الشاعر الإنكليزي وليم بليك

ترجمة: عبد الكريم بدرخان

وليم بليكولد وليم بليك (William Blake) في لندن عام 1757 وهو رسام ونحات وشاعر رؤيوي، لم يحظَ بأي تعليم رسمي، سوى أنه تدرب في الأكاديمية الملكية على النحت، قام بفتح متجر للرسم في لندن عام 1784.

من أهم أعماله الشعرية: أغاني البراءة (Songs of Innocence) عام 1789، زواج الجنة والجحيم (The Marriage of Heaven and Hell) عام 1793، أورشليم (Jerusalem) عام 1820 وهي ملحمة شعرية تعالج سقوط البشرية وخلاصها.

عاش بليك على حافة الفقر، وكان الناس ينعتونه بالجنون بسبب تعصّبه لأفكاره وميوله الروحانية، يتميز شعره بحساسيةٍ عالية، وبقدرةٍ فريدة على التجاوب بين الإنسان الطبيعة.

إن العودة إلى قصائد بليك تدل على أنه أول الرومانسيين الإنكليز، وأن أعماله شكلت حجر الأساس الذي بنى عليه الرومانسيون الآخرون، لكنه كان مهمِلاً في التنظير لمذهبه الجديد، كما كان مهملاً في حياته، إلى أن قتلته هذه العبثية عام 1827.

من شعر وليم بليك اخترتُ قصيدة: إلى الخريف (To Autumn)، والخريف من أكثر الموضوعات إثارةً لشغف الرومانسيين، وقصيدة: لندن (London) وفيها يظهر موقف الرومانسيين من المدينة الصناعية الحديثة وما سببته من شقاء للإنسان.
أقدم لكم القصيدتين بترجمتي الشعرية:

إلى الخريف

يا خريفُ..
أيا مثقلاً بالثمارِ
ومصطبغاً بدمِ الكرْمِ
قفْ..
واسترحْ تحت سقفي الظليلِ
هنا سوف ترتاحُ،
غنِّ بصوتكَ مبتهجاً
ومؤتلفاً مع عذوبةِ مزماريَ
الآن هيّا..
سترقصُ كلُّ الصبايا
فغنِّ لنا أغنياتِ اشتهاءِ الفواكهِ والورد.

* * *

إنها برعمٌ ناعمٌ
يتفتحُ في الشمسِ
والعشقُ يسري بأوردةِ الشهوةِ البكرِ،
حولَ جبهةِ هذا الصباحِ
تفتّحَ من وردها ما تفتحَ
ثم تلوَّنَ خدُّ المساءِ خجولاً بحمرتها،
ها هو الصيفُ جاء يغني لها
والغيومُ تبعثر ريشاتها البيضَ
كالوردِ تنثرها حولها.

* * *

" إنّ روحَ الهواءِ
تعيشُ على عطرِ هذي الثمارِ،
يطوفُ الهناءُ بأجنحةِ الريشِ
حول الجنانِ..
يطوفُ بلا وجهةٍ
ثم يجلسُ تحت الشجرْ"
هكذا..
كان يشدو الخريفُ سعيداً
ومن ثم قام..
وسار لأعلى التلالِ
هناك.. اختفى..
تاركاً..
حِـمْـلَـهُ الذهبيَّ هنا.

* * *

لندن

كنتُ تجوّلتُ بكلِّ شوارعها المأجورةِ
حيث تهبُّ الأفكارُ المأجورةُ،
أبصرتُ على أوجهِ من أبصرتُ
علاماتِ الضعفِ.. الخيبةِ.. والبلوى

* * *

في كلِّ بكاءٍ من رجلٍ
في كل دموعِ رضيعٍ يبكي خوفـاً
في كلّ الأصواتِ..
وفي صمتِ الحرمانِ..
سمعتُ الفكْـرَ الزائفَ كيف يقيّـدُنا!

* * *

كيف الكنّاسُ بكى؟
يبكي كنّاسُ المدخنةِ
على كلّ كنائسنا السوداءِ،
رأيتُ الجنديّ البائسَ يتنهّـدُ
يركضُ..
ينزفُ..
تحت جدارِ القصر العالي

* * *

وكثيراً ما أسمعُ
في شارعِ منتصفِ الليلِ
نحيبَ العاهرةِ اليافعةِ..
تكرّرُ لعنَتها:
تلعنُ دمعةَ طفلٍ باكٍ
تدعو بالطاعونِ..
على مركبةٍ تحملُ أكفانَ الموتى
مركبةٍ سمّاها الناسُ: زواجْ.

* * *