جويس منصور
(مصر/فرنسا)

ترجمة: أحمد عثمان

جويس منصورجويس منصور، شاعرة مصرية تكتب بالفرنسية، فرانكفونية. تنتمي إلى الجيل اللاحق لسورياليي الحركة المصرية: جورج حنين، إدمون جابيس، ماري كفاديا، حورس شنودة..
ولدت في العام 1928 بإنجلترا وتوفيت في باريس العام 1986.
رحلت الى باريس في 1953 بعد أن أنهت دراساتها في إنجلترا، سويسرا، ومصر، وحازت قبلها على جوائز كبرى في العاب القوى: كانت عضواً بالمنتخب الوطني لألعاب القوى... دفعها للرحيل زواجها من رجل الأعمال سمير منصور الذي نقل نشاطه إلى باريس.
أصدرت في العام نفسه ديوانها: "صراخ" الذي لفت أنظار السورياليين إليها، واحتفوا به مراراً على صفحات مطبوعتهم: " ميديوم" Medium في هذه المسرحية، كما في نتاجها الشعري، تتبدى شهوانية معتمة ووحشية، تتآكل بالفكاهة المرتبطة بالموت والقلق الوجودي (بمعنى الوجود).. فضلاً من وجود المضيء- المعتم في تقديم الجسد ووظيفته.
جويس منصور "الملكة الفرعونية" التي حرثت حدائق الاختيار في عصرنا الحالي" كما صرح أندريه بروتون، ذات مرة.

برولوج

إنك لا تعرفين وجهي الليلي
عيناي مثل الشعر المجنون للفضاء
فمي المبرقش بالدم المجهول
بشرتي
أصابعي المنتصبة المشيرة إلى السعادة
أرشدوا جفنيك نحو أذنيّ وعظام كتفيّ،
نحو مزارع جسدي المفتوحة،
حدائق أضلعي تنكمش من التفكير
بحيث صوتك يملأ حنجرتي
بحيث عيناك تستطيع الابتسام
إنك تعرفين شعوب كتفي
والليل
حين الشعلات الغريبة للكوابيس
تستدعي الصمت
وبحيث أن الحوائط الرخوة للحقيقة تتعانق
إنكِ لا تعرفين أن روائح يومي
تموت على لساني
حين يأتي الدهاة إلى السكاكين المترددة
بحيث لا يبقى حبي المتعالي
حين أغرق لأذني في وحل الليل.

رجل يمد ذراعيه إلى امرأة

هي (صوت خفيض، متسلط)- أنا حارسة خزانتك الحديدية. أنا نهمة، أنا الوحش الذي يرفع رغبتك، أنا الورود المجنحة كالنحيب، لا تتحرك، سوف أسحقك بقبضتي المعطرة، وأتناول القربان بمفردي.
هو (متردداً)- أحب...
هي- أحمل حياتك بين يدي العاريتين..
هو-فكري في ليالي القلق، فكري في عنقك المشروعة، فكري في جيرانك.
هي (في قوة)- سوف أحل رباط حذائك المدبب، وأنتزع ياقتك وأقشر جلدك، وأهذب عقلك. لدي عينان ضعيفتان، ومخالبي تنادي السائل المندفع الذي يتقدم الجنون. أريده.
هو (في ميوعة)- سوف تتعرين عند قدميّ وأمشي على وجهك مثل المشنوق على كرسي الإعدام.
هي- رأسي علبة أقراص ضخمة وسوداء محشوة بالخبث. أرغب في السيطرة، الانتصار على جسدك الهامد. أقذف بأوهامك في الفراغ. أسمع صراخ فمك يسبني وهو يتعذب مهمهماً. أرغب في اصطياد قنيصة خلف حدقتيك، وأقيس الانفجار عندما تغلق عينيك.
هو- أنت عاجزة عن نزع أحد أزرار فتحة سروالي.
هي- أمسح جبينك، أي وحش يفعل ذلك، دون قوة وإلا أعجبك، دون إرادة حتى أملكها، دون صعوبة، دون رغبة حقيقية في الثأر.
هو- هل أنتِ هادئة؟ يا للكارثة. أريد رؤية نهديك يقفزان تحت القميص الصوفي. إنهما لدنان. انظري، كم أنا مضطرب هل تضايقت؟ سال لعابك من الغضب لكن لسانك ساكن ويتحرك كالشيطان، هناك، في الحرير الرطب، يعرض سره تحت يديّ مثل بقعة زيت على الملاط، يرفع طرفه المتعجرف، وإذا أتباهى بأسنانه فللضحك فقط.
هي- أنا خائفة. لا تبتسم. أنا خائفة، أنا خائفة.
هو- أنت تريدين فهري، ها أنذا.
هي- أبداً، أبداً، أبداً.
هو- لا ترحلي. أريد رؤية انفتاح وركيكِ، الاستماع إلى فخذيك وهما يصران من الاهتزاز، الواحد تجاه الآخر، الواحد تجاه الآخر، الواحد تجاه الآخر... سوف أجعلك تضحكين ملء شفتيك دون معرفة السبب. اخلعي ملابسك. لم لا؟ إذن سوف أنزعها.. (ضجة تمزيق، ضجة نسائية).
نهداك قويان. بطنك تتلوى تحت رئتيّ كما الإعصار الدوار، عانتك التي تتقلص في خفوت تجبرني أن أنزلق للأسفل. هل تصيبيني بألم وأنا أجتث شعرها البراق الذي يتبعثر متذللاً أثناء عبثي، مثل بساط الحزاز(1). لا أخاف شيئاً: أحب الاستماع إليك وأنتِ تبكين، امرأة ليلية ذات متع مجهولة حتى لنفسها.
هي- أكون دموية لألقاك، دموية وخاضعة.
هو- إذن، هل تريدين قتلي؟ طهري جسدك الرباني بأي وهم. هل أنتِ غيور؟
هي- أريد أن اقبر وجهي بين يديك وأظل هكذا إلى أبد الدهر. أريدك أن تأخذني بين ذراعيك. أريد..
هو- تريدينني أن أرقب وجهك تحت المصباح، وأزم شفتي في نهديكِ. لا تفلقي عينيك. أحب الصراحة.
هي- أهتك عرضي كما يجري عند تمزيق نسيج العنكبوت، حتى أنزف.
هو- تنزفين.
هي- أنا هائجة، أنا نار متأججة. ألف بنفسك علي، جعد ثوبي الحريري، اسحقني ودلكني، داعبني...
هو- هل ترغبين في قتلي؟ (في مكر مخادع) وإذا رحلت؟
هي- أنسى، أنسى، أنفجر- أنا- كالفقاعة.
هو- أنا راحل.
هي- أنا طيبة، ملساء، كصنم بلا شعلة، مفتوحة ومهيأة بقشعريرة خصبة تنبسط وتمدد على جلدي. أمكث معي.
هو- هل خفت؟
هي- أحبك.
هو- إذن انفجري أيتها المرأة الموجوعة.

تصرخ

موت امرأة شهوانية بحمرة زائلة وتقاطيع متبدلة. موت في حركة مفاجئة. كانت ميتة، مسترخية وباردة بين ساقيّ. تحتضر تحت جسدي، بائعة النور، مجرمة طائشة من انحدار مكسو بالخضرة والورود. أتخبط في أحلامك، أجتث لهاثك الأخير بمقصي المعدني. أنا متعب في جسدك.
هي أسفل قليلاً وبقوة- سوف تشعر بتحرك الطفل.
هو (ضاحكاً)- دمك دمي. لقد ضحينا بالمستقبل. لا تتحرك. غذاؤك دسم. لن يضايقك الطفل أبداً.
هي- طفلنا مات قبل أن أعرف وجهه.
هو- دم طفلنا يجف على جسدنا. نحن ارتبطنا بأسرار الحب.
هي- أنزعني من هذا الدم. أكشف ضيقي.
هو- أنهضي وأمشي. هناك حيث أكون وحيداً أو هناك أنتِ، أنتِ أيضاً.
ارحلي، لأن حلمي بدأ منذ الآن.

عن (الكاتبة) 1993