أحلام صغيرة لم تكبر
أرتجل أوهامي المتشابهة،
كجدول حياة عصفور سجين.
سوى الجسد لا زهرة في يدي..
ملذات يمكن قطفها،
وأخرى يمكن بذرها في صميم الليل.
اللعنات المكتومة في طرقات عبوري:
حفرتها من أجلي،
كي أتذكر أنني راكد في مكان وحيد
ملوث بهواء رئتيَّ،
وبأحلام صغيرة لم تكبر.
هذه ملهاتي المزينة بالأصابع
ُتسلي وحشة وجودي:
ملاكاً في مستنقع الآدمية،
تنقصه أجنحة الهرب من ذاته،
والقليل من الإيمان بالعدم
كضرورة للخلاص
من محنة التوق الأبدي
إلى المستحيل.
قد ينام الجسد،
لكن الروح في جحيم سهرها
المضاء بنهار الغد ..
الغد الذي أجده دائماً كحقيبة فارغة،
وجدها أحدهم قبلي،
وترك لي أوساخ اليوم المعفر بطين التشابه..
أحدهم أيضاً
ترك لي رغبة لا نهائيةً في الغياب،
لكنني أحضر كملعقة ملح زائدة عن الحاجة.
فلأترك لهم اللاشيء،
وآخذ معي جنوناً راكداً في السهر،
وأشياء أخرى مزيفة
كأرقام هواتف لا أستعملها،
وإحصاءات بأصدقاء مؤجلين
يشبهون ثياباً جديدة
لم يستعملها رجلٌ ميت.
***
خطأ في العنوان
أحياناً
يفشلُ القدر
في توصيل الأحلام إلى أصحابها
أحياناً
تعجبنا العصافير التي على الشجرة
لهذا السبب
لا يغرد العصفور الذي بين أيدينا.
***
شخص مهم
وطني .. حبيبي
أيها البلد المزدحم
سأنجح من أجلك
أصير جندياً في المرور
ترتبك حركة السير
حين أقف للحظة
أشعل سيجارتي ..
هكذا أكتشف أهميتي.
***
اكتشاف 1
عندما شَعَر صديقي بألم في أسنانه
فكَّر بالذهاب إلى العيادة
وهناك
اكتشف
أن طبيبة الأسنان
كانت زميلته في الصف
وتحت هذا التأثير
اكتشف أيضاً
بأنها
اقتلعت صفاً كاملاً من أسنانه.
***
ضيف
الذبابة ليست ضيفاً ثقيلاً
الذبابة صاحبة البيت
سَبَحتْ في الكؤوس
دلقنا الشراب
فتحنا النوافذ لتخرج الذبابة
دخل الذباب
خرجنا نحن.
***
شرط
إذا فكرتُ بالزواج
عليّ أن أتأكد
أنها لا تتأفف من قبلة الفم
ومن أشياء أخرى لذيذة
يمكن أن يقوم بها الفم
كالصمت ..
***
حـالـة
قبل أن أدخل القفص - كما يقولون
كنتُ أُمشِّط شَعر المخدة ..
بروفة لم يُكتب لها سوى لعناتكِ .
تلبسين قناع الضجر
كأنهُ وجهكِ الأصلي
تنتشلينه من تحت المخدة
فأحتاجُ إلى النيكوتين
أبدأ بإشعال سجائري
وأنا الذي كنت أحلم باشتعال القبلات .
هكذا يبدأُ الصباح
تكنسين المنزل
تضعينني كنفاية داخل حقيبة الوظيفة
وترمينها إلى الشارع
وحين أعود
أترنم بأغنية عاطفية
أجعلها وردةً تسبقني إلى أذنيكِ
فأسمعُ ارتطامها بتجهمكِ
هذه ليست النهاية ..
***
بلا أجنحة
كراقصة باليه
أور بما كفراشة
تُحَلِّقين بريش الأصابع
الأصابع التي تستطيل باتجاه بؤبؤ العين
فأنشَُ خرافتها عن وجهي
بالابتعاد قليلاً عن الحَلَبة
الحَلَبة نفسها التي تشهد بعد قليل
رقصة حُزنكِ المفاجئ
الحزن الذي بلا أجنحة
الأجنحة التي كانت
ترفعني معك قبل قليل إلى سقف الغرفة
الغرفة ذاتها
التي تتلقى سقوطي معكِ
في متاهة التكرار .
***
أنتِ
شظايا أحلام قديمة
حين أجمعها
أراكِ.
***
بأظافر خفيةٍ في أصابع الروح
تنحتين اسمك على جدار صمتي
صمتي الذي انتظرك طويلاً.
***
قُبلتكِ التي تُحييني
تبعثني مسيحاً
مُخلِصاً لذاتي.
***
لا ..
لا ترتشفيني تماماً
دعي قطرةً مني تمضي باتجاهك
لتسأل
عن معنى العطش.
***
ثمة فراشةٌ تطوفُ حول فمك
رسولٌ صغيرٌ يدعوكِ للرقص.
***
كُل طريقٍ إليكِ يؤدي إلى دهشتي.
***
سنظلُّ نحتفظ بجنوننا الشهي حتى آخر العقل.
***
لحظات
هذا الكوب من الشاي
أتعبني كثيراً..
شيءٌ ما ينقصه
أضفتُ له الكثير من السُّكَّر
الكثيرُ من الرغبةِ
و ثمة شيء ينقصه
أضفت له قليلاً من لحظاتي معكِ
فكدتُ أرتشفُ الكون معه.
***
كذبة
أتّسعُ كبحرٍ في عينيكِ
أنتشلُ حلمي غريقاً في حضوركِ
ثمة كذبة صغيرة، حاولنا رسمها معاً:
حاولنا العشق ..
استعرنا الدهشة
لكننا قبل أن نتحد
كُنا نسبحُ في كأسٍ واحدة.
***
زوجة
يدها التي تتسلل بارتعاش
للوصول إلى رقبته
ليس لأجل العناق
إنما لإصلاح ياقته المعطوبة.
***
توق
مثل آخر رشفة في الكأس
تُدللين ما تبقى من الطفولة
لكن غُنجاً يتماوج أنوثةً في الشفاه
وأنتِ تتعمدين رفس القاع برجليكِ
كناية عن رفض طفولي لأمر ما
يغدو فعلكِ رقصاً فريداً.
طفولة تنسلخ عن جسدٍ ينمو
جسدكِ الذي يرى غده في أحلامي
طراوة الصبا
وتوق الوردة لتعطير الفضاء.
***
اكتشاف 2
كان يوماً رائعاً
عندما اكتشفت سحر عينيكِ
كل هذا حدث ببساطة ودون أن تشعري
ذلك أن الجمال لا يعرف لفتات سحره
أنتِ تودعينني
وبمجرد أن تسبقيني بخطوة
أدحرج وراءكِ كلمة وحيدة
تشبه يداً حاولت ثنيك عن الانصراف
في نفس اللحظة
وقبل أن تمضي بكِ قدمك إلى الخطوة الثانية
أدرتِ رأسكِ باتجاهي
رأسكِ الذي يحمل تلك العينين..
***
دليل
بسيجارة واحدة أعود إلى ضجيجي
فتيلُ يومٍ ناقصٍ..
أخيراً
وجدت الحل
لا بد أن أرى الشمس مبكراً
شمس الظهيرة تُشبه يأس العاشق
لا أحد يجبرني على المكوث في الأحلام سواي
قد أحتاج إلى ثورة صغيرة بيضاء
ثورة على المخدة المبللة بلعاب النوم الطويل
قد احتاجني نشيطاً بكسلٍ مؤجلٍ للأجازات.
دائماً تمرُّ الحياة في الحلم
دائماً أختصرُ المسافات بنفيها
كأن أقول - مثلاً - لست بحاجة للصباح
مع أنني بلا صباح منذ زمن.
هل يكفي أن ترى الشروق في شاشة كمبيوترك
أم أن السهر يخلق لك صباحاً مشمساً في منتصف الليل؟
كل شيء متروك لعناية المزاج
وطاحونة الحاجة
كأن تقول مثلاً : أنا موجود
رغم أن لا دليل لوجودك
سوى امتلاء المنفضة بأعقاب السجائر
وتناقص السكر في المطبخ
هذا يكفي لتعرف انك ما تزال حياً.