بيژن جلالي
إيران

التقديم والترجمة: ماهر جمّو
(لبنان)

بيژن جلاليبيژن جلالي من مواليد طهران عام 1927. هو ابن أخت الكاتب الإيراني الكبير صادق هدايت، درس الفيزياء في جامعة طهران ثم تابع دراسة العلوم الطبيعية في فرنسا التي بقي فيها خمس سنوات تعمّق خلالها في قراءة بودلير ومالارميه ورامبو وفاليري وإيلوار، وقد كانت تجمعه بهذا الأخير علاقة شخصية. بعد عودته إلى طهران درس الأدب الفرنسي. يكتب جلالي قصائد بلغة تلقائية صافية خالية من البلاغات اللفظية والتعقيدات اللغوية، لتشكّل في مجملها دائرة من تمتماتٍ تتناول مواضيع عميقة تتعلّق بالحياة والموت والطبيعة والوجود. هو في أشعاره يرصد المسائل الوجودية الكبرى ويحاول تبسيطها، وجعلها ككل حدث عاديّ وعابر في الحياة، وذلك على العكس من بعض الشعراء المعاصرين له من أمثال أحمد شاملو الذي كان يجعل من أشياء بسيطة مواضيع مهولة. تُظهر قصائده تأثّراً عميقاً بأفكار خاله صادق هدايت وحياته، وبانتحاره، وبعمله الفريد "البومة العمياء"، فضلاً عن تأثره الكبير بفلسفات الشرق الأقصى والشعر العرفاني الفارسي. توفي في طهران عام 1999، إثر سكتة دماغية أبقته في غيبوبة دامت شهراً كاملاً، وكان قد بلغ من العمر 72 عاماً. المعروف عنه أنه عاش حياة منزوية وبقي عازباً ووحيداً حتى وفاته، على غرار خاله هدايت الذي أنهى حياته في باريس بالإنتحار عام 1951. يعتبر جلالي من أهمّ شعراء قصيدة النثر في إيران ومن أهمّ الشعراء المعاصرين الذين حلّقوا خارج سرب "نيما يوشيج"، ولا يزال تأثيره ملموساً على نطاق واسع في الشعر الإيراني اليوم. ثمّة جائزة شعرية في إيران باسمه تُمنح سنوياً لأحد الشعراء. يقول جلالي: "لا أكتب لأجل خلق نوعٍ أدبيّ، بل أكتب لأنّ ضرورةً ما تُملي عليَّ ذلك". من دواوينه "الأيّام" 1962، "قلبنا والعالم" 1965، "لون المياه" 1971، "الماء والشمس" 1983، و"يوميات" 1994. في ما يأتي ترجمة لبعض قصائده.

1

أحدّق الى عينَيّ
القدَر
فأرى نفسي
معلّقاً
إلى مشنقة العالم.

2

سعيدٌ أنّي قد هرمتُ
وقلبي لا يزال أسير ظلال الأشجار
وأنّي لا أزال أحصي الأيّام
في انتظار الثلج،
سعيدٌ أنّ ذكرى لمعان الشمس فوق البحر
هي أفضل لحظات حياتي
سعيدٌ
أنّ بساطة الحياة معي.

3

لستُ أعلم
في أيّ طريقٍ ترحل الدموع،
لو كنتُ أعلم
لسلكتُ الطريقَ
ذاتها.

4

أودّع النهار
كما لو أنّي أودّع مدينة ً
كنّا قد تجوّلنا فيها،

وها نحن ذا نعبر طريق الليل
نحو مدينة أخرى.

5

إنهم الموتى في الأفق
لا لغة لهم
ولا كلام،
بسحر الصمت والظلام
ينادونني.

6

هذا العام
شاهدتُ الربيع من خلال زجاجَين فحسب،
زجاج النافذة
وزجاج نظارتي.

7

الموت
أن نموت
هو أمرٌ بسيط،
وهو أسهل بكثيرٍ من أن نحيا...
فكلُّ اختناق الموت
لا يساوي شيئاً
أمام لحظة شكّ،
أمام لحظة طمع،
لحظة خوف،
لحظة حقد،
لحظة حبّ...

أن نموت هو أمرٌ بسيط
أشبه بنزهة
نخرج إليها في يوم عطلةٍ
ولا نعود منها أبداً...

8

يا لها من سعادة:
أنْ نعرف آن يتساقطُ الثلج
أنّ جسد العصافير
دافئ.

9

هذه الليلة
عشتُ حياتي بأكملها،
هذه الليلة
لم أفكّر في الموت

النهار
18 اكتوبر 2010