهم يتساءلون معك بأصوات أوهنها الموت (وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت) .
رأيتك تصرخين لحظتئذ والدموع تخدد وجهك، (بأي ذنب قتلت) وسمعت شهقات سيدي الشعاب وهو ممتقع كوجه المدينة لتسقط النوارس مولولة صرخت بك أين تذهبين لم أر منك، غير جدائل تغرق وثوبا يرفرف بين الموج كان أبيض اللون .

(حشرجة)

الكريات المتشابكة المخلوطة بالتمرد / عروق تلتحم بجلبة التجاويف / والرقص المنهمر كأرجوحة طفل / وكعناق سجينين يفلت القول المأثور من بين خشبتيه كرحيل ثاقب للصمت / كوابيس اللحد وحبال الجشأ المفعم بخلايا الطلق / مسام الجسد كشقوق الصرير المكتوم / كأزيز المآقي حال حملقة الهول / فوهة ثكلى تجثم داخل رعشة / العناق الأزل صورة لأسارير الصدأ / وابتسامات غرة لأطفال غزاة مجهضين / مرايا متسكعة في الوجوه / تنهمر القسمات والذوائب الراقصة كقط مرصع لاهثا تضطرم الديدان في اشتعالي / ترتسم أفواها جنوبية الأرجاء / أمد يدي إلى ريشتي الخائرة / أنفخ في الحجب أفاقا فيغيض اللون بركة دم / ابنا عاقا يتصارعه النشيج / أطبق عيني، أتأمل عنف المور / مارجا من نار،أستطيل كقبو جرائدي الأسلوب / غادر التوقيت، أمد يدي للرحابة الضيقة / ساحرا يهتاج للدكنة / أشكل بيدين من أنفاس دروبا وشوارع قاحلة / أكوام الأخدان تعج بمنطق الضيق / أخلق من كل زوجين تماثيل مقطوعة الأوصال / وأسوارا تحاصر البحر / وجرادا يهزج بالقحل والنواطير / أسيّج حقول الرعب بدماء الضحايا / ومطامح الجنايات / إتلافا مدانا وجملا مزخرفة التواقيع / كقصاص وثني الزنة .
شبح يقتلع الهشيم / مرارة خائرة تقترب مودعة المنفى / عانق الأرض وعيناه سجور الجلال / الجوارح السخية أطباء مكرسون لقطعة حمى / والرحيل العاجل للموالي
أحراش تتسرب كالمارة والقذائف / الطاعون الأصيل أخرس عاثر الحظ / فاض حتى سبحت بوجنتيه البشرى / فيض الخلود على مصراعيه كسر في حبة قمح / روح الأنس ترض أشلاء الجدار / والضلال الرغدة تصدأ بأريج القمر المختنق بصراخه / عراء الثبج يغطيه التقهقر بمهرجانه / طائرا يقطب نأمته / تستفحل الجراذن قصية الانتظار بمتحف الخلاء / غنيمة الشمال والمطامير / الأطفال الجعد باقة دم متفتت / رحم مصادرة / قطع عنها الماء الحكايا والأنسولين / طيبات مانزل من نساء / أقنعة زلزال باردة السؤل / تأتي حاملا بين فخذيها جرحها العطش / ناقوسا فضي الأهازيج
لايلين لمستفتح / مترفا بالمشيئة / يمد للنهار والليل زيتونة راعفة / عصى تسامر الحارس / تهيل على الوباء من كيس أسيف / تسقط جثة في تؤدة / عويل رطب ومعاول جديدة / مواسير وأسلاك مبرطمة / يسقط رحيل على عجل / وتتدحرج حمى من غلاف براق / شراهة الكبريت لفاكهة الأوسمة / لدولاب الأسطورة / القمة ملء الغابة / صلصال معشق بأزياء الصلح / معشق بالاستعداء المفتوح لأزهار الشر/
للطاو المعجون بأعضاء الموتى الفاخرة / الباعة المسروقين من معروضاتهم / فضيحة مشهودة ناعمة السكب / سكر يقص رؤياه على فينيق الحكمة / رئة المجزرة المترعة حافر يوزع الرذاذ على توابيت الفتيات / جفون تتشرب الظمأ / مدن الفريسة الصاهلة جمجمة بلا لون / تحدق في وتر الكلام المحبب / الكلام الحسي المحض /
تفاصيل الغمامات المطموسة / نخل تثقله ديدان الذكريات / مرة ارتعاشات الحوار
قطع الأعماق دوامة الشمع / نتوء ينشر ارتباكه كاختلاجة الذبيحة / أرض العطش يابسة الحواف / تسأل العملات العائدة عن لقاح الضياع الجائعة / عن الطائفية المتنكرة في سلالم الخدم / وفي رواحل الصبايا ومكاحلهن / رميم السنابك فصول تستعير كراريسها من موجز العاشرة / المشاعل العارية على سطح البرج / أفئدة الخبء /
دقائق الخلاخيل كندوب الأضرحة / تراث نملة توقع بيسراها القلق / غامضة سيرة النار / طواحين في زجاجة / مجانين طائرون في الرتق / من يمشي على أربع أو من يرتد حيا بلمح أغنية / شتات العقد نشوة العلائق / و العقاقير/ صناديق النطق والعطور جافة كقصة قصيرة / ككتاب مصور/ المصابيح المتخاصمة أصابع مشوهة/ نقطة في الأبد / تكبر أخواتها بغربة واشتهائين / سكان الفرشاة يرسمون صرخاتهم في ذهول/
يجتازون ساحة الفعل إلى حجرة الثرثرة / تصحو الوسادة الخيط / مئذنة مزعجة في بكور دام / تعلقتُ بقرش العرش / مد لي ساحله، اجتزنا شاطئين وروثة / ظل شخير الوضوء أسود الوثن / وحدانيته التي اختفت بقعة زيت / اجتاز بي فؤوس المنتصف / ومنجنيقات التوابل الملتفة كخريطة حزن / الفقراء كالطحالب على المصاحف رعويون غزاة / سيول من المستعذبين دماء الخراف / ورجرجة الكفل / وخواتم الدبابير /
شقاشق ساعة الخيزران / قديد مراق لملكات الليل السافر / أخذني كعصفور لقلق شاك / اتزر بحبوب القصيدة وأنوثة الزبرجد المجلو / أذيب الرمل في أسئلة الريح /
طشتا خشن الهرولة / يصلي لدودة قز / جُعلٌ متشائل أمام شرنقة / أدمدم عن جناحين خرِبَينِ / وسادتين لمعجزة / أشتري فضيحة الأسلاف / بكارة طائعة لقرش الصبيب/
توتة بيضاء لبومة باكليل لوتس / خمرها جمر الكائنات / سقاية القضبان كانت من نصيب الشغار / قاصرات مخادعهن شهيقهن / علب مثقوبة / حشائش تهزأ بالخراف /
المنازل كالحرباء تصافح البعيد والقريب / تحمل الخبز للغريب / وتنفح القادمين الجدد بهجتها / تقطن في لغة المرق والنقاش / تولي شطرها للترانيم الرغوة / ترقص مستحمة بالمعابد / وتحب قواير الغرباء / حين تقشر الزجاج من قوارب الصيد /
تنكش الغرقى / والتجاعيد / والقبلات المحمومة / وشهادة الميلاد / تترذل كجرح يٌزّف / تهز رأسها كالنميمة بقرنفلة الطلاسم / تسأل عن آخرين يستوطنون رهجها /
وتدس زرابيها في شقوق الطين / تحت السجاجيد حلي أناس غرقى/ وصور زعماء مهرجون / لم تتجسس يوما ولا عرفت حلكة الألوان/ كان فانوسها الأفعواني يهتز في ليالي الشبق الحبيسة / تعض تحتها جمرة المناسك / تطوف بأطناب خيمتها / تتنسم عصبية الفَرَاش / وتتأفف من فردوس الأكاذيب / كانت تقول لجاراتها حين نقص الشريط سوف ألبس مزرعتي/ وأخيط حرفين من اسمي على قميص اللغة /
غير معتلة الواو / مطلية بالدجل / حيلة الصدأ بماء البحيرة الأدرد / كانت النارفي المضارب تقنع الرجال أن ما يرونه ليس ذهبا / بل مغامرين ذوي ريش ملون / خرجوا من السيملوجيا / كشعرة من ممارسة / كانت النار تناغم الرشح علهم يكتبون رقم الحموضة / ويوقضون الأربعين حراميا من النوايا الراكدة .
كانت النارتهزأ بالليل الواقف على باب الخيمة ينشد الفواتح بمنازل للأهلين .