فوزية السندي
(البحرين)

فوزية السنديفي ذاك الجهل الجليل،
كنت ألملم شعري المبتل،
لأداهم بتوق أصابعي اللاهب
منصة من بياض أرق لا يهتم.

أدفع العمر بعيداً،
لأستنهض صبر السواقي
مبتلاة بعشب أخرس يتعرش حولي،
منتهاة بعطر وحيد ترتويه وردة،
لتراني،
تنهمر نحو نداوة فجر تأخر.

لئلا أنتحر دوني،
أنتهر فراسة حرف يتأوه مثلي،
أشكو الليل وهو يترجل كجثة،
أنحر الحبر.

بما تبقى من هلعي،
أعاود بعث الأصابع نحوي
رغماً عني،
أحدق في نافذة لها رائحة الموت
لأراه مشرعاً غمار زجاجها اللاهث
مشتغلا على جسد يانع يترقب وهد اندلاعي.

لأراه عميقا، أغدق عيني،
أسدل جفنين متربين من عواصف هتفه
أنحدر لمرآه..
ظلال من سديم حب عنيف يرتج بي،
جناز يحصي أنفاساً تستجير بهول الوله.

لأحتويه أكثر، أغرق في ظلمة عينيه،
أهدي نظري الصارم لوعر زنديه
لانسياب قلبه الشقي،
لأراه يكسر ردهة الليل،
ملتهفاً نحو رغائب تتمادى مفتونة بي
يكتويني بساعديه، يغدقني بشفتين رسولتين
ترتشفان ماء المذبح بثمالة حب غريب،
غريب يلغي كل شيء.

أغرق،
في رهاوة أحضان أقلها شهاوة الماء
فيها أتلو وصاياي كجنين هالك
يرتجي شهقة الحياة من شفيف رحم لا يراه.

كنت هناك،
مرتادة حقلاً من الأعذار، يضمد رحى روحي
بئر يسترق عذاب الندى ليستنزف ظمأ غصوني
كنت في جحيم حب يكدر انتحاري المرير بمرآه
حتما كان هناك،
منشغلاً بعينين منزوعتين من لهيب يتألم.

هناك،
ما أن أسريت نحو زجاج الليل الكتوم
حتى أصغيت لصمت عينيه،
مسرجة جسدي بغوالي رغبات تتكاسر
صار يتقدم نحوي،
مضرجاً بغموض لم يخطئ حتفي:
من قميصه الأزرق المذبوح بشهرة ساعديه
من شعره النادر، الهائج بسواد يهيم على وجنتيه
من عطر يتنابض في خوافي يديه
من شفتين كغصنين يكتشفان حديقة قلبي
من جسد ضالع في تفقد خسارات جسدي
من همسات تراود كل ما أدميت من كلماتي
من حب كاد كالليل أن يصطفيني ضدي.

تلك الليلة،
لم أغلق نافذة الليل
لم أغادر غرفة الورق
كل ما فعلت جنوحي الغريب نحو عزف أصابعي
نحو اغتراف ما تبقى من صراحة روحي.

تمهلت كثيراً،
لأحتويه بعيداً عني
تماليت كعنكبوت تسمم الوكر
لئلا تبدو الضحية أقل غدراً من حرير يديها،
بل أتلفت قدرة حبري بانحيازي الغادر لمشقة قلبي
رحت أشتغل بهدوء الأفاعي ومكر الزواحف
لأحتويه في كمين ورق،
لم يزل يستقوى على قتلي.

لأراه،
خارج الليل،
تماديت في اندلاع حب كحبر..
لا يراني.