محمد جبر الحربي
(السعودية)

قصائد حب وشهادة للوطن الكبير

وطن
شهيد
مثقف
أيديلوجيا
تعقل
سيرة
مقابلة
ظهيرة
سقوط
حالة
الدليل
بيت

النوابت
رجال
نحت
أمل دنقل
صالح
بوح
صنعاء
شتائم الغبطة
السد
العبارة
المراثي

العدو
المغني
رحلة الماء
خديجة
على الرمل الشرقي
كسرة الماء
خلف فاصلة
العبسي يحاصر الذاكرة
منازل
سطوة النبلاء
يمين الوقت

وطن

محمد جبر الحربيكان قلب الفتى موُلعاً بالغناءْ
موُلعاً بالشجر
لم ْ يجد في قلوب البشر
غير قلب الصغيرة
أبلغها كل ما كان في غيِّه
ثم أسلم في قلبها
قانعا ً بالمكان
قانعاً بالمطر
حين يأتي
ولا يعرف الطفل كيف كبرْ .

الرياض
10/1986

شهيد

البلادُ البعيدة والأغنياتْ
وجحيم الجهاتْ
وفتىً ضاربٌ في القصيدةِ
مستأصلا ً ما يخط النحاةْ
لم يمت رغم قتل الحياةِ
                    وجهل السفائنِ
لكنما قيل ماتْ.

الرياض 4 / 1987

مثقف

رأسه ُ في يدي
ودمي في يديه
أيّنا كان عند المصبِّ القتيل ؟ !

الرياض1 / 1987

أيديولوجيا

خارج النافذة
بعض تلٍ ، وبعض سماءْ
هل هي النافذة ؟!
أم هُمُ الأبرياء ؟ !

عمان 11/7/1985

تعقل

أقبِّل هذا التراب
وأقبَل كل العذاب
وأُقبِل ها ساحة ُ القتل جاهزةً لسنيني .

ولكني سوف أبقى أحاربها ما حييتُ
وتبقى على شعلةٍ ما دمِيتُ عيوني
لأني رأيت السكاكين حانيةً إذ تمرُّ
لترسم لوحتَها
فاقتلوني .
ليبدعَ هذا الدّمُ اللوحة الأزلية
بوحَ الجنونِ
وقتلَ الجنونِ
وماذا يظل من الشعر
                   غير الجنونِ ؟ !

الرياض 11/1988

سيرة

. . . وبالأمس متُّ

وأذكر أني خلال الحياة التي عشُتُ متُّ
وقد كنت ميْتا قُبيل الحياة
وعند بلوغ الفطامِ
توطَّأ طفلٌ تُسابق ضحْكته الريح ظهري
وقالوا بأنَّي كدتُ
وطفلا ركضتُ
تساقطت العُمد الخشبية بين يديَّ
وقال لي العامل اليمني: " لك الله " مِن وَلدٍ
فنفضتُ التراب وقمتُ
وها أنا ذا في الثلاثين أفقد غصنا ً فغصناً من الشجر العائليِّ
                                      فإن متُّ. متُّ .

الرياض 1988

مقابلة

( 1 )

من مكان عليّ
يهبط الشيخ متشحاً بالبياض
يرفع القلبَ
تعلو ابتسامة وجه نديّ
يرجعُ القلبَ
يأخذني بيديّ:
كان طفلاً مع الله في كل شيّء.

( 2)

من مكان خفيّ
يحضر الحَركيّ
يدفعُ البابَ
ينتزع القلب
ثم يسلِّط عينيهِ / أعوانَهُ
يفرغُ الحجُراتِ من الدَّمِ : لا شيء
يرمي به، ثم يركلهُ . . .
ومن خلف إيماءةٍ تتهاوى العصيّ

الرياض 10 / 87

ظهيرة

أصيح ُ: أبي
ثم أنسلُُّ:
              لي كفني
              ولغيري خُطاي .

ولا أحدٌ سوف يذكرْ
لا أحد سوف يغفرْ
              من ذا الذي ...
              غير غيمٍ به كنت علَّقت حُلمي
ربما أمطر الغيمُ
أو ربما أمطر الحلمُ
أنسلُّ
يدخل موتزارت يسأل عن غيمةٍ
ولماذا العصافير نائمةٌ
ثم ينسلُّ
             أنسلُّ
لا أحد غير صوتٍ ينادي: أبي يا. . . أبي
غير ريح بها كنت علقت همي. . .
             ودائرةٍ
وسواي .

الرياض 12 / 87

سقوط

نعم كنت أعبُر نحو السقوطِ
فما شدني غير صوتك في الليل
والليلُ أوله ساقطٌ في المتاهة، آخرهُ ساقطٌ
في انهمار الرؤى، وائتلاف العصافيرِ، واللونِ ، والتوقِ
في أعين المتعبينَ
نعم كنت أسبر غَوريَ في الظل . . .
أستر وجهيَ بالمفرداتِ :
الغزاةُ سنقتلهم
والحفاةُ سنطعمهم
والحياة كما القلب وارفةٌ جنةٌ زخةٌ من قلمْ .
لئن يسقط الطفل ألف يد نحوه،
والصدور له الفيء والياسمين نعم
كنت أحلم لكنني كنت أتركه عارياً
ليدٍ خلف ظهري تمتد.
ألف يدٍ خلف ظهري تمتد
لكنني صاحب الحلمِ
صاحب راحلتي للسقوطِ
وصاحبها للندمْ .. نعم كنت أعبُر
أنْ جاءني صوتُك العُودُ
وانهمرت نبرة الحزن فيهِ
ومد أصابعه راعشاً كالوريقات
مئذنةً للسلام
له أول القلب. . . آخره، وانعتاق الخيول له
رفَّةُ الموجِ، دفء اليدين، المدى
لغةٌ زادها العاشقونَ وقاتلتي
حين تَسحَبُني للحديث
انهمرتُ
     انهمرتُ
             انهمرتُ.
نعم كنتُ والصوت
والصوت كنتُ
نعم وانكفأتُ
على بحر دم .

الرياض / 83

حالة

يصفعكَ الحزنْ
               الحزنُ
                    الحزن
يعضُّك هذا الكاسرُ
يدميكْ
وتُحِسُّك مولودَ الخوف
وطفل الحزنْ
               الحزنُ
                    الحزن
يا امرأة النار
ويا نار الأسرار
وخوف الحزنْ
كم أطلب وجهيَ
عينيَّ
وأطلب عفَّة هذا القلبِ
ورائحة الأرضِ
وعطركِ
وجهكِ
أطلبكِ اللحظةَ
لا لحظةَ دونكِ
لا أمطارَ سواكِ
يرد الحزنُ على صرخاتِ الحزنِ
وأبقى وحديَ
وحديَ
يقتلني الحزنْ
               الحزنُ
                    الحزن

الرياض / 84

الدليل

غريبونَ
لم نستشر أحدا
ربما مات مِن قبلنا من أشارَ
ومن ضلَّ يبحث في الدرب عن إصبعٍ
ومن ضل في الدرب
دون مكاشفةٍ أو دليلْ .

وحدهُ لم يمتْ
لم يملْ حين مال الصراطُ
ومال على ما يضاءُ الدليلْ .

وحده لم يُمِتهُ التفاوتُ
فاستل دِرعَ الظلام
وكفَّن بالأبيض المتوهج أذرِعَةَ الموتِ
واقتعدَ الشرفةَ البكر صبحيةً ..
والنخيل.
بعيدون
لم نقترب أبداً
ولكنه حين نُسقِط رزنامة المتحدِّر ِ
يصعد في المتجذِّرِ
شارتُه عينه الصَّقر
سلَّمه الصدرُ
والجسرُ
من جسدٍ ماجدٍ. . . ونحيل .

أسمرٌ لم يُشِر
بل أشار إلى غير ما يتوارى
ومن دونما ضجةٍ أو دمٍ
وكالضوءِ
أو مثلما يُتنفس
أشعَرنا بالجواد
وأمطَرنا بالصهيلِ
قريبون لم نبتعد أبداً. .
فإمّا مضى نحو سِدرته صاعداً
صار يُثمر فينا المَوات ُ
ويكبر فينا الضئيل.

الرياض 1 / 1 / 87

بيت

مضى الوقتُ لا عندي من الشعر خمرةٌ
                              ولا جمرةٌ عندي يفزُّ لها الشعرُ

الرياض / 89

النوابت

الفارابي

وحده يبني
ويخلق في فضاء الله
مشروع الولاده .
وحده الآتي
طيورٌ حنطةٌ في الشمس تتبعه
تسرَّبُ من يديه
وتعتلي صمت الإراده .

إلا النوابت ضدّهُ
في العقل
ناثرةً بذور الجهلِ
محكمةً سوادَه .

ابن باجة

النوابتُ سر الفتى
والنوابت سر المدى
والنوابت سر الولاده .

والنوابت محكومةٌ بالصحارى البطيئة
محكومةٌ بالسياط
ومحكومةٌ بالشهادةِ
تلك التي كيفما يشتهيها الغلاة ستمنح
قد كان في غفلةٍ
هكذا قيل
لكنه كان فيما يخبِّئ
منتصراً للحياة. . . على قهرهِ
للنوابتِ في سره
لم يكن غيره والنوابت . . .
لم يكن . . غير حلم الولاده . .

الرياض 27 / 6 / 1986

رجال

في كل مكان
أسدٌ وجياع
في كل صريرٍ يعبر
في الملعبْ
في الليلِ المتعبْ
في السفر اللاهثِ دون جهاتْ
في السهرة خلف الجدرانْ .
فيما يحتاط السجانْ
مرضى من دون نساءْ .

الرياض 10 / 10 / 1986

نحت للجوع

للجوعى
وللمدن الأنيقه .
نحت الفتى تمثاله
من فضة الماضي
ومن جسد الحقيقه .

لم يأته الأبنوس مشتعل البياض
وإنما. . .
جاءته أقنعة الخليقة .

جاءته أمريكا
وكل وكالة جاءت
علبٌ
من الورق الأنيق
قطعٌ من الحلوى
على أكتاف متخومين
جاءتْ
وجميلة لوكالة الأنباء في باريس جاءتْ
إنما. .
لم يأته الماء المظلل بالسوادْ
ولم يجئ قمح البلاد
جاؤوا من المدن البعيده
سرقوا من المثَّال
            تربتَه
                وصخرته
                     وقريته الطليقه .
سرقوه . .
أدخله المصوِّر
كل بيتٍ عامرٍ
وعلى الموائد كان يجلس طابَعا ً
وعلى الضفاف تساءلوا:
من " بلَّ ريقه " ؟ !

الرياض 12 / 1987

أمل دنقل

كلُّ الأيام حداد
لو زرتُك في الصبح
لكنت الأعياد !

لو زرتك في منتصف الليل
لكنت الأولَ من بغداد .

لم يعرف وجهيَ وجهُك
لم يسّاقط ثمر الليل علينا
ما ضمّ نوافذنا
شظف البعد الواحد
يا سيد من كانت مصرَ على شفتيه رمادا
يا مدَّ النيل
وسيد كل الأسيادْ .

كنت أضم جياد الشعر
فينفر من كفيَّ جواد

كان
جنوبيَّ الطلعة
عبسيَّ التوقِ
له الصحراء وما ملكتْ
وجبال الضادْ .

وثَبَتْ عيناي إليه . .

كانت زرقاء البيدِ
تراقب زرقاء النيلِ
وكان النيل مدادا .

وعلى بعد، البعد
ومفرق رأس الشمس
رمى بقيادْ
قطعة خبز كان
قطرة ماء
ظلاً في الشمس
وشمساً في العتمةِ
منديلاً علِّق للريح لكي تعبرَ . .
وتمرَّ بلاد .

الرياض / 86

صالح

هذا الذي أشعل النار في القلب
أشعل فينا التساؤلَ
والخوفَ
دفءَ الصحارى
وحِدَّتها في الشتاء
يلف " الشّماغ " على وجهه
يضع الساعد المتعطش للنجمِ
وضع الوسادةِ
يغفو قليلاً على طرف الأرض
تشتعل الأرضَ
يهتزُّ فيها التواصلُ
تصحو .

هذا الذي حينما نصطلي يتلظَّى
وحين ينام نفزُّ
وحين يسافر في الفجر
نحتال كي نوقف الشمس
نحتال كيما يكون ، ونغدو:
تواشيحَ في كفه
مدناً في انتفاضة عينيه
أشرعةً حين يصبو .

هذا الذي أشعل القلب
يحرسنا حين نغفو
ويحرسنا حين نصبو
ويَسكُننا بالصلاه .

الرياض / 83

بوح

لعينيكِ
للشفة البرتقالْ
وللجامعيةِ تخدمُ في البار
للنادل المتردد خلف ابتسامته
للعجوز الذي فتح الباب ثم استدارْ
( كأن أبي خلف خوفٍ ضليعٍ يحدثني )
للمقابرِ مسكونةً
للزحام الشديد
وللراكضين مع الباص للباص
للسائقين بلا أطرٍ
وللسائق المتسيس
للنكتة البكر
ألقي عليك احتجاجي،
وعذري
وبعض الذي لا يقالْ .

القاهرة 7 / 87

صنعاء

يطولُ الحديث . .
تعود النساء لأطفالهنَّ
وتلهو الصبايا على شُرف الوقت مزَّيِّناتٍ
وصنعاء في ثوبها تستحمُّ
لسجع القرى
والقرى تستجمُّ بعطر المكانْ .

هو الوقت
نصفٌ عذولٌ
ونصفٌ خليلٌ
وبينهما يلتقي العاشقان .
تؤوب العصافير للجبل المتطامن
يهبط مثَّاقلاً نحوها الليلُ :
يا أيها الليل دع عنك ريش البلابل
واختطف الصاج والصولجان .

على باب صنعاءَ
يزدحم الوافدون بآلات تصويرهم
برهة ثم يرتحلون
تظل المدينة في عين عشاقها جنةً
وتظل لمن لا يرى
بعض طينٍ بكف الزمانْ .

ببابك أوقفت عينيَّ
ثم ارتحلتُ
فإما حللتُ
تبدَّى لي الحسن باباً
تبدَّتْ لي المدن الأخريات دخانْ .

صنعاء / 85

شتائم الغبطة

لمَ يا رباط ؟ !
قد جئتُ من جهم التوجُّس
قلتُ : تعرفني المدينةُ
بابُها
أصحابُها
لكنها بسحابها كانت عليّ
أسداً عليّ . .

الأرض مملكةُ الفقيرِ وناسها مالُ الغنيّ. .
لا بأس . . لكن ؟ !
هل أنتِ مملكة الرفاقِ
أَم العرائس . .
والدمى ؟ !

ودعت وجهيَ في دروبك
ثم عدت فلم أجد وجهي
ولا كانت دروبك في الدروب
سوى التجهم والعصيّ .

أَفَمَلَّتِ الأشجار من نزف الغصون
وملت الحلل الحليّ ؟ !

حتى ابتسامات النساء المترفات بغيهنَّ
وبوحهنَّ العاليَ الإيقاعَ
ملت ما لديكِ
وما لديّ .

أَفَجِئتُ من عطشي العظيم
لكي تقولي
والوجوه تقول لي
أشجارك العُظمى
وواديك المعظم:
لا " سلا "
لا فيءَ لك
لم يبق فَيّ ؟ !

من قال أنّا العاشقان
وأنكِ الفرس البهيّ ؟ !

من قال يُعلمُ في معاويةٍ
               ويُجهل في عليّ

من قالَ . . . لم ينعمْ بشيّ !!

الرباط 9 / 93

السد

منكَ الأشياء ودونكَ ضدْ .

*

باب اللغة عظيمٌ ، والبواب عنيدٌ
أوقفني ومضى يتفرّس في توقي إذهب . يا هذا الطفل المتعلق
بالباب اذهب
قدماي تعانده إذهب                     وجهي ويداي اذهب
لكنك ، والبواب عنيدٌ ، تسمح لي
دع هذا الطفل يمر، سيكبر فيّ وبي

*

كنتُ مع الصوت الصارم أنتزع القدمين وأفتح
باب اللغة وأدخل فيك أطوِّف طرقاتٍ أنت بدايتها ، ونهايتها
أنت . من الجذر المخفيِّ إلى ثمر الأسرار المزهر في عين
الدهشة أنتْ
أطوِّف لا يعرفني أحد إلا أنت

*

قادتني اللغة إليك . آويت الأحرف فتشكلت
زاوجت الرمل بغيم القلب
البحر برمل الجسد المحروق
الشجر ببحر الرئتين
آويتك في كفيَّ إلى قلبي الواجف ، فتشكلْت
قادتني اللغة فأَحرقت بنارك قفازات التشبيه
أردتك وطنا ً لا يشبه وطناً . فرداً قادته نسور اللغة
إلى جبلٍ لا يشبه جبلا ،
عال لا تعلو هامتَه الريح .

*

عبر دروب اللغة وقبل بلوغ السد وقفتْ
كان الوطن يكاشفني فوقفت
قال: السد، فقلتُ السد .

*

عند السدِّ رأيت رجالا ً تعلوهم هالات بيض
ونساءً في كتف الجبل يغنين
انتظم الجيش . . تعالت أصوات الريح
كانت أحجارٌ تعلو أحجارا ً تعلو
كان الصخر يئنُّ ، النار اتقدت في العينين ، وصوت النسوة بين
الصرخات الأيدي السد النار الصرخات الهالات البيض
التحمت أعضاء السد .

*

كنت صغيراً
كاشَفني الوطن وكنت صغيراً
فتناثرت اللغة على شفتي . . وتجلّى الغد . . .
                أنتَ الأشياء وغيرك ضدْ .

الرياض / 89

العبارة

كان الصباح مورقاً
وطالع الهواء مغدقاً
وشارع الفضاء مطلقاً
وليس من شيء سوى يديْ وآلة الكتابة:
قلت ارتحال الشمس والفلاح نحو السلة الكبيره
قلت الصغار لاهثون في الشوارع الفقيره
قلت انشطاري والهوى العذري حين تهطل النجوم فوق القرية
الصغيره
قلت المدى . .
حين التفتُّح الورديُّ مشرعاً . لرغبة الندى .
قلت البلاد حينما ينسلُّ منها الصوتُ للصدى
والماء للسراب
والحب للعذاب
والتوق حينما ابتداء عرسها في ساعة ارتقاب
                لساحة الردى
قلت الحروف نبضها
وكيف في الشكل المريع تستحيل وردةً أو قنبله
وكيف في التصاقها اتساع كل شيء
وكيف في انتقالها التاريخ يضمحلْ
كيف لا يطالها الجلاد وانزلاق المقصله ؟ !
قلت الحدود كيف تم زرعها ؟ !
وكيف واقفاً بها قضيت ليلتين شارتي دمي.
وكيف تعبر الحدود في الدَّمِ الذي لم يعرف الحدود
كيف قتلها ؟ !
قلتُ الحروب . . لم أنم .. ولم تنم
وبات لفحها يحاصر العباره . . .
. . . لم تكمل العباره !

الرياض / 85

المراثي

(1)

للجبال أيائِلها والقرى
للثريا عيون الثرى
للرماد انحناءُ المكِبِّ على جمرهِ
       وللقلب المحب الصقيعُ .

قطيعٌ من الفلوات . . . الهمومِ يمرُّ
وكم ذا يمرُّ
وكم ذا قطيعُ

وكم من جبالٍ بمنتصف العمر
أشعلتها بالقصائدِ
ماذا أرى ؟! ما يُرى ؟!
ما الذي أشتري ؟! ما اشتريت ؟ ؟!
وماذا يُباعُ ..
وماذا أبيعُ ؟!

نعم إنها الحربُ . .
إني بذلت لها كل ما أستطيعُ
وإني لها الحربُ
أزُّ الرياح فرادى
وفزُّ الجهات جميعُ .

خطبتُ لها العاديات السرايا
وأسرجت روحي لها وعظيمَ النوايا
وسيجني حبها ، بحرها ، والبقيعُ

نعم إنني الحرب
خالصةً للدماء
ومخلصةً للسماء
إذا ما تسمت بأسمائها السبعُ
إن ظَلَّ طفلٌ على فطرة الأسوياء ..
               وضَلَّ القطيعُ .

تمر به الريحُ حاملةً ما تشاء من الجندِ
مُقْلِبةً ما بدا ، أو تهيّا لحافرها الصَّلدِ
ماذا الشتاءُ ؟!
وماذا سيمنحُ أكمامَه في الربيعِ .. الربيعُ ؟!

نعم إنه الحبُّ
إني بذلت له ما يريدُ
فحاربت باسمكِ . .
ثم قُتِلت ، وباسمك
لا تسأليني عن الذنب ، مانحة الدرب
إن القتيل قتيل على الضفتين
وإن الشهيد شهيدُ . .
وإن الشفاعةَ قائمةٌ
                وشفيعٌ هواكِ . . وقلبي
               ولَلْجَرحُ في كل قلبٍ شفيعُ .

(2)

السموات دونكِ
فلتقطفي للسماء سماءً تظللني
ثم في بهجة الخطوِ
خطي امتداداً لعينيك غيما ً جسوراً لعينيَّ
إن الغيوم التي تعرفين استقالتْ
وتلك التي تجهلين استمالتْ               سراباً فمالتْ .

لكم ظل في الأرض ما يسند العودَ
كم أثخن الطفلَ طفلٌ
يحاول أن يجمع الماء من بهجة النهر
مختَطَفاً آثماً :
                الجيوش معي
                ثم إني لمَنتصرٌ
غير أن القلاع تهاوتْ
ولم يبق غير الرمال البهيمةِ
خطْف الفراشات
كفُّ الموات عن الموت
كفَّان جاهزتان ولا قطرةٌ للغنا ء .

خليفة كل النساء
وهامة كل الرجال
                السلالات دونكِ
ما يفعل المرء حين يشيخ وما زال طفلا ً . .
يحاول أن يجمع الماء من مهجة النهرِ
كفان جاهدتان
ونبع من القلب حتى انحناء الهواءِ
إذا ما احتفى بالطوالعِ
والباسقاتِ
إذا ما تسلل عبر الخلايا
وفجر في هدأة المرء أوطانه
إذ يمر خفيفاً . . عنيفا ً
وتُفتح كفّان جاهدتان
ولا أثر للهواء ؟ !

(3)

مطرٌ
تطاردني القصيدة أستجير بمعطف الماضي
فأخرِّب الأوقات
وأسرِّب الأموات من فلواتهم
وأرتب الجُلسَاءَ للقاضي .

لا لم يجيئوا بعد
لكن المقابر في تلفُّتها تضيء ملامح الزوار
ما جاؤوا
ولكنَّ البياض يحلُّ سرَّته
فتخضرُّ الحمائم حاملاتٍ رزق عشاقٍ تناؤوا
                لكأنَّ في العينين ما يكفي عن الديباج
                في الأغصان ما يُغني عن الأطراف
                في حجل الإحالة ما يُحلُّ القلب من دمه
وما جاؤوا ..

جلسوا على الأحجار ينتظرون
أن تصل القصيدة من سحاب الرمل
أن يصل المغني صوته بالرعد
أن تلد البروقُ لكي يرى الأعمى .

مطرٌ . .
تطاردني العواصم لا أرى منها
سوى أشباحِها
ونخيلها الذهبي منفياً على طرقاتها العذراء
حيث الناس لا يمشون
وهْم تراثِها في دلَّة البدويِّ
محموساً على الأوطان .
وأكاد ألمح وجهها في أعين الشعراء
مسحوبين من آذانهم
في أعين البسطاء يحضنها التراب
ولوعة الجدران
مطرٌ . .
تطاردالحمائم ، والذئاب ، وخِسة الندماء
لا ليلٌ تجلى لا نهارٌ مهَّد الطرقات
للموتى قصائدهم
وللأحياء فسحة أن يموتوا
أن يطلَّ نشيدهم عذبا ً جريحا ً كاسراً
من جوع عينٍ
من دمٍ غضٍ إلى نهل المسامع :
                يا حمائمُ :
                يا حمائمُ : أطلقي السجناء .

الرياض / 92

العدو

سأكتب فيما يثير العدو ، سأغتاله بالكلام الذي ليس يألف أغتاله
بالغمام الذي ليس يعرف، أغتاله إن أتى رافعاً بندقية أجداده
بالسلام . . وأغتاله إن أتى . .
سأكتب عن وردةٍ أمس قابلتها توقظ الصبح هامسةً ، ثم تلقي
بأسرارها للعصافير مهملةً بابها
غير أن الذين يجيئون لا يعرفون الطريق إلى قلبها. .
غير شوبان منفلتا ً من عقال الردى سابحاً في ارتعاش الهواء على
خدها
يخرج الصمت من صمته ، ويعيد الموات إلى موته . .
والهديلَ . . إلى شاحبات الحمام . .

سأكتب عن وردة الوقت ، رمّانةٍ نصف مجنونةٍ
صدرها النبع ، أيامها معقل العاشقين اليتامى، دفاترها بوح
مستندَينِ على نجمةٍ ، خوفها خطوات الرقيب إذا حاصرته الشكوك
مواعيدها : كلُّ عامْ .

سأكتب فيما يثير العدو، وأمتدح النار في لغتي ، والجليد ،
وألعن هذا الحياد المخاتل في عقل حراسها .
سأستلُّ نصفي ، وأنسلُّ من بين مزدوجين
إلى لغةٍ نصف مجنونةٍ . كلما حاصروها استدارت على نفسها
وأدارت رحىً حَبها حُبها ليت لي قلبها
لأذيع على الناس حبيْ
وأرفع نخبي كما عودتني النجوم وشاغَلني عن سنيني الغرامْ
سأكتب . . .
لو طرقوا الباب أَخْبرهمُو : ليس في البيت من أحدٍ ، فإن كسروا
الباب قدهم إلى آخر الشكِّ ، إن خرجوا
أرجِع الباب للباب ،
والمائلات لأوضاعها
إنني شبه مبتهجٍ سوف أكتب فيما يثير العدوَّ وأرضى من الليل
بالليل فيما يثير العدو الكلامْ .

الرياض / 1989

المغني

أنا أَول العاشقين وآخرهم
سقطتْ نجمةٌ عند بابي
صرختُ ثيابي
نزعتْ من شبابِي الطفولةَ
أََدركتُ أَني
على غيِر ما أستَسيغ أغني

إلهي أَعنِّي
أأبكي ؟!
أَكلُّ الذي يفعل المرء فِي صمته أَن ينوح ؟!
أَكل الذي في البريِة يُحمد ؟!
إِني اتخذتك همي
وساءلتُ نجم العشية قُدني
أَبي ليس يعرف
أمي مضتْ
فمن ذا سيرفع رعب العبارة عنِّي ؟!

وماذا يظلُّ ؟!
ومن ذا على هدمه سوف يبني ؟!
ومن ذا على ذمه سوف يُثني ؟!
بلادٌ أحطتُ بها لم تحطني
وأهلٌ كما الماء في الماء
لا دهشةٌ في الغياب
ولا دهشةٌ في المآب
ولا دهشةٌ في التجنِّي .

سأذكر ما ليس يُذكرُ
إني افتقدت البراءة
حين افتقدت التمنِّي
فقد كانت الأرض
ناعمةً . . والطفولةُ
                مجنونةً . . والليالي
                مهادنةً كالتانَّي
وكنا نغني . .

ولكنما الوعي أفسد بوح الشجيرات للماء
                بوح الحقيقة للحق
                بوح المدانين بالدين
                بوح العصافير صادحة دون مَنِّ .

وماذا يظل ؟!
                الحقيقة . .
                أم جفوة الرمل ؟ !
                هجس الفجيعة . .
                أم هجعة المطمئنِّ ؟ !

أيا أيها الوعي
                يا أيها الوعي
                أفسدت ذوق المغني !

الرياض / / 1987 م

رحلة الماء

إلى محمد العلي
وحدكَ الآن
أوان العصافير أن تُفرغ الأغنيات
على مفرق الصمت
أوان البيادر أن تستريح على جسدٍ من هواء
لوجهك والبحر أمنيتان :
أن تكون البداية
أن تتملى النهاية مبتسما ً
                ترقب الحرث
                تحتطب السانحات
وحدكَ الأن
والسِّيف مرتهن
وجبانٌ هو الحب
عاثرةٌ خطوة الأبرياء .
وجبانٌ . . جبانٌ
هو القلبُ
إمَّا رأى أنْ أوان الجهات الوئيدةِ
أن تستحمَّ بكفك
حاول فيك لتنثرها
كي تعود كما أنت :
                لا مشرقٌ مِلء عينك
                لا مغرب ضارب في الرؤى
" أيا زرقةً علمتنا الأناشيد "
وأشعلت القلب
فأشعلت في الجبين القرى
ترحل الآن ؟
ها قد رحلتَ
فكيف تسلم دفء الصحاري لوجه الغريب ؟
وكيف ستترك غزلان عينك خلف الكثيب
وتترك خلجان قلبك دون حليب ؟
وأمك ما علمتك سوى الصبر
يا الصبر إنا انتظرنا طويلا ً طويلا ً
                وما من مجيب .

*

محمد لا تبتعد
محمد والناس غيلان هذا الزمان اتئد
لأنهمُو لم يمسوا أصابع قلبك
ما لامسوا الخافيات اللآلئ
لم يرحلوا خلسة في اشتعالك
ما عانقوا الرعب ، لكنهم صفقوا . .
لأوجهه المشتراة وأوجهه المستعارة
                لا تبتعد

تصرخ الآن : " لا ماء في الماء "
لكن ألف صدىً عطِشٍ
مياه يديكَ يرِدْ .

*

ومنزويا ً كنتَ
محترفاً في ابتعادكَ
محترفا ً في اقترابكَ
بالزمن الغضِّ من حجر الماء
هذا الذي يتكسَّر بين أصابعهم
وتريد له :
نوافير شاعلةً ،
وحدائق من سندسٍ ،
وجبالاً من الحب ،
أرصفةً من سماء
وتريد السماء
                شواطئ
                ترسم لوحتك الأبدية ثم تمزقها
                كي تعود لترسمها
                أيُّ شمس تعالت عليكَ ؟
                إنهم يعبرون مرافئها
بقواربَ من خشبٍ
أنت أشعلت بهجته بالبحار
ولكنك الغض من شجرٍ
لم تزل غربة الشك فيك
وما زلت مبتعداً
يُغضب القلب فيك الرضى
ويحوْل الندى
بين توقك والورد
" لا ماءَ في الماِء "
وها أنت والحلم مجتمعٌ ملء كفك ، والضفتان
                                مدانْ
                                وحدك الآنْ
                                لا أنت ترحلُ
                                لا هي ترحلُ
                                ممتلئان
                                بهذا الذي يجعل الشك
                مبتعداً
                                وقريبْ .

الرياض 4 / 87

خديجة

جاءت خديجة
طلعتْ فتاة الليل من صبح الهواء ، فأورقت تيناً وزيتونا ً وألقت
للنخيل تحية الآتين من سفرٍ فأينعت الوجوه شقائقاً ونمتْ
حبيبات الندى مطرا ًَ على تعب القرى
قمراً على الباب العتيق لعالَمٍ نسي الحديث الطفل ، والكلمَ
المذابَ مع ارتخاءِ النهرِ أولَ ما ظهرْ
نسي القمرْ
نسيَ التطلعَ للقمرْ
طلعت على مد البصرْ .

جاءت فتاة الليل من صبح الهواء فأسفرتْ
دخلت على الأطفال موالا ً، ومالت للحديث فأزهرتْ
قرأت كتاب الله وانتثرت على الكلمات دفئا ً أسمرا
قمراً على وجع القمرْ.
دمعتْ . . . مشتْ
مشت الدروب على خطاها واكتفتْ
بالصمت حين تحدثتْ :
اللوح أسود
فاستروا عري البلاد وسوأة المدن اللقيطة
واحتموا بوجوهكم
وتبينوا أن جاءكم نبأُ
هذا أنا تعَبٌ ، ومرساةٌ ، وقيدٌ رافضٌ للقيد
( من يزرع قلوب الناس يُحصد : ذا زمان الحصد
من يسرق يُجازي بالتي . . . )
وضعت يديها فوق نافذة الكلام وأسرجت خيلاً
لعنق الشمس
واحتفلت بميلاد الحروفِ
وأطلقت عصفورها للبوح في طرق السماءِ :
لا تزرعوا قمحا ً من قبل أن يجد الفؤاد طريقة للناس . .
لا تركبوا بحرً من قبل أن يجد الحمام مكانه في القلب. . لا
لا تطلبوا أجراً على وجع الكلام ، وحرقة القلب المضرج
قبل أن يفد الحمام .
قالت . . وأسدلت الكلام .

تتذكر الآن البدايةَ
مفرق الطرق القديمة . .
كان " شام "
( إن تغرس السكين في الظهر ستغرسْ
ألف سكين بظهركْ )
جلست على طرف الكلام
هذا معاويةُ الذي . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ويضج طفل البوح في فمها ويشتعل الكلام :
لا تقرأوا التاريخ
زيفٌ ما يسطِّره الذيول
كفاكمو زيفاً على زيف ٍ
سنيُّ العمر مرت ما قرأت حقيقة
مرت كما مرت على الصحراء صائفة الغمام
تعبٌ وحال الناس في الأرض التعب
أن جاءكم نبأ ٌ. .
فهذا ساحل الرؤيا وإن عجَّت به ريح الشمال
تظل أصوات النوارس ، صرخة الحيواتِ ملء رماله
فتبينوا أن جاءكم نبأ .
دخلت على الحجرات في القلب المشاع
وجدت رماداً
ملؤه وطنٌ ، وأسئلةٌ تثار ولا إجابة في المنابر
لا إجابة في رحيق السيف
وجدت نخيلا ً واقفا ً بالباب منحنيا ً
جداولَ جف فيها الطين
أسرابا ً من الوجع المهاجر
لا أمان
ولا مكان
ودمعتين نوافذ التوق الذي أدمنته عاماً فعاما ً
ثم نمت على الحجارة .. لم أخن
كشفتْ وكم كشفت عن الأوراق في حجراته
وأنا أصيح : قصيدتي وجه الزمن

صرختْ . . صرختُ وما فتئتُ أردد الصلوات في روحي
وأسترق الوطن :

كلا وربِّ السيف والكلمات والمدن الخرافه .
ما ناشني فرحٌ
ولا دونت اسمي في دواوين الخلافه .

مضت الفصول
خلعت جلدي
يا بلادا ً باعها السمسار للسمسار
وأستبق الغزاة إلى ملابسها
وتجار الصحافه .

لهفي على وطنٍ يغادرنا
ليسكن في المحافل والفنادق
تترك الصحراء أنجمها
وتبحر في ملفات العويل
وواجهات النشرة الأولى
وأقبية الفراغ
وتترك الأنهار أبناء القرى
لتنام في برك السباحه .

طلَبتْ موانئ
فتَّشتْ في السفْن عن وطنٍ بديل
تعبتْ من البحث الطويل
تعبتْ من الركض الذي يمتد من فرح الأجنة
وانطلاقات الجذور
إلى انحناءات الكهولْ
تعبت من الوطن البخيلْ .

وطنٌ سرابْ
غابٌ من القيم الخرافة
وانتماءٌ مرَّغ الوحل به أنف السحابْ
وطنٌ
عيونٌ فيه تستسقي
وتُسقى جمره
جيفٌ تفتش عن غرابْ .

وطنٌ ترابْ
يقف النخيل وكم يطول الوقت بالنخل
وكم ينأى السحابْ
وطنٌ ضبابْ
إن تدرك الأطراف تدركْك المنية يا معذب
فالتئم بالتربة العذراء
وليكن الغيابْ
غابٌ وغابْ
لا أرض في الأرض التي تهب السوادْ
لا أرض في الأرض اليبابْ
وطنٌ ترابْ
وطنٌ ضبابْ
وطنٌ سرابْ
سرابْ
سرابْ

طلبتْ مداداً
جف ماء البحر
صرختها استحالتْ نبتةً في غرَّة الصحراء
دمعتها استحالتْ قطرةً
( الغيث في الصحراء لا يأتي
إذا تعبتْ أكفُّ الريح وانهزم الجوادْ ) .

طلبتْ مزيداً من مدادْ
وطلبتُ منها أن نكونْ
أبقيتُ في يدها يديَّ
فكفتْ الدنيا عن التجديف
ذا بحرٌ
وقفنا
والسموات انتهتْ فينا
وكنا راحتين تحوطان الشمسْ
شفةٌ وشمسْ
لغةٌ ترطِّب مبسمين
حمامةٌ ترتاد ساحتنا
نُحِبُّ
نُحِبُّ
يا الله نحن الحبُّ
نحن الصرخة الأولى
ولون الماء والأشياءْ .
لوَّنا الجداول
فاستدار الماء بالأسماك
واحتفلتْ على يدنا بميلاد الهواءْ .
و لوَّنا البلابل في صباحٍ غائمٍ بالحب
أسكنَّا حناجرها مفاتيح الغناءْ
و لوَّنا القبائلَ
ذاب فصُّ الملح
والصحراءُ
من بحرٍ إلى بحرٍ
وهبناها مساء الخير ، والكلمات
فرحتَنا
نُحِبُّ . . نُحِبُّ
دفءَ اللحظة الأولى
وطعمَ الخبز ممزوجاً بطعمِ الرمل
وجه النخلة العفويَّ
نحن الحبُّ
نحن الحبُّ
ما كذَب الهوى قسما ً
ولا كذَبتْ يدان تحوِّطان الشمسْ
جاءت على شفةٍ وشمسْ
طلعتْ خديجة من تفاصيل الهواء فأشرقتْ
ونمتْ على يدها القرى
ونما الهوى أبداً
وما كذَبَ الهوى
كلا وما كذبتْ تراتيل القرى .

الرياض / 1983 م

على الرمل الشرقي
إبحار مضطرب في الذاكرة الرملية

" أيها الصغير
ماذا ستترك لنا هذه المرة.
فأنت ترقص على هذه الأرض
لأمد ٍ قصير. . "
كات ستيفنز / 1974

هاجس

ساعدني
أن لا أصبح مكسورا ً
أن أملأ عطشي من ماء النهر الخالد
أن أورق في الظل وفي الشمس
أن أنقل قلبي عبرك لا ضدَّك
ساعدني
أن أصبح لكْ .

فاتحة

روحي على شفتي
وأعرف أنني أوغلت في القول المحرَّم
فاستحال الضوء جُزءاً من تفاصيلي
وشئتُ ، ولم أشأ
شاء الإله
وعَنونَ الإبحار قافيتي
رمتْ بحذائها البدويّ
فاستحلفت طيَّا ، والمضارب أن تظلَّ
تركتُ ما لا يَترك البدويّ
ماذا يَترك البدويّ ؟ !

روحٌ على شفةٍ
تَدافُعُ مهجةٍ
لكأنما روحي على شفتي ، تَدافَعُ مهجتي
ودمي
وأرتشف السؤال .

صوت

وطن أم كفن ؟ !

صوت
قالوا نصب الزيت
قال الزيت
من جسد النبات أتيتْ .

صوت
في الساحة كانوا يرتعدون
في الساحة صاحوا :
الحربُ
الموتُ
الأمّه
الطفلة تحمل دميتها
تحضنها
في الساحة كانت
وأنا في الساحة أحضن دميتها
وأشد على يدها معها
والساحة ترقص في عينَيْ طفله
أتراها تعرف ؟ !

صوت
لم تأتني الدنيا على صحنٍ من الفضه
جاءتْ كما الومضه
جاءت إذا ساقان
دغدغتا غرور البحر
ساقاها
يصفق طائرٌ نحو السماء
فيخلج البدوي في نفَسي :

أنا الآتي
أنا الآتي
يداكِ . . يدايَ . .
والرمضا ..
أنا القلعة .

صورة
أقسم بالله الحاضر في خفقان القلب
وفي كلماتٍ تحترق اللحظةَ
فوق ثنايا اللحظةِ
تخرج من دمِيَ الآن
أقول :
رأيت النخلة في بغدادَ
الوجهَ النجفيَّ المحروق
الناس إذا ما امتدتْ
حجرات الفندق في الدور السابعِ
للمقهى في الشارع . . للشارعِ
أعرف كم حزنٍ يصهر هذي الأفواه الجائعةَ
البسمةَ إذ تصبح بركانا ً
أعرفُ ..
لكني في الدور السابع .

صوت
تعلمنا البلاد بصوتها الرسميّ
أن نحيا
لكي نحيا
وأن نرضى بما يأتي
كموج البحر ترغمنا بأن نبقى
نردد صوته الأزليّ .

صوت
ونضحكُ
نرفع صحتنا للفضاءْ
ننتشي بالغناءْ
يرفع الآن ساعدهُ
كي يعمِّق حفرتهُ
ذلك الولد المشرقيُّ النديّ
بين إصبعه والزنادْ
تستحيل البلادْ
ساحةً للحدادْ
ساعةً . . وتنامْ ..

صدى
( يداكِ . . يداي )
هل صدق احتراق الشمس في كفيّ
وهل كذب احتراقي
أم كنتُ ملبوسا ً بشيطانٍ يهدهدني
إذا ما غاب نجمٌ ، واختفى وطنٌ
أنا الآتي
أنا الآتي

حلم
تنْظُمُ منْ وَرَق ِ الشجَرِ اليَابسِ عُشاً لِلْقادِمْ
ترفعُ عيْنَيْها لِلْقادِمْ
تنْقشُ كفَّيْها بالحِناءِ
تمُدُ يدَيْها لِلْفُقراء ِ
وَ تحْملُ خارِطةَ الجنَه ْ
ودَفاتِرَ تاريخٍ قادِمْ
يسْكُنُها القادِمُ . . تسْكنُه ُ
تسْكُنُ في الجنة ، والقادمْ

صوت
نبْتٌ صباحيٌ يشُقُّ الأَرْضَ
تبْصرُهُ الرياحُ عشيةً
لكِنهُ يبْقى أَمامَ الريحِ منْتصباً

دبي / 1984

كِسرة الماء

خسرَتْ قبْلكَ الرومُ
والفرْسُ خاسرَةٌ . .
والذئابْ
أيُّ حزْنٍ توَلاكَ
ايٌ كسَاكَ
وأيٌ خلعْتَ عليه الثياب ْ؟ !
ثم ما وَحْشةٌُ
أيها الشَّنفرى الذئْبُ
ماذا الخطاب ْ ؟ !
السهامُ كتابْ
والسلاَمُ كتابْ
والقصائدُ من عهْدِ آدَمَ
والماثِلاَتُ الكعابْ
والكؤوسُ الشفاهْ
والبلادُ المياهْ
والأَجنة ُ، والأَهلُ ، والطيبون َ
الصحابْ
والأَغاني العظيمة ُ حدَ البساطة ِ
والطيرُ. .
من هدهد الحكْمَةِ المسْتعارَةِ
حتى انشداه العبارةِ
حتى الغرابْ .
والنساءُ اللوَاتي وَرَدْنَ القصائدَ ذَاتَ
حجابْ
والجيادُ على طرَفِ الضادِ
والضادُ في ضجَّةِ الحضْرِ
في ضجرِ البدْوِ مُسْتسْلمينَ ، وُقوفاً على غيْرِ بابْ
واتساعٌ على ضيقِ ما يتجلى
وَأنْتَ على وَحْشَةٍ تتملى
فكيْفَ على وَحْشَةٍ
سوْفَ تبْدَأُ يا سيدَ العاشِقِينَ الكتاب ْ ؟
وكيْفَ تقصُّ على الحاضرينَ بحُلمكَ
عرْفَ النجاب ْ ؟
وما الشعْرُ ؟
ما حضرَةُ الشاعرِ العذْبِ
في حضرَاتِ العذَابْ
وما الصمْتُ ؟
. . . .
أَتلْك َ الحبالُ التي تتدَلى أفاع ٍ
أمَ ان الجبالَ التي تتجلى رِقابْ ؟
لمنْ هذِهِ الحبلْ ؟
ومنْ هذِهِ المرْأة ُ العالقة ُ ؟
نشرْتُ القصيد َ
ومكنْتُ نفسيَ من كسْرَةِ الماء ِ
إني اغْتسلْتُ جَمِيعاً
وما ظَل فِي جَسَدي من ظَلام ٍ
وما ظل بَابٌ عَلَى يَدِهِ سَابقه ْ

لمَاذا الحِبالْ ؟
لِمَنْ جُثَّة ُ الإِكْتِئَاب ؟
عذابٌ
وتعْرفُ أن العذَابَ عَذَابٌ
ولكِنْ . .
إلى أي قبْرٍ عَظِيمٍ سَيَخْتتمُ الله ُ هَذَا العَذَاب ْ ؟

لمَنْ تطْلِقُ الشعْرَ ؟
ما ظل منْ شجَرٍ يَتمَاهَى
وما ظل مِنْ شرَرٍ يَتبَاهَى
عَلَى غفْلةٍ مِن جِبَاهٍ ترَاهَا
وكُنْتَ تودُّ بأَنْ لا َترَاهَا

لمَنْ هذِهِ الكأْس ؟ !
لمَنْ هذِهِ الرأْس؟ !
وكيْفَ يغني بحَضْرَتِها شاعِرٌ لا يُثابْ ؟ !

لِمَنْ يُكْتبُ الآنَ ؟ !
لنْ أَكتبُ الآنَ عَنْكَ
ولنْ أَستفِزَ الليَالي
وتعْرِفُ . .
يا حابس َ الطيرِ تعْرِفُ . .
أن اليالي
كِلاَبْ .

الرياض / 92

خلف فاصلة

يرتمي قاتلي
قادِمٌ مِن بَعيدْ
برْكةُ الوَقتِ هَادِئةٌُ
ثم
ترْمِينَ بي حَجَرا
برْكةُ الوَقتِ مَاثِلةٌ لِلدوَائِرِ
والقاعُ يَمْتصُّني
سَابحٌ نحْوَهُ
سَاكِنٌ لاَ أَحِيْدْ
وسارِحَةٌ أنْتِ مِثلُ الدوائِرِ
لمْ تترُكي أَثرا .
سَاكِنٌ شجَرا
سَاكِنٌ وسَعِيدْ
لِلْمَدينةِ بَابٌ
لِعَيْنيْكِ بوابَتانِ
تشكلُني أُطُرا
إنْ دَخَلْتُ سَكَنْتُ
وإمّا توَقفتُ كانَ الزمانُ أمَامِي :
أُصَيرُهُ زَوْرَقاً
ثم أُبْحرُ في هَدْأةٍ
إنْ بَدَا لِي رَجَعْتُ
وإن شئتُ أوغلتُ
أو شِئْتُ صَيرْتهُ مَطَرا
ومَاذَا
لو اني
أَتيْتُ
إليكِ
عَلى عَجَلٍ
مَطَرا. .
وأَلْبسْتُكِ العِيدَ
أوْ جئْتُ مُسْتترا
لألفكِ لف الهواءِ
وأَسْكنَ مِنْكِ الدمَ الحَذِرَا
أيْنما كنْتُ
أو كيْفما صِرْتُ
لا شيْءَ يحْجُبُني عَنْكِ
منجذبٌ نحو عينيكِ
لي الماءُ
وَالغرَقُ المُسْتحَبُّ
وهذَا السُكونُ الفريدْ

*

لمْ تنمْ ليْلتي
الرفاقُ تخلوا عَنِ القول ِ
واجْتمَعُوا خلفَ فاصِلةٍ
كانَ لاَبُد لي أنْ أنامَ
وكانتْ يداكِ عَلى تعَبي
ترْقبَانِ الهوَاءَ
إلىَ حيْثُ يفترِقُ الشارِعانْ

*

مرةً في الفراغِ رأوا بارحاً
قال أولهم : إنه النهر
قال من كان مستسلماً : إنه الدهرُ
قال ثالثهم : إنه الوهمُ
وافترق الشارعان .

*

تشْرَبينَ مَعِي المَاءَ
قطَّرْتُ أَوْرِدَتي
وَسَقيْتُ دَمِي
ليْلةً . . صِحْتُ ان الذِي يَرْتمِي
خلْفَ فاصِلةٍ قاتِلِي
وَوَهَبْتُ لهُمْ آخِرَ القطَرَاتِ
وَودعْتهُمْ بالسلاَمْ
مَعِي المَاءُ
هَلْ تشْرَبينَ ؟
أُعَانِقهُمْ وَاحِداً وَاحِداً
وَاحِداً
وَاحِداً
خلْفَ فاصِلةٍ
كانَ ظهْرِي إلى البَابِ
عَيْناكِ مُتعَبَتان ِ
معِي المَاءُ
لاَ بُدَ أنَكَ عَطْشَى
ولاَ بُد لِي أنْ أنامْ

*

الصَبَاحُ طرِيٌ
وأنْت مُهَادِنة ٌ
لمْ أشأ أنْ أُفيق َ البَنفسجَ
مُسْتسْلِمٌ لانهمار النوافِيرِ يَجْتاحُني
والندى يُوقِظُ الوَقتَ
عَيْناكِ مُغمَضتان عَلى تعَبي . .
لمْ أشأ أنْ أُفِيق ْ . .
البَنفسَجُ مُرْتهَنٌ
وَالصباحُ رَقِيقٌ . . رَقِيق ْ
كمْ صَبَاحٍ سَيَأتي ؟ كمْ سَيَمُرُّ ؟
وكمْ نتذَكرُ ؟
عَيْناكِ مُغمَضَتانِ
الندى يُوقِظُ الوَقتَ
عَيْناكِ تضْطَرِبَان البَنفسَجُ يَنسَلُ فِي لحْظَةٍ :

( طَائِرَانِ لنا الصحْوُ
قبَّلتها عَنْ زَمَان ٍ مَضَى
عَنْ زَمان ٍ يَجيءُ
وقبلتها زمني
كُنتُ أمْسِكُ بالوقتِ فِي قبْلة ٍ
وأفكُ يَدي
لأقبِّلَ ثانِيةً
لمْ يكُنْ بيْننا غيْرِ هذَا الصباحِ
الندَى يَطْرُقُ الوَقتَ. . قبلتها )
لحْظَة ٌ
ها أنا مُمْسِكٌ بيَديْكِ
وها أنْتِ . . لمْ تبْرَحِي
والصبَاحُ طَرِيٌ
وعَيْناكِ مُغمضَّتانْ
. . .
الرفاقُ تخلّوا .

الرياض / 86

العبسي يحاصر الذاكرة

مُلقى
وعَبْلة ُ لا تفارقنِي
لكأنَ رأسي خِدْرُهَا
وَيَدَيْ أصَابعُهَا
تزيل ُ الليلَ عَنْ عَيْننْينِ واسِعَتيْنِ
أقرَأ ُ فِي سَوَادِهِما وأكتبُ حَين َ أكتبُ دَمْعَتينْ :
خِدْرُها وَطَنٌ
وعَيْناها يَدَانْ

مُدُنٌ تعَلمُكَ الكِتابَةَ والحَدِيثْ
مُدُنٌ تعَلمكَ الرهَانَ، وَكيْفَ تخسَرُ فِي الرهَانْ
ترْكضُ مِن طُفولتِكَ الفقِيرَةِ
وَارتِعَاشِكَ فِي الحِجَازِ: " الطائِف " الجَبَليُ
والمَاء الرضِي
إلى ارتِعاشِكِ في سَوَادِهِما. .
زَمَانٌ غامِضٌ
والجُوعُ ودْيَانٌ مِنَ الحُزْنِ الحَثِيثْ
لكنّ عبلةَ لا تفرّط بالحديثْ.

*

يا عَبْلُ بي جُوعٌ وَطَرْفِي لمْ يَنمْ
لاَ السيْفُ سَيْفِي فِي الغبَارِ
ولاَ القدَمْ
فعَلاَمَ يحْتاطُونَ مِن لوْني
وَيُرْعِبُهُمْ لِسَاني
وَأنا السنِينُ تمُرّ لمْ أبْرَحْ مَكانِي
وأنا القصِيدَة ُ لمْ تتِمْ ؟

*

مُلقىً
حِذَائِي تحْتَ رَأسي
وَالسمَاءُ خفِيضَة ٌ
وَلصِيقة ٌ بفمِي
وَدَمِي تعَطلَ عَنْ مُجَارَاةِ الهَوَاءِ
فمَنْ يُكفنُ أنجمي السَقطَتْ
وَمَنْ ذَا شافِعٌ لِخطِيئَةِ الأعْرَابِ
مَنْ يُؤوِي الفجَاءَة َ
فِي نهَارٍ طَلّق َ التارِيخُ دَوْرَتهُ
وَتقاسَمَ الأحْزابُ ثوْرَتهُ
فمَا مِن جذْوَةٍ لِخطَايَ
مَامِن رُقيَةٍ لَخطَى الصباحِ المُظْلِمِ

*

. . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . .

*

قطْعَانُ قلْبي
لمْ تجدْ مَرْعىً يَليقُ بجَائِع ٍ
وطُيُورُ عَيْني ِ دُوْنَ مَاءْ
الآنَ نعْرِفُ سِرَ هَذَا الثقبِ
فِي جَسَدِ السمَاءْ.

قَطْعَانُ قلبي دُوْنَ مَاءْ
الآنَ نعْرِفُ سِرَ هَذَا الرُعْبْ
قِطْعَانُ قلبي وَالْعَصَافِير الصغِيرَةُ دُوْنَ مَاءْ
الآن َ نَعْرِفُ سِرَ هِذي السُحْب

قِطْعَانُ قلْبي دُوْنَ مَاءْ:
أسْلمْتُ مَاء َ قصِيدَتي
لِقوافِلِ الفقرِ البَطِيءِ
وكانَ أوَلهَا فمِي:
يا دَارَ عَبلة َ بالجَوَاءِ تكلمِي . .

الرياض / 87

منازل

لنا الخيل أعْرَافُهاَ وَالصهيلُ
إذَا مَا ادْلهمَّ بنا ليْلُنا .

وَكنَا ننامُ عَلى طرفِ الرمْلِ أوْجَعَنا رَمْلنا .
وَكنا عَلى الرمْلِ نرْسُمُ بَيْتاً
وَدَرْباً وَحِيداً
وفِي الظلِّ
نرْسُمُ ظلًا لأِحْلاَمِنا
وَكنا نمُرُ،
وَكانت شِمَالِيةً إذُ تمُرُ
فتمْحُو أصَابعَنا
لنفيقَ عَلى مَنْزِلٍ فِي الهوَاءِ لنا.

لنَا مَنْزِلٌ فِي المَقابرِ
أنبأنا سَيدٌ فِي السُكونِ
وَأرْشدَنا الجُوعُ للمَائِده ْ.
أطَعْناهُ حَتى الجدَارِ الأخِيرِ
وَجئناهُ بالمَنْطَقِ المُسْتدِيرِ
وجئناهُ بالأحْرُفِ البائِدهْ .
لنا نُزُلٌ غيرَ أن الغرَابَ
يُقاسِمُنا القَبرَ وَالشاهِدهْ .

لنَا مَنْزِلٌ فِي السمَاءِ امْتطَيْنا الرياحَ
وَقلنْاَ وَدَاعاً لأِسْمَالِنا

تنوءُ السَفائِنُ بالحِمْلِ
أنا أخذْنا مِنَ الجُرْحِ زَوْجَيْنِ
مِنْ وَقتنا لحظَتيْنِ :
الوِلاَدَةُ
وَالعُمْرُ : جَمْرَتهُ ، وَتوَابيْتُ آبائِنا .

تمِيدُ السَفائِنُ ، وَالَبرْقُ أعْمَى
وَليْسَ لنا فِي ارْتِحَالاَتِنا غيْرَ أسْمَائِنا.

يَقولُونَ إن لنَا مَنْزِلاً. . . لاَ نرَاهُ
لنَا مَنْزِلٌ ليْسَ يُبصَرُ
إلاَ بأعْيُنِ أعْدَائِنا

الرياض / 88

سطوة النبلاء

وَأعْرِفُ أوْردتِي لا تقِيلُ الضَحَى
ولا تفرشُ الليل َ للعابرينَ جُفوناً مِنَ الغيْمِ فارهة ً
غيْرَ أن الحقيقة َ مُغرِيَة ٌ
والأرَائِكَ شاغرة ٌ
فاجلسِوا غيرَ مرتهنين َ إلى شاهدٍ في دَمي ، واحْتسُوا
كُل ما طابَ منْ ثمَرٍ عتَّقتهُ العُرُوقُ ، وَمِن ْ كرْمِي الطائِفي البَسُوا
سَطْوَة َ النُبَلاءِ ، وحينَ أفاجئُكم بالحديث ِ احْبسُوا طَرَفَ العْين ِ
واحْترِسُوا مِنْ زمانٍ مشاعٍ كرَاسِيُّةُ لا تدُومُ وحُراسهُ
وإنْ أعْجَبَتكُم مَلابسُهُم طَيِّعُونَ لِمَنْ يَشترِي
طَيَعُونَ لِمَنْ يُحْسِنُ الاختِفاء .

أُفاجِئُكُمْ
لا أبيعُ القصائِدَ. .
لا أشْتري
ليسَ عِنْدي سِوَاي
ونافذةٍ كنْتُ أشرِعُهَا لِلهَواءِ وأكْذبُ لا لِلْهواءِ
ولِكنْ لأُرْسُمَ في ضَوْئِها صُوَرَاً ليْسَ يَقرؤهَا الآخرون
وأكذِبُ إنْ قلتُ ما مِنْ أحدْ
فالظهيرةُ مُكْتظة ٌ
والمَدائِنُ غرْقى
ووَجْهُكِ فِي كُل ما يَتشظى مِنَ المِاء ، فِي طَرَفِ البابِ، فِي
الأرْضِ
مقطوفة ً وهي تصْرُخُ
لا أحَدٌ غيْر وَجْهِكِ فِي كُل مَا يَدَّعِيه المَسَاء ْ.
أُفاجئكُمْ
حِينَ أنقلُ كُل الذي تعْرِفونَ إلى دَمِهَا
كُل ما تجْهَلونَ إلى دَمِهَا
كُل أطْفَالِيَ الخائِفينَ ، دَفاتِرهُمْ ، حِينَ أحرُسهمْ مِنْ عِصَي الزمَانِ
فأُدْخِلُهُمْ دَمَهَا.

( حُرة ٌ تطْلعُ الشمسُ لاهثة ً إذْ تلاحِظُ أن النهارَ ابتدا باكِراً دُونَهَا
والحياة َ بلا لوْنِهَا مُرَة ٌ
والصحَارى دِماءْ )

أُفاجئكُمْ
يَغُرَّنكُمْ تعَبي. . .
يغُرَّنكم ْ ألقُ الشعْرِ حِينَ يُحاصِرُكُمْ فِي الزوَايا
وَلكِنهُ دُونَ مَنْ عَقصَتْ عمْرَهَا واسْتدارَتْ
كَأن الليَالِي التي عَذَّبَتهَا طويلاً مرايا
كَأن ارْتِبَاكاتِ مَنْ قتلُوهَا احْتفاء ْ

أُفاجئكُمْ
حِينَ أشبكُ مِنْديلها فوْقَ قلْبي
وَتقبَلنِي
دُونَ أنْ تقتلَ الأنبياء ْ

أُفاجئكُمْ
حِينَ أهْرُبُ مِنْ مَالِكُم لِيديْهَا
وَمِنْ تعَبي
لِحُروف الهجاء ْ .

أُفاجئكُمْ
حِينَ أقتلكُمْ بحَديثِي
فيَصْطفُ جُندٌ
وَيَأتلِفُ الناقِمُونَ
وَبَاعَة ُ أحْذِيَةِ الكلِمَاتِ
وتجارُ دُورِ الصحَافةِ
أفجَعكمْ
حِينَ أنسَلُ كَالضوْءِ مِنْْ بيْنَ أعْيُنِكُمْ
سَيْفهَا فِي دَمِي
وََاشتِعَالاتها جَسَدِي
. . . . . .
. . . . . .

وَاحِدٌ دَمُهَا والطُفولة ُ
وَاحِدةٌ سَطْوَة ُ النبَلاءْ

الرياض 12 / 86

يمين الوقت

هذه المَقبرَه ْ
مَرتيْنِ وقوفاً بها
مَرتيْنِ حَثوْنا الترابْ
وظل العذابْ
يُحاصِرُ أطرافنا المُزْهِرَه ْ

هذه المَقبَرَه ْ
وَجْهُها مِنْ سرابْ
ولها ألفُ بابْ
ولها أولُ الذاكِرَه ْ
كُلما هاتِفٌ هَزها
زارَتِ الروحَ أرجاؤها المُقفِرَه ْ
يا لهذا الفتى
مُوْغِلٌ في المَتى
مُوْغِلٌ في الغِيابْ
ساكنٌ فوْقَ حَد المدينةِ والمَقبْرَه ْ .

غزالُ الماءِ مَر وَلمْ يُعِرْني وَجْهَه
نخلُ المَدائِنِ لم يَبُحْ
ودْيانُها لمْ تمْنحِ الأحْبابَ غيْرَ الجُرْحِ والأسْبابْ
أسْفارُها لمْ تمْنحِ الغُرباءَ غيْرَ المالِ والكَلِماتْ

عَذاباتي وُقوفي فاسْتدَرْتُ وَلمْ أجدْ غيْماً يديرُ أصابعي
إلاَ دَمَي المَسْفوح فوْقَ بداية ٍ
وَقفتْ عَليْها الأحْرُفُ الخفِيراتُ
وَالوَجَعُ المُحارِبُ
والرَياحُ
وَطِفلة ٌ
وَالليْلُ وَالمِصْباحْ

عَذاباتي ابْتدائي : ما أبْتدأتُ وإنما كانتْ حَبائِلَ خِدْعَة ٍ
نصَبَتْ شِراكا ً في دَمي فاصْطَدْتُ أغنِيةً لها
ولها ولا لوْنٌ لها
وَجْهُ السَماءِ
وَحِدَّة ُ الأسْماءِ
والصحراءُ حانِيَة ٌ على الغرباءِ
قاسِية ٌ على الحبابْ .

وَحْدي . . . وهذا البابْ

قلّبْتُ الجَرائِدَ في اليقين ِ وفي اليَدَيْنِ
وكان يَكْفيني الهواء ُ
وأنْ أطالِعَ واحدَه ْ
أو أن أطالِعَ واجهَه ْ
لكنني حَجَراً قذَفتْ
حَجَراً صغيراً كُل ما أذنبت
فانكَسَرَ الحِجَابْ

وحدي ومسئولٌ عن الحُمَّى
وَعَنْ عَرَقِ اليالي البارده ْ
عَنْ طِفلةٍ مَفطومَةِ القدَمَيْنِ تحْبو
عَنْ حُقولِ الحَرب
عَنْ جُثثٍ تسيرُ على امْتدادِ الغيْمِ عَطْشى
عَنْ سارِقي الكلِمات
عَنْ كُل الجهاتِ
وَعَنْ دَمي : عَنْ هذه الصحْراءِ تأكُلُ مِنْ فمي
أنى رُمِيتُ سَأرْتمي
عينايَ في جَيْبي ، وَجَيْبي في يَدي
وَيَدي مُعَلقة ٌ بهذا البابْ

ما حطَّني هَمٌ وآثرَني
إلاَ ليَرْفعَني
فبأي آلاءِ الخطِيئةِ أسْتتابْ

وَحْدي
وألْفيْتُ الخديعَة َ مِلءَ عَيْني والفتاتْ
كُلُ الجهاتِ أنا
وأنا الخديعَة ُ في الجهاتِ :
جَنوبُها
وَجَنوبُها
وَجَنوبُها
وَجَنوبُها
وأنا الحَياةُ : ذُنوبُها ، وأنا المماتْ

ما قادَني نحْوَ ائتِلافي مَرة شجَرُ الخليقه
قادني قمَرٌ لِمُنتصَفِ الحَقيقة ِ
ثم أَطلقَ في نواحيَّ الذئابْ

قادني نحْوَ الخرابْ
ولأنني أعْطيْتُ أصحابي مَفاتيحَ السحابِ ومِلْحَه ُ
لا المِلحُ أعطاني مُلوحَته ُ
ولا الأصْحابْ

وَحْدي . . . وهذا البابْ
لم يَبْقَ إلا أنتِ
والوَجَعُ المُحارِبُ
والحِرابْ

وَجَعٌ مَلابسُهُ حِياكةُ نائمٍ
فلئِنْ تعَرى
يُلمَحُ السوْطُ المُعَلقُ وَحْدَهُ
وَجَعٌ تلبَّسَ نطفة ً
ويَدٌ تبدلُ جلدَهُ

ولسْيْفِهِ سيفٌ
وَطَعْنتهُ تمَزقُ غِمْدَهُ
فكأنهُ في حَربهِ
جَيْشٌ يُقاتِلُ جُندَهُ

وكأنهُ عَهْدٌ عَليْهِ حريقها
وكأنها خلقتْ لِتنقضَ عَهْدَهُ.

وَجَعٌ غِناءٌ والغِناءُ خطيئة ٌ
وَدَمٌ تعَلقهُ القصيدة ُ
كلما سَلكَتْ بَواطِنَ لحْظةٍ في غابهِ اقترفتْ
فبأي آلاءِ الخطيئِة تسْتثارُ حُروفها ؟ !
وبِأيها اختلفتْ ؟ !

وَجَعٌ فِراشٌ
بلْ وِسادَتهُ حصىً
بلْ سَقفهُ قدْ بات عاصِمَة ً
والنائمونَ عَليْهِ ما سَألوا ولا سُئِلوا
والواقِفونَ عَليْهِ ما ارْتحَلوا

ولرُبَّ أغنِيةٍ خطيئتها التفردُ
أسْرَجَتْ صلواتِها
حتى احْتراقِ البَوحْ
بمُدجَّجينَ رأيْتهُم بالأمسِ ناصِعة ً ملابس عُرْيهمْ
وَيعَددونَ برهْبَةٍ آثامَها في اللوْحْ :
فهْيِ التي غنتْ
وَهْيَ التي كتبتْ قصيدَتها بماءِ العَيْنْ
وَهْيَ التي سُمِعَتْ على مرأى مِنَ الأشجارْ
وَهُيَ التي اسْتمَعَتْ
لمَلاحِمِ الفقراءِ في التجارْ
وَهْيَ التي قسَمَتْ
تعَبَ الفتى نِصْفيْنْ
وَهْيَ التي عَشِقتْ
فتعَطَّرَ الصّبارْ
وَهْيَ التي وَقفتْ
يَوْمَ الدُّنى وَقفتْ
بقصيدةٍ مِنْ نارْ

وَمُدَجَّجينَ لمَحْتهمْ في الهَمْسِ مُسْترقينْ
وَعلى يمينِ الوَقتِ لم يُذكَرْ
بأن نيازِكاً سَقطتْ
أو أن عاصِمَة ً تخلَّتْ عن عَساكِرِها
أو أنه اقترَبَ المَخاضْ
وَجَعٌ تعَلَّلَ ثم قاضْ

وَمُدَججينَ رأيْتهُم في اللوْنِ
عاليَهم حَديدٌ ساخِنٌ
يَقِفون ما بَيْنَ الطفولةِ والبياضْ

وَجَعٌ قصيدَتها
وَلرُب أغنيةٍ خطيئتها نبوءَتها
وَثبَتْ دما ً
لا نادِمٌ مَعَها
ولا ندَمٌ يغادِرُ ساحَها
ندَمٌ قصيدَتها . . .
وَلأنتَ كالسيْفِ المُسَلطِ
إنما بيَدٍ رُخامْ

هلْ تشتكي ألماً
أم أن عاصِفة ً تهفهفُ كَيْ تنام ْ ؟ !

هَل كنتَ مُنتظِماً
أم أنه صَعُبَ التوَرُطُ في الكَلام ْ ؟ !

عِشرون لمْ تعْلمْ
وَحينَ بَدَأتَ في الخطْوِ المُحَرَّم
وَالمسافاتِ الحرامْ
سَرَقوا اللجامْ
وَجَوادُكَ الصعْلوكُ أذعَنَ واسْتقامْ
عَبَثاً يُلاحِقكَ الهَوى
عَبَثاً يَشدكَ للخِيامْ
عَشرٌ تخلتْ مِلْءَ كفكَ لمْ تمُتْ
لكنه انتصَفَ الزؤامْ
نِصفٌ يَشدُكَ للأمامْ
نِصْفٌ يَشدُكَ للأمامْ

والأرضُ أرْضُكَ
أنتَ أغوَيتَ الرمالَ
وأنتَ أشعَلتَ الغمَامْ
وَبِكفكَ العَطشى تناوَلتَ الزحامْ
لِكنهُ الجَمْرُ الذي آخاكَ نحْوَكَ
نحْوَ جَفنكَ
كَيْ ينامْ

وَطَنٌ تخَيلتُ المَساءَ به ندىً
فإذا به ندَمُ
وَطَنٌ دَمُ
حاوَلتُ
كانَ السرُ يُرْقِدني عَليهْ
حاوَلتُ
كانَ الناسُ يَغترِفونَ أحْلامي ، وَزَهْرَ توهُجي ، خطُواتي
الأوْلى التي خبأتها فرِحاً ، خطايايَ ، اشتعالَ أصابعي،
تعَبي
وكانَ الناسُ دونَ الناسِ يَختلفونَ في المَسْعى إليهْ

كان الحُطيئة ُ خلفَ أطفالٍ بذي مَرَخٍ
وَكنتُ بلا طُفولتِهِ أنامْ
كَمْ مَر بي رَجْعُ الحِمى تقتادُهُ طيَّا
وكانَ الصِّمة ُ المَنفي نافِذة ً على تعَبِ النهارْ :

وَطَنٌ حِصارْ

لوْ قالَ متكِىءٌ سَنترُكُ أمْرَنا
وَرَمى النهارَ بغفوَةٍ
وَرَمَى الديارْ .

لوْ أن لي عَيْنيْنِ ثاقبَتيْنِ أبْصِرُ داخِلي
وأهُد أذرِعَة َ الجدارْ
لوْ أن صُبْحاً لا صَباحَ لهُ
يُطالِعُ وَجْههُ :
عينانِ غائِرتانِ
أنفٌ مائِلٌ
شفة ٌ مُشققة ٌ
غبارْ

لو أن ليْلا ً خامِلا ً يمْشي
فيندَثِرُ الدثارْ
يا مالك بن الريْب
يا السُفن التي وَدعْتها
يا أيها الأهْلونَ في كَبدِ الحِمى :
" ها إنه ابْتدَأ النهارْ "
ها إنه ابتدَأ النهارْ .

قالتْ خديجة ُ يَوْمنا تعَبٌ
نزَلنا مِنْ ظَهيرَتِنا
وأشعَلنا الخِيامْ

قالتْ خديجة ُ يا مُحَمدُ إن خلفَ العامِ عام
فابْحثْ فدَيْتك عن غدٍ أسرارُهُ بَوْحٌ
وَبَوحُ المُدْنفينَ بهِ المراكبُ
لا يُصادِرُها العَواذِل ُ
يا مُحَمدُ :
إنهُمْ بَيْنَ الفتى وَوَريدِهِ
فابْحَثْ لعَل منازِلاً أخرى
بها رَمْلٌ شبيهٌ لا تبَعْثرُهُ الرياحُ ،
وَواحَة ٌ قرْبَ العَطَش ْ
كانت خديجَة ُ مِلءَ عِزتِها ، وَتسْألُ
يا مُحَمدُ : ينثني
يا مُحَمدُ : تنثني عَيْناهُ
يا مُحَمدُ : يَعْتلي موالهُ ويصيحُ مِلْءَ الآه :

في وَحْشةِ الصحْراءِ مُتسعٌ لِصَمْتِكِ
فيكِ مُتسَعٌ لفيْضِ الحُزْنِ
فينا مِنْ جراحِ العُمْرِ ما يَكفي
لنُرْسَمَ لوْحَة ً
أو نحْتوى شجَراً
في العُمْقِ مِنا أنهُرٌ ما مَسها بَشرٌ
ولا اغتسَلَ الحَمامُ على جَدائِلها
في كُل مُرْتفع ٍ
زَمَنٌ وَمُتسَعٌ
وَلكَمْ نحارُ على
أي الصخورِ بنا
ترْتاحُ غيْمَتنا
نزاوِجُ بَيْنَ عُصْفورَيْن في حُلمَيْن
أوْ حُلمَيْنِ في وَطَنيْن
أوْ وَطَنيْن مُشتعِلينْ
نرْفعُ إصْبَعاً في واجهات الريح
نصْرَخُ عالياً في الريح
نطلقها
هيَ الكلماتُ أسْراباً سَنطلقها
فلا ترْدى بقائِلِها
ولا ترْدى بقاتِلِها
تطيرُ. . . تطيرُ
ما انفكتْ عَنِ الطيرَانِ
في صَحْراءَ لا تبْدو
وإن تبدو لنا في آخِرِ المِشْوارِ غيْمَتَنا
وَنجْمَتَنا
وما كُنا لهُ يَوْماً
وما جئنا لهُ مِنْ داخِلِ التاريخِ
أطفالاً لنا الأسْمَاءُ
ما اخترْنا لها وَطَنا
ولا اختارَتْ لنا زمنا
نطيرُ. . . نطيِّرُ التاريخ َ
وا كبدي على التاريخ ِ
وا كبدي مِنَ التاريخ وا
كبِدي .

أيُدْرِكُ قاتِلي تعَبي ؟ !
أيُدْرِكُ أنني مُذ فتَّحَتْ عَيْنيّ أسئلتي
حَمَلتُ الماءَ في كفيّ
كانتْ أنهُراً في العُمْقِ لم يَسْقطْ بها حَجَرٌ
ولا اغتسَلَ الحَمامُ على جَداوِلِها
وما انفكتْ يدي إلا بسُنبُلة ٍ
وأدْرِكُ قاتِلي كلِفٌ بأغنِيتي :

أنا المقتولُ أن غردْتُ
والمقتولُ إنْ سَلكتْ حروفي حِكْمَة َ الجَلدِ
قتلتُ وَقتلهُ أوَدي
رَماني منْ رَمى قبْلي
وَظل القوْسُ في يَدِهِ
فلا ندِما . . .
ولا ندِمَ الذي قد جاءَ مِنْ بعدي. فوا كبدي

لكِ الصحْراءُ ما اتسَعَتْ
ففضي خيْمَة ً قلبينْ
وَشدي العُمْرَ بالوتدِ
ليَبْقَ الجُرْحُ إذ يبقى على الجَسَدِ
رَماداً ظل
لكن الذي يَبقى لنا رُوحانِ
مُرْتهَنان للأبَدِ. . .
إلى الأبدِ
هَوَتْ كَبدي على كبدي
إذا مطرٌ تنازَلَ ليْلة ً فيضاً إلى البَرَدِ :

هَفَتْ فاسْتهْتفتْ روحي مَعَ المَدَدِ
أنا المَقتولُ إنْ غردْتُ
والمُقتولُ إنْ سَلكتْ
دما ً عيناي للجَلدِ

قتلتُ وقاتلي . . . بَلدِي .

1986 / العواصم